صدر ضمن سلسلة "رواد المشرق العربى" عن دار الكتب الوطنية فى هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث كتاب جديد بعنوان "المدن المنسية فى بلاد العرب" للرحالة ستيوارت إرسكين، ترجمة عبد الإله الملاح، متضمنًا العديد من الرسوم التوضيحية بريشة الميجر بنتون فليتشر.

ويُقدّم المؤلف لكتابه بالحديث عن شروق الشمس فى مدينة البتراء الأردنية واصفا إياه بأنه أجمل شروق للشمس رآه فى حياته، مُشيرا إلى أنه لا بدّ لكل من يأتى من أوروبا أن يعوّد عينيه على عادة جديدة فى تركيز النظر، فكل شىء فى الشرق قديم عتيق بنظره، ولما كان كل شيء عتيقا فلا بدّ أن يكون مبعثرا، فحضارات تقوم وتندثر، وأمم تصعد وتنال فترة من الرفاه، ثم تختفى مثل تلك المدن التى قدمنا من بعيد لنشاهد آثارها، ليكون هدف هذه الرحلة مواقع مدن اختفى ذكرها وتاريخها.

وتضمن الكتاب 28 فصلا تناول العديد منها البتراء فى حقب مختلفة، المدينة النبطية، خزنة فرعون، القلعة الصليبية، الكرك، القلعة الإقطاعية، مدن السها، مدينتا عروعير ومخايرس، مأدبا، ربة عمون، فيلادلفيا، مدن الحلف العشر (الديكابوليس)، بطليموس فيلادلفوس الثانى والمسرح الإغريقى، جرش، حكاية جراسا، معبد أرتميس، المسرح، العصر الفضى، الأفلاطونيون الجدد، الجغرافيون العرب والحجاج المسيحيون.

ويكشف المؤلف فى كتابه الشيق العديد من المفاجآت التاريخية منها أين تقع خزنة فرعون، ويقدم قراءة نادرة لمدن أخرى سهلية وجبلية وأخرى تطل على الصحراء أو تقترب من البحر، باحثاً عن خفايا تاريخها الطويل الممتد بجذوره العميقة فى التاريخ. فيما تتضمن لائحة الرسوم فى الكتاب توصيفا لخزنة الفرعون وكل ما يتعلق بمدينة البتراء بأروقتها ومداخلها ومسارحها، وتلك المدن المنسية والمناطق المحيطة، منها رسومات توضح وادى موسى ووادى عربة، وشروق الشمس وغروبها فى منطقة البحر الميت من جبل الزيتون، فضلا عن العديد من الآثار الرومانية فى عمّان، وكذلك مدينة جرش ببوابة النصر وشارع الأعمدة والرواق والمعابد والحمامات الرومانية والساحة العامة.

وكانت دار الكتب الوطنية فى هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث قد أطلقت فى العام 2009 سلسلة رواد المشرق العربي، حيث هناك عشرات الأعمال المتعلقة برحلات الرحالة الأجانب إلى المنطقة العربية، وخصوصاً منطقة الخليج العربي، العائدة إلى فترات زمنية مختلفة، كانت إما طى النسيان الكامل، وإما غير مترجمة بعد إلى اللغة العربية.

وقد سعت دار الكتب الوطنية إلى سدّ هذه الهوة، انطلاقاً من أهمية تجميع هذه المادة الكبيرة فى مكان واحد، مما يوفر معرفة أعمق وأوسع، سواء بالرحلات نفسها، أو بملامح المنطقة وثقافتها وتراثها، خلال فترات قلّ فيها التأريخ والتدوين. ومن هنا كان إطلاق سلسلة رواد المشرق العربى، التى نشر عشرات الأعمال منها حتى اليوم، ولم يكن الهمّ نشر هذه الأعمال فحسب، بل تدقيقها ومراجعتها مراجعة صحيحة، بحيث تخرج بأقلّ قدر ممكن من الأخطاء والمغالطات.