يوم جديد يهل علينا في الولايات المتحدة الأمريكية عزيزي القارئ، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بواقع 18 نقطة، أي بنسبة 0.1 بالمئة، ليستقر عند مستويات 13343 نقطة، بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.2 بالمئة ليصل إلى مستويات 1437 نقطة، (البيانات مسجلة في تمام الساعة 06:39 صباحاً بتوقيت لندن)، حيث جاء الارتفاع بسبب ترقب المستثمرين لاجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة اليوم.

وقد أغلقت الأسهم الأمريكية يوم أمس بتحقيق أرباح، في حين لم يشهد يوم أمس الأربعاء صدور أية بيانات ذات أهمية عن الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإن قرار موافقة المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا اليوم على مساهمة ألمانيا في صندوق الاستقرار الاوروبي الدائم (آلية الاستقرار الأورووبي)، سيطر على أذهان المستثمرين.

ويترقب جمهور المستثمرين اليوم أية تلميحات من قبل البنك الفدرالي الأمريكي حيال إقرار المزيد من الخطط التحفيزية، عقب صدور المزيد من البيانات السيئة عن الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قادت ظهور توقعات وتكهنات تؤكد على أن البنك الفدرالي الأمريكي سيقوم اليوم الخميس ضمن الإعلان عن أسعار الفائدة بالتلميح حيال موضوع إعادة إحياء بعض البرامج التي انتهى العمل بها في وقت سابق، وذلك في مسعى من الفدرالي الأمريكي لدعم عجلة النمو المتعثرة في البلاد.

هذا وقد انخفضت اليوم عائدات سندات الخزينة الأمريكية لأجل عامين أيضاً، عقب ارتفاع الدولار الأمريكي وسط إقدام المستثمرين على تقليص مراكزهم المدينة في ظل ترقبهم لاجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة بخصوص أسعار الفائدة، مع ابتعادهم عن المخاطرة والعملات ذات العائد المرتفع نوعاً ما، إذ تتجه أنظار هؤلاء المستثمرين في مثل هذه الحالات إلى البنك الفدرالي الأمريكي بحثاً عن أية مؤشرات بشأن أسعار الفائدة وإمكانية رفع أسعار الفائدة الرئيسية خلال الفترة المقبلة، إلا أنها تترقب اليوم أية تلميحات من قبل البنك الفدرالي الأمريكي حيال إقرار جولة جديدة من خطط التخفيف الكمي (التيسير الكمي).

حيث سيصدر البيان المصاحب لقرار الإعلان عن أسعار الفائدة اليوم في تمام الساعة 16:30 بتوقيت غرينيتش، وأنظار المستثمرين لن تنتظر تناول المحضر سوى لتلميحات حيال إقرار جولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي (التيسير الكمي) هذه المرة، في حين سيترقب جمهور المستثمرين اليوم أيضاً خطاب رئيس البنك الفدرالي الأمريكي بن برنانكي، والذي سيدلي به عقب القرار بحوالي الساعيتن، وبالتحديد في تمام الساعة 18:15 بتوقيت غرينيتش، وتوقعات البنك الفدرالي الجديدة حيال النمو والبطالة والتضخم للأعوام الثلاثة المقبلة.

وقد تناول البنك الفدرالي الأمريكي في أكثر من مناسبة الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستويات متدنية لضمان الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو من خلال الإبقاء على تكاليف الإقراض عند مستويات متدنية، وذلك حتى أواخر العام 2014، مما يساعد المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة الأمريكية على توسيع معدلات إنفاقهم، نظراً لاعتماد عجلة النمو في الولايات المتحدة الأمريكية على الإنفاق بشكل كبير.

ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الأوضاع الاقتصادية شهدت انتكاسة حقيقية في مطلع العام الجاري وفي شتى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، في حين لا يزال الاقتصاد الأمريكي يواجه مشكلات جمة تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة في البلاد وتشديد شروط الائتمان، حيث عملت ولا زالت تعمل تلك العوامل على تدمير الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتنقسم آراء جمهور المحللين اليوم إلى قسمين، الأول يؤكد على أن الاقتصاد الأمريكي يمر بفترة حرجة، في ظل تراجع أنشطة الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير، وفي ظل انخفاض معدلات التضخم في البلاد، فإن الفرصة تبدو مواتية لإعلان البنك الفدرالي الأمريكي عن جولة ثالثة من خطط التخفيف الكمي (التيسير الكمي).

أما الثاني، فيؤكد على أن أنشطة الاقتصاد الأمريكي تراجعت بشكل ملحوظ في الأرباع الثلاثة الماضية، وفي ظل تراجع معدلات التضخم، فإن فرصة الإعلان عن جولة جديدة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي) تبدو سانحة، إلا أن البنك الفدرالي الأمريكي لن يقدم عليها اليوم بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية من جهة، وبسبب استمرار العمل ببرنامج " Operation Twist " والقاضي بإعادة التوازن لمحفظة حيازة البنك الفدرالي الأمريكي من السندات في صالح السندات طويلة الأجل حتى أواخر العام الجاري، لذا فإن أنصار هذا الرأي يقولون بأن البنك الفدرالي سيستمر في مراقبة الأوضاع عن كثب، وسيعلن عن جولة ثالثة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي) أواخر العام الجاري، إذا ما استمرت الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه، عقب انتهاء العمل ببرنامج " Operation Twist "، وانتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

ولا بد لنا من الإشارة إلى أن رئيس البنك الفدرالي الأمريكي يواصل إمساك العصا من المنتصف، حيث يؤكد على أن موضوع إقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي) لا يزال على طاولة البنك الفدرالي، وبأن البنك يقف على أهبة الاستعداد لدعن الاقتصاد إذا ما استدعت الحاجة إلى ذلك، إلا أنه يواصل التأكيد على أن الاقتصاد سيشهد تحسناً ملحوظاً في الفترة المقبلة، وبأن مخاطر إقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي) أكبر من نفعها في الوقت الراهن، لذلك فنحن نتوقع بأن تحليلاتنا تشير إلى أن رأي القسم الثاني هو الأرجح.