لم يكن هناك قط أي تآلف في المزاج بين واشنطن وأهل وول ستريت. إنشاء تحالف لإنقاذ شركات التمويل عن طريق الأموال العامة لا يمكن أن يكون أمراً هيناً، خصوصاً حين يتطلب ذلك إنفاق مبالغ ضخمة دون أي أهداف واضحة أثناء الدورة الانتخابية.

في الأسبوع الماضي كشف هانك بولسون وزير الخزانة الأمريكي، عن خطة لإنقاذ البنوك الأمريكية المعتلة، عن طريق إنشاء صندوق لشراء الأوراق المالية المدعومة بالقروض السكنية. وحين تُشترى هذه الأوراق المالية بأسعار تفوق أسعارها السوقية الحالية، لكنها دون "القيمة العادلة"، فإن من المفترض أن يحقق دافع الضرائب ربحاً من جراء ذلك، وأن تحدد الخطة السعر الأدنى لهذه الأوراق، وأن تتحسن رسملة البنوك، وأن تقايض البنوك موجودات مشكوكا في قيمتها بأموال نقدية صافية.

فهل هذه الخطة ناجحة على نحو يفوز فيه جميع الأطراف؟ لا. فهناك نقاط خلل خطيرة في الخطة. على وجه الخصوص، لا يوجد سبب يجعل المشترين من القطاع العام أفضل من أصحاب العطاءات من القطاع الخاص في وضع السعر المناسب لهذه الموجودات. هذا الأمر ينطوي على إمكانية تكبد خسائر لا يستهان بها. وهذا هو مصدر القلق الذي يتخوف منه الديمقراطيون في الكونجرس، الذين اقترحوا أنموذجاً بديلاً.

يشتمل مشروع القانون الذي اقترحه السيناتور كريس دود على مادة تصر على أن تؤَمّن البنوك على وزارة المالية ضد أية خسائر يمكن أن تتكبدها الوزارة من جراء هذه الموجودات السامة. سيكون من شأن هذا القانون حماية دافعي الضرائب، وإعطاء البنوك حافزاً بألا تقوم بصورة متعمدة ببيع هذه الموجودات على نحو غير سليم.

لكن خطة التأمين التي اقترحها الديمقراطيون تُحَوِّل خطة بولسون الموضوعة أساساً للبنوك الرديئة وجهود الإنقاذ إلى خطة للتصفية من الطراز العتيق. وفي حين أن خطة بولسون تهدف إلى إنهاء مشاعر اللبس التي سببتها البنوك من خلال اقتنائها لهذه الموجودات السامة التي يصعب تقدير أسعارها، فإن من شأن خطة الديمقراطيين أن تستبدل بالموجودات التزاما خطرا يفرض على البنوك تأمين وزارة المالية ضد الخسائر الناجمة عن عملية الإنقاذ.

إذا أريدَ لهذه الخطة النجاح، فالتأمين ينبغي أن يغطي فقط جزءاً من أية خسائر. ولا بد لوزارة المالية من أن تتحمل جزءاً من مخاطر الخسارة، لأسباب ليس أقلها أن نضمن أن الوزارة سيكون لديها في هذه الحالة حافز لإدارة الموجودات بصورة جيدة.

بعض الاقتراحات الأخرى في مشروع قانون السيناتور دود، مثل تحسين الإشراف على المشروع وتقليل حالات تضارب المصالح إلى أدنى حد ممكن، هي اقتراحات معقولة بصورة واضحة. وبعض الاقتراحات، مثل الاقتراح بتحديد رواتب التنفيذيين، ستكون لها شعبية لكنها تجعل البنوك عازفة تماماً عن استخدام التسهيلات الحكومية، وهو أمر من شأنه أن يضرب بصورة مباشرة الهدف الذي وضعت من أجله الخطة في الأساس. ومن الضروري كذلك وضع خطة للحؤول دون سحب المساكن من أصحابها لعجزهم عن السداد، والحؤول دون انتشار العسر إلى قطاعات أخرى، لكن ينبغي التعامل مع هذين الأمرين خارج المهمة الموكولة إلى هذا الجهاز الحكومي الجديد (صندوق الإنقاذ).

لكن من غير الواضح أبداً إن كانت المشكلة التي تعانيها البنوك الأمريكية تتعلق فقط بعدم سيولة موجودات سامة بعينها. هناك احتمال كبير أن البنوك يمكن كذلك أن تعاني نقصاً في رأس المال. وهذه الخطة، حين تجعل من الممكن شراء الموجودات بأسعار تزيد على قيمتها السوقية، فمن المفترض أن تحل مشكلة النقص في رأس المال. لكن الولايات المتحدة بحاجة كذلك إلى خطة لإعادة رسملة قطاعها المالي الهش.