وضع رأسه على الوسادة
راح يقرر الأشياء بحزم ويرسم خارطة يومه القادم
كانه يريد تغيير العالم
من دونِ أن يبني أو يهدم شيئاً
لكنّه اعتقد أن العالم هو مايراه في داخله ، وما موجود منه تحت طائلة النظر
ينعكس في نفسه شجوناً مختلفة ، وعليه كان لابد من تغيير المنظار
وعكس الشعور الحقيقي كأفعال
منذ سنين طويلة ولاشيء فيه تغيّر
سأتغير من هنا ، وأشر على رأسه وكأنه يضع عليه علامة ما
وراح يعيد ترتيب مسار الغد وشعر بسعادة تلك النيّة قبل أن يمارس
منها شيئا .
فقرر أن يصحو متأخراً ولن يضبط المنبه على الساعة الخامسة فجرا كما كان
يفعل من قبل
ولا بأس بقضاء الصلاة بعد وقتها
لن يسقي الورود
لن يُطعم الطيور
سيتناول إفطاره واقفاً
سيغير تسريحة شعره ويبعثره في كل اتجاه
سيغير شكل ملابسه فـ الجينز يعطي شعورا بالحرية ، سيتخلى عن ربطة العنق
التي يختنق بها كل يوم
سيقود سيارته بسرعة وطيش ولن يحترم قوانين المرور
انقلب بجسده الى الجهة الأخرى وهو يبتسم وكأنه أنهى صفحة من مغامراته
ويريد تناول صفحة ثانية أكثر جرأة ، صفحة تُنهي رؤية حبيبته له كـ قديس ،
اشتاق أن يخلع الوقار ويرتدي وجه الجنون
شعر بالملل من حبس مشاعر الرغبة و كتم أنفاس اللهفة
لم يكن يريد سوى أن يكون كما هو وليس كما توهموه
قد يكون هو السبب في رسم صورته كـ قديس لدى الآخرين أو هم من أساءوا قرائته
فجردوه من الشعور كـ بشر وراحوا يمتدحون عفته وخلقه الملائكي ووقاره
حتى حبيبته كانت تحدثه عن اعجاب فلان وفلان وهذا أسمعها كلمة وذاك قال فيها شعراً يتغزل
بجمالها وفتنتها بينما تكاد حين تسمع شِعره الملتزم أن تناديه بـ أخي
فهو حبيس الخلق الذي لم يعجبهم إلاّ لكونه يذكرهم بأيام الزمن الجميل وكأنهم يتلذذون
برؤية الملاك المفقود فيهم وهو يتعطش لتجربة الشعور الآخر لديهم ، يريد أن تسيطر عليه
الأشياء ويفقد السيطرة عليها .
يالهم من أنانيون ّ! قالها وهو ينقلب على جنبه الآخر ليخوض الصفحة الأخيرة من مغامراته
فـ راح يتخيل حبيبته التي لم يتجرأ يوماً أن يقتحم أسوار جسدها في خياله لكنه قرر رفع الحظر
وتنازل عن حياءه هذه المرة
تسارعت نبضات قلبه واستنزفت تلك اللحظات جرأته
سأدعوها الى عشاء فاخر ورقصة صاخبة تسمح بضياع الكلمات دون تعقب
سأصرخ بوجهها بكل الكلمات الغير لائقة سأحرر صوتي المحبوس وأطلق الحروف
بلا حظر . وننطلق بعدها في جولة حرة الاتجاهات بلا هدف ينتظر أن نضع له
خطة عمل ولا حسابات ولا خوف .
كانت ساقاه تلتفان على بعضهما بقوة وهو يقرر تلك اللحظات في مخيلته
لكنّه تراخى فجأة
فـ غطى رأسه ، وأغمض عينيه وأسدل الستار ونام بعمق وكأنّه يتهيأ ليومٍ حافلٍ
بالإنجازات سيحتاج فيه لأعصاب قوية .
عند الخامسة فجرا استيقظ بلا منبّه وكان صوتُ الأذان يتردد صداه في داخله
فنهض ليتوضأ ويصلي الفجر
حاول بعدها العودة للنوم لكنه لم يستطع ، نظر من النافذة الى حديقته الصغيرة
وذهب ليزاول عادة الصباح اليومية في سقاية الزهور وإطعام الطيور
تناول افطاره على المائدة ككل يوم وشرب قهوته بمزاج فيروزي
ارتدى ملابسه ، صفف شعره بطريقته الكلاسيكية
في السيارة وقبل أن ينطلق تحسس ربطة عنقه ، كانت يداه قد مارست عادتها
في ربطها جيدا
شعر بخيبة أمل وقد زاول أعمال الصباح المعتادة دون تغيير
لكنه عض على شفته بقوة وبدا عازما على تنفيذ الجزء الثاني من قراراته
ورفع الحظر المفروض على يده ولسانه إذا ما التقى حبيبته
ضغط على دواسة البنزين بقلبه لابقدمه وفي أول استدارة كان هناك شرطي
يأمره بالتوقف والعودة الى البيت !!
تسائل بدهشة عن السبب
قال له الشرطي
يبدو أنك لم تسمع بالخبر مع أنهم اذاعوه في الليلة الماضية
فقد صدر قرار بـ حظر التجوال هذا اليوم !!