الاقتصادية - السؤال الكبير هو إذا ما كانت خطة مجموعة السبع المكونة من صفحة واحدة والتي تم إقرارها أمس كافية لوقف النزيف بينما يشهد المستثمرون مليارات الدولارات وهي تذوب. وفي محاولة لتوسيع نطاق قوة النيران الأمريكية التي تخصصها الولايات المتحدة لهذه المشكلة، أعلن وزير الخزانة هنري بولسون، في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة، أن الولايات المتحدة قررت المضي قدماً في خطة لشراء حصص في عدد كبير من البنوك الأمريكية. وهذه هي المرة الأولى التي تطبق فيها الحكومة الأمريكية برنامجاً من هذا القبيل منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.

ودعا الرئيس الأمريكي بوش، بولسون، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكي، ونظراءها من الدول السبع الصناعية الكبرى، إلى الاجتماع في البيت الأبيض أمس، على أمل من جانب الإدارة الأمريكية بإظهار وجود حل عالمي في مواجهة الأزمة الحالية.

وتحدث بوش عن الفوضى الاقتصادية 21 مرة خلال الأيام الـ 26 الماضية. وقال يوم الجمعة إن برنامج الإنقاذ الحكومي كان قوياً وكبيراً بما يكفي لأن يحقق نجاحاً. وتعهد بقوله "بإمكاننا حل هذه الأزمة، وسنفعل ذلك". وأمضى مسؤولو الدول السبع الصناعية الكبرى ثلاث ساعات من المحادثات خلف أبواب مغلقة يوم الجمعة، حيث أصدروا واحداً من أقصر البيانات في تاريخ هذه المجموعة، إذ كان الأشد مباشرة في الوعد "باتخاذ كل الخطوات الضرورية لفك تجمد أسواق الائتمان والمال" في سبيل إنهاء الأزمة الائتمانية الحادة التي بدأت في الولايات المتحدة قبل عام مضى، ولكنها انتشرت منذ ذلك الحين عالمياً، بينما كانت تزداد حدة.

إن المخاوف من أن الأنظمة المصرفية تجمدت أدت إلى تدافع المستثمرين نحو نقاط الخروج، حيث أكمل مؤشر داو جونز الصناعي للتو أسوأ أسبوع في تاريخه، وتراجع بنحو 2.400 نقطة خلال جلسات التداول الثماني الأخيرة. وتكبد المستثمرون خسائر خلال العام الماضي ما قيمته 8.4 مليار دولار من الخسائر في تعاملات الأوراق المالية. وسعت دول المجموعة السبع، وهي: الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، وكندا، خلال هذه الأزمة، إلى التعبير بلهجة واثقة عن أنها ستعمل ما في وسعها لمواجهة المشكلة في بلدانها.

قام المسؤولون الماليون بالفعل بضخ مليارات الدولارات في أنظمتهم المصرفية، ولكن بتأثير محدود إلى الآن. وبتراجع الأسواق خلال الأسبوع الماضي، سارعت الولايات المتحدة، والدول المعنية الأخرى من إجراءاتها. تعمل الإدارة الأمريكية حتى خارج ساعات الدوام الرسمي لتطبيق برنامج الإنقاذ المالي الذي وافق عليه الكونجرس الأسبوع الماضي بقيمة 700 مليار دولار. ويستهدف أساساً شراء ما قيمته مليارات الدولارات من القروض ضعيفة الأداء المرتبطة بالرهن العقاري من البنوك وغيرها من المؤسسات المالية، في محاولة لإعادة إطلاق عمليات إقراض أقرب إلى ما يتم في الأوقات المعتادة.

غير أن بولسون قال يوم الجمعة إن الإدارة الأمريكية ستشق طريقاً جديداً لمهاجمة الأزمة من خلال برنامج لشراء الأسهم من عدد كبير من البنوك، وغيرها من المؤسسات المالية، على أن تحصل من خلال ضخ رأس المال الجديد على الائتمان الذي يعتبر بمثابة دم الحياة للاقتصاد، بحيث يؤدي إلى الحركة مرة أخرى.

تحركت بريطانيا في أوائل هذا الأسبوع لضخ السيولة في بنوكها المتعثرة مقابل حصص منها، الأمر الذي يعني تأميماً جزئياً. وقال بولسون إن البرنامج الأمريكي سيتم تصميمه لإتمام الجهود الخاصة من جانب البنوك لجمع رأسمال جديد من مصادر خاصة. وتبنى بيان الدول السبع الصناعية الكبرى برنامجاً يحول دون فشل البنوك الكبرى في أي من الدول الأعضاء، وإذابة جمود أسواق الائتمان والمال، ودعم برامج تأمين الرساميل والودائع، وجعل نظام التمويل العقاري يعود إلى عمله المعتاد. وكان انهيار سوق الرهن العقاري هو الذي أطلق حلقات العجز، وكان بمثابة طلقة البداية للازمة المالية في الولايات المتحدة في شهر آب (أغسطس) من عام 2007. في حين أن مجموعة البلدان السبعة لم تتبن جميع الخطط المقدمة، مثل المقترح الذي قدمته بريطانيا بأن تضمن البلدان القروض التي تقدمها البنوك إلى بعضها بعضا، إلا أن وزراء المالية قالوا إنهم اعتقدوا أنهم وافقوا على خطة شاملة من شأنها أن تظهر نتائج ملموسة. أطلقت عليها وزيرة المالية الفرنسية، كريستين لاجارد "منهجاً منسقاً، ومتوافقاً، وفي الوقت المناسب"، بينما قال وزير المالية الألماني، بير شتاينبروك إن التطبيق السريع كان مهماً لأن "الدوامة بالاتجاه الأسفل تزداد سرعة". سيلتقي ممثلو مجموعة البلدان الـ 20 الأكبر – تتضمن أكبر البلدان النامية وأكثرها ثراءً مثل الصين، والبرازيل، والهند – بولسون يوم السبت مساءً. إن مسألة كيفية استطاعة البلدان التعامل مع الأزمة المالية المنتشرة كانت محور النقاشات التي هيمنت على اجتماعات نهاية الأسبوع لصندوق النقد الدولي الذي يضم 185 بلداً، ومؤسسة الإقراض شقيقته، البنك الدولي.

قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "إيكونومي دوت كوم" التابعة لـ "مودي"، إنه كان يعتقد أن الأسواق ستستقر في الأيام المقبلة، طالما أن البرامج الجديدة تحدث نتائج إيجابية في جعل الائتمان يتدفق مرة أخرى. وقال زاندي: "عند هذه المرحلة، فإن صانعي السياسة قالوا الكثير، وفعلوا الكثير. وستريد الأسواق الآن أن ترى إذا ما كانت ستعمل".