بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التراحم يكفي أن نعرف أنها هي كلمة الرحمة وما تصرف منها و وردت في القرآن الكريم أكثر من أربعمائة مرة و أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنما بعثت رحمة للعالمين " مصداقا لقوله تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " والتراحم يعني أن يتعامل الناس على أساس من العطف والشفقة والتواضع والإحسان ويشعر كل فرد فيهم بأنه عضو في المجتمع الإسلامي يعمل من أجل إسعاده وتقدمه فهو لا يعيش لنفسه فقط وإنما يعيش لأمته ايضا كان الرسول الكريم مثلا أعلى للرحمة والشفقة والتواضع والإحسان فمن رحمته أنه كان يجانس الفقراء ويحسن إليهم يعود مريضهم ويشيع جنائزهم ويتلطف معهم في حديثه ومعاملاته ياحبيبي يارسول الله من أقواله صلى الله عليه وسلم في الحث على التراحم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " الله اكبر وقوله " ما نقصت من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " وكان صلى الله عليه وسلم في صلاته بالناس يخفف لأنه كان يقدر حالة السقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة وكما كان شديد العطف على الخدم كثير الشفقة عليهم يداعبهم ويبشر في وجوههم ويحسن لقاءهم قال أنس بن مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عند أمي فرأى أخي أبا عمير حزينا فسألها النبي عليه الصلاة والسلام : " ما بال أبي عمير جزينا ؟ فقالت : له يارسول الله أبا عمير ما فعل النغير ؟ ( متفق عليه ) وكان كلما رآه قال له هذا وقد شملت رحمته كافة الأحياء فهو القائل : " دخلت أمرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " ( متفق عليه ) و وصف الله تعالى نبيه بالرحمة فقال جل جلاله " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم " ففضائل التراحم كثيرة إن المجتمع الذي يسوده التراحم وينشر بين أفراده لا شك أنه مجتمع صالح جدير بالحياة الأمنة المطمئنة البعيدة عن الصخب والتأمر والتحاسد فالتراحم يقضي على كثير من الأمراض الاجتماعية التي تفتك بالمجتمع وتشل حركته في التقدم والرقي مثل : السرقة و الغش و القتل و كافة الجرائم التي تهدد المجتمع والعياذ بالله والتراحم يتماسك أفراد المجتمع ويكونون قوة واحدة فيختفي شبح البؤس والفاقة والتراحم يطهر النفوس من الحقد والحسد والضغينة والرياء والكبر وغيرهم من الصفات القبيحة وبالتراحم تتألف القلوب وتتقارب النفوس فما يدرك بحس المعاملة واللين لا يدرك بالقوة والشدة وقد مدح القرآن الكريم أسلوب الرسول عليه الصلاة والسلام في تأليف قلوب أصحابه والتفاهم حوله حيث قال تعالى " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك "....لذا ياأخوتي الكرام علينا أن نهتم بهذا الجانب الإنساني المهم لنكون مجتمعات تسوده الرحمة كأنه جسد واحد ولنقتبس حياتنا ولنهدي أنفسنا على النور المبين ونجعل رسولنا الكريم قدوة ومثلا أعلى في حياتنا ونعمل على ما أمرنا به الله وننهى أنفسنا عن ما نهنا لنفوز بالحياة الدنيا ونكسب رضى الله ورحمته ومغفرته وجناته في الآخرة اللهم اسكنا قصور جناتك