يا مَنْ قال لا إله الله لا تقتل من قال: لا إله إلا الله، يا مَنْ سدّد فوّهة بندقيته لتقتل مسلماً أما علمت أنك قبل أن تقتله قتلت نفسك وذبحت عقيدتك ودمّرت إيمانك وأزهقت إسلامك وأعدمت إنسانيتك؟ يا مَنْ جهّز القنابل لتدمير بيوت المسلمين والمسالمين أما تعلم أنك دمّرت بيتك أولاً ونسفت أسرتك وقتلت أهلك؟ أين تذهب من عدالة الله في محكمة العدل الكبرى يوم العرض الأكبر يوم يُبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور؟ وفي الحديث الصحيح: "أول ما يُقضى يوم القيامة بين الناس في الدماء".
تصوّر مشهد ضحيتك وهو يحاكمك عند الواحد القهّار والعزيز الجبار يوم ينفخ في الصور. وفي الحديث الصحيح: "يأتي المقتول ظلماً يوم القيامة يحمل رأسه بيده عند الرحمن يقول للقاتل: يا ربي سل هذا فيما قتلني؟".
أيها المسلم، أين نذهب من هذا الحديث الصحيح: "من حمل علينا السلاح فليس منا"؟ من أفتاك بجواز ذبح المسلمين؟ من أباح لك قتل المصلين؟ من رخّص لك في سفك دماء الموحّدين؟ من أباح لك ترويع الآمنين؟ قبل أن تطلق رصاصة بندقيتك سألتك بالله أن تقرأ باكياً نادماً قول الباري تقدس اسمه: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
أيها القاتل، إن الدماء التي سفكتها لن تذهب والله، إن الأرواح التي أزهقتها لن تضيع والله. إن الأُسَر التي يتّمتها لن تُنسى والله، لن ينصرف الناس من موقف الحساب حتى يتم القصاص ويُقتَل القاتل. فإلى الله المشتكى فإن أرخص الدماء اليوم دماء المسلمين، قتل المسلمون بعضهم بعضاً في العراق وفلسطين واليمن والصومال وأفغانستان، وكل منهم عند نفسه مجاهد وشهيد ومحتسب وولي لله. طالع نشرات الأخبار تجد أن أعظم القتال في بلاد المسلمين مع العلم أن رسول الإسلام ونبي السلام عليه الصلاة والسلام جعل أعظم ذنبٍ بعد الشرك بالله قتل النفس المعصومة. ماذا أصابنا أمة الإسلام؟ ماذا دهانا؟ بعضنا يقتل بعضاً بفتاوى جاهزة معلّبة، دم أرخص من الماء ورصاص أغزر من البارود وقنابل أوفر من الخبز في غياب العقل والعلم، جنائز المسلمين تملأ الشاشات وصياح ثكلاهم تصم الآذان.
أيها القاتل، لو صُمْت الدهر كله، وصليت الليل أجمعه، وسكبت من الدمع أصدقه، وسجدت باقي العمر، لكنك قتلت نفساً معصومة محرّمة فوالذي نفسي بيده لا تنصرف من موقف الحساب عند الجبار حتى تذوق القصاص مع اللعنة والغضب والخزي وعذاب جهنم. ماذا أصابنا أيها المسلمون؟ ماذا دهانا؟ شبابنا يفرون من المساجد والجامعات إلى الكهوف والمغارات، وبعد أيام وإذا قتلاهم من المسلمين بالألوف. منذ عشرين سنة وهذا القتل والتفجير والتدمير على أشده، فمن هو المنتصر في هذه المعركة الخاسرة؟ إنه الشيطان وحزبه فقط. كيف ينام إنسان وهو يعلم أنه أنهى حياة إنسان آخر بلا حق؟ كيف يبقى إنسان على قيد الحياة لحظة وهو يعرف أنه أعدم إنساناً بريئاً؟ إن حياتي سوف تنتهي فوراً إذا أنهيت حياة غيري دون حق شرعي، وإنه لا يحق لي البقاء في الدنيا ثانية إذا أعدمت معصوم الدم وحكمت عليه بالموت. ترك بعضنا نشر الدعوة بالحسنى وتعليم العلم وبثّ المعرفة وبناء الحضارة وغرس القيم وتشييد صروح الفضائل، وحملوا السلاح على المؤمنين والمستأمنين والمسلمين والمسالمين، فكم من بريء قتلوه، وكم من عابد ذبحوه، وكم من طفل أيتموه، وكم من بيت دمّروه، وكم من مجدٍ هدموه، وكم من عدوٍّ أعانوه؛ فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلى الله المشتكى، وعليه التكلان.
فيا من حمل السلاح، ولدماء المسلمين أباح، أين تذهب يوم يجمع الله الخلائق في ذاك الساح؟ والله لو فهمت حديث أسامة لقتلتك الندامة، قبل يوم القيامة، قتل أسامة مَنْ شهد أن لا إله إلا الله فغضب صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، وزجره وكرر عليه: ماذا تفعل بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاج عنه يوم القيامة؟
يا من أطلق على المؤمنين الرصاص، والله لتذوقنَّ القَصَاص، وليس لك منه مناص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".
يا من أطلق على المؤمنين الرصاص
والله لتذوقنَّ القَصَاص
وليس لك منه مناص