مقالة ساخرة أعجبتني ....منقولة عن الكاتب كنان مصطفى الكردي مقالات واراء



السلام على سايكس .....و رحمة الله على ايام بيكو ...


لم يخطر على بال من نحيا في أطر رسم أقلامهم أن نصل إلى هذه الدرجة من الحضيض, فقد تجرؤوا وقسموا الأمة إلى بضع و عشرون دولة, فشتمناهم و لعناهم و عشنا دهوراً نحملهم سبب انحطاطنا و تشرذمنا,


و لكن ما عذرنا اليوم و نحن نقسم المقسم؟ ما عذرنا اليوم و نحن نلهث في زيادة طعنات الخناجر في جسد الأمة؟ السودان سودانين و فلسطين فلسطينين و العراق عراقات و ما يلوح من بعيد أشد و أعظم..



و كأن بنا نتناسل دول و أمم, و كأننا نرى فحولتنا في زيادة عديد دولنا, نبحث عن شماعة جديدة فلا نجد إلا لائحة أعدائنا, بلغت بنا الحماقة لنظن أن عدونا لن يعمل لأجل إضعافنا, إنها المؤامرة, جعلناها نظرية, فهي الإنجاز الفكري الوحيد الذي استطعنا إضافته حديثاً لنخفي به عجزنا و حماقتنا, فما المؤامرة إلا خطة للعدو لم يسعفنا غباءنا في معرفتها إلا بعد نجاح تنفيذها على أكمل وجه, فنعزي أنفسنا و نتشدق و نقول نظرية المؤامرة.

جرحنا يدمى بخنجرنا لا بسيف عدونا, خنجرنا مكمن فخرنا على خاصرتنا, لا بل في خاصرتنا, جردناه من غمده و سرنا, في كل خطوة جرح جديد أو لنقل إنجاز دنيء جديد نفاخر به الأمم, دائنا ليس كمثله داء, لدينا المقدرة على أن نحول كل قيمة فكرية مهما عظمت إلى معول هدم, إذا تدينا افترقنا, إذا تثقفنا افترقنا, إذا تغربنا افترقنا, إذا تخلفنا افترقنا..



وكأنما التشرذم لدينا هواية متوارثة, كنا و منذ آلاف السنين و ما زلنا نؤرخ وفق حروبنا الداخلية, قتلنا من أنفسنا بأيدينا أضعاف ما كان بيد أعدائنا و لا زلنا نقول مؤامرة, جعلنا من سايكس و بيكو دراويش أمام ما قمنا به, فأمة يعبث بها أعداؤها عشرات السنين غير جديرة بأن تحيا.



لا يسعنا إلا أن نجلد ذاتنا عله يكون حد يجعلنا نصحو و نرتدع عن نزوات جديدة فالمهمة ملقاة على عاتق الجميع كبيراً كان أم صغيراً, نحتاج إلى دقيقة صمت, دقيقة صمت بكل معنى الكلمة, نلجم بها ألسنتنا الطويلة لنفكر فيما جرى للسودان متعظين لا غافلين, لنكن على قدر المسؤولية لمرة واحدة في حياتنا, فلا توجد أمة متماثلة الأعراق و الأجناس, فالاختلاف سنة كونية من سنن الله, و أما قيم التعايش و التجانس و التوحد فهي تكليف وجب علينا النجاح به كي نحيا.

دعونا نصحو قبل أن نضطر المؤرخين إلى شيء من الواقعية و المصداقية فنعدل تاريخنا ليكون سايكس و بيكو من أبطال الأمة اللذين نمجدهم و نرجو لهم المغفرة.