فكن من هؤلاء السعداء
..





الذين أحسنوا علاقتهم بربهم ..


فإذا نزلت بك حاجة ..


فصفَّ قدميك في المحراب ..


وعفر وجهك في التراب .. واستعن بالملك الغلاب ..


واصدق في لجئك .. وابك بين يدي ربك ..


فإذا رأى الله منك الذل والانكسار .. وصدق الحاجة والاعتذار ..


كشف عنك الضر .. ومنَّ عليك بانشراح الصدر ..


فعندها تذوق لذائذ الصالحين .. وتحيا حياة المطمئنين ..


وفي القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإقبال عليه .. والإنابة إليه ..


ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه :


أن رجلاً فقيراً كان له بغل يكاري عليه من دمشق إلى الزبداني

قال هذا الرجل :
فركب معي ذات مرة رجل فمررنا على بعض الطريق على طريق غير مسلوكة

فقال لي: خذ في هذه فإنها أقرب ..

فقلت: لا خبرة لي فيها ..
فقال: بل هي أقرب ..
فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة

فقال لي: أمسك رأس البغل حتى أنزل ..
فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسل سكيناً معه وقصدني .. ففررت من بين يديه وتبعني ..
فناشدته الله وقلت : خذ البغل بما عليه ..
فقال هو لي : وإنما أريد قتلك .. فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل ..

فاستسلمت بين يديه وقلت: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين فقال: عجل .. فقمت أصلي فأرتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد ..

فبقيت واقفاً متحيراً وهو يقول: هيا افرغ ..

فأجرى الله على لساني قوله تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"

فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده فخر صريعاً ..

فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت ؟

فقال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

قال: فأخذت البغل والحمل ورجعت سالماً.


وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر وضاق صدره .. فزع إلى الصلاة ..


وكان يقول أرحنا بالصلاة يا بلال ..


وقد قال صلى الله عليه وسلم : جعلت قرة عيني في الصلاة ..


وكان للصالحين مع الصلاة شأن عجيب ..



قال أبو سليمان الداراني يقول : بينما أنا ساجد بالليل إذ غلبني النوم .. فإذا أنا بحوراء ..




فركضتني برجلها وقالت :حبيبي أترقد عيناك .. والـمَـلِك يقظان ينظر إلى المتهجدين ؟


بؤساً لعين آثرت لذة نوم على لذة مناجاة العزيز .. قم فقد دنا الفراغ .. ولقي المحبون بعضهم بعضاً .. فما هذا الرقاد ؟


حبيبي وقرةَ عيني .. أترقد عيناك ؟؟ وأنا أربى لك في الخدور منذ خمسمائة عام ؟ ..


الله أكبر تعب هؤلاء في الصلوات .. وفارقوا الشهوات .. حتى تزينت لهم الحور في الجنات ..



( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ) ..

المصدر كتاب عيش السعداء

للشيخ محمد بن عبد الرحمن العريفي