ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، اليوم الاثنين، أن عام 2013 سيشهد وضع أجندة جديدة للتعاون الأمريكى - الروسى المشترك، لاسيما فى ظل وجود عدة تحديات يتعين على الرئيس الأمريكى باراك أوباما ونظيره الروسى فلاديمير بوتين مجابهتها معا.

ورأت الصحيفة الأمريكية - فى مقال افتتاحى نشرته اليوم وأوردته على موقعها الإلكترونى - أن التجربة الأخيرة لـ"إعادة استئناف" العلاقات الروسية – الأمريكية، إنما تعد لافتة للنظر من ناحيتين، الأولى: تتمثل فى أنها أظهرت أنه بالنظر للالتزام السياسى من قبل الرئيسين، فإن الجانبين يمكن أن يحققا الكثير فى غضون فترة زمنية قصيرة، والأخرى أكدت أن العلاقة بين البلدين لا تزال فى موضع تغير بالنسبة لما تجلبه الرياح السياسية وتمرير الخلافات السياسية، التى نشهدها فى الوقت الراهن.

وتوقعت ألا يتمثل التحدى الذى يواجهه كلا البلدين فى بداية عام 2013 فى الحفاظ على إعادة استنئاف العلاقات فقط، وإنما سيتمثل فى تخطى هذا الاستئناف لما بعد ذلك، مشيرة إلى أن الوقت قد حان من أجل فتح صفحة جديدة ومعالجة حقائق القرن الواحد والعشرين.

ونوهت إلى أنه مع إعادة انتخاب أوباما لفترة ولاية ثانية، إضافة إلى بقاء نظيره الروسى بوتين فى السلطة، يتعين الآن على كلا الزعيمين تنشيط التعاون المشترك بين واشنطن وموسكو فيما يصب فى ميزان مصلحة البلدين، وفضلا عن ذلك يمكنهما التعاون معا لتعزيز الأمن العالمى بصفة عامة، وتمهيد الطريق لعالم أكثر
استقرارا وقابلية للتنبؤ.

ولفتت إلى أن المصالح الأمريكية والروسية لطالما تتلاقى فى عدد من القضايا المهمة وفى الوقت المناسب، فكلاهما يسعيان للحد من الخطر النووى، وهو ما تمثل فى معاهدة "ستارت الجديدة" التى تعد إنجازا مهما فى هذا الصدد.

وأوضحت أنه بالرغم من ذلك، يبدو أن هناك المزيد الذى يمكن تحقيقه فى هذا المجال، بما فى ذلك دخول التخفيضات المطلوبة بموجب المعاهدة حيز التنفيذ، نظرا لأنه ليس هناك داع للانتظار حتى عام 2018 لتحقيق ذلك، إضافة إلى بدء مفاوضات ثنائية جديدة لخفض المخزونات النووية الأخرى.

وأوضحت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية - فى مقالها - أن عام 2013 سيكون الذكرى الـ50 لتوقيع معاهدة حظر "التجارب المحدودة"، التى تعد أول اتفاق للحد من الأسلحة النووية، الأمر الذى سيكون بمثابة فرصة مناسبة لمجلس الشيوخ الأمريكى للموافقة على التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التى لم يبدأ إنفاذها، بالرغم من فتح باب التوقيع عليها فى 24 سبتمبر 1996، وعند تصديق مجلس الشيوخ عليها يمكن لواشنطن الانضمام لموسكو وباقى الدول التى صدقت عليها، وحينئذ ستقترب المعاهدة من دخول حيز الإنفاذ.

وتطرقت إلى نزاع آخر وهو النزاع طويل الأمد حول الدفاع الصاروخى والذى لا يزال يلقى بظلال قاتمة على أى تقدم وشيك بشأن الحد من الأسلحة، على الرغم من أن كلا من حلف شمال الأطلسى (ناتو) وروسيا أعربا عن رغبتهما فى التعاون فى هذا المجال.

واعتبرت الصحيفة أن الوقت قد حان لإثبات أن الدفاع الصاروخى "لعبة متغيرة" من قبل كلا الجانبين، الأمر الذى يجعل كلا من حلفاء الناتو وروسيا فى حماية أوروبا.

وأوضحت أن التركيز على قضايا التعاون فى الحد من التسلح ليس فقط بسبب ما يترتب عليها من آثار أمنية مهمة بالنسبة لروسيا والولايات المتحدة، ولكن أيضا بسبب أن تحقيق أى إنجاز فى هذا المجال يمكن أن يساعد أيضا فى تحفيز المكاسب فى علاقة أوسع نطاقا بينهما، كما تبين فى الماضى.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن هناك عددا من القضايا المهمة الأخرى التى تلتقى فيها المصالح الأمريكية والروسية كرغبتهما فى عدم استعادة حركة طالبان السيطرة على أفغانستان مرة أخرى، لاسيما عقب انسحاب قوات الناتو نهائيا فى عام 2014 أو حتى تصبح أفغانستان دولة فاشلة، فضلا عن دعم وتعزيز التوسع فى العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.

وشددت على ضرورة ألا تمنع الخلافات الأخرى بين البلدين تطور العلاقات، مؤكدة ضرورة عدم مقاطعة الحوار حتى على بعض القضايا الشائكة بين البلدين كملف الأزمة السورية وانتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية فى روسيا والتى تختلف فيها المواقف اختلافا جوهريا.

ولفتت إلى تكهنات البعض بأنه مع عودة بوتين إلى الرئاسة الروسية، فإن إدارة العلاقات الأمريكية -الروسية ستصبح أكثر صعوبة، وهو ما لا يبدو كذلك حاليا بالنظر إلى تحسن العلاقات الثنائية، والتى تعد بالتأكيد أقوى حاليا مما كانت عليه فى عام 2008.. مشيرة إلى أن التحدى الذى يواجه الرئيسان الآن هو الانتقال إلى المرحلة التالية - للشروع فى المهمة التاريخية وبدء فصل جديد فى العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة.