بسم الله الرحمان الرحيم
*إلى كل محبي الفصيح اخترت لكم مقتطفا من معلقة امرؤ القيس والتي تعددت الأغراض فيها..وبما أنّ شاعرنا اشتهر بالغزل الماجن فقد اخترت ما يمكن قراءته من المعلقة من أبيات عفيفة مع حذف المجون،واخترت أبياتا تضمنت الفخر والاعتداد بالنفس
*لقد تربع الغزل على عرش الشعر في العصر الجاهلي وتكاد لا تخلو قصيدة من الغزل حتى وإن لم يكن هو الغرض الأساس فيها فلا بد للشاعر أن يذكر الغزل في قصيدته، واقتصرت أغلب القصائد الغزلية على وصف الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم وكان الشعراء يتفننون في وصف هذا الجمال ويعد امرؤ القيس زعيم الغزل الفاحش في ذلك الوقت فمن يكون شاعرنا؟

امرؤ القَيس
130 - 80 ق. هـ / 496 - 544 م
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي.
شاعر جاهلي، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، مولده بنجد، كان أبوه ملك أسد وغطفان وأمه أخت المهلهل الشاعر.
قال الشعر وهو غلام، وجعل يشبب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى حضرموت، موطن أبيه وعشيرته، وهو في نحو العشرين من عمره.
أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل ينتقل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال:
رحم الله أبي! ضيعني صغيراً وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر. ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد، وقال في ذلك شعراً كثيراً
كانت حكومة فارس ساخطة على بني آكل المرار (آباء امرؤ القيس) فأوعزت إلى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس، فطلبه فابتعد وتفرق عنه أنصاره، فطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السموأل، فأجاره ومكث عنده مدة.
ثم قصد الحارث بن أبي شمر الغساني والي بادية الشام لكي يستعين بالروم على الفرس فسيره الحارث إلى قيصر الروم يوستينيانس في القسطنطينية فوعده وماطله ثم ولاه إمارة فلسطين، فرحل إليها، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، فأقام فيها إلى أن مات.




ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي

ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي
إلى هنا انتهت العفة وبدأ المجون ..انتهت العفة ببكاء أطلال سلمى هذه المرأة التي أحبها الشاعر وهي متزوجة فكان يتربص بها بالرغم من زواجها،و لم يكفه هذا بل وتجرأ على زوجها بالقدح بعد أن قضى مآربه،فأخذ امرؤ القيس يهجو بعل سلمى ويمدح نفسه في نفس الوقت قائلا:
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ
وهذا بعض الشرح لتتضح معاني الجزء الثاني من القصيدة:
المشرفيُّ: سيف نُسِب إلى المشارف وهي من قرى الشام/المسنونة:هي السهام المحدّدة المرقّقة/أغوال:ج غول/المهنوءة: الناقة المطلية بالقطران/الرجل الطالي:وصف لهذا الرجل
*أراد امرؤ القيس أن يبين استحالة قدرة بعل سلمى على قتله وهو لا ينام بغير سيفه المشرفي الحادّ،وفي نفس الوقت هذا الزوج لا رُمح له ولاسيف ولا يرمي النبال..ثم يواصل تعجبه ويقول كيف يمكنه قتلي وقد شغفت قلب سلمى حبّا...و يُواصل مصرحا بأنّ سلمى تعلم علم اليقين بأن بعلها لايمكنه قتل شاعرنا امرؤ القيس وإنما تهديده له هو هذيانٌ لا يمكن تحقيقه(شرح من اجتهادي)
*للإفادة: يُشار إلى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال:"امرؤ القيس هو أشعر الشعراء وحامل لوائهم إلى النار"