الاقتصادية - واصل الارتفاع في أسواق الأسهم العالمية نتيجة للتفاؤل بتراجع حدة الأزمة المالية والتحسن الملحوظ في أعراضها الرئيسية أمس مع ظهور بوادر تشير إلى أن البنوك أصبحت أكثر استعداداً لإقراض بعضها بعضا، لكن الأوضاع المالية لا تزال هشة للغاية وأمامها وقت طويل كي تعود إلى وضعها الطبيعي إذ إن التطورات الإيجابية التي تمت الأسبوع الماضي تعد غير كافية لتزيين الصورة القاتمة لمستقبل الاقتصاد العالمي.

وقال تقرير أعده براد بورلاند رئيس الأبحاث الاقتصادية ودراسات الأسهم في شركة جدوى للاستثمار، إن يوم أمس شهد تحسناً ملحوظاً في الأعراض الرئيسية للأزمة المالية حيث سجلت الفائدة على القروض بين البنوك بالدولار لأجل ثلاثة أشهر أكبر هبوط لها منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، وإن كانت مستوياتها الحالية البالغة 4.05 في المائة تظل أعلى من مستوياتها في منتصف أيلول (سبتمبر) التي بلغت 2.81 في المائة، عدا تراجع أسعار الفائدة على القروض بين البنوك بالعملات العالمية الرئيسية الأخرى، علاوة على ذلك هبط الفرق بين الفائدة على القروض بين البنوك والفائدة على أدوات الدين الحكومي الأمريكية للفترة نفسها إلى 3.15 نقطة مئوية بعد أن كان قد سجل 4.5 نقطة مئوية الأسبوع الماضي. وتعد هذه التغيرات دليلاً على تنامي ثقة البنوك بعمليات الاقتراض فيما بينها كما تشير إلى انعكاس هذه التطورات على سوق التعاملات بين البنوك رغم أن الثقة لا تزال متضعضة.

وكان للدعم الكبير من قبل الحكومات للبنوك والزيادة الضخمة في حجم السيولة التي ضختها البنوك المركزية قصب السبق في التحسن الذي شهدته الأوضاع المالية، حيث شرعت حزم الدعم المالي تنساب إلى الجهات المعنية، فقد تلقت ستة بنوك فرنسية قرضاَ تبلغ قيمته الإجمالية 13 مليار دولار من الحكومة الفرنسية وتدرس بعض البنوك الألمانية إمكانية طلب أموال من الحكومة.

وقد أعلنت الحكومة اليابانية صباح أمس في طوكيو أنها تنظر في ضخ أموال في نظامها المصرفي حيث إن توفير السيولة يعد جزءاً أساسياً من خطط الإنقاذ للقطاع المالي التي أطلقتها عديد من الحكومات والتي تنوي اليابان تبنيها الآن. ورغم أن تعاملات البنوك اليابانية اتسمت بالحذر ما جعلها أقل انكشافاً أمام الأصول المالية المتعثرة مقارنة بالاقتصادات الرئيسية الأخرى إلا أن الأموال الحكومية المتوقع ضخها ستوفر المزيد من الثقة بالنظام المالي.

وبينما شرعت الأوضاع المالية في النهوض من كبوتها تحول انتباه السياسيين إلى التركيز على المستقبل القاتم الذي يواجه الاقتصاد العالمي، فقد أعلن رئيس مجلس الاحتياطي المركزي الأمريكي بن برنانكي في واشنطن أمس الأول ولأول مرة دعمه لتقديم خطة جديدة للتحفيز المالي في الولايات المتحدة حظيت بموافقة الرئيس الأمريكي لكنها تتطلب مصادقة الكونجرس عند طرحها عليه. وكان برنامج التعويض الضريبي المقدرة قيمته بـ 170 مليار دولار قد أدى إلى تحسن مؤقت في الاقتصاد الأمريكي خلال شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) لكنه لم ينجح في منعه من الانزلاق إلى حالة الركود. وتشير الأخبار إلى أن كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا تنظر في زيادة الإنفاق الحكومي لدعم اقتصاداتها.

وجاء أداء أسواق الأسهم العالمية قوياً وذلك تمشياً مع التحسن الذي طرأ على الأوضاع الاقتصادية ونتيجة للرؤية القائلة إن أسعار الأسهم المنخفضة تعني أن هناك فرصاً جيدة للمستثمرين ذوي بعد النظر. وقد أغلق المؤشران الأمريكيان داو جونز و إس آند بي 500 البارحة الأولى على ارتفاع بنسبة 4.7 في المائة لكل منهما وكذلك كان أداء الأسواق الأوروبية قوياً حيث ارتفعت السوق البريطانية بنسبة 5.4 في المائة الفرنسية بنسبة 3.6 في المائة، والألمانية بنسبة 1.1 في المائة. وقد أغلقت السوق اليابانية على ارتفاع صباح أمس بلغ 3.3 في المائة بينما جاء أداء الأسواق الأوروبية متبايناً.