بيت بلا مرح .. سيارة بلا وقود

(مدخل)

كان حريصًا على أن يروى طرفة أو نكتة لزوجته كل يوم، وكانت هى ماهرة فى تحويل مواقف الغضب والصدام إلى ذكريات جميلة، يضحكان عليها معًا، ويستعيدانها بألفة وحب، ولذلك مرت حياتهما هادئة، ونشأ أولادهما فى جو رائع، فى مزيج جميل من الوقار والبشاشة، الجدية والمرح، الإنجاز والترفيه، وعندما أراد الابن الأكبر الزواج كان من شروطه فى عروسه - بعد التدين والأخلاق - أن تكون لديها روح المرح التى تربى عليها فى بيت أبويه، ولا يريد أن يحرم منها فى بيته الخاص.

أحبتي
إن أجواء المرح حين تشيع فى بيت تحوِّله إلى واحة ومرفأ يجد فيه كل فرد من أفراد الأسرة سكنه، وسعادته، ويشعر بالانتماء إلى هذا البيت، وكل من فيه، ومع ذلك فهى باعتراف كثيرين مطلب عزيز وعسير وسط الأعباء والضغوط.

أما الكآبة والجمود واحتقار الابتسامة والخلط بين المرح والتفاهة، واعتبار العبوس دليلاً على قوة الشخصية والنضج، فهى جميعًا آفات كفيلة بإبادة كل بذور السعادة والوفاق فى أي بيت.

والذين يدركون قيمة المرح، ولكنهم يتعللون بالمشاغل والأعباء وضيق الوقت نحيلهم إلى سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقد كان قائد أمة وربًا لتسعة بيوت، وصاحب رسالة عظمى، وكان مع كل ذلك أيضًا بارعًا فى المزاح الحلال، وذا روح مرحة، وقدرة فائقة على إدخال السرور على كل من حوله.

أما الذين مازالوا غير مستوعبين لقيمة المرح والترفيه، فننقل لهم مقولة عالم النفس الإنجليزى ماندل شيرمان: "إن الرجل الذى يفخر بأنه لم يأخذ إجازة مرح وترفيه طيلة خمس سنوات، لا يختلف عن سائق سيارة يفخر بأنه لم يغير الزيت فيها خلال سيرها خمسة آلاف ميل".
فأيهما تختار وتختارين، أن تقتديا بالرسول(صلى الله عليه وسلم) فى بيته؛ حيث كان الزوج البشوش والأب المتصابى لأطفاله، والسيد المتواضع لخادمه المازح معه، أم أن تكونا سيارة صدأت من فرط ما قطعت من مسافات طويلة ليس بينها "استراحات" أو لحظات توقف للشحن وتغيير الوقود