تزامن فتح متحف موقت فى "نقطة تفتيش تشارلى" أحد أبرز مواقع الحرب الباردة فى برلين، الجمعة مع جدل واسع بشأن أفضل طريقة لإعادة رسم تاريخ أوروبا المقسمة.

ويعيد جناح "العلبة السوداء للحرب الباردة" الكائن قرب المركز الحدودى السابق الذى كان يفصل غرب برلين عن شرقها، رسم خط الجبهة التى استمرت لعقود بين الكتلتين الرأسمالية والشيوعية.

وسيبقى المبنى الرئيسى الذى تنتصب أمامه قطعتان من جدار برلين السابق، لمدة عامين تمثل فترة اختبار للباحثين الذين يرغبون فى إقامة متحف دائم فى 2015 أو2016.

غير أن المقاومة التى لقيها المشروع أعادت توترات كان يعتقد أنها انتهت مع سقوط الجدار قبل 23 عاما.

واعتبر جاكسون جاينس المسئول فى معهد الدراسات الألمانية المعاصرة فى جامعة جونز هوبكينز فى واشنطن وأحد رعاة المشروع، أن موقع "نقطة تفتيش تشارلى" مثاليا لأول متحف من هذا النوع فى العالم، كما يقول.

وأوضح لوكالة فرانس برس أن "هذا المشروع وجد لأن نقطة تفتيش تشارلى لم تعد كما كانت عليه فى 1989".

وأضاف أن هذا المكان يرمز إلى الطريقة التى "تم بموجبها تجاوز الأمور بفضل الإصرار والتشبث بقيم وإلى حد ما القوة".

وكانت نقطة التفتيش هذه مسرحا لواحدة من أشد حلقات مسلسل الحرب الباردة حدة حين تواجهت عندها الدبابات الأمريكية والسوفياتية فى أكتوبر 1961. وتفسر "العلبة السوداء" القوى التى كانت وراء تلك المواجهة وذلك من خلال إعادة وضعها فى إطار تاريخى.

لكن المحافظين الذين يتولون السلطة على مستوى الاتحاد وقسم من "التحالف الكبير" الذى يحكم المدينة-المقاطعة برلين، يرون أن متحف الحلفاء الذى يتأهب للانتقال إلى الموقع القديم لمطار تيمبيلوف الموقع الرمزى للجسر الجوى الذى أتاح لمدينة برلين الصمود خلال حصار 1948، هو الموقع الملائم لسرد رواية الحرب الباردة.

ويرى معارضو مشروع "العلبة السوداء" فى نقطة تفتيش تشارلى، أن المكان لا يبرز بشكل كاف العمل والتضحيات التى قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لحماية أوروبا الغربية من الهيمنة السوفياتية.

كما يعتبرون أن "العلبة السوداء" قد تسىء لمتحف نقطة تفتيش تشارلى وهى مؤسسة خاصة فى المنطقة ذاتها تم تأسيسها فى 1962 للسخرية من الشيوعيين.

غير أن رئيس بلدية برلين كلاوس فوفيريت (اجتماعى ديمقراطى) الذى شارك فى تقديم مشروع "العلبة السوداء"، يرفض هذه الاعتراضات ويصفها بأنها "رؤية كاريكاتورية للتاريخ".

ولقى مشروع "العلبة السوداء" تأييدا من أسماء كبيرة مثل الرئيس التشيكى الراحل فاكلاف هافل ووزير الخارجية الأمريكى الأسبق جيمس بيكر و المؤرخ البريطانى تيموثى غارتون آش.

ويعيد المعرض من خلال الصور والخرائط التفاعلية وأفلام من تلك الفترة، رسم أهم ساعات الحرب الباردة بداية من مؤتمر بوتسدام إلى فرحة إسقاط جدار برلين مرورا بالحربين الكورية والفيتنامية وأزمة الصواريخ فى كوبا.

ويعتزم الفنان ياديجار أسيسى فتح "بانوراما" على بعد 360 درجة من جدار برلين، خلف العلبة السوداء، وذلك لتمكين السياح من الإحساس بمعنى العيش فى مدينة مقسمة.

ومنذ إعادة توحيد ألمانيا فى 1990، تحولت نقطة تفتيش تشارلى إلى نوع من "ديزنى لاند" تاريخى، بحسب الصحافة المحلية، مع طلاب يرتدون زى الشرطة العسكرية يمكن التقاط صور معهم لقاء بضع قطع نقدية أو باعة متجولين يعرضون قبعات مزيفة للجيش الأحمر.

ويقول القيمون على المشروع إن المتحف سيعيد بعضا من "الكرامة" لهذا المكان الذى يجذب أربعة ملايين زائر سنويا.