صفحة 6 من 18 الأولىالأولى 12345678910111216 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 76 إلى 90 من 269
  1. #76
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في كراهة القران بين التمرتين ونحوه مع شريك أو مطلقا ) .

    ويكره القران في التمر وقيل مع الشركاء فيه لا وحده ولا مع أهله ولا مع من أطعمهم ذلك , كذا ذكره في الرعاية , والمستوعب وزاد وتركه مع كل أحد أولى وأفضل وأحسن , وهو معنى كلامه في الترغيب , وذكر القاضي عياض عن أهل الظاهر أن النهي للتحريم وعن غيرهم أنه للكراهة , والأدب .

    وذكر النواوي أن الصواب التفصيل , فإن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم بقول أو قرينة يحصل بها علم أو ظن , وإن كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم اشترط رضاه وحده فإن قرن بغير رضاه فحرام .

    ويستحب أن يستأذن الآكلين معه وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فحسن ألا يقرن ليساويهم إن كان الطعام فيه قلة وإن كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا بأس لكن الإذن مطلقا للتأدب وترك الشره إلا أن يكون مستعجلا ويريد الإسراع لشغل آخر .

    وقال الخطابي إنما كان هذا في زمنهم حين كان الطعام ضيقا فأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن , وفيما ذكره نظر , والقران في غير التمر مثله إلا أن ذلك لا يقصد ولا تظهر فائدته إلا في الفواكه وما في معناها .

    قال الشيخ تقي الدين وعلى قياسه قران كل ما العادة جارية بتناوله إفرادا .

    وقال الشيخ أبو الفرج الحنبلي المقدسي في كتابه في أصول الفقه في مسألة الأمر هل يقتضي الوجوب ؟ فإن قيل النهي يقتضي الكراهة فالجواب إنا لا نسلم ذلك ; لأن الله تعالى قال : { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة } الآية .

    ونهى عن القران بين التمرتين , والتعريس على الطرقات وذلك كله غير مكروه وقال ابن عقيل في الواضح في أن الأمر لا يقتضي حسن المأمور به ولا النهي قبح المنهي عنه عقلا عندنا وعند أهل السنة خلافا للقدرية , نهى الشرع عن أشياء , والأولى تركها لا لقبحها كالنهي عن القران بين التمرتين وكنس البيت بالخرقة , والجلوس في ظل المنارة , والشرب من ثلمة الإناء , والأكل في المنجل أو المنخل أو غير ذلك .

    كذا قال وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القران إلا أن يستأذن الرجل أخاه } قال شعبة الإذن من قول ابن عمر وفي لفظ فيهما { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه } .

  2. #77
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    ويباح أكل فاكهة مسوسة ومدودة بدودها أو باقلا بذبابه وخيار وقثاء وحبوب وخل ذكره في الرعاية وهو معنى كلامه في التلخيص , وظاهر هذا أنه لا يباح أكله منفردا , وذكر بعض أصحابنا المتأخرين فيه وجهين من غير تفصيل الإباحة وعدمها , وذكر أبو الخطاب في بحث مسألة ما لا نفس له سائلة أن ذلك وإن كان طاهرا لا يحل أكله من غير تفصيل .




    فصل عن جابر { أن أم مالك كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم في عكة لها فيأتيها بنو عمها فيسألون الأدم وليس عندهم شيء فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للنبي صلى الله عليه وسلم فتجد فيه سمنا قال فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال عصرتها ؟ فقالت نعم فقال لو تركتها ما زال قائما } .

    وعنه أيضا { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه فأطعمه وسقا من شعير فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم } رواه مسلم , ومثله حديث عائشة حين كالت الشعير ففني . قال في شرح مسلم قال العلماء الحكمة في ذلك أن عصرها وكيله مضاد للتسليم والتوكل على رزق الله تعالى , ويتضمن التدبير والأخذ بالحول والقوة وتكلف الإحاطة بأسرار حكم الله وفضله فعوقب فاعله بزواله .

  3. #78
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    قال ابن الجوزي ولا يشرب الماء في أثناء الطعام فإنه أجود في الطب وينبغي أن يقال إلا أن يكون , ثم عادة كما سبق , ولا يعب الماء عبا , ويأخذ إناء الماء بيمينه ويسمي وينظر فيه , ثم يشرب منه مصا , لأنه عليه السلام قال : { إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصا ولا يعبه عبا فإن منه الكباد } رواه البيهقي وغيره , والكباد بضم الكاف وتخفيف الباء أي وجع الكبد وهذا معلوم بالتجربة , ويشرب مقطعا ثلاثا , ويتنفس دون الإناء ثلاثا فإنه أروى وأمرى وأبرى رواه مسلم من حديث أنس ولا يتنفس فيه كما سبق .

    قال في المستوعب , والنفخ في الطعام , والشراب , والكتاب منهي عنه وسبقت المسألة وتأتي أيضا , وقيل تجب التسمية المذكورة هنا , وذكر وجوبها ابن أبي موسى , وحكى ابن البنا عن بعض أصحابنا أنه قال في الأكل أربعة : فريضة أكل الحلال , والرضا بما قسم الله على ذلك , والتسمية على الطعام , والشكر لله على ذلك , ويأتي في الشكر كلام في فصل هل يستحب تقبيل الخبز وفي الفصل الثالث أو بقربه قال ابن البنا وتحقيق الفقه أن التسمية على الأكل , والحمد كليهما مسنون .

    وذكر أبو زكريا النواوي رحمه الله أن التسمية هنا مجمع على استحبابها وظاهر ما ذكروه لا يسمي غير الشارب , والآكل عنه , وسبقت المسألة في مسألة هل يحمد الله أحد عن العاطس ؟ , ثم يتوجه أن يقال إن شرع الحمد عن تسمية من لا عقل له ولا تمييز ففعل عنه كان كتسمية نفسه في امتناع الشيطان من الطعام وعدم استحلاله إياه لوجود التسمية ممن يشرع الحمد عنه فعلت أم لا وإن لم توجد استحله لترك التسمية ممن تشرع منه كترك العاقل لها وإن لم يشرع الحمد عنه ففعلت أم لا لم يستحله , لأن التسمية الشرعية لم تترك وهو محل ضرورة فعفي عنه كفعل البهيمة .

    فأما المميز العاقل فإنه يسمي ويمتنع الشيطان بها منه من الطعام وإن لم يسم استحله الشيطان , وإن أتى بها في أثنائه قاء الشيطان كل شيء أكله فيقول " بسم الله أوله وآخره " للأخبار الصحيحة في ذلك كخبر عمر بن أبي سلمة متفق عليه , فقصة الجارية التي جاء الشيطان يستحل بها رواها أحمد ومسلم وأبو داود من حديث حذيفة , وخبر أمية بن مخشي بفتح الميم وبالخاء , والشين المعجمتين رواه أحمد وأبو داود والنسائي .

    وفي ذلك أن الآكل يعلم آداب الأكل إذا خالفه والله أعلم وإن لم يبلغ العاقل سبع سنين فيتوجه إن صحت صلاته وبيعه صحت منه واعتبرت وإلا فلا . وقد تكلم على هذا الأصل في موضعه , وينبغي أن يجهر بها لينبه غيره عليها ولم يذكره الأصحاب وله مناسبة .

    ونص الشافعي أنه إذا سمى واحد من الجماعة حصل أصل السنة ولا يشرب من في سقاء ولا في ثلمة إناء قال أبو سعيد : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية أن يشرب من أفواهها } .

    وفي رواية { واختناثها أن يقلب رأسها , ثم يشرب منه } متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى أن يشرب من في السقاء } رواه البخاري وأحمد وزاد قال أبو أيوب فأنبئت أن رجلا شرب من في السقاء فخرجت حية

    فهذه علة النهي أنه ربما كان شيء ولأنه يقذره على غيره ولأنه ينتنه بتردد أنفاسه , ولأنه ربما غلبه الماء فتضرر به , وهذا نهي تنزيه لا تحريم اتفاقا , ذكره النووي , ويتوجه في كراهته ما سبق أول الفصل في الشرب قائما .

    وروى الترمذي عن ابن أبي عمر عن سفيان عن يزيد بن يزيد عن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته كبشة قالت { : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من قربة معلقة قائما فقمت إليها فقطعته } وقال حسن صحيح غريب .

    ورواه سعيد وابن ماجه ولأحمد مثله من حديث البراء بن زيد ابن بنت أنس بن مالك عن أنس عن أمه أم سليم البراء انفرد عنه عبد الكريم الجزري .

    وقال أبو داود ثنا نصر بن علي أنبأنا عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله رجل من الأنصار عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { دعا بإداوة يوم أحد فقال اخنث فم الإداوة , ثم شرب من فيها } حديث حسن ورجاله ثقات .

    ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمر وقال ليس إسناده بصحيح وعبد الله بن عمر يضعف من قبل حفظه , ولا أدري سمع من عيسى أم لا .

  4. #79
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( استحباب غسل اليدين قبل الطعام وبعده ) .

    يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وعنه يكره , اختاره القاضي كذا ذكره السامري وغيره .

    وقال في المحرر وعنه يكره قبله وقال مالك لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد أولا قذر أو يبقى عليها بعد الفراغ رائحة وذكر في شرح مسلم أن للعلماء في استحباب ذلك قبل الطعام وبعده أقوالا ثم ذكر الأظهر تفصيلا وهو معنى كلام مالك .

    وقد روى قيس بن الربيع وقد ضعفه جماعة ووثقه آخرون عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { بركة الطعام الوضوء قبله وبعده } . قال مهنا ذكرت هذا الحديث لأحمد فقال ما حدث به إلا قيس بن الربيع وهو منكر الحديث قلت بلغني عن يحيى بن سعيد قال كان سفيان يكره غسل اليد عند الطعام , لم يكره سفيان ذلك ؟ قال : لأنه من زي العجم قال مهنا : وذكرته ليحيى بن معين فقال لي يحيى : ما أحسن الوضوء قبله وبعده .

    وقال الترمذي : لا يعرف إلا من حديث قيس بن الربيع . وعن أنس مرفوعا { من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع } إسناده ضعيف رواه ابن ماجه وغيره .

    قال الشيخ تقي الدين من كرهه قال هذا من فعل اليهود فيكره التشبه بهم وأما حديث سلمان فقد ضعفه بعضهم قال كان هذا في أول الإسلام لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولهذا كان يسدل شعره موافقة لهم ثم فرق بعد ذلك ثم صام عاشوراء لما قدم المدينة ثم إنه قال قبل موته { لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع } يعني مع العاشر ; لأجل مخالفة اليهود .

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه الطعام فقالوا : ألا نأتيك بوضوء قال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة } رواه جماعة منهم الترمذي وحسنه والبيهقي وصححه .

    وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا ينفي وجوب الوضوء عند كل حدث وإن قوله عليه السلام لبلال { ما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك أمامي } الحديث قال يقتضي استحباب الوضوء عند كل حدث .

    وقال البيهقي الحديث في غسل اليدين بعد الطعام حسن ولم يثبت في غسل اليدين قبل الطعام حديث وقال جماعة من العلماء : المراد بالوضوء في هذه الأحاديث غسل اليدين لا الوضوء الشرعي وقال الشيخ : تقي الدين ولم نعلم أحدا استحب الوضوء للأكل إلا إذا كان الرجل جنبا انتهى كلامه .

    وقال سعيد ثنا فضيل بن عياض عن مغيرة عن إبراهيم قال كانوا يحبون أن يتوضئوا وضوء الصلاة عند النوم والطعام قال في الرعاية : ويسن غسل يده وفمه من ثوم وبصل ورائحة كريهة غيرهما .

    قال أحمد رحمه الله أكره النفخ في الطعام , وإدمان اللحم والخبز الكبار . وظاهره لا يكره النفخ في الكباب كما سبق في المستوعب والكراهة تفتقر إلى دليل مع أن ظاهر الخبر كقول أحمد .

    وروى أحمد وغيره عن ابن عباس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب } وقد سبق في الفصل الأول , وقد سبق الكلام في أكل اللحم في حفظ الصحة من فصول الطب , وذكر القاضي في الجامع أن إسحاق قال : تعشيت مع أبي عبد الله فجعل يأكل فربما مسح يده عند كل لقمة .

  5. #80
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما { أنها كانت إذا ثردت شيئا غطته حتى يذهب فوره ثم تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه أعظم للبركة } رواه أحمد من حديث ابن لهيعة .

    ورواه البيهقي من رواية قرة بن عبد الرحمن عن الزهري وقرة فيه ضعف وقد وثق وهو أعلم الناس بالزهري .

    وروى البيهقي عن أبي هريرة قال : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوما بطعام سخن فقال ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا قبل اليوم } روى البيهقي بإسناد حسن عن أبي هريرة أنه كان يقول لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره .

    قال الشيخ عبد القادر وغيره يكره الأكل على الطريق قال : ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به قال الشيخ تقي الدين فقد زاد الملح قال الشيخ عبد القادر ومن الأدب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين ; لأنه مما يحشمهم ولا يتكلم على الطعام بما يستقذر من الكلام ولا بما يضحكهم خوفا عليهم من الشرق ولا بما يحزنهم لئلا ينغص على الآكلين أكلهم ويكره أكل البقلة الخبيثة وهي الثوم والبصل والكراث لكراهة ريحه قال : ويكره إخراج شيء من فيه ورده إلى القصعة قال : ولا يمسح يده بالخبز ولا يستبدله ولا يخلط طعاما بطعام قال : ولا يجوز له ذم الطعام ولا لصاحب الطعام استحسانه ومدحه ولا تقويمه ; لأنه دناءة كذا قال . والقول بالكراهة أولى ; لأن في الصحيحين عن أبي هريرة قال : { ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط كان إذا اشتهى طعاما أكله , وإن كرهه تركه } .

    وترجم عليه أبو داود باب في كراهية ذم الطعام قال ابن هبيرة هذا يدل على أنه لا يستحب أن يأكل من الطعام إلا ما يشتهيه , لا يجاهد نفسه على تناول ما لا يريده فإنه من أضر شيء بالبدن , وقد جاء في صفة أهل الجنة { ولحم طير مما يشتهون } .

    قال : وفيه أيضا رد على من يزعم أن تناول ما لا يشتهى مكروه .

    وقال أبو داود ( باب في كراهية التقذر للطعام ) ثنا النفيلي ثنا زهير ثنا سماك بن حرب حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { وسأله رجل فقال : إن من الطعام طعاما أتحرج منه . فقال : لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية } قبيصة تفرد عنه سماك قال ابن المديني والنسائي مجهول .

    وقال العجلي وغيره ثقة .

    ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث سماك قال ابن الأثير في النهاية المضارعة المشابهة والمقاربة كأنه أراد لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه وذكره الهروي في باب الحاء المهملة مع اللام ثم قال : إنه نظيف قال ابن الأثير وسياق الأحاديث لا يناسب هذا التفسير .

    قال الشيخ عبد القادر : ولا يرفع يده حتى يرفعوا أيديهم إلا أن يعلم منهم الانبساط إليه ولا يتكلف ذلك , ويستحب أن يجعل ماء الأيدي في طست واحد لما روي في الخبر { لا تبددوا يبدد الله شملكم } وروي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الطست حتى يطف } يعني يمتلئ كذا قال وهذه المسألة ودليلها ضعيف إلى أن قال : من الأدب أن لا يفرش المائدة بالخبز ويوضع فوقه الإدام .



    قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ الْأَكْلُ عَلَى الطَّرِيقِ قَالَ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَدْ زَادَ الْمِلْحَ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَمِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى وُجُوهِ الْآكِلِينَ ; لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْشِمُهُمْ وَلَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الطَّعَامِ بِمَا يُسْتَقْذَرُ مَنْ الْكَلَامِ وَلَا بِمَا يُضْحِكهُمْ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مَنْ الشَّرَقِ وَلَا بِمَا يُحْزِنُهُمْ لِئَلَّا يُنَغِّصَ عَلَى الْآكِلِينَ أَكْلَهُمْ وَيُكْرَهَ أَكْلُ الْبَقْلَةِ الْخَبِيثَةِ وَهِيَ الثُّومِ وَالْبَصَلُ وَالْكُرَّاثُ لِكَرَاهَةِ رِيحِهِ قَالَ : وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ فِيهِ وَرَدُّهُ إلَى الْقَصْعَةِ قَالَ : وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْدِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَالَ : وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَمُّ الطَّعَامِ وَلَا لِصَاحِبِ الطَّعَامِ اسْتِحْسَانُهُ وَمَدْحُهُ وَلَا تَقْوِيمُهُ ; لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ كَذَا قَالَ . وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ أَوْلَى ; لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : { مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ كَانَ إذَا اشْتَهَى طَعَامًا أَكَلَهُ , وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ } .

    وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَمِّ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الطَّعَامِ إلَّا مَا يَشْتَهِيهِ , لَا يُجَاهِدُ نَفْسَهُ عَلَى تَنَاوُلِ مَا لَا يُرِيدُهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَضَرِّ شَيْءٍ بِالْبَدَنِ , وَقَدْ جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } .

    قَالَ : وَفِيهِ أَيْضًا رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ تَنَاوُلَ مَا لَا يُشْتَهَى مَكْرُوهٌ .

    وَقَالَ أَبُو دَاوُد ( بَابٌ فِي كَرَاهِيَة التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ ) ثَنَا النُّفَيْلِيُّ ثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا سِمَاكٌ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنَّ مِنْ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ . فَقَالَ : لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ شَيْءٌ ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ } قَبِيصَةُ تَفَرَّدَ عَنْهُ سِمَاكٌ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مَجْهُولٌ .

    وَقَالَ الْعِجْلِيّ وَغَيْرُهُ ثِقَةٌ .

    وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سِمَاكٍ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْمُضَارَعَةُ الْمُشَابَهَةُ وَالْمُقَارَبَةُ [ ص: 211 ] كَأَنَّهُ أَرَادَ لَا يَتَحَرَّكَنَّ فِي قَلْبِكَ شَكٌّ أَنَّ مَا شَابَهْتَ فِيهِ النَّصَارَى حَرَامٌ أَوْ خَبِيثٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي بَابِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ اللَّامِ ثُمَّ قَالَ : إنَّهُ نَظِيفٌ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَسِيَاقُ الْأَحَادِيث لَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّفْسِيرَ .

    قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ : وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُمْ الِانْبِسَاطَ إلَيْهِ وَلَا يَتَكَلَّفُ ذَلِكَ , وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْعَلَ مَاءُ الْأَيْدِي فِي طَسْتٍ وَاحِدٍ لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ { لَا تُبَدِّدُوا يُبَدِّدْ اللَّهُ شَمْلَكُمْ } وَرُوِيَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُرْفَعَ الطَّسْتُ حَتَّى يَطِفَّ } يَعْنِي يَمْتَلِئَ كَذَا قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَدَلِيلُهَا ضَعِيفٌ إلَى أَنْ قَالَ : مِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يَفْرِشَ الْمَائِدَةَ بِالْخُبْزِ وَيُوضَع فَوْقَهُ الْإِدَامُ .


    مسألة: الجزء الثالث

    قال الشيخ عبد القادر وغيره يكره الأكل على الطريق قال : ويستحب أن يبدأ بالملح ويختم به قال الشيخ تقي الدين فقد زاد الملح قال الشيخ عبد القادر ومن الأدب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين ; لأنه مما يحشمهم ولا يتكلم على الطعام بما يستقذر من الكلام ولا بما يضحكهم خوفا عليهم من الشرق ولا بما يحزنهم لئلا ينغص على الآكلين أكلهم ويكره أكل البقلة الخبيثة وهي الثوم والبصل والكراث لكراهة ريحه قال : ويكره إخراج شيء من فيه ورده إلى القصعة قال : ولا يمسح يده بالخبز ولا يستبدله ولا يخلط طعاما بطعام قال : ولا يجوز له ذم الطعام ولا لصاحب الطعام استحسانه ومدحه ولا تقويمه ; لأنه دناءة كذا قال . والقول بالكراهة أولى ; لأن في الصحيحين عن أبي هريرة قال : { ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط كان إذا اشتهى طعاما أكله , وإن كرهه تركه } .

    وترجم عليه أبو داود باب في كراهية ذم الطعام قال ابن هبيرة هذا يدل على أنه لا يستحب أن يأكل من الطعام إلا ما يشتهيه , لا يجاهد نفسه على تناول ما لا يريده فإنه من أضر شيء بالبدن , وقد جاء في صفة أهل الجنة { ولحم طير مما يشتهون } .

    قال : وفيه أيضا رد على من يزعم أن تناول ما لا يشتهى مكروه .

    وقال أبو داود ( باب في كراهية التقذر للطعام ) ثنا النفيلي ثنا زهير ثنا سماك بن حرب حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { وسأله رجل فقال : إن من الطعام طعاما أتحرج منه . فقال : لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية } قبيصة تفرد عنه سماك قال ابن المديني والنسائي مجهول .

    وقال العجلي وغيره ثقة .

    ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث سماك قال ابن الأثير في النهاية المضارعة المشابهة والمقاربة كأنه أراد لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه وذكره الهروي في باب الحاء المهملة مع اللام ثم قال : إنه نظيف قال ابن الأثير وسياق الأحاديث لا يناسب هذا التفسير .

    قال الشيخ عبد القادر : ولا يرفع يده حتى يرفعوا أيديهم إلا أن يعلم منهم الانبساط إليه ولا يتكلف ذلك , ويستحب أن يجعل ماء الأيدي في طست واحد لما روي في الخبر { لا تبددوا يبدد الله شملكم } وروي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الطست حتى يطف } يعني يمتلئ كذا قال وهذه المسألة ودليلها ضعيف إلى أن قال : من الأدب أن لا يفرش المائدة بالخبز ويوضع فوقه الإدام .

  6. #81
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في الخروج مع الضيف إلى باب الدار والأخذ بركابه ) .

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن من السنة أن يخرج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار } رواه ابن ماجه وغيره بإسناد ضعيف . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال " إن من السنة إذا دعوت أحدا إلى منزلك أن تخرج معه حتى يخرج " ذكره ابن عبد البر .

    وروى أبو بكر بن أبي الدنيا قال : قال أبو عبيد القاسم بن سلام زرت أحمد بن حنبل فلما دخلت عليه بيته قام فاعتنقني وأجلسني في صدر مجلسه فقلت يا أبا عبد الله أليس يقال صاحب البيت والمجلس أحق بصدر بيته أو مجلسه قال نعم يقعد , ويقعد من يريد قال قلت في نفسي خذ يا أبا عبيد إليك فائدة . ثم قلت يا أبا عبد الله لو كنت آتيك على حق ما تستحق لأتيتك كل يوم , فقال لا تقل ذلك فإن لي إخوانا ما ألقاهم في كل سنة إلا مرة أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم قلت هذه أخرى يا أبا عبيد فلما أردت القيام قام معي قلت : لا تفعل يا أبا عبد الله قال : فقال قال الشعبي من تمام زيارة الزائر أن تمشي معه إلى باب الدار وتأخذ بركابه قال قلت يا أبا عبد الله من عن الشعبي ؟ قال ابن زائدة عن مجالد عن الشعبي قال قلت يا أبا عبيد هذه ثالثة .

    وروي عن ابن عباس مرفوعا { أن من أخذ بركاب رجل لا يرجوه ولا يخافه غفر له } ومسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت رضي الله عنهما فقال أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال إنا هكذا نصنع بالعلماء قال ابن الجوزي وينبغي أن يتواضع في مجلسه إذا حضر , وأن لا يتصدر , وإن عين له صاحب الدار مكانا لم يتعده .

    وذكر ابن عبد البر في بهجة المجالس عن أبي قلابة أنه طرح لحليس له وسادة فردها فقال أما سمعت الحديث { لا تردن على أخيك كرامته . }

  7. #82
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    ويسن أن يغض طرفه عن جليسه ويؤثر على نفسه المحتاج ويخلل أسنانه إن علق بها شيء قال في المستوعب : روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ترك الخلال يوهن الأسنان , وذكره بعضهم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الشيخ عبد القادر يكره التخلل على الطعام ولا يتخلل بقصب ورمان وريحان وطرفاء ونحوها , وكذا ذكر غير واحد أنه يخلل ما بين المواضع بعد الأكل قال صاحب النظم , والق ذلك وهذا للخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا { من أكل فما تخلل فليلفظ , ومن لاك بلسانه فليبلع من فعل فقد أحسن , ومن لا فلا حرج } . رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهم وفي إسناده حصين بن الحميري الحبراني عن أبي سعيد الخير ويقال أبو سعد وهما مجهولان فلهذا ضعفه غير واحد وصححه ابن حبان وغيره وضعفه أولى , وقياس قول الأصحاب العمل به في الاستحباب كما قالوا بما فيه من المستجمر , والمكتحل , ولا يأكل ما يشرب عليه الخمر , ولا مختلطا بحرام بلا ضرورة .

    قال بعض أصحابنا ومن الآداب أن لا يأكل إلا مطمئنا وهذا خلاف أشهر التفسيرين فيما رواه من قول النبي صلى الله عليه وسلم { أما أنا فلا آكل متكئا } أي لا آكل أكل راغب في الدنيا متمكن بل آكل مستوفزا بحسب الحاجة وقد فسر ذلك بالتربع لما فيه من التجبر .

    وعنه عليه السلام أنه قال { إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد , وآكل كما يأكل العبد } وفسر الاتكاء بالميل على الجنب , والاستناد إلى شيء وهذا هو المتبادر إلى الفهم عرفا وهو يضر من جهة الطب لتغير الأعضاء , والمعدة عن الوضع الطبيعي ولا يصل الغذاء بسهولة .

    وقال ابن هبيرة أكل الرجل متكئا يدل على استخفافه بنعمة الله فيما قدمه بين يديه من رزقه وفيما يراه الله من ذلك على تناوله , ويخالف عوائد الناس عند أكلهم الطعام من الجلوس إلى أن يتكئ فإن هذا يجمع بين سوء الأدب , والجهل واحتقار النعمة , ولأنه إذا كان متكئا لا يصل الغذاء إلى قعر المعدة الذي هو محل الهضم فلذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ونبه على كراهته .

    وعنه عليه السلام { أنه أكل مقعيا تمرا } وفي لفظ { يأكل منه أكلا ذريعا } وفي لفظ { حثيثا } روى ذلك مسلم من حديث أنس . " مقعيا " أي جالسا على أليته ناصبا ساقيه , " وذريعا " " وحثيثا " أي مستعجلا لشغل آخر . وسبق في الفصل الأول أنه عليه السلام جثا قال إسحاق بن منصور قلت لأبي عبد الله تكره الأكل متكئا قال أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا آكل متكئا ؟ } قال في المستوعب . لا يأكل متكئا فقد نهي عنه وقال في موضع إن من آداب الأكل أن لا يأكل متكئا ولا منبطحا ولا يأكل إلا مطمئنا .

    وعن ابن عمر رضي الله عنه { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح على بطنه } وقال لم يسمعه جعفر بن برقان من الزهري وهو منكر , ثم رواه من طريق آخر أنه بلغه عن الزهري .

    وذكر مشايخ الحنفية أنه لا بأس الأكل متكئا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل يوم خيبر متكئا كذا قالوا , ولا يلقم جليسه ولا يفسح له إلا بإذن رب الطعام , ذكره في الرعاية الكبرى .

    وقال بعض أصحابنا من الأدب أن لا يلقم أحدا يأكل معه إلا بإذن مالك الطعام , وهذا يدل على جواز ذلك عملا بالعادة , والعرف في ذلك لكن الأدب , والأولى الكف عن ذلك لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه , والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صريح وفي معنى ذلك تقديم بعض الضيفان ما لديه ونقله إلى البعض الآخر لكن لا ينبغي لفاعل ذلك أن يسقط حق جليسه من ذلك , والقرينة تقوم مقام الإذن في ذلك قال أنس { دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فانطلقت معه فجيء بمرق فيها دباء فجعل يأكل من ذلك الدباء ويعجبه فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه ولا أطعمه قال أنس فما زلت أحب الدباء } رواه مسلم , والبخاري ولم يقل ولا أطعمه .

    وفيه أن خادم الكبير يتبعه في الدعوة كما هو في العرف وإن لم ينص عليه بخلاف غيره من زوجة وغيرها , ولأنه قد يتوقف حضور الكبير عليه لتعلق مصلحته وحاجته به , , والداعي يرضى بذلك ويأذن فيه عادة وعرفا لا بغيره فاختص بالجواز لذلك , وقد يقال كأنه مدعو لهذا المعنى وهذا متوجه واضح كما ترى ولم أجد من ذكره .

    فإن قيل من المعلوم أن الداعي يأذن في ذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل يأذن لما ذكرنا وهو أمر مشترك لا لمعنى خاص ولهذا استأذن عليه السلام في غير خادمه ولم يستأذن في خادمه قط مع أنه خدمه مدة إقامته عليه السلام بالمدينة لا زمنا يسيرا وكان عليه السلام لا يمتنع من دعوة بلا عذر وخادمه ملازمه غالبا أو كثيرا والله أعلم .

    وعن أبي مسعود الأنصاري قال : { كان رجل من الأنصار يقال له أبو شعيب وكان له غلام لحام فقال لغلامه : ويحك اصنع لنا طعاما لخمسة نفر فإني أريد أن أدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم خامس خمسة فاتبعهم رجل لم يدع فلما بلغ الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا اتبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت رجع قال بل آذن له يا رسول الله } متفق عليه وليس في مسلم لم يدع , فيه أن من دعي فتبعه رجل لا ينهاه ولا يأذن له ويلزمه إعلام صاحب الطعام ويستحب لصاحب الطعام أن يأذن له ما لم يكن في حضوره مفسدة .

    وعن أنس ( رضي الله عنه ) { أن جارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيا كان طيب المرق صنع له طعاما , ثم جاء يدعوه فقال : وهذه لعائشة فقال : لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فعاد يدعوه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذه قال : لا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا , ثم عاد يدعوه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه قال نعم في الثالثة , فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله } رواه مسلم كره عليه السلام أن يختص عن عائشة بالطعام في هذه الحال لحاجتها في ذلك الوقت أو لمعنى يختص بهذه الحال ولأنه لم يكن حضورها معه في ذلك معتادا وقوله يتدافعان أي يمشي كل واحد في أثر الآخر .

    وأما ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه من ذهابه هو عليه السلام وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما في حال الضرورة , والفاقة إلى حديقة أبي الهيثم بن التيهان رضي الله عنه فلا يدل على جواز استتباع الإنسان إلى دار من يعلم رضاه بذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مدعوا في تلك الحال , والقضية قضية عين يحتمل أنهم علموا رضاه بذلك وهذا جائز ويحتمل أنهم أضياف في هذه الحال ولهذا قال أبو الهيثم الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني ويحتمل أن فيه دلالة على استتباعه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { قال لأبي بكر وعمر قوما فقاما فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين فلان ؟ قالت ذهب ليستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه , ثم قال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال : فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا وأخذ المدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياك , والحلوب فذبح لهم شاة فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع , ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم } .

    وزاد الترمذي فقال النبي صلى الله عليه وسلم { هل لك خادم قال : لا قال : فإذا أتانا شيء فائتنا فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين فأتاه أبو الهيثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اختر منهما قال يا نبي الله اختر لي , فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن المستشار مؤتمن خذ هذا فإني رأيته يصلي واستوص به معروفا . فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته : ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن نعتقه قال فهو عتيق , فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر , وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة السوء فقد وقي }

    هذا حديث تضمن فوائد حسنة يحتاج إليها مفهومة منه فلهذا ذكرته والله أعلم , ولكن في خبر جابر رضي الله عنه زمن الخندق { أنه صنع طعاما , ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : فقلت طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال : كم هو ؟ فذكرت له قال كثير طيب , قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز حتى آتي قال قوموا فقام المهاجرون , والأنصار ومن معهم قال : فقال ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة , والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه حتى شبعوا وبقي بقية قال كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة يعني يقول لامرأة جابر } رواه البخاري .

    وفي الصحيحين قال جابر { فجئته فساررته فقلت يا رسول الله إنا قد ذبحنا بهيمة لنا وطحنت صاعا من شعير كان عندنا فتعال أنت في نفر معك فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع لكم سورا فحي هلا بكم وفيه فبصق فيهما وبارك . وفيه وهم ألف فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا , وإن برمتنا لتغط كما هي , وإن عجيننا ليخبز كما هو } .

    وفي البخاري { أنه عرضت في الخندق كدية شديدة فجاءوا إليه فقال أنا نازل , ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم } .

    ومثل معنى هذه القصة في استتباع المدعو إلى من يعلم رضاه حديث { أنس رضي الله عنه لما أرسله أبو طلحة يدعوه فقال لمن عنده : قوموا وفيه أنه كان عصب بطنه عن الجوع : وفيه أن أبا طلحة رآه في المسجد يتقلب ظهرا لبطن فظنه لجائعا , وفيه أنه أذن لعشرة عشرة } .

    وفي البخاري أن القوم كانوا ثمانين رجلا وفي مسلم , والقوم سبعون رجلا أو ثمانون صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنهم وأرضاهم . وأخذ في شرح مسلم من حديث أنس السابق استحباب إيثار الضيفان بعضهم بعضا إذا لم يكره صاحب الطعام كذا قال . وعن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما { أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثلاثة } كذا في مسلم أي بتمام ثلاثة .

    وفي البخاري : " ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو بسادس " أو كما قال , وإن أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صليت العشاء , ثم رجع فلبث حتى نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ما ذهب من الليل ما شاء الله , قالت امرأته : ما أحبسك عن أضيافك قال أوما عشيتهم ؟ قالت أبوا حتى تجيء أنت قد عرضوا عليهم فغلبوهم قال : فذهبت أنا فاختبأت فقال يا غنثر فجدع وسب وقال : كلوا لا هنيئا وقال : والله لا أطعمه أبدا قال : وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها قال : شبعنا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر , ثم قال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا ؟ قالت : لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار , فأكل منها أبو بكر وقال إنما كان ذلك من الشيطان يعني يمينه . وعنه أيضا قال { نزل علينا أضياف لنا وكان أبي يتحدث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل قال فانطلق قال يا عبد الرحمن افرغ من أضيافك قال فلما أمسيت جئنا بقراهم قال فأبوا قالوا حتى يجيء أبو منزلنا فيطعم معنا قال فقلت إنه رجل حديد وإنكم إن لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى قال فأبوا فلما جاء لم يبدأ بشيء أول منهم فقال فرغتم من أضيافكم ؟ قالوا لا والله ما فرغنا قال أولم آمر عبد الرحمن قال وتنحيت عنه فقال يا عبد الرحمن فتنحيت , فقال يا غنثر أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا أجبت قال فجئت فقلت والله ما لي ذنب , هؤلاء أضيافك فسلهم قد أتيتهم بقراهم فأبوا أن يطعموا حتى تجيء قال فقال ما لكم ألا تقبلوا عنا قراكم قال : فقال أبو بكر والله لا أطعمه الليلة قال فقالوا والله لا نطعمه حتى تطعمه قال فما رأيت الشر كالليلة قط , ويلكم ما لكم ألا تقبلوا عنا قراكم , ثم قال إنما الأولى فمن الشيطان هلموا قراكم قال فجيء بالطعام فسمى فأكل وأكلوا قال فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بروا وحنثت , وأخبره قال بل أنت أبرهم وأخيرهم قال ولم تبلغني كفارة } . رواهما مسلم , والبخاري وليس فيه : " بروا وحنثت إلى آخره " . وفيه فحلفت المرأة لا تطعمه حتى يطعمه , وليس عنده : حتى نعس وهي بفتح العين إنما عنده حتى تعشى .

    فيه الاشتغال عن الضيف بشغل ومصلحة إذا كان له من يقوم به . وفيه أن الضيف لا يمتنع مما يريد المضيف مما يتعلق بقراه ولا يعترض عليه فإن علم أنه يتكلف مشقة حياء منه اعترض برفق ; لأنه قد يكون للمضيف غرض في ذلك فيشق عليه إظهاره ويشق عليه مخالفة الضيف وقد ذكر أبو زكريا النواوي ذلك عن العلماء .

    وفيه السمر مع الضيف والأهل كما ترجم عليه البخاري وترجم أيضا ( باب في قول الضيف لصاحبه لا آكل حتى تأكل ) وإنما امتنع أضياف أبي بكر لمصلحة ; لأنه قد لا يحصل له عشاء . وإنما اختبأ عبد الرحمن خوف خصام وشتم , وغنثر الأشهر أنه بغين معجمة ومضمومة , ثم نون ساكنة , ثم ثاء مثلثة مفتوحة ومضمومة وهو الثقيل , وقيل الجاهل وقيل السفيه وقيل اللئيم وقيل هو ذباب أزرق .

    ورواه بعضهم عنتر بعين مهملة وتاء مثناة مفتوحتين وهو الذباب الأزرق , وقوله فجدع أي دعا بالجدع وهو قطع الأنف وغيره , والسب الشتم .

    وفيه الاختباء خوف أذى وإنه لا أذى بمثل هذا من الوالد . قوله : لا هنيئا إنما قاله غيظا بتركهم العشاء بسببه , كذا في شرح مسلم فيؤخذ منه عدم المؤاخذة عما يحدث في حال الغيظ . ويتوجه أنه قال أدبا على مخالفة السنة وله نظائر كقوله عليه السلام للممتنع من الأكل بيمينه وقوله لا أستطيع قال { لا استطعت ما منعه إلا الكبر } .

    وقوله { من سمعتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليه } وقول ابن عمر رضي الله عنهما للقائل في الجنازة استغفروا له : لا غفر الله لك . وقيل في قوله لا هنيئا إنما هو خبر أي لم يتهنوا به في وقته , وفيه إثبات كرامات الأولياء خلافا للمعتزلة وقرة العين يراد بها المسرة فقيل مأخوذ من القرار , لأن عينه تقر لحصول مراده فلا تستشرف لشيء , وقيل مأخوذ من القر بضم القاف وهو البرد أي عينه باردة لسرورها يقال أقر الله عينه أي أبرد دمعته ; لأن دمعة الفرح باردة . ويقال في ضده أسخن الله عينه , وفيه القسم بمخلوق قيل أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم فأقسمت به , وقوله لا وقرة عيني لا زائدة وقيل نافية أي لا شيء غير ما أقول وهو قرة عيني .

    وقوله رجل حديد : أي قوي يغضب لذلك . قوله ألا تقبلون ؟ ألا بتخفيف اللام للتحضيض وافتتاح الكلام , وقيل مشددة أي ما لكم لا تقبلون ؟ وأي شيء منعكم ؟ قوله أخيرهم هي لغة , والأشهر خيرهم , وفيه تقديم حنث المضيف لتأكد حق الضيف , وقوله لم يبلغني كفارة أي قبل الحنث , أما وجوبها فلا خلاف فيه , كذا في شرح مسلم , والمسألة مذكورة في الأيمان من الفقه .

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهود فأرسل إلى نسائه قلن كلهن : لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء قال من يضيفه هذه الليلة رحمه الله ؟ فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله , فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء ؟ قالت لا إلا قوت صبياننا قال فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه قال فقعدوا فأكل الضيف فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة } متفق عليهما . وفيهما { وقربي للضيف ما عندك } قال فنزلت الآية .

    وفي البخاري : { ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ندخر به شيئا }

    وفيه { إذا أراد الضيف العشاء فنوميهم } . وفيه { أن من سئل شيئا قام به إن أمكنه وإلا سأل له } لكن ليس في الخبر سؤال معين , وفيه ما كان عليه النبي من الزهد في الدنيا , والتقلل منها , وفيه الاحتيال , والتلطف بإكرام الضيف على أحسن الوجوه , والخبر محمول على أنه لم يكن بالأنصاري وأولاده حاجة إلى الأكل بحيث يحصل الضرر بتركه وإلا لوجب تقديمهم شرعا على حق الضيف وفيه الإيثار ممن لم يتضرر بأمور الدنيا قال في شرح مسلم أجمع العلماء على فضيلته وقد يكون ذلك سببا لحصول الكفاية مع حيازة الفضيلة .

    ولهذا في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه { طعام الاثنين كاف الثلاثة وطعام الثلاثة كاف الأربعة } ولمسلم من حديث جابر { طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة , وطعام الأربعة يكفي الثمانية } .

    وفي البخاري من حديث أبي جحيفة { أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان [ ص: 190 ] وأبي الدرداء وأن سلمان زاره فصنع أبو الدرداء له طعاما وقال له كل فإني صائم , فقال سلمان ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل } .

    قال ابن هبيرة وليس هذا من آداب الضيف ولكنه قصد أن يرد عليه ما كان عليه من الإفراط في كثرة العبادة , والإعراض عن النساء وغير ذلك قال وفيه استحباب زيارة الأخ أخاه فإن رآه على خير أعانه , وإن رآه محتاجا إلى تقويم قومه , قال وفيه جواز أن يؤاخى بين المؤمنين مع أن المؤمنين إخوة إلا أن هذا الإخاء لمعنى وهو أن النبي نظر بنور الأيمان إلى خشونة أبي الدرداء يصلح أن يضاف إليها علم سلمان وفقهه والله أعلم .

  8. #83
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    وعن ابن عباس مرفوعا { : من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه , ومن سقاه الله لبنا فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن } رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه .

    وفي هذا فضيلة اللبن وكثرة خيره ونفعه وقال بعضهم : هو أنفع مشروب للآدمي لموافقته للفطرة الأصلية واعتياده في الصغر , ولاجتماع التغذية والدموية فيه .

    وقد قال تعالى : { لبنا خالصا سائغا للشاربين } .

    وقال عن الجنة : { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } .

    وقد قال الأطباء : اللبن مركب من مائية وجبنية ودسومة وهي الزبدية , وأجوده الشديد البياض المعتدل القوام في الرقة والغلظ , والمحلوب من حيوان صحيح معتدل اللحم محمود المرعى والمشرب , ويستعمل عقب ما يحلب , وأصلح الألبان للإنسان لبن النساء وما يشرب من الضرع , وأفضله ما يثبت على الظفر فلا يسيل ولا يكون فيه طعم غريب إلى حموضة أو مرارة أو حرافة أو رائحة كريهة قال بعضهم : أو غريبة وهو بارد رطب , والحليب أقل بردا من غيره وقيل مائيته حارة ملطفة غسالة بغير لدغ , وجزم بعض الأطباء بهذا القول .

    وقال بعضهم : اللبن عند حلبه معتدل في الحرارة والرطوبة وزبديته إلى الاعتدال وإن مالت إلى حرارة جملته , معتدل يقوي البدن , وهو محمود يولد دما جيدا ويغذو غذاء جيدا ويزيد في الدماغ لا سيما لبن النساء , واللبن ينهضم قريبا لتولده من دم في غاية الانهضام طرأ عليه هضم آخر وينبغي إذا شرب اللبن أن يسكن عليه لئلا يفسد ولا ينام عليه ولا يتناول عليه غذاء آخر إلى أن ينحدر , وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية , وهو أنفع شيء لأصحاب المزاج الحار اليابس إذا لم يكن في معدهم صفراء ويزيل الحكة التي بالمشايخ ويعانون على هضمه بالعسل أو بالسكر , وأجود أوقات أخذه وسط الصيف لاعتدال الألبان في الغلظ واللطافة ولكن يخاف عليه أن يحليه الحر بعد الشرب ولا يخاف ذلك في الربيع , ويجلو الآثار القبيحة في الجلد طلاء , وشربه بالسكر يحسن جدا لا سيما للنساء ويسمن حتى أن ماء الجبن يسمن أصحاب المزاج الحار اليابس إذا جلسوا فيه وينفع من الحكة والجرب ويهيج الجماع وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة في الأخلاط الغليظة وأنضجها .

    واللبن ينفع من السجح وشرب الأدوية القتالة ويرد عقل من سقي البنج ويستحيل في المعدة الصفراوية إلى الصفراء ويورث السدد في الكبد ويضر أصحاب سيلان الدم والحليب يتدارك ضرر الجماع , ويوافق الصدر والرئة جيدا لأصحاب السل رديء للرأس والمعدة والكبد والطحال .

    وليس شيء أضر للبدن من لبن فاسد رديء واللبن إذا أكثر منه تولد منه القمل والبرص إلا لبن الإبل فإنه قل ما يخاف منه البرص . واللبن رديء للمحمومين وأصحاب الصداع مؤذ للدماغ والرأس الضعيف ضار للأورام الباطنة والأعصاب والأمراض البلغمية وباللثة والأسنان , قالوا : وينبغي أن يتمضمض بعده لأجل اللثة بالعسل , ويظلم البصر ويضر بالغشاء والخفقان والحصاة ووجع المفاصل والأحشاء وينفخ المعدة ويذهب بنفخه أن يغلى ويؤكل بعده المشمش قال بعضهم : أو عسل أو زنجبيل ومن اعتاده فليس كمن لم يعتده .

    وإن جمد اللبن لإنفحة شربت فيه أو غير ذلك عرض عنه عرق بارد وغثى وحمى نافض وجموده مع إنفحة أردأ وأسرع إلى الحنق وينبغي أن يجتنب الملوحات فإنها تزيده تجبنا ولكن ينبغي أن يسقى خلا ممزوجا بماء ويسقى من الإنفحة إلى مثقال فإنها ترققه وتخرجه بقيء أو إسهال .

    واللبن المطبوخ والملقى فيه الحصا المحمي والحديد يعقل البطن واللبن الحامض أجوده الكثير الزبد فإن أخذ زبده وحمض فهو المخيض , وإن نزع زبده ومائيته فهو اللدوغ وهو بارد يابس وقيل رطب وهو يوافق الأمزجة الحارة ولكنه جام الخلط بطيء الاستمراء مضر باللثة والأسنان وللدماغ ينفع المعدة الحارة , والمخيض لا يجشئ جشاء دخانيا لانتزاع زبده ويحبس الإسهال الصفراوي والدموي ويسكن العطش .

    وينبغي أن يتمضمض بماء العسل حتى لا يضر باللثة فإن استحال اللبن الحامض إلى كيفية عفنة أخرى مع الحموضة تولد عنه دوار وغشيان ومغص في فم المعدة وربما عرضت عنه هيضة قاتلة وينبغي أن يداوى بالقيء وتنظيف المعدة منه بماء العسل فأما أنواع اللبن فلبن اللقاح سبق الكلام فيه في فصل التداوي بالمحرمات من فصول الطب ولبن البقر أكثر الألبان دسومة وغلظا وأكثر غذاء من سائر الألبان وأبطأ انحدارا ذكره ابن جزلة وذكر غيره أنه يلين البدن ويطلقه باعتدال وإنه من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن ولبن المعز في الرقة والغلظ والدسم وقد سبق الحديث فيه في فصل حفظ الصحة من الطب .

    ولبن المعز معتدل لاعتدال المائية والجبنية والزبدية فيه ينفع من النوازل ويحبسها من قروح الحلق واللسان عن اليبس والغم والوسواس والسعال ونفث الدم والسل بكسر السين وهو السلال يقال أسله الله فهو مسلول وهو من الشواذ . والغرغرة به تنفع من الخوانيق وأورام اللهاة وقروح المثانة وقيل : إنه مضر بالأحشاء .

    ولبن الضأن دسم غليظ كثير الجبنية والزبدية وقال بعضهم : هو أغلظ الألبان وأرطبها ينفع من نفث الدم وقروح الرئة ويتدارك ضرر الجماع ويقوي على الباه وينفع من الأدوية القتالة والزحير وقروح الأمعاء ليس محمودا كلبن المعز وفيه تهييج للقولنج ويولد فضولا بلغمية ويحدث في جلد من أدمنه بياضا قال بعضهم : ينبغي أن يشاب بالماء ليقل البدن ما ناله ويكثر تبريده ويسرع تسكينه للعطش .

    لبن الخيل قليل الجبنية والزبدية يعدل لبن اللقاح في ذلك لبن النساء يدر البول وهو ترياق الأرنب البحري وينفع من الرمد إذا حلب في العين ومن خشونة العين خاصة مع بياض البيض وينفع من السل إذا شرب حين يخرج من الثدي أو يمص من الثدي ولكن من امرأة صحيحة البدن معتدلة البدن وينفع من أورام الآذان وقروحها والله أعلم . وسبق الكلام في الجبن في ذكر المفردات .

  9. #84
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في تناهد الرفاق واشتراكهم في الطعام ) .

    قيل للإمام أحمد أيهما أحب إليك يعتزل الرجل في الطعام أو يرافق قال يرافق هذا أرفق يتعاونون إذا كنت وحدك لم يمكنك الطبخ ولا غيره , ولا بأس بالنهد قد تناهد الصالحون .

    كان الحسن إذا سافر ألقى معهم ويزيد أيضا بقدر ما يلقى يعني في السر , ومعنى النهد أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة يدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه ويأكلون جميعا , وإن أكل بعضهم أكثر من بعض فلا بأس , وكذلك قالت الشافعية وغيرهم ونصوا على أن ذلك سنة قال في شرح مسلم وهو معنى كلام أحمد السابق ويفارق النثار فإنه يؤخذ بنهب وتسالب وتجاذب بخلاف هذا , فعلى هذا لو وجدت هذه الأمور في التناهد كره في أشهر الروايتين كالنثار وهل تجوز الصدقة منه قال أبو داود سمعت أحمد قيل له يتناهد في الطعام فيتصدق منه .

    قال أرجو أن لا يكون به بأس أو قال ليس به بأس لم يزل الناس يفعلون ذلك فنظر الإمام أحمد إلى العرف , والعادة في ذلك وعلى هذا يتوجه صدقة أحد الشريكين بما يتسامح به عادة وعرفا , والمضارب , والضيف ونحو ذلك .

  10. #85
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في انتظار الآكلين بعضهم بعضا حتى ترفع المائدة ) .

    عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى أن يقام عن الطعام حتى يرفع } . وعن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا { إذا وضعت المائدة فلا يقم أحدكم حتى ترفع المائدة , ولا يرفع يدا وإن شبع حتى يفرغ القوم , وليعذر فإن الرجل يخجل جليسه فيقبض يده وعسى أن يكون له من الطعام حاجة } وعن أنس مرفوعا { إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت } رواهن ابن ماجه وغيره وفيهن ضعف .


    وروى مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها في الدنيا , وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته } قال في شرح مسلم المؤمن يدخر له حسناته وثواب أعماله إلى الآخرة ويجزى بها مع ذلك أيضا في الدنيا ولا مانع من جزائه بها في الدنيا والآخرة , وقد ورد الشرع به فيجب اعتقاده .

    وفي صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام قال : { ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم الأجر } حمله في شرح مسلم على ظاهره وقال : وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر قال : وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة رضي الله عنهم كقولهم : منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها أي يجتنيها .

    وذكر فيه أقوالا وضعفها وقال : إن هذا الصواب الذي لا يجوز غيره واختار القاضي عياض معناه واختاره الشيخ تقي الدين , وقد قال بعضهم : إن الخبر المذكور في تنقيص أجر من غنم لا يصح , وإنه لا يجوز أن ينقص ثواب أهل بدر قال بعضهم وراوي هذا الخبر أبو هانئ حميد بن هانئ مجهول ; ولأن في الصحيحين أن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة وأجيب بأن أبا هانئ ثقة مشهور روى عنه الليث وغيره من الأئمة .

    وليس في غنيمة بدر نص إنهم لو لم يغنموا لكان أجرهم على قدر أجرهم , وقد غنموا فقط , ولا تعارض بين هذا الخبر وبين الخبر الآخر فإنه لم يقل : إن الغنيمة تنقص الأجر أم لا , ولا قال : أجره كأجر من لم يغنم , وزعم بعضهم أن الذي تعجل ثلثي أجره إنما هو في غنيمة أخذت على غير وجهها , وزعم بعضهم أن المراد أن التي لم تغنم يكون لها أجر بالأسف على ما فاتها من الغنيمة فيضاعف ثوابها كما يضاعف ثواب من أصيب في ماله وأهله , وزعم بعضهم أنه محمول على من خرج بنية الغزو والغنيمة معا فينقص الله ثوابه والله أعلم .

    قال ابن حزم على قوله تعالى في إبراهيم : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } : قال له هناك جزاء الصالحين غير منقوص من الآخرة بما أعطي في الدنيا من الآخرة .

  11. #86
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    ويستحب أن يجلس غلامه معه على الطعام فإن لم يجلسه لقمه , ويستحب للآكل مع الجماعة أن لا يرفع يده قبلهم قال الآمدي لا يجوز أن يترك تحت الصحفة شيء من الخبز نص عليه أحمد في رواية مهنا وقال : السنة أن يأكل بيده وألا يأكل بملعقة ولا غيرها , ومن أكل بملعقة وغيرها أحل بالمستحب وجاز انتهى كلامه .

    قال المروذي قلت لأبي عبد الله : إن أبا معمر قال إن أبا أسامة قدم إليهم خبزا فكسره قال : هذا لئلا يعرفوا كم يأكلون .

    وروى هذا الحديث أحمد وابن ماجه والترمذي وقال : غريب والحاكم وقال على شرط البخاري وأبو داود وزاد في آخره في الكسوة وما تأخر " . وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسم الله فإن نسي في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه . وعن جابر مرفوعا { من نسي أن يسمي الله على طعامه فليقرأ قل هو الله أحد زاد بعضهم إذا فرغ } والظاهر أن الخبر موضوع فإن فيه حمزة بن أبي حمزة ولفظ أبي داود والترمذي { فإن نسي في الأول فليقل في الآخر بسم الله أوله وآخره } . وأول الخبر عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعاما في ستة نفر من أصحابه , فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه لو سمى لكفاكم } . وذكر الحديث وعن وحشي { أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا نأكل ولا نشبع قال : لعلكم تفترقون ؟ قالوا : نعم قال : اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه } إسناد لين رواه أحمد وأبو داود . وعن عمر مرفوعا { كلوا جميعا ولا تفرقوا فإن البركة مع الجماعة } رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف .


    قال الحنفية الأكل فوق الشبع حرام قال المشايخ منهم إلا في موضعين .

    ( أحدهما ) : أن يأكل فوق الشبع ليتقوى به على صوم الغد .

    ( والثاني ) : إذا نزل به ضيف وقد تناهى أكله ولم يشبع ضيفه وهو يعلم أنه متى أمسك عن الأكل أمسك الضيف عنه حياء وخجلا فلا بأس بأكله فوق الشبع ; لكي لا يكون داخلا في جملة من أساء القرى وإساءة القرى مذمومة شرعا , وهذا الاستثناء فيه نظر ظاهر , ولهذا لم يذكره الإمام محمد بن الحسن وقال المشايخ من الحنفية : ومن السرف أن يلقى على المائدة من الخبز أضعاف ما يحتاج إليه الآكلون .

    ومن السرف أن يضع لنفسه ألوان الطعام , ويكره تعليق الخبز على الخوان بل يوضع بحيث لا يتعلق , ويكره وضع الخبز في جنب القصعة لتستوي القصعة ويكره مسح الأصابع والسكين في الخبز , ويكره وضع المملحة على الخبز بل يوضع الملح وحده على الخبز , ويكره أن يأكل ما انتفخ من الخبز ووجهه ويترك الباقي , ومتى أذهب طيباته في حياته الدنيا واستمتع بها ذهبت درجاته في الآخرة انتهى كلامهم .

    وقد ورد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ما ظاهره موافق لما ذكر في المسألة الأخيرة .

  12. #87
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في إطعام المرء غيره من طعام مضيفه إذا علم رضاه وهل تقاس الدراهم على الطعام ) .

    قال في الرعاية : ومن قدم طعامه لزيد فله أخذ ما علم رضاء صاحبه به قال ابن حمدان وإطعام الحاضرين معه وإلا فلا , ويتوجه أن يقال : فله أخذ ما ظن رضاء ربه به ويكتفي بالظن قال في شرح مسلم : وهذا هو المذهب الصحيح الذي عليه جماهير السلف والخلف من العلماء وصرح به أصحابنا قال ابن عبد البر وأجمعوا على أنه لا يتجاوز الطعام وأشباهه إلى الدراهم والدنانير وأشباههما .

    قال أبو زكريا النواوي وفي ثبوت الإجماع في حق من يقطع بطيب نفس صاحبه بذلك نظر , ولعل هذا يكون عن الدراهم والدنانير الكثيرة التي لا شك في رضاه بها فإنهم اتفقوا على أنه إذا تشكك لا يجوز له التصرف مطلقا فيما تشكك في رضاه انتهى كلامه , والظاهر أن مراد ابن عبد البر الإذن في الطعام وشبهه لا يكون إذنا فيما هو أعلى من الدنانير وشبهها ويكون إذنا فيما هو أدنى منه ; لحصول الظن المستند إلى إذنه فيما هو أعلى منه .

  13. #88
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في مباسطة الضيفان ومعاملة كل طبقة بما يليق بها ) .

    ويستحب لصاحب الطعام أن يباسط الإخوان بالحديث الطيب والحكايات التي تليق بالحال إذا كانوا منقبضين قال المأمون سبعة أشياء لا تمل أكل خبز البر , وشرب ماء العنب , وأكل لحم الضأن , والثوب اللين , والرائحة الطيبة , والفراش الوطيء , والنظر إلى كل شيء حسن , فقال له الحسن بن سهل : أين محادثة الإخوان يا أمير المؤمنين قال : هن ثمان وهي أولاهن . ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب ومع الفقراء بالإيثار ومع الإخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعلم والاتباع قال الإمام أحمد : يأكل بالسرور مع الإخوان وبالإيثار مع الفقراء وبالمروءة مع أبناء الدنيا .

    قال جعفر بن محمد قال لي أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل رضي الله عنه يوم عيد : خذ عليك رداءك وادخل قال : فدخلت فإذا مائدة وقصعة على خوان عليها عراق وقد زال جانبه , فقال لي : كل فلما رأى ما نزل بي قال إن الحسن كان يقول : والله لتأكلن .

    وكان ابن سيرين يقول : إنما وضع الطعام ليؤكل .

    وكان إبراهيم بن أدهم يبيع ثيابه وينفقها على أصحابه وكانت الدنيا أهون عليه من ذاك , وأومأ إلى جذع مطروح قال : فانبسطت فأكلت لتأكلن هذه .

    وقال عبد الله بن داود الحربي اشترى إبراهيم بن أدهم لأصحابه شيئا وقال : يا فتيان كلوا في رهن رواه الخلال في الأخلاق وغدى الإمام أحمد محمد بن جعفر القطيعي وأباه قال محمد فجعلت آكل وفي انقباض لمكان أحمد قال : فقال لي لا تحتشم قال : فجعلت آكل قالها ثلاثا أو مرتين ثم قال لي في الثالثة يا بني كل فإن الطعام أهون مما يحلف عليه .

    قال أبو جعفر النحاس فيما يحتاج إليه الكتاب في باب الاصطلاح المحدث الذي استعماله خطأ وقال واستعملوا . احتشم بمعنى استحيا ولا نعرف احتشم بمعنى استحيا ولا نعرف احتشم إلا بمعنى غضب .

    وقال الجوهري في الصحاح عن أبي زيد حشمت الرجل وأحشمته بمعنى وهو أن يجلس إليك فتؤذيه وتغضبه .

    وقال ابن الأعرابي حشمته أخجلته وأحشمته أغضبته , والاسم الحشم وهو الاستحياء والغضب أيضا وقال الأصمعي : الحشمة إنما هو بمعنى الغضب لا بمعنى الاستحياء , وأحشمته واحتشمت منه بمعنى ورجل حشم أي : محتشم , وحشم الرجل خدمه ومن يغضب له , سموا بذلك لأنهم يغضبون له ذكر ذلك الجوهري .

    وقال ابن بسرى قد جاء الحشمة بمعنى الحياء قال أبو زيد الإبة الحياء , يقال : فاتأب أي احتشم وقال ابن عباس لكل داخل دهشة , ولكل طاعم حشمة , فابدءوه باليمين وقال للمنقبض عن الطعام ما الذي حشمك , انتهى كلامه .

    وإنما ذكرت هذا لئلا ينسب بعض من يقف على استعمال الإمام أحمد رضي الله عنه ذلك إلى ما لا ينبغي , والله أعلم , لكن قد استعمل ذلك في عرف حادث على ما لا يعرف في اللغة والله أعلم .

    وذكر في شرح مسلم أنه يستحب لصاحب الطعام وأهل الطعام الأكل بعد طعام الضيفان لحديث أبي طلحة الأنصاري الصحيح , والأولى النظر في قرائن الحال , وما تقتضيه المصلحة وفيما تقدم إشعار بذلك , وحديث أبي طلحة لا يخالفه .

    وذكر ابن الجوزي في آداب الأكل أن لا يسكتوا على الطعام , بل يتكلموا بالمعروف ويتكلمون بحكايات الصالحين في الأطعمة وغيرها .

    ومن ذلك أن يقصد كل منهم الإيثار لرفيقه ولا يحوج رفيقه أن يقول له بل ينبسط , ولا يتصنع بالانقباض , ومن ذلك أن لا يفعل ما يستقذره من غيره , فلا ينفض يده في القصعة ولا يقدم إليها رأسه عند وضع اللقمة في فيه , وإذا خرج شيء من فيه ليرمي به صرف وجهه عن الطعام وأخذه بيساره , ولا يغمس اللقمة الدسمة في الخل , ولا الخل في الدسم فقد يكرهه غيره , ولا يغمس بقية اللقمة التي أكل منها في المرقة .

    ويستحب تقديم الطعام إلى الإخوان ويقدم ما حضر من غير تكلف ولا يستأذنهم في التقديم بل يقدم من غير استئذان كذا ذكر .

    وفي هذا الأدب نظر قال : ومن التكلف أن يقدم جميع ما عنده انتهى كلامه .

    قال أحمد في المسند حدثنا عفان ثنا قيس بن الربيع ثنا عثمان بن سالور عن شقيق أو نحوه شك قيس { أن سلمان دخل عليه رجل فدعا له بما كان عنده فقال : لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أو قال لولا أنا نهينا أن يتكلف أحدنا لصاحبه لتكلفنا لك } . هذا الإسناد ليس بحجة , وقد يحتج به في مثل هذا الحكم .

    قال ابن الجوزي ومن آداب الزائر أن لا يقترح طعاما بعينه وإن خير بين طعامين اختار الأيسر إلا أن يعلم أن مضيفه يسر باقتراحه , ولا يقصر عن تحصيل ذلك قال : وينبغي أن لا يقصد بالإجابة إلى الدعوة نفس الأكل بل ينوي به الاقتداء بالسنة وإكرام أخيه المؤمن وينوي صيانة نفسه عمن يسيء به الظن , فربما قيل عنه إذا امتنع هذا متكبر , ولا يكثر النظر إلى المكان الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل منه على الشره .

    وهذا منه يدل على أنه لا ينبغي فعل ما يدل على الشره , ومنه الأكل الكثير الذي يخرج به عن العادة في ذلك الوقت ولهذا كان الشيخ تقي الدين رحمه الله إذا دعي أكل ما يكسر نهمته قبل ذهابه ولعله تبع في ذلك من مضى من السلف .

    وقد ذكر ابن عبد البر عن علي أنه كان إذا دعي إلى طعام أكل شيئا قبل أن يأتيه ويقول قبيح بالرجل أن يظهر نهمته في طعام غيره , وهذا والله أعلم يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال .

    قال ابن الجوزي رحمه الله : ومن آداب إحضار الطعام تعجيله وتقديم الفاكهة قبل غيرها لأنه أصلح في باب الطب .

    وقد قال تعالى : { وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون } . انتهى كلامه .

  14. #89
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في إطعام المرء غيره من طعام مضيفه إذا علم رضاه وهل تقاس الدراهم على الطعام ) .

    قال في الرعاية : ومن قدم طعامه لزيد فله أخذ ما علم رضاء صاحبه به قال ابن حمدان وإطعام الحاضرين معه وإلا فلا , ويتوجه أن يقال : فله أخذ ما ظن رضاء ربه به ويكتفي بالظن قال في شرح مسلم : وهذا هو المذهب الصحيح الذي عليه جماهير السلف والخلف من العلماء وصرح به أصحابنا قال ابن عبد البر وأجمعوا على أنه لا يتجاوز الطعام وأشباهه إلى الدراهم والدنانير وأشباههما .

    قال أبو زكريا النواوي وفي ثبوت الإجماع في حق من يقطع بطيب نفس صاحبه بذلك نظر , ولعل هذا يكون عن الدراهم والدنانير الكثيرة التي لا شك في رضاه بها فإنهم اتفقوا على أنه إذا تشكك لا يجوز له التصرف مطلقا فيما تشكك في رضاه انتهى كلامه , والظاهر أن مراد ابن عبد البر الإذن في الطعام وشبهه لا يكون إذنا فيما هو أعلى من الدنانير وشبهها ويكون إذنا فيما هو أدنى منه ; لحصول الظن المستند إلى إذنه فيما هو أعلى منه .

  15. #90
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثالث

    فصل ( في الانتشار في الأرض بعد الطعام ) .

    قال الله تعالى : { فإذا طعمتم فانتشروا } أي فاخرجوا { ولا مستأنسين } أي طالبين الأنس لحديث قال ابن الجوزي ما ذكره غيره كانوا يجلسون بعد الأكل فيتحدثون طويلا وكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويستحي أن يقول لهم : قوموا فعلمهم الله الأدب { والله لا يستحي من الحق } .

    أي لا يترك أن يبين لهم ما هو الحق فأما إن دلت قرينة على الإذن في الجلوس جاز ثم قد يكون مستحبا لميل صاحب الطعام إلى ذلك وقد يكون مباحا .
    قال الحسن البصري نزلت هذه الآية في الثقلاء وقال السدي ذكر الله الثقلاء في القرآن في قوله { فإذا طعمتم فانتشروا } .

    وينبغي للإنسان أن يجتهد في أن لا يستثقل فإن ذلك أذى له ولغيره والمؤمن سهل لين هين كما سبق في حسن الخلق قال ابن عبد البر سئل جعفر بن محمد عن المؤمن يكون بغيضا قال لا يكون بغيضا ولكن يكون ثقيلا .

    وقال سفيان بن عيينة قلت لأيوب السختياني ما لك لم تكتب عن طاووس قال أتيته فوجدته بين ثقيلين وسماهما كان أبو هريرة إذا استثقل رجلا قال : اللهم اغفر لنا وله وأرحنا منه وكان حماد بن سلمة إذا رأى من يستثقله قال { ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } .

    وعن حماد أيضا أنه قال في الصوم في البستان من الثقل كذا قال وليس هو على ظاهره بل يختلف بحسب الحال كان يقال : مجالسة الثقيل حمى الروح قيل لأبي عمرو الشيباني لأي شيء يكون الثقيل أثقل على الإنسان من الحمل الثقيل فقال : لأن الثقيل يعقد على القلب , والقلب لا يحتمل ما يحتمل الرأس والبدن من الثقل كان فلاسفة الهند يقولون : النظر إلى الثقيل يورث موت الفجأة قال ثقيل لمريض ما تشتهي قال أشتهي أن لا أراك .

    وقال معمر ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث محادثة الإخوان وحك الجرب والوقيعة في الثقلاء وهي أفضل الثلاث وقال آخر :
    إذا جلس الثقيل إليك يوما
    أتتك عقوبة من كل باب
    فهل لك يا ثقيل إلى خصال
    تنال ببعضها كرم المآب
    إلى مالي فتأخذه جميعا
    أحل لديك من ماء السحاب
    وتنتف لحيتي وتدق أنفي
    وما في في من ضرس وناب
    على أن لا أراك ولا تراني
    مقاطعة إلى يوم الحساب
    وكان يقال مجالسة الثقيل , عذاب وبيل , وأنشد بعضهم :
    ليتني كنت ساعة ملك الموت
    فأفني الثقال حتى يبيدوا
    سلم ثقيل على إبراهيم بن عبد الله القاري صاحب هارون فقال له يا هذا : قد والله بلغت منك غاية الأذى أسلفني سلام شهر وأرحني منك .
    قال الشاعر :
    أنت يا هذا ثقيل وثقيل وثقيل
    أنت في المنظر إنسان وفي الميزان فيل
    قال أبو حازم عود نفسك الصبر على السوء فإنه لا يزال يخطئك .

صفحة 6 من 18 الأولىالأولى 12345678910111216 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
    By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM
  2. حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
    By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM
  3. أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
    By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM
  4. من أروع ما قرأت×××
    By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM
  5. تربية الأولاد على الآداب الشرعية
    By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM

الاوسمة لهذا الموضوع


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17