المصدر بال اف اكس

بعد الارتفاعات القوية للدولار في عام 2008 و اوائل عام 2009 و بقيمة بلغت ذروتها في اذار/مارس و من اجل مكافحة اسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية,خفض مجلس الإحتياطي الفدرالي سعر الفائدة الى مستوى لم يسبق له مثيل ونفذ سلسلة من السياسات لتخفيف كمية العرض النقدي ( التخفيف الكمي).
كما ان مشكلة العجز المزدوج (الحساب الجاري و العجز المالي) قد وضعت مكانة الدولار كعملة احتياطية في مخاطر مما جعل المستثمرين يستغنون عن العملة الخضراء,اضافة الى المخاوف حول مستقبل الدولار و كذلك الزيادة في الاقبال على المخاطرة و التوقعات الاقتصادية العالمية في وقت لاحق من 2009 جلبت تلك العوامل الدولار الى مستويات متدنيه للغايه.
و نتيجة لهذا الاجراء الفدرالي هبط مؤشر الدولار بنسبة 13% مقابل العملات الرئيسية بعد ان ارتفع بنسبة 2.5 % في اذار/مارس و على اساس سنوي انخفض بنسبة 8% منذ عام 2003,و على الرغم من الانتعاش المتواضع في ديسمبر 2009 بقي مؤشر الدولار يحوم عند ادنى مستوياته التاريخية, و لكن على اساس القوة الشرائية بدا الدولار مقوما بأقل من قيمته الحقيقية مقابل العملات الرئيسية.
هذا و ساعدت سياسات نقدية و مالية ضخمة على اعادة تشغيل محرك النمو في الولايات المتحدة مع تحول البيانات الاقتصادية الى اكثر ايجابيه, ومن المتوقع ان يفوق النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة نظيراته من الاقتصادات المتقدمة حيث نمت انتاجية العمال 4% في الربع الثالث من 2009 بالمقارنة مع انخفاض في المانيا و المملكة المتحده,مع توقعات بسرع انتعاش سوق العمل في الولايات المتحدة.

و في الواقع , كان تقدير اليورو و الين في عام 2009 عائقا لتحقيق النمو الاقتصادي في منطقة اليورو و اليابان, كما ان التوسع الاقتصادي في اليابان لا يزال بطيئا و هشا,و على الرغم من التدابير التوسعية التي اتخذتها الحكومة اليابانية فان هذا الخطر قد يطول.

حينها دعا رئيس الوزراء الياباني البنك المركزي لعقد اجتماع عاجل في منتصف ديسمبر/كانون الأول, ولكن محافظ البنك المركزي الياباني ( ماساكي شيراكاوا) و زملاؤه امتنعوا عن الإعلان عن المزيد من الإجراءات المتعلقة بالسياسات النقدية و الإلتزام بنسبة 0,1 % على 10 تريليون ين (111 مليار دولار ) من برنامج الإقراض المعتمد.
و من المتوقع و على نطاق واسع أن البنك المركزي الياباني سوف ينفذ سياسات اكثر توسعية لتعزيز النمو, اما في المملكة المتحدة فلا يمكن استبعاد اتباع سياسة التخفيف الكمي في حال استمرت معدلات النمو في الإنخفاض , حيث اتسع العجز في الحساب الجاري بنسبة 10 % بمعدل شهري في الربع الثالث من 2009, و كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ارتفع العجز الى 3 % من 2.8 % و على الرغم من ذلك فإننا نرى ان هناك توجه الى تقليص العجز كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ الذروة التي بلغها في الربع الرابع من 2005.

العجز المالي في الولايات المتحدة ما يزال مرتفعا , حيث بلغ (العجز المزدوج) من الناتج المحلي الإجمالي نسبة 12,3 % في الربع الثالث من 2009 على الرغم من انه تعافى بشكل متواضع من مستواه القياسي عند 15,6 % في الربع الأول من نفس العام, و لا تزال هذه القراءة المزدوجة مثيرة للقلق.
ومع ذلك, فإنني اعتقد ان العجز المالي في الولايات المتحدة يبقى قريبا من بر الأمان,بينما الأوضاع المالية في أوروبا و اليابان قد تزداد سوءا , ففي الإنتخابات الأخيرة وعدت الحكومات اليابانية و الألمانية بزيادة الإنفاق الحكومي و خفض الضرائب , بينما من المرجح ان تركز الولايات المتحدة على تضييق العجز في 2010.

و تكمن المشكلة الرئيسية فيما اذا كان التعويض في عجز تدفق رؤوس الأموال في تحسن ام لا , كما انه من السابق لأوانه القول انه سيرتفع في المدى القريب و لكن بما ان الميزانية العمومية للولايات المتحدة ستبدأ بالتحسن سوف يتجه المستثمرين نحو شراء الأصول في الولايات المتحدة و لا سيما عندما يتم تداول الدولار عند ادنى مستوياته التاريخية