أصدر مشروع "كلمة"، التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة الترجمة العربية لكتاب "الجمــل: التاريخ الطبيعى والثقافى" للمؤلف روبرت إيروين، والتى أنجزها المترجم أحمد محمود، يقع الكتاب فى سبعة فصول منها "أسلاف الجمل" و"الجمل فى عالم العصور الوسطى" و"جَمال الحيوان: الأدب والفن" و"دور الجمل فى التاريخ".

يأخذنا المؤلف روبرت إيروين فى رحلة فى التاريخ والجغرافيا مع الجمل فيبدأ بالتاريخ الفسيولوجى للجمل والطريقة التى تكيف بها بشكل مثالى مع البيئة الصحراوية شديدة الحرارة وقليلة الماء، التى كان الحصان سيهلك لو وُجِد فيها.. ويعقد مقارنة بين الجمل العربى والجمل ذى السنامين وفسيولوجيا كل منهما التى تتفق مع البيئة التى يعيش فيها.. ثم يتناول الكتاب موضوع التزاوج والإنجاب ويعرض بعض الأمراض التى تصيب الجمال وطرق علاجها وأثرها على قطعان الجمال.
وفى فصل بعنوان "أسلاف الجمال" يعود بنا المؤلف إلى ملايين السنين ليعرض لنا الأشكال الأولى للجمل وكيف تطورت لتصل إلى الجمل الذى نعرفه الآن.. وهو يقول إن "الجمليات" أمضت الستة والثلاثين مليون عام الأولى من وجودها فى أمريكا.. وربما ظهرت فى أقدم أشكالها فى أواخر العصر الإيوسينى، أى حوالى قبل 40 مليون عام.. ولم يكن أقدم الجمليات، واسمه العلمى protylopus، أكبر من الأرنب البرى، وكانت ساقاه الأماميتان أقصر من ساقيه الخلفيتين. ويبدو أن أول جمال دخلت آسيا هى الجمال ذات السنامين. وربما ظهر الجمل العربى ذو السنام الواحد فى وقت لاحق، والأمر شديد الاحتمال أنه ظهر فى شبه جزيرة العرب.

وكان الاعتقاد العربى القديم هو أن الجمال تتحدر من الجن وقيل إن مراح الإبل مأوى للجن.. وهنا يتناول الكتاب مسألة الجمل فى التراث العربى والإسلامى.. ويورد المؤلف الذى هو على معرفة جيدة بهذا التراث، أمورًا عديدة تتعلق بالجمل وما يتصل به من معتقدات وأحاديث شريفة وآيات من القرآن وأشعار، كمعلقة طرفة بن العبد، التى يصف فيها الناقة، وبعض الممارسات التى اندثرت بعد ظهور الإسلام.. وهناك العديد من الأعمال الفنية التى تصور الجمل وتعود إلى عصور مختلفة.. فقد كان هناك اهتمام بتصوير الجمل فى الفن الصينى واليابانى والأوروبى.. ويعرض الكتاب نماذج مختلفة من هذا كله.
ومن الأمور التى يعرضها الكتاب أيضًا استخدام الجمل فى السينما، ويورد نماذج منها كفيلم "لورانس العرب" وفيلم "الجمل الباكى"، ويتجول بنا المؤلف بين أنحاء العالم ليعرض لنا أحوال الجمال قديمًا وحديثا فى أوروبا وأستراليا وأمريكا وآسيا وإفريقيا.

يفرد الكتاب فصله السابع للجمل الآن، وكيف أثر تطور وسائل المواصلات على الجمل والتخلى عنه فى بعض المناطق والتحول إلى الشاحنات، وكيف أثر ذلك على أعداد القطعان. كما يتناول مسألة سباق الهجن التى ظهرت فى الجزيرة العربية وأصبحت تحظى بالاهتمام على أعلى المستويات، وكيف أن جمال السباق أصبحت تقدر أسعارها بأثمان باهظة. وكذلك مراكز الأبحاث والرعاية الصحية والغذائية التى تحظى بها الجمال.

درَّس روبرت إيروين التاريخ العربى والشرق أوسطى فى جامعات لندن وكمبردج وأوكسفورد، وهو محرر الشرق الأوسط فى الملحق الأدبى بجريدة "التايمز"، ويكتب لعدد من الصحف والمجلات فى بريطانيا والولايات المتحدة.. كما أنه زميل الجمعية الأدبية الملكية. وقد قام برحلات مكثفة إلى الشرق الأوسط والهند، وهو خبير بارز فى الثقافة العربية. وهو مؤلف ومترجم وأسهم مؤخرًا فى كتابة مقدمة الترجمة الجديدة، التى أصدرتها پنجوين لألف ليلة وليلة. وإلى جانب ست روايات، ألف إيروين عشرة كتب غير روائية.
مترجم الكتاب أحمد محمود عضو نقابة الصحفيين واتحاد الكُتَّاب المصريين وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة. ويعمل حاليًا رئيسًا لقسم الترجمة بجريدة الشروق القاهرية. شارك بترجمات فى عدد من المجلات الثقافية ومنها "وجهات نظر" و"الثقافة العالمية". وله العديد من الكتب المترجمة منها "طريق الحرير" و"الناس فى صعيد مصر"، و"عالم ماك"، و"تشريح حضارة"، و"أبناء الفراعنة المحدثون" ومصر: أصل الشجرة" و"عصر الاضطراب" و"الرقابة والتعتيم فى الإعلام الأمريكى" و"حياة زوجية سعيدة" و"الأصول الاجتماعية للدكتاتورية والديمقراطية" و"سجلات تاريخية من مصر القديمة" و"عندما تتصادم العوالم" و"التجارة فى الزمن القديم الكلاسيكى" و"بناء الرخاء" و"نظام عالمى جديد".