امرأة قوية وصلبة لأبعد مدى تدعى مباركة الفولى، تقع فى غرام منتصر الديب، ذلك الشاب القوى الذى لا يرى غيرها فى الحياة، يدخلان معا فى قصة حب تنتهى مبكرا بمجرد أن يقرر الشاب الزواج منها، فيطلب من عمه الذهاب معه لطلب يدها نظرا لأنه يتيم، فيوافق العم ويذهب معه، ويطلب يدها من والدها الذى لم يكتف برفض طلب الزواج، بل طلب من عم منتصر "العريس"، أن يتزوج ابنته، فيوافق العم العجوز على الزواج من الصبية الجميلة، دون النظر إلى فارق السن بينها، بل ودون النظر إلى قلب ولد أخيه الذى ينكسر، وبالفعل يتزوجها وتنتقل العروس إلى بيت الديب، الذى يعيش فيه حبيبها منصور، والذى يقرر بعد ذلك السفر لأنه لا يتحمل أن يعيش تحت سقف نفس البيت الذى تعيش فيه حبيبته التى تزوجه عمه، فيسافر منصور الديب، وتبدأ أحداث رواية "بيت الديب"، الصادرة عن دار الأداب ببيروت للكاتب المصرى عزت القمحاوى.

الرواية ترصد تاريخا طويلا استمر على مدار مائة وخمسين عاما، لا تنفصل فيهم الحكايات الشخصية عن التاريخ المصرى والأحداث التى قامت خلال هذه السنوات، فتضمنت الرواية إشارات إلى أحداث مثل حملة نابليون وتولى محمد على السلطة والحربين العالميتين والهجرة اليهودية والنكبة وحروب مصر المتعددة، وكل ذلك رصدته الرواية من خلال قصص وحكايات أبطالها الذين صنفتهم الرواية إلى أجيال متعاقبة، بداية من تأسيس "العش"، القرية التى تدور فيها أحداث الرواية، عندما جفف الجيل الأول المستنقع، وحولوه إلى مكان يصلح للعيش، وحتى النهاية، وهى القرية التى تعتبر نموذجا مصغرا من مصر، فإذا أمعنت التركيز فى قرية العش بداية من تأسيسها ومراحل تطويرها، بداية من اقتصار ساكنيها على العمل بالزراعة ثم الصناعات البسيطة وحتى الصناعات الثقيلة، ستجد أنها تجسد بشكل أو بآخر تطور مصر، كما أن الرواية ترصد تحول الشخصية المصرية على مدار القرن ونصف "عمر الرواية"، خاصة التحول فى حياة المرأة التى لعبت دورا أساسيا فى الرواية من خلال البطلة وغيرها من بطلات عائلة الديب.

الكاتب لم يكتف بتشابك أحداث الرواية مع الأحداث فى مصر وحسب، بل تشابكت الأحداث مع تاريخ المنطقة من خلال فرار أحد أبنائها وزواج إحدى بناتها فى فلسطين، حيث يغادر الشاب اليتيم منتصر العش، ويصبح أكثر وعيا ويشارك فى عمليات ضد الإنجليز، ويتم تهريبه إلى فلسطين، بينما تتزوج ابنة عمه نجية الحدباء من مسن فلسطينى من خلال سوق لهذا الغرض فى رفح، وتعود نجية عقب النكبة مع ابنتها الشابة التى ذهب طفلها مع خاله إلى سوريا، وتفقد العائلة أحد أبنائها في حرب اليمن، بينما يعود حفيد منتصر من بغداد بعد غزو العراق فى صورة جده "الشاب منتصر"، حتى أن مباركة الفولى حبيبة الجد، تتغير ملامح وجهها عندما تشم رائحته، وترى وجهه، وكأن منتصر عاد إليها شابًا بدون أى أثر لفعل الزمن الذى أقعدها.