قال علماء اليوم، الجمعة، إن الخفاش الذى تتوطن بجسمه مجموعة كبيرة من الفيروسات مثل الإيبولا والسارز وغيرها، ظل يحير العلماء لعقود فى محاولة للتعرف على كيفية عمل جهاز المناعة لديه ضد العديد من الفيروسات الفتاكة إلا أن دراسة أجريت فى الآونة الأخيرة على طاقمه الجينى ربما تسلط الضوء على هذا اللغز.

وبعد دراسة الطاقم الجينى لنوعين من الخفافيش تتفاوت صفاتهما بدرجة كبيرة اكتشف العلماء أن تغيرات متسارعة للغاية طرأت على الجينات المختصة بجهاز المناعة لدى الخفاش.

وقال لين-فا وانج الخبير فى الأمراض المعدية فى كلية ديوك للطب فى سنغافورة الذى قاد هذه الدراسة التى أجريت فى عدة مراكز، إن هذا الكشف ربما يفسر خلو الخفافيش نسبيا من الإصابة بالأمراض مما يطيل عمرها بصفة استثنائية بالمقارنة بثدييات أخرى مماثلة فى الحجم مثل الجرذان.

وقال وانج فى مقابلة، "لا نقول إن الخفافيش لا تمرض أبدا أو لا تصاب بالعدوى. ما نقوله هو أنها تتعامل مع العدوى بطريقة أفضل".

وفى كل من نوعى الخفافيش اختفت مجموعة من الجينات تتصف بأنها تحدث ردود فعل متطرفة للعدوى وربما تكون قاتلة وتتمثل فى صورة محركات خلوية تعرف باسم عاصفة السيتوكاين.

وينتهى الأمر بهذه المحركات الخلوية أن تقتل ليس مجرد الفيروسات الغازية وحدها فى الجسم بل خلايا العائل ذاته وأنسجته.

وقال وانج، "قلما تقتل الفيروسات العائل ذاته. يحدث القتل من رد الفعل المناعى للعائل. لذا فإن الأمر يبدو كما لو أن ما تفعله الخفافيش هو القضاء على الالتهابات (عاصفة السيتوكاين). وإذا أفلحنا فى وضع أيدينا على تلك الآلية فسيكون بمقدورنا تصنيع عقاقير تحد من الأضرار الناجمة عن الالتهابات وتكافح العدوى الفيروسية".

ونشرت نتائج هذه الدراسة - التى شارك فيها باحثون من الصين والدنمرك وأستراليا وأمريكا فى دورية العلوم التى صدرت يوم الجمعة.

وبالمقارنة بثدييات أخرى لها نفس الحجم تعيش الخفافيش عمرا أطول يتراوح بين 20 و40 عاما فيما يتراوح متوسط عمر الجرذان بين عامين وثلاثة.

ومن المثير للدهشة فقد وجد وانج ورفاقه أن هذه الجينات السريعة التغير التى تمنح جهاز المناعة هذه القدرة الخارقة تمكن الخفافيش من الطيران.

ومن بين أكثر من خمسة آلاف نوع من الثدييات على ظهر هذا الكوكب، تتميز الخفافيش بقدرتها على الطيران لأطول مدة ممكنة إذ تستطيع بعض هذه الأنواع الطيران لمسافة تتجاوز ألف متر فى الليلة الواحدة.