يُعد النظر عبر التلسكوبات إلى الأنظمة الشابة البعيدة في الكون الشاسع واحدًا من أفضل الطرق لتعلم كيفية تطور نظامنا الشمسي، وتُشكل اكتشافات الكواكب صغيرة العمر نسبيًا حلقة هامة لفهم طُرق تشكيل الكواكب التى تدور حول الشمس، وقبل يوم، قام فريق من علماء الفلك باكتشاف كوكب يُشبه المشتري، يدور ضمن نظام شاب، ويبلغ عمره نحو 20 مليون عامًا فقط، أى بعد نحو 40 مليون سنة من انقراض الديناصورات على الأرض.


بمقاييس علوم الفلك، يُعتبر الكوكب المكتشف حديثًا صغير السن، فالأرض؛ على سبيل المثال، تكونت قبل نحو 4.5 مليار سنة، فيما يبلغ عمر مجرة درب التبانة 13.6 مليار سنة، وهو ما يعنى أن دراسة خصائصه قد تُقدم دليلاً واضحًا على السبل التى اتبعها كوكب الأرض للوصول إلى ما هو عليه الآن.
الكوكب الجديد، الذي أطلق العلماء عليه أسم «51 Eridani b» يعتبر أول كوكب يتم اكتشافه عبر استخدام مشروع «جيماني» لتصوير الكواكب، وهو مشروع يموله تحالف دولي يهدف إلى رصد الأجرام السماوية الخافتة، والتى يقل ضياءها مليون مرة عن شمسنا، ويدير المشروع –الذى يستخدم المرايا والعدسات لرصد لمعان الكواكب- أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة ستانفورد «بروس ماكنتوش» الذى يقول عن الكوكب المُكتشف حديثًا إنه بمثابة دليل حي يقدمه الكون للعلماء الساعين للحصول على إجابات حول نشأة الكون.
العمر الصغير نسبيًا للكوكب هو ما جعله سهل الاكتشاف، ففي المراحل الأولى لتكون ذلك النوع من الأجرام، تلتحم المواد الواقعة على الأسطح، الأمر الذي ينجم عنه ارتفاع في درجات الحرارة، فيشع الكوكب الطاقة، بالإضافة إلى ضوء يقع معظمه ضمن نطاق الأشعة دون الحمراء، ما يُمكن التلسكوبات والمرايا من التقاطه والكشف عنه.
يقول الدكتور «بروس ماكنتوش» إن درجة حرارة سطح الكوكب الجديد نحو 800 درجة فهرنهايت –حوالى 426 درجة سيليزية- وهناك أثار لوجود الميثان في غلافه الجوي، تلك الظروف هي ما يعتقد العلماء أنها نفس خصائص تطور كوكب المشترى .
التقط العلماء عدد كبير من الكواكب التى تبدو قريبة الشبه بما تحويه مجموعتنا الشمسية، إلا أن الميزات التى يُقدمها لنا الكوكب الجديد تشمل العمر الحديث، علاوة على السطح البارد نسبيًا، إلا أنه يظل ساخنًا بما يكفى لإذابة عنصر الرصاص، ما يعنى إمكانية تحوله إلى «مُشترى أخر».
في أجواء الكواكب الباردة العملاقة الواقعة ضمن نظامنا الشمسي، يتم العثور على الميثان جنبًا إلى جنب مع الكربون، خلافًا لمعظم الكواكب الخارجية، إذ لا يُمكن في الغالب العثور على الكربون إلا في صورة أكاسيده، وبحسب الدكتور «مارك مارلي» هالم الفيزياء الفلكية في معهد أبحاث «أميس» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» فإن الكوكب الجديد غنى بالكربون والميثان، وهذا يعنى أنه في طريقه ليكون «ابن عم المشتري، أحد كواكب المجموعة الشمسية».
بالإضافة إلى فهم آليات التوسع في الكون، سيقدم الكوكب الجديد –الذى تبلغ كتلته نحو ضعف كوكب المشترى- دلائل من شأنها تعضيد أو نفى اعتقاد العلماء حول طُرق تكون الكواكب، حسب ما نُشر في مجلة العلوم، فالباحثون يعتقدون أن الكواكب الغازية العملاقة في نظامنا الشمسي –كوكب المشترى أحد الأمثلة- تكونت عبر ملايين السنين عن طريق بناء نواة كبيرة تراكمت داخلها كميات ضخمة من الهيدروجين والغازات الأخرى التى تشكل منها الغلاف الجوي.