الاقتصادية - الدولار الأمريكي تجاوز العاصفة المالية في الأسبوع الماضي على نحو مثير للدهشة، لكن الأمر لم يعد كذلك حسبما يبدو. فالمستثمرون يتساءلون حول صورة الوضع في الولايات المتحدة على المدى البعيد. وبشكل خاص، أصبح الوضع المالي يخضع لتدقيق أشد.

إن التأميم الفعلي لفاني ماي وفريدي ماك جعل الضمانات الضمنية واضحة وضاعف من الالتزامات الإجمالية للحكومة إلى ما يزيد قليلا على 80 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وهذا شيء كبير حتى وإن قورن بأوروبا واليابان، المدينتين بشكل كبير.

ويتوقع أن يؤدي عجز ضخم في الميزانية إلى زيادة الديون الفيدرالية أكثر. ومن بين تدابير الإنقاذ الأخرى، فإن التكلفة البالغة 85 مليار دولار لإنقاذ المجموعة الأمريكية الدولية AIG والتكلفة البالغة 700 مليار دولار لتأسيس صندوق مقترح لشراء الأصول المشكوك فيها ستثقلان الديون الفيدرالية.

لكن التكلفة الإجمالية للأزمة بالنسبة لدافعي الضرائب الأمريكيين غير معروفة. ولا يوجد أي بديل عن التدخل الحكومي في هذه اللحظات الحرجة. ويبدو أن هناك فاتورة ضخمة محتملة.

لكن على المدى البعيد التأثير النهائي في الديون الفيدرالية سيكون أصغر بكثير من المبالغ الإجمالية، في الوقت الذي يثبت عدد قليل من الأصول التي يجري شراؤها الآن أنها لا قيمة لها. ومع هذا، الأموال الحكومية ستكون مقيدة أكثر مما كان متوقعاً في السابق. ويبدو أن التخفيضات المقترحة وخطط الإنفاق من قبل المرشحين الرئاسيين غير محتملة حالياً.

إضافة إلى ذلك أصبح الوضع المالي الأمريكي محفوفاً بالمخاطر بشكل أكثر بعض الشيء خلال الأسبوعين الماضيين. وباتت الأسواق تجرؤ على تضمين الأسعار احتمالا "ضئيلا" لتخلف أمريكي عن الوفاء بالديون.

ومن المؤكد أن الأمر لن يصل إلى هذا الحد. فالولايات المتحدة في وضع مريح كون جميع ديونها خاضعة لعملتها المحلية. والمطبعة تضمن أنها لن تنفد منها الدولارات.

الهاجس الأكثر واقعية إذن هو أن التضخم ربما يزداد بشكل كبير. وهذا يقوض مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية ويثبت أنه مكلف في السنوات القليلة المقبلة. فالأجانب يحتفظون بأكثر من ثلاثة آلاف مليار دولار – نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي ـ في أوراق مالية حكومية أمريكية. وإذا فقدوا شهيتهم للموجودات بالدولار بسبب مخاطر تآكل القيمة التضخمي، فإن الدولار سيهبط وتكاليف الاقتراض ستزداد.

ومن أجل طمأنة بلدان مثل الصين أن الدولار الأمريكي مأمون، على المشرعين الأمريكيين أن يقفوا وراء استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي. وبعد تجميع مبالغ الإنقاذ ربما يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة رسملة. ويجب عدم وضع شروط لذلك.

الحكومة الأمريكية تملك الوسيلة لتعويض ما ينجم عن الأزمة المالية، لكن دافعي الضرائب الأمريكيين والمستثمرين الدوليين سيرغبون في أن يروا خطة إنقاذ تتفق بشكل واضح مع الدين العام المحتمل. وإن لم يكن الأمر كذلك، فحتى الحكومة الأمريكية ربما تجد دائنيها أقل لطفاً ومسايرة.