عواطفنا في حقائق وأكاذيب







كثيراً ما نسمع هذه الأيام أنّه "يجب أن نتصرف بحسب ما نشعر به" أو "يجب أن نشعر بما نقوم به" ولكن ماذا لو كانت عواطفنا تغشنا؟ فمنها ما نخفيه حتى عن أنفسنا وأخرى نمنع أنفسنا من الإحساس بها، وثمة منها ما نظن أنها لنا ولكنها أدخلت إلينا كجسم غريب عنا. فما هي حقيقة عواطفنا؟وماهى مشاعر الجوار؟


تذكرنا الآلية التي تتشكل فيها مشاعر الجوار بالتفاعلات العاطفية التي تقوم بين شخص واخر، حيث يحاول كلا منهما التأكد فيها من مشاعر الطرف الآخر.
وعلينا أن نشير إلى أن حل المشاكل العاطفيه التي تنجم عن أوضاع كهذه صعبة جدّاً.


فالتطرق إلى الشعور بان شخص يعاني وآخر يظل بواسطته مرتبطاً به في خياله ليس بالأمر السهل. فما من أحد يتخلى بسهولة عن شعور يبدو له أن يحافظ بواسطته على علاقة مميزة، حتى لو كان الشعور مزعجاً. كما أنه يصعب التعرف على انفعالات الجوار بما هي عليه فهي تحمل السمات ذاتها التي يحملها الانفعال الناجم عن مسائل شخصية وتولّد في بعض الأحيان الأعراض ذاتها.


ولكن الحل يتوخى في الحالتين طرقاً مختلفة تماماً. فحين يكون العارض شخصياً، قد يؤدي البحث عن سببه إلى حلٍّ له، أما في حالة انفعال الجوار، فيتعين فهم العلاقة التي تربط الشريكين والأسباب التي جعلت هذا الانفعال بالذات يربط في ما بينهما بشكل وثيق.


وقد بدت هذه الأمور مستغربة جدّاً بالنسبة إلى الباحثين الذين اكتشفوها في الستينات حتى أنهم نسبوها في البداية إلى "تواصل غامض يدور من لا وعي إلى آخر". ولكننا نعلم اليوم أن تفسيرها الحقيقي كامن في الحركات والمواقف وتعابير الوجه التي يتبادلها الاشخاص في مختلف أوضاع الحياة اليومية.

إنّ الشخص الذي عانى من صدمة أو الذي كان قريباً جدّاً من الناحية العاطفية من شخص عاش صدمة، أكثر ميلاً إلى القيام بحركات واتخاذ مواقف ملتبسة. فالإنسان لا يهرب أبداً بالكامل من الأفكار المؤلمة التي تعتريه وهو يتمثلها، انفعالياً على الأقل، على شكل حزن أو قلق أو غضب لا تفسير له. والمشكلة هي أنه كل مرة يسعى إلى أن ينسى وضعاً مؤلماً، تصير مظاهره الانفعالية غير المتوقعة بمثابة رسائل غامضة تصل إلى الفرد تتصل أحياناً مع تلك المشاعر التي يشعر بها .

لهذه الأسباب، يصعب جدّاً التعرف إلى الصراعات الداخلية علماً أنها تصنع أذواقنا وسلوكنا، ولا سيّما ما يتعلق منها بحياتنا المهنية والعاطفية.