اقتربت الأسهم العالمية من أعلى مستوياتها منذ خمسة أشهر ولامس الذهب مستوى 1300 دولار للأوقية، في الوقت الذي اتخذ فيه المتداولون في وول ستريت وجهة نظر متفائلة بخصوص البيانات الاقتصادية الأخيرة، وبدؤوا في الشعور بالارتياح من جهود البنك المركزي الأمريكي لدعم السوق.

وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم العالمية بنسبة 1.6 في المائة، في حين أن السندات السيادية من البلدان الرئيسة تشهد بعض التراجع، وسجل أحد مؤشرات السلع الذي يراقبه المتداولون عن كثب أعلى مستوى له منذ ثمانية أشهر.

وسجل الدولار أدنى مستوى له منذ ستة أشهر، وفي وقت مبكر من جلسة التعاملات الآسيوية سارعت السوق إلى عكس الأثر المترتب على الإشاعات حول تدخل الحكومة اليابانية في الين.

وفي وول ستريت أقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بارتفاع مقداره 2 في المائة في جلسة من أكثر جلسات التداول اندفاعا في حجم التعاملات خلال الأسابيع الأخيرة، وهذا ما يسجل مستوى قياسيا للمؤشر في سبيله لتسجيل أفضل شهر من حيث الأداء في الاندفاع في فترة ما بعد الأزمة. وشعر المستثمرون بالسرور من الطلبات على البضائع الصلبة والتي كانت أفضل من التوقعات، وهي طلبات جاءت في أعقاب الاعتدال في المطالبات بالتعويض عن البطالة والنشاط الصناعي في أيلول (سبتمبر).

ويبدو أن المتداولين يتبنون موقفا مفاده أن وعد البنك المركزي الأمريكي بإدخال المزيد من التحويل المالي إلى ميزانيته العمومية (عن طريق شراء المزيد من سندات الخزانة الأمريكية)، وهو ما يعرف بالتسهيل الكمي، من شأنه إعطاء المساندة التي يحتاج إليها الاقتصاد؛ حتى يتجنب الوقوع في ركود اقتصادي يتبعه انتعاش قصير الأجل.

وعلى سبيل المثال تجاهل المستثمرون المزيد من علامات الضعف في سوق القروض العقارية، حيث كان المتداولون يتحدثون عن الجهود الحكومية المحتملة لإنقاذ أصحاب المساكن من خلال برامج إعادة التمويل وتخفيض أسعار الفائدة على القروض.

وقال أحد المتداولين في أحد البنوك الرئيسة في نيويورك: ''حتى لو كان هناك المزيد من البيانات الاقتصادية السلبية، فإن الناس يستبقون إجراءات السيولة. كل شخص يقفز الآن على الفكرة القائلة إن المستهلك سيحصل على المزيد من المساعدة من الحكومة بصورة أو بأخرى''.

وقد جاء أفضل تعبير موجز عن هذه النزعة على لسان ديفيد تيبر، وهو مستثمر معروف للقيمة ورئيس صندوق التحوط أبالوزا Appaloosa، حيث قال في مقابلة مع تلفزيون CNBC في وقت مبكر: ''ما هي الأشياء التي ستكون في وضع جيد؟ الجواب: كل شيء، على المدى القريب، لكن بخلاف السندات''.

والواقع أن السندات السيادية تعرضت لعمليات بيع مكثفة، لكن عوائدها تظل ضمن مسافة قريبة من مستوياتها الدنيا الأخيرة. كذلك استمر الدولار في الهبوط، في الوقت الذي عمل فيه خيط آخر من المزيد من السيولة داخل الاقتصاد الأمريكي على دفع التوقعات التضخمية إلى الأعلى. واستفاد الذهب والفضة من القرار نفسه، حيث لامس كل منهما مستويات عالية.

العملات الأجنبية: في بداية الجلسة العالمية، كانت جميع الأنظار مركزة على العملات الأجنبية. وأثناء التعاملات قفز الدولار إلى الأعلى في مقابل الين، حيث ارتفع من 84.50 ين إلى 85.30 ين للدولار خلال بضع دقائق، في الوقت الذي شعر فيه المتداولون بأن وزارة المالية اليابانية تجعل الآخرين يشعرون بحضورها. ورفضت السلطات في طوكيو تأكيد وقوع أي تدخل. لكن كان من الواضح أنه لو حدث التدخل فعلا فإن وزارة المالية اليابانية ستشعر بخيبة الأمل بسبب الضجة التي حصلت عليها من الدولار. وأقفل الين جلسة التعاملات بزيادة طفيفة في مقابل الدولار، عند 84.26 ين للدولار. وحين تدخلت طوكيو في الأسبوع الماضي، هبط الين بسرعة بنسبة 3 في المائة.

ولعل المتداولين أدركوا كذلك أنه سواء تدخلت وزارة المالية أم لم تتدخل، فإن المحاولة السابقة لتخفيض قيمة الين، والجدل الحالي بين الولايات المتحدة والصين بخصوص (اليوان)، هو دليل على اتجاه عام نحو التخفيض التنافسي للعملات، وهو منهج يعرف بالاغتناء على حساب إفقار الجار، ولا يبشر بخير بالنسبة إلى التجارة العالمية.

وفي وقت متأخر من جلسة التعاملات ارتفع اليورو بنسبة 1.3 في المائة مقابل الدولار، ليصل السعر إلى 1.3490 دولار، وهو أفضل أداء له منذ خمسة أشهر. وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات للشركاء التجاريين، بنسبة 0.9 في المائة؛ ليصل إلى مستوى متدن جديد هو الأدنى منذ سبعة أشهر.

وفي أوروبا افتتحت البورصة الأوروبية بمستويات أدنى، حيث اقتفت الهبوط المتأخر لمؤشر ستاندارد أند بورز 500 بنسبة 0.8 في المائة، وهو ما جعل هذا المؤشر القياسي يستقر دون مستوى 1130 نقطة. لكن بيانات البضائع الصلبة والحديث حول التسهيل الكمي كان من شأنه هندسة تغير حاد في الاتجاه.