إِن رَحَلُو وَتَرَكُوْك وَوَرَاء ظُهُوْرِهِم خَلِّفُوك
فَأَدِر لَهُم ظَهْرَك شَامِخَا
وَإِتَّجِه لِلْطَّرِيق الْمُعَاكِس
فَحَتْمَا سَتَجِد إِنَاس خَيْرا مِّنْهُم
يَسَتَحَقَوَنَّك وَيَسْتَحَقُوك

وَلِتَهْمِس لِنَفْسِك وَأَنْت سَائِرا بِهَذَا الْطَّرِيْق
أَن مَا فَات لَن يَتَكَرَّر
وَان الْعُمْر الَّذِى مَضَى لَا يَعُوْد لِلْوَرَاء
وَتَذَكَّر دَائِمَا بِأَنَّك خَلَفَتْهُم وَرَاء ظَهْرِك
كَمَا خَلِّفُوك

حِيْنَهَا سَتَسْعَد وَتَنْسَى مِن خَذَلُوك
وَأَعْلَم بِانَّك سَتَلْفُظ آَخَر أَحْلَامُهُم
لِأَنَّك بِدُمُوْع الْقَهْر بَكَيْت كَثِيْرَا لِرَحِيْلِهِم
حَتَّى ثَبَت فَى دَاخِلَك مَوْتِهِم
وَسَتَكُوُن غَيْر قَادِرا لِحَيَاتِك إِرْجَاعَهُم
لِأَنَّهُم إِخْتَارْو الْمَوْت فِيْك
وَقْتِهَا أَعَد بِنَاء نَفْسَك
وَأَزِل بَصَمَاتِهِم مِن جُدْرَان عُمُرِك
وَحَاوَل إِقْتِلاع خَنَاجِرَهُم مِنْ ظَهْرَك
لَكِن ...
دُوْن أَن تَدْمَى نَفْسَك
سَتَشْعُر انَّك وُلِدْت مِن جَدِيْد
وَأَن أَيَّام عُمُرِك الْطَّاهِرَة مَا عَادَت تَتَّسِع لَهُم
وَلَن تَقْف بَعْد الْيَوْم بَمَحَطَات إِنْتِظَارْهُم
لِتَشْتِم رَائِحَة عِطْرَهُم
أَو حَتَّى الْنَّظَر بِأَعْيُنِهِم

وَلَن تُدَقِّق فِى وُجُوْه الْمَارَّيْن مِن حَوْلِك
عَلّ الْصَدَفَة تَجْمَعُك بِهِم
وَسَتَنْسَى الْبَحْث فِى الظِّلَال عَن آَثَارِهِم
تَاكَّد بِأَن الْنَّبْض فِى قَلْبِك بَات لَيْس بنَبِضُهُم
وَان الْمَكَان بِخَيَالِك لَيْس بِمَكَانِهِم
وَلَم يَبْقَى لَهُم عِنْدَك سِوَى الْآَمْس


لِأَنَّك أَجْهَضَتِهُم مَن رَّحِم آحْلامِك كَجَنِين مَيِّت
وَإِن صَادَفْتُك الْظُّرُوْف لْمُقَابْلْتِهُم
فَلَا تَقُل لَهُم شَيْئا
وْإِسْتَقَبْلَهُم بِالْصَّمْت
فَللصَّمّت حَدِيْثا مُوْجِع
تَعْجِز الْكَلِمَات وَالْحُرُوْف عَن تَوْضِيْحُه


" هَمْسَة قَلَم مُنْهَك
"
الْحَيَاة لَا نَشْعُر بَجَمَاِلَهَا
إِلَا بَعْد ان نتَذَوَّق الْحُزْن
فَأَجْعَل مِن الْحُزْن طَرِيْقَا
لْحَيَاة الْسَّعَادَه