الاقتصادية - الأنباء الجيدة هي أن إنقاذ وول ستريت سينقذنا على الأرجح من انهيار وشيك للنظام المالي، لكنه يثير أسئلة مزعجة.

إلى أي حد يحول مخاطر التخلف عن السداد في القطاع المالي إلى مخاطر سيادية؟ وما التداعيات طويلة الأجل على النمو الاقتصادي؟ وكيف سيكون رد فعل المستثمرين الأجانب إذا لم تؤت المجازفة ثمارها؟ وما تأثيره في هيكل وحوافز القطاع المالي؟

بموجب الخطة الأمريكية المقترحة، ستشتري الحكومة الأمريكية أي أوراق دين للقطاع الخاص من الشركات المالية المتعثرة بحسم، بنية بيعها فيما بعد. ومن ناحية نظرية، تستطيع الحكومة تحقيق ربح ما، وإنقاذ القطاع المالي في الوقت ذاته.

غير أن ذلك يمثل انتصار الأمل على المنطق. ويتضمن هذا أن الحدث غير المنطقي هو الأزمة بحد ذاتها، التي أنتجت التقييمات المتدنية الحالية للأصول المحفوفة بالمخاطر، وليس الفقاعة التي سبقتها.

حجم خسارة هذه العملة بالنسبة للحكومة سيكون بطبيعة الحال متناسباً مع أسعار بيع هذه الأوراق المالية المشتقة. وسمعنا تقديرات مختلفة على نطاق واسع، تراوح من صفر إلى تريليونات كبيرة، من رقم واحد، من الدولارات. والحقيقة أننا لا نعرف بعد. وتعتمد الإجابة على جودة، أو سوء، أداء الأسواق المهمة.

من بين هذه الأوراق، تعتبر تلك المتعلقة بالعقارات هي الأهم، وهنا يستمر الهبوط. وتراجع فعلياً مؤشر كيس ـ شيلر الوطني لأسعار المنازل بنحو 25 في المائة، بالقيمة الفعلية، منذ بداية الأزمة.

وانخفاضه بما يراوح من 15 إلى 25 نقطة مئوية أخرى سيوجه أسعار البيوت الأمريكية نحو اتجاهها طويل الأجل. وإذا لم يكن هناك تجاوز في الحد، فإن الأسعار الاسمية يمكن أن تتوقف عن التراجع في أوائل العام المقبل، غير أن تراجع السعر الفعلي سيستمر فترة أطول.

في غضون ذلك، ربما يكون الاقتصاد الأمريكي في فترة كساد فعلياً. فقد كان معدل البطالة في ارتفاع، على الرغم من أن ذلك بدأ من مستوى متدنٍ. وسيكون الجمهور أقل قدرة ورغبة في خدمة الديون في الوقت الذي تكون فيه أسعار البيوت في تراجع، ومعدلات البطالة في ارتفاع. وعندما يصبح الركود أسوأ، ستزداد الشركات المفلسة، فضلاً عن التخلف عن السداد بشأن سندات الشركات. وهذا بدوره، سيتردد صداه في الأسواق على شكل مقايضات تخلف عن السداد الائتماني، وهي سوق للتأمين يستطيع فيها المشترون حماية أنفسهم ضد التخلف عن سداد الأقساط.

خلال هذا العام، حتى آب (أغسطس)، كان معدل التخلف عن السداد بشأن سندات الشركات 1.8 في المائة فقط. وخلال فترتي الكساد الأمريكتين السابقتين، كان أكثر من 10 في المائة. لكن، احذروا، معدلات التخلف عن السداد تتبع دورة العمل بشيء من التأخير. ويقول إدوارد ألتمان، أستاذ التمويل في مدرسة شتيرن لإدارة الأعمال في نيويورك، إن معدل التخلف عن السداد من المرجع أن يرتفع إلى ما يراوح من 6 في المائة إلى 9 في المائة في غضون عام، اعتماداً على أسلوب التقدير المستخدم.

ويقول لي إن الارتفاع في معدل التخلف عن السداد إلى أعلى من 10 في المائة، أو تخلف إحدى شركات صناعة السيارات الكبيرة في أمريكا، من شأنه أن يحدث ضرراً خطيراً في سوق مقايضة التخلف عن السداد الائتماني. وتعتبر أوراق الدين الخاصة بديترويت من بين المنشآت المرجعية المؤمنة الأكثر تكراراً.

من الصعب للغاية حساب صافي الانكشاف في سوق مقايضة التخلف عن السداد الائتماني. ويبلغ حجم السوق نحو 62 ألف مليار دولار، غير أن هذا الرقم الرئيسي يشير إلى إجمالي قيمة الأوراق المالية مقابل العقود التي تمت كتابتها. ويتألف جزء كبير من ذلك، من المطالب بين البنوك، بوجود مطالب معدلة في الاتجاه الآخر. فإذا استبعدت ذلك، يبقى رقم أصغر، ربما ليس أكثر من ألف مليار دولار، وفقاً لبعض التقديرات.

من الصعب التحقق من ذلك الرقم. لكن لأن معدل التخلف عن السداد يبلغ 10 في المائة، ومعدل التعافي 25 في المائة، فربما يكون إجمالي الخسائر أقل من مائة مليار دولار.

اعتماداً على توزيع تلك الخسائر، فإن مثل ذلك الحدث ربما يحطم، رغم ذلك، لاعبا كبيراً واحداً، أو اثنين، في هذه السوق المركزة بقوة. وستكون النتيجة الأسوأ شلالاً من التخلف عن السداد بين متعهدي الحماية. ويعتمد مستقبل القطاع المالي إلى حد كبير، وبشكل غير مريح، على الكيفية التي تتأقلم بها سوق التأمين المضاربة هذه، ذات المناخ المعتدل، في وقت تقع فيه تحت الضغط.

إن أي تقدير للضرر المالي الذي أحدثته هذه الأزمة سيكون عرضة لهوامش كبيرة من الخطأ. ولا يوجد أدنى شك على أية حال، في أن دافع الضرائب يواجه خطراً واضحاً. ولن أكون مندهشاً إذا انتهى بنا الأمر ونحن نحصي تكاليف هذه النزهة بآلاف الملايين.

لدى النظر إلى ما بعد الأزمة المباشرة، فإن زيادة ملحوظة في الدين الاتحادي الأمريكي لن تكون كارثة بالمثل، لكن لها عواقبها الاقتصادية. ويمكن للمديونية العالية أن تلقي بثقلها على النمو الاقتصادي المستقبلي، كما فعلت في إيطاليا واليابان. وربما تؤثر على رغبة المستثمرين الأجانب في الاحتفاظ بأصول أمريكية. وربما يطالبون في نهاية المطاف بقسط مخاطر أعلى، الأمر الذي يمكن أن يكون مصدراً آخر لعدم الاستقرار المحتمل.

لذا، ينبغي على المرء أن يعامل هذا الأمر كتمرين محاسبة يتم فيه نقل الدين من جزء من الاقتصاد إلى جزء آخر. ولهذا الأمر تأثيرات ديناميكية. والسؤال المفتوح الآخر هو التأثير على القطاع المالي نفسه.

فهل ستنتج عملية الإنقاذ هذه شركات مالية أكثر قوة، أم هل ستشجع في المستقبل المزيد من النوع ذاته من التهور في أخذ المخاطر الذي أوصلنا إلى هذه الفوضى؟

الإنقاذ الذي ولدَّ جميع عمليات الإنقاذ هذه نقل عبء المخاطر من العدد القليل إلى الكثير. غير أن النتيجة النهائية لهذه الأزمة المالية مفتوحة الآن كما كانت عليه قبل أسبوع مضى.