تلقى خلافات حول الطريقة المناسبة لتكريم ضحايا هجمات 11 سبتمبر بظلالها على مراسم إحياء هذه الذكرى فى موقع مركز التجارة العالمى الذى دمرته تلك الهجمات، فيما تتسع الهوة بين الناجين من الهجمات وعامة الناس الذين بدأوا فى هذه الهجمات بعد 11 عاما من وقوعها. وقبل أيام فقط من الذكرى السنوية للهجمات التى نفذت بطائرات مخطوفة وأدت إلى تدمير برجى التجارة العالمى، يبدو أن روح التضامن الوطنى التى ولدتها تلك الهجمات قد بدأت تتلاشى.

وفى الموقع الذى افتتح العام الماضى فقط حيث قتل 2600 شخص فى 11 سبتمبر من بين نحو 3000 شخص قتلوا فى مجمل الهجمات التى شملت واشنطن، يفرض رجال شرطة وحراس أمن ومرشدون متطوعون قواعد صارمة لاحترامه.

وتهدف تلك الإجراءات إلى الحد من التصرفات التى يصفها بعض أقارب الضحايا بأنها تنم عن عدم الاحترام ومن بينها القيام بنزهات تحت أشجار البلوط التى زرعت حديثا، وما حدث فى يونيو عندما ألقى عدد من طلاب المدارس الثانوية القمامة فى أحد أحواض الماء السوداء الواقعة فى مكان البرجين السابقين.

وتنتشر لافتات تحث على التصرف بشكل جيد، فى كل مكان حول الأحواض الكبيرة واللوحات البرونزية التى كتب عليها أسماء الضحايا. وكتب على إحدى اللافتات "إذا شاهدت شخصا يخدش أو يجلس أو يخرب بطريقة ما الأسماء الموجودة على اللوحات، نرجو منك إبلاغ الموظفين فى الصرح".

ولم تحدث أعمال تخريب جدية، ولكن حتى الأفعال التى يمكن أن تبدو بريئة مثل التقاط آلاف السياح الصور لبعضهم البعض أمام الصرح، تزعج أقارب الضحايا الذين يعتبرون الموقع "أرضا مقدسة".

وكتبت ماريان بيزتولا رئيسة مجموعة الإطفائيين المتقاعدين تقول فى رسالة لرئيس الموقع جو دانيالز إن "الناس يضحكون ويلتقطون الصور وهم يبتسمون، ويستخدم الكثير من الناس الذين يحملون أكواب القهوة اللوحات التى حفرت عليها أسماء أصدقائى عليها وكأنها طاولات مطبخ".

وهذه التوترات هى جزء من تحول أوسع، حيث إن مشاعر الصدمة التى صاحبت هجمات 11 سبتمبر، عندما اصطدمت طائرة مخطوفة ثالثة بمبنى البنتاجون بينما سقطت طائرة رابعة فى حقل فى بنسلفانيا، أصبحت تتلاشى بالنسبة لمعظم الأمريكيين.

وفى الذكرى السنوية سيشارك أقارب الضحايا مرة أخرى فى المراسم الحزينة فى موقع الهجمات فى نيويورك، حيث تتم تلاوة أسماء جميع الـ2753 أشخاص الذين قتلوا هناك. وعندما اقترح رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج العام الماضى اختصار المراسم الطويلة، تعرض فورا لهجوم من عائلات الضحايا.

وما يزيد من حدة الوضع الغضب المسييس بشأن خطط بناء مركز ثقافى إسلامى قرب موقع الهجمات، والقضية القانونية التى رفعها ملحدون ضد صليب فولاذى فى متحف الموقع التذكارى.

أما بالنسبة لمن يريدون أن يبقى هذا الموقع التذكارى الممتد على مساحة 8 اكر، منطقة مغلقة لا يتم الدخول إليها إلا بعد الحصول على تذاكر، فإن الأمور ستصبح أكثر تعقيدا. فعندما يتم الانتهاء من تشييد ناطحات السحاب المحيطة بمركز التجارة العالمى الجديد، وتأجيرها، فإن مكان الصرح سيصبح مفتوحا بشكل تام.

وعند ذلك فإن الساحة المغطاة المحيطة بالنوافير لن تكون بقعة مثالية لنزهات السياح فقط، ولكن ستكون مقصدا لآلاف الموظفين أثناء استراحة الغداء.

وتقول لورين لينت التى كانت على الجانب المقابل من الشارع عندما اصطدمت الطائرتان ببرجى مركز التجارة العالمى وتطوع الآن للعمل فى الصرح، أنها تخشى من من حدوث ذلك.

وتقول "أنا اخشى اليوم الذى نفتتح فيه الصرح .. الكثير من الناس ماتوا هنا، ولم يتم انتشال جثث الكثير منهم". إلا أن جولى ستورر (44 عاما) والتى كان صديقها روبرت بيرازا من بين 658 عاملا قتلوا فى شركة "كانتور فتزجيرالد" المالية بين الطابقين 101 و105 من البرج الشمالى، فتقول إنها مستعدة لدخول الصرح عهدا جديدا.

ويشير مايكل آلان مدرس التاريخ فى جامعة نورثويسترن، إلى أن التجربة مع النصب التذكارية فى جميع أنحاء العالم تظهر أن مشاعر عائلات الضحايا لن تختفى بسرعة. ويقول إن "مراسم الذكرى الرئيسية تقام عادة فى الذكرى الخمسين أو الخمس وسبعين لأن العديد من الناجين يموتون بعد تلك الفترة". ويضيف "من المؤكد أن أقارب الضحايا سيسعون إلى أن تبقى الأمور كما هى طوال حياتهم".