أبدى زعماء العالم مساندتهم لبقاء اليونان داخل منطقة اليورو وتعهدوا بأخذ جميع الإجراءات الضرورية للتصدى للازمة المالية وفى ذات الوقت إحياء الاقتصاد العالمى الذى يواجه تهديدا متزايدا جراء أزمة الدين فى منطقة اليورو.

وأيدت قمة الدول الصناعية الثمانى الكبرى تأييدا قويا السعى لموازنة برامج التقشف الأوروبية - التى تدعمها المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل منذ فترة طويلة - من خلال جولة جديدة من التحفيز على غرار النموذج الأمريكى بوصفه أمرا حيويا لعلاج اقتصادات منطقة اليورو المعتلة، ولكن كان من الواضح أن الانقسامات باقية.

وجاء فى البيان المشترك الذى أصدره الزعماء فى اجتماعهم بمنتجع كامب ديفيد الرئاسى بولاية ماريلاند أمس السبت "نلتزم باتخاذ كل الخطوات اللازمة وإعادة تعزيز اقتصادياتنا ومكافحة الضغوط المالية مدركين أن الإجراءات السليمة ليست واحدة بالنسبة لكل منا".

وعكست الرسالة الشاملة من القمة التى استضافها الرئيس الأمريكى باراك أوباما قلق أوباما شخصيا من اتساع نطاق عواقب أزمة منطقة اليورو التى تهدد مستقبل تكتل العملة الموحدة الذى يضم 17 دولة وقد يضر بالانتعاش الهش فى الولايات المتحدة وفرص إعادة انتخابه فى نوفمبر تشرين الثانى.

وتصدرت مشاكل اليونان السياسية والاقتصادية جدول أعمال القمة وأذكت المخاوف بشأن زعزعة الاستقرار فى أسبانيا وإيطاليا بينما سعت مجموعة الثمانى لتهدئة الأجواء.

وفى السطر الأول من البيان الاقتصادى أقر القادة بالضرورة الدعوات لتوسيع مدى الاهتمام ليتجاوز برامج التقشف المالى التى تساندها ألمانيا ووصفوه "بالضرورة الملحة" من أجل دعم النمو وتوفير فرص عمل، وحرصا على تهدئة مخاوف المستثمرين ذكرت المجموعة فى بيانها "نؤكد حرصنا على بقاء اليونان فى منطقة اليورو مع الوفاء بالتزاماتها".

وليس معتادا أن يخص بيان المجموعة الذى يتسم عادة بالعمومية دولا صغيرة نسبيا بالذكر، ولكن شهدت الأسواق اضطرابا نتيجة مخاوف من نشوب أزمة سياسية فى اليونان تقود لانسحابها من منطقة اليورو مما يكبد استقرار النظام المالى والاقتصاد العالمى خسائر غير محسوبة.

وأطاح ناخبون يونانيون الشهر الجارى بحكومة وافقت على إجراءات تقشف قاسية لخطة إنقاذ دولية ويكتنف الغموض الانتخابات المقبلة التى تحدد لها موعدا فى السابع عشر من يونيو حزيران المقبل.وهزت أسبانيا الأسواق بكشف النقاب عن ديون متعثرة ضخمة فى نظامها المصرفى فيما تصارع لكبح الميزانية بينما تواجه ركودا.

وسعت ميركل التى تعانى من عزلة متزايدة بسبب المسعى الذى تقوده فرنسا للتركيز على النمو أكثر - للتهوين من الخلافات قائلة: "سلامة الأوضاع المالية والنمو لا ينفصلان ولا ينبغى وضعهما على طرفى نقيض"، واستغل أوباما الذى ضغط على أوروبا لتبنى مزيد من الإجراءات لتعزيز النمو مثلمات تفعل الولايات المتحدة بيانه الختامى لتذكير قادة منطقة اليورو بأن الكثير على المحك، وأن التكلفة ستكون "باهظة" فى حالة الإخفاق.

وقال: "النمو والوظائف على رأس أولوياتنا"، مؤكدا أن أوروبا قادرة على مواجهة التحدى، وفى تحرك آخر لتعزيز النمو العالمى الضعيف قال قادة المجموعة إنهم يتابعون عن كثب أسواق النفط وعلى استعداد للمطالبة بزيادة الإمدادات إذا دعت الحاجة.

وانخفضت أسعار النفط عشرة بالمائة الشهر الماضى، ولكن يلوح فى الأفق خطر تشديد العقوبات على إيران الشهر المقبل، وقالت المجموعة إن الانتعاش الاقتصادى العالمى يظهر علامات مبشرة ولكن "رياح معاكسة قوية مستمرة".

من جهته كتب وزير المالية البريطانى جورج أوزبورن فى صحيفة صنداى تايمز أن الدول الأضعف فى منطقة اليورو تحتاج مزيدا من الدعم من دول كبرى فى منطقة العملة الموحدة لمعالجة مشاكلها، وكتب "على دول منطقة اليورو إما أن تساند عملتها أو تواجه احتمال خروج اليونان (من المنطقة) بكل ما ينطوى عليه من مخاطر.

"كيف يمكنهم دعم اليورو، أولا الدول التى تعانى من عجز كبير وضعف القدرة على المنافسة تحتاج لمواصلة التصدى لمشاكلها بشكل مباشر، ولكن فى غياب أسعار صرف مرنة ستتفاقم العقبات السياسية والاقتصادية للتعامل مع هذه المشاكل فى غياب مساندة دول كبرى بمنطقة اليورو".

وقال إن منطقة اليورو ينبغى أن تتبنى منطق الوحدة النقدية فى سبيل تكامل مالى أكبر وتقاسم الأعباء على أن تكون سندات اليورو بديلا محتملا، واجتمع زعماء حلف شمال الأطلسى فى شيكاجو فى قمة سترسم طريقا للخروج من أفغانستان بينما تسعى الدول الغربية إلى درء الخلافات داخل الحلف وضمان أن تتمكن كابول من التصدى لحركة طالبان عند انسحاب القوات الأجنبية.

ويستضيف الرئيس الأمريكى باراك أوباما القمة فى مسقط رأسه بعد يوم من تصدى زعماء الدول الصناعية الكبرى لمعالجة أزمة الديون فى أوروبا ودعمهم لاستمرار اليونان فى منطقة اليورو وتعهدهم باتخاذ الخطوات اللازمة لتنشيط الاقتصاد العالمى.