(السوق اليوم)
أربعة أسباب لتجنب الولايات المتحدة الهجوم على السياسة النقدية للصين

الملخص:

تشير آخر التقارير حول التدخل في سعر صرف العملات إلى التطورات الحالية التي طرأت على العلاقة بين الولايات المتحدة و الصين و ما شهدته من تغيرات مؤخراً.

العناوني الرئيسية:

الولايات المتحدة:
أصدرت الولايات المتحدة التقرير نصف السنوي لتداول العملات و هو التقرير الأول منذ تولي "جيثنر" وزارة الخزانة الأمريكية. جاء التقرير خالياُ من إدراج الصين بين الدول التي تتدخل في سعر صرف عملتها، على الرغم من ذلك، ذكر التقرير أن اليوان الصيني من العملات التي لا زالت تتعرض لخفض قيمتها من جانب السلطات المالية..

الصين:
سجلت قراءة الناتج الإجمالي المحلي بالصين 6.1% أي أسوأ القراءات ربع السنوية من بداية التسجيل عام 1992 و و هو ما تجاوز التوقعات التي أشارت إلى 6% فقط، بينما جاءت القراءة منخفض مقارنةً بقراءة الربع الأخير من 2008 التي سجلت 6.8%. ووفقاً لما صرح به "لي زياووتشاو"، الناطق باسم مكتب الإحصاء الصيني، يواجه الاقتصاد الوطني الصيني ضغوط تباطؤ شديدة إلى الدرجة التي لا يمكن عندها تحديد الصورة التي من الممكن أن يكون عليها في المستقبل القريب و هو ما يصعب المهمة الحالية للقائمين على الاقتصاد الصيني في ظل الأزمة الحالية و يجعلها مهمة أكثر من صعبة علة حد تعبيره. و أضاف "لي" أن المكتب الإحصائي الصيني على وشك إصدار البيانات ربع السنوية لتوقعات النمو لعام 2010..

كما ارتفعت استثمارات الأصول الثابتة الصينية إلى 30.3% على أساس سنوي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 26.5%. في غضون ذلك، ارتفع المعدل السنوي للإنتاج الصناعي بنسبة 8.3% وفقاً لقراءة مارس مقابل 3.8% في يناير فبراير على التوالي. كما ارتفعت مبيعات التجزئة الصينية بنسبة 14.7% مقابل الارتفاع المحقق الشهر الماضي بنسبة 15.2%. في نفس الوقت، هبط مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 1.2% على أساس سنوي مقابل الهبوط بنسبة 1.6% الذي سجلنه قراءة فبراير (و هو ما جاء على خلاف التوقات التي أشارت إلى 1.4-%). و أخيراً، هبط مؤشر أسعار المنتجين خلال الربع الأول و على أساس سنوي بنسبة 4.6%..

تايلاند:
هبط التصنيف الائتماني المحلي و الأجنبي للبلاد إلى A- و A على الترتيب مقابل BBB و BBB+ على الترتيب أيضاً وفقاً لتقرير وكالة "فيتش" للأبحاث و الدراسات الاقتصادية. و أشار التقرير أيضا ً إلى ما يلي:

"يعتبر السبب الرئيسي في هبوط التصنيف الائتماني للبلاد هو انتشار صور الضرابات السياسية في البلاد و الضعف الهيكلي للحكم التايلاندي و هو ما يلقي بظلاله على السلطة الحالية في تايلاند و عدم قدرتها على توفير المصداقية التي من الضروري أن تتسم بها القيادة السياسية"..

المملكة المتحدة:
وفقاً لتقرير اتحاد تجار التجزئة البريطاني، هبط صافي مبيعات التجزئة (باستثناء مبيعات التوسعات التي قامت بها الأعمال المتضمنة في عمليات القياس و مؤسسات الأعمال التي أغلقت على مدار العام) بنسبة 1.2% في مارس الماضي في أعقاب الهبوط بنسبة 1.8% في فبراير. بينما ارتفعت القراءة الإجمالية لمبيعات التجزئة البريطانية بنسبة 0.6% في أعقاب الارتفاع 0.1% في الشهر السابق. كما صرح اتحاد الصناعة البريطاني بأنه يصعب المقارنة بين قراءة مبيعات التجزئة في هذا الشهر و نظيرتها في نفس الوقت من العام الماضي حيث جاء معدل مبيعات التجزئة لعيد الفصح منخفضاً نسبياً مقارنة بمبيعات هذه الفترة في مارس من 2008..

كما صرح الخبير الاقتصادي بـ "مورجان ستانلي" و المرشح لعضوية لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا، "دايفيد مايلز"، بأن المرحلة الأكثر خطورة من الركود في اقتصاد المملكة المتحدة قد انتهت بالفعل..

ففي لقاء له مع"ويسترن ميل"، قال "مايلز" أن معدل الفائدة للبنك المركزي و برنامج التسهيل النقدي جنباً إلى جنب مع برامج الإنفاق الحكومي أصبح لها آثاراً ملحوظة على الاقتصاد البريطاني خاصةً فيما يتعلق بمعدلات الطلب و ما شهدته ما انتعاش مؤخراً..


نيوزلندا:

ارتفعت قراءة مؤشر أداء رؤوس أموال الأعمال التصنيعية الصادر عن بنك الاحتياطي النيوزلندي بنسبة 1.8% وفقاً لقراءة مارس ليصل إلى 40.7%، على الرغم من ذلك، تعتبر هذه هي القراءة الثالثة الأكثر انخفاضاً منذ بدء التسجيل بالمؤشر، علاوة على انخفاضها عن قراءة مارس من 2008 التي سجلت ارتفاع بنسبة 6.5%..

كما علقت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية على البيانات المشار إليها أعلاه بما يلي:

"لا زال أمام بنك نيوزلندا المجال الذي يسمح له بالمزيد من خفض الفائدة و تطبيق إجراءت التسهيل النقدي من أجل التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور حيث يمكن التعامل مع المعدلات المنخفضة للتضخم من خلال القدر الكبير من الحرية الذي يتوافر للبنك المركزي و الذي من الممكن أن يعمل على ضبط إيقاع الاقتصاد النيوزلندي تمهيداً لتحقيق التعافي في نهاية الأمر"..

منطقة اليورو:
هبط الناتج الصناعي لمنطقة اليورو بنسبة 2.3% و هو ما وصل بالمعدل السنوي إلى 18.4% وفقاً لقراءة فبراير، و على الرغم من أن الانخفاض الشهري قد بدأ في السير على وتيرة أبطأ من ذي قبل لتأتي القراءة أفضل من التوقعات، إلا أن ثمة تكهنات تشير إلى 2.4-%، إلا أنه يعد الهبوط للشهر السادس على التوالي. في نفس الوقت، تشير بيانات أخرى إلى أن المعدل السنوي للتضخم قد وصل إلى 0.6% وفقاً لقراءة مارس أي ادنى المستويات منذ 1996..

بهذا الصدد، صرح عضو مجلس إدارة المركزي الاوروبي، "إريكي ليكانن"، بما يلي:
"إذا ما تتبعنا جميع المؤشرات، فسوف نكتشف أن قدراً من الاستقرار قد بدأ في التوافر بالنسبة لأداءها و ذلك على الرغم من المستويات المنخفضة. كما ينبغي أن نكون غاية في الحذر قبل اتخاذ أي قرارات حتى تكتمل لدينا الصورة و نتمكن من الإلمام بجميع البيانات" و أضاف "هناك احتمال كبير لأن نلجأ إلى خفض الفائدة و اتباع سياسة التسهسل النقدي بعد فترة و ذلك بهدف إحداث آثار إيجابية على معدل الطلب و حينها نستطيع القول بان المراحل الخطرة من الركود قد ولت"

سويسرا:

هبط المؤشر المجمع لأسعار المنتجين و الصادرات السويسري بنسبة 0.5% و 2.8% على أساس سنوي في مارس و هو أعمق درجات الهبوط التي تعرض لها المؤشر منذ 1999..

التعليقات:

يسهل على القارئ العادي أن يتذكر البيان الكتابي الذي قدمه وزير الخزانة الأمريكي، "جثنر"، الذي صدر في منتصف يناير الماضي و الذي تضمن "تكونت لدى الرئيس أوباما – مدعوماً بفريق من أكبر خبراء الاقتصاد الأمريكيين – القناعة بأن الصين تتدخل في سعر صرف عملتها المحلية". و على الرغم من أن رئيس الوزراء الصيني، وين"، قد اقتصر على الرد الموجز الذي أدلى به إلى الـ "فينانشال تايمز" في أوائل فبراير الماضي و الذي يدل على شيء واحد فقط؛ هو أن هناك مخاوف تنتاب الصين حيال الولايات المتحدة و حيال مستقبل الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة و هو الرد الذي اتسم بقدر كبير من الحكمة و أدى بالطرفين إلى تجنب الصدام المباشر. في ضوء ما سبق، تجدر الإشارة إلى أن تقرير تداول العملات نصف السنوي الصادر بالأمس عن الخزانة الأمريكية يحتوي على ما يثير اهتمام القراء..

فقد أظهر تقرير البارحة بأن وزارة الخزانة تتراجع و بقوة عن التصريحات التي تضمنها بيان يناير الذي أطلقه "جيثنر". فعلى الرغم من الحقيقة التي تشير إلى أن هناك القليل من التغير الذي طرأ على السياسة التي تنتهجها الصين في تسيير العملة المحلية خلال الأشهر القليلة الماضية (حيث يتم تداول الدولار/ يوان في نفس النطاق الضيق للغاية الذي سارت في الزوج في إطاره منذ يوليو الماضي) و هو ما يشير إلى أن هناك أربعة أسباب لعدم إدراج التقرير الصين في قائمة الدول المتحكمة في سعر صرف عملاتها المحلية. و هي الأسباب التي نتاولها بشئ من التفصيل فيما يلي:

1-أن الصين قد بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات فعلية تستهدف توفير قدر أكبر من المرونة في سعر الصرف.
2-أن العملة تتمتع بقدر معقول من الاستقرار مقابل الدولار الأمريكي في الوقت الذي هبطت فيه عملات دول الاقتصادات الناشئة مقابل الأخضر.
3-أن الصين قد نجحت في توفير كميات ضخمة من الدولار في إطار احتياطي النقد الأجنبي الخاص بها على مدار الأشهر الأخيرة من العام الماضي.
4-أن الصين قد قامت في الفترة الأخيرة بتنفيذ عدد من الحزم التحفيزية المالية و الاقتصادية و هي الخطط التي استهدفت استئصال قلب الأزمة ووأدها في المهد قبل أن تتفاقم و تشكل عائق حقيقي أمام اقتصاد الصين و هو ما عبر عنه أحد كبار مسئولي المالية بالصين بأن الصين قد نجحت في الوفاء بالتزاماتها تجاه الاقتصاد من خلال هذه الخطط التي ساعدت على الاحتفاظ بالتوازن و الاستقرار الاقتصادي..

و في ظل الأوضاع الحالية من الصعب أن نجد من يختلف مع تصريحات منتدي الخدمات المالية الذي وصف تجنب إدراج الولايات المتحدة للصين في قائمة الدول المتحكمة في سعر الصرف بأنه "دعوة للتعقل". و لكي نكون أكثر تحديداً، فقد حاول التقرير نصف السنوي الأمريكي لتداول العملات احتواء المخاوف الصينية حيال تأمين و سلامة استثمارتها في الأصول الأمريكية بدلاً من إظهار أي قدر من العدوانية تجاه الصين و هو ما يسوغ وصف التحركات الأمريكية في إطار التقرير بـ "التعقل" على حد تعبير بيان منتدي الخدمات المالية المشار إليه أعلاه.


ربما يمثل ما سبق الإشارة ال
أولي إلى مدى خطورة المخاوف الصينية الحالية حيال تأمين و سلامة استثماراتها في الأصول الأمريكية و الوارد ذكرها في إطار اللقاء الذي أجرته الـ "فاينانشال تايمز" المشار إليه أعلاه. و حينما وُجه السؤال إلى "وين"، رئيس وزراء الصين عما إذا كانت الصين سوف تستمر في شراء سندات الخزانة الأمريكية أجاب قائلاً "إنها مسألة غاية في الحساسية و أرجح أن لدينا احتياطي نقد أجنبي ضخم لذا يجب اولاً التركيز في إدارته على الوجه الأمثل و هو ما يشير إلى أن شراء المزيد من سندات الخزانة من العوامل التي قد تساعد إدارة مخزون احتياطي النقد الجنبي بصورة جيدة. أما عن حجم المشتروات المستقبلية من هذه الأوراق المالية و متى نقوم بشراءها فهو أمر خاضع لمدى حاجة الصين و متطلباتها من هذه الأصول علاوة على ضرورة الأخذ في الاعتبار مدى الأمن و السلامة المتوافر لهده الأصول في الوقت الحالي و مدى ما تتمتع به من جودة بالإضافة إلى أهميتها بالنسبة لاحتياطي النقد الأجنبي"..


لعل الأمر قد أضحى أكثر وضوحاً فيما يتعلق بمخاوف الصين ذات الصلة بأمن و سلامة استثمارتها في الأصول الأمريكية. و بهدف إلقاء مزيد من الضوء على هذه المسألة، قامت الصين بتناول هذه المخاوف في إطار الاجتماع السنوي لبرلمان الصين الشعبية المنعقد في مارس الماضي. ففي إطار المؤتمر الصحفي المنعقد عقب اجتماع البرلمان الصيني صرح "وين" بما يلي:

"لقد أقرضنا الولايات المتحدة أموالاً طائلة و من الطبيعي أن نقلق على مصير هذه الأموال و أن تنتابنا المخاوف بشأن تأمينها و سلامتها في ظل تعثر الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن. و حتى نكون أكث شفافية، أؤكد أن لدي بعض القلق بهذا الشأن. و آود أن أوجه الدعوة من خلالكم إلى الولايات المتححدة لأن تحاول باستمرار أن تكون جديرة بالثقة التي يضعها فيها العالم و أن تفي بالتزاماتها فيما يتعلق بضمان حماية و تأمين الأصول الصينية". و أضاف "وين" أن الأولوية الأولى التي يستهدفها احتياطي النقد الأجنبي هي تحقيق الصالح الوطني، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار الحفاظ على استقرار النظام المالي الصيني نظراً للتشابك بين احتياطي النقد الأجنبي و النظام المالي الصيني و ما لهما من أهمية فيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي..

و على الرغم من توافر الأدلة الواضحة على أن الولايات المتحدة قد استوعبت الرسائل الصينية بوضوح، نرى أن الأمر قد أصبح مقنعاً إلى حدٍ كبير فيما يتعلق بالنزول على رغبة الصين و تجنب إثارة إي نوع من أنواع التصادم معها و هو ما يدل على مدى الأثر الذي أحدثه بيان "وين" الأخير و الذي اتسم بالحدة الشديدة علاوة على سلسلة التصريحات التي أدلى بها مسئولو النقد الصينيون و هو ما ينتظر أن نرى آثاره جليةً واضحةً خلال أيام من الآن..



_______________________________
المصدر: Bank of New York Mellon
ترجمة قسم التحليلات و الأخبار بالمتداول العربي..