مقومات الثبات على الهداية



اللهم لك الحمد على كل نعمة أنعمت بها علينا، وعلى رأسها نعمة الهداية التي يمتد نفعها من هذه الدار الفانية إلى الدار الباقية، وأصلي وأسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، سبب هذه النعمة والدالّ عليها، وبعد:
فنحن والإيمان: كما قال السلف: «من لم يدخل جنة الدنيا لم يدخل جنة الآخرة»، وهذه المقولة ليست مغلوطة، بل هي الحقيقة بعينها، قالها من هو مطلع على حقيقة الدين، فيا ترى ما هي جنة الدنيا؟ وما ثمرتها؟ وما علامتها؟
إن جنة الدنيا هي محبة الله، والإيمان به، واتباع رسوله، ولذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه لن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة»، ومن رزقه الله الإيمان والعمل الصالح نال ثمرة هذه الجنة، وفي هذا يقول الله تعالى: }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً{ [النحل: 97]، وهذه الحياة لا يجدها ولا يذوقها إلا من آمن وعمل صالحًا، ولا يبقى إلا أن يقال: من ذاق عرف، فهل لذلك من علامة تعرف بها؛ لأنه قد يدَّعيها من لم يدخلها؟والجواب: نعم، لها علامة واضحة أخبر بها الصادق المصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «إن النور إذا دخل الصدر انشرح» وفي رواية: «إن الإيمان»، قالوا: ما علامة ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله» [رواه الترمذي وغيره، وذكره أيضًا الإمام ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: }فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ{ [الأنعام: 125]، في سورة الأنعام].
وإذا عُرف هذا فأعظم نعمة ينعم بها الله على الإنسان نعمة «الإسلام والإيمان».
ولكن: من سيثبت على هذه النعمة حتى الممات؟ فالقلوب تتقلب والإيمان يزيد وينقص باللحظات، والإنسان ما دام في هذه الحياة فهو معرض لفتن عظيمة قل من ينجو منها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم» [رواه مسلم عن أبي هريرة].
ومن هنا: حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على المبادرة بالأعمال قبل وقوع الفتن وانتشارها؛ ولأن العمر تعتريه آفاتٌ، وقد تحول بينه وبين طاعة الله عز وجل، ولخطورة هذا الأمر خاف السلف من سوء الخاتمة، ففي الحديث: «الأعمال بخواتيمها الأعمال بخواتيمها» [رواه البزار].
وكيف لا نخاف سوء الخاتمة وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» [رواه مسلم عن ابن مسعود].
وعند الإمام أحمد: «لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بما يُختم له، فإن العامل يعمل زمانًا من عمره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحوّل فيعمل عملاً سيئًا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحًا» [رواه أحمد عن أنس رضي الله تعالى عنه]
ومما يحسُن ذكره مثالان على حسن الخاتمة وسوئها:
ففي الصحيحين من حديث سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم التقى مع المشركين وفي أصحابه رجل لا يدع شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منّا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلانٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو في النار»، فقال رجل: أنا صاحبه فأتبعه، فجُرح جرحًا شديدًا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه على الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فكانت خاتمته معصية سببت له دخول النار.
فخاتمة السوء قد تكون بسبب دسيسة سوء عند العبد، لا يطلع عليها إلا الله، أو عمل سيئ، ففي صحيح ابن حبان عن معاوية رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بخواتيمها، كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله».
والعكس بالعكس، كما في قصة الرجل الذي أسلم يوم أُحُد فقاتل حتى قُتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمل قليلاً وأُجر كثيرًا، وما سجد لله سجدة»، وكذلك قصة الغلام اليهودي في مرض موته لما قاله له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمِنْ»؛ فآمن فمات فدخل الجنة.
ومن أجل ألا يسوء ظن العبد بربه فإن لسوء الخاتمة أسبابًا كثيرة منها:



1- الأمن على الإيمان من فقدانه: أخرج الإمام الفريابي في ذم المنافقين عن أبي الدرداء: «إن من أمِن على إيمانه من الفقدان سُلبه عند الموت».
2- فساد العقيدة:
وكفى بها بلاءً؛ لأن مَنْ عقيدته فاسدة فعمله مردود، وقد رأيت أناسًا حَوْل قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعونه من دون الله، ورفعوه إلى منزلة لا يرضاها الله ولا يرضاها رسوله، وهؤلاء لا تقل لهم: صلوا أو صوموا؛ لأن عملهم مردودٌ لفساد عقيدتهم، حيث إنهم يدعون غير الله، ويستغيثون بغير الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أنه لا يستغاث بغير الله»، وقد خدعهم الشيطان وقال لهم: إنه لا يستجاب لمثلكم، كيف هذا والله يجيب دعوة من دعاه، }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ{ [البقرة: 186.
3- الاغترار بالحالة الحاضرة:
وما يصدر عنها من طاعات، والغفلة عما في النفس من مهلكات، أبرزها: النفاق الذي قلَّ أن ينجو منه أحد، والبدعة التي ما سلم منها أحد إلا القليل، والتعلُّق بالدنيا والركون إليها.
فأما النفاق: فقد خافه الصحابة على أنفسهم خوفًا شديدًا مع ما لهم من الأعمال الصالحة، كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أربع مَنْ كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».
المشكلة أن من اتصف بهذه الخصال الأربع كان منافقًا خالصًا؛ لأنه جمع جميع أعمال النفاق العملي.
أما قوله: «إذا ائتمن خان»؛ فلأن أداء الأمانة إيمان، وتضييعها نفاق وعصيان، والخيانة دليل على سوء البطانة، والأمانة ليست هي حفظ العارية، بل تدخل في كل صغيرة وكبيرة في الدين والدنيا، ومن أعظم الخيانات:
خيانة الله ورسوله والكذب عليهما، والتقول على العلماء بما لم يقولوا.
ومنها: ترك الأولاد والبنات يسرحون ويمرحون كيفما يشاءون، ويسهرون على المحرمات، وكله خيانة للأمانة، وكذلك خروج الأب للصلاة بالمسجد وترك أبنائه بالبيت نائمين.
ومنها: إفشاء أسرار الزوجين، سواء حصلت بينهم خصومة أو التحدث بما يحصل بينهم من العشرة ، والسبب في ضياع الأمانة أنه لما فسدت علاقتنا مع الله فسدت علاقتنا مع الناس، لأنه ما من عبد يؤدي حق الله إلا أدى حقوق عباده.
أما قوله: «وإذا حدّث كذب»؛ لأن كل معصية وكل بلية تنشأ من الكذب، وإذا ترك العبدُ الكذب فقد أغلق على نفسه باب معاصٍ كثيرة، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والكذب، فإنه يهدي إلى الفجور»، بل إنه من أبرز خصال النفاق العملي.
أما قوله: «وإذا عاهد غدر»؛ فالبعض – على سبيل المثال – إذا أراد أن يتوب أخذ على نفسه العهود والمواثيق على أن لا يعود إلى تلك المعصية، ثم يغلبه هواه فيعود، فاحرص على ألا تعاهد الله على ترك المعاصي؛ لأن العهد مسؤول، ومن نقض العهد يُخشى عليه النفاق، ومن خدع الشيطان لكثير من ضعاف الإيمان حين يوقعهم بمعصية، فإنه بمجرد أن يجدوا نشوة الهداية يعاهدون الله على ترك تلك المعصية ويعطون الله من أنفسهم عهودًا مغلظة، ثم يستدرجهم الشيطان، حتى ربما أغواهم فوقعوا في المعاصي مرة أخرى، ثم يقول لهم: أنت منافق، أين العهود والمواثيق؟! حتى يقنطه من رحمة الله، ولذلك نقول للجميع: احرص على ألا تعاهد الله على ترك المعاصي؛ لأن العهد مسؤول.
ولكن إذا كنت تريد أن تتوب فتب بدون عهد، فإن الله يتوب عليك، وابذل الأسباب في البعد عن المعاصي، فإن عدت فتب مرة أخرى، كالذي يتوضأ ثم ينقض وضوؤه فإنه يعود فيتوضأ، حتى ولو تاب في اليوم سبعين مرة بشروطها، فإن الله يتوب عليه.
وأما قوله: «وإذا خاصم فجر» فنسأل الله العافية، فإذا وقعت خصومة بينه وبين غيره فجر، والفجور في الخصومة على قسمين:

1- يجحد ما كان عليه.2- أن يدعي ما ليس له.
ولذلك إذا قُدّر لك أن تصلح بين شخصين ، وكان أحدهما فاجرًا كان الأمر من الصعوبة بمكان؛ لأن المؤمن يمكن أن تخوفه بالله فيخاف، ولكن إذا كان فاجرًا فلا شك أنه يتجرأ على الله والعياذ بالله، ونسأل الله أن يطهر قلوبنا من «النفاق، والشك، والشرك، والرياء».
وأما البدعةفهي الحدث في دين الله عن طريق الزيادة أو النقصان، ولم يشهد له كتاب أو سُنَّة، بقصد التقرب إلى الله، ومن كان من أهل البدع فإنه على ضلالة وشقاء، ثبت في الصحيح أن أهل الظلم والبدع والضلالات لا يردون حوض النبي صلى الله عليه وسلم - وكفى بها مصيبة – ولو ببدعة واحدة، بل يذادون عنه، ففي الحديث: «يُذاد أقوامٌ عن حوضي فأقول: أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك»، فالدين ليس ملكًا لأحد يقول فيه ما يشاء بما يشاء، بل ينبغي الوقوف على قول الله وقول رسوله، والرجوع إلى أهل العلم والدين، وكل قول أو عمل لا يستند إلى كتاب الله وسنة رسوله فهو مردودٌ على صاحبه كائنًا من كان، فاحرص على ألا تعمل أي عمل حتى تزنه بما قال الله ورسوله، فلا يجوز لأحدٍ أن يحدَّث في دين الله بشيء بدعوى تفضيل شيء على شيء من قول، أو فعل، أو ذكر، أو عدد، أو زمان معين، أو مكان، إلا بدليل شرعي؛ لأن الشرع كاملٌ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بين جميع الفضائل أكمل بيان، وحذر من جميع الشرور.
كذلك بالإضافة إلى أننا نُحذّر جميع من يُبدِّع الناس بلا خطام ولا زمام، دون الرجوع إلى ضوابط الشرع والسلف؛ لأنه على خطر عظيم والأعمال تنقسم إلى قسمين «عبادات، ومعاملات».

مضار البدع:

1- تفريق الأمة: }كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{ [المؤمنون: 53].
2- تقضي على الدين: «ما ابتدع قومٌ بدعةً إلا نزع الله سنة مثلها» [صحيح، رواه أحمد].
3- أن المبتدع يزعم أن الدين ناقص: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ{ [المائدة: 3]. وقال الإمام مالك: «من ابتدع بدعة في دين الله فهو يزعم أن محمدًا خان الرسالة».
4- أن المبتدع يحاول أن يشارك الله في التشريع }أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ{ [الشورى: 21].
5- صاحب البدعة لا يتوب: لأنه يحسب أنه يحسن صنعًا.
6- عمله مردود عليه وغير مقبول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [صحيح رواه مسلم].
سبب البدع:



1- الجهل بالدين: واتباع أئمة الضلال. 2- اتباع الهوى: }فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ{ [القصص: 50].
3- التقليد الأعمى: }بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا{ [البقرة: 170].
أما السبب الثالث في مهلكات النفوس فهو:

التعلق بالدنيا والركون إليها: وكفى أن حبها رأس كل خطيئة؛ لأن العبد إذا أحب شيئًا لا يحب أن يفارقه.

ومن أسباب سوء الخاتمة:

1- الإصرار على المعاصي؛ لأن العاصي لا يؤمن استدراجه إلى الكفر؛ لأن المعاصي بريد الكفر وسوء الخاتمة، يقول الله تعالى: }وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ{ [آل عمران: 135]؛ لك أن تسأل عن الفرق بين المؤمن المتقي والمؤمن العاصي فالجواب: الكل يعصي الله ، لكن المؤمن العاصي مُصرٌّ، بخلاف المؤمن المتقي فإنه تحصل منه المعصية عن غفلة أو غضب أو شهوة، لكن إذا ذُكّر بالله ذكر }إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ{ [الأعراف: 201]. بخلاف من أصرَّ على فعل المعاصي، فإنه على خطر من ناحيتين:
الأمر الأول:
أن الموت قد يأتي بغتة، }وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ{ [النساء: 18]. ذكر الإمام ابن رجب عن أحد السلف أنه حضر رجلاً يلقن عند الموت «لا إله إلا الله» فقال: هو كافرٌ بها، فسُئل عنه، فقالوا: كان مدمن خمر.
الأمر الثاني:
أن من أصر على المعاصي يصل إلى الران، }كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{ [المطففين: 14]. ففي الحديث: «إن العبد إذا أذنب ذنبًا نكت فيه نكتة سوداء»، وهذه بداية المرض، «فإن تاب صقل قلبه وإلا زادت».
2- ومنها الكبر،
فقد كان إبليس في الجنة عابدًا، لكن عنده دسيسةُ سوء، فأراد الله أن يظهرها فابتلاه بالسجود لآدم، فقال: }أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا{ [الإسراء: 61]، بل قال: }أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ{ [الأعراف: 12]. فأبى واستكبر، فقال الله له: }فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا{ [الأعراف: 13]. فبعض الناس ظاهره الخير ولكن جريمته في قلبه من كبر وحسد وحقد، وعليه فالإيمان كالخيمة في القلب، وله أطناب، فإن ثبتت الأطناب لم يضره هبوب الريح؛ وإن كانت الأطناب غير ثابتة فبمجرد أن تهب الريح تهدم الخيمة.
وإن سألت عن الهوى والريح فهي جملة الشبهات والشهوات، ومن هنا فالمسلم بحاجة ماسة إلى معرفة مقومات الثبات على الهداية حتى الممات.

وأسباب حسن الخاتمة:

الأول: توفيق الله، فأساس الهداية توفيق الله، «كلكم ضال إلا من هديته»، فمرد الأمر إلى فضل الله، وهل أحدٌ يستطيع أن يعمل بدون توفيق الله وإعانته وتيسيره وتسديده، فالاستقامة على طاعة الله لا يثبت عليها ، ولا يرزقه الاستدامة عليها بشيء أعظم من توفيق الله للعبد، وإذا حرم العبد التوفيق حرم الثبات على طاعة الله والخير، }وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{ [هود: 88].
فأول ما تبدأ به: انزع من قلبك أي منة، وانزع من قلبك الشعور بالحول والقوة، وتبرأ من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته، فالمهتدي دائمًا يخاف من الانتكاس في كل لحظة، فالهداية منة من الله، }بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ{ [الحجرات: 17]، }وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ{ [النحل: 53].