في واحدة من الدراسات العربية المهمة عن رؤية إسرائيل للثورة المصرية وضع الدكتور أحمد حماد أستاذ الأدب العبري في جامعة عين شمس، ومدير البحوث الإسرائيلية بمركز بحوث الشرق الأوسط جامعة عين شمس، كتابه الجديد بعنوان "إسرائيل والثورة الشعبية المصرية".

ويقدم حماد من خلال الكتاب مختلف الرؤى أو التحليلات الإسرائيلية لثورة الخامس والعشرين من يناير، ومرحلة ما بعد سقوط مبارك الذي يصفه الكتاب بحليف الكيان الإسرائيلي المخلص.

ويعرض الكتاب وجهات النظر والآراء المتباينة التي يجمعها القلق الصهيوني، متمثلا في آراء الحكومة والرأي العام والأحزاب أو القوى السياسية مما سيحصل في مصر، وتأثير ما يجري في مصر على ومستقبل إسرائيل خاصة مصير اتفاقية كامب ديفيد التي يصفها الكتاب المشئومة.

ويتطرق الكتاب أيضا إلى انعكاس سقوط الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة وإسرائيل على مصالح ومشاريع هذين الطرفين اللذين تمتعا ولوقت طويل جدا بتنازلات ومساومات مبارك وغيره من الحكام العرب.

وتشكل الفصول الرئيسية من الكتاب موقع الثورة الشعبية المصرية في حاضر ومستقبل المنطقة، وتفاصيل الرصد الإسرائيلي الإعلامي لما يحصل في مصر، وتداعيات سيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد السلطة هناك على العلاقات المصرية - الصهيونية، وعلى دور مصر الجديدة في الشرق الأوسط، وتأثيره على استقرار وأمن ومصالح إسرائيل، خاصة مع بروز دور الشعوب بقوة.

ويشير الكتاب إلى أن بروز الشعوب سيغير من قواعد اللعبة السياسية في المنطقة، خاصة وأن الشعوب معادية بالمطلق لإسرائيل وأهدافها التوسعية، وذلك في مقابل غياب الحكام الموالين للغرب في هذه المنطقة استراتيجيا والتي تمس أمن ومصالح أهم القوى الدولية أو الاقليمية على حد سواء.
ووضع الدكتور أحمد حماد عددا من الاستنتاجات الاستراتيجية المهمة من دراسته في نهاية الكتاب، ومن أهم هذه الاستنتاجات :
1-إدارك إسرائيل أن قيادة الجيش المصري سنضطر للتعامل مع التحديات المركبة حيث تقف أمامها حركة الإخوان المسلمين، وهي أكبر حركات المعارضة وأكثرها تنظيما بمصر.
2-إذا غير النظام الجديد في مصر من نظرته تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل فإنه يمكن لمصر أن تستعيد زعامتها بين الدول العربية، ومن الناحية الإقليمية كانت مصر في عهد مبارك بمثابة حجر أساس عام في محور الدول المعتدلة ضد محور الشر برئاسة إيران، والاختفاء الكامل لنظام مبارك يضعف هذا المحور المعتدل ويعزز من قوة المحور المتطرف الذي يهدد إسرائيل.
3-سقوط نظام الرئيس مبارك لا يضمن أن تظل مصر خارج الصورة في أي حرب تخوضها إسرائيل في المستقبل، لذا ستصطر إسرائيل إلى التفكير وبجدية في احتمالات استئناف الجبهة الجنوبية وربما أيضا حجم جيشها.
كما خسرت إسرائيل علاقاتها الطيبة مع نظام مبارك المستقر سياسيا في الشرق الأوسط اعتمدت عليه في بلورة استراتيجيتها الأمنية، إضافة إلى تركيا التي خسرت أيضا علاقاتها الجيدة معها نتيجة لظهور رجب طيب أردوجان واعتلائه للسلطة.
4- أن ثورة الخامس والعشرين من يناير وحدت جميع قوى المعارضة ضد نظام الرئيس مبارك، لكن وبعد أن نجحت في إبعادهمن المتوقع أن تستأنف الخلافات فيما بينها خاصة في كل ما يتعلق بالصورة التي يرون بها صورة النظام الجديد.
غير أن اهم استنتاج توصل إليه د.حماد كانت زيادة التوتر بين مصر وإسرائيل على خلفية الفوضى الأمنية في سيناء في أعقاب الانفتاح الذي أبداه المجلس العسكري تجاه حماس واحتمال اشتراك المنظمة في السلطة الفلسطينية، وأيضا بعد القلق الذي أثارته في إسرائيل تعبيرات بعض المتحدثين المصريين بشأن إعادة دراسة اتفاقية السلام مع إسرائيل.