حذرت منظمة الأغذية والزارعة (الفاو) من الزيادة الكبيرة فى كميات الغذاء المهدرة فى مصر، والتى تصل إلى نسبة 50% من الخضروات والفاكهة، و40% من الأسماك، و30% من الألبان، وتصل قيمة المهدر من القمح سنويا فى مصر إلى ما لا يقل عن 5,1 مليون طن من القمح.

وأشار الهادى يحى خبير منظمة الفاو فى الصناعات الغذائية والنبية التحتية، خلال مؤتمر صحفى عقد اليوم بمقر المركز الإعلامى للأمم المتحدة بالقاهرة، بمناسبة يوم الغذاء العالمى، إلى أن المهدر من القمح فى المنطقة العربية يصل إلى 16 مليون طن سنويا، وهى كمية تكفى لإطعام ما يتراوح بين 70 و100 مليون شخص.

وقال: إن الفاقد من القمح والطماطم والبرتقال فقط يكلف الدولة فى مصر 11 مليون جنيه سنويا، كما أن هناك 650 ألف طن من الذرة الشامية، و350 ألف طن من البنجر، تفقد وتهدر فى مصر سنويا. وأضاف الهادى يحيى "إن حل مشكلة الأمن الغذائى لا تكمن فقط فى زيادة الإنتاج، وإنما أيضا فى الحفاظ على الغذاء المنتج من الهدر والتلف".

وأشار إلى أن الفاو بدأت برنامجا سيتوسع فى الفترة القادمة لتقليل نسبة الفاقد والهدر من الغذاء فى المنطقة العربية إلى النصف فى غضون عشر سنوات. وأضاف إن هناك أيضا حاجة إلى التوعية والإرشاد وتغيير الثقافة وإدخال سياسات الحد من هدر الغذاء فى السياسات الزراعية لبلدان المنطقة، وتحسين تكنولوجيا تداول وتبريد الغذاء، وزيادة القيمة المضافة للأغذية المنتجة فى المنطقة العربية، ضاربا مثالاً بأن 95 من الزيتون المنتج فى تونس يصدر فى براميل كبيرة للخارج بأسعار متدنية، ثم يعاد تعبئته وبيعه بأسعار كبيرة يستفيد منها الآخرون.

من جانبه، قال مجاهد عاشورى، ممثل منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" فى مصر، إن الاحتفال باليوم العالمى للغذاء هذا العام ينظم تحت عنوان "التعاونيات الزراعية تغذى العالم"، للتأكيد على الدور الكبير الذى تلعبه التعاونيات الزراعية لتحقيق الأمن الغذائى فى العالم، لاسيما أن أعضاء التعاونيات فى العالم بلغ مليار شخص، كما توفر التعاونيات نحو 100 مليون وظيفة فى العالم، وتسهم فى الحد من تداعيات الأزمات الغذائية وتحد من تقلبات الأسعار.

ولفت إلى أن قطاع الزراعة يقدم نحو 30 بالمائة من فرص العمل فى مصر، وقال "وإذا أردنا الحد من الهجرة من الريف إلى المدن لابد من زيادة الاستثمار فى قطاع الزراعة"، وأشار إلى أن منظمة الفاو تنفذ فى مصر مشروعا بتمويل قدره 18 مليون جنيه لتوعية صغار المزارعين.

من ناحيته، أشار نصر الدين الأمين المستشار الإقليمى للسياسات الزراعية فى منظمة الفاو، إلى أن مصر لا تزال تستورد 65 بالمائة من احتياجاتها من الحبوب، وتواجه تحديات من بينها أيضا قلة الموارد المتوافرة لإنتاج الغذاء وضمان سلامة الغذاء.

ودعا مستشار منظمة الفاو مصر إلى العمل على زيادة الإنتاج وضمان جودته، وزيادة دخول العاملين فى قطاع الزراعة، وخفض الفاقد من الغذاء وتوفير شبكات الأمن الاجتماعى لمن يعانون من نقص الغذاء، والحد من تقلبات أسعار الغذاء فى الأسواق.

وقال: إن التعاونيات لها دور كبير فى زيادة الإنتاج وضمان جودته وتسويقه لتحقيق عائد أفضل للفلاحين، ومواجهة تفتيت الملكية الزراعية وتعظيم الاستفادة من الموارد المحدودة من المياه، وتحسين جودة الحاصلات الغذائية. ولفت إلى أن إنتاج مصر من الغذاء ليس قليلا، ولكن المشكلة تكمن فى عدم التوازن بين العرض والطلب وبين الإنتاج والاستهلاك، وأشار إلى أن مصر من أعلى الدول من حيث إنتاجية الأرز فى العالم، كما أنها أدخلت تكنولوجيا زراعية جديدة، وتوسعت فى استصلاح الأراضى، غير أن النمو السكانى يزيد من الاستهلاك ويزيد الفجوة فى الأمن الغذائى.

وأضاف أن مصر كان لها أيضا دور هام فى صياغة الاستراتيجية الأخيرة لتحقيق الأمن الغذائى التى أعدتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

من جانبه، أشار علاء الدين موسى، وكيل وزارة الزراعة للتعاون الزراعى، إلى أن التعاونيات الزراعية هى القاطرة الرئيسية للزراعة فى مصر، وبدأت عملها فى البلاد عام 1910، وتسهم بشكل كبير فى مواجهة تفتيت ملكية الأرض الزراعية ومساعدة الفلاحين على تسويق حاصلاتهم الزراعية، وتوفير احتياجات هؤلاء المزارعين ومواجهة تقلبات دخل الفلاحين، واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل والبذور، وترشيد استهلاك المياه.

وقال موسى، إن مساحة الأرض الزراعية فى مصر تصل إلى 6 ملايين فدان داخل الوادى والدلتا، بالإضافة إلى 5,2 مليون فدان خارج الوادى والدلتا. وأضاف "إن هناك حاجة فى مصر إلى التوسع الأفقى أى زيادة الأراضى المنزرعة، وهو الأمر الذى يحتاج إلى مزيد من المياه، ويتطلب تغيير أسلوب الرى من الغمر إلى التنقيط، والتوسع الأفقى من خلال زيادة إنتاجية الفدان.

وقال "إن مصر لا تواجه مشكلة فى الحاصلات الزراعية من الخضر والفاكهة، ولكنها تواجه مشكلة فى المحاصيل من الحبوب والزيوت"، وأقر بأن سياسات الدولة فى الماضى لم تكن تهتم بالزراعة كمورد رئيسى للاقتصاد المصرى، وربما فى ظل الفساد كان للبعض مصلحة فى استيراد حاصلات زراعية من الخارج للتربح منها بشكل شخصى، ولكن بعض الثورة أصبح هناك اهتمام على أعلى المستويات بقطاع الزراعة.

وردا على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط حول إمكانية تحقيق هدف استصلاح مليونى فدان جديدة فى غضون السنوات القليلة القادمة فى ظل محدودية الموارد وعلى رأسها المياه، قال علاء الدين عبد الهادى "إنه يمكن زراعة 2 أو حتى 3 ملايين فدان جديدة فى مصر إذا ما تم تبنى سياسات لترشيد استهلاك المياه فى الرى"، لافتا
إلى تبنى وزارة الزراعة لمشروع تطوير الرى الحقلى لترشيد استهلاك المياه.

وأشار أيضا إلى ضرورة الانتباه إلى التفاوت الكبير فى استهلاك المياه بين محصول وآخر، مما يتطلب المزيد من التنسيق وتبنى للسياسات الرشيدة. وأضاف أنه جارى صياغة قانون جديد للتعاونيات يعطيها دفعة كبيرة، بالإضافة إلى توعية المزارعين ودعمهم لزراعة مساحات أكبر من المحاصيل التى نحتاجها فى مصر، للحد من الاستيراد وعلاج التشوهات السوقية والسياسات السعرية للمحاصيل.