كرة القدم.. اللعبة الترفيهية.. معشوقة الجماهير.. الساحرة المستديرة.. هكذا نسميها فى مصر، فى الوقت الذى اعتمدت تلك اللعبة كصناعة فى البلاد المتقدمة، بل وتعد أهم روافد الدخل القومى وأحد أهم قاطرت الاقتصادات.. وتثبت يوما بعد يوم أن الإدارة علم وفن.. وهما الفريضتان الغائبتان عن الكرة المصرية والعربية.

انفض مولد "يورو 2012" وجاء وقت رصد الجزء الأكثر أهمية والذى يدفع باللعبة نحو التقدم، ويؤكد أنها صناعة يمكن الاعتماد عليها لخلق فرص عمل، وتحقيق التنمية وتنشيط السياحة.. الأرقام.. والأرقام وحدها تثبت كل ما نرصده فى الجزء الاقتصادى لـ"يورو 2012" عقب فض مولد المتعة الجماهيرية.

الاتحاد الأوروبى لكرة القدم "يويفا" أعلن موازنته العامة للبطولة رقم 14.. والتى حققت دخلا بلغ 1.6 مليار يورو من حصيلة بيع التذاكر والبث التلفزيونى وحقوق الرعاية والإعلانات فى الملعب، فى الوقت الذى تعانى منه دول الاتحاد الأوروبى "منطقة اليورو" أزمات مالية طاحنة تعانى منها دولا عدة، بل وتتحرى وضع ضوابط للخروج من الأزمات، ولنا فى اليونان عبرة كبرى بعدما قاربت من إعلان إفلاسها رسميًا، بل إن منتخبا المباراة النهائية أو النهائى الحلم ليورو 2012 أسبانيا وإيطاليا تعانيان أيضًا من أزمة اقتصادية.

وخلال تلك الأزمات طالبت حكومات أوروبية مواطنيها بـ"شد الحزام".. واتباع سياسات تقشفية، وأثبتت حكومة كرة القدم الأوروبية "يويفا" برئاسة الفرنسى ميشيل بلاتينى، أنها تدير صناعة عظمى يمكن الاعتماد عليها كواحدة من أهم قاطرات اقتصادات الدول.

خزانة حكومة الكرة الأوروبية أو الموازنة العامة لـ"يورو 2012" جاء بها أن حجم الإنفاق كالتالى:

120 مليون يورو مكافآت التأهل للبطولة، حيث منح الاتحاد الأوروبى 8 ملايين يورو لكل منتخب من الـ16 فريقًا المتأهلين للنهائيات.

22 مليون يورو وزعت على 14 منتخبا خلال مباريات الدور الأول، حيث تم منح كل فريق حقق الفوز مليون يورو، و500 ألف يورو للفريق الذى يحقق التعادل، وحرم المنتخبان الهولندى والأيرلندى من تلك المكافآت حيث خسرا الثلاث مباريات التى خاضوها فى الدور الأول.

16 مليونًا للثمانية منتخبات التى وصلت إلى ربع النهائى بواقع مليونى يورو لكل فريق وهى التشيك واليونان وألمانيا والبرتغال وأسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا.

12 مليونًا لأربعة منتخبات التى وصلت إلى نصف النهائى بواقع 3 ملايين يورو لكل فريق وهى البرتغال وألمانيا وأسبانيا وإيطاليا.

4 ملايين ونصف المليون يورو للمنتخب الإيطالى وصيف البطل، و7 ملايين ونصف المليون يورو للمنتخب الأسبانى بطل النسخة رقم 14 لبطولات كأس الأمم الأوروبية والتى أقيمت ببولندا وأوكرانيا.

ولم ينس مسئولو الاتحاد الأوروبى لكرة القدم العمل الخيرى على هامش البطولة، حيث قام بالتبرع بمبلغ 3 آلاف يورو عن كل هدف تم تسجيله خلال اليورو، لمنظمة "CAFE" الخيرية حيث تم التبرع بـ213 ألف يورو عقب تسجيل 71 هدفًا خلال البطولة.

كما تم منح الأندية الأوروبية التى شارك لاعبوها بالبطولة 100 مليون يورو، بواقع 40 للأندية التى شارك لاعبوها فى التصفيات و60 مليونًا للأندية التى ظهر لاعبوها بالنهائيات.

وكان المنتخب الأسبانى صاحب نصيب الأسد حيث وصل مجموع الجوائز المادية التى حصل عليها بالبطولة إلى 23 مليون يورو، بواقع ثمانية ملايين مكافأة التأهل، ومليونى ونصف المليون فى الدور الأول و2 مليون للتأهل لربع النهائى و3 لنصف النهائى و7.5 مليون يورو مكافأة الفوز باللقب، وجاء نصيب الثلاث منتخبات الكبار بالبطولة كالتالي:

إيطاليا
مجموع الجوائز المادية: 19.5 مليون يورو
التأهل للبطولة: 8 ملايين يورو
الدور الأول: 2 مليون يورو
الوصول لربع النهائى: 2 مليون يورو
الوصول لنصف النهائى: 3 ملايين يورو
المركز الثانى: 4.5 مليون يورو

ألمانيا
مجموع الجوائز: 16 مليون يورو
التأهل للبطولة: 8 ملايين يورو
الدور الأول: 3 ملايين يورو
الوصول لربع النهائى: 2 مليون يورو
الوصول لنصف النهائى: 3 ملايين يورو

البرتغال:
مجموع الجوائز: 15 مليون يورو
التأهل للبطولة: 8 ملايين يورو
الدور الأول: 2 مليون يورو
الوصول لربع النهائي: 2 مليون يورو
الوصول لنصف النهائى: 3 ملايين يورو

وقرر نجوم المنتخب الإيطالى صاحب المركز الثانى والـ19.5 مليون يورو، التبرع بجزء كبير من مستحقاتهم للمساهمة فى حل الأزمات الاقتصادية التى تعيشها البلاد خلال الفترة الأخيرة، كنوع من المشاركة الفعالة فى خدمة المجتمع بما يعد "مساهمة مجتمعية" يستحق نجوم الأتزورى التحية عليها.

أما التوزيع العادل للدخل الكروى للاتحاد الأوربى فتم توزيعه كالتالى:
190 مليون يورو موزعة على منتخبات البطولة
100 مليون يورو للأندية التى شارك لاعبيها بالبطولة

تأتى كل تلك الأرقام والمبالغ المادية الكبيرة فى الوقت الذى لا تعترف فيه الحكومات العربية بتلك الصناعة، والسلعة واجبة التصدير، لحساب الفساد الذى يضرب الكرة العربية، والمصرية تحديًا فى مقتل.

لعل أهم ما نرصده خلال متابعتنا ليورو 2012 هو أن الإدارة الأوروبية للحكومة الكروية محترفة تمامًا فلا يوجد لاعب موظف.. ولا مدرب صاحب مطعم.. ولا إدارى نصف الوقت، ولا يمكن إخفاء أن أعضاء الاتحاد الأوروبى "يويفا" لهم نصيب مقنن فى كعكة المكاسب عبر ما يسمى بـ"المخصصات" لكل عضو بصفة قانونية، وهو ما يدفع نحو الاعتراف بالاحتراف، بدلا من الإدارة المصرية "الهاوية" والتى تدير الكرة إلى "الهاوية".. وتترك اقتصاد "تحت الترابيزة" يحقق كل المكاسب.. فهل من مدقق؟!