السلام عليكم اخواني الاعضاء

هادا الموضوع هو احد مقالات الاستاد ايمن بارود لتي انزلتها في الموضوع الخاص بمقالاته الموجود في توقيعي وبما انه المقالة عن شهر رمضان وضعتها في موضوع منفرد لتكون افادة لنا ان شاء الله لما فيها من نصح وفائدة


وماذا الآن في رمضان ؟




وهل رمضان أهل البورصة هو غير رمضان سواهم من الصائمين
؟

قد لا يكون كذلك ، ولكنه كذلك يجب أن يكون .
نحن قومٌ مميزون ، وشهرنا لا بد أن يكون على ما نحن عليه من تميز .

نعم ، واستنادا على كلّ ما املك من مصادر ثقة ، وارتكازا على كلّ ما ادرك من منابع معرفة ، وعونا بكل ما يتوفر من وسائل تأكيد وبرهان وجزم ، أراني أقول : نحن قومٌ مميزون .

من المتميز إن لم يكن ذلك الذي امتلك حفنة صغيرة من المال ، فآثر أن يقتحم عالم المال الواسع بها ، على ان يزحف أمام ابواب متنفذين مستجديا وظيفة تمنّ بها عليه مصالحهم الذاتية ؟

من المتميز إن لم يكن الخائض في مخاطر سوق ، راكبا تقلبات لججه المخيفة ، مرتعشا لا خاشيا ، محجما لا مترددا ، مقدما لا متهورا ، آملا لا طامعا ، رابحا لا غانما ، خاسرا لا منهزما ، طالبا لا مستجديا ؟
من المتميز إن لم يكن ذلك الذي تزلّ قدمه مرّة فيكبو ، ثمّ ، لا تراه وإلا ، قد انتفض من جديد ، ومن جديد انتصب ، كمارد ، كعملاق ، وعاد يبني ما رسم .
اجل ، المتميزون هم نحن ، لا غيرنا ،

فكيف تراه يكون شهرنا الفضيل
؟

دعوتي الاخوية المتميزة للاخوة المتميزين ، ألا يكون شهرنا فقط دعوات لله عزّ وجلّ بزيادة ربحنا ، ومباركة ملكنا ، وتعزيز سلطاننا .

دعوتي الاخوية المتميزة ألا يكون شهرنا - أو لا يكون فقط - مائدة وصحنا وشوكة وسكينا .

لذتي في ان يكون شهري تعبدا ، والتعبد صيام ، والصيام يتلوه قوت لا طعام ، وأستشعر فرقا هائلا بينهما ...

هلمّوا إخواني نتقوت في رمضان فيتبارك بنا ولنا وعلينا .
هلمّوا نتقوت فيكون صيامنا بذلك اكثر تاهلا ، وصلاتنا اكثر اتصالا ...
نتقوّت ؟
نعم .
وفي رمضان ؟
نعم ، وألف الف نعم .

تعالوا نتقوّت في رمضان . تعالوا نفكك حروف هذه الكلمة ، ونستشعر ، سوية ، أصداء متميزة منبثقة من واوها المشدّدة . اصداء مميزة لا يحسها الا من عرف نعمة مداواة جوع الصيام بجوع التقوت في الافطار !!

جوع الإفطار ؟
وهل يعقل أن يكون الإفطار جوعا ؟

نعم ، وإن لفي ذلك لذة لو احسها ملوك الارض لحسدوا عارفيها عليها .

وإن حصل هذا ، فماذا بعده
؟

إذ ذاك ، وإذ ذاك فقط يمكننا ان نحسها ، الحقيقة المثلى ، وأن نقولها :

أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال فرحة إلى قلب يتيم حزين ؟

أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال لقمة الى فم جائع مسكين ؟

أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال نعمة الى نفس واحد من اليائسين التائهين ؟

أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن تسامحا بين الطوائف ، ولقاء بين الفرق ، وسلاما بين المختلفين ، وتقاربا بين المتباعدين ؟

أي فرح في الشهر المبارك ، ان لم يكن إعلان بداية معركة الجهاد الاكبر ، الجهاد اليومي الملازم لنا ، طيلة فترة إقامتنا على وجه البسيطة .

والجهاد الأكبر ، أي معنى له ؟

أي معنى له إن لم يكن معركة قمع واغتيال وتفجير وتفخيخ يومي ، يمارسها كل واحد منا ، ضدّ أناه اللعينة ، أناه الحاملة لكل بذور الذات ، الذات الملتصقة بالتراب ، التراب المخضع للشهوات ، الشهوات المؤتمرَة للرغبات ، الرغبات المستحيلة شرورا وشذوذا .

وما شأن البورصيّ في كل هذا
؟

شأنه كثير كثير
!
البورصيّ الرابح شانه ان يفكر الآن بالعطاء ، بالعطاء غير المشروط ، ولا ينغمس بالدعوات لمزيد من الربح .

شأنه ان يكون عطاؤه متجردا ، لا منّة فيه ولا طلب .

البورصيّ الرابح شانه الآن ان يعطي مما اخذ !

شأنه ان يعطي ، لا ان يزرع انتظارا لمكافأة مقابلة لعطائه .

شأن البورصيّ الرابح ان يعطي ، ولا يهب .

دعوتي لكم إخواني الرابحين .

أعطوا كما تعطي الياسمينة شذاها ، هكذا دونما حساب ، دونما منة أو طمعا بتعويض العطاء .
أعطوا كما البلبل يعطي شدوه ، كما الريحانة تنشر شذاها ، كما الساقية تنشد حداها ، في وادٍ من اودية لبنان الجريح !

أعطوا ولا تنسَوا الى جانب فلسطين ، وطنَ النجوم ! دعواتكم له بالخلاص !

والبورصيّ الذي عثر حظه ، وزلت قدمه ، فهو إن احتاج في الشهر الفضيل فالى تأمل وتفكر ، إلى راحة وقتية ينصرف فيها الى ترتيب ما تعطل ، وتقويم ما تعثر ، انتظارا لمرحلة قادمة قد يكون له فيها ما لم يكن في ما سبقها ...

كلّ واحد منا مرّ بخسارة او خسارات . كلّ واحد منا عرف خيبة أو خيبات . كلّ واحد منا واجه امتحانا أو امتحانات .

المهم ، ألا يسمح لقلبه بالانكسار ، ولعزمه بالانحسار .

المهم المهم ، ألا يخرج عن نطاق التحليل المنطقي الدقيق لواقع حاله ، مستسلما لهواجس وظنون وتقديرات ، لا جدوى منها ولا نفع .

المهم المهم ، ان يحلل وضعه ، ويتبصر في ما اودى به الى ما هو فيه ، وما منع الربح عنه او ما منعه عن الربح ، وان تكون له الجرأة في اتخاذ القرار .

قرار تغيير لطريقة عمل ونهج تصرف ومنهج اداء كان قد اتبعها . قرار مداوة عادة تحكمت بنفسه وفرضت عليها ما ليس محمودا . قرار تطوير لما وضح الان انه لم يكن بكاف لتحقيق ربح مرغوب ، ونجاح محبوب .

وإن تعذر كلّ هذا !

إن تعذر كل هذا ، فدعوتي لكل من ثبت له إن هذا العمل بات عصيا عليه ، أن يتحلى بالشجاعة الكافية ، للانصراف عنه ، الى لا عودة ، أو لفترة ، قد يفتح الله له فيها بابا، كان في ما مضى موصدا .