النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    الصورة الرمزية محمدسالمان
    محمدسالمان غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    12,883

    افتراضي لطائف وفوائد في تفسيرالقرآن للشيخ صالح المغامسي

    هذه الصفحة ستكون بإذن الله لبعض الفوائد واللطائف التي يذكرها الشيخ صالح المغامسي حفظه الله في تفسيره لكتاب الله، ولا شك أن محاضراته ودروسه كلها فوائد حفظه الله وبارك في علمه....

    الفائدة الأولى:


    الفرق بين البأساء والضراء:


    قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّا وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) (البقرة 214)


    ما الفرق بين البأساء والضراء ؟


    البأساء: ما يُصيب الإنسان في غير ذاتهِ مثل: التهديد الأمني ، الإخراج من الديار ، نهب مالهِ ، هذا كله يسمى بأساء. والضراء: ما يُصيب المرء في نفسهِ، مثل: الأمراض، والجراح، والقتل.


    محاسن التأويل / سورة البقرة



    الفائدة الثانية:
    كلمة (الفلك) في القرآن


    قال الله جل وعلا: (هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:14)


    (الْفُلْكَ) هي السفن وقد جاءت في كتاب الله مذكرة ومؤنثة ، وجاءت في كلام الله مذكرة ومؤنثة وبالاستقراء إذا ذكرها الله مفردة أراد بها السفينة بعينها واحدة تُذكّر، وإذا أراد الله بها جمع السفن تؤنث، أي أن كلمة (الْفُلْكَ) تطلق على المفرد وتطلق على الجمع، فإذا أراد الله بها مفردة جاء بها مذكر، وإذا أرادها جمعاً جاء بها مؤنثة...
    الدليل:


    قال الله جل وعلا في سورة يس: (وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ**وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ) (مِّن مِّثْلِ) الهاء في (مِّثْلِهِ) عائدة على الفلك والفلك هنا: سفينة نوح


    وقال جل وعلا في سورة البقرة: (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ) فجاء بتاء التأنيث (تَجْرِي) الداخلة على الفعل المضارع لأن الفلك هنا جاءت على صيغة الجمع..


    تأملات قرآنية / تأملات في سورة النحل



    الفائدة الثالثة:


    فائدة فقهية


    قال الله تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ** (النحل:5)


    {الأنعام** هنا هي بهيمة الأنعام وهي ثلاثة من حيث الجملة أربعة من حيث التفصيل؛ أما ثلاثة من حيث الجملة فهي: الإبل والبقر والغنم، وأما أربعة من حيث التفصيل فإن الغنم تنقسم إلى قسمين: ضأن ومعز، وهذا التفصيل ذكره الله في سورة الأنعام قال الله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ...** وقال بعدها: {وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ....** فهذه بهيمة الأنعام التي لا تجوز الأضاحي إلا بها ولا العقيقة إلا بها، فلا يجوز لأحد أن يضحي أو يهدي للبيت أو يعق إلا من بهيمة الأنعام.....



    لكن السؤال: ما الذي يجوز في الأضاحي ولا يجوز في العقيقة؟


    هذه فائدة فقهية: الأضاحي يجوز فيها الاشتراك؛ يشترك سبعة في بدنة (جمل أو ناقة) ويشترك سبعة في بقرة فهذا يجزيء، لكن لا يجوز في العقيقة أن يشترك سبعة ولا أقل في البدنة ولا سبعة ولا أقل في البقرة.... هذه هو الفرق ما بين العقيقة والأضحية...


    الدورة العلمية بمسجد المنارة بدبي / محاضرة تأملات قرآنية (1)

    الفائدة الرابعة:


    الفعل (يهدي)
    قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ **البقرة213


    هنا (يهدي) تعدت بحرف الجر (إلى) {وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ** والله جل وعلا يقول في سورة الشورى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ**، وقال في سورة الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ** غير متعدٍ بحرف جر.....


    والفرق بينهما:


    * أنهُ إذا كان الحديث عن نقل الناس من الظلمات إلى النور، أو من الكفر إلى الإيمان، أو من حالةٍ سيئة إلى حالةٍ حسنة، في هذه الحالة يتعدى الفعل (يهدي) بحرف الجر (إلى).


    * أما إذا كان المقصود من إمرار الفعل وذكرهِ الزيادة في الطاعة والزيادة في الهداية، فلا يتعدى بحرف جرٍ؛ إنما يتعدى بنفسهِ، ومنه قول الله جل وعلا: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ** فلا يوجد حرف جر في الآية، لأن الذي يقرأها ويتلوها مؤمن إنما يُريد زيادة في الهداية، فالآية تتكلم عن فئةٍ تتلو القرآن وتُقيم الصلاة وتُريد الزيادة في الهداية.



    محاسن التأويل / سورة البقرة





    الفائدة الخامسة:


    (لم) و(لما)



    قال جل وعلا: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّا وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214)


    (لَمَّا) أختٌ لـ(لم) إلا أن الفرق بينهما:



    أن (لم) نفيٌ للشيء الذي لا يُترقب وقوعه،



    في حين أن (لمّا) نفيٌ لحصول الشيء الذي يُترقب وقوعه،




    فكون هذه الأمة ستُبتلى بالبأساء والضراء مما يُترقب وقوعهُ.




    محاسن التأويل / سورة البقرة
    الفائدة السادسة:
    الفعل (جعل)

    قال تعالى في سورة الزخرف: (حم *وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هذه الآية تمسك بها المعتزلة بأن القرآن مخلوق إذ قالوا بأن: "جعل " بمعنى "خلق " واحتجوا بأن الله جل وعلا قال : (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور) والمعنى: خلق الظلمات والنور، وهذا القول الذي ذهبوا إليه باطل من وجوه: وهو أنه قبل أن نشرع في بيانها نأخذ نظير لها ثم نطبق هذا النظير على هذه الآيات التي بيننا، ثمة أفعال لا يتضح معناها إلا من سياقها، فمثلا قال الله جل وعلا: (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ) وأخبر الله بهذا والمقصود به العين الباصرة، لأن الفعل "نظر" هنا تعدى بحرف جر، قال الله جل وعلا: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فالفعل "نظر":

    * إذا تعدى بحرف الجر "إلى" المعنى منه النظر بالعين الباصرة،

    *وإذا تعدى بحرف الجر "في" فإن المقصود به التدبر والتأمل، يقول أحدكم: نظرت في أمري أي تفكرت فيه، ولو كان لا يرى بالعين في المعنويات،

    * وقال الله جل وعلا عن أهل النفاق أنهم يقولون يوم القيامة: (انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ) فلم يتعدى الفعل هنا لا بحرف الجر لا بـ"إلى "ولا بـ"في" ، فيصبح معناه "انظرونا " أي أمهلونا،

    من هنا نفهم أن الفعل أمهات الأفعال لا تعرف إلا في سياقها وما تعدت به، وكذلك الفعل "جعل" جاء في القرآن على أضرب عدة :


    * جاء بمعنى سمى قال الله جل وعلا : (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً) أي سموا الملائكة إناثا، ويدل عليه قول الله جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى).


    *ويأتي بمعنى صير، منه قول الله جل وعلا حكاية عن القرشين في "ص": (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً) فجاء الرب هنا بالفعل جعلومعلوم أن القرشين لا يقصدون بقولهم عن نبينا صلى الله عليه وسلم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً) أنه خلقها ، وإنما قصدوا أنه صيرها ألها واحدا .

    * وجاء جعل في القرآن بمعنى خلق قال الله جل وعلا : (وَجَعَلَ مِنْهَا زوجها) أي وخلق.

    يتحرر من هذا وفق قواعد العرب، أن الفعل "جعل" إذا تعدى إلى مفعولين يكون بمعنى التصيير، وإذا تعدى إلى مفعول واحد يكون بمعنى الخلق، فقول الله جل وعلا هنا: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) تعدى إلى مفعولين فلا يكون بمعنى الخلق، فلا يصبح هناك حجة لمن زعم أن القرآن مخلوق، هذا إذا استصحبنا كذلك الأصل العظيم وهو أن الله جل وعلا أخبر في قرآنه في آيات غير معدودة في آيات عديدة أن هذا القرآن منزل من عند ربنا تبارك وتعالى.


    محاضرة فتنة المسيح الدجال
    الفائدة السابعة:
    فائدة في التقديم والتأخير

    قال الله تعالى عن طعام أهل الجنة: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) {الواقعة:21-20**

    قدم الفاكهة على اللحم ومعروف أن سنن الناس في طعامها أنهم يقدمون اللحم على الفاكهة، لكن الفرق بين الحالين أن أهل الدنيا إنما يأكلون في الأصل لسد الجوع، أما في جنات النعيم؛ فإن أهل الجنة لا يأكلون لسد الجوع وإنما يأكلون للتلذذ؛ لأن الجنة لا جوع فيها، فلا يأكلون لسد الجوع وإنما يأكلون للتفكه والتلذذ، فلما كان أكلهم الأصل فيه أنه للتلذذ والتفكه جعل الله جل وعلا الفاكهة مقدمة على عين الطعام قال تعالى: وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ).

    ونص ربنا وخص لحم الطير دون غيره؛ لأن الناس جرت أعرافهم وتقاليدهم على أنهم يأكلون من بهيمة الأنعام، ولحم الطير عزيز لا يناله كل أحد، إنما يحصل للملوك غالبا إذا نزهوا أو ذهبوا للصيد، فأخبر الله جل وعلا أن ذلك الشيء الممتنع في الدنيا عند البعض، إنما هو متاح للكل لمن دخل الجنة.

    وقفات مع آيات / سورة الواقعة


    الفائدة الثامنة:
    التحريم في القرآن

    التحريم في القرآن على نوعين: تحريم شرع، وتحريم منع.

    فالثواب والعقاب يتعلق بتحريم الشرع: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) [النساء:23]، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) [المائدة:3]، (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) [الأنعام:119]، هذا الذي يتعلق به الثواب والعقاب.

    أما تحريم المنع فلا ثواب ولا عقاب عليه؛ لأنه أمر كوني قدري ليس أمرا شرعيا، قال الله جل وعلا: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ) [القصص:12] أي: منعنا شفتيه من أن تقبل أثداء النساء، فالمعنى هنا تحريم منع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" أي : منع الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، وليس معنى حرم بمعنى شَرَّع؛ لأن الأرض غير مكلفة بالاتفاق، لكن المقصود أن الله جل وعلا منعها أن تصل إلى أجساد الأنبياء، ومنه أيضا أن الله جل وعلا حرم على النار أن تأكل من ابن آدم مواضع السجود، رغم أنها تتسلط على بدنه كله، لكن النار تتسلط على بدنه كله بقدر الله، وتمتنع عن أعضاء السجود بقدر الله؛ لأن النار كلها مخلوقة من مخلوقات الله لا يمكن لها و لا لغيرها من المخلوقات أن يخرج عن مشيئته وقدرته جل وعلا طرفة عين ولا أقل من ذلك.

    الفائدة التاسعة:
    هذه لطيفة قراتها قريباً من لطائف الشيخ حفظه الله ..

    القرآن مليء وغني باللطائف يقول لله جل وعلا (عَبَسَ وَتَوَلَّى(1) أَن جَاءهُ الْأَعْمَى(2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3))

    الإنسان إذا قرأ هذه الآية يقع في نفسه شيء من الالتباس ..ما الالتباس أن لله يقول (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) فلماذا عبر القرآن في وصف عبد لله ابن أم مكتوم بالأعمى ؟! كان بالإمكان أن يأتي قائل ويقول لماذا لم يقل الله مثلاً عبس وتولى أن جاءه صاحبه أن جاءه عبد الله ابن أم مكتوم أن جاءه السائل لماذا قال الله الأعمى مع أن الكفيف يتضجر إذا نادينها بالأعمى فلا بد أن يكون هناك عله خفية هذه مهمة العلماء والعلة الخفية هنا أن لله أراد أن يمدح عبد لله ابن أم مكتوم بهذا الوصف كيف يكون هذا مدح له ؟؟ يكون إذا عرف القارئ أن هذا الذي اقتحم على النبي صلى لله عليه وسلم وهو يحاور صناديد قريش كان كفيف البصر وجد له عذراً فعبد الله ابن أم مكتوم الذي جعله يدخل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين صناديد قريش وهو يدعوهم للإيمان كونه لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو منشغل بأولئك القوم فكان كونه كفيف البصر عذراً له بأن يقتحم على النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب منه وأخذ يلح ويطلب في السؤال فلهذا عبر الله جل وعلا بقوله (عَبَسَ وَتَوَلَّى(1) أَن جَاءهُ الْأَعْمَى(2)) لأن الله قرر في كتابه أنه ليس على الأعمى حرج فيرتفع الحرج عن الأعمى فتكون كلمة الأعمى هنا منقبة في ذكرها لعبد لله ابن مكتوم رضي لله عنه


    القطوف الدانية
    الفائدة العاشرة:
    يعدلون به ويعدلون عنه

    قال ربنا تبارك وتعالى مستفتحا سورة الأنعام: (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ)

    اختلف العلماء هنا في معنى كلمة (يعدل) فعلها الأصل الجذر (عدل)، (عدل) تأتي على معنيين:

    * إذا قلنا عدل عن الشيء أي مال عنه وانحرف،
    * وإذا قلنا عدل به أي ساواهُ بغيره ..

    إذا قلنا عدل عن الشيء يعني انحرف ومال، وإذا قلنا عدل به أصبح ساواه بغيرهِ وبنظيرهِ وبمثيلهِ أي جعله نداً ومثيلاً لغيره...

    فأي المعنيين أراد الله؟

    أيُ المعنيين اخترت فهو صحيح لأن أهل الإشراك عدلوا عن عبادة الله إلى عبادة غيره فهذا المعنى الأول، وعدلوا مع الله غيره أن جعلوا له شركاء وأندادا، فكلا الأمرين وقعا من أهل الإشراك، وتحرير الكلام علمياً:

    نأتي على كلمة (بِرَبِّهِم) فالباء هنا هل هي للإلصاق أو بمعنى (عن)؟

    فإذا أخذنا أن عدل بمعنى انحرف ومال تُصبح بمعنى (عن) يصبح معنى الآية: ثم الذين كفروا عن ربهم يعدلون, وقد جاء في القرآن وفي كلام العرب أن الباء تأتي بمعنى (عن) جاء في القرآن في قوله جل وعلا في سورة المعارج: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) (المعارج:1) والمعنى: سأل سائل عن عذابٍ واقع فالباء هنا بمعنى (عن)، وجاء في لغة العرب قال عنترة - الشاعر الجاهلي المعروف - قال :
    هلاّ سألت الخيل يا ابنة مالكٍ */* إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي
    - ابنة مالك عبلة محبوبته ابنه عمه - جاهلةً خبر لكان، بما لم تعلمي أي: عمّا لم تعلمي أي بمعنى عن وهو الذي نبحث عنه الآن..

    فـ (عدل) إذا قلنا أنها بمعنى مال وانحرف تصبح الباء بمعنى (عن)....

    * وإذا قلنا أن (عدل) بمعنى أن أهل الإشراك يجعلون مع الله نداً فتبقى الباء على أصلها.

    محاسن التأويل / سورة الأنعام


    الفائدة الحادية عشر:
    الفرق بين (المودة) و(المصاحبة) و(المعايشة) و(المداهنة)

    قال الله تعالى في سورة القلم: (فلا تطع المكذبين * ودوا لو تدهن فيدهنون)

    قال الشيخ حفظه الله:
    والدُّهن إلى يومنا هذا يستخدم في تليين الأشياء، والمعنى: ود القرشيون ود خصومك من أهل الكفر لو أنك تلين فيلينوا، لكن يجب أن تحرر المسألة: هناك أربعة أمور:

    * مودة * ومصاحبة * ومعايشة * ومداهنة

    * المودة واجبة مع أهل الإيمان تحب المؤمن ويحبك

    * والمصاحبة تجوز مع الكافر الذي له حق كالوالدين (وصاحبهما في الدنيا معروفا)

    * والمعايشة تجوز إذا كان للمسلمين مصلحة حتى مع أهل الكفر لكنها تتأكد في الأمور العامة، مثل أن اليهود إذا كانوا جيران للنبي صلى الله عليه وسلم ويبيع ويشتري منهم هذا يسمى معايشة ولم يكن هناك مودة بينه وبينهم _ معاذ الله ـ لكن هذا الوضع يسمى معايشة وهذا أحيانا تحتاجه خاصة إذا قدر لك أن تخرج إلى خارج البلاد كمن يطلب علما غير موجود هنا فيضطر إلى أن يعايش القوم وإن كانوا كفارا هذه تسمى معايشة.

    * أما المداهنة فهذه لا تجوز بأي حال من الأحوال وهي: التنازل عن أمر عقدي، ولأنه لا توجد مفسدة أعظم من مفسدة ترك العقيدة فلهذا المداهنة لا تجوز بأي حال من الأحوال قال الله جل وعلا لنبيه في سورة الإسراء: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) إذا ضممنا هذه الآية (آية الإسراء) مع آية القلم علمنا قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلن ولم يداهن ولم يركن لأن الله جل وعلا ثبته...

    محاسن التأويل / سورة القلم

    الفائدة الثانية عشر:
    مقارنة بين آيات الصيام وآيات الحج في سورة البقرة

    قال الله جل وعلا وهو أصدق القائلين: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة:197)

    ومعنى الآية: وقت الحج أشهرٌ معلومات، تلحظ أن الله جل وعلا هنا لم يذكر لنا ما هي أشهُر الحج واكتفى بقولهِ جل شأنهُ: (أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) جمع معلومة أي معروفة لا يكاد يجهلها أحد....


    في حين أن الله جل وعلا لما ذكر الصيام قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) ثم قال بعدها بآيات قال: (شَهْرُ رَمَضَانَ) لماذا عين؟ هنالم يقل: شهر شوال شهر ذو القعدة شهرُ ذو الحجة لأن رمضان لم يكُن معروفاً آنذاك بأن يُصام فالعربُ لا تعرفُ صيام رمضان في الجاهلية لكن العرب في الجاهلية تعرف الحج وكانت تحج وتعتمر لكن كانت لهم شركيات مع أصل حجهم الذي أخذوه إرثاً عن إبراهيم عليه السلام، فقول الله جل وعلا: (أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) يُحيل إلى شيءٍ معروف في الذهن...

    محاسن التأويل / آيات الحج في سورة البقرة



    الفائدة الثالثة عشر
    وقفة لغوية مع معاني السعي في القرآن

    قال تعالى في سورة البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) البقرة (204-209)

    حقيقة السعي: المشي الحثيث، ومن هنا سُمي المشي بين الصفا والمروة سعيا لأنه مشي حثيث، هذا حقيقة الكلمة وأصلها، ثم إن الفعل (سعى) يُستخدم في اللغة بحسب تعبير القرآن وتعبير اللغة في أمور عدة منها ما يلي:


    • يطلق السعي على كسب الإنسان وعمله، قال ربنا جل جلاله: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) أي قام بالعمل والكسب الذي يؤدي الآخرة، (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) هذا دليل على أن السعي يكون بمعنى الكسب والعمل.

    • كما يأتي السعي بمعنى الإصلاح بين الناس ورفع الإضرار، قال عمرو بن كلثوم:
    وأنا منا الساعي كُليبٌ ...
    ومقصوده بالساعي كليب أن كليبا كان يصلح بين الناس، أن كليبا كان يسعى في الصلح بين الناس ورفع الإضرار عنهم.


    • كما يأتي السعي بمعنى العزم على تحصيل الشيء، ومنه قوله تعالى في حق فرعون: (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى) أي يعزم على تحقيق مراده.


    محاسن التأويل / سورة البقرة


    الفائدة الرابعة عشر:
    وهي مشاركة من الأخت الفاضلة رموز التفاؤل

    في قول الله جل وعلا: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم:54)
    تحرير معنى الضعف ومعنى القوة والشيبة في هذه الآية الكريمة
    وابتداءً نقول أن الله تبارك وتعالى خلق خلقه أطوارا وصرفهم جل وعلا كيفما شاء عزه واقتدارا
    أما معنى الآيات فيجب التنبه إلى ما يلي :يقول الله جل وعلا (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم) أي الله الذي يستحق منكم العبادة ، أوجدكم معشر الإنسان من ضعف ؛ضعف هنا بمعنى : من أصل ضعيف وهو النطفة أو التراب إذا قلنا على تأويل المصدر باسم فاعل ، والضعف عقلا ونقلا هو خلاف القوة (ثُمَّ) : وهي للتراخي في الزمان (جَعَلَ) :أي خلق ، لأنه عُدّي لمفعول واحد (مِن بَعْدِ ضَعْفٍ) : المقصود هو أن الضعف هنا غير الضعف الأول الموجود في قوله جل وعلا :
    (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ) فليست المسألة مسألة تكرير ؛ هذا الضعف الآخر ليس الضعف الذي قلنا في الأول عنه بأنه من النطفة والتراب لكنّه الضعف الموجود في الجنين والطفل
    يقول الله جل وعلا: (مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) القوة هي القوة التي تجعل للطفل من التحرك ودفعه الأذى عن نفسه بالبكاء وأمثاله ونحوه ، ثم قال ربنا : ( قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ) وقوه هنا تختلف عن القوه المذكورة قبل قليل...
    (ثُمّ )َ للتراخي في الزمان ( جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ) أي قوة أخرى هي التي بعد البلوغ وهي قوة الشباب (ضَعْفاً) وهذا الضعف - أيها المبارك - ضعف آخر وهو ضعف الشيخوخة والكبر ، ثم قال جل وعلا: (وَشَيْبَةً) أي شيبة الهرم والشيب والمشيب بياض الشعر
    ويدل على أن كل واحد من :قوله(ضَعْفٍ ) وقوله(قُوَّةً ) إشارة إلى حاله غير الحالة الأولى ذكره مُنَكَرَا ؛ والمََُنَكر.
    -أيها المباركون - متى أُعيد ذكره معرفا أًريد به ما تقدم كقولك : رأيت رجلا فقال لي الرجل كذا .
    ومتى أعيد مَُنَكر كما هو سياق القران في هذه الآية أُريد به غير الأول ولذلك قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله جل شأنه: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) قال رضي الله عنهما " :لن يغلب عسر يسرين"
    هكذا حققه الإمام الراغب وتبعه أجلاء المفسرين ، وهو الموافق للقاعدة المشهورة عند العلماء
    التي نظمها السيوطي رحمه الله في عقود الجمان يقول :
    ثم من القواعد المشتهرة *** إذا أتت نكره مكرره
    تغايرت وان يعرّف ثاني *** توافقا كذا المعرفان
    فهذه القاعدة إجمال لما بينّاه من قبل ولما حررناه آنفا من أن الضعف المكرر في الآية بأنه كرر مع الإبقاء على التنكير
    فالضعف الأول :هو ضعف التراب والنطفة
    والضعف الثاني :هو ضعف الإنسان وهو الجنين في بطن أمه
    والضعف الذي بعد ذلك الذي يعقب القوة هو ضعف الشيبة والكبر
    كما أن القوه في الأول هي قوه الطفل وقدرته في المراحل الأولى من حياته على دفع الأذى عن نفسه .
    أما في الثانية فإنها قوه الشباب والبلوغ
    على هذا يتضح أن تنقُل الإنسان في أطوار الخلق حال بعد حال من ضعف إلى قوه ثم من قوة إلى ضعف دليل على قدرة الخالق الفعّال لما يشاء الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يعجزه أن يعيدكم مرة أخرى ولهذا ناسب جل وعلا أن يقول بعد ذلك:" يَخْلُقُ " أي سبحانه وتعالى "مَا يَشَاءُ "
    أي "يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ " تبارك وتعالى ولا ملزم عليه من ضعف وقوه وشباب أن يخلق الأشياء كلها التي من جملتها الضعف والقوة والشباب فليس هذا كله طبعا بل بمشيئة الله سبحانه وتعالى " وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ" أي انه العليم بتدبير خلقه ، القدير على ما يشاء لا يمتنع عليه شيء أراده.


    الفائدة الخامسة عشر
    الغرض من آيات السؤال في القرآن

    السؤال في القرآن يأتي دائما بحسب سائله، ولما كان السائلون يختلفون كان لابد أن يكون الغرض من السؤال يختلف بحسب سائله...

    * فلما سألت اليهود عن الروح هذا سؤال للتعنت، وهذا أول مقاصد السؤال، سؤال تعنت وهو سؤال اليهود مثل قوله تعالى في سورة الإسراء: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) هذا للتعنت لأن السائلين هنا هم اليهود.
    * وسؤال للاحتجاج وهو سؤال أهل الإشراك مثل قول الله جل وعلا في سورة البقرة: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيه)
    فإذا انتهينا من أسئلة اليهود وأسئلة أهل الإشراك لم يبقى إلا أسئلة أهل الإيمان....
    * وأهل الإيمان يسألون للاسترشاد؛ حتى يكونوا على بينة من أمرهم عندما يأتيهم الجواب الإلهي مثل فول الله جل وعلا فس سورة البقرة: (يَسْأَلُونَكَ مَاذا يُنفقُون)وقوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر) وقوله جل وعلا: (ويسألونك عن المحيض) فهذه أسئلة المؤمنين الذين كانوا يحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فهذه أسئلة للاسترشاد.


    محاسن التأويل / سورة البقرة



    الفائدة السادسة عشر
    التغاير في الصفات لا في الذوات

    من كان يستوعب التفسير كاملا يدخل عليه إشكال يجب الرد عليه أين الإشكال؟


    أننا قلنا في قول الله تعالى في سور كثيرة مثل قول الله جل وعلا: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قلنا إن تكرار اليسر نكرة مرتين يدل على أن اليسر الثاني خلاف اليسر الأول، وأنتم تقولون إن النكرة إذا تكررت تغايرت، ثم من القواعد المشتهرة كما قال السيوطي في منظومته أن النكرة إذا تكررت تغايرت.

    فنقول فهو يقول على هذا تصبح - على المعنى هذا - آية الزخرف: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) أن هناك إلهين وفق القاعدة، لكن نقول لا يلزم من هذا أبداً

    أولاً: لوجود الأصل نعم أن الله إلهٌ واحد .

    والأمر الثاني: القواعد تقول أن هذا تغيرُ في الصفات لا في الذوات، فالذات واحدة هي ذات الله، من صفاته أنه يعبدهُ أهل السماء ومن صفاته الأُخر أنه يعبدهُ أهل الأرض، فيُفرق ما بين التغيير في الذوات والتغيير في الصفات ..

    قال ربُنا يثني على نفسه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (الأعلى1) ثم قال: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (الأعلى2) وقال: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (الأعلى3) فليست (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) صفةٌ لغير الله إنما هي صفةٌ أخرى لله فالعطف بالواو يقتضي المغايرة لكن هذه المغايرة في الصفات وليست في الذات، ويحتاط المرء عندما يفهم أن التغاير يكون في الصفات لا يكون التغاير في الذوات....

    محاسن التأويل / سورة الأنعام
    الفائدة السابعة عشر
    (لولا) و(لو ما)

    (لو) إذا اتبعت بالنفي فأصبحت (لولا) أو(لو ما):

    * إذا جاء بعدها الفعل المضارع فإنه يقصد بها الحث أو الحض على الشيء كقوله تعالى: {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ** (الحجر6-7 ) وقوله جل وعلا: {وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ** (الأنعام:8)

    *وإذا جاء بعدها الفعل الماضي غالباً فإنما يراد بها التوبيخ كقول الله تبارك وتعالى :{فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً** (الأحقاف28) وقول الله جل وعلا: {لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء** (النور:13) فهذا كله باب توبيخ

    تأملات في سورة الحجر (بتصرف)


    الفائدة الثامنة عشر
    معاني الضلال في القرآن

    يأتي (الضلال) في القرآن على ثلاثة معاني:

    * الضلال بمعنى الكفر فيكون ضد الهداية والإيمان وهذا أكثر استعمال القرآن لهذا اللفظ

    * ويأتي بمعنى الاضمحلال والذهاب قال الله جل وعلا: (ألم يجعل كيدهم في تضليل) وقال الله على لسان القرشيين: (وقالوا أإذا ضللنا في الأرض) أي ذهبنا فيها.

    * ويأتي بمعنى التوقف وعدم إصابة عين الشيء وهو المقصود في قوله تعالى في سورة الضحى: (ووجدك ضالاً فهدى).



    الفائدة التاسعة عشر
    الفرق بين اللعب واللهو

    قال الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ **الأنعام32

    اللعب ما يشتغل به المرء ويعلم أن لا عاقبة له كلعب الصبيان فالصبيان يلعبون وهم يعلمون أنه ليس وراء هذا عاقبة،

    أما اللهو فهو الاشتغال بما لا ينفع عما ينفع،

    وهما متقاربان لكن اللهو فيما يبدو أعم.


    محاسن التأويل / سورة الأنعام
    الفائدة العشرون
    الفرق بين الإسراف والتبذير

    قال الله جل وعلا في سورة الإسراء: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً
    (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27)**

    الإسراف: الزيادة في الإنفاق أو البذل في الشيء الذي له أصل، أي أن الشيء في أصله يكون صوابا فإذا زدت فيه عن حده سمي إسرافاً.
    أما التبذير: هو الإنفاق أو البذل في شيء لا أصل له، أي أن الشيء في أصله باطل

    والتبذير أعظم من الإسراف ولهذا قال الله جل وعلا: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف:31)، وقال في حق التبذير: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء:27)

    محاسن التأويل / سورة الإسراء


    بالنسبة للمشاركة السابقة أحببت أن أضيف من باب الفائدة:
    قال علي بن محمد بن علي الجرجاني صاحب كتاب التعريفات رحمه الله: الإسراف تجاوز في الكمية. فهو جهل بمقادير الحقوق، وصرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي. بخلاف التبذير، فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي.

    وقال ابن حجر رحمه الله في الفتح: والإسراف مجاوزة الحد في كل فعل أو قول، وهو في الإنفاق أشهر، وقد قال الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) [الزمر:53]، وقال تعالى: (فلا يسرف في القتل) [الإسراء:33]
    .

  2. #2
    الصورة الرمزية حياتى لله
    حياتى لله غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    6,758

    افتراضي

    موضوع جميييييييييييل جدا
    جزاك الله خيرا


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17