صفحة 4 من 18 الأولىالأولى 1234567891014 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 46 إلى 60 من 269
  1. #46
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    وقال أبو كريب : كان عيسى عليه السلام يقول : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي , ولا يعمر بك النادي قال في شرح مسلم : أجمعت الأمة على استحباب كتابة العلم بعد ذلك , وأجابوا عن أحاديث النهي بخوف اختلاط القرآن بغيره قبل اشتهاره , فلما اشتهر وأمن ذلك جاز . والجواب الثاني أنه نهي تنزيه لمن وثق بحفظه وخيف اتكاله على الكتابة .

    وقال الثوري : معرفة معاني الحديث وتفسيره أشد من حفظه وقال وكيع : قال إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وكان ثقة : كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به . وسأل مهنا أحمد ما الحفظ ؟ قال الإتقان هو الحفظ .

    وقال عبد الرحمن بن مهدي : الحفظ الإتقان , ولا يكون إماما في العلم من يحدث بكل ما سمع , ولا يكون إماما في العلم من يحدث بالشاذ من العلم , وقال المروذي : إن أبا عبد الله قال : ما أنفع مجالس أصحاب الحديث قلت : كيف مجالستهم وهم يغتابون ؟ قال : ما أنفع مجالستهم يعرف الرجل الحديث بهم .

    وروى الخلال عن ابن سيرين قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم حلقا يتذاكرون الحديث ويتراجزون الشعر , وروى أحمد عن عبد الله هو ابن مسعود قال : تذاكروا الحديث فإن حياته المذاكرة , وعن علقمة قال : أطيلوا ذكر الحديث لا يدرس , وعن وهب بن منبه قال : مجلس يتنازع فيه العلم أحب إلي من قدره صلاة , روى ذلك الخلال . وذكر البيهقي في كتاب المدخل من حديث شعبة عن علي بن الحكم عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسوا كان حديثهم يعني الفقه إلا أن يقرأ رجل سورة أو يأمروا أحدهم أن يقرأ سورة , وعن علي رضي الله عنه قال : تذاكروا الحديث فإنكم إن لم تفعلوا ذلك اندرس العلم .

    وقال أبو سعيد : تذاكروا الحديث فإن الحديث يهيج الحديث وقال عمر المهاجري عن ابن عباس : إن له لسانا سئولا , وقلبا عقولا رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عنه .

    وروى أحمد عن جرير عن مغيرة قال قال رجل لابن عباس : بم أصبت هذا العلم قال : بلسان سئول , وقلب عقول وقال ابن وهب عن يونس قال الزهري : العلم خزائن وتفتحها المسألة . وروي عن الزهري أنه كان يرجع إلى منزله وقد سمع حديثا كثيرا , فيعيده على جارية له من أوله إلى آخره كما سمعه ويقول لها : إنما أردت أن أحفظه وكان غيره يعيده على صبيان المكتب ليحفظه , وقال الأوزاعي عن الزهري : آفة العلم النسيان وقلة المذاكرة , وعن محمد بن كعب مرسلا : ما تجالس قوم ينصت بعضهم لبعض إلا نزع الله من ذلك المجلس البركة . وعن ابن مسعود أنه كان إذا قعد يقول : إنكم في ممر الليل والنهار إلى آجال منقوصة , وأعمال محفوظة , والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة , ومن زرع شرا يوشك أن يحصد ندامة , ولكل زارع ما زرع لا يفوت بطيء حظه , ولا يدرك حريص ما لم يقدر له , فمن أعطي خيرا فالله أعطاه , ومن وقي شرا فالله وقاه , المتقون سادة , والفقهاء قادة , مجالستهم زيادة قال البيهقي : وروي عن الحارث عن علي مرفوعا وهو ضعيف .

    وقال علي بن المديني حدثنا جندب بن عبد الرحمن الرواسي ثنا زكريا بن أبي زائدة عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال : جالسوا الكبراء وسائلوا العلماء , وخالطوا الحكماء قال البيهقي روي مرفوعا وهو ضعيف { وقال لقمان : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك , فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل المطر } قال البيهقي : وروي مرفوعا وهو ضعيف . وعن أنس مرفوعا { منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا } رواه الترمذي

    قال البيهقي : وروي عن كعب من قوله .

    وروى الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي أخبرنا أبو بكر أخبرنا عبد الغفار بن أبي الطيب المؤدب حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج حدثنا جدي قال : سألت أحمد بن حنبل قلت : يا أبا عبد الله أيما أحب إليك الرجل يكتب الحديث أو يصوم ويصلي ؟ قال : يكتب الحديث قلت : فمن أين فضلت كتابة الحديث على الصوم والصلاة ؟ قال : لأن يقول : إني رأيت قوما على شيء فاتبعتهم .

  2. #47
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل خير الناس من شهد له بالخير أهله وجيرانه .

    قال الفضل : سمعت أبا عبد الله وسئل عن أحمد بن محمد بن أيوب صاحب المغازي فقال : هذا يسأل عنه جيرانه , فإذا أثنوا عليه قبل منهم . وروى الخلال من حديث إسماعيل عن أيوب عن أبي قلابة قال : خير الناس خيرهم في أهله وخيرهم في جيرانه قال : هم أعلم به وروى ابن ماجه حدثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا سمعت جيرانك يقولون : قد أحسنت فقد أحسنت , وإذا سمعتهم يقولون : قد أسأت فقد أسأت } إسناد جيد ورواه أيضا من حديث جامع بن شداد عن كلثوم الخزاعي وروى أحمد الحديث الأول ولفظه " إذا سمعتهم " ولم يقل : " جيرانك " وقد سبق ما يتعلق بهذا . بنحو كراسين وقال سفيان الثوري : إذا رأيت الرجل محببا إلى جيرانه فاعلم أنه مداهن .

  3. #48
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( فيمن يتلقى العلم ممن ينتفع منه بغير العلم ) .

    قال أبو داود : سمعت أبا عبد الله قيل له : الرجل يكتب عن الرجل لكي يقضي له حاجة ؟ فقال : إذا كان عنده ثقة يكتب عنه قلت : ليس هو عنده في موضع يكتب عنه يقول : اكتب ثم ارمي به فكره ذلك قلت : أتخاف أن تكون ممن يأكل بالعلم ؟ فقال : أخاف .

    وقال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله قيل له : الرجل لا يكون ثقة في الحديث فتعرض للرجل إليه الحاجة , أيكتب عنه لمكان حاجته ؟ فقال : إن كان ثقة يكتب عنه وإن لم يك ثقة فلا يكتب عنه .

    وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني قال ابن هبيرة : فيه دليل على جواز محادثة الرجل بشيء من الذكر والقرآن لقصد يقصده الإنسان يستجلب به نفعا له أو يدفع به ضرورة , قال : ولم ينكره على أبي هريرة منكر . وقيل لأبي زرعة : كتبت عن يحيى بن أكثم ؟ فقال : ما أطمعته في هذا قط , وقد كان شديد الإيجاب لي , لقد مرضت مرضة ببغداد , فما أحسن أصف ما كان يوليني من التعاهد والافتقاد .

    وحدث ذات يوم عن الحارث بن مرة الحنفي بحديث الأشربة فقال " يعيش " وصحف فيه فقال : " تعيس " من أسامي العبيد وخجل , فقلت له حدثنا أحمد بن حنبل والقواريري قالا : حدثنا الحارث بن مرة فرجع لما ورد عليه أحمد والقواريري قال أبو زرعة جبلان .

  4. #49
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في محو كتب الحديث أو دفنها إذا كانت لا ينتفع بها ) .

    قال بكر عن أبيه عن أبي عبد الله سمعه , وسئل عن رجل أوصى إليه رجل أن يدفن كتبه قال : ما أدري ما هذا وقال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : دفن دفاتر الحديث قال : أرجو أن لا يكون به بأس .

    وقال في رواية أبي طالب وقد سأله عن محو كتب الحديث فقال : سبحان الله تمحي السنة والعلم قلت : ما تقول قال : لا وقال أبو طالب أبا عبد الله ما ترى في دفن العلم إذا كان الرجل يخاف أن ليس له خلف يقوم به ويخاف عليه الضيعة قال : لا يدفن ولعل ولده ينتفع به , عبيدة أوصى أن تدفن والثوري لم يكن له ولد ولعل غير ولده ينتفع به قلت يباع قال : لا يباع العلم ولكن يدعه لولده ينتفع به أو غير ولده ينتفع به وقال في رواية المروذي وسأله عمن أوصى أن تدفن كتبه قال : ما يعجبني دفن العلم .

    وقال المروذي سألت أبا عبد الله عن رجل أمر بدفن كتبه وله أولاد فأطرق مليا ثم قال : لعله ينتفع بها , ثم قال إن كان فيها منفعة عرضت فما أعطي بها من شيء حسبت من ثلثه . وحمل أحمد بن أبي الحواري كتبه إلى البحر ففرقها وقال : لم أفعل هذا تهاونا بك ولا استخفافا بحقك ولكن كنت أطلب أن أهتدي بك إلى ربي , فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك .

    فصل

    قال صالح سألت أبا عبد الله عن رجل أوصاه أبوه إذا هو مات أن يدفن كتبه , قال الابن بعد موت أبيه ما أشتهي أن أدفنها قال : إني أرجو إذا كانت مما ينتفع بالنظر فيها ورثته رجوت إن شاء الله تعالى , وسأله المروذي عمن أوصى أن تدفن كتبه وله أولاد قال فيهم من أدرك ؟ قلت نعم قال : وعمن كتب هذه الكتب قلت : عن قوم صالحين قال : أحب العافية منها , أكره أن أتكلم فيها , واستعفى من أن يجيب من أن تترك أو تدفن .

    قال الخلال : والذي أذهب إليه من قوله في هذا أنه إن كانت صحفا أو حديثا أنها لا تباع ولا تمحى ولا تحسب من الثلث ; لأني لا أعرف لحسابه من الثلث معنى لعله قد أوصى بثلثه في أبواب البر , وقد توقف عنه أبو عبد الله , والأحوط في هذا أن تدفن فهو أشبه في هذا الزمان .

  5. #50
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في كتابة الحديث والعلم والأحاديث المتعارضة فيها ) .

    روى الخلال ثنا أبو عباس الدوري سمعت يحيى بن سعيد القطان ما رأيت مثل سفيان الثوري , كنت إذا سألته عن الحديث لم يكن عنده اشتد عليه وكان مسعر لا يبالي أن لا يكون عنده وقال رجل لأحمد : أريد أعرف الحديث قال : إن أردت أن تعرف الحديث فأكثر من الكتابة .

    وقد دل هذا النص وغيره على كتابة الحديث , بل وكتابة العلم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة { اكتبوا لأبي شاه } وفيهما أيضا قول علي رضي الله عنه وما في هذه الصحيفة .

    وفي البخاري عن أبي هريرة : لم يكن أحد أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب .

    وفي رواية { استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة فأذن له } .

    وفي السنن { أن عبد الله بن عمرو قال : يا رسول الله أكتب عنك في الغضب والرضا ؟ فقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق وأشار بيده إلى فيه صلى الله عليه وسلم } .

    وعن عمر وابن عباس وأنس رضي الله عنهم : قيدوا العلم بالكتاب وقال حنبل ثنا سعيد بن سليمان ثنا عبد الله بن المؤمل عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { قيدوا العلم قلت وما تقييده قال الكتاب } ابن المؤمل ضعيف , وللنسائي عن عمرو بن عثمان عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبد الله بن عمرو قال : يا رسول الله { إنا نسمع منك أحاديث فتأذن لنا أن نكتبها , قال نعم } وذكر الحديث قال النسائي منكر , وهو عندي خطأ . وسمع أنس وكتب من النبي صلى الله عليه وسلم وعرضها عليه , وأملى واثلة بن الأسقع على الناس الأحاديث , وهم يكتبون بين يديه .

    وقال أبو المليح يعيبون علينا الكتاب , والله يقول { قال علمها عند ربي في كتاب } . وكان ابن عمر لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه .

    وقال بشير بن نهيك كتبت عن أبي هريرة ما كنت أسمعه منه , ثم أتيته به فقلت : هذا سمعته منك قال نعم . وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه أمر بنيه وبني أخيه بكتابة العلم حتى يرووه أو يضعوه في بيوتهم , وكتب ابن عباس كثيرا وكتب الناس عن زيد بن ثابت وجابر والبراء وغيرهم من الصحابة وخلق من التابعين لا يحصون , وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم أن يجمع له السنن والآثار : فإني خشيت ذهاب العلم .

    وروى مسلم عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا { من كتب عني سوى القرآن فليمحه } وروى البيهقي عن أبي نضرة عن أبي سعيد أنه قال : لا نكتبكم ولا نجعلها مصاحف , احفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال البيهقي : فدل ذلك على أن النهي إنما كان خشية أن يختلط بكتاب الله شيء , ثم روي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة : أن عمر أراد أن يكتب السنن , فاستشار الصحابة رضي الله عنهم فأشاروا عليه بذلك , ثم استخار الله شهرا ثم قال : إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا , فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله عز وجل , وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا . وعن ابن مسعود أنه كره كتابة العلم , وكذا روي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري والزهري وغير واحد أنهم كرهوا ذلك , .

    وقال أبو هريرة لا نكتب ولا نكتم , . وقال ابن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس كان ينهى عن كتابة العلم . وقال : إنما أضل من كان قبلكم الكتب .

    قال البيهقي : وإنما ذلك للمعنى الذي أشرنا إليه أو نحوه وقال أيضا : لعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة لمن خشي عليه النسيان , ونهى عن الكتابة لمن وثق بحفظه , أو نهى عن الكتابة حين خاف الاختلاط , وأذن في الكتابة حين أمن منه , فقال الأوزاعي : كان هذا العلم كريما يتلافاه الرجال بينهم , فلما دخل في الكتب دخل فيه من ليس من أهله .

  6. #51
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    وقال أبو كريب : كان عيسى عليه السلام يقول : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي , ولا يعمر بك النادي قال في شرح مسلم : أجمعت الأمة على استحباب كتابة العلم بعد ذلك , وأجابوا عن أحاديث النهي بخوف اختلاط القرآن بغيره قبل اشتهاره , فلما اشتهر وأمن ذلك جاز . والجواب الثاني أنه نهي تنزيه لمن وثق بحفظه وخيف اتكاله على الكتابة .

    وقال الثوري : معرفة معاني الحديث وتفسيره أشد من حفظه وقال وكيع : قال إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وكان ثقة : كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به . وسأل مهنا أحمد ما الحفظ ؟ قال الإتقان هو الحفظ .

    وقال عبد الرحمن بن مهدي : الحفظ الإتقان , ولا يكون إماما في العلم من يحدث بكل ما سمع , ولا يكون إماما في العلم من يحدث بالشاذ من العلم , وقال المروذي : إن أبا عبد الله قال : ما أنفع مجالس أصحاب الحديث قلت : كيف مجالستهم وهم يغتابون ؟ قال : ما أنفع مجالستهم يعرف الرجل الحديث بهم .

    وروى الخلال عن ابن سيرين قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم حلقا يتذاكرون الحديث ويتراجزون الشعر , وروى أحمد عن عبد الله هو ابن مسعود قال : تذاكروا الحديث فإن حياته المذاكرة , وعن علقمة قال : أطيلوا ذكر الحديث لا يدرس , وعن وهب بن منبه قال : مجلس يتنازع فيه العلم أحب إلي من قدره صلاة , روى ذلك الخلال . وذكر البيهقي في كتاب المدخل من حديث شعبة عن علي بن الحكم عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسوا كان حديثهم يعني الفقه إلا أن يقرأ رجل سورة أو يأمروا أحدهم أن يقرأ سورة , وعن علي رضي الله عنه قال : تذاكروا الحديث فإنكم إن لم تفعلوا ذلك اندرس العلم .

    وقال أبو سعيد : تذاكروا الحديث فإن الحديث يهيج الحديث وقال عمر المهاجري عن ابن عباس : إن له لسانا سئولا , وقلبا عقولا رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عنه .

    وروى أحمد عن جرير عن مغيرة قال قال رجل لابن عباس : بم أصبت هذا العلم قال : بلسان سئول , وقلب عقول وقال ابن وهب عن يونس قال الزهري : العلم خزائن وتفتحها المسألة . وروي عن الزهري أنه كان يرجع إلى منزله وقد سمع حديثا كثيرا , فيعيده على جارية له من أوله إلى آخره كما سمعه ويقول لها : إنما أردت أن أحفظه وكان غيره يعيده على صبيان المكتب ليحفظه , وقال الأوزاعي عن الزهري : آفة العلم النسيان وقلة المذاكرة , وعن محمد بن كعب مرسلا : ما تجالس قوم ينصت بعضهم لبعض إلا نزع الله من ذلك المجلس البركة . وعن ابن مسعود أنه كان إذا قعد يقول : إنكم في ممر الليل والنهار إلى آجال منقوصة , وأعمال محفوظة , والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة , ومن زرع شرا يوشك أن يحصد ندامة , ولكل زارع ما زرع لا يفوت بطيء حظه , ولا يدرك حريص ما لم يقدر له , فمن أعطي خيرا فالله أعطاه , ومن وقي شرا فالله وقاه , المتقون سادة , والفقهاء قادة , مجالستهم زيادة قال البيهقي : وروي عن الحارث عن علي مرفوعا وهو ضعيف .

    وقال علي بن المديني حدثنا جندب بن عبد الرحمن الرواسي ثنا زكريا بن أبي زائدة عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال : جالسوا الكبراء وسائلوا العلماء , وخالطوا الحكماء قال البيهقي روي مرفوعا وهو ضعيف { وقال لقمان : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك , فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل المطر } قال البيهقي : وروي مرفوعا وهو ضعيف . وعن أنس مرفوعا { منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا } رواه الترمذي

    قال البيهقي : وروي عن كعب من قوله .

    وروى الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي أخبرنا أبو بكر أخبرنا عبد الغفار بن أبي الطيب المؤدب حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج حدثنا جدي قال : سألت أحمد بن حنبل قلت : يا أبا عبد الله أيما أحب إليك الرجل يكتب الحديث أو يصوم ويصلي ؟ قال : يكتب الحديث قلت : فمن أين فضلت كتابة الحديث على الصوم والصلاة ؟ قال : لأن يقول : إني رأيت قوما على شيء فاتبعتهم .

  7. #52
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في فضل الجمع بين الحديث وفقهه وكراهة طلب الغريب والضعيف منه ) .

    قال أحمد بن الحسن الترمذي : سمعت أبا عبد الله يقول : إذا كان يعرف الحديث ويكون معه فقه أحب إلي من حفظ الحديث لا يكون معه فقه .
    وقال الأثرم سأل رجل أبا عبد الله عن حديث فقال أبو عبد الله : الله المستعان تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب , ما أقل الفقه فيهم .

    وقال الحسن بن محمد سمعت أحمد بن حنبل سئل عن أحاديث غرائب فقال : شيء غريب أي شيء يرجى به قال : يطلب الرجل ما يزيد في أمر دينه ما ينفعه .
    وقال في رواية أبي داود : يطلبون حديثا من ثلاثين وجها أحاديث ضعيفة قال : شيء لا ينتفعون به .

    ونحو هذا الكلام قال أيضا : شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها ولا يعتمد عليها وقال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون غريب الحديث ذكره الخلال .
    وروى أحمد عن الربيع بن خيثم قال : إن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل تنكره , وإن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار تعرفه .

    وقال علي بن الحسين زين العابدين : العلم ما تواطأت عليه الألسن .

    وقال مالك : شر العلم الغريب , وخير العلم الظاهر الذي قد رآه الناس وقال أبو يوسف القاضي : من طلب الدين بالكلام تزندق , ومن طلب غريب الحديث كذب , ومن طلب المال بالكيمياء أفلس , وعن مالك مثله وقال ابن المبارك : لنا في صحيح الحديث شغل عن سقيمه وقال ابن مهدي : لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة الحديث الضعيف , فأقل ما في ذلك أن يفوته من الصحيح بقدره .

    وقال ابن الجوزي قال أحمد بن حنبل : الاشتغال بالأخبار القديمة يقطع عن العلم الذي فرض علينا طلبه .

    وقال مالك : ما أكثر أحد من الحديث فأنجح , قال ابن الجوزي : وإنما الإشارة إلى ما ذكرت من التشاغل بكثرة الطرق والغرائب فيفوت الفقه .

    وذكر كلاما كثيرا إلى أن قال : وقد أوغل خلق من المتأخرين في كتابة طرق المنقولات , فشغلهم عن معرفة الواجبات , حتى إن أحدهم يسأل عن أركان الصلاة فلا يدري , لا بل قد أثر هذا في القدماء , ثم روى بإسناده أن امرأة وقفت على مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف بن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث , فسألتهم عن الحائض تغسل الموتى وكانت غاسلة , فلم يجبها منهم أحد , وجعل بعضهم ينظر إلى بعض , فأقبل أبو ثور فقالوا لها : عليك بالمقبل , فسألته فقال : نعم تغسل الميت لحديث عائشة رضي الله عنها { أما إن حيضتك ليست في يدك } ولقولها { : كنت أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وأنا حائض } قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحي فالميت به أولى , قالوا : نعم رواه فلان وحدثنا به فلان ونعرفه من طريق كذا , وخاضوا في الطرق والروايات فقالت المرأة : فأين كنتم إلى الآن .

    قال : وقد كان بعض أكابرهم يستحي من رد الفتيا فيفتي بما لا يحسن ذكره حتى إن امرأة سألت علي بن داود وفي مجلسه نحو ألف رجل فقالت : إني حلفت بصدقة إزاري ؟ فقال : بكم اشتريته فقالت : باثنين وعشرين درهما قال : صومي اثنين وعشرين يوما , فلما ذهبت جعل يقول آه غلطنا والله , أمرناها بكفارة الظهار , حكاه إبراهيم الحربي .
    ثم روى بإسناده عن أبي زرعة قال : كتب إلى أبي ثور لم يزل هذا الأمر في أصحابك حتى شغلهم عنه إحصاء عدد رواة { من كذب علي متعمدا } فغلبهم هؤلاء القوم عليه قال ابن الجوزي في ( صيد الخاطر ) : فهو كما قال الحطيئة :

    زوامل للأخبار لا علم عندها بمتقنها إلا كعلم الأباعر
    لعمرك ما يدري البعير إذا غدا
    بأوساقه أو راح ما في الغرائر

    ثم ذكر العلوم وقال : إن الفقه عليه مدار العلوم , فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن من الفقه .

    فإنه الأنفع وقال فيه : ولقد أدركنا في زماننا من قرأ من اللغة أحمالا فحضر بعض المتفقهة فسأله عن الحديث المعروف : { لو طعنت في فخذها أجزأك } فقال : هذا للمبالغة , فقال له الصبي : أليس هذا في ذكاة غير المقدور عليه ؟ ففكر الشيخ ساعة ثم قال : صدقت .

    وأدركنا من قرأ الحديث ستين سنة فدخل عليه رجل فسأله عن مسألة في الصلاة فلم يدر ما يقول ؟ وأدركنا من برع في علوم الفقه فكان إذا سئل عن حديث لا يدري ما يقول ؟ وأدركنا من برع في علم التفسير فقال له رجل يوما : إني أدركت ركعة من صلاة الجمعة فأضفت إليها أخرى فما تقول ؟ فسبه ولامه على تخلفه ولم يدر ما الجواب , وأدركنا من برع في علوم القراءات فكان إذا سئل عن مسألة يقول : عليك بفلان .

    هذه كلها محن قبيحة , فلما رأيت في الصبا أن كل من برع من أولئك في فنه ما استقصى , وإنما عوقته فضوله عن المهم , وما بلغ الغاية رأيت أن أخذ المهم من كل علم هو المهم , فإنه من أقبح الأشياء أن يطلب المحدث علو الإسناد وحسن التصانيف , فيقرأ المصنفات الكبار ويطلب الأسانيد العوالي ويكتب , فيذهب العمر ويرجع كما كان , ليس عنده إلا أجزاء مصححة لا يدري ما فيها وقد سهر وتعب .

    وإذا ساءلته عن علمه
    قال علمي يا خليلي في سفط
    في كراريس جياد أحكمت
    وبخط أي خط أي خط
    وإذا ساءلته عن مشكل
    حك لحييه جميعا وامتخط

    ويتفقه صبي صغير فيفتي في مسألة عجز ذلك الشيخ عنها , وإنما أشرح هذه الأشياء للتعليم , انتهى كلامه .

    ولأبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا { العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة , أو سنة قائمة , أو فريضة عادلة } وللترمذي وقال : حسن غريب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا بني { إن قدرت أن تصبح وتمسي , وليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال : يا بني وذلك من سنتي من أحيا سنتي فقد أحياني , ومن أحياني كان معي في الجنة } . وقال الشافعي ليونس بن عبد الأعلى : عليك بالفقه فإنه كالتفاح الشامي يحمل من عامه .

    وقال ابن الجوزي في كتاب العلم : الفقه عمدة العلوم , وأملى الشافعي على مصعب بن عبد الله بن الزبير أشعار هذيل ووقائعها وأيامها حفظا , فقال له : يا أبا عبد الله أين أنت بهذا الذهن عن الفقه ؟ فقال إياه أردت وقال محمد بن الحسن : كان أبو حنيفة يحثنا على الفقه , ونهانا عن الكلام وكان يقول : لعن الله عمرو بن عبيد لقد فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم .

    وقال الربيع : مر الشافعي بيوسف بن عمرو وهو يذكر شيئا من الحديث فقال : يا يوسف تريد تحفظ الحديث وتحفظ الفقه هيهات .

    وقال صاحب المحيط من الحنفية : أفضل العلوم عند الجمهور بعد معرفة أصل الدين وعلم اليقين معرفة الفقه والأحكام الفاصلة بين الحلال والحرام .

    وروى الحاكم في تاريخه عن عبد العزيز بن يحيى قال : قال لنا سفيان بن عيينة : يا أصحاب الحديث تعلموا معاني الحديث فإني تعلمت معاني الحديث ثلاثين سنة , قال : فتركوه وقالوا : عمرو بن دينار عمن ؟

    وقال أبو حيان النحوي المتأخر المشهور في أثناء كلام له : وأما إن صاحب تناتيف وينظر في علوم كثيرة , فهذا لا يمكن أن يبلغ الإمامة في شيء منها , وقد قال العقلاء : ازدحام العلوم مضلة للمفهوم , ولذلك تجد من بلغ الإمامة من المتقدمين في علم من العلوم لا يكاد يشتغل بغيره , ولا ينسب إلى غيره وقد نظمت أبياتا في شأن من ينهز بنفسه .
    ويأخذ العلم من الصحف بفهمه :

    يظن الغمر أن الكتب تهدي
    أخا فهم لإدراك العلوم
    وما يدري الجهول بأن فيها
    غوامض حيرت عقل الفهيم
    إذا رمت العلوم بغير شيخ
    ضللت عن الصراط المستقيم
    وتلتبس العلوم عليك حتى
    تصير أضل من توما الحكيم
    أشرت إلى قول بعضهم :
    قال حمار الحكيم توما
    لو أنصفوني لكنت أركب
    لأنني جاهل بسيط
    وصاحبي جاهل مركب
    وقال بعضهم :
    إذا لم تكن حافظا واعيا
    فجمعك للكتب لا ينفع
    وتحضر بالجهل في موضع
    وعلمك في الكتب مستودع
    ومن كان في عمره هكذا
    يكن دهره القهقرى يرجع
    ومن المشهور :
    فدع عنك الكتابة لست منها
    ولو سودت وجهك بالمداد
    وللعلوم رجال يعرفون بها
    وللدواوين كتاب وحساب

  8. #53
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل قال ابن الجوزي : ومن علوم الحديث معرفة علله , وذلك بجمع طرقه وقال أحمد بن حنبل : إذا لم يجمع طرق الحديث لم يفهم , والحديث يفسر بعضه بعضا .

    وقال عبد الرحمن بن مهدي : لأن أعرف علة الحديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليست عندي , انتهى كلامه .

    وقال سفيان الثوري عن أبيه عن منذر أبي يعلى الثوري عن الربيع قال : إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه , وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره , وقال نعيم بن حماد قلت لعبد الرحمن بن مهدي : كيف تعرف صحيح الحديث من خطئه ؟ فقال : كما يعرف الطبيب المجنون .

    وذكر البخاري عن ابن المديني عن ابن مهدي وسأله رجل عن ذلك فقال عبد الرحمن : أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك , فقال : هذا جيد وهذا مستوق , وهذا مبهرج , أكنت تسأله عن ذلك , أو كنت تسلم الأمر له ؟ قال : بل كنت أسلم الأمر إليه قال : فهذا كذلك لطول المجالسة والمناظرة والخبرة .

    وعن ابن مهدي قال : علمنا بصلة الحديث كهانة عند الجاهل وجاء رجل إلى أبي زرعة فقال : ما الحجة في تعليلكم الحديث ؟ فقال : الحجة في ذلك أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته , ثم تقصد محمد بن مسلم بن وارة فتسأله عنه فيعلله , ثم تقصد أبا حاتم الرازي فيعلله , ثم تنظر فإن وجدت بيننا اختلافا في علته فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده , وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم , ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم , فقال : أشهد أن هذا العلم إلهام رواه الحاكم والبيهقي والخطيب وغيرهم .

    وقال أبو زرعة الدمشقي : ثنا أحمد بن أبي الحواري ثنا الوليد بن مسلم سمعت الأوزاعي يقول : كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم المزيف , فما عرفوا منه أخذنا وما أنكروا منه تركنا .

    وقال الأعمش : كان إبراهيم صيرفي الحديث فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا أتيته فعرضته عليه .

    وقال قبيصة بن عقبة : رأيت زائدة يعرض كتبه على سفيان الثوري ثم التفت إلى رجل في المجلس فقال : ما لك لا تعرض كتبك على الجهابذة كما نعرض ؟

    وقال زائدة : كنا نأتي الأعمش فيحدثنا بكثير , ثم نأتي سفيان الثوري فنذكر له تلك الأحاديث فيقول : ليس هذا من حديث الأعمش فنقول : صدق سفيان ليس هذا من حديث الأعمش فنقول هو حدثناه الساعة فيقول : اذهبوا فقولوا له إن شئتم فنأتي الأعمش فنخبره , فيقول : صدق سفيان ليس هذا من حديثنا .

    وقال ابن معين : لولا الجهابذة كثرت الستوق والزيوف في رواة الشريعة أما تحفظ قول شريح : إن للأثر جهابذة كجهابذة الورق .

    وقال الربيع قال الشافعي : لا تستدل على أكثر الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه , إلا في الخاص القليل من الحديث , وذلك أن تستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله , أو يخالفه من هو أثبت وأكثر دلالات بالصدق منه .

    قال البيهقي : ومن ذلك حديث يحيى بن آدم يعني ما يأتي في العمل بالحديث الضعيف في آداب الدعاء والقراءة , قال : وإن كانت رواته ثقات . فهو مما لا يجوز أن يكون مثله لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر بتصديق من أخبر عنه ما لم يقله , وقد تفرد عنه يحيى بن آدم وهو ثقة , ولكن اختلف عليه فيه وأرسله بعضهم وهو أشبه , والخطأ في مراسيل المقبري متوهم .

    ثم ذكر البيهقي أحاديث أخر معللة , إلى أن ذكر الحديث المذكور في آخر الكتاب في كفارة المجلس والله أعلم . وسبق قبل هذا بنحو كراسة في طلب العلم حديث { يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله } .

  9. #54
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في علم الإعراب لصاحب الحديث ) .

    قال ابن الجوزي : ومن العلوم التي تلزم صاحب الحديث معرفته للإعراب لئلا يلحن وليورد الحديث على الصحة .

    كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن , انتهى كلامه , وكذا قال ابن عبد البر : كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن قال : وكتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما : أما بعد فتفقهوا في السنة وتعلموا العربية , أما الأول فرواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس عن نافع عن ابن عمر , إسناد جيد , وروي الثاني عن عيسى بن يونس عن ثور عن يحيى بن سعد قال : كتب عمر , فذكره , وهو منقطع .

    وروى ابن أبي شيبة عن عمر أنه قال : تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة , وإسناده ضعيف

    قال ابن عبد البر وقال شعبة : مثل الذي يتعلم الحديث ولا يتعلم النحو مثل البرنس لا رأس له .

    وقال عبد الملك اللحن في الكلام أقبح من آثار الجدري في الوجه . وقال ابن شبرمة إذا سرك أن تعظم في عين من كنت في عينه صغيرا , أو يصغر في عينك من كان فيها كبيرا , فتعلم العربية فإنها تجرئك على المنطق وتدنيك من السلطان قال الشاعر :

    اللحن يصلح من لسان الألكن
    والمرء تعظمه إذا لم يلحن
    ولحن الشريف محطة من قدره
    فتراه يسقط من لحان الأعين
    وترى الدني إذا تكلم معربا
    حاز النهاية باللسان المعلن
    وإذا طلبت من العلوم أجلها
    فأجلها منها مقيم الألسن


    وذكر ابن عبد البر في مكان آخر أن قائل هذا لو كان مهتديا لقال : فأجلها منها مقيم الأدين وما قاله حق قال : وقالوا العربية تزيد في المروءة وقالوا من أحب أن يجد في نفسه الكبر فليتعلم النحو , كذا قال وقال أبو جعفر النحاس : ويروى أن المأمون كان يتفقد ما يكتب به الكتاب , فيسقط من لحن , ويحط مقدار من أتى بما غيره أجود منه في العربية , فكان الكتاب يثابرون على النحو لما كان الرؤساء يتفقدون هذا منهم ويقربون العلماء , كما قال الفضل بن محمد : جاءني رسول الرشيد فنهضت ودخلت وسلمت عليه فأومأ بيده , ومحمد عن يمينه والمأمون عن يساره , والكسائي بين يديه يطارحهم معاني القرآن والشعر , فقال لي الرشيد : كم اسم { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } ؟

    فقلت : ثلاثة أسماء يا أمير المؤمنين , اسم الله عز وجل , والكاف الثانية اسم النبي صلى الله عليه وسلم والهاء مع الميم اسم الكفار , قال الرشيد : كذا قال الرجل , وأومأ بيده إلى الكسائي , ثم التفت إلى محمد فقال أفهمت ؟ قال : نعم قال : فاردده علي إن كنت صادقا , فرده على ما لفظت به , فقال : أحسنت أمتع الله بك . ثم أقبل علي فقال من يقول :

    نفلق هاما لم تنله أكفنا
    بأسيافنا هام الملوك القماقم


    فقلت الفرزدق يا أمير المؤمنين قال : كيف يفلق هاما لم تنله كفه ؟ قلت : على التقديم والتأخير , كأنه قال نفلق بأسيافنا من الملوك القماقم هاما لم تنله أكفنا على التعجب والاستفهام , فقال أصبت , ثم أقبل على الكسائي فحادثه ساعة ثم التفت إلي فقال : أعندك مسألة ؟ قلت : نعم , لصاحب هذا البيت قال : هات , فقلت :

    أخذنا بآفاق السماء عليكم
    لنا قمراها والنجوم الطوالع


    قال الرشيد : أفادنا هذا الشيخ في هذه المسألة ؟ قالا نعم , علمنا علي بن حمزة أن القمرين ههنا الشمس والقمر , قالوا سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر , كما قيل : ما اطرد الأسودان , يريدون الليل والنهار قلت : أزيد يا أمير المؤمنين في السؤال قال : زد قلت : فلم استحسنوا هذا قال : لما اجتمع شيئان من جنس واحد فكان أحدهما أشهر من الآخر غلب الأشهر ; لأن القمر أشهر عند العرب لأنسه وكثرة بروزهم فيه ومشاهدتهم إياه دون الشمس في أكثر الأوقات , وتلك القصة في قولهم : العمران لطول خلافة عمر وكثرة الفتوح فيها , وكذلك الليل لأنهم فيه أفرغ , وسمرهم فيه أكثر .

    قلت : أفيه يا أمير المؤمنين غير هذا ؟ قال : ما أعلمه , ثم التفت إلى الكسائي فقال : أتعرف في هذا غير ما قلناه مما أفدتناه ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين , وهو وفاء المعنى , فأمسك عني قليلا ثم قال : أتعرف فيه أنت أكثر من هذا قلت : نعم يا أمير المؤمنين بقيت الغاية التي افتخر بها قائل هذا الشعر قال قلت : الشمس أراد بها إبراهيم الخليل , والقمر ابن عمك محمد صلى الله عليه وسلم والنجوم أنت والخلفاء من آبائك ومن يكون من ولدك إلى يوم القيامة , قال : فتهلل وجهه وقال : حسن والله , والعلم كثير لا يحاط به , ولعل هذا الشيخ لم يسمع هذا فيفيدناه , وإن هذا العمري لأبلغ إلى غاية الفخر , ثم رفع رأسه إلى الفضل بن الربيع فقال تحمل إلى منزل الشيخ عشرة آلاف درهم فتقدم بها من ساعته .

    قال أبو جعفر النحاس وغيره وممن امتنع من النحويين من ملازمة السلطان , إجلالا للعلم وغنى نفس الخليل بن أحمد وبكر بن محمد المازني .

    وقال بعض العلماء : كان الخليل من الزهاد المنقطعين إلى العلم , ومن خيار عباد الله المتقشفين في العبادة , أرسل إليه سليمان بن حبيت المهلبي لما ولي , فنثر بين يدي رسوله كثيرا وامتنع أن يأتيه وكتب إليه :

    أبلغ سليمان أني عنه في سعة
    وفي غنى غير أني لست ذا مال
    شحا بنفسي إني لا أرى أحدا
    يموت هزلا ولا يبقى على حال
    والرزق عن قدر لا الضعف ينقصه
    ولا يزيدن فيه حول محتال
    والرزق يغشى أناسا لا طباخ لهم
    كالسيل يغشى أصول الدندن البالي
    كل امرئ بسبيل الموت مرتهن
    فاعمل لبالك إني شاغل بالي
    والفقر في النفس لا في المال نعرفه
    ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال


    وأما المازني , فأشخصه الواثق إلى سر من رأى لأن جارية غنت وراء ستاره

    أظليم إن مصابكم رجلا
    أهدى السلام تحية ظلم

    فقال لها الواثق : رجل , فقالت : لا أقول إلا كما علمت , فقال للفتح : كيف هو يا فتح ؟ فقال : هو خبر إن كما قلت , فقالت الجارية : علمني أعلم الناس بالعربية المازني فأمر بإشخاصه فأشخص , قال أحمد بن يحيى : فلقيني يعقوب بن السكيت فسألني فأجبته بالنصب فقال : فأين خبر إن قلت ظلم , ثم أتى المازني , فأجابه بمقالة الجارية .

    قال المازني : قلت لابن قادم ولابن سعد , لما كابرني : كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم ؟ فقال : دينارا قلت : كيف تقول : ضربك زيدا خير لك ؟ فنصب , قلت : فرق بينهما فانقطع , وكان ذلك عند الواثق وحضر ابن السكيت فقال لي الواثق : هات مسألة فقلت ليعقوب : { فأرسل معنا أخانا نكتل } .

    ما وزنه من الفعل ؟ قال : نفعل , قال الواثق : غلطت , ثم قال لي : فسره , فقلت : نكتل تقديره نفتعل نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتح ما قبلها , فصار لفظها نكتال , فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر , وحذفت الألف لالتقاء الساكنين , فقال : هذا هو الجواب , فلما خرجنا عاتبني يعقوب , فقلت : والله ما قصدت تخطئتك ولكن كانت في نفسي هينة الجواب , ولم أظن أنها تعزب عليك .

    قال : وحضر يوما آخر واجتمع جماعة نحويي الكوفة فقال لي الواثق : يا مازني , هات مسألة فقلت : ما تقولون في قول الله تعالى { وما كانت أمك بغيا }

    ولم يقل : بغية وهي صفة لمؤنث فأجابوا بجوابات ليست مرضية , فقال لي الواثق : هات الجواب , فقلت : لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء إذا لكانت مفعولة بمعنى : امرأة قتيل وكف خضيب , وتقدير بغي ههنا ليس بفعيل إنما هو فعول , وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث نحو امرأة سكون وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء , وتقدير بغي بغوي قلبت الواو ياء ثم أدغمت الياء في الياء نحو سيد وميت , فاستحسن الجواب ثم استأذنته في الخروج فقال : ألا أقمت عندنا : فقلت يا أمير المؤمنين إن لي بنية أشفق أغيب عنها قال : كأني بها قد قالت ما قالت ابنة الأعشى للأعشى :

    أرانا إذا أضمرتك البلاد
    نجفى وتقطع منا الرحم

    وقلت أنت :

    تقول بنتي وقد قربت مرتحلا
    يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
    عليك مثل الذي صليت فاغتمضي
    يوما فإن بجنب المرء مضطجعا

    فوالله ما أخطأ ما في نفسي , فأمر لي بجائزة وأذن لي في الانصراف .

    قال أبو جعفر النحاس : وفر أبو عمرو بن العلاء من الحجاج قال : فبينما أنا أسير إذ سمعت رجلا ينشد :

    ربما تجزع النفوس من الأمر
    له فرجة كحل العقال



    قد مات الحجاج فلم أدر بأيهما كنت أشد فرحا ؟ أبموت الحجاج أو قوله : فرجة قال أبو جعفر وعبيد الله بن إسحاق أحد القراء والنحويين : كان ممتنع الجانب قليل الغشيان للسلطان حتى ذكره الفرزدق وعيره الكبر وهجاه .

    قال أبو جعفر ومن النحويين من سارع إلى السلاطين ولم يحمد العاقبة , منهم سيبويه وابن السكيت كما حدثنا علي بن سليمان حدثنا أحمد بن يحيى ومحمد بن يزيد , قالا لما ورد سيبويه إلى العراق شق أمره على الكسائي , فأتى جعفر بن يحيى والفضل بن يحيى فقال : أنا وليكما وصاحبكما , وهذا الرجل قد قدم ليذهب محلي , قالا فاحتمل لنفسك فسنجمع بينكما , فجمعا عند البرامكة وحضر سيبويه وحده , وحضر الكسائي ومعه الفراء وعلي الأحمر وغيرهما من أصحابه , فسألوه كيف تقول : كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور , فإذا هو هي أو هو إياها ؟

    فقال : أقول : فإذا هو هي , فقال له : أخطأت ولحنت , فقال يحيى : هذا موضع مشكل فمن يحكم بينكم ؟ قالوا : هؤلاء الأعراب بالباب , فأدخل أبو الجراح وجماعة معه فسئلوا فقالوا نقول : فإذا هو إياها فانصرم المجلس على أن سيبويه قد أخطأ وحكم عليه , فأعطاه البرامكة وأخذ له من الرشيد وبعث به إلى بلدة فيقال : إنه ما لبث إلا يسيرا ثم مات كمدا قال علي بن سليمان : وأصحاب سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلاف بينهم أن الجواب على ما قال سيبويه , وهو فإذا هو هي وهذا موضع الرفع .

    قال أبو جعفر : وأما ابن السكيت فحدثني محمد بن الحسين بن الحسن حدثني عبد الله بن عبد العزيز النحوي قال قال لي يعقوب بن السكيت : أريد أشاورك في شيء قلت : قل قال : إن المتوكل قد أدناني وقربني وندبني إلى منادمته فما ترى ؟ قلت : لا تفعل وكرهت له النهاية , فدافع به يعقوب ثم تطلعت نفسه إليه فشاورني , فقلت : يا أخي أحذرك على نفسك , فإنه سلطان وأكره أن تزل بشيء , فحمله حب ذلك على أن خالفني فقتله في أول مرة لشيء جرى بينه وبينه في أمر الحسن والحسين عليهما الصلاة والسلام , وكان أوله مزاحا وكان ابن السكيت يتشيع فقتله .

    قال أبو جعفر : ومن النحويين من قرب من السلاطين فحظي عندهم , منهم علي بن حمزة قال يونس بن حبيب : أقام الكسائي بالبصرة عشرين سنة ثم رحل إلى الكوفة , فأخذ عن أعراب ليسوا بفصحاء فأفسد الحق بالباطل , فقد صار النحو كله من البصرة ; لأن الكسائي منهم تعلم , ثم قرأ على الأخفش كتاب سيبويه , ويحكى أنه دفع إليه مائة دينار .

    قال أبو جعفر : وليس أحد من الرؤساء المتقدمين في النحو إلا بصري , حتى إنهم حجج في اللغة يؤخذ عنهم لفصاحتهم , وكانوا لا يأخذون إلا عن الفصحاء من الأعراب , ولهم السبق والتقديم , منهم أبو الأسود وأبو عمرو , وسمعت علي بن سليمان يقول : ساءني أن خلفا البزار على جلالته ومحله ترك الكسائي , وهو أستاذه فلم يرو عنه حرفا واحدا , مع حاجته إليه في تصنيفه كتاب القراءات .

    قال أبو جعفر : ثم عرفني غير أبي الحسن أنه إنما ترك الرواية عنه لأنه سمعه يقول : قال لي سيدي الرشيد , فتركه وقال : إن إنسانا مقدار الدنيا عنده أن يجعل من أجلها هذا الإجلال , لحري أن لا يؤخذ عنه شيء من العلم , قال أبو جعفر : وقد كان الأصمعي متصلا بالرشيد وكان يقدمه ويتكلم في مجلسه , وقد ذكر أبو جعفر القاسم بن مخيمرة أنه قال : النحو أوله شغل , وآخره بغي , ورد أبو جعفر على ذلك , وسيق في فصول السلام والكلام في الكتابة , ويأتي بعد نصف كراسة أيضا .

    وذكر أبو جعفر في باب الاصطلاح المحدث الذي استعماله خطأ قال : واستعملوا يفعل ذلك بغير لام الأمر , وهذا من الخطأ القبيح الذي يقلب معه المعنى فيصير خبرا , والمراد الأمر , وإن جزم أيضا فخطأ ; لأن الأمر لا يكون بغير لام إلا في شذوذ واضطرار , على أنه حكي عن علي بن سليمان أنه لا يجوز عنده ولا عند أصحابه حذف اللام من الأمر للغائب ; لأن الحروف لا تضمر ; ولأن عوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء , وأن ما أنشد فيه من الشعر ليس بحجة ; لأنه لا يعرف قائله , وهو :

    محمد تفد نفسك كل نفس


    كذا قال وقد قال الله تعالى : { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم } .

    قيل هو خبر من الله عن حالهم وقال الزجاج : إنه أمر من الله لهم بالحذر , فتقديره ليحذر المنافقون قال ابن الأنباري : والعرب ربما أخرجت الأمر على لفظ الخبر فيقولون : يرحم الله المؤمن ويعذب الكافر , يريدون ليرحم ويعذب فيسقطون اللام ويجرونه مجرى الخبر في الرفع , وهم لا ينوون إلا الدعاء , والدعاء مضارع للأمر . وأما الجزم بلام مقدرة فيجوز كثيرا مطردا بعد أمر كقوله تعالى { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } .

    والأشهر أنه جواب قل , والتقدير : قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا , أي إن تقل لهم يقيموا . ورده قوم بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم لا يوجب أن يقيموا , واختار ابن مالك هذا الرد , ولم يره أبو البقاء ; لأنه لم يرد بالعباد الكفار , بل المؤمنين , يدل عليه قوله { لعبادي الذين آمنوا } وإذا أمرهم الرسول قاموا .

    وقيل : يقيموا جواب أقيموا المحذوفة أي : أن يقيموا , يقيموا ورد بوجوب مخالفة جواب الشرط له في الفعل والفاعل أو فيهما , فلا يجوز قم تقم , وبأن المقدر للمواجهة ويقيموا على لفظ الغيبة , وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا , ويجوز الجزم فاللام الأمر مقدرة قليلا بعد قول بلا أمر , ذكره ابن مالك , ولا يجوز الجزم بها بلا أمر ولا قول ولا ضرورة , والله أعلم .

    وإنما ذكرت ذلك لكثرة كتابة " يعتمد ذلك " ونحوها وكثرة من لا يعرف إلا إنكاره فينكره , ويوافقه عليه من لا يعلم , والله سبحانه أعلم .

  10. #55
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في إصلاح اللحن العارض لمتن الحديث ومتى يجوز التحديث ومن يقدم ) .

    قال إسحاق بن إبراهيم : سمعت ابن زنجويه يسأل أبا عبد الله : يجيء الحديث فيه اللحن وشيء فاحش , فترى أن يغير أو يحدث به كما سمع قال : يغيره شديد ; إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يلحنون , وإنما يجيء اللحن ممن هو دونهم .

    وقال ابن الجوزي : وينبغي لصاحب الحديث أن يصلح اللحن في كتابه , ذكر ذلك عن جماعة , وكان أحمد يفعله قال : ويصلح الغلط الذي لا يشك فيه , وذكره عن جماعة . والأولى لا يحدث حتى أن يتم له أربعون سنة , إلا أن يحتاج إليه فقد حدث بندار وله ثلاث عشرة سنة , وحدث البخاري وما في وجهه شعرة , ويكره أن يحدث بحضرة من هو أسن منه أو أعلم , فقد كان الشعبي إذا حضر مع إبراهيم لم يتكلم إبراهيم . وقال سفيان الثوري لسفيان بن عيينة ما لك لا تحدث ؟ فقال : أما وأنت حي فلا وقال سمرة بن جندب لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما , فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالا هم أسن مني , متفق عليه .

    قال ابن هبيرة فيه أنه يتعين على الحدث أن يوقر الشيوخ , وأنه إذا رئي عندهم لم يزاحمهم بالرواية له , فإنه يعرض أن يعيش بعدهم فيروي في حالة عدمهم فيكون ذلك في موقعه , وإن مات قبلهم لم تكن تغني روايته , لما يعرفه الشيوخ طائلا , والله أعلم , وسبق هذا المعنى بنحو كراسين في فصل , قال ابن عباس : إذا ترك العالم لا أدري .

    وقد ظهر من ذلك أنه يرد على القارئ الغلط الخطأ كما عليه عادة العلماء , وقد قال ابن طاهر المقدسي الحافظ : سمعت أبا إسحاق الحبال بمصر يقول : لم يكن في الدنيا مثل أبي القاسم سعد بن علي الزنجاني في الفضل , وكان يحضر معنا المجالس ويقرأ الخطأ بين يديه , فلا يرد على أحد شيئا , ولو قرئ بين يديه الكفر , إلا أن يسأل عن شيء أجاب , وأري يوما بعض الصبيان يتبعون الأغلاط ويبادرون بالرد على المقرئ ولا يحسنون الأدب .

    ومراد أبي إسحاق , والله أعلم أن أبا القاسم لا يبادر بالرد , ولعله يكتفي بغيره , ولهذا قال ولو قرئ بين يديه الكفر , ومعلوم أن مثل هذا لا يحل عدم بيانه والسكوت عنه , قال ابن طاهر : سمعت الفقيه أبا محمد هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول : يوم لا أرى فيه سعد بن علي الزنجاني لا أعتد أني عملت خيرا .

    قال ابن طاهر وكان هياج يعتمر كل يوم ثلاث عمر , ويواصل الصوم ثلاثة أيام , ويدرس عدة دروس , ومع هذا كله كان يعتقد أن نظرة إلى الشيخ سعد والجلوس بين يديه أجل من سائر عمله , قال ابن طاهر : سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد الكرخي يقول : لما عزم الشيخ سعد على الإقامة بالحرم والمجاورة به , عزم على نفسه نيفا وعشرين عزيمة أنه يلزم نفسه من المجاهدات والعبادات , ومات بعد ذلك بأربعين سنة ولم يخل منها عزيمة واحدة رحمه الله .

  11. #56
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في مكانة حفاظ الحديث وإقبال الألوف على مجالسهم وحسد الخلفاء لهم ) .

    قال جعفر بن درستويه كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني وقت العصر , اليوم لمجلس غد , فنقعد طول الليل مخافة أن لا نلحق من الغد موضعا نسمع فيه , فرأيت شيخا في المجلس يبول في طيلسانه , ويدرج الطيلسان مخافة أن يؤخذ مكانه إن قام للبول , وذكر غير واحد أنه كان في مجلس يزيد بن هارون يحزر بسبعين ألفا , وأمر المعتصم بحزر مجلس عاصم بن علي فحزروا المجلس عشرين ألفا ومائة ألف , وأملى البخاري ببغداد فاجتمع له عشرون ألفا .

    وقال أبو الفضل الزهري كان في مجلس جعفر الفريابي من أصحاب الحديث من يكتب حدود عشرة آلاف , ما بقي منهم غيري سوى من لا يكتب , وأملى أبو مسلم اللجي في رحبة غسان , فكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه , وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر , ثم مسحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة , فبلغ ذلك نيفا وأربعين ألف محبرة سوى العطارة .

    قال ابن الجوزي : قد كانت الهمم في طلب العلم كما قد ذكرنا , ثم ما زالت تقل الرغبات حتى اضمحلت فحكى شيخنا أبو حفص عمر بن طفر المغازلي قال : كنا في حلقة ابن يوسف نسمع الحديث فطلبنا محبرة نكتب بها السماع , فما وجدنا قال : وقد كان الخلفاء والكبراء يغبطون المحدثين على هذه المرتبة , ثم روى بإسناده عن محمد بن سلام الجمحي أنه قال : قيل للمنصور : هل من لذات الدنيا شيء لم تنله ؟ قال : بقيت خصلة أن أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث فيقول المستملي : من ذكرت رحمك الله ؟ قال فغدا عليه الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر فقال : لستم بهم إنما هم الدنسة ثيابهم , المتشققة أرجلهم , الطويلة شعورهم , برد الآفاق ونقلة الحديث .

    وقال يحيى بن أكثم قال لي الرشيد : ما أنبل المراتب قلت : ما أنت فيه يا أمير المؤمنين قال : فتعرف أجل مني ؟ قلت : لا قال : لكني أعرفه رجل في حلقة يقول : حدثنا فلان عن فلان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا أمير المؤمنين : هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي عهد المسلمين , قال نعم ويلك هذا خير مني ; لأن اسمه مقترن باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت أبدا , ونحن نموت ونفنى والعلماء باقون ما بقي الدهر .

    وقال المأمون : ما طلبت مني نفسي شيئا إلا وقد نالته ما خلا هذا الحديث , فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي ويقال لي : من حدثك ؟ فأقول : حدثني فلان قيل له : يا أمير المؤمنين فلم لا تحدث ؟ قال لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث .

    وقال يحيى بن أكثم وليت القضاء وقضاء القضاء والوزارة وكذا وكذا , ما سررت لشيء كسروري بقول المستملي من ذكرت رضي الله عنك .

  12. #57
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في تقديم النية الصالحة والإخلاص قبل القول والعمل ) .

    تقدم الكلام في النية للعلم والحذر من الرياء , وقال في صيد الخاطر : يا قوم قد علمتم أن الأعمال بالنيات , وقد فهمتم قوله تعالى { ألا لله الدين الخالص } .

    وقد سمعتم عن السلف أنهم كانوا لا يعلمون ولا يقولون حتى تتقدم النية وتصح , أيذهب زمانكم يا فقهاء في الجدل والصياح , وترتفع أصواتكم عند اجتماع العوام تقصدون المغالبة , ثم يقدم أحدكم على الفتوى وليس من أهلها , وقد كان السلف يتدافعونها , ويا معشر المتزهدين إنه يعلم السر وما يخفى , أتظهرون الفقر في لباسكم وأنتم تشتهون شهوات , وتظهرون التخشع والبكاء في الجلوات دون الخلوات , كان ابن سيرين يضحك ويقهقه , فإذا خلا بكى فأكثر وقال سفيان لصاحبه : ما أوقحك تصلي والناس يرونك .


    أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب

    آه للمرائي من يوم يحصل ما في الصدور , وهي النيات والعقائد , فالجزاء عليهما لا على الظواهر , فأفيقوا من سكرتكم , وتوبوا من زللكم واستقيموا على الجادة .

    { أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله } .

  13. #58
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في جرح رواة الحديث لبيان الحقيقة ومعرفة الصحيح من غيره ) .

    سأل رجل أبا عبد الله عن أبي البختري فقال : كان كذابا يضع الحديث فقال الرجل أنا ابن عمه قال أبو عبد الله : الله المستعان ولكن ليس في الدين محاباة .

    وقال مهنا : سألت ابن معين عن الواقدي قال : أنت تعرفه وأحب أن تعفيني قلت لم قال : إن ابنه أخ لي قلت فدعه , وسأل أحمد رجلا عن موت ابن المبارك فقال ما تصنع بهذا يا أبا عبد الله قال نعرف به الكذابين .

    وقال يحيى بن سعيد سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل يحدث بالحديث يخطئ فيه أو يكذب فيه فقالوا جميعا بين أمره قال أحمد في رواية مهنا هو كما قالوا , فقلت له أما تخاف أن يكون هذا من الفاحشة قال لا هذا دين ونقل غيره عن أحمد أنه سأله عن معنى الغيبة فقال : إذا لم ترد عيب الرجل قلت قد جاء يقول فلان لم يسمع وفلان يخطئ قال لو ترك هذا لم يعرف الصحيح من غيره وقال شعبة وقيل له تمسك عن أبان بن أبي عياش ؟ فقال ما أرى يسعني السكوت عنه , وقد سبق هذا المعنى في أول الكتاب , وفي فصول الهجرة من الأمر بالمعروف .

    وقيل ليحيى بن سعيد أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله قال : ذاك أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم حدثت عني حديثا ترى أنه كذب .

    وقال بعض الصوفية لابن المبارك وقد تكلم في المعلى بن هلال : يا أبا عبد الرحمن تغتاب ؟ فقال له : اسكت إذا لم نبين كيف نعرف الحق من الباطل ؟ وقال الشافعي : ليس هذا من الغيبة , وفي هذا المعنى أحاديث وآثار كثيرة .

    وقال أبو الحارث : سمعت أبا عبد الله غير مرة يقول : ما تكلم أحد في الناس إلا سقط وذهب حديثه قد كان بالبصرة رجل يقال له الأفطس كان يروي عن الأعمش والناس , وكانت له مجالس وكان صحيح الحديث , إلا أنه كان لا يسلم على لسانه أحد فذهب حديثه وذكره .

    وقال في رواية الأثرم وذكر الأفطس واسمه عبد الله بن سلمة قال : إنما سقط بلسانه فليس نسمع أحدا يذكره .

    وتكلم يحيى بن معين في أبي بدر فدعا عليه قال أحمد : فأراه استجيب له , والمراد بذلك والله أعلم عدم التثبت والغيبة بغير حق .

    وقال أبو زرعة عبد الله بن سلمة الأفطس : كان عندي صدوقا لكنه كان يتكلم في عبد الواحد بن زياد ويحيى القطان , وذكر له يونس بن أبي إسحاق فقال : لا ينتهي يونس حتى يقول سمعت البراء .

    قال أبو زرعة فانظر كيف يرد أمره , كل من لم يتكلم في هذا الشأن على الديانة فإنما يعطب نفسه , وكان الثوري ومالك يتكلمون في الناس على الديانة فينفذ قولهم , وكل من لم يتكلم فيهم على غير الديانة يرجع الأمر عليه .

    قال أبو زرعة وذكر أبا قتادة الحراني فقال سمعت ابن نفيل يقول : قرأ يعني أبا قتادة كتاب مسعر فبلغ : وشك أبو نعيم , فقال ما هذا ؟ فقال أبو زرعة : وذكر ابن نفيل يوما مات فلان سنة كذا لشيوخه فقيل له : متى مات أبو قتادة ؟ فقال : إنما نسأل عن تاريخ العلماء , فظننت أنه سلط عليه , وذلك أن ابن نفيل حدث فقيل لأبي قتادة حدث ابن نفيل , فقال ابن أخت ذاك الصبي يعني سعيد بن جعفر : فجعلت أعجب من استخفافه هذا به ثم سلط عليه ترى انتهى كلامه ,

    واعلم أن أبا قتادة واسمه عبد الله بن واقد ضعيف متروك عند الأئمة وكذبه بعضهم , وقواه أحمد , وكذا ابن معين في رواية ولا رواية له في الكتب الستة , ومات سنة عشر ومائتين , فمن هذه حاله لا يحل له أن يتكلم في الجرح والتعديل لا سيما بغير إنصاف فيمن عظمه الأئمة وأثنوا عليه واتفقوا عليه , وهو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي الحراني وسعيد بن حفص ثقة , وتوفيا سنة بضع وثلاثين ومائتين فلم يضرهما كلام أبي قتادة وانضر هو , فنسأل الله العفو والستر .

    وقال أبو زرعة : ذكرت لأبي جعفر النفيلي أن أحمد بن حنبل حدثنا عن أبي قتادة فاغتم وقال : قد كتبت إليه أن لا يحدث عنه وإنما كان أحمد حدثنا عنه في المذاكرة .

  14. #59
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في خطإ الثقات وكونه لا يسلم منه بشر ) .

    قال أحمد في رواية الأثرم : ليس ينبغي لأحد أن ينكر حديثا يلقى عليه كان وكيع يقول : ليس هذا عندنا ولا يقول : لم أسمعه يسكت قال أبو عبد الله : وكان ابن مهدي ذكر له عن ابن المبارك عن ورقاء عن سعيد بن جبير إذا أقر بالحد ثم أنكر لم يقم عليه , فأنكره إنكارا شديدا ثم نظر فوجده في كتابه .

    وقال مهنا لأحمد كان غندر يغلط قال : أليس هو من الناس ؟ , وقال البويطي : سمعت الشافعي يقول : قد ألفت هذه الكتب ولم آل فيها , ولا بد أن يوجد فيها الخطأ إن الله تعالى يقول : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } .

    فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى بن سعيد يعني القطان , ولقد أخطأ في أحاديث قال أبو عبد الله : ومن يعرى من الخطإ والتصحيف ؟ ونقل إسحاق بن إبراهيم عن أحمد كان وكيع يحفظ عن المشايخ ولم يكن يصحف وكل من كتب يتكل على الكتاب يصحف .

    ونقل إسحاق أيضا عن أحمد : ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسام وقال عباس الدوري : سمعت يحيى يقول : من لا يخطئ في الحديث فهو كذاب وقال عبد الرحمن بن مهدي : من يبرئ نفسه من الخطإ فهو مجنون وقال مالك : ومن ذا الذي لا يخطئ ؟ , .

  15. #60
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في صفات من يؤخذ عنهم الحديث والدين ومن لا يؤخذ عنهم ) .

    قال الصاغاني رأيت أحمد بن حنبل عند أبي سلمة الخزاعي وكنت قائما فقال أبو سلمة : يا أبا عبد الله ههنا , فأبى حتى كتب المجلس , وهو قائم .

    وقال أبو النضر العجلي : سمعت أبا عبد الله يقول : بلغني أن حماد بن زيد سئل عن حديث , فقال : أي شيء تسأل ؟ عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت قائم ؟ وقال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول : إنما يحيا الناس بالمشايخ , فإذا ذهب المشايخ فماذا بقي ؟

    وقال الحافظ تقي الدين بن الأخضر في تسمية من روى عن أحمد قال البخاري : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إنما الناس بشيوخهم فإذا ذهب الشيوخ فمع من العيش ؟ وصح عن ابن سيرين قال : العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ؟ ذكره مسلم في مقدمة مسلم عن أبي سعيد الأشج عن وكيع عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال قال عبد الله هو ابن مسعود : إن الشيطان ليتمثل في صورة فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب , فيتفرقون , فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث عامر تفرد عنه المسيب .

    وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم , فإياكم وإياهم } .

    وفي لفظ { يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم , فإياكم لا يضلونكم ولا يفتنونكم } .

    وقال مالك لرجل : اطلب هذا الأمر من عند أهله وقال مالك أيضا لسفيان بن عيينة : إنك امرؤ ذو هيئة وكبر , فانظر عمن تأخذ ؟

    وقال مالك : لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ عمن سواهم , لا يؤخذ عن معلن بالسفه , ولا عمن جرب عليه الكذب , ولا عن صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه , ولا عن شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به .

    وقال مالك أيضا : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم , لقد أدركنا في هذا المسجد سبعين ممن يقول قال فلان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان أمينا عليه فما أخذت منهم شيئا , لم يكونوا من أهل هذا الشأن , ويقدم علينا محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وهو شاب فنزدحم على بابه .

    وقال يحيى بن القطان : كم من رجل صالح لو لم يحدث لكان خيرا له وقال أيضا : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير , قال البيهقي : لأنهم اشتغلوا بالعبادة عن ضبط الحديث وإتقانه , فأدخل عليهم الكذابون ما ليس من حديثهم , ومنهم قوم توهموا أن في وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب أجرا , وجهلوا ما في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كبير الإثم .

    وروى الخلال عن ابن عباس مرفوعا { لا تأخذوا العلم إلا ممن تجيزون شهادته } وروى الحسن وابن سيرين مرسلا وقال بهز بن أسد : دين الله أحق أن يطلب عليه العدول .

    وقال هشيم عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته , وإلى صلاته , وإلى حاله , ثم يأخذون عنه .

    وقال الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر : لا يؤخذ العلم إلا عمن شهد له بطلب العلم وقال ربيعة : من إخواننا من نرجو بركة دعائه ولو شهد عندنا على شهادة ما قبلنا . واشترط الشافعي أن يكون حافظا إن حدث من حفظه , حافظا لكتابه إن حدث من كتابه , وروي عن مالك نحو هذا , لئلا يدخل عليه ما ليس من حديثه .

    وقال الإمام أحمد : يكتب الحديث عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة : صاحب هوى يدعو إليه , أو كذاب , أو رجل يغلط في الحديث فيرد عليه فلا يقبل .

    وقال سفيان الثوري : لا يؤخذ الحلال والحرام إلا عن الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان , ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ وقال سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال : كانوا يقولون لا تأخذوا العلم عن الصحفيين .

    وقال عبد الله بن المبارك قال أبو حنيفة : تكتب الآثار ممن كان عدلا في هواه إلا الشيعة , فإن أصل عقيدتهم تضليل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أتى السلطان طائعا حتى انقادت العامة له , فذاك لا ينبغي أن يكون من أئمة المسلمين وقال حرملة : سمعت الشافعي يقول : ما في أهل الأهواء قوم أشهد بالزور من الرافضة .

    وقال شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال : لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن علمائهم وأمنائهم , فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا .

    وقال ابن طاهر المقدسي : سمعت أبا محمد السمرقندي الحافظ الحسن بن أحمد سمعت أبا العباس المستغفري الحافظ سمعت أبا عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ يقول : إذا رأيت في إسناد حدثنا فلان الزاهد فاغسل يدك من ذلك الإسناد .

صفحة 4 من 18 الأولىالأولى 1234567891014 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
    By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM
  2. حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
    By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM
  3. أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
    By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM
  4. من أروع ما قرأت×××
    By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM
  5. تربية الأولاد على الآداب الشرعية
    By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM

الاوسمة لهذا الموضوع


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17