أنا أتغير .. إذاً أنا موجود !!



الموضوع طويل ولكنه يستحق القراءة والصبر .. أرجو لكم المتعة والفائدة


الإنسان في خلقه وطباعه كائن ملول لا يحب الرتابة والخمول , الروتين قاتل له والجديد من الأشياء

والأحوال والعلوم والأفكار محفزا لذاته التواقة لكل جديد .

لديه فضول للمعرفة وشغف بالحديث والمتطور وحماس مشرئب لكل جميل

زاهي وفكر راقي وإذا قسنا ذلك بناء على معرفتنا بهذا المخلوق العجيب

والذي وضع الله فيه سر هذا الكون وحمله مسئوليته وطالبه أن يعمل لبنائه

واعماره بكل خير له وللغير من غير قيد أو شرط .

فخالقه أعلم كيف يسعد وكيف ينجح وكيف يتميز وله أن يقبل فيفوز أو يعرض فيشقى !!

كل شيء يتحرك داخل جسمه بفعالية والتزام وقوة ووئام الخلايا مهما صغرت

والأعضاء مهما كبرت و الدماء تجري في العروق بلا توقف أو ملل أو

كلل . كل هذا الجريان من ملايين الخلايا داخل الصندوق تجبر الإنسان إلا

يكون إلا كذلك متحرك متجدد كالنهر الجاري مائه عذب زلال ومنظره يسر

كل الأحوال ، إنها حكمة من لا يغفل ولا ينام جعل التدفق عنوان للحياة

والحماس وقود للانجاز والطموح إكسير للتفوق والإبداع

والأنفس المتجددة هي التي تصل وتحصل

والأنفس الخائرة الضعيفة المتهاوية هي التي تسقط

من أول امتحان وتحصل على مرتبة الشرف ولكن من الأسفل الموغل في الانحطاط !!

والروح المشرقة هي الروح المتجددة المتألقة المتطلعة للمعالي والقمم

مهما كانت الصعاب والتحديات .

فالدنيا لم تصفَ لسيد الخلق وإخوته الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلقد

كابدوا وناضلوا كثيرا من اجل خير البشرية وصالح المخلوقات ومع هذا لم

تبسط لهم الدنيا ولم يمكنوا في الأرض إلا بعد يُتم وفقر وحرمان ومعانات .

فكيف بها تصفوا لنا ونحن الضعفاء بأنفسنا والأقوياء بأيماننا ونمكن في

الأرض بغير ابتلاء وصبر وعمل و خبر و ورؤيا لحاضر جميل وغدٍ

مزدهر.

ومع ذلك وذاك واثق الخطوة يمشى ملكاً . فما بال من وثق بالله ثم بنفسه وقال أنا هنا ؟

ومن هنا سوف يكون التحول الكبير والتغير الأصيل في النفس والفكر والجسد صفاء ذهني يعبر بنا الى طمأنينة روحية ونقاء

وجداني نحصد به توازن عاطفي وانجاز عملي ينعكس على حياتنا وبيوتنا

ومجتمعاتنا بالإيجاب .

فمن منا لم يحدث نفسه بمشروع تجاري أو فكري أو علمي أو اجتماعي أو

سياسي يعبر فيه أو من خلاله عن فكره الإبداعي ومساهمته الفعالة في

المجتمع يبسط على هذه البسيطة كل خير ونور وكل فلاح وحبور ؟

من منا لم يحلم ذات يوم بأنه جهبذ الجهابذة وأستاذ الأساتذه في علم من

العلوم أو فن من الفنون أو باب خير أو بر أو إصلاح أو إعمار في الأرض .

وإذ علمنا أن العقل البشري يعمل طوال 24 ساعة في اليوم بشكل متواصل

بشقيه الباطن والظاهر بتناوب رهيب في الأدوار والمهام يولد الأفكار

بغزارة ويحلل الآراء والأحداث والأخبار بمهارة وينقل العالم كله بتطوراته

وتحركاته وتموجاته إلى هذه الجمجمة الذهبية بإشارة !!

ينتهي دوره المحوري بما يغير الأمم والشعوب وينقل الصغير والكبير

والرئيس والمرؤوس والرجل والمرأة والغني والفقير والعالم والجاهل من

حال إلى حال إما إلى قمة في الرقي أو قاع في الانحلال !!

"انه القرار الفعال"

ويبقى هنا التنفيذ هو دور الجوارح والحواس وأعضاء الجسم التي يديرها

العقل بأعجاز رباني إلهي لا يضاهيه إعجاز . فسبحان المصور! خلق فاعجز

وأعطى فأوجز . الكل في ملكوته سابح وطلباً لرضائه طامح .

وإذا آمنا أن قدرات الناس من حيث توليد الأفكار وتحليل المواقف واتخاذ

القرارت وتنفيذ ما اتخذوه من قرارات متقاربه حيث خلقهم خالقهم العادل .

فيبقى هنا سؤال كبير وخطير :

لماذا الناجحون في الحياة والسعداء على هذا الكوكب والذين حققوا فعلا

طموحاتهم وأحلامهم ووضعوا بصمتهم الذهبية على جدار الزمن هم فقط 3 %من إجمالي الناس كما تؤكد الدراسات !!

هل يعقل أن يرحل أكثر من 97 % الناس وهم يكتبون أمام مشاريعهم في

الحياة لوحة كبيرة سطروا عليها ببؤس كبير

"الحلم الذي ضل حلما "


إنها الفروقات الفردية بين الناس في الهمة والالتزام واحترام الوقت والنظام

والإقبال على تطوير الذات واكتساب الحديث من العلوم والمعارف والسعي

الحثيث للرقي والتطوير والتقدم في التفكير وتحمل المسئولية والإحساس

بها في الكل قبل الجزء وعند الصغير قبل الكبير وعبر كتابة الخطة

وصياغة الأهداف ووضع الرؤيا وتطبيق كل ما تقدم بحرص ودقة

قال تعالى وهو يخاطب عباده بأن الأمر لهم والخيار خيارهم

( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر )

نضيف إليها كمسلمين النية الصادقة والتوكل على الحي الدائم وتقواه .

لقد ألقى هؤلاء المميزين حول العالم الروتين جانبا والجمود والتراخي

والاستسلام والعشوائية في الحياة في سلة المهملات وتوكلوا على خالقكم

ولم يرفعوا العلم الأبيض من أول معركة حياتية وآمنوا أن النجاح في

الحياة نجاح استراتيجي وليس آني قصير الأجل وآمنوا أن خسارة معركة لا

تعني بالضرورة خسارة الحرب الكبرى .

فالحياة صراع يحتاج إلى الحاذق الماهر والذكي القادر والمقدام الآمر

فأين أنت من هؤلاء ؟

إنها ليست خطة سرية أو مفاعل نوويا كتب على بابه ممنوع الاقتراب أو التصوير!!

بل إنها همة توصل إلى القمة وعزيمة على التغير والتطوير تهب صاحبها

العصا السحرية لكي يحقق كل ما يدور في مخيلته من إبداع وتفوق

شاهد للفائدة:

يروى أن الإمام البخاري رحمه الله عندما كان شاب يافعا في الرابعة عشر من عمره

أراد أن يحمل همّ الأمة ويسخر طاقته لخدمة الإسلام والمسلمين ويطلق

طاقته الكامنة بين أضلاعه . تأمل كثيرا وفكرا مليا :

كيف وأين ومتى وماذا اصنع ؟

وبينما هو جالس في المسجد مع أساتذته العلماء سمع أحدهم يقول للآخرإن

الأحاديث كثيرة وهي مفرقة بين الكتب بلا تصنيف أو تصحيح فمتى يأتي

من يقوم بذلك العمل ؟ استوقفت الإمام البخاري هذه الكلمات الكبيرة من

شيوخه وجاءت لحظة الحسم التي ينتظرها منذ زم نوبلا تردد قال كلمته

الشهيرة

" فلمعت في رأسي فقلت أنا لها فعشت لها "

فكان أنشودة في زمنه وملحمة في عصره ألف أتقن الكتب وأصدقها بعد القران الكريم وهو صحيح البخاري .

وكان يسافر عابر المدن والقرى لأيام وشهور للتأكد من صحة حديث واحد

فقط وكان يفيق من نومه قرابة 12 مرة في اليوم والليلة لتدوين حديث أو

فكرة أو أطروحة ثم يعود وينام .

حمل هماً فصنع مجدا فغير واقع التاريخ من حوله , واليوم وبعد وفاته

يدعوا له أكثر من مليار وستمائة مليون مسلم في الشرق والغرب صباح

مساء فلقد نور وعبر وإبداع وصور فهنيئا له ما جنى وعند ربه له الخير

الكثير و الجزاء الوفير لقاء صنيعه العظيم .

ومن هنا نتفق أن الله جل في علاه عادل معنا نحن البشر عدالة كاملة فى

الرزق والتكوين والخلق والتمكين وما تبقى إذاً هو الدور الذي يجب أن نلعبه نحن ونحن فقط فما لم

نقدمه لأنفسنا لن يقدمه الآخرون لنا

ولن ينفعنا إسقاط الفشل والسقوط الذريع لنا في الحياة

على الآخرين والظروف والحظ

لأنه إسقاط في غير محله أريد منه تبرئة النفس مما علق فيها من تقصير أدى إلى تدمير!!

فعلينا بالمبادرة واتخاذ قرار التغيرالايجابي من الآن وعاهدوا أنفسكم دائما

وابدأوا على ألا تلوموا إلا أنفسكم في حال عدم تحقيق المراد والمغزى وإلا

تكرموا إلا أنفسكم في حال النجاح والانتصار فهي محور الحركة ومنطلق

الإبداع ومهد البطولات . فسبحان باريها .

وابدأ رحلة الألف ميل بخطوة في الطريق الصحيح وقدر قيمة النعمة التي

تنعم بها الآن .

فالحياة نعمة والحرية نعمة والعقل نعمة

والتغير إلى الأفضل والأجمل والأكمل هو كذلك نعمة النعم


فسعادتك قرار و نجاحك اختيار

فماذا تختار ؟