حق المسلم على المسلم (إنما المؤمنون أخوة)

تبين هذه الآية حقوق الأخوَّة في الله هدفها الأوحد تمتين هذه الأخوة في الله ، بين أن يكون المجتمع مفكَّكاً ، بين أن يكون المجتمع متباغضاً ، متحاسداً ، متباعداً ، متنافراً ؛ وبين أن يكون المجتمع متماسكاً كأنه جسدٌ واحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى

من صحيح مسلم عن : أنس

الإيمان بحث ، والإيمان تصديق ، والإيمان اتصال بالله عزَّ وجل ؛ والكفر جهل ، والكفر تكذيب ، والكفر إعراضٌ عن الله عزَّ وجل . هناك بالإيمان جانب فكري ، وهناك جانب تصديقي، وكذلك جانب شعوري ، فالنبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بيَّن الجانب الشعوري فقال

ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ

هذا كلام معناه واضح ، وقد يقول كل واحدٍ منا : نعم الله ورسوله أحب إليَّ مما سواهما . فإذا كان الأمر كلاماً فالقضيَّة سهلة جداً ، لكن ربنا عزَّ وجل يضع المؤمن في امتحانات صعبة ، مصلحته الماديَّة أن يفعل كذا وكذا ، إن رضوان الله عزَّ وجل في أن يدع هذه الصفقة ، فإذا أخذ صفقةً فيها شبهة وآثرها على رضوان الله عزَّ وجل ، يجب أن يعلم علم اليقين أن الله ورسوله ليس أحب إليه مما سواهما . الذي يطيع زوجته ويعصي ربه ليعلم علم اليقين أن الله ورسوله ليس أحب إليه مما سواهما ، الذي يؤثر شهوة ، الذي يؤثر مخالفة ، يؤثر معصية ، يؤثر انحرافاً ، يؤثر تقصيراً على طاعة الله ورسوله ، فهو لا يحب الله ورسوله كحبِّه لهذا الشيء الذي آثره، إذاً نحن الآن أمام مشكلة ، لأن الادعاء سهل جداً
لازلنا في الحب ، لأن إفشاء السلام من أجل الحب ، والحب من أجل أن يمكن المجتمع وتشَدُّ أواصره

وعن معاذٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ *

من سنن الترمذي : عن " معاذ بن جبل

هذا الحب في الله الآن هذا الحب ما الذي يفسده ؟ الذي يدعمه أن تكون مؤمناً ، والذي يدعمه أن تفشي السلام بين إخوانك ، ما الذي يقوِّضه ؟ ما الذي يفسده

قال عليه الصلاة والسلام

الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَخُونُه

قصة الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف

وقفت وسألت نفسي : أيمكن أن يكون الغني أقرب إلى الله من الفقير؟ قلت : نعم . أيمكن أن يكون الفقير أقرب إلى الله من الغني ؟ قلت : نعم . أيمكن أن يكون القوي أقرب إلى الله من الضعيف ؟ نعم . أيمكن أن يكون الضعيف أقرب إلى الله من القوي ؟ نعم . إذا كان الغني أقرب إلى الله تارةً ، والفقير أقرب إلى الله تارةً أخرى ، إذاً الغنى والفقر لا علاقة لهما بالإيمان ، لكن الغنى يوظَّف في الطريق إلى الله عزَّ وجل ، والفقر يوظَّف كذلك الذي نعرفه جميعاً أن المؤمن تشتهي منه الغنى ، وتشتهي منه الفقر ، وتشتهي منه القوة ، وتشتهي منه الضعف ، النبي كان ضعيفاً في الطائف ، وقف الموقف الأديب فقال :

اللهمَّ إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلَّة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا رب المستضعفين إلى من تكلني ؟ إلى عدوٍ ملَّكته أمري ، إن لم يكن بك غضبٌ علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى لكن عافيتك أوسع لي هذا ضعف ، وهو في أعلى درجة من درجات الحب وهو ضعيف ، وحينما فتح مكَّة قال ما تظنون أني فاعل بكم قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم