الاقتصادية - قبل بضع سنوات ألفت كتاباً* حول النشاط المفرط لخبراء المال الأمريكيين الذين يلتهمون البنوك المصابة بالأزمات في اليابان.

في ذلك الحين، وعند بداية القرن، بدا واضحاً لكل شخص من كان على الجانب المنتصر.
كانت طوكيو خارجة من أزمة مصرفية بعثرت ثروات أسماء مبعث فخر، مثل ميتسوبيشي ونومورا. وكان الأمريكيون على النقيض من ذلك يتحركون صعوداً، على الرغم من تحول فقاعة الإنترنت الخاصة بهم إلى شكل رديء.

كان الخبراء الماليون في وول ستريت على قناعة بأنهم يعرفون الوسيلة الأمثل لإدارة النظام المالي. وكانوا تواقين أيضاً لإبلاغ اليابان بكيفية تصويب فوضاها المصرفية، وهم يخطفون بسرور في الوقت ذاته الأصول الرخيصة.

في هذه الأيام، التاريخ ربما يقهقه. وكذلك المصرفيون اليابانيون، على الأرجح. ففي حين أن أحداث العام الماضي لم تساهم في جعل النظام المصرفي الياباني أقل خطأً، إلا أنها أثبتت غباء التفكير بأن التمويل الأمريكي كان يتسم بالحكمة أكثر بكثير من نظيره الياباني.

إن الولايات المتحدة لم تكرر بعض الأخطاء التي ارتكبتها اليابان فقط على نطاق أكبر، وإنما أيضاً تقوم المجموعات اليابانية، مثل نومورا، باختطاف الأسماء المتعثرة، مثل ليهمان.

عوامل التشابه مذهلة. ففي كلا البلدين بدأت الأزمة بفقاعة في قطاع العقارات وخرجت عن السيطرة وسط افتراض واسع النطاق، وسخيف، بأن أسعار العقارات لا يمكن أن تنخفض. بعدئذ، عندما انفجرت الفقاعة، كان الرد المبدئي لكلا الحكومتين هو الإنكار.

عندما هبطت أسعار الأصول، بدأت البنوك بالانهيار، الأمر الذي هدد بحدوث أزمة على مستوى النظام برمته، لأن المؤسسات المالية كانت متشابكة بطرق غير متوقعة. وكانت النتيجة صدمة نفسية واقتصادية لم تتوقف إلا بإنقاذ حكومي عالي المستوى في اليابان، والآن في الولايات المتحدة (أو هكذا يبدو الأمر).

إنه انعكاس محبط للطبيعة البشرية بشكل واضح للغاية. فالعديد من الأشخاص الذين أشرفوا على النظام المالي الأمريكي في السنوات الأخيرة، مثل بن برنانكي وتيموثي غيثنر، هم خبراء في الأحداث التي مرت بها اليابان – حتى أنهم كانوا شاهدين عليها. ومع ذلك، هذه المعرفة لم تنقذهم من إعادة دورة الفقاعة – الانفجار، ولم تنقذ أيضاً المصرفيين الأمريكيين من غرورهم. وفي واقع الأمر، وحتى فترة قريبة، كان معظمهم مصدومين من فكرة احتمال أن تكون هناك أوجه شبه في الأساس.

مع ذلك في وسط الاكتئاب ثمة سبب للابتهاج. في التسعينيات بدا في الغالب أن حفرة القروض الرديئة في اليابان ليست لها نهاية. لكن في الوقت الذي كان فيه اليأس هو الفكرة المسيطرة تماماً، وكنت أضع نهاية أشبه بالرؤيا لكتابي، تغير المد بسبب وضع سياسة للإصلاح، وجرعة من الحظ الاقتصادي، وكانت تلك تحديداً الطفرة الاقتصادية الصينية.

بعد بضعة أشهر ارتفعت أسعار أسهم البنوك اليابانية بشكل صاروخي، الأمر الذي جعل بعض المستثمرين الحذرين بشكل مفرط أثرياء للغاية. وما عليك إلا أن تفحص مثلا، الأرباح التي بلغت ملياري دولار، التي قيل إن صندوق سوفرين كابيتال حققها، أو العوائد الأولية على الشراء الشامل لشينسي.

تراجعت أيضاً التوقعات بشأن القروض الرديئة القاسية. وانبثقت الفاتورة النهائية لدافع الضرائب عن مفاجأة سارة: خصصت اليابان 60 ألف مليار ين ياباني (567 مليار دولار) من أموال الحكومة لمحاربة الأزمة المصرفية، غير أن التكلفة النهائية كانت أدنى بكثير، لأنه تم تعويض الخسائر على الاستثمارات.

على الأرجح أن من السابق لأوانه استنتاج أن نقطة تحول مماثلة ظهرت في الولايات المتحدة. غير أن الوصول الياباني مشجع. فإذا كان أي شخص يعرف ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء أزمة مصرفية، فإنهم اليابانيون على الأرجح. وفي الأشهر الأخيرة كان المسؤولون في طوكيو ذوي بصائر في الحكم على عمق الآلام الأمريكية.

في العام الماضي مثلا، كان هناك مرح متجهم عندما أعلنت واشنطن "احتواء" آلام القروض العقارية لضعاف الملاءة. فاليابانيون يعرفون أن المؤسسات المالية المضطربة يمكنها أن تتعافى مع مرور الوقت. وما عليكم سوى النظر إلى مجموعتي ميتسوبيشي، أو نومورا.

لا يعني ذلك أن البنوك اليابانية ستتفادى الأخطاء الغبية مرة أخرى. وعلى أية حال، لو أنني كنت بصدد تأليف كتابي مرة أخرى، فإنني سأمنحه نظرة أكثر تفاؤلاً. هل يعرف أحد أن اليابانيين "يقبلون أن يكونوا أدنى منزلة؟".