صفحة 2 من 18 الأولىالأولى 1234567812 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 269
  1. #16
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( الخوف والرجاء وما قيل في تساويها وعدمه ) .

    وواجب على الإمام أن يتعاهد المعلم والمتعلم كذلك ويرزقهما من بيت المال لأن في ذلك قواما للدين فهو أولى من الجهاد لأنه ربما نشأ الولد على مذهب فاسد فيتعذر زواله من قلبه .

    وروى البيهقي من حديث الثوري عن منصور عن ربعي عن علي { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } قال : علموهم الخير .

    وقد روى الخلال في أخلاق الإمام أحمد أنه قال خرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة فحممت فرجعت إلى أمي ولم أكن استأذنتها .

    وقال الفضيل : العلماء ربيع الناس إذا رآهم المريض لا يشتهي أن يكون صحيحا , وإذا رآهم الفقير لا يشتهي أن يكون غنيا , وعن الشعبي قال شرار كل ذي دين علماؤهم غير المسلمين .

    وروى الخلال أنبأنا محمد ثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم قال : قال : عبد الله : كفى بخشية الله علما , وبالاغترار بالله جهلا . وعن أبي الدرداء قال لا يكون الرجل عالما حتى يكون به عاملا .

    وقالت : عائشة { ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينسب أحدا إلا إلى الدين } رواه أبو داود .

    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسادوا أهل زمانهم , ولكنهم وضعوه عند أهل الدنيا لينالوا من دنياهم فهانوا عليهم رواه الخلال .

    وروى ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من رواية معاوية بن سلمة البصري عن نهشل وهو كذاب متروك عندهم عن الضحاك عن الأسود عن ابن مسعود قال لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسادوا أهل زمانهم ولكنهم أتوا به أهل الدنيا فاستخفوا بهم .
    سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول { : من جعل همومه هما واحدا كفاه الله سائر همومه . ومن تشعبت به الهموم وأحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك } .
    وفي حواشي تعليق القاضي أبي يعلي ذكر المدائني في كتاب السلطان عن علي رضي الله عنه قال لو أن حملة العلم حملوه بحقه لأحبهم الله عز وجل وملائكته وأهل طاعته من خلقه . ولكن حملوه لطلب الدنيا فمقتهم الله وهانوا على الناس .
    وقال مالك وجه إلي الرشيد أن أحدثه فقلت يا أمير المؤمنين إن العلم يؤتى ولا يأتي . فصار إلى منزلي فاستند معي على الجدار فقلت له يا أمير المؤمنين إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم , فقام فجلس بين يدي قال فقال بعد مدة : يا أبا عبد الله تواضعنا لعلمك فانتفعنا به , وتواضع لنا علم سفيان بن عيينة فلم ننتفع به .

    وروي نحو ما روي عن مالك عن سليمان بن حرب مع طاهر بن عبد الله , وروي أن طاهر بن عبد الله كان ببغداد فطمع أن يسمع من أبي عبيد وطمع أن يأتيه في منزله فلم يفعل أبو عبيد فقدم علي بن المديني وعباس العنبري فأرادا أن يسمعا غريب الحديث فكان يحمل كل يوم كتابه ويأتيهما في منزلهما فيحدثهما فيه .

    وروى البيهقي وغيره أن المهدي لما قدم المدينة حاجا جاءه مالك فسلم عليه فأمر المهدي ابنه موسى الهادي وهارون الرشيد أن يسمعا منه فطلباه إليهما فامتنع فعاتبه المهدي في ذلك فقال : يا أمير المؤمنين إن للعلم نضارة يؤتى أهله .

    وفي رواية : العلم أهل أن يوقر ويؤتى أهله , فأمرهما والدهما بالمصير إليه , فسأله مؤدبهما أن يقرأ عليهما فقال : إن أهل هذه البلدة يقرءون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم , فإذا أخطئوا أفتاهم , فرجعوا إلى الخليفة فعاتبه المهدي في ذلك فقال يا أمير المؤمنين سمعت ابن شهاب يقول سمعنا هذا العلم من رجال في الروضة وهو يا أمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار ونافع مولى ابن عمر وابن هرمز , ومن بعدهم أبو الزناد وربيعة ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرءون , فقال المهدي : في هؤلاء قدوة , صيروا إليه فاقرءوا عليه , ففعلوا .

    وقال سفيان بن عيينة لو أن أهل العلم طلبوه لما عند الله لهابهم الناس ولكن طلبوا به الدنيا فهانوا على الناس وقال سفيان : ما زال العلم عزيزا حتى حمل إلى أبواب الملوك وأخذوا عليه أجرا فنزع الله الحلاوة من قلوبهم ومنعهم العمل به .

    وقال ابن الجوزي ينبغي للعالم أن يصون العلم ولا يبذله ولا يحمله إلى الناس خصوصا إلى الأمراء , وروي عن القاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني أنه أنشد لنفسه :

    يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا
    رجلا عن موقف الذل أحجما
    أرى الناس من داناهم هان عندهم
    ومن لزمته عزة النفس أكرما
    ولم أقض حق العلم إن كان كلما
    بدا طمع صيرته لي سلما
    وما كل برق لاح لي يستفزني
    ولا كل من في الأرض أرضاه منعما
    إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى
    ولكن نفس الحر تحتمل الظما
    ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
    لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
    أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة
    إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما
    ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
    ولو عظموه في النفوس لعظما
    ولكن أذلوه فهان ودنسوا
    محياه بالأطماع حتى تجهما
    وأرسل محمد بن سليمان أمير البصرة إلى حماد بن سلمة يطلب منه الحضور إليه لأجل مسألة وقعت له فأرسل إليه حماد إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا , فإن وقعت مسألة فأتنا فاسألنا عما بدا لك . والقصة مشهورة وفيها أن محمد بن سليمان جاء فجلس بين يديه ثم ابتدأ فقال : مالي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا ؟ فقال حماد : سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء , وإذا أراد أن يكثر به الكنوز هاب من كل شيء } والقصة طويلة وفيها أنه عرض عليه أربعين ألف درهم فلم يقبلها لنفسه ولا ليقسمها ويفرقها .

    وأنشد بعضهم :
    إذا شئت أن تستقرض المال منفقا
    على شهوات النفس في زمن العسر
    فسل نفسك الإنفاق من كنز صبرها
    عليك وإرفاقا إلى زمن اليسر
    فإن فعلت كنت الغني وإن أبت
    فكل منوع بعدها واسع العذر
    وقال أبو الحارث لأبي عبد الله فترى الرجل أن يرحل لطلب العلم قال نعم قد رحل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم .
    وروى عنه الخلال أنه سئل عن رجل يقيم ببلدة وينزل في الحديث درجة قال ليس طلب العلم هكذا لو طلب العلم هكذا مات آثما , يؤخذ العلم عن الأكابر .

    وعن سعيد بن المسيب قال إن كنت لأسافر مسيرة الليالي والأيام في الحديث الواحد وقال أبو قلابة لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام ما لي حاجة إلا رجل يقدم عنده حديث فأسمعه . وعن الشعبي قال لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فسمع كلمة تنفعه فيما يستقبل من أمره ما رأيت سفره ضاع .

    وفي الصحيحين من حديث الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي { ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين , عبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها } ثم قال الشعبي : خذها بغير شيء فقد كان الرجل يرحل في مثلها إلى المدينة يعني من الكوفة . وأشار البخاري إلى حديث عبد الله بن أنيس وإن جابرا رحل إليه شهرا في حديث واحد . وهذا الحديث رواه الإمام أحمد من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه ابتاع بعيرا وسار شهرا إلى عبد الله بن أنيس , والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم { يقول الله تعالى يوم القيامة : أنا الله أنا الملك أنا الديان } . وذكر الحديث . وقد رحل الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة قديما وحديثا تقبل الله تعالى منهم . وعن عمران بن حصين قال : { دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتي بالباب فتاهت فآتاه ناس من بني تميم فقال : اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا : بشرتنا فأعطنا , مرتين , فتغير وجهه , ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا : قبلنا يا رسول الله , قالوا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر قال كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء , ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء ثم أتاني رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت , فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها وأيم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم . }

    قال ابن هبيرة : فيه الرحلة في طلب العلم , وجواز السؤال عن كل ما لا يعلمه , وجواز العدول عن سماع العلم إلى ما يخاف فواته ; لأن عمران قام عن المجلس لأجل ناقته فلم ينكر عليه , وجواز إيثار العلم على ذلك لقول عمران وددت أنها ذهبت ولم أقم .
    وقال مهنا سألت أحمد عن حديث معاذ بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله , ينفون عنه تحريف الجاهلين وإبطال البطالين , وتأويل الغالين } فقلت لأحمد هو كلام موضوع ؟ قال لا , هو صحيح , فقلت له سمعته أنت ؟ قال : من غير واحد , قلت من ؟ قال حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن معاذ عن القاسم بن عبد الرحمن . ثم رواه الخلال من حديث معاذ عن إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أبو أحمد بن عدي الحافظ عن عبد الله البغوي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد بن زيد ثنا قتيبة بن الوليد ثنا معاذ بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال البيهقي وتابعه إسماعيل بن عياش عن معاذ .

    ورواه الوليد بن مسلم عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن الثقة من أشياخهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي من أوجه أخر ضعيفة , قاله البيهقي واعتنى ابن عبد البر بهذا الحديث وحاول تصحيحه واحتج به في أن كل من حمل العلم فهو عدل والله أعلم . ومعاذ بن رفاعة مختلف فيه قال أحمد ومحمد بن عوف وأبو داود لا بأس به وقال ابن المديني ونعيم ثقة وقال النسوي لين الحديث وضعفه ابن معين . وقال الجوزجاني : ليس بحجة .
    وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه .
    وقال ابن حبان منكر الحديث .

    ونقل المروزي ويوسف بن موسى عن أحمد أنه قيل له : رجل أراد أن يصوم يوما تطوعا فأفطر لطلب العلم ؟ فقال إذا احتاج إلى طلب العلم فهو أحب إلي . فقيل له لأن طلب العلم أفضل ؟ فسكت .

    وقال المروزي سمعت أبا عبد الله يصف كيف يؤخذ العلم قال : ننظر ما كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فعن أصحابه , فإن لم يكن فعن التابعين وقال أبو داود سمعت أبا عبد الله يسأل إذا جاء الشيء عن الرجل من التابعين لا يوجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم يلزم الرجل أن يأخذ به . قال لا , ولكن لا يكاد يجيء شيء عن التابعين إلا ويوجد فيه شيء عن أصحاب رسول الله .

    وقال الفضيل بن أحمد : سمعت أحمد بن حنبل وقد أقبل أصحاب الحديث بأيديهم المحابر , فأومأ إليها , وقال : هذه سرج الإسلام , يعني المحابر .

    وقال ابن الجوزي قال الشافعي : لولا المحابر , لخطبت الزنادقة على المنابر .
    وروى بإسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال : رآني الشافعي وأنا في مجلس وعلى قميصي حبر وأنا أخفيه , فقال : لما تخفيه وتستره ؟ فإن الحبر على الثوب من المروءة ; لأن صورته في الأبصار سواد وفي البصائر بياض .

    قال ابن الجوزي : وينبغي تجويد الخط وتحقيقه دون المشق والتعليق , ويكره تضييق السطور , وتدقيق القلم فإن النظر إلى الخط الدقيق يؤذي قال حنبل بن إسحاق رآني أحمد بن حنبل وأنا أكتب خطا دقيقا فقال : لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك قال ابن الجوزي وقد كان بعضهم يضيق السطور لعدم الكاغد . وقد رأيت في وجهة من خط أبي عبد الله الصوري أحدا وثمانين سطرا .

    وقال البغوي عن أحمد أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر وقال صالح رأى رجل مع أبي محبرة فقال له : يا أبا عبد الله أنت قد بلغت هذا المبلغ وأنت إمام المسلمين , فقال معي المحبرة إلى المقبرة .

    وقال أحمد في موضع آخر : إظهار المحبرة من الرياء .
    وذكر له الصدق والإخلاص فقال بهذا ارتفع القوم .

    وروى ابن الجوزي بإسناده عن عبد الرحمن بن مهدي قال كان الرجل إذا لقي من هو فوقه في العلم كان يوم غنيمة . وإذا لقي من هو مثله دارسه وتعلم منه , وإذا لقي من دونه تواضع له وعلمه .

    وقال ابن عبد البر في بهجة المجالس وقال الأحنف : مذاكرة الرجال تلقيح لعقولها . ويأتي بنحو كراسة ما يتعلق بهذا .
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 15-04-2007 الساعة 12:07 PM

  2. #17
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه , وفضل أهله ) .

    قال الميموني : سألت أبا عبد الله أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث قال : لا بالقرآن قلت : أعلمه كله قال : إلا أن يعسر فتعلمه منه . ثم قال لي : إذا قرأ أولا تعود القراءة ثم لزمها وعلى هذا أتباع الإمام أحمد إلى زمننا هذا .

    وسيأتي قريبا قول ابن المبارك إن العلم يقدم على نفل القرآن وهذا متعين إذا كان مكلفا لأنه فرض فيقدم على النفل وكلام أحمد والله أعلم إنما هو في الصغير كما هو ظاهر السياق والذي سأل ابن المبارك كان رجلا فلا تعارض , وأما الصغير فيقدم حفظ القرآن لما ذكره أحمد من المعنى . ولأنه عبادة يمكن إدراكها والفراغ منها في الصغر غالبا , والعلم عبادة العمر لا يفرغ منه فيجمع بينهما حسب الإمكان , وهذا واضح وقد يحتمل أن يكون العلم أولى لمسيس الحاجة إليه لصعوبته وقلة من يعتني به بخلاف القرآن ولهذا يقصر في العلم من يجب عليه طلبه ولا يقصر في حفظ القرآن حتى يشتغل بحفظه من يجب عليه الاشتغال في العلم كما هو معلوم في العرف والعادة .

    وقال ابن هانئ : لأحمد ما معنى لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار قال : " هذا يرجى لمن القرآن في قلبه أن لا تمسه النار " في إهاب يعني في قلب رجل وقال : أيضا في جلد وقال إسماعيل الشالنجي عن أبي عبد الله قال : والذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه , وأقل ما يجب على الرجل من تعلم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان كذا وجدته , ولعله وسورة , وإلا فلا أدري ما وجهه ؟ مع أنه إنما يجب حفظه ما بلغ أن يجزئه في صلاته وهو الفاتحة خاصة في الأشهر عن أحمد والمسألة معروفة في الفقه .

    وقد قال ابن حزم في الإجماع قبل السبق والرمي : اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب ولم يتفقوا على ما هية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفظ أم القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ , وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك .

    واتفقوا على استحباب حفظ جميعه وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعين .
    وروى الخلال عنه أنه سئل عن رجل حفظ القرآن وهو يكتب الحديث يختلف إلى مسجد يقرأ ويقرئ ويفوته الحديث أن يطلبه فإن طلب الحديث فاته المسجد وإن قصد المسجد فاته الحديث فما تأمره قال : بذا وبذا فأعدت عليه القول مرارا كل ذلك يجيبني جوابا واحدا بذا وبذا .

    وسأل رجل ابن المبارك يا أبا عبد الرحمن في أي شيء أجعل فضل يومي في تعلم القرآن أو في تعلم العلم ؟ فقال هل تحسن من القرآن ما تقوم به صلاتك : قال نعم قال : عليك بالعلم .

    وقال أحمد في رواية أحمد بن الحسين وقيل له طلب العلم فريضة قال نعم لأمر دينك وما تحتاج إليه من أن ينبغي أن تعلمه وقال في رواية أبي الحارث : يجب عليه أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه ولا يفرط في ذلك قلت : فكل العلم يقوم به دينه قال : الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه .
    قلت : مثل أي شيء قال الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه ونحو ذلك وقال عبد الله سألت أبي عن الرجل يجب عليه طلب العلم قال أما ما يقيم به دينه من الصلاة والزكاة وذكر شرائع الإسلام فقال : ينبغي أن يتعلم ذلك .

    وقال ابن منصور لأبي عبد الله تذاكر بعض ليلة أحب إليك من إحيائها قال : العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم قلت الصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا قال نعم قال ابن منصور : قال لي إسحاق بن راهويه : { طلب العلم واجب } لم يصح الخبر فيه إلا أن معناه قائم يلزمه طلب ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إذا وقعت فلا حاجة للوالدين في ذلك .

    وأما من خرج يبتغي علما فلا بد له من الخروج بإذن الأبوين لأنه فضيلة فالنوافل لا تبتغي إلا بإذن الآباء وقال المروذي لأبي عبد الله الرجل يطلب العلم ويستأذن والدته فتأذن له وهو يعلم أن المقام أحب إليها قال : إذا كان جاهلا لا يدري كيف يطلق ولا يصلى فطلب العلم أحب إلي . وإن كان قد عرف فالمقام عليها أحب إلي .

    وروى الخلال عنه أن رجلا سأله : إني أطلب العلم وإن أمي تمنعني من ذلك تريد حتى أشتغل في التجارة , قال لي دارها وأرضها ولا تدع الطلب وقال له رجل غريب عن بلده طلب العلم أحب إليك أم أرجع إلى أمي ؟ فقال له إذا كان طلب العلم مما لا بد أن تطلبه فلا بأس , وسأله رجل قدمت الساعة وليس أدري شيئا ما تأمرني ؟ فقال أبو عبد الله : عليك بالعلم وقال إسحاق بن إبراهيم : سألت أبا عبد الله عن الرجل يكون له أبوان موسران يريد طلب الحديث ولا يأذنان له قال : يطلب منه بقدر ما ينفعه , العلم لا يعدله شيء .

    وفي الصحيحين عن معاوية مرفوعا { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } وعن عمر مرفوعا { إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين } وعن أبي هريرة مرفوعا { من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة } رواهما مسلم .

    وقال ابن مسعود : إن أحدكم لم يولد عالما وإنما العلم بالتعلم وقال أيضا : اغد عالما , أو متعلما ولا تغد إمعة بين ذلك وقال أيضا : اغد عالما أو متعلما , أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلك وقال حماد بن حميد عن الحسن قال أبو الدرداء كن عالما أو متعلما أو محبا , أو متبعا ولا تكن الخامس فتهلك قال الحسن هو المبتدع قال البيهقي وروي مثله عن ابن مسعود وروي مرفوعا وهو ضعيف , وقال أبو الدرداء : العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم .

    وقال الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه .

    وقال عبد الرزاق عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن مسعود عليكم بالعلم قبل أن يقبض . وقبضه ذهاب أهله , وعليكم بالعلم وإياكم والتنطع والتعمق , وعليكم بالعتق فإنه سيجيء أقوام يتلون كتاب الله وينبذونه وراء ظهورهم .

    وقال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها , وإذا عميت عليهم تحيروا } وعن أبي أمامة مرفوعا { فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم , إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير } رواه الترمذي وقال : صحيح غريب . وعن أبي الدرداء مرفوعا { إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء , وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر } رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه .

    وأما ما يذكره بعض الناس " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " فلم أجد له أصلا ولا ذكر له في الكتب المشهورة المعروفة ولا يصح .

    وروى الخلال عن أنس رضي الله عنه قال : قال " طلب العلم فريضة " وروى ابن شاهين ثنا سليمان الأشعث ثنا حفص بن مسافر الشيشي ثنا يحيى بن حسان ثنا سليمان بن قرم عن ثابت عن أنس رضي الله عنه عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { طلب العلم فريضة على كل مسلم } كلهم ثقات إلا سليمان فإنه مختلف فيه قال أحمد لا أرى به بأسا لكنه يفرط في التشيع وضعفه ابن معين وقال أبو زرعة : ليس بذاك وقال أبو حاتم : ليس بالمتين وقال النسائي : ليس بالقوي وقال ابن عدي أحاديثه حسان .
    ورواه حسان ابن سارة عن ثابت لكن حسان ضعيف قال ابن شاهين وهذا حديث غريب من أصح حديث في هذا الباب .

    ورواه ابن ماجه من رواية حفص بن سليمان القارئ وهو متروك عندهم وفيه { وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر والذهب } .

    وقال ابن عبد البر : هذا حديث يروى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة كلها معلولة لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد .
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 15-04-2007 الساعة 11:54 AM

  3. #18
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه , وفضل أهله ) .

    وقال الترمذي ثنا محمد بن حاتم المؤدب ثنا علي بن ثابت ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان سمعت عطاء بن فروة سمعت عبد الله سمعت أبا هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم } إسناد جيد وعبد الرحمن حديثه حسن قواه الأكثر قال الترمذي حسن غريب ورواه ابن ماجه من حديثه ورأى ابن الشخير ابن أخ له يتعبد فقال : أي بني , العلم أحب إلي من فضل العبادة وقال مهنا : قلت لأحمد : حدثنا ما أفضل الأعمال قال : طلب العلم قلت : لمن , قال : لمن صحت نيته قلت : وأي شيء يصحح النية قال ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل وقال الحسن بن ثواب قال لي أحمد بن حنبل : ما أعلم الناس في زمان أحوج منهم إلى طلب الحديث من هذا الزمان قلت ولم ؟ قال : ظهرت بدع فمن لم يكن عنده حديث وقع فيها .

    وقال بشر الحافي : لا أعلم على وجه الأرض عملا أفضل من طلب العلم والحديث لمن اتقى الله وحسنت نيته وقال سفيان : ما أعلم شيئا يراد الله به أفضل من طلب العلم .
    وقد روي عن مجاهد قال : طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية ثم رزق الله النية بعد وروي هذا المعنى عن جماعة منهم حبيب بن أبي ثابت وسماك بن حرب وقال يزيد بن هارون : طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يردنا إلا إلى الله وقال عبد الرزاق إن معمرا قال : كان يقال إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله .

    وروى الخلال أخبرني حرب ثنا عباس بن عبد العظيم ثنا يحيى بن يمان قال : قالوا لسفيان إن أصحاب الحديث يطلبون الحديث بغير نية , قال طلبهم له نية إسناد صحيح .
    وعن سفيان قال : إنما فضل العالم على غيره لأنه يتقي ربه . وعن الحسن قال يبقي الله لهذا العلم قوما يطلبونه ولا يطلبونه خشية وليست لهم نية يبعثهم الله تعالى كي لا يضيع العلم فيبقى عليهم حجة . وعن ابن المبارك قال : ما من شيء أفضل من طلب العلم لله وما من شيء أبغض إلى الله من طلب العلم لغير الله .

    وقال أحمد : ثنا يونس وشريح بن النعمان قال حدثنا فليح عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي طوالة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة } ورواه أبو داود عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شريح . فليح وإن كان من رجال الصحيحين فقد تكلم فيه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم , وفي معناه عن ابن عمر مرفوعا { من تعلم علما لغير الله , أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار } رواه الترمذي وقال حسن غريب .

    وعن جابر مرفوعا { لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا لتحدثوا به في المجالس , فمن فعل ذلك فالنار النار } رواه جماعة منهم البيهقي , وانفرد به ابن ماجه عن الكتب الستة فرواه محمد بن يحيى عن سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر .

    ورواه ابن وهب عن ابن جريج مرسلا . ويحيى بن أيوب هو المغافقي وإن كان من رجال الصحيح فقد تكلم فيه أحمد وأبو حاتم والدارقطني وابن القطان وغيرهم , وذكر جماعة هذا الخبر من مناكيره .

    وعن كعب بن مالك مرفوعا { من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار } رواه الترمذي وقال لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بالقوي عندهم .

    وفي مسلم عن أبي هريرة مرفوعا حديث { الثلاثة الذين يؤمر بهم إلى النار وهم المجاهد المرائي ليقال إنه جريء , والمنفق المباهي ليقال إنه جواد , والرجل الذي يقول تعلمت العلم وقرأت القرآن , فيقول الله كذبت إنما أردت أن يقال فلان جريء وفلان قارئ وقد قيل , ثم يسحب على وجهه حتى يلقى في النار . } .

    وعن زيد بن أرقم مرفوعا كان يقول : { اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع , وقلب لا يخشع , ونفس لا تشبع , ودعوة لا يستجاب لها } ورواه أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس مرفوعا وفيه { وعمل لا يرفع } بدل { نفس لا تشبع } وكان ابن مسعود يقول تعلموا فمن علم فليعمل وكان يقول إني لأحسب أن الرجل ينسى العلم للخطيئة يعملها .

    وعن الأعمش عن سعيد بن عبد الله بن جريج عن أبي بردة مرفوعا { لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ؟ وعن علمه ماذا عمل به , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه } ؟ إسناده جيد , وسعيد روى عنه غير واحد ووثقه ابن حبان ولا وجه لقول أبي حاتم مجهول .
    وروى حديثه هذا الترمذي وقال حسن صحيح وروى البيهقي هذا المعنى من حديث معاذ .

    وقال ابن وهب : أخبرني يحيى بن سليم وفي نسخة سلام عن عثمان بن مقسم وهو كذاب متروك عندهم , وعن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم : { أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه } وأما ما روى الطبراني والبيهقي وغيرهما من حديث ابن المبارك عن الثوري عن سماك بن حرب عن ثعلبة بن الحكم قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إني لم أجعل حكمي وعلمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي } فالظاهر أنه غير صحيح وتدل عليه الأخبار السابقة , ولو صح فالمراد به العلماء الأخيار , وقد قال البيهقي : ولا أراه محفوظا .

    وروى ابن عدي والبيهقي وغيرهما من رواة صدقة بن عبد الله عن طلحة بن زيد وهو كذاب متروك بالاتفاق عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري مرفوعا { يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء : إني أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم , انطلقوا فقد غفرت لكم } وقال : { يقول الله عز وجل : لا تحقروا عبدا آتيته علما فإني لم أحقره حين علمته } قال ابن عدي : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل , وذكره في ترجمة طلحة بن زيد قال البيهقي وإنما يعرف بعض هذا عن أبي عمرو الصنعاني قال : { إذا كان يوم القيامة عزلت الملائكة العلماء فإذا فرغ من الحساب قال لم أجعل حكمي فيكم إلا خيرا أريده فيكم ادخلوا الجنة بما فيكم } .
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 15-04-2007 الساعة 12:01 PM

  4. #19
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه , وفضل أهله ) .

    وقال ابن المبارك إذا لم يكن عند الرجل مال فليس عليه واجبا أن يتعلم الزكاة فإذا كان عنده مائتا درهم وجب عليه أن يتعلم كيف يخرج وأين يضع , وسائر الأعمال على هذا . وعن عطاء قال من جلس مجلسا للذكر كفر سبعين مجلسا من مجالس الباطل , فإن كان ذلك المجلس في سبيل الله يكفر سبعين ألفا من مجالس الباطل قال عطاء ومجالس الذكر كيف أصلي كيف أزكي كيف أحج كيف أنكح كيف أطلق كيف أبيع كيف أشتري .

    وقال إسحاق بن إبراهيم لأبي عبد الله : إن قوما يكتبون الحديث ولا أرى أثره عليهم ولا يرى لهم وقر , فقال أبو عبد الله يؤولون في الحديث إلى خير وقال دخلت عليه يوما ومعي كتاب له فرميت به من قامتي فانتهرني وقال ترمي بكلام الأبرار .

    وقال الشعبي : زين العلم حلم أهله وقال أيضا إن هذا العلم لا يصلح إلا لمن فيه عقل ونسك , فاليوم يطلبه من لا عقل له ولا نسك فيه وقال ابن وهب عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال : لم نر شيئا إلى شيء أزين من حلم إلى علم .

    وقال أبو داود لأحمد كتبت الحديث بنية قال : شرط النية شديد ولكن حبب إلي فجمعته وقال عبد الله سألت أبي عن رجل ملك خمسمائة درهم وهو رجل جاهل أيحج بها , أو يطلب العلم , قال : يحج لأن الحج فريضة وينبغي له أن يطلب العلم وقال المروذي قيل : لأبي عبد الله رجل له خمسمائة درهم ترى أن يصرفه في الغزو والجهاد أو يطلب العلم قال : إذا كان جاهلا يطلب العلم أحب إلي وقال في رواية يوسف بن موسى عجبت لمن يتثبط عن طلب العلم ويحتجون بالفضيل ولعل الفضيل قد اكتفى ليس يتثبط عن طلب العلم إلا جاهل وقال الربيع سمعت الشافعي يقول : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .

    وذكر البيهقي قال مطرف بن الشخير : فضل العلم خير من فضل العبادة وخير دينكم الورع , وروي مرفوعا بأسانيد ضعيفة وهو صحيح عن مطرف ذكره البيهقي وقال عبد الرزاق عن قتادة عن معمر عن مطرف قال : حظ من علم أحب إلي من حظ عبادة , سمعت ابن عباس يقول : مذاكرة العلم ساعة أحب إلي من إحياء ليلة , وروي من طريق أخرى عن ابن عباس مثله .

    وقال ابن وهب أخبرني عتبة عن نافع عن زيد بن أسلم أن ابن مسعود كان يقول لئن أجلس مجلس فقه ساعة أحب إلي من صيام يوم وقيام ليلة وقال الأوزاعي سأل رجل ابن مسعود أي الأعمال أفضل قال : العلم , فكرر عليه ثلاثا كل ذلك يقول العلم , ثم قال ويحك إن مع العلم بالله ينفعك قليل العلم وكثيره , ومع الجهل بالله لا ينفعك قليل العلم ولا كثيره وقال أبو نضرة عن أبي سعيد : مذاكرة الحديث أفضل من قراءة القرآن . .

    وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ثنا عبد الله بمثل الفقه ذكر ذلك البيهقي وقال البخاري في التاريخ في ترجمة عبد الله بن مرة : قال أحمد حدثنا يحيى بن سعيد سمعت الأعمش حدثني عمرو بن مرة سمعت أبا عبيدة قال : قال أبو موسى لمقعد كنت أقعده من عبد الله أحب إلي من عمل سنة في نفسي وكان يحيى يقول فيه سمعت أبا موسى فلم يقله لنا يعلى عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبي موسى وهذا إنما قاله لما يحصل له من علمه وهديه وسمته قال ابن شهاب : العلم أفضل من العمل لمن جهل , والعمل أفضل من العلم لمن علم وقال حرب سمعت أحمد يقول : الناس محتاجون إلى العلم قبل الخبز والماء لأن العلم يحتاج إليه الإنسان في كل ساعة والخبز والماء في اليوم مرة أو مرتين .

    وقال ابن هانئ قيل له يطلب الرجل الحديث بقدر ما يظن أنه قد انتفع به ؟ قال : العلم لا يعدله شيء وقال في رواية المروذي ليس قوم عندي خيرا من أهل الحديث ليس يعرفون إلا الحديث وقال في رواية أبي الحارث : أهل الحديث أفضل من تكلم في العلم وقال أبو إسماعيل الترمذي سمعت أحمد وقال له رجل أن رجلا قال إن أصحاب الحديث قوم سوء , فقال هذا زنديق .

    وقال الثوري أكثروا من الحديث فإنه سلاح وقال ابن المبارك إني لأسمع الحديث ما أريد أن أحدث به ولا أعمل به ولكن لأعده لأخ من إخواني يقع في الشيء فأجد له مخرجا , وقيل لأحمد إلى متى يكتب الرجل قال حتى يموت وقال نحن إلى الساعة نتعلم . وللترمذي من حديث أبي سعيد وقال حسن غريب { لن يشبع المؤمن من خبر يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة } .

    وروى الخلال بإسناد صحيح عن عمر قال تفقهوا قبل أن تسودوا . وذكره البخاري تعليقا بصيغة الجزم قال الخطابي في كتاب العزلة : يريد من لم يخدم العلم في صغره يستحي أن يخدمه بعد كبر السن وإدراك السؤدد قال : وبلغني عن سفيان الثوري رحمه الله قال من ترأس في حداثته كان أدنى عقوبته أن يفوته حظ كثير من العلم .

    وعن أبي حنيفة رحمه الله قال من طلب الرياسة بالعلم قبل أوانه لم يزل في ذل ما بقي , وقيل للمبرد لم صار أبو العباس يعني ثعلب أحفظ منك للغريب والشعر ؟ قال لأني ترأست وأنا حدث وترأس وهو شيخ انتهى كلام الخطابي وروى البيهقي قول عمر المذكور من حديث وكيع عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس عنه قيل معناه قبل أن تزوجوا .

    وقال الشافعي إذا ترأست فلا سبيل إلى التفقه .

    وروى الحاكم في تاريخه عن زفر قال أبو حنيفة : يا زفر لا تحدث قبل وقتك فيستخف بك .

    وروى الخلال عن أيوب قال ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله وقال المروذي قيل لأبي عبد الله قيل لابن المبارك كيف تعرف العالم الصادق قال الذي يزهد في الدنيا ويقبل على آخرته وقال أبو عبد الله : نعم هكذا يريد أن يكون .

    وقال الفضيل : يغفر لسبعين جاهلا قبل أن يغفر لعالم واحد وقال أحمد ثنا سفيان بن عيينة سمعت فضيل بن عياض قال يغفر لجاهل سبعين ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد وقال أحمد أيضا : ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء } . وذكر الحافظ الذهبي هذا الخبر في ترجمة جعفر من المناكير . قال : وقيل أخطأ من حدث به عن جعفر . وسيار وثقه ابن حبان وغيره وقال الأزدي : عنده مناكير قال البيهقي : محمول إن صح على العالم الفاجر .

  5. #20
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه , وفضل أهله ) .

    ونقل المروذي عن أحمد قال : العالم يقتدى به , ليس العالم مثل الجاهل وهذا معنى ما روي عن ابن المبارك وغيره . ونقل عن أحمد أيضا إنه قيل له : لمن نسأل بعدك ؟ فقال لعبد الوهاب يعني الوراق فقيل إنه ضيق العلم فقال : رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق .

    وقال ابن عقيل في الفنون لا ينبغي الخروج من عادات الناس إلا في الحرام فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الكعبة وقال { لولا حدثان قومك الجاهلية } وقال عمر لولا أن يقال عمر زاد في القرآن لكتبت آية الرجم .

    وترك أحمد الركعتين قبل المغرب لإنكار الناس لها , وذكر في الفصول عن الركعتين قبل المغرب وفعل ذلك إمامنا أحمد ثم تركه بأن قال رأيت الناس لا يعرفونه , وكره أحمد قضاء الفوائت في مصلى العيد وقال : أخاف أن يقتدي به بعض من يراه .

    وروى البيهقي وغيره من طريق شعيب عن نافع عن أسلم أن عمر رأى على طلحة ثوبا مصبوغا فقال ما هذا ؟ قال : إنه يمدر , فقال إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس , وإن جاهلا لو رأى هذا لقال على طلحة ثوب مصبوغ فلا يلبس أحد منكم من هذه الثياب شيئا إنه محرم وقال الأوزاعي كنا نمزح ونضحك فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم وقال الثوري لو صلح القراء لصلح الناس وقال أيضا يعجبني أن يكون صاحب الحديث مكفيا لأن الآفات أسرع إليهم وألسنة الناس إليهم أسرع وإذا احتال ذل .

    وقال أبو داود السجستاني من اقتصر على لباس ومطعم دون أراح جسده وقال الأعمش عن زيد بن وهب رأيت بين كتفي عمر أربع عشرة رقعة بعضها من أدم وقال مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس رأيت عمر رضي الله عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين قد رقع بين كتفيه ثلاث رقاع لبد بعضها فوق بعض وقال سليمان بن حرب : لو نظرت إلى ثياب شعبة لم تكن تسوى عشرة دراهم . إزاره ورداؤه وقميصه , كان شيخا كثير الصدقة وقال علي بن ثابت رأيت الثوري في طريق مكة فقومت كل شيء عليه حتى نعله درهما وأربعة دوانق .

    وقال الثوري : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون , ونهاره إذ الناس مفطرون , وبكائه إذ الناس يضحكون , وبحزنه إذ الناس يفرحون وقال الثوري العالم طبيب هذه الأمة , والمال الداء فإذا كان الطبيب يجر الداء إلى نفسه كيف يعالج غيره ؟ وعن عيسى ابن مريم عليه السلام أنه قال : يا معشر الحواريين ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا .

    وروى ابن بطة عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن الفقه ليس بسعة الهذر وكثرة الرواية إنما الفقه خشية الله وروى أيضا عن أبي حازم قال : لا يكون العالم عالما حتى يكون فيه ثلاث خصال : لا يحقر من دونه في العلم , ولا يحسد من فوقه , ولا يأخذ دنيا .

    وروى أيضا عن الحسن قال : الفقيه الورع الزاهد المقيم على سنة محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا يسخر بمن أسفل منه ولا يهزأ بمن فوقه ولا يأخذ على علم علمه الله عز وجل حطاما وقال أيضا ما رأيت فقيها قط .

    وروى البيهقي عنه كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره ويده وقال ابن المبارك عن مالك بن دينار سألت الحسن ما عقوبة العالم قال : موت القلب قلت وما موت القلب قال : طلب الدنيا بعمل الآخرة وقال الأوزاعي : بلغني أنه يقال ويل للمتفقهين لغير العبادة , والمستحلين المحرمات بالشبهات وقال مالك إن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية , وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله وقال الربيع سمعت الشافعي يقول : أخشى أن أطلب العلم بغير نية أن لا ينتفع به وقال الشافعي رضي الله عنه : زينة العلم الورع والحلم وقال أيضا لا يجمل العلم ولا يحسن إلا بثلاث خلال : تقوى الله , وإصابة السنة , والخشية .

    وقال أيضا ليس العلم ما حفظ , العلم ما نفع وقال أبو قلابة لأيوب إذا حدث لك علم فأحدث فيه عبادة ولا يكن همك أن تحدث به الناس وقال أحمد بن محمد سمعت وكيعا يقول : قالت أم سفيان الثوري : اذهب فاطلب العلم حتى أعولك أنا بمغزلي , فإذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل في نفسك زيادة فابتغه وإلا فلا تتعنى .

    وقال الفضيل بن عياض بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا . وإذا عملوا , شغلوا , وإذا شغلوا فقدوا , وإذا فقدوا طلبوا . وإذا طلبوا هربوا وقال عمر : تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم وتواضعوا لمن يعلمكم وتواضعوا لمن تعلمون ولا تكونوا من جباري العلماء فلا يقوم عملكم مع جهلكم .

    وقالت عائشة : تغفلون عن أعظم العبادة . التواضع وقال الشعبي : اتقوا الفاجر من العلماء , والجاهل من المتعبدين , فإنه آفة كل مفتون وقال الثوري : نعوذ بالله من فتنة العالم الفاجر , والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون . ذكر ذلك البيهقي .

    وقال الفضيل بن عياض رحمه الله إن الله يحب العالم المتواضع ويبغض العالم الجبار . ويأتي الخبر في فصول كسب المال في الأئمة المضلين .

    وعن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعا { إني أخاف على أمتي من بعدي زلة العالم , ومن حكم جائر , وهوى متبع } .

    وفي لفظ بهذا الإسناد { اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته } كثير كذاب متروك , وهذا مذكور في ترجمته , وقد صحح له الترمذي وعن زيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا إن { أشد ما أتخوف على أمتي ثلاث : زلة عالم , وجدال منافق بالقرآن , ودنيا تقطع أعناقكم , فاتهموها على أنفسكم } يزيد ضعيف ولم يترك وقال داود بن أبي هند قال عمر بن الخطاب يفسد الناس ثلاثة : أئمة مضلون , وجدال منافق بالقرآن والقرآن حق , وزلة العالم .

    وقد قال منصور عن شقيق عن أبي الدرداء رضي الله عنه : إني لآمركم بالأمر وما أفعله ولكن لعل الله أن يأجرني فيه قال البيهقي محمول على المستحبات أو أنه قاله على وجه التواضع وقال أبو داود الطيالسي ثنا الصعق بن حزن عن عقيل الجعدي عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا عبد الله أتدري أي الناس أعلم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإن أعلم الناس أعلمهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العمل وإن كان يزحف على استه } . قال البخاري في عقيل : منكر الحديث يروي عن أبي إسحاق , وتكلم فيه ابن حبان وقال البيهقي : غير معروف قال ويمكن إجراء الخبر على ظاهره ويكون تركه العمل زلة منه تنتظر فيئته .

    ولما حج سالم الخواص لقي ابن عيينة في السوق فأنكر عليه كونه في السوق فأنشد ابن عيينة :



    خذ بعلمي وإن قصرت في عملي ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري

    وأما قول بعض المتأخرين :

    خذ من علومي ولا تنظر إلى عملي
    واقصد بذلك وجه الواحد الباري
    وإن مررت بأشجار لها ثمر
    فاجن الثمار وخل العود للنار


    فالمراد إذا كان أهلا لأخذ العلم عنه ولكنه مقصر في العمل وإلا كان مردودا على قائله .

    وقال في الرعاية في كتاب الجهاد ومن لزمه تعلم شيء وقيل أو كان في حقه فرض كفاية وقيل أو نفلا ولا يحصل له في بلده فله السفر في طلبه بغير إذن أبويه وبقية أقاربه , انتهى كلامه .

    وكلام أحمد السابق في رواية إسحاق بن إبراهيم يدل لهذا القول , وغيرها عن أحمد يخالفها قال القاضي ومما يجب إنكاره ترك التعليم والتعلم لما يجب تعليمه وتعلمه نحو ما يتعلق بمعرفة الله تعالى وبمعرفة الصلوات وجملة الشرائع وما يتعلق بالفرائض ويلزم النساء الخروج لتعلم ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { في الصبيان واضربوهم على تركها لعشر } فأولى أن يضرب المكلف على تعلم ذلك .

  6. #21
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل العلم مواهب من الله يؤتيه من يشاء ينال بالتقوى والعمل لا بالحسب

    وقال أبو الحارث سمعت أبا عبد الله يقول إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه وليس يناله أحد بالحسب ولو كان بالحسب كان أولى الناس به أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحمد بن أبي الحواري قال لي أحمد بن حنبل يا أحمد حدثنا بحكاية سمعتها من أستاذك أبي سليمان الداراني , فقال أحمد : سبحان الله بلا عجب , فقال أحمد بن حنبل سبحان الله وطولها بلا عجب , فقال أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان يقول : إذا عقدت النفوس على ترك الآثام , جالت في الملكوت وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة من غير أن يؤدي إليها عالم علما فقام أحمد بن حنبل ثلاثا وقعد ثلاثا وقال سمعت في الإسلام بحكاية أعجب من هذه إلي .

    ثم ذكر أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من عمل بما يعلم ورثه الله تعالى علم ما لم يعلم } ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن أبي الحواري صدقت يا أحمد وصدق شيخك قال أبو نعيم عقب ذلك ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين عن عيسى ابن مريم عليه السلام فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم فوضع هذا الإسناد عليه لسهولته وقربه , وهذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل ذكره ابن الأخضر فيمن روى عن أحمد في ترجمة أحمد بن أبي الحواري .

  7. #22
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( الحذر من القول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن ) .


    نقل الميموني عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه سئل عن حديث فقال : سلوا أصحاب الغريب فإني أخاف أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن فأخطئ وقال أبو الوليد الطيالسي سمعت شعبة قال : سألت الأصمعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم { إنه ليغان على قلبي } ما معنى يغان قال : فقال لي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : نعم . فقال لو كان عن غير النبي صلى الله عليه وسلم لفسرت ذلك ولكن عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أجترئ عليه .

    وعن الأصمعي عن معتمر بن سليمان عن أبيه قال : كانوا يتقون حديث النبي كما يتقون تفسير القرآن وكان أحمد يجيء إلى أبي عبيد يسأله في الغريب , روى ذلك الخلال وقال أبو داود قلت لأحمد كتابة كتاب الغريب الذي وضعه القاسم بن سلام قال : قد كثرت جدا يشغل الإنسان عن معرفة العلم لو كان تركه على ما كان أولا .

  8. #23
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في قول العالم لا أدري واتقاء التهجم على الفتوى ) .


    قال ابن عباس : رضي الله عنهما إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله وكذا قال علي بن حسين وقال مالك كان يقال إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله وقال أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء وقال الشعبي لا أدري نصف العلم .

    وقال أحمد في رواية المروذي كان مالك يسأل عن الشيء فيقدم ويؤخر يثهت وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون قال مالك . وبإسناد حسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال من علم الرجل أن يقول لما لا يعلم " الله أعلم " لأن الله عز وجل قال لرسوله عليه الصلاة والسلام : { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } .

    وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : العلم ثلاثة كتاب ناطق , وسنة ماضية , ولا أدري وقال أحمد في رواية المروذي ليس كل شيء ينبغي أن يتكلم فيه وذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم { كان يسأل فيقول : لا أدري حتى أسأل جبريل } وقال عبد الله سمعت أبي يقول : كان سفيان لا يكاد يفتي في الطلاق ويقول من يحسن ذا ؟ من يحسن ذا ؟ وقال في رواية أبي الحارث وددت أنه لا يسألني أحد عن مسألة , أو ما شيء أشد علي من أن أسأل عن هذه المسائل . البلاء يخرجه الرجل عن عنقه ويقلدك , وخاصة مسائل الطلاق والفروج نسأل الله العافية ونقل الأثرم أنه سأله عن شيء [ ص: 59 ] فقلت كيف هو عندك ؟ فقال وما عندي أنا ؟ وسمعته يقول : إنما هو يعني العلم ما جاء من فوق .

    وقال سفيان لقد كان الرجل يستفتى فيفتي وهو يرعد وقال سفيان من فتنة الرجل إذا كان فقيها أن يكون الكلام أحب إليه من السكوت وقال المروذي لأبي عبد الله إن العالم يظنونه عنده علم كل شيء فقال قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون وأنكر أبو عبد الله على من يتهجم في المسائل والجوابات وسمعت أبا عبد الله يقول : ليتق الله عبد ولينظر ما يقول وما يتكلم , فإنه مسئول وقال من أفتى الناس ليس ينبغي أن يحمل الناس على مذهبه ويشدد عليهم وقال في رواية ابن القاسم : إنما ينبغي أن يؤمر الناس بالأمر البين الذي لا شك فيه وليت الناس إذا أمروا بالشيء الصحيح أن لا يجاوزوه ونقل محمد بن أبي طاهر عنه أنه سئل عن مسألة في الطلاق فقال سل غيري ليس لي أن أفتي في الطلاق بشيء وقال في رواية ابن منصور لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى .

    وصح عن مالك أنه قال : ذل وإهانة للعلم أن تجيب كل من سألك وقال أيضا كل من أخبر الناس بكل ما يسمع فهو مجنون وقال أحمد في رواية أحمد بن علي الأبار وقال له رجل حلفت بيمين لا أرى أيش هي ؟ قال ليت أنك إذا دريت أنا وقال في رواية الأثرم إذا هاب الرجل شيئا فلا ينبغي أن يحمل على أن يقول .

    وعن ابن المسيب قال قال عمر : رضي الله عنه إذا رأيتم القارئ يغشى السلطان فهو لص . وإذا رأيتموه يخالط الأغنياء فهو مراء .

    وقال الميموني : جلست مع أبي عبد الله في المقبرة وكنا نتحدث وكنت أسائله ويجيبني قال الخلال : وكنت أمضي مع المروذي إلى المقابر ويصلي على الجنائز فأقرأ عليه ونحن قعود بين القبور إلى أن يفرغ من دفن الميت .

    وقال في رواية المروذي إن الذي يفتي الناس يتقلد أمرا عظيما , أو قال يقدم على أمر عظيم , ينبغي لمن أفتى أن يكون عالما بقول من تقدم وإلا فلا يفتي وقال في رواية الميموني من تكلم في شيء ليس له فيه إمام أخاف عليه الخطأ .

    وقال الثوري لا نزال نتعلم ما وجدنا من يعلمنا وقال أحمد نحن إلى الساعة نتعلم . وسأله إسحاق بن إبراهيم عن الحديث الذي جاء { أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار } ما معناه قال أبو عبد الله يفتي بما لم يسمع .

    وقال محمد بن أبي حرب : سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يفتي بغير علم قال يروى عن أبي موسى قال : يمرق من دينه . ونقل المروذي أن رجلا تكلم بكلام أنكره عليه أبو عبد الله قال : هذا من حبه الدنيا يسأل عن الشيء الذي لا يحسن فيحمل نفسه على الجواب , ونحو هذا عن حماد وقال كنت أسائل إبراهيم عن الشيء فيعرف في وجهي أني لم أفهم فيعيده حتى أفهم . روى ذلك الخلال وغيره .

    وقال ابن وهب عن يونس عن الزهري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدث رجلا بحديث فاستفهمه الرجل فقال الصديق ؟ هو كما حدثتك أي أرض تقلني إذا قلت بما لا أعلم . وروي نحوه من غير وجه عن أبي هريرة مرفوعا { من أفتى بفتيا غير ثبت فيها فإنما إثمه على الذي أفتاه } .

    وفي لفظ { من أفتى بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه } رواهما أحمد وروى الثاني أبو داود والأول ابن ماجه وهو حديث جيد له طرق مذكورة في حواشي المنتقى .

    وقال مسلم البطين عن عزرة التميمي قال : قال علي : وأبردها على الكبد ثلاثا أن يسأل الرجل عما لا يعلم فيقول الله أعلم .

    وعن علي أيضا خمس لو سافر الرجل فيهن إلى اليمن لكن عوضا من سفره : لا يخشى عبد إلا ربه , ولا يخاف إلا ذنبه , ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم , ولا يستحي من تعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم , والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد وإذا قطع الرأس توى الجسد .

    وقال الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن عباس مثله .

    قال الزهري عن خالد بن أسلم أخي زيد بن أسلم قال : كنا مع ابن عمر فسأله أعرابي أترث العمة , فقال لا أدري . قال أنت لا تدري قال نعم . اذهب إلى العلماء فاسألهم . فلما أدبر الرجل قبل ابن عمر يده . فقال : نعما قال أبو عبد الرحمن : سئل عن ما لا يدري , فقال لا أدري وقال سفيان بن عيينة والثوري : عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منهم من أحد يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه إياه , ولا يستفتى عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه الفتوى , هذا لفظ رواية الثوري ولفظ ابن عيينة إذا سئل أحدهم عن المسألة ردها هذا إلى هذا , وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول وقال أبو حصين عثمان بن عاصم التابعي الجليل إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر وقال القاسم وابن سيرين لأن يموت الرجل جاهلا خير له من أن يقول ما لا يعلم وقال مالك عن القاسم بن محمد إن من إكرام المرء لنفسه أن لا يقول إلا ما أحاط به علمه وقال سعيد بن جبير ويل لمن يقول لما لا يعلم إني أعلم وقال مالك : من فقه العالم أن يقول : لا أعلم فإنه عسى أن يهيأ له الخير .

    وقال أحمد بن حنبل سمعت الشافعي رضي الله عنهما سمعت مالكا سمعت محمد بن عجلان يقول : إذا ترك العالم " لا أدري " أصيبت مقاتله ورواه إسحاق بن راهويه عن ابن عيينة عن داود عن أبي زبير الزبيري عن مالك بن عجلان قال قال ابن عباس : فذكره وقد سبق وقال عبد الرزاق : عن معمر قال : سأل رجل عمرو بن دينار عن مسألة فلم يجبه فقال الرجل : إن في نفسي منها شيئا فأجبني فقال إن يكن في نفسك منها مثل أبي قبيس أحب إلي أن يكون في نفسي منها مثل الشعرة .

    وقال ابن مهدي سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة فطال ترداده إليه فيها وألح عليه فقال ما شاء الله يا هذا إني لم أتكلم إلا فيما أحتسب فيه الخير ولست أحسن مسألتك هذه وقال ابن وهب سمعت مالكا يقول العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق وكان يقال التأني من الله والعجلة من الشيطان .

    كذا وجدت هذه الكلمة ( الخرق ) فإن كانت كذلك فقال الجوهري الخرق بالتحريك الدهش من الخوف أو الحياء وقد خرق بالكسر فهو خرق وأخرقته أنا أي أدهشته , والخرق أيضا مصدر الأخرق وهو ضد الرفيق وقد خرق بالكسر يخرق خرقا والاسم الخرق , وإن كانت هذه الكلمة التخرق فالتخرق لغة في التخلق من الكذب والله أعلم .

    ثم روى البيهقي من حديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان وهو ضعيف عندهم وحسن له الترمذي عن أنس مرفوعا { التأني من الله والعجلة من الشيطان } .

    وقال محمد بن المنكدر " العالم بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم " وقال يحيى بن سعيد : كان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتي فتيا ولا يقول شيئا إلا قال اللهم سلمني وسلم مني , ذكره البيهقي وغيره

    ولا سيما إن كان من يفتي يعلم من نفسه أنه ليس أهلا للفتوى لفوات شرط أو وجود مانع ولا يعلم الناس ذلك منه فإنه يحرم عليه إفتاء الناس في هذه الحال بلا إشكال فهو يسارع إلى ما يحرم لا سيما إن كان الحامل على ذلك غرض الدنيا وأما السلف فكانوا يتركون ذلك خوفا ولعل غيره يكفيه وقد يكون أدنى لوجود من هو أولى منه .

    قال ابن معين الذي يحدث بالبلدة وبها من هو أولى منه بالحديث فهو أحمق وقال أيضا إذا رأيتني أحدث في بلدة فيها مثل علي بن مسهر فينبغي للحيتي أن تحلق وأمر يده على عارضيه ويأتي بنحو كراسين هذا المعنى قبل فصل قاله أبو جعفر بن درستويه .

    وقال مالك : ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك وقال ابن عيينة وسحنون أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما قال سحنون أشقى الناس من باع آخرته بدنيا غيره وقال فتنة الجواب بالصواب أشد من فتنة المال وقال سفيان : أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بدا من أن يفتوا وقال أعلم الناس بالفتيا أسكتهم عنها وأجهلهم بها أنطقهم فيها . وبكى ربيعة فقيل ما يبكيك ؟ فقال : استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم وقال ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق .

    وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو مرفوعا { إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا } وفيهما أيضا عن ابن مسعود مرفوعا { إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل ويترك فيها العلم , يكثر فيها الهرج } والهرج القتل .

    وفيهما عن أنس مرفوعا { إن من أشراط الساعة أن يقل العلم , ويظهر الجهل والزنا وشرب الخمر , ويقل الرجال , ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد } وعن أبي هريرة مرفوعا { يتقارب الزمان ويقبض العلم } .

    وفي لفظ { وينقص العلم , وتظهر الفتن , ويلقى الشح , ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال : القتل } وعن عوف بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء فقال : هذا أوان يرفع العلم من الناس فقال زياد بن لبيد يا رسول الله وكيف وقد قرأنا القرآن والله لنقرأنه ولنقرأنه أبناءنا ونساءنا ؟ فقال : ثكلتك أمك يا زياد , إن كنت لأعدك من أفقه أهل المدينة , هذه التوراة والإنجيل عند اليهود فماذا يغني عنهم } وعن أبي الدرداء هذا المعنى وفيه { هذا أوان يختلس العلم } حديثان جيدا الإسناد .

    وروى الأول النسائي وغيره وروى الثاني الترمذي وغيره وقال حسن غريب .

    وقال شعبة عن حصين عن سالم بن أبي الجعد قال قال أبو الدرداء : ما لي أرى علماءكم يذهبون . ولا أرى جهالكم يتعلمون , ما لي أراكم تحرصون على ما قد تكفل لكم , وتدعون ما أمرتم به , تعلموا قبل أن يرفع العلم , ورفع العلم ذهاب العلماء , لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالفرس هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا , ولا يقرءون القرآن إلا هجرا , ولا يعتق محرروهم وقال الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير , ويربوا فيها الصغير , ويتخذها الناس سنة , فإذا غيرت قالوا غيرت السنة . قالوا متى ذلك يا أبا عبد الرحمن قال : إذا كثرت قراؤكم . وقلت فقهاؤكم , وكثرت أمراؤكم , وقلت أمناؤكم , والتمست الدنيا بعمل الآخرة وقال الأوزاعي عن الزهري كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة , والعلم يقبض قبضا سريعا ونعش العلم ثبات الدين , والدنيا في ذهاب العلم ذلك كله , ذكره البيهقي .

    وقال نعيم بن حماد ثنا عيسى بن يونس عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك مرفوعا { تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة , أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحللون الحرام ويحرمون الحلال } رواه البيهقي وقال تفرد به نعيم بن حماد وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء وهو منكر , وفي غيره من الأحاديث الصحاح كفاية وقد قال محمد بن حمزة المروزي : سألت يحيى بن معين عن هذا فقال : ليس له أصل قلت : فنعيم قال : ثقة قلت : كيف يحدث ثقة بباطل قال : شبه له .

    وقال الخطيب وافقه على روايته سويد وعبد الله بن جعفر عن عيسى وقال ابن عدي رواه الحاكم بن المبارك الخواشني ويقال لا بأس به عن عيسى قال بعض المتأخرين هؤلاء أربعة لم يتفقوا عادة على باطل فإن كان خطأ فمن عيسى بن يونس .

    وروى البيهقي من رواية نعيم بن حماد ثنا عبد الوهاب الثقفي ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو مرفوعا { لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئتكم به } قال النووي حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح وروى البيهقي أن عمر كان يقول : اتقوا الرأي في دينكم وكان ينهى عن المكايلة يعني المقايسة .

    وفي الصحيحين أو في الصحيح أن عمر رضي الله عنه كان يقول يا أيها الناس اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو استطعت لرددت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره , والله ورسوله أعلم . وعن سهل بن حنيف نحو ذلك .

    وقال علي رضي الله عنه لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه , { وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح أعلى الخف } وقال الشعبي إنما هلكتم حين تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس وقال النخعي إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم وقال ابن سيرين لا تجالس أصحاب الرأي وقال سفيان الثوري : إنما العلم كله بالآثار وقال الأوزاعي عليك بالأثر وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت فيه على طريق مستقيم وقال الأوزاعي إذا بلغك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث فإياك أن تأخذ بغيره فإنه كان مبلغا عن الله عز وجل .

    وقال أحمد ثنا حجاج ثنا شريك عن الأعمش عن الفضيل بن عمرو قال أراه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال { تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقال عروة بن الزبير : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس : أراهم سيهلكون أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول نهى أبو بكر وعمر حديث حسن ورواه في المختار من طريقه .

    وفي البخاري { أن عثمان نهى عن المتعة وأن يجمع بينهما فلبى علي بهما وقال ما كنت لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد } { وقال رجل لابن عمر إن أباك نهى عنها , فقال للرجل أمر أبي يتبع أم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم } رواه الترمذي .

  9. #24
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في الوصية بالفهم في الفقه والتثبت وعلم ما يختلف فيه ) .

    قال المروزي قال أبو عبد الله يعجبني أن يكون الرجل فهما في الفقه وقال عبد الله : سمعت أبي يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : عليك بالفهم في الفقه مرتين .

    وقال أبو بكر بن محمد بن يزيد المستملي : سألت أحمد عن عبد الرزاق : كان له فقه ؟ فقال : ما أقل الفقه في أصحاب الحديث وقال إبراهيم بن هانئ قال لي أبو عبد الله يا أبا إسحاق ترك الناس فهم القرآن وقال مالك ربما كانت المسألة , أو نزلت المسألة فلعلي أسهر فيها عامة ليلي وقال صالح : سألت أبي عن الرجل يكون في القرية وقد روى الحديث ووردت عليه مسألة فيها أحاديث مختلفة كيف يصنع قال لا يقل فيها شيئا .

    وقال إسحاق بن إبراهيم قيل لأبي عبد الله يكون الرجل في القرية فيسأل عن الشيء الذي فيه اختلاف قال يفتي بما يوافق الكتاب والسنة وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه قيل له فيخاف عليه قال لا , وعن أبي موسى قال من علمه الله علما فليعلمه الناس وإياه أن يقول ما لا علم له به فيصير من المتكلفين , ويمرق من الدين .

    وقال مهنا قلت لأحمد في مسألة فقال لي : قد ترك هذا الناس اليوم ومن يعمل بهذا اليوم قلت له : وإن ترك الناس هذا فلا يترك معرفة علمه يعرفه الناس حتى لا يموت قال نعم , حدثني بقية بن الوليد قال قال الأوزاعي تعلم من الأحاديث ما لا يؤخذ به كما تعلم ما يؤخذ به , فقال أحمد يقول نعرفها وقال أحمد : ثنا سعيد بن جبير من علم اختلاف الناس فقد فقه , وعن قتادة قال قال سعيد بن المسيب ما رأيت أحدا أسأل عما يختلف فيه منك قال قلت إنما يسأل من يعقل عما يختلف فيه فأما ما لا يختلف فيه فلم نسأل عنه .

    وروى أحمد عن سعيد بن جبير قال : أعلم الناس أعلمهم بالاختلاف , وعن ابن عمر قال من رق وجهه رق علمه , وعن الشعبي مثله .

    وروى الخلال ذلك وقال الثوري الكلام الأخير وقال مجاهد لا ينال العلم حيي ولا مستكبر , وعن عمر رضي الله عنه لا تعلم العلم لتماري به ولا لتباهي به ولا تتركه حياء من طلبة , ولا زهادة فيه ولا رضا بالجهالة وذكر ذلك البيهقي .

  10. #25
    الصورة الرمزية سليم
    سليم غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    121

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله مشاهدة المشاركة


    خف الله وارجه لكل عظيمة



    ولا تطع النفس اللجوج فتندما


    وكن بين هاتين من الخوف والرجا


    وأبشر بعفو الله إن كنت مسلما


    فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي


    جعلت الرجا مني لعفوك سلما






    أسير الخطايا عند بابك واقف


    على وجل مما به أنت عارف


    يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها


    ويرجوك فيها فهو راج وخائف


    فمن ذا الذي يرجى سواك ويتقى


    وما لك في فصل القضاء مخالف


    فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي


    إذا نشرت يوم الحساب الصحائف


    وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما


    يصعد ذوو القربى ويجفو الموالف


    لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي


    أرجي لإسرافي فإني لتالف

    أخي ابو عبدالله ، قرأت الصفحة الاولى ، اخذ الفصل الخاص بالمعاريض نصف الوقت حتى
    اتضحت لي الرؤيا .
    راح بالي على المعاريض بالعاميه ، استفدت فوائد عظيمه مما قرأت ، اسأل الله ان لا يحرمك
    أجر ما كتبت .

    دمت لنا

  11. #26
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليم مشاهدة المشاركة
    أخي ابو عبدالله ، قرأت الصفحة الاولى ، اخذ الفصل الخاص بالمعاريض نصف الوقت حتى
    اتضحت لي الرؤيا .
    راح بالي على المعاريض بالعاميه ، استفدت فوائد عظيمه مما قرأت ، اسأل الله ان لا يحرمك
    أجر ما كتبت .

    دمت لنا
    جزاك الله خيراً أخي سليم ،
    وأهلاً بك في مواضيعي .

  12. #27
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل في كراهة السؤال عن الغرائب وعما لا ينتفع ولا يعمل به وما لم يكن )

    قال المروزي قال أبو عبد الله : سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم ؟ فقلت له أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا وقال أيضا قال أبو عبد الله : سأل بشر بن السري سفيان الثوري عن أطفال المشركين فصاح به وقال يا صبي أنت تسأل عن ذا وقال حنبل سمعت أبا عبد الله وسأله ابن الشافعي الذي ولي قضاء حلب قال له يا أبا عبد الله ذراري المشركين أو المسلمين لا أدري أيهما سأل عنه , فصاح به أبو عبد الله وقال له : هذه مسائل أهل الزيغ ما لك ولهذه المسائل ؟ فسكت وانصرف ولم يعد إلى أبي عبد الله بعد ذلك حتى خرج .

    ونقل أحمد بن أصرم عن أحمد أنه سئل عن مسألة في اللعان فقال سل رحمك الله عما ابتليت به , ونقل عنه أبو داود وسأله رجل عن مسألة فقال له دعنا من هذه المسائل المحدثة , وسألته عن أخرى فغضب وقال : خذ ويحك فيما تنتفع به وإياك وهذه المحدثة وخذ في شيء فيه حديث وقال الأثرم : سمعت أحمد سئل عن مسألة قال دعنا ليت أنا نحسن ما جاء فيه الأثر وقال مهنا سألت أحمد عن رجل استأجر من رجل داره سنة بعبد فلم يسكن الدار وأبق العبد , فقال لي اعفنا من هذه المسائل , وسألت أحمد عن المريض في شهر رمضان يضعف عن الصوم قال : يفطر قلت : يأكل قال نعم قلت ويجامع امرأته قال : لا أدري فأعدت عليه فحول وجهه عني .

    وقال أحمد بن جيان القطيعي : دخلت على أبي عبد الله فقلت : أتوضأ بماء النورة ؟ فقال ما أحب ذلك , فقلت : أتوضأ بماء الباقلا قال : ما أحب ذلك قال : ثم قمت فتعلق بثوبي وقال : أيش تقول إذا دخلت المسجد ؟ فسكت فقال : أيش تقول إذا خرجت من المسجد ؟ فسكت فقال : اذهب فتعلم هذا .

    وعن شبرمة قال قال لي إياس بن معاوية إياك وما يستشنع الناس من الكلام , وعليك بما يعرف الناس من القضاء وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يكره أن يفتي برأيه أو في أمر خصومة .

    وروى أحمد من رواية ليث عن طاوس عن ابن عمر قال : لا تسألوا عما لم يكن فإني سمعت عمر ينهى أن يسأل عما لم يكن .

    وروى أيضا بإسناد حسن عن ابن عباس قال : ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوا إلا عن ثلاثة عشر مسألة حتى قبض , كلهن في القرآن وما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم وروي أيضا من رواية مجالد عن عامر عن جابر قال : قال ما أنزل البلاء إلا كثرة السؤال .

    وروى ذلك الخلال .

    وقد تضمن ذلك أنه يكره عند أحمد السؤال عما لا ينفع السائل ويترك ما ينفعه ويحتاجه , وإن العامي يسأل عما يعلم به , وقد قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم } .

    واحتج به الشافعي على كراهة السؤال عن الشيء قبل وقوعه .

    وفي حديث اللعان { فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها } .

    وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة مرفوعا { كان ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال , وكثرة السؤال وفي لفظ إن الله كره لكم ذلك } متفق عليه . وفيهما عن سعد مرفوعا قال : { أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته } .
    قال في شرح مسلم قال الخطابي وغيره : هذا الحديث فيمن سأل تكلفا أو تعنتا عما لا حاجة به إليه فأما من سأل لضرورة بأن وقعت له مسألة فسأل عنها فلا إثم عليه ولا يحنث لقوله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر } .

    وقال البيهقي في كتاب المدخل كره السلف السؤال عن المسألة قبل كونها إذا لم يكن فيها كتاب ولا سنة , وإنما سأل بالاجتهاد لأنه إنما يباح للضرورة ولا ضرورة قبل الواقعة وقد يتغير اجتهاده عندها . واحتج بحديث { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } وقال طاوس عن عمر لا يحل لكم أن تسألوا عما لم يكن وقال ابن وهب أخبرني الفتح بن بكر عن عبد الرحمن بن شريح أن عمر قال : وإياكم وهذه العضل فإنها إذا نزلت بعث الله لها من يقيمها أو يفسرها , وروي عن أبي بن كعب نحو ذلك وقال ابن مهدي : عن حماد بن زيد عن الصلت بن راشد قال : سألت طاوسا عن شيء فقال : أكان هذا قلت نعم . فحلفني فحلفت له .

    فقال : إن أصحابنا حدثونا عن معاذ أنه قال : " أيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم ههنا وههنا وإنكم إن لم تعجلوا لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سئل سدد , أو قال وفق " وروى أسامة بن زيد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا الكلام وقال البيهقي وبلغني عن أبي عبد الله الحليمي أنه أباح ذلك للمتفقهة ليرشدوا إلى طريق النظر قال : والرأي , قال وعلى ذلك وضع الفقهاء مسائل الاجتهاد وأخبروا بآرائهم فيها .

    وقال عكرمة قال لي ابن عباس انطلق فأفت الناس فمن سألك عما يعنيه فأفته , ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فإنك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس .
    ورواه الحاكم في تاريخه وفيه انطلق فأفت الناس وأنا لك عون قال قلت لو أن هذا الناس مثلهم مرتين لأفتيتهم .

    وقد روى أحمد ومسلم من حديث أبي سعيد { لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه , وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج , ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } وقد أذن عليه السلام في الكتابة . ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قوله عليه السلام { اكتبوا لأبي شاه } ولأحمد وأبي داود من حديث عبد الله بن عمر { أنه عليه السلام أومأ بإصبعه إلى فيه وقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق } وأمر عليه السلام في الكتابة في غير حديث .

    فأما قول العالم للناس سلوني ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { سلوني فهابوا أن يسألوه فجاء رجل فجلس عند ركبته فقال يا رسول الله ما الإسلام } الحديث . أي سلوني عما تحتاجون إليه , فلا تعارض بينه وبين ما في الصحيحين عن أنس قال : { نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من البادية العاقل فيسأله } الحديث .

    وفي البخاري وغيره في تفسير سورة الكهف أن ابن عباس قال : سلوني . وأما جلوس العالم في حلقة فهو كثير في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولمسلم عن أبي هريرة قال : { كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا وخشينا أن ينقطع دوننا وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع } .

    الحديث يقال قعدنا حوله وحوليه وحوليه وحوله بفتح الحاء واللام في جميعها أي جوانبه قال أهل اللغة : ولا يقال حواله بكسر اللام , ويقال نحن بين أظهركم وظهريكم وظهرانيكم بفتح النون أي : بينكم , والفزع يكون بمعنى الروع وبمعنى الهبوب للشيء والاهتمام به وبمعنى الإغاثة .

    قالوا : وفي هذا الخبر اهتمام الأتباع بحقوق متبوعهم والاعتناء بتحصيل مصالحهم ودفع المفاسد عنهم , وفيه { أن أبا هريرة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا للأنصار وهو البستان وأنه عليه السلام أعطاه نعليه وقال : اذهب بنعلي أي علامة فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة وأنه لقي عمر فأخبره قال : فضرب عمر بين ثديي فخررت لاستي , فقال : ارجع يا أبا هريرة . وقوله فأجهشت بكاء , وفي بعض النسخ فجهشت أي تغير وجهه وتهيأ للبكاء وأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما حملك يا عمر على ما فعلت ؟ فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة أي بكذا قال نعم قال : فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلهم } وفي هذا الخبر فوائد .
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 16-04-2007 الساعة 02:20 PM

  13. #28
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( في النهي عن الأغلوطات والمغالطة وسوء القصد بالأسئلة ) .

    روى الأوزاعي عن عبد الله بن سعد ولم يرو عنه غير الأوزاعي فلهذا قيل مجهول وقال ابن حبان في الثقات يخطئ عن الصنابحي عن معاوية مرفوعا عنه { نهى عليه السلام عن الغلوطات } رواه أبو داود .

    ورواه غيره الأغلوطات قال الأوزاعي شذاذ المسائل وصعابها , واحدة الأغلوطات أغلوطة وهي التي يغالط بها وتجمع أيضا على أغاليط لقول حذيفة عن عمر حدثته حديثا ليس بالأغاليط .

    قال الحسن البصري : شرار عباد الله ينتقون شرار المسائل يعمون بها عباد الله وقال مالك قال رجل للشعبي إني خبأت لك مسائل , فقال : أخبئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها وقال مالك : العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء وليس بكثرة المسائل وقال مالك قال بعضهم ما تعلمت العلم إلا لنفسي ما تعلمته ليحتاج إلي الناس .
    وذكر ابن عبد البر أن صاحب الروم كتب إلى معاوية يسأله عن أفضل الكلام وما هو ؟ والثاني والثالث والرابع , وكتب إليه يسأله عن أكرم الخلق على الله عز وجل , وعن أكرم الإماء على الله , وعن أربعة من الخلق لم يركضوا في رحم . وعن قبر سار بصاحبه , وعن المجرة وعن القوس , وعن مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع فيه قبل ذلك ولا بعده .

    فلما قرأ معاوية الكتاب قال : أخزاه الله وما علمي بما ههنا ؟ قيل اكتب إلى ابن عباس فكتب إليه يسأله عن ذلك فكتب إليه ابن عباس أفضل الكلام لا إله إلا الله كلمة الإخلاص لا عمل إلا بها , والتي تليها سبحان الله وبحمده صلاة الخلق . والتي تليها الحمد لله كلمة الشكر , والتي تليها الله أكبر فاتحة الصلوات والركوع والسجود , وأكرم الخلق على الله آدم عليه السلام .

    وأكرم الإماء على الله مريم عليها السلام , وأما الأربعة الذين لم يركضوا في رحم فآدم وحواء والكبش الذي فدي به إسماعيل وعصا موسى حيث ألقاها فصارت ثعبانا مبينا , وأما القبر الذي سار بصاحبه فهو الحوت الذي التقم يونس , وأما المجرة فباب السماء , وأما القوس فإنها أمان لأهل الأرض من الغرق بعد نوح , وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ولم تطلع فيه قبله ولا بعده فالمكان الذي انفجر من البحر لبني إسرائيل مع موسى عليه السلام .

    فلما قدم عليه الكتاب أرسله إلى ملك الروم فقال : لقد علمت أن معاوية لم يكن له بهذا علم وما أصاب هذا إلا رجل من أهل بيت النبوة . كذا ذكر ابن عبد البر هذا الأثر , وبعضه صحيح وبعضه باطل وما ذكره في آدم ومريم فبعضه الله به وبغيره أعلم .
    وبعث ملك الروم إلى معاوية بقارورة فقال ابعث لي فيها من كل شيء فبعث إلى ابن عباس فقال : تملأ ماء , فلما ورد به على ملك الروم قال له أخوه : ما أهداه فقيل لابن عباس : كيف اخترت ذلك قال : لقوله تعالى { وجعلنا من الماء كل شيء حي } والله أعلم .

    وعن يحيى بن أكثم قال قال لي المأمون من تركت بالبصرة ؟ فوصف له مشايخ منهم سليمان بن حرب فقلت هو ثقة حافظ للحديث عاقل في نهاية الستر والصيانة فأمرني بحمله إليه فكتبت إليه فقدم فأدخلته إليه وفي المجلس ابن أبي داود وثمامة وأشباه لهما فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم , فلما دخل سلم فأجابه المأمون ورفع مجلسه ودعا له سليمان بالعز والتوفيق , فقال ابن أبي داود يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألة ؟ فنظر إليه المأمون نظرة تخيير له فقال يا أمير المؤمنين : ثنا حماد بن زيد قال : قال رجل لابن شبرمة : أسألك ؟ قال : إن كانت مسألتك لا تضحك الجليس ولا تزري بالمسئول فسل , وثنا وهب قال : قال إياس بن معاوية : من المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها ولا للمجيب أن يجيب عنها , فإن كانت مسألته من غير هذا فليسأل قال فهابوه فما نطق أحد منهم حتى قام وولاه قضاء مكة فخرج إليها .

    وفي الصحيحين أن عبد الله بن مسعود سأله رجل كيف تقرأ هذا الحرف ألفا أم ياء من ماء غير آسن أو ياسن ؟ فقال عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا الحرف قال : إني لأقرأ المفصل في ركعة فقال : هذا كهذا الشعر إن قوما يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع وقال في شرح مسلم هذا محمول على أنه فهم منه أنه غير مسترشد في سؤاله , إذ لو كان مسترشدا لوجب جوابه وهذا ليس بجواب .
    وفي البخاري عن يوسف بن ماهك أن رجلا عراقيا قال لعائشة أي الكفن خير ؟ قالت : ويحك وما يضرك ؟ قال يا أم المؤمنين أريني مصحفك , قالت : لم ؟ قال لعلي أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف , قالت وما يضرك آية آية قرأت قبل إلى أن قال فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور .

    فأما رمي الشيخ المسألة بين أصحابه ومن يحضره من الطلبة ليختبر ما عندهم فحسن لحديث { طرح النبي صلى الله عليه وسلم شجرة لا ترمي ورقها هي مثل المؤمن وأنه وقع في نفس ابن عمر رضي الله عنهما أنها النخلة ولم يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هي النخلة } متفق عليه . ثم إن أصاب واحد وأخطأ غيره جاز مدح المصيب لتزداد رغبته وحرصه ويجتهد أيضا المخطئ , وإن كان الأولى تركه .
    ويكره عيب المخطئ لحصول المصلحة بدونه مع ما فيه من كثرة الأذى . وهذه المسألة تشبه مدح الأمين والشهود للمصيب في السبق وعيب المخطئ وهو مكروه وقال ابن عقيل لا يجوز .

    وروى مسلم عن أبي عتيق واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : تحدثت أنا والقاسم وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق عند عائشة حديثا وكان القاسم رجلا لحانا وروي لحانة بفتح اللام وتشديد الحاء أي كثير اللحن في كلامه , وروي لحنة بضم اللام وإسكان الحاء , وروي بفتح الحاء أيضا وهو بمعنى التسكين وقيل بل هو الذي يخطئ الناس قال ابن أبي عتيق : وكان القاسم لأم ولد , فقالت له عائشة ما لك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أتيت ؟ هذا أدبته أمه , وأنت أدبتك أمك قال فغضب القاسم وأضب عليه . وهو بفتح الهمزة وفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء أي حقد فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام , قالت أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس قال : إني أصلي , قالت : اجلس غدر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين } غدر بضم الغين المعجمة وفتح الدال . أي يا غادر وهو ترك الوفاء , ويقال لمن غدر غادر وغدر وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم قال في شرح مسلم : وإنما قالت له غدر لأنه مأمور باحترامها لأنها أم المؤمنين وعمته وأكبر منه وناصحة له ومؤدبة فكان حقه أن يحتملها ولا يغضب عليها انتهى كلامه وعلى هذا ينبغي للمستفيد أن يصبر ويحتمل ولا يغضب لئلا يفوته العلم ولا يكثر مخالفته .

    قال الزهري : كان أبو سلمة بن عبد الرحمن بحرا وكان كثيرا ما يخالف ابن عباس فحرم لذلك من ابن عباس علما كثيرا , وسأل ابن سيرين ابن عمر عن إطالة القراءة في سنة الفجر , فقال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة } قلت : لست عن هذا أسألك .

    فقال : إنك لضخم ألا تدعني أستقرئ لك الحديث ؟ ثم ذكره فيه تأديب السائل والتلميذ .
    وقوله به به بموحدة مفتوحة , وهاء ساكنة مكرر , قيل معناه : مه مه زجر وكف .
    قال ابن السكيت : هي لتفخيم الأمر معناه بخ بخ , وقوله إنك لضخم إشارة إلى الغباوة وقلة الأدب لأن هذا الوصف يكون غالبا وإنما قال ذلك لأنه قطع كلامه وعاجله , وقوله أستقرئ بالهمزة من القراءة ومعناه أذكره على وجهه بكماله { وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب يا أبا المنذر أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت : الله ورسوله أعلم قال يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . فضرب في صدري وقال : ليهنك العلم يا أبا المنذر } رواه مسلم .
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 16-04-2007 الساعة 02:17 PM

  14. #29
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التنبيه وصراحته في التعليم ) .

    ذكر أبو العالية البراء بتشديد الراء وبالمد كان يبري النبل تأخير ابن زياد الصلاة ذكر ذلك لعبد الله بن الصامت فعض على شفتيه فضرب فخذي وقال : سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال { : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال صل الصلاة لوقتها فإن أدركت الصلاة معهم فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي } قال في شرح مسلم : قوله فضرب فخذي أي للتنبيه وجمع الذهن على ما يقوله له .

    وفي قصة { تخيير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه لما بدأ بعائشة وقالت : أختار الله ورسوله والدار الآخرة , وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت قال : لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها , أن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا بعثني معلما ميسرا } رواه مسلم من حديث جابر .

    وفي الصحيحين من حديث عائشة أنها قالت { : لا تخبر نساءك أني اخترتك , فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا } .

  15. #30
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: قرأت لك : الآداب الشرعية


    مسألة: الجزء الثاني

    فصل ( كراهة الكلام في الوساوس وخطرات المتصوفة ) .

    قال المروزي سئل أبو عبد الله عمن تكلم في الوساوس والخطرات فنهى عن مجالستهم وقال للسائل : احذرهم وقال سمعت أبا عبد الله يقول : جاءني الأرمينيون بكتاب ذكر الوسواس والخطرات وغيره قلت فأي شيء قلت لهم قال قلت هذا كله مكروه وقال في موضع آخر للمروذي : عليك بالعلم عليك بالفقه .

    وقال إسحاق بن إبراهيم سمعت أحمد بن حنبل يقول من تكلم في الخطرات التابعون تابعوا التابعين وقال أحمد بن القاسم سمعت أبا عبد الله ورجل يسأله من أهل الشام رجل غريب : فذكر أن ابن أبي الحواري . وقوما معه هناك يتكلمون بكلام قد وضعوه في كتاب ويتذاكرونه بينهم . فقال : ما هو قال : يقولون المحبة لله أفضل من الطاعة , وموضع الحب درجة كذا فلم يدعه أبو عبد الله يستتم كلامه وقال هذا ليس من كلام العلماء , لا يلتفت إلى من قال هذا , وأنكر ذلك وكرهه .

    وقال أبو زرعة الرازي : وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل : إياك وهذه الكتب , هذه كتب بدع وضلالات , عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك قيل له في هذه الكتب عبرة , فقال من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة . بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس , ما أسرع الناس إلى البدع انتهى كلامه . ومحفوظ عن الإمام أحمد النهي عن كتب كلام منصور بن عمار والاستماع للقاص به .

    قال القاضي أبو الحسين إنما رأى إمامنا أحمد الناس لهجين بكلامه وقد اشتهروا به حتى دونوه وفصلوه مجالس يحفظونها ويلقونها ويكثرون فيما بينهم دراستها , فكره لهم أن يلهوا بذلك عن كتاب الله ويشتغلوا به عن كتب السنة وأحكام الملة لا غير .

صفحة 2 من 18 الأولىالأولى 1234567812 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تاثير المياة المعدنية على الاطفال رائع
    By keeper207 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-03-2010, 01:52 PM
  2. حافظو على تنظيف برادات المياة دوريا والا ........!؟
    By jamal_2022 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-02-2010, 01:45 AM
  3. أجمل ما قرأت ..... والله المستعان
    By amr alaa in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-06-2009, 09:00 PM
  4. من أروع ما قرأت×××
    By ليالينا in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-01-2007, 11:27 AM
  5. تربية الأولاد على الآداب الشرعية
    By يورو2006 in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 08:22 PM

الاوسمة لهذا الموضوع


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17