ايلاف - ما يزال أثر أزمة أسواق المال العالمية يتردد على المستوى السياسي في ألمانيا، إذ أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير تأييده لاتخاذ خطوات عاجلة من أجل تنظيم أكثر صرامة للأسواق المالية العالمية. جاءت هذه التصريحات على خلفية زيارة شتاينماير يوم أمس الأربعاء إلى بورصة نيويورك، حيث طالب بالبدء فورا في إيجاد آلية للإشراف الدولي على الأنشطة المالية. وقال الوزير الألماني ¬إنه "لا بديل" عن خطة الإنقاذ التي أعدتها الحكومة الأمريكية. وأوضح: "إننا نستطيع اتخاذها كأساس لإيجاد نظام عالمي مشترك لتفادي الأزمات المالية".

وأضاف أن هذا النظام يبدو أكثر إلحاحا لازدياد التأثير الذي تمارسه السوق المالية الأميركية على اقتصاديات دول مثل الصين وروسيا. كذلك أكد شتاينماير على أن محادثاته مع المسؤولين الأمريكيين قد أظهرت استعدادا متزايدا لديهم للمشاركة في إرساء قواعد منظمة لأسواق المال العالمية.

"الاهتزازات الارتدادية" لأزمة أسواق المال العالمية
وعلى صعيد الخبراء والمتخصصين، يرى البروفيسور توماس يوست، من جامعة آشافينبورج التقنية أن تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي ستستمر ربما إلى سنوات قادمة، لكنها ستتفاوت في درجات تأثيرها على اقتصاديات الدول النامية والصناعية معا.

غير أن الخبير الاقتصادي الألماني أوضح في حديث لدويتشه فيله أن النجاحات الاقتصادية والاستثمارات المباشرة تسير جنبا إلى جنب؛ ما يعني أن الدول التي حققت نموا اقتصاديا عاليا يمكنها توظيف هذه الأموال في استثمارات مباشرة من شأنها خلق فرص عمل كبيرة والتخفيف من حدة "الاهتزازات الارتدادية" لأزمة أسواق المال العالمية. ويرى يوست أن الاستثمارات في البنى التحتية سواء من حيث شبكات الطرق أم المياه أم وسائل الاتصالات هي مقومات أساسية لأي تطور اقتصادي قادر على الوقوف في وجه مثل هذه الأزمات التي تعصف بالنظام المالي العالمي.

إشكالية صناديق التحوط
في ضوء الانهيار الذي أصاب عددا من المؤسسات المالية الأمريكية الكبرى، أخذ الخبراء يتحدثون عن دور صناديق التحوط في هذه الأزمة من خلال السيولة المالية الكبرى التي تملكها. وفي هذا السياق، أبدت ألمانيا مخاوف من أن صناديق التحوط قد تهدد استقرار النظام المالي من خلال اعتمادها الشديد على الاقتراض لتمويل استراتيجيات لتعاملات محفوفة بالمخاطر والانخراط في عمليات المضاربة المالية.

بيد أن آخرين أشاروا إلى أنها قد شكلت "صمام أمان" لبعض اقتصاديات الدول، لاسيما لاقتصاديات الدول الفقيرة والنامية. ويرى الخبير الألماني يوست أن الشركات الدولية الكبرى قد ساهمت في تحسين البنى الاقتصادية لهذه الدول من خلال ضخ أموال طائلة في مشاريع استراتيجية ونقل المعرفة العلمية إلى هذه البلدان، مما يجعلها قادرة على مواجهة تداعيات تذبذب أسواق المال.

ويضيف البروفيسور الألماني بوست أن صناديق التحوط قد لعبت دورا كبيرا في هذا المجال، لاسيما أن نشاطها قد جاء بعد تبني هذه البلدان لإصلاحات اقتصادية قادرة على جذب نشاطات هذه الصناديق إليها. غير أنه ألمح في الوقت ذاته إلى مخاوف من تسلل الصناديق إلى قطاعات حساسة في الدول الصناعية الكبرى، ما يجعل حسب رأيه- من الضروري اتخاذ إجراءات وقائية لمنع نشاطات كهذه في قطاعات استراتيجية حساسة كقطاع الصناعات العسكرية أو القطاعات العالية التقنية. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة إبقاء الباب مفتوحا بشكل عام أمام هذه الصناديق وعدم المبالغة في تصوير آثارها السلبية على الاقتصاديات العالمية.