الموضوع: كيف تتعامل مع الله؟
أولا:
كيف تتعامل مع الله إذا غضب؟
ربنا تعالى حليم كريم عليم وبالمؤمنين رؤوف رحيم
ولكنه سبحانه إذا غضب على شيء فإن غضبه يكون شديدا
قال تعالى:
«إن بطش ربك لشديد»
وإذا غضب الله على شيء فلن يفلح أبدا ولو فعل ما فعل... إلا إذا ارتفع عنه هذا الغضب
لأن الله إذا غضب على العبد فكل شيء سيغضب عليه...
لاحظ في الفاتحة لما ذكر الله الصراط المستقيم قال:
صراط الذين أنعمت عليهم ولم يقل صراط الذين أنعموا عليهم
لماذا ؟
لأن المنعم واحد هو الله
أما في الغضب قال: غير المغضوب عليهم ولم يقل غير الذين غضبت عليهم... مع أنه غضب عليهم !
لكن لأن الله إذا غضب على عبد فكل شيء سيغضب عليه قال:
غير المغضوب عليهم
بل حتى إذا حاول العبد أن يغضب الله لكي يرضي الناس فإن هؤلاء الناس الذين يحاول أن يرضيهم هم بذاتهم سيغضبون عليه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس»
وكلما زاد الإنسان من اصراره على المعصية كان غضب الله أقرب وأشد...
بعض الناس له سنوات وهو يعيش في غضب الله والذي يبقيه على قيد الحياة هو حلمه سبحانه...
صبور على الناس سبحانه... صبور...
فمن كان يعيش هذه المرحلة الآن فليستغلها حق الاستغلال ولينتهز الفرصة قبل أن تنتهي هذه المرحلة، لأن هذه المرحلة (مرحلة الإمهال) إذا انتهت فسيدخل العبد بعدها في مرحلة الانتقام...
وإذا غضب الله على العبد فإنه لا ينتقم منه مباشرة بل يتركه يعيش فترة الإمهال والحلم
يحلم الله عليه ويتركه مع أنه غاضب عليه... لعله يرجع
لكن بشرط... أن يكون بصدق.
- قد يكون ربي غضبانا على الواحد منا وهو لا يشعر
كيف أعرف هل الله غضبان عليّ أم لا؟
إذا كان العبد مصرا على المعصية فيخشى عليه أن يكون الله فعلا غضبان عليه
وإلا فالله تعالى ليس له ثأر يأخذه من عبده... كما يقول ابن القيم، ولو أهلك عباده جميعا لما زاد ذلك في ملكه شيئا...
طيب... من كان في وسط غضب الله ماذا يفعل؟
وبعض الناس كان على خير ولكن أصابه غضب الله
كيف يتعامل الإنسان مع ربه إذا غضب عليه..
عليك الآن أن تعلن حالة الطوارئ
بسرعة قبل أن يحدث شيء..
طيب ماذا أفعل؟
انتبه..
كيف تتعامل مع الله إذا غضب؟
إذا أحسست أن الله غضب عليك فتوجد طريقة تذهب هذا الغضب عنك بحيث يعود الرضى إليك بعد أن فقدته..
الحل هو:
أن تبحث عن أحد يخلصك من هذه الورطة
ولن تجد أحدا يخلصك إلا هو سبحانه:
- كل شيء تفر منه عنه إلا الله فإنك تفر إليه قال تعالى: ففروا إلى الله
أرأيت كيف أن التعامل مع الله يختلف تماما عن التعامل مع غيره؟!
كيف هو يخلصني؟
هو الذي سيخلصك من غضبه هو سبحانه إذا لجأت إليه..
- لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك
- أعوذ برضاك من سخطك
- قل له كلمه قل له:
يا رب لا تغضب عليّ... يا رب ارضى عني
يا رب ليس لي سواك
قل له: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك..
«وقال ربكم ادعوني أستجب لكم»
صدقني سيرضى عنك... صدقيني سيرضى عنك...
حاول أن ترضيه... نعم حاول أن ترضيه بالأشياء التي يحبها سبحانه
وعليك أن تعلم أمورا عن الله:
1 - اعلم أنه سبحانه يرضى بسرعة... بسرعة يرضى... يرضى بالقليل.
قال صلى الله عليه وسلم: «صدقة السر تطفئ غضب الرب»
2 - عليك أن تعلم أنه يريد أن يرضى عليك أكثر مما تريده أنت
قال تعالى:
«والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما»
- بعضهم يقول طيب أنا أرجع إليه سبحانه ثم أعود إلى المعصية... أتوب ثم أرجع..
الجواب هذا هو المطلوب... المطلوب أنك كلما أذنبت رجعت..
إن عبدا أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت فاغفره فقال ربه: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا فقال: ربي أذنبت آخر فاغفر لي قال: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت آخر فاغفر لي قال: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء


- كيف أعرف أن الله راض عني؟
إذا كنت على طاعة فهو راض عنك..
ولماذا يغضب عليك... ولكن لا تأمن، لأن الأمن من العذاب وضمان الجنة هذا بحد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة..
قال تعالى:
«إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون»
وهذا يسمى الاغترار بالله..
«يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم»
إذاً ماذا أفعل؟
ترجو رحمة الله وترجو رضاه... يعني تعمل الصالحات وفي الوقت نفسه تظن بربك أنه راض عنك صدقني سيرضى عنك
كيف أتعامل مع الله إذا رضي؟
- قد يقول قائل يعني كيف أتعامل مع الله إذا غضب... أحتاجه لكن كيف أتعامل مع الله إذا رضي؟
ما الذي أحتاجه الآن، خلاص، الله راض..
لاااا..
أنت الآن تحتاج أن تكون دقيقا في التعامل مع الله الآن أكثر من قبل..
لأن الوصول إلى الرضى شيء... والمحافظة عليه شيء آخر
الوصول إلى رضى الله تعالى سهل، لكن الثبات عليه هو الصعب..
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة..
أضرب لكم مثالا..
شخص لا يعرف الوزير ولم يدخل مكتبه قط!
فحصلت له ترقية وعينوه مديرا لمكتب الوزير
لا شك أنه الآن يريد أن يتعلم ما الذي يحبه الوزير... وما الذي لا يحبه... وما أوقاته المناسبة... وما أوقاته غير المناسبة
فإذا قال له قائل: أنت لم تكن تعلم من قبل هذه الأمور ولم يهمك ذلك... فلماذا تحرص عليها الآن؟!
طبعا سيقول لهم: أريد ألا أخسر هذا المنصب الذي كسبته!
ولله المثل الأعلى الذي رضي الله عنه يجب عليه أن يحافظ على هذه المكانة وألا يخسرها..
طيب ماذا أفعل؟
1 - أولا: ارض عنه كما رضي عنك
قال تعالى: «رضي الله عنهم ورضوا عنه»
ارض بما قسمه لك، ارض بجسمك، ارض بأبنائك، واحرص على الزيادة في كل خير... لكن احرص أن تكون بالنهاية في تمام الرضا عن الله..
2 - ثانيا: اصبر على رضاه... رضا الله يحتاج إلى صبر، أن تصبر على الأوامر وأن تصبر عن النواهي وأن تصبر على أقدار الله
هذا كله يحتاج إلى صبر،
حضرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وجاءه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عبد الله قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة قال: له سل قال: متى يجد العبد طعم الراحة؟
قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.
هذا فقط إذا فعلت الفرائض أما زدت النوافل فسوف تدخل مرحلة أخرى أعظم بكثير من مرحلة الرضى، إنها مرحلة الحب
قال الله تعالى في الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه.
كيف تتعامل مع الله إذا أحبك؟
ما شعورك إذا كنت تعيش على وجه الأرض تذهب إلى العمل... تأكل الطعام وتمشي في الأسواق والله تعالى من فوق سبع سماوات يحبك...
هل بإمكانك أن تستشعر أن الذي يحتاج إليه كل الناس قد اختارك من بين كثير من عباده فأحبك... إنه سبحانه لا يحب جميع الخلق وأما أنت فأحبك..
صدقني الأمر أعظم من أن تدركه العقول
قال تعالى: يحبهم ويحبونه، ليس العجب عندما قال تعالى: «يحبونه»
العجب أنه قال سبحانه «يحبهم»
يقول ابن القيم:
«ليس العجب من عبد يتقرب إلى سيده ويحسن إليه فهذا هو الأصل... ولكن العجب من الملك السيد كيف أنه يحسن إلى عبده ويتودد إليه بأصناف العطايا والعبد معرض عنه!»
ولله المثل الأعلى ربنا سبحانه يحسن إلى عبيده، والعبيد معرضون عنه فإذا أحب الملك أحد عباده فهذا والله هو الفوز المبين
لا تستهن بمحبة الله حتى لا تزهد فيها
فإن الله إذا أحبك أعطاك الخير كله ومنع عنك الشر كله
لاتخف... أنت حبيب الله... بالله عليك مم تخاف؟
عليك أن تكون أهلا لمحبة الله
فإذا أحبك الله فأكثر من طلباتك له وأكثر من السؤال والدعاء، ولو أزعجك أي شي فاستعذ بالله منه ولن يضرك
لأن الله تعالى يقول عمن أحبه: «ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه»
وأما إذا حاول أحد أن يعاديك فمصيره الدمار.
قال تعالى في الحديث القدسي: «ومن عادى لي وليا فقد آذنته بحرب»
طيب، كيف أعرف أن الله أحبني..؟
الجواب: من العلامات أن يحبك الناس..
فإن قال قائل: هل يحبني كل الناس؟
الجواب: لا... محبة كل الناس ما نالها أحد... ولا حتى الأنبياء..
ولكن أهل الخير إذا أحبوك فهذا دليل على أن الله يحبك.
وهو دليل على أن كل أهل السماء من الملائكة وحملة العرش يحبونك
يحبك البشر، سألوهم لماذا تحبون فلانا... لا يدرون!
لكن من أول ما رأوه أحبوه

هل تحب أن أزيدك..؟
حتى الجمادات تحبك
كان صلى الله عليه وسلم يقول: «أحد جبل يحبنا ونحبه»
كيف تتعامل مع الله إذا أحبك؟
أولا: إذا أحبك الله فمن كمال الحياء أن تترك ما تحبه في سبيل ما يحبه هو..
فتقدم ما يحبه على ما تحبه..
ثانيا: إذا أحبك فعليك أن تعبد الله كأنك تراه
بحيث أن يكون الله تعالى هو سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها
أي أنه يفعل كل شيء لله
وهنا يظهر فقه النية:
بأن يقلب حتى المباحات إلى طاعات
قال ابن رجب:
«ومتى نوى من تناول شهواته المباحة التقوى على طاعة الله كانت شهواته له طاعة يثاب عليها كما قال معاذ رضي الله عنه إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي يعني أنه ينوي بنومه التقوي على القيام في آخر الليل فيحتسب ثواب نومه كما يحتسب ثواب قيامه.
قال بعض السلف: {التقيُّ وقتُ الراحةِ له طاعةٌ، ووقتُ الطاعةِ له راحةٌ }..
والنية لا تُـتْـعِبُ أحدا... فلا تعمل ببلاش!!
ماذا حدث لمن طبق هذه النوايا في السابق؟
يقول أحدهم:
«والله لقد لمست السعادة بعد خروجي من المحاضرة»
إذا أحبك الله أصبحت تبحث عن كل ما يحبه الله لتفعله..
فإذا أحبك الله قد تتفاجأ أن البلاء بدأ يأتيك!
فقد يقول قائل أين المحبة؟
قال صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم.