النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: البيت المهجور

  1. #1
    الصورة الرمزية محمدسالمان
    محمدسالمان غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    12,883

    افتراضي البيت المهجور

    صمم على المبيت في الدار المهجورة وحده هذه الليلة ، لابد أن يثبت أنه أصبح رجلا ، وأنه لم يعد يخاف مثلما كان في السابق ، خاصة أن دار أهله لم تجد من يبيت فيها الليلة بسبب غياب الرجلين الذين كانا يبيتان فيها ، فقد سافر أحدهما في إجازة إلى أهله ، بينما ذهب الثاني إلى مدينة أخرى لجلب بعض البضاعة من هناك ، وكانت الدار مخصصة للكراء لكن منذ مدة لم تجد من يؤجرها ، ونظرا إلى أنه يوجد فيها بعض الأمتعة والأثاث القيم مخزنا في أحدى الغرف ، كان لابد لها ممن يبيت فيها كل ليلة خوفا من اللصوص ، وقد سمح والده بسبب ذلك لاثنين من معارفه التجار بالسكنى فيها دون أجر ، مقابل حمايتها من السرقة ، لكن الوالد لم يجد الليلة من يسند له هذه المهمة ، فاحتار في أمره قبل أن يعلن الفتى عن استعداده للقيام بالمهمة.

    تعشى أحمد عند أهله ، وأخذ بطانية ووسادة، وغادر بعد منتصف الليل منزل أهله متوجها إلى الدار المهجورة ، فوصلها بسرعة إذ لم تكن بعيدة ، ففتح الباب وولج داخل الدار ، لم يسمع أي حركة ومع تركيزه على التصنت ، وحذره الناتج عن كونه يقضي لأول مرة الليل وحده ، إلا أن أي صوت لم يترام إلى سمعه ، الكل قد نام فيما يبدو ، فتح غرفة الصالون ، وأنار مصباح الكهرباء وأعد فراشه ، ثم حدثته نفسه بأن يطفئ النور حتى لا يراه اللصوص فيعلمون أنه وحده في الدار ، فيأتون للسرقة ، عندها قام وأطفأ المصباح ، لكن تضاعف خوفه بسبب الظلام الدامس الذي خيل إليه معه أن أي لص يمكن له أن يمسك به دون أن يراه يقترب أو يعلم به حتى ، فقام ثانية وأنار المصباح من جديد ، على الأقل سوف أتمكن من رؤية القادم من مسافة قريبة ، إلا أنه لم يطمئن ولم يعرف هل من الأفضل إطفاء النور أم تركه مضاءا ، وفجأة تناهى إلى سمعه صوت بعض القطط تموء في الظلام ، فأوجس خيفة ، وبدت له تلك الأصوات غريبة بعض الشيء ، وخيل إليه أنها أصوات آدمية تتعذب ، فاشتد به الخوف ، وقرر إغلاق باب الغرفة عليه ، بعد إقناع نفسه بأنه سوف لن تفوته أي حركة مشبوهة في الغرف الأخرى ، لأنه لن ينام تلك الليلة على مايبدو ، وسيقوم بالصياح إن لاحظ وجود أي لصوص في البيت ، من أجل أن ينتبه الجيران القريبون ويأتونه في الوقت المناسب لصد الجناة ، أغلق الباب لكنه لم يطمئن أيضا فاللصوص يمكنهم الآن الإقتراب أكثر والوقوف عند باب غرفته دون أن ينتبه لهم وعندها يمكنهم نزع الباب بوسائلهم السحرية في طرفة عين ، كما أنهم قد يأتون من الأعلى إذ أن سقف البيت من الزنك الرقيق ، ولن يصعب عليهم نزع بعضه بخفة والتسلل داخل الغرفة ، واحتار هل يراقب السقف أم يراقب الباب ؟ ، وفي غمرة من السكون والصمت المطبق من حوله ، اهتز فجأة سقف الدار فوقه بقوة محدثا ضجة هائلة ، فخيل إليه أن اللصوص قفزوا بقوة فوق السقف ، وانتزعوه من مكانه ، فهب من موضعه بقفزة عنيفة تسمر بعدها واقفا قرب الباب ، فهو لايستطيع فتح الباب أيضا خوفا من أن يكون عنده أحدهم ، وبعد لحظات سمع مواء القطط من جديد فوقه ، فأدرك أن تلك الضجة ناتجة عن تعارك بعض القطط فوق المنزل ، عاد إلى فراشه من جديد ، واضجع ، ثم سمع صوت مشادة كلامية في الشارع ، فتشجع قليلا بسماع تلك الأصوات ، وهم بفتح الباب ، إلا أنه خاف أن يكون المتخاصمون قادمون نحوه للإعتداء على المنزل وعليه ، لكن الأصوات تلاشت بسرعة في سكون الليل ، كان متيقظا يلاحظ ابسط حركة أو صوت ، فكر مرات عدة في الهرب من المنزل والعودة إلى دار أهله ، وإعلان استسلامه ، لكنه لم يأمن على نفسه الخروج في الشارع في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل ، وشعر بأنه أصبح محبوسا في الدار لا يستطيع مغادرتها حتى لو أراد ذلك ، كما أنه لايطيق الإنتظار والمكوث فيها من شدة الخوف ، تناهى إلى سمعه صوت حفر في الحائط ، فقعد يصغي بانتباه ظانا أن هناك من يحاول شق الحائط من أجل الدخول عليه ، فكر فيما يفعل لكن الصوت كان ضعيفا بعض الشيء ، وقف حاملا معه البطانية التي كان يلبسها ، ووضع أذنه قرب الحائط يتصنت ، وجه رأسه إلى الأسفل قليلا فرأى خنفساء انقطعت بها السبل في كيس ورق ، كلما صعدت نحو حافته تسقط في قعره ، عاودته السكينة بعض الشيء ، فأخذها ورماها من تحت شق الباب بعيدا ، وعاد إلى الفراش ، خيل إليه طوال الليل أنه يسمع بعض الكلام الخفي والهمهمة والدمدمة التي لم يعرف من أين تأتي ، ولم يتبين كلمة واحدة منها ، فبات يقرأ كل ما يعرف من السور القرآنية.

    سمع أصوات الكلاب تنبح في أرجاء الحي مدة طويلة من الوقت ، ثم تناهى إلى سمعه نهيق بعض الحمير ، وأخيرا سمع صوت الديوك تؤذن معلنة البداية الطويلة لنهاية الليلة الليلاء ، انتظر بفارغ صبر أن ينشر الصباح نوره ليتمكن من النهوض دون خوف ، ومغادرة ذلك المنزل ، وضع رأسه على الوسادة لأول مرة وقد اطمئن قليلا إلى انقضاء الليل دون مشكلة ، لكن الكرى تسلل إلى أجفانه فنام أخيرا ، واستيقظ مذعورا على أصوات قرب باب الغرفة ، كلام عال وطرق مستمر للباب ، وسمع اسمه يتردد على السنة الواقفين ، إفتح الباب ، كان الوقت زوالا والضوء قد غمر الغرفة متسللا عبر الباب والنوافذ ، إقشعر جسمه قليلا ، لكنه سرعان ماعرف أصوات المتكلمين ، إنها أمه وبعض النسوة معها ، ففتح الباب وهو يحاول الإبتعاد بوجهه قدر الإمكان عن نور الشمس الوهاج.


  2. #2
    الصورة الرمزية مصرى وافتخر
    مصرى وافتخر غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    6,262

    افتراضي

    قصه رائعه
    جزاك الله خيرا

  3. #3
    الصورة الرمزية محمدسالمان
    محمدسالمان غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    12,883

    افتراضي

    جزانا واياكم كل خير


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17