عشرة ضوابط للصحوة الاسلامية
الشيخ عائض بن عبدالله القرني

الضابط الأول :
إخلاص أصحابها وصدقهم مع الله عزوجل :
وذلك أن هذا الضابط فرقان بين المسلم والكافر في القول والعمل والقصد ، وإن أحبطت كثير من الدعوات فلفساد مقاصدها ولسوء نواياها .
قال الله تعالى : (( ألا لله الدين الخالص )) وقال عزوجل : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) وقال في المشركين المرائين : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) وقال جلت قدرته : (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بربه أحدا )).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنما الأعمال بالنيات " وصح عنه أنه قال : " من رآى رآى الله به ، ومن سمع سمع الله به " ، وفي حديث صحيح : " أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة ... عالم وجواد وشجاع ما قصدوا الله بأعمالهم " ، وفي حديث صحيح :" أن الله عزوجل يقول : من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه " .

يخاف على رجال الصحوة :
مما يخاف على رجال الصحوة ثلاثة أمور تفسد عليهم سيرهم ودهوتهم , وستحبط أعمالهم :
أولها : حب الرئاسة والمركزية والمكانة وهذه من بنات الحزبية وقى الله الدعاة شرها .
ثانيها : المكايدة والمعاندة وحب البروز والظهور على الآخرين ، وهذا مفسد ثان .
ثالثها : العمل بلا نية ولا قصد ، وإنما مجاملة وحب ثناء وتبجيل .
قطعت عنق صاحبك :
لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يمدح رجلا في وجهه قال : " ويحك قطعت عنق صاحبك " وهذه نقولها للإخوة الذين معهم شباب ناشئون يخاف عليهم من المدح وكثرة الثناء فإنه مادة العجب ومعين الزهو ، فلا تفسدوا قلوبهم بالاطراء وكثر المديح .
فعلنا وفعلنا :
التبجح بالاعمال والتشبع بالدعاوى حمى تصيب الاخلاص فتمرضه ، والهالات وتعداد الأعمال ينافي الصدق وطلب الأجر من الله تعالى .
دواء يذهب الرياء :
معرفة الخالق تبارك وتعالى واعتقاد نفعه وضره يوجب طلب الأجر منه ، ومعرفة المخلوق ونقصه وتقصيره وعجزه يقطع اليأس من مدحه وإعجابه .
وسؤال الله دائما الاخلاص ، والتعوذ به من الرياء كلها أدوية تذهب الرياء بعون الله تعالى .

ضابط الاخلاص :
إذا شككت في أمر هل تفعله لله أو للناس فاسأل نفسك : هل تعمله لو كنت لوحدك ؟ فإن كنت تفعله فما عليك ، وإلا فالحذر الحذر !

النشاط مع الناس :
من المجرب أن المسلم ينشط في العبادة بين إخوانه في المخيمات والنزهات ، فإذا كان وحده ربما كسل ، وهذا غير ما قبله .

الضابط الثاني :
الإهتمام بالعلم الشرعي وإحياء روح التحصيل في نفوس الشباب
العلم أشرف مطلب وأحسن مقصود وأروع منال بالعلم يعبد الله ويعرف وبالعلم تهذب النفوس وتصلح القلوب وتحيا الأرواح قال سبحانه {فاعلم أنه لا إله إلا هو وستغفر لذنبك } { وما يعقلها إلا العالمون }{ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم }{يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات }{ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وصح عنه- صلى الله عليه وسلم – (( م يرد الله به خيراًُ يفقه في الدين )) وقال العلماء ورثة الأنبياء

لاتسمع لمثبط :
قد ذكرت في رسالة (كيف تطلب العلم) مثل هذا الفصل وأعيد معناه هنا وهو أن لا تصغي لمن يهون عليك شأن التحصيل أو يشغلك عن طلب العلم ويسلب منك وقتك بحجة الدعوة والتحرك في الميدان فقل له لا دعوة إلا بالعلم والدعاةهم العلماء والدعاة والعلماء هم الدعاة والسلام

صحوة تاجها العلم :
لن نتغلب على المعاصي والفتن والغزو الفكري إلا بالعلم لن نصحح المسيرة ونجمع الشمل ونصلح حال الأمة إلا بالعلم لن نبني جيلاََ ولن نؤسس حضارة إلا بالعلم هذه حقائق يصدقها النقل والعقل والواقع والتأريخ

العلم الشرعي هو الأصل :
إذا أطلقنا الكلام عن العلم فإنما نقصد به العلم الشرعي علم الكتاب والسنة : قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم والعلم الدنيوي مطلوب لابد منه لكن الأصل الأصل


بين العلم الشرعي والثقافة العامة :
المجلات الإسلامية والصحف والأخبار والنشرات وأخبار الواقع ثقافة الكتاب السنة الفقه التفسير علم فكن عالما مثقفا ولاتكن مثقفا فحسب فلايكن في رأسك إلا كلام

شباب الصحوة أقسام ثلاثة :
قسم منهم يدعو ويبذل وليس عنده وقت للتحصيل فأجاد يوم وصل وقصر يوم ما حصل .
وقسم عكف على التحصيل وأهمل نشر العلم والدعوة فأحسن في تحصيله وقصر في توصيله .
وقسم كمل أهل فطنة وفقه وهم أهل التحصيل وأهل النشر والنفع والدعوة وهم صفة الطوائف الثلاث

الضابط الثالث :
نبذ الخلاف والفرقة والبعد عن التباغض والشحناء :
قال سبحانه ( ولا تكونوا كاللذين تفرقوا وختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ) وقال عز وجل ( إنما المؤمنون أخوة ) وقال تبارك وتعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا ) وقال في وصف المؤمنين ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله ولا يحقره ...)الحديث .
البغضاء الحالقة ثبت في الحديث أن البغضاء تحلق الدين وصحوة بينها تباغض وتشاحن ليست بصحوة ومجالسة الدعوة إذا رأيت فيهل الغيبة والتشفي تمزقت الأمة والأحسن جمع الشمل والدعاء للعالمين المخلصين والله المعين .

الضابط الرابع:
العمل على منهج عقدي مفصل على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة :
هذا شرط الاتفاق وهذا عقد الوفاق وهذا صك العمل وهذا هو الميثاق عقيدة أهل السنة الصافية الوافية الرائعة معتقد السلف الجميل الأصيل النبيل بلا غبش بلا تمييع بلا مجاملة أما الاتفاق على أمور مجملة وعموميات في العقيدة فهذه وحدها لا تكفي أبداً فإنه يمكن إدخال أهل البدع في هذه المظلة

جملة لابد أن تفهم :
نعمل على ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه هذه الكلمة قالها بعض الدعاة ولعله يقصد فيما اختلفنا عليه الفرعيات الجزئية التي ما أجمع عليها السلف الصالح إذا لو كان لو كان المعنى ما اختلفنا فيه كل خلاف لعملنا مع الجهنمية والروافض بل مع البهائية وأمثالهم إذ لابد أن نتفق معهم في شئ من الأصول

الضابط الخامس :
ماهي المقاصد التي تعمل من أجلها هذه الصحوة :
لابد للعامل من هدف يسعى إليه ومن مقصد يعمل من أجله وأهل الصحوة أذكى من أن يعملوا على غير تصور لمقاصدهم أو على عدم رؤية لأهدافهم .

ماهي المقاصد :
أربعة :
1. إقامة شرع الله في الأرض
2- جمع كلمة المسلمين
3- الجهاد في سبيل الله تعالى
4- تربية الناس على تعاليم الكتاب والسنة


الضابط السادس :
ماهي الوسائل التي تنتهجها هذه الصحوة في إيصال دعوتها للناس :
أعظم هذه الوسائل هي الوسائل التي نهجها رسول الهدىrفي تبليغ دين الله تبارك وتعالى القدوة الحسنة الخطابة الموعظة العامة الدعوة الفردية الدروس العلمية وهذا العصر زاد بوسائل الإعلام الصحف الإذاعة المرئية والمسموعة المجلات الدوريات الأندية الأدبية الندوات العامة والأصل في ذلك المسجد فمنه تنطلق الدعوة وليس المسجد وحده ولكن لزاماً على رواد الصحوة أن يرتادوا الأماكن العامة وأوكار الباطل ودور اللهو والمنتديات العابثة ليوصلوا الدعوة إلى أولئك

ولهذه الوسائل بشيء من التفصيل :
- الخطابة : سلطة شرعية وفرصة هائلة ومنبر رائد إذا أحسن الخطيب عرض فكرته إنه الأصل العظيم والمكان المؤثر .
- الموعظة : إلهاب القلوب تأجيج الأرواح إحياء الضمير كل هذا مهمة الواعظ الحي الموهوب المخلص الذي يمتلك القلوب بلفظه والعيون بلحظه ولأرواح بتأثيره .
- الحوار : جلسة هادئة للدعوة مع المعرضين أو المشككين يسودها الإخاء ،الهدوء ، البرهان ، الأدب .
- الدعوة الفردية : لا بد من هذا الأسلمب بناء الفرد الوصول إلى الفرد وحده بعيداً عن الجماهير


الضابط السابع :
الوسيطة بلا إفراط ولا تفريط في الأقوال والأعمال والأحوال:
وهذا الضابط مهم ودين الله وسط بين الغالي والجافي ( وكذلك جعلنا كم أمة وسطاً ) والقصد القصد تبلغوا وقد تعرض لهذه المسألة في رسالة (( الحركات الإسلامية المعاصرة )) إن من مقاصد الدين الإسلامي بناء حياة المجتمع المسلم على الوسط وإن الغلو أو الجفاء يخالف كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم غلا قوم فخرجوا بغلوهم إلى البدع وجفاء قوم فسقطوا بجفائهم في البدعة

دعوة الناشئة إلى الوسط :
قال علي رضي الله عنه : (( الحكيم كل الحكيم من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمن من مكر الله )) وهذا من أحسن الكلام فإن المربي الداعية إذا أنشأ جيلاً ورخص له في الالتزام وأوجد له المعاذير للأخطاء أصبح هذا الجيل كسولا ًفاتراً بارداً وإذا ذهب الداعية إلى تكبير الصغائر وتضخيم الفلتات وتهويل الهنات أوجد جيلاً متشنجاً حاداً حاراً والوسط نهج محمد r بين الخوف والرجاء : {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً }

التطرف ليس من صفات الصحوة :
يقول بعض الناس : إن في الصحوة تطرف وهذا ليس بصحيح فليس هذا ظاهرة وقد يأتي نادراً والنادر لا حكم له

الضابط الثامن : سد الثغرات وإشباع التخصصات وتصنيف الدعاة :
ثلاث قضايا كبرى فلا يبقى ثغرة مفتوحة على المسلمين إلا سدت بالمخلصين ولا يترك تخصص مما ينفع في الدنيا والدين إلا أشبع من أبناء المسلمين ثم يصنف الدعاة حسب الأهلية والقدرات والمال والمكان والزمان كل ينفع في جانب للتكامل شخصية الصحوة الإسلامية والله الموفق

الإسلام يقر التخصص :
الشخصية الكاملة نادرة ومن برع في فن قد يضعف في فن آخر والصحابة أهل تخصصات : أبي بن كعب أقرؤهم معاذ أعلهم بالحلال والحرام علي أقضاهم خالد رجل السيف والرمح حسان أستاذ القوافي زيد عالم المواريث قد علم كل أناس مشربهم
وحاجتنا إلى عالم وواعظ ومدرس وطبيب ومهندس وطيار وتاجر وإلى كل ما ينفع المسلمين في إي حقل لا نقل للعالم كن طبيباً وللطبيب كن واعظاً وللمهندس كن عالماً .. نقل انفع الإسلام في ميدانك والله معك .

أعداء الله أهل تخصص :
أما ترى أهل الحضارة الغربية كيف ينوا حضاراتهم على مبدأ التخصص إنها حضارة الجزئيات كل يقوم بجزئيته حتى أكتمل البناء أليس هذا عجيباً ألا ينبغي أن نستفيد من هذا والحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنّى وجدها .
الضابط التاسع:
ضرورة الجمع بين علم الكتاب والسنة وعلم الواقع من عرف النصوص وعلمها ولم يعلم واقعة كان كمن عنده دواء ولكن لا يعرف المرض ومن عرف الواقع وليس له علم بالنصوص كان كمن يعر المرض وليس عنده دواء .

صحوة تقرأ التأريخ :
معرفة العبر والدروس من التاريخ يعرفها الرواد ويجيدها الأفذاذ.
وصحوة هذا شأنها حق عليها أن تقرأ تاريخها وتاريخ غيرها لتحيط بالتجارب وتصر الواقع وتعيش الأحاديث فإن الله عز وجل قصص أقواماً قال ( لقد كان في قصصهم عبرة ) ومصائب قوم عند قوم فوائد.

قال شوقي :
إقرأ التاريخ إذ فيه العبر **** ضل قوم ليس يدرون الخبر
الضابط العاشر :
الاعتراف بالتقصير وتجديد التوبة وكثرة الاستغفار :
والمعنى ألا نزكي أنفسنا وأن نبتعد عن الفخر والعجب والتيه الكبر وأن نتهم أنفسنا وأن نعرف بالتقصير .
ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء )
( ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )

لا ندعي الكمال :
نبذل ونجاهد وندعو ونسعى ونقول : مذنبون نحن نكتب ونخطب ونحاضر ونألف ونقول : مقصرون نحن .
الكمال لله وحده الأحد العصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

صحوة تجتنب الكبائر :
الصغائر تقع والهنات حاصلة أما الكبائر فهذا هو الهلاك والدمار ( إن تجتنوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما )
الصغائر تكفرها الأعمال الصالحة وهي تقع منا كثيراً أما الكبائر فنسأل الله أن يحول بيننا وبينها.
قلة المعين :
السلف صلحوا واستقاموا وأبدعوا في النيل والفضل لصفاء عصرهم ولقلة الفتن والمغريات في عهدهم ولوجود المعين من علماء ودعاة وزهاد وعباد .
أما نحن فحدث عن عصرنا ما تشاء : فتن طامة ومفاسد عامة ومغريات جمة ولا منجى ولا ملجأ إلا إلى الله تعالى ولكن نقول منا من يقوم بالفرائض ويجتنب الكبائر وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
نجن مع آيات الأحقاف :
قال سبحانه في المؤمنين ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) فنحن يأهل الصحوة مع هذه الآية .
سلام على أبناء الصحوة المباركة ورحمة الله وبركاته.

والله اسأل ان ينفعنى واياكم به وان نكون ممن يستمعون الى القول فيتبعون احسنه ,,,