صدر مؤخراً عن دار سندباد للنشر والتوزيع كتاب "الاقتصاد النقدى للبؤس" للكاتب والمفكر اليمنى الدكتور عمر عبد العزيز، وجاء الكتاب فى 80 صفحة من القطع المتوسط، ولوحة الغلاف من تصميم الفنان حامد عطا.

الكتاب يتناول دراسة اقتصادية عن أحوال الناس مع الفقر والبؤس فى العالم العربى، ويقول الباحث والمفكر اليمنى د.عمر عبد العزيز فى خاتمة الكتاب مقالة بعنوان "إلى أين يقودنا النظام المالى الدولى الأمريكى".

إن ظاهرة ارتفاع الأسعار ظاهرة عربية بامتياز، فرغم الأزمة المالية الدولية وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد العالمى، إلا أن الوضع فى العالم العربى لا يكاد يشبه أى مكان آخر على وجه الكرة الأرضية، ماعدا تلك البلدان المشابهة للبلدان العربية، ورغم إقرارنا بأن الأزمة المالية الدولية انعكست سلبًا على منظومة التداولات الاقتصادية التجارية والاستثمارية والمالية فى بلدان العالم المختلفة، غير أنها لم تؤثر على أسعار المواد الغذائية الرئيسية فى مختلف بلدان العالم، خاصة تلك البلدان التى تعتبر الأمن الغذائى قدس أقداس السلم الاجتماعى بما فى ذلك بلدان المنشأ للأزمة، وأقصد تحديدًا الولايات المتحدة، ومن سار على دربها دون قيد أو شرط، والحالة الغذائية وتداعياتها السعرية فى اليمن ومصر والسودان، على سبيل المثال لا الحصر، والارتفاعات المتتالية فى الأسعار خارج نطاق الإشراف وتدخل الدولة، سببها المضاربات التجارية على حساب المواطنين وحاجاتهم الملحة، تلك المضاربات التى تقودها هيئة أركان جشعة من محتكرى الاستيراد والتوزيع الداخلي، ممن استمرؤوا تحقيق أعلى الأرباح فى الظروف المواتية، وخاصة شهر رمضان المبارك.

يُعانى المواطن فى تلك البلدان الأمرَّين، من هذه الحمية القسرية التى تخرجه عن دائرة السويّة البشرية.

وتُدرك الغالبية من العالمين بواطن الأمور أن هذه المعاناة ليست نابعة فقط من بورصة المضاربات المالية الخارجة عن قوانين وأنظمة الرقابة المالية المسطورة فى البنوك المركزية دون تفعيل جاد، بل أيضًا من المضاربة فى سوق الأسعار، واستغلال حاجات الناس الاستهلاكية المرتبطة بالضرورة الفيزيائية لا بالترف.

ليس من العدل أن تتحكّم فى التجارة حفنة من المضاربين المأفونين بالجشع وتحقيق أعلى الأرباح على حساب ملايين البشر؛ ولهذا على الدول أن تتدخل بجدّية لتأمين حاجات الناس المعيشية، حتى لو اقتضى الأمر إحياء القطاع العام التجارى.