صدر حديثاً عن دار شرقيات ديوان "الفئران لا تدخن المارلبورو" للشاعر والناقد تامر عفيفى والذى سبق وأن صدر له عن دار ميريت ديوان بعنوان "أنسب الأوقات للخطيئة".

وأثار ديوان عفيفى الأول تساؤلات عديدة بخصوص لغته الصادمة والجريئة وإقباله على فتح آفاق مختلفة للجملة الشعرية التقليدية، حيث إنه عمد إلى كسر الرموز الشعرية المعتادة ليتحول إلى لغة شعرية مختلفة معتمدة على رموز أكثر حيوية وصدقاً وصداميه فى نفس الوقت.

كما يميل الشاعر إلى مباغتة القارئ منذ البداية فيقرر عناوين غرائبية لقصائده عناوين أحيانا تبدو مكملة لسياق القصيدة الأدبى واستقبل الكثيرون عنوان ديوانه الأول - أنسب الأوقات للخطيئة - بالانبهار المصحوب بالحذر ولم يهابوا الاقتراب منه وإنما رغبوا فى اكتشافه باقتراب الحريص ليأتى الآن الشاعر ليكرر فعلته فى ديوانه "الفئران لا تدخن المارلبورو" .

فالعنوان يبدو مراوغا وغامضا لا ينم عن أن هناك رحلة سهلة بالداخل وأى فئران تلك؟ وكيف لا تدخن؟ ومنذ متى ونحن نصدق أن الفئران تدخن بالأساس؟ وما دلالة - المارلبورو هذه؟ أسئلة كثيرة لا تنتهى وخصوصا وأنت تطالع غلافا أنيقا مباغتا هو الآخر بتفاصيله الحاسمة الصارمة.

شخوص تامر عفيفى فى ديوانه - الفئران لا تدخن المارلبورو - صادقة مليئة بالحياة تسبح فى عوالم أكثر صدقا عوالم تعترف بالإنسان الذى يستمد أصوله الحقيقية من الطبيعة تلك الطبيعة التى لا تكذب أبدا يصطدم العقل بالرغبة وتقف المقدمات لتصل إلى نهايات ليست منصفة.

يبدو الشاعر منزعجا للغاية من فكرة النهاية التى نكتبها جميعا فى صمت ويبدو أن أيقونة الفئران ليست إلا تعبيرا عن الشيء الذى لم يمسه التدخل اللا يقينى فلا يجوز للفئران أن تدخن المارلبورو بل ولا يجوز أن نجعلها نحن تمارس الأفعال الغير مقدسة.

كل التصورات إذن فى ديوان عفيفى تدفعنا إلى الارتباط بالمقدس بدلا من المبتذل المرئى والمقدس الذى يردده هذا الفتى الأناركى الجالس أحيانا على الرصيف يتلو ابتهالات صدقه للعالم وهو الوحيد إذن يتحتم علينا تصديقه.