النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي محمد على باشا الكبير




    محمد على باشا الكبير

    ميلادة وقدومة الى مصر

    ولد في مدينة قولة الساحلية في جنوب مقدونيا عام 1769 لعائلة البانية ، وكان أبوه إبراهيم أغا رئيس الحرس المنوط بخفارة الطويف في البلدة وكان له سبعة عشر ولداً لم يعش منهم سوى محمد علي الذي مات عنه أبوه وهو صغير السن، ثم لم تلبث أمه أن ماتت فصار يتيم الأبوين وهو في الرابعة عشرة من عمره فكفله عمه طوسون الذي مات أيضاً فكفله الشوربجي صديق والده الذي أدرجه في سلك الجندية فأبدى شجاعة وبسالة وحسن نظير وتصرف، فقربه الحاكم وزوجه من أمينة هانم وهي امرأة غنية وجميلة كانت بمثابة طالع السعد عليه، وأنجبت له ابراهيم وطوسون وإسماعيل (وهي أسماء أبوه وعمه وراعيه) وأنجبت له أيضاً بنتين .

    وحين قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدي الفرنسيين كان هو نائب رئيس الكتيبة الالبانية والتي كان قوامها ثلاثمائة جندي، وكان رئيس الكتيبة هو ابن حاكم قولة الذي لم يكد يصل إلى مصر حتي قرر أن يعود إلى بلده فأصبح هو قائد الكتيبة



    وظل في مصر يترقى في مواقعه العسكرية ، وظل يواصل خططه للتخلص من خصومه إلى أن تخلص من خورشيد باشا وأوقع بالمماليك حتى خلا له كرسي الحكم بفضل الدعم الشعبي الذي قاده عمر مكرم




    ولايته :


    هذه الصورة تم تصغيرها . إضغط على هذا الشريط لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي . أبعاد الصورة الأصلية 786x1064 .

    بعد أن إختاره المصريون ليكون والياً على مصر في 17 مايو سنة 1805 قضى علي المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة وكانوا يكونون مراكز قوى ومصدر قلاقل سياسية مما جعل البلد في فوضي. كما قضى علي الانجليز في معركة رشيد وأصبحت مصر تتسم بالإستقرار السياسي لأول مرة تحت ظلال الخلافة العثمانية ، وقد بدأ بتكوين أول جيش نظامي في مصر الحديثة ، وكان بداية للعسكرية المصرية أول مدرسة حربية في اسوان في جنوب مصر بعيد عن الانظار ، ومما ساعده في تكوين هذا الجيش أن أشرف عليه الخبراء الفرنسيين بعد ما حل الجيش الفرنسى في أعقاب هزيمة نابليون في واترلو بروسيا.







    وقد حارب الحجازيين والنجديين وضم الحجاز ونجد لحكمه سنة 1818 ، وإتجه لمحاربة السودانيين عام 1820 والقضاء علي فلول المماليك فى النوبة ، كما ساعد السلطان العثمانى في القضاء على الثورة في اليونان فيما يعرف بحرب المورة ، إلا ان وقوف الدول الاوروبية إلى جانب الثوار في اليونان أدى إلى تحطم الأسطول المصرى ، فعقد اتفاقية لوقف القتال مما أغضب السلطان العثمانى ، وكان قد إنصاع لأمر السلطان العثمانى ودخل هذه الحرب أملا في أن يعطيه السلطان العثمانى بلاد الشام مكافأة له إلا أن السلطان العثمانى خيب آماله بإعطاءه جزيرة كريت والتى رآها تعويضاً ضئيلاً بالنسبة لخسارته في حرب المورة ، ذلك بالاضافة الي بعد الجزيرة عن مركز حكمه في مصر وميل أهلها الدائم للثورة ، وقد عرض على السلطان العثمانى إعطاءه حكم الشام مقابل دفعه لمبلغ من المال إلا أن السلطان رفض لمعرفته بطموحاته وخطورته على حكمه ، وإستغل ظاهرة فرار الفلاحين المصريين الى الشام هرباً من الضرائب و طلب من احمد باشا الجزار والى عكا إعادة الهاربين إليه و حين رفض والي عكا إعادتهم بأعتبارهم رعايا للدولة العثمانية ومن حقهم الذهاب إلى أى مكان استغل ذلك وقام بمهاجمة عكا وتمكن من فتحها وإستولى علي الشام وانتصر علي العثمانيين عام 1833 وكاد أن يستولي على الاستانة العاصمة إلا ان روسيا وفرنسا وبريطانيا حموا السلطان العثمانى فانسحب عنوة ولم يبقى معه سوي سوريا وجزيرة كريت ، وفي سنة 1839 حارب السلطان لكنهم أجبروه علي التراجع في مؤتمر لندن عام 1840 بعد تحطيم إسطوله في نفارين وفرضوا عليه تحديد أعداد الجيش والإقتصار علي حكم مصر لتكون حكماً ذاتياً يتولاه من بعده أكبر أولاده سنا .




    سياسته :


    تمكن من أن يبني من مصر دولة عصرية على النسق الاوروبى ، واستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية بخبراء اوروبيين ومنهم بصفة خاصة السان سيمونيون الفرنسيون الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر ، وكانوا يدعون إلى إقامة مجتمع نموذجي على أساس الصناعة المعتمدة على العلم الحديث ، وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية سياسته التعليمية والتثقيفية الحديثة ، فقد آمن بأنه لن يستطيع أن ينشئ قوة عسكرية على الطراز الاوروبى المتقدم ويزودها بكل التقنيات العصرية وأن يقيم إدارة فعالة واقتصاد مزدهر يدعمها ويحميها إلا بإيجاد تعليم عصري يحل محل التعليم التقليدي ، وهذا التعليم العصري يجب أن يقتبس من اوروبا ، وبالفعل فإنه قام منذ 1809 بإرسال بعثات تعليمية إلى عدة مدن ايطالية ليفورنو ، ميلانو ، فلورنسا ، روما ، وذلك لدراسة العلوم العسكرية وطرق بناء السفن والطباعة ، وأتبعها ببعثات لفرنسا وكان أشهرها بعثة 1826 التي تميز فيها إمامها المفكر والأديب رفاعه رافع الطهطاوى الذي كان له دوره الكبير في مسيرة الحياة الفكرية والتعليمية فى مصر .

    وكانت اسرة محمد على باشا بانفتاحها وتنورها سبب هام لإزدهار مصر وريادتها للعالم العربى منذ ذلك الوقت وقد أنهت تحكم المماليك الشراكسه لمصر واقتصادها .






    انجازاته :

    تعتبر إنجازاته تفوق كل إنجازات الرومان والروم البيزنطيين والمماليك والعثمانيين وذلك لأنه كان طموحا بمصر ومحدثا لها ومحققا لوحدتها الكيانية وجاعلاً المصريين بشتى طوائفهم مشاركين في تحديثها والنهوض بها معتمداً علي الخبراء الفرنسيين ، كما إنه كان واقعياً عندما أرسل البعثات لفرنسا وإستعان بها وبخبراتها التي إكتسبتها من حروب نابليون ، وهو لم يغلق أبواب مصر بل فتحها علي مصراعيها لكل وافد. وإنفتح على العالم ليجلب خبراته لتطوير مصر ، ولأول مرة أصبح التعليم منهجيا. فأنشأ المدارس التقنية ليلتحق خريجوها بالجيش. وأوجد زراعات جديدة كالقطن وبني المصانع وإعتنى بالري وشيد القناطر الخيرية على النيل عند فمي فرعي دمياط ورشيد .

    وعندما استطاع القضاء على المماليك ربط القاهرة بالأقاليم ووضع سياسة تصنيعية وزراعية موسعة. وضبط المعاملات المالية والتجارية والإدارية والزراعية لأول مرة في تاريخ مصر ، وكان جهاز الإدارة أيام محمد علي يهتم أولا بالسخرة وتحصيل الأموال الأميرية وتعقب المتهربين من الضرائب وإلحاق العقاب الرادع بهم ، وكانت الأعمال المالية يتولاها الأرمن والصيارفة كانوا من الأقباط والكتبة من الترك وذلك لأن الرسائل كانت بالتركية ، وكان حكام الأقاليم وأعوانهم يحتكرون حق إلتزام الأطيان الزراعية وحقوق إمتيازات وسائل النقل فكانوا يمتلكون مراكب النقل الجماعي في النيل والترع يما فيها المعديات ، وكان حكام الأقاليم يعيشون في قصور ولديهم خدم عبيد وكانوا يتلقون الرشاوي لتعيين المشايخ في البنادر والقرى ، وكان العبيد الرقيق في قصورهم يعاملون برأفة ورقة ، وكانوا يحررونهم من الرق ، ومنهم من أمتلك الأبعاديات وتولى مناصب عليا بالدولة ، وكان يطلق عليهم الأغوات المعاتيق ، وكانوا بلا عائلات ينتسبون إليها فكانوا يسمون محمد أغا أو عبد الله أغا وأصبحوا يشكلون مجتمع الصفوة الأرستقراطية ويشاركون فيه الأتراك ، وفي قصورهم وبيوتهم كانوا يقتنون العبيد والأسلحة ومنهم من كانوا حكاماً للأقاليم ، وكانوا مع الأعيان المصريين يتقاسمون معهم المنافع المتبادلة ومعظمهم كانوا عاطلين بلا عمل وكثيرون منهم كانوا يتقاضون معاشات من الدولة أو يحصلون على أموال من أطيان الإلتزام وكانوا يعيشون عيشة مرفهة وسط أغلبية محدودة أو معدومة الدخل .

    وكان محمد علي ينظر لمصر على أنها من أملاكة ، فلقد أصدر مرسوما لأحد حكام الأقليم جاء فيه "البلاد الحاصل فيها تأخير في دفع ماعليها من البقايا أو الأموال يضبط مشايخها ويرسلون للومان (السجن) والتنبيه على النظار بذلك ، وليكن معلوماً لكم ولهم أن مالي لايضيع منه شيء بل آخذه من عيونهم" .

    وكان التجار الأجانب ولاسيما اليونانيين والشوام واليهود يحتكرون المحاصيل ويمارسون التجارة بمصر ، ويشاركون الفلاحين في مواشيهم. وكان مشايخ الناحية يعاونونهم على عقد مثل هذه الصفقات وضمان الفلاحين. وكانت عقود المشاركة بين التجار والفلاحين توثق في المحاكم الشرعية. وكان الصيارفة في كل ناحية يعملون لحساب هؤلاء التجار لتأمين حقوقهم لدي الفلاحين، ولهذا كان التجار يضمنون الصيارفة عند تعيينهم لدى السلطات ، ولا سيما في المناطق التي كانوا يتعاملون فيها مع الفلاحين ، وكان التجار يقرضون الفلاحين الأموال قبل جني المحاصيل مقابل إحتكارهم لشراء محاصيلهم ، وكان الفلاحون يسددون ديونهم من هذه المحاصيل ، وكان التجار ليس لهم حق ممارسة التجارة إلا بإذن من الحكومة للحصول على حق هذا الإمتياز لمدة عام ، يسدد عنه الأموال التي تقدرها السلطات وتدفع مقدماً ، لهذا كانت الدولة تحتكر التجارة بشرائها المحاصيل من الفلاجين أو بإعطاء الإمتيازات للتجار ، وكان مشايخ أي ناحبة متعهدين بتوريد الغلال والحبوب كالسمن والزيوت والعسل والزبد لشون الحكومة لتصديرها أو إمداد القاهره والاسكندرية بها أو توريدها للجيش المصري ، ولهذا كان الفلاحون سجناء قراهم لايغادرونها أو يسافرون إلا بإذن كتابي من الحكومة ، وكان الفلاحون يهربون من السخرة في مشروعات محمد علي أو من الضرائب المجحفة أو من الجهادية ، وكان من بين الفارين المشايخ بالقري لأنهم كانوا غير قادرين على تسديد مديونية الحكومة . ورغم وعود محمد علي إلا أن الآلاف فروا للقري المجاورة أو لاذوا لدى العربان البدو أو بالمدن الكبرى ، وهذا ماجعل محمد علي يصدر مرسوماً جاء فيه "بأن علي المتسحبين (الفارين أو المتسربين) العودة لقراهم في شهر رمضان 1251 هـ - 1835 وإلا أعدموا بعدها بالصلب كل علي باب داره أو دواره" ، وفي سنة 1845 أصدر ديوان المالية لائحة الأنفار المتسحبين ، هددت فيها مشايخ البلاد بالقري لتهاونهم وأمرت جهات الضبطية بضبطهم ومن يتقاعس عن ضبطهم سيعاقب عقابا جسيما .

    وتبني محمد علي السياسة التصنيعية لكثير من الصناعات ، فقد أقام مصانع للنسيج ومعاصر الزيوت ومصانع الحصير ، وكانت هذه الصناعة منتشرة في القرى إلا أن محمد علي إحتكرها وقضي على هذه الصناعات الصغيرة ضمن سياسة الإحتكار وقتها ، وأصبح العمال يعملون في مصانع الباشا ، لكن الحكومة كانت تشتري غزل الكتان من الأهالي ، وكانت هذه المصانع الجديدة يتولى إدارتها يهود وأقباط وأرمن ، ثم لجأ محمد علي لإعطاء حق امتياز إدارة هذه المصانع للشوام ، لكن كانت المنسوجات تباع في وكالاته ( كالقطاع العام حاليا ) ، وكان الفلاحون يعملون عنوة وبالسخرة في هذه المصانع ، فكانوا يفرون وبقبض عليهم الشرطة ويعيدونهم للمصانع ثانية ، وكانوا يحجزونهم في سجون داخل المصانع حتي لايفروا ، وكانت أجورهم متدنية للغاية وتخصم منها الضرائب ، كما كانت تجند الفتيات ليعملن في هذه المصانع وكن يهربن أيضا .







    وكانت السياسة العامة لحكومة محمد علي تطبيق سياسة الإحتكار وكان على الفلاحين تقديم محاصيلهم ومصنوعاتهم بالكامل لشون الحكومة بكل ناحية وبالأسعار التي تحددها الحكومة ، وكل شونه كان لها ناظر وصراف و قباني ليزن القطن وكيال ليكيل القمح ، وكانت تنقل هذه المحاصيل لمينائي الإسكندرية وبولاق بالقاهرة ، وكانت الجمال تحملها من الشون للموردات بالنيل لتحملها المراكب لبولاق حيث كانت تنقل لمخازن الجهادية أو للإسكندرية لتصديرها للخارج ، وكان يترك جزء منها للتجار والمتسببين (البائعين ) بقدر حاجاتهم ، وكانت نظارة الجهادية تحدد حصتها من العدس والفريك والوقود والسمن والزيوت لزوم العساكر في مصر والشام وأفريقيا وكانت توضع بالمخازن بالقلعة ، وكان مخزنجية الشون الجهادية يرسلون الزيت والسمن في بلاليص والقمح في أجولة .


    وكان ضمن سياسته لاحتكار الزراعة تحديد نوع زراعة المحاصيل والأقاليم التي تزرعها ، وكان قد جلب زراعة القطن والسمسم ، كما كان يحدد أسعار شراء المحاصيل التي كان ملتزما بها الفلاحون ، وكان التجار ملتزمين أيضا بأسعار بيعها ، ومن كان يخالف التسعيرة يسجن مؤبد أو يعدم ، وكان قد أرسل لحكام الأقاليم أمراً جاء فيه "من الآن فصاعدا من تجاسر علي زيادة الأسعارعليكم حالا تربطوه وترسلوه لنا لأجل مجازاته بالإعدام لعدم تعطيل أسباب عباد الله" ، وكانت الدولة تختم الأقمشة حتي لايقوم آخرون بنسجها سراً ، وكان البصاصون يجوبون الأسواق للتفتيش وضبط المخالفين ، وكان محمد علي يتلاعب في الغلال وكان يصدرها لأوربا لتحقيق دخلاً أعلى ، وكان يخفض كمياتها في مصر والآستانة رغم الحظر الذي فرضه عليه السلطان بعدم خروج الغلال خارج الإمبراطورية .


  2. #2
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي

    القناطر الخيرية فى عهد محمد على :

    كانت أراضى الوجه البحرى إلى أوائل القرن التاسع عشر تروى بطريق الحياض كرى الوجه القبلى ، فلا يزرع فيها إلا الشتوى ، ولا يزرع الصيفى إلا على شواطئ النيل أو الترع القليلة المشتقة منه ، وقد أخذ محمد على فى تغيير هذا النظام تدريجاً ، إذ أخذ فى شق الترع وتطهيرها وإقامة الجسور على شاطئ النيل ليضمن توفير مباه الرى فى معظم السنة ، وصارت الترع تروى الأراضى فى غير أوقات الفيضان جهد المستطاع ، ولاسيما بعد إقامة القناطر عليها ، وقد توج محمد على أعمال الرى التى أقامها بإنشاء "القناطر الخيرية" واسمها يغنى غن التعريف ، فإنها قوام نظام الرى الصيفى فى الوجه البحرى ، وهى وإن كانت آخر أعماله فى الرى إلا أنها أعظمها نفعاً وأجلها شأناً وأبقاها على الدهر أثراً ، وقد فكر فيها بعد ما شاهد بنفسه فوائد القناطر التى أنشأها على الترع المصرية العديدة ، ورأى أن كميات عظيمة من مياه الفيضان تضيع هدراً فى البحر ، ثم تفتقر الأراضى إلى مياه الرى أن كميات عظيمة من خلال السنة فلا تجد كفايتها منها ، فاعتزم ضبط مياه النيل للانتفاع بها زمن التحاريق ولإحياء الزراعة الصيفية فى الدلتا ، وذلك بإنشاء قناطر كبرى فى نقطة انفراج فرعى النيل المعروفة ببطن البقرة .

    عهد محمد على بدراسة هذا المشروع إلى جماعة من كبار المهندسين ، منهم المسيولينان دى بلفون ( لينان باشا) كبير مهندسيه ، فوضع له تصميماً وشرع فى العمل وفقاً لهذا التصميم سنة 1834 ثم ترك لوقت آخر ، وعندما اعتزم محمد على استئناف العمل استرشد بمهندس فرنسى آخر وهو المسيو موجيل بك Mougel إذ أعجبته منه مقدرته الهندسية فى إنشاء حوض السفن بميناء الاسكندرية ، فعهد إليه وضع تصميم إقامة القناطر الخيرية ، فقدم مشروعاً يختلف عن تصميم المسيو لينان .

    فالمسيولينان كان يرى إنشاء القناطر على الأرض اليابسة بعيداً عن المجرى الأصلى للفرعين، واختار لذلك قطعتين بين متلوين من متلويات فرعى النيل حتى إذا تم إنشاؤها حول الفرعين إليها بحفر مجريين جديدين ،ولكن مشروع موجيل بك بقتضى إقامة القناطر مباشرة فى حوض النهر .

    ويتألف المشروع من قنطرتين كبيرتين على فرعى النيل يوصل بينهما برصف كبير ، وشق ترع ثلاث كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر لتغذية الدلتا ، وهى الرياحات الثلاثة المعروفة برياح المنوفية ورياح البحيرة ورياح الشرقية الذى عرف بالتوفيقى لأنه أنشئ فى عهد الخديو توفيق باشا .

    وقد شرع فى العمل على قاعدة تصميم موجيل بك وبمعاونة مصطفى بهجت ( باشا ) ومظهر (باشا) المهندسين الكبيرين المتخرجين من البعثات العلمية .

    ووضع محمد على باشا الحجر الأساسى للقناطر الخيرية فى احتفال فخم يوم الجمعة 23 ربيع الثانى سنة 1263 ( سنة 1847) ، وكانت مدة حكمه إلى ذلك العهد 43 سنة ، ولكن العمل كان قد بدأ قبل ذلك ، واستمر العمل لإنفاذ المشروع ، ثم اعتراه البطءوالتراخى لما أصاب همة الحكومة من الفتور فى أخريات أيام محمد على ، ثم توقف العمل بعد وفاته أثناء ولاية عباس الأول بحجة أن حالة الخزانة لا تسمح ببذل النفقات الطائلة التى يتكفلها إنفاذ المشروع ، وقد تم بناء القناطر وأنشئ رياح المنوفية فى عهد سعيد باشا .





    بعض انجازات محمد على باشا فى مختلف المجالات فى مصر :

    انشاء مدارس وتعليم ابناء البلد المصريين .

    انشاء المدارس العليا التى تساوى الجامعات كمدرسة المهندسخانه ومدرسة الطب .

    انشاء جيش كان اقوى من جيش الدولة العثمانية كلها مما اغضب اروبا واقلقها منه واتفقت على تحجيمه بمعاهدة لندن التى حدت من نفوذ مصر الى داخل حدودها و هذا الجيش الذى هزم اسطول الامبراطورية العثمانية كلها وكان على ابواب الاستانه ولو اتفاق اوربا مع رجل اروربا العجوز لعادت الخلافة الاسلامية اقوى خلافه واصبح عصره عصرا ذهبيا ومع العلم كان الجيش من المصريين .

    اعاد توزيع الارض بواقع خمسة افندنه للفلاح فيما يعرف باكبر اصلاح رزاعى شهده العالم ومع تمليك المصريين واعطاهم الصلاحيات لامتلاك المزيد .

    اعاد الاهتمام بالنيل ورمم مقياس النيل وحفر القنوات مثل الابراهيمية وبحر يوسف .

    زادت الرقعه الزراعية الى ملايين الافندنه بفضل سياسته الاصلاحية وانشاء القناطر الخيرية التى احيات الدلتا بعد ان سارت خرائب .

    اعاد التقسيم الادارى لمصر واهتم بتقسيم الصعيد الى مديرات واعاد الحياة له .

    انشاء الوزرات والدواوين .

    تخلص من المماليك الذين اصبحوا عبأ على الدولة .

    اعاد فتح السودان وضمة الى مصر وانشا الخرطوم مع العلم اخى الفاضل ان السودان اكبر بلد عربى حاليا وحاول اكتشاف منابع النيل واستثمار خيرات السودان .

    من عبقريته استيراد انواع غير مالوفه من الزراعات مثل القطن وزرعه بمصر والسودان وهو عماد الاقتصاد المصرى الذى يعرف باسم القطن المصرى .

    ارسال البعثات الى الخارج و الاهتمام بالترجمه والتى توقفت منذ عهد العباسيين .

    محبتة لعلماء الازهر ورعايته لعلماء الدين .

    احضر المطبعه وانشا اول جريده باللغه العربيه الوقائع المصريه والاهرام .

    كانت مصر ملاذ الهاربون من طغيان العثمانين .

    انشاء المستشفيات وعالج الامراض وردم المستقعات .






    عزله ووفاته :



    عزله أبناؤه في سبتمبر عام 1848 لأنه قد أصيب بالخرف. ومات بالإسكندرية في أغسطس 1849 ودفن بجامعه بالقلعة بالقاهرة .




    قصر محمد على :




    نشرت جريدة الأهرام القاهرية بتاريخ 12/7/2005 م عن أعادة أفتتاح قصر محمد على ، فى ‏9‏ يوليو‏1805‏ أمر محمد على ببناء قصراً على النظام التركى بشبرا من قصور الحدائق التي شاعت في تركيا وظل هذا القصر قائما حتى الآن بالرغم من مرور ‏200‏ سنة على بناءه وقد اتخذه محمد على مقرا لإقامته بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم وقام الرئيس حسني مبارك بإفتتاحه خلال أيام بعد انتهاء وزارة الثقافة من أعمال ترميمه المعماري الدقيق بتكلفة ‏50‏ مليون جنيه‏ ، جوهر تصميم القصر حديقة ضخمة تضم مباني بطرز مختلفة يطلق عليها أكشاك أو سرايات‏ .‏













  3. #3
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي

    وكانت أولي المنشآت التى أقيمت هى سراي الإقامة ‏1808م وقد أزيلت لشق طريق زراعي ،‏ وسراي الساقية ‏1811م ، وسراي الفسقية‏1821م ،‏ وسراي الجبلاية 1836م ، وسراي الفسقية التي ستتم فيها الاحتفالات الرسمية الكبري ،‏ وقد تم إنشاء مهبط للطائرات خارجها‏ ،‏ وتتكون من مبني مستطيل ‏76‏ مترا ونصف المتر في‏88‏ مترا ونصف المتر ، أما التصميم الداخلي للسراي ففريد من نوعه ،‏ حيث يعتمد علي كتلة محورية عبارة عن حوض ماء كبير‏مساحته 61‏ مترا في ‏45‏ مترا ونصف المتر ،‏ وبعمق ‏2,5‏ متر ،‏ مبطن بالرخام المرمر الأبيض ‏، كما يتوسط الحوض نافورة كبيرة تحمل علي تماثيل لتماسيح ضخمة يخرج الماء من أفواهها‏ ، وفي أركان الحوض أربع نافورات ركنية ‏،‏ ويلتف حول حوض الفسقية رواق يطل علي الحوض ببواكي من أعمدة رخامية يبلغ عددها مائة عمود‏ رخامى ، وتتوسط أضلاع الرواق جواسق تبرز واجهتها داخل حوض الفسقية‏ ،‏ ويغطي الجواسق قباب زينت بموضوعات تصويرية وزخرفية متعددة ‏.




    وقال فاروق حسني وزير الثقافة ان القصر سيتم تحويله إلي متحف وقصر لاستقبالات الدولة الكبري .

    وكانت الثورة قد حولت هذا الأثر الفريد إلى كلية الزراعه ومعهد كانت مرحلة فك الاشتباك بين مباني القصر، ومباني كلية الزراعة ، ومعهد التعاون الزراعي ، وهو ما استلزم انعقاد عشرات اللجان للتفاوض حول ازالة حوالي خمسين مبني تابعا للمعهد والكلية عبارة عن مزارع دواجن وارانب ، ومبان دراسية وصوبات ، بل وحظائر لتربية العجول ، ومما هو جدير بالذكر أن مبانى جامعة عين شمس أصلاً كلنت قصراً من قصور الملكية ، وقد صرفت حكومة مصر 50 مليون جنيه لإرجاع القصر إلى رونقة حتى يكون أثراً يستحق موجودا من ضمن خريطة آثار مصر السياحية زيارة السياح ويدر دخلاً لمصر .



    وبالعودة إلى عصر محمد على فإن التنظيم العمرانى فى مصر بدأ منذ تولى محمد على حكم مصر وتم عبر مرحلتين ، الاولى عرفت باسم مشروع الاحياء وتضمنت ردم البرك والمستنقعات وشق طرق جديدة لتسهيل حركة المواصلات داخل المدينة وزيادة الامتداد العمرانى شمالا ومن ناحية منطقة شبرا ، فضلا عن انشاء احياء باب اللوق والحلمية ، بالاضافة الى إزالة السدود الترابية التى كانت تقام على النيل لمنع الفيضان ، مثل تل العقارب الذى ازيل واقيم مكانه حى جاردن سيتى الحالى .

    وكان المشروع الثانى طموحا وسمى بمشروع باريس الشرق الذى طبق فيه الفكر الذى اتبع فى تصميم مدينة باريس فانشىء حى الاسماعيلية ميدان التحرير حاليا ولكن تأخر تنفيذه الى فترة عهد الخديو اسماعيل .



    وقد بدأ محمد على بناء قصره فى شهر ذي الحجة سنة 1223هـ وأشرف على الانشاء مشيد عمائره ذو الفقار كتخدا على طراز معمارى لم تألفه مصر من قبل ، وساعدت المساحة الشاسعة للموقع الجديد على اختيار طراز معمارى من تركيا ، هو طراز قصور الحدائق والذى شاع وقتها هناك على شواطئ البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة والذى يعتمد على الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد ، وتتناثر بها عدة مبان ، كل منها يحمل صفات معمارية خاصة ويطلق عليها اسم اكشاك او سرايات .

    وكان أول منشآت هذا القصر هو سراى الاقامة وكان موضعها وسط طريق الكورنيش الحالي ، وكان ملحقا بها عدة مبان خشبية لموظفى دواوين القصر والحراسة ، اضافة الى مرسى للمراكب على النيل ، الا ان هذا القصر ازيل فى عهد الملك فاروق الأول عندما تم شق الطريق الزراعى ، وفى عام 1821 اضيفت الى حديقة القصر سراى الفسقية التي مازالت باقية حتي الآن ، ووضع تصميمها مسيو دروفتى قنصل فرنسا فى مصر وقتها وقام بتنفيذها المهندس الفرنسى باسكال كوسيف وبعد ذلك بسنوات اضيفت الى حديقة القصر سراى الجبلاية



    وكانت شبرا فى ذلك الوقت مجرد قرية زراعية من قرى الريف المصرى ، تقع فى الضاحية الشمالية للقاهرة القديمة ، وهى الان تقع فى نطاق القاهرة الكبرى وتمتد من قليوب شمالا وحتى جنوب مدينة الجيزة ، والاسم الاصلى لها هو شبرو كما ذكر المقدسى واوردها الادريسى باسم شبره واوردها بن وقمان ، وابن الجيعان بأسم شبرا الخيمة وشبرا الشهيد وفى كتب أخرى باسم شبرا القاهرة .

    وقد حظيت منطقة شبرا بعناية محمد على منذ توليه حكم مصر سنة 1805 وشرع فى بناء قصره فى هذه الجهة التى كانت تمتد من ساحل النيل غربا وحتى ما كان يعرف ببركة الحاج شرقا وعقب بناء القصر تم تعميرها بانشاء المبانى الفخمة والمتنزهات بالاضافة الى تمهيد الطريق من القاهرة الى شبرا وزرعت علي جانبيه الاشجار وسمى وقتها باسم جسر شبرا

  4. #4
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي



    ويكفينا ان نمر فى عجالة قصيرة على مانشىء فى عهد محمد على من ترع وجسور وقناطر اهمها القناطر الخيرية ، وتوسيع نطاق الزراعة والانقلاب فى زراعة القطن الذى يعتبر عماد الثروة فى مصر ، وزراعة الزيتون والنيلة والخشخاش ، وكذلك انشاء مصانع الغزل والنسج والجوخ والحرير والصوف والكتان والحبال والطرابيش ، ومعامل سبك الحديد والالواح النحاسية ، والسكر والصابون ، لندرك مدى ماكانت عليه سياسة مصر العسكرية من سعة افاق اهدافها التى كانت ترمى الى جعلها دولة صناعية زراعية نامية الثروة زاهية العمران زاخرى القوى العسكرية ، يمكنها ان تحقق مبدأ الكفاية الذاتية لقواتها لتصون استقلالها .

    وليس ادل على ماجنته مصر من ثروة ورخاء بفضل هذه السياسة الحكيمة من قول محمد محمد على للقنصل الفرنسى " ميمو " عندما انذره بتدخل اوربا :

    ( وتخطىء اوربا خطأ اخر بأعتقادها انى فى حاجة الى مال ، واكبر دليل على عدم صحة هذا الاعتقاد اننى لا ابيع محصول القطن ، مع انه من اهم موارد مصر ، وجنودى يقبضون مرتباتهم بأنتظام ، وانى لااعقد قرضا ما فى بلاد ما ، ولست مدينا لأحد بشئ ) .

    السنا نلمس بوضوح وجلاء عبقرية محمد على الفذة ، التى اضحى الجيش المصرى بفضلها اكبر دعامة لأستقلال البلاد ؟ ، وانه ليكفينا ان نعلم ان تعداد الجيش فى عام 1831 بلغ 70.000 مقاتل ، ثم بلغ فى عام 1833 حوالى 194.032 مقاتل بينهم 25.143 من البحارة وعمال الترسانات البحرية ، وفى عام 1839 زاد الى 235.880 مقاتل .



    الجيش قبل محمد على :


    الان لنعد الى الوراء لنرى حالة القوات العسكرية قبل محمد على ...
    كانت مؤلفة من عناصر تميل بطبيعتها الى الشغب والفوضى ، فمعظمها من الاكراد والالبان والشراكسة الذين يطلق عليها لفظة ( باشبوزق ) اى الجنود غير النظاميين ، ولم تكن لمثل تلك المجموعة المختلطة من الاجناس الغربية عن مصر الشعور القومى الذى يشعر به ابناء البلاد ، وكان تنظيم هذه القوات خاضعا للانقلابات السياسية التى املتها الثورات فى الولايات العثمانية والمعارك والاختلافات التى الفتها حياة المماليك اثناء القرن الثامن عشر .

    ويضاف الى تلك القوات جماعات من الاعراب الذين كانوا يهددون الامن فى بعض الاقاليم ، ولم تكن هذه القوات فى مجموعها خاضعة لنظام عام او تدريب ثابت منسق ، وانما كانت اعمالها عبارة عن حرب عصابات وحرم كر وفر .


    خلق الجيش الحديث :
    رأى محمد على ان هذا الجيش لايعتمد عليه فى تحقيق مشروعاته العظيمه لتأسيس ملكه الجديد ، فبذل جهده فى انشاء جيش من الفلاحين ابناء البلد ، وقد اتيحت لمحمد على الفرصه ليشهد الجيوش الاجنبية فى قتالها ، فقاتل الفرنسيين فى معركة الرحمانية ، واستطاع ان يشهد نظامها الحديث ، وتكتيكاتها وقارن بين هذا وبين الحالة التى عليها الجيش ، فصمم على ان يستبدل جنوده غير النظامية بجيش على النظام العسكرى الحديث متى سمحت الفرصة لذلك ، وقد كان يعلم تماما صعوبة هذه المهمة لتغلغل الروح الرجعية فى الاهالى ورفضهم لكل جديد وخصوصا اذا جاء على يد الاجانب ، اضف الى ذلك ان حالة اهل مصر كانت تدب فيها الفوضى والاهمال منذ عهد طويل تحت حكم الاتراك والمماليك ، ولذلك لم ير من الحكمة التعجل فى تنفيذ مشروعة .

    مدرسة اسوان الحربية :

    بعد عام 1815 كانت حروب نابليون قد انتهت وسرحت جيوشة ، واصبح كثيرون من ضباطه بلا عمل ، فأستقدم محمد على منهم كثيرين واشهرهم " سيف " الذى اصبح فيما بعد " سليمان باشا الفرنساوى " .

    اخذ سيف على عاتقه انشاء جيش مصرى حديث ، فأستصدر امرا من محمد على باشا فى 8 اغسطس سنة 1821 بأنشاء مدرسة اسوان الحربية ، بدأ فيها بتعليم العدد الضرورى لتولى مهمة مهمة ضباط الجيش ، وجمع له محمد على لهذا الغرض الفا من المماليك الشبان الذين تألفت منهم نواة الجيش المصرى ، وكان برنامج التعليم الموضوع يستغرق ثلاث سنوات تقريبا ، وليس ادل على اهتمام محمد على بأمر هذه المدرسة وعلى مقدار ماكان يعلقه عليها من امال من هذه الرسالة التى وجهها فى 12 محرم سنة 1238 هـ ( 29 سبتمبر 1822 ) الى نواة ضباط جيشه الجديد بأسوان والتى تنبئ عما فى مكنون نفسه للنهوض بدولته الجديدة .

    ( اليكم يامفاخر الاماثل والاقران بكباشية جنودنا الجاهدية المقيمين فى اسوان وضباطهم من رتبة الصاغ قول اغاسى واليوزباشى والملازمين وحاملى الاعلام والضباط الاخرين : نبلغكم ان سلك الجهادية الشريف هو اعز المسالك واكرمها من الوجهتين الدينية والشعبية ، وان الشئون الحربية هى اهم الشئون والمصالح بالنسبة للحكومة والوطن ، وقد اثنى الله سبحانه وتعالى احسن الثناء على من سلكوا هذا المسلك القويم ، لقد واتاكم السعد ونالكم الخظ الاوفر وامدكم التوفيق الازلى ، فجاء كل منكم واصبح مظهرا للعطف والعناية ، ومصدرا للشرف والسعادة كل على قدرها ، وتراعوا حقوقها ، لهذا التقدير وهذه المراعاة لايكونان مرة اخرى الا اذا تركتم عاداتكم التى كنتم مطبوعين عليها ونبذتموها ظهريا ، وتشبثتم بقواعد المسلك الجديد والحمد لله ، فكل منكم محترم الجانب مرعى الخاطر ، وكل قوانينكم ونظمكم موافقة ، فأرجعوا الى انفسكم ، واقرأوا ضمائركم واعملوا بمقتضى الرجولة ، وليقم كل منكم بذل همته فى امور تعليم وتدريب الموجودين فى اورطتكم ، ولايهملن فى ذلك ، وليسع الى ان يكون كل شىء منظما احسن نظام وفقا لقوانينكم وقواعدكم المقررة ، اما ناظركم محمد بك فهو رجلى الامين الوفى ، وهو ناظركم الرؤف بكم كأنه ابوكم ، فرضاؤه رضائى وارادته ارادتى ، فلا تخرجوا عن رأيه ولاتنحرفوا عن طاعته ولاتحيدوا عن ادراته بأى حال من الاحوال .... الخ ) .

    وقد ضرب محمد على مثلا عاليا اذ الحق ابنه ابراهيم بهذه المدرسة ليتعلم كواحد من طلبتها ، وكان هذا من اكبر عوامل نجاح المشروع ، ولايفوتنا ان نذكر ان هناك حادثة صغيرة كان فيها ابراهيم مثلا للطاعة والنظام ، فقد اتفق ان ( سيف ) كان يمر ذات يوم هو ومن معه من الضباط فأتخذ ابراهيم موقفه فى اول الصف مع انه كان اقصرهم قامة ، فأمسك سيف يده وارجعه الى اخر الصف الذى يتفق مع قامته ، فأمتثل ابراهيم ولم يعترض ، فضرب بذلك مثلا فى تقبل الروح العسكرية الحديثة .

    وقد نقلت هذه المدرسة من اسوان الى اسنا ثم الى اخميم ثم الى بنى عدى ثم الى اثر النبى ، واستدعى محمد على باشا نخبة من الضباط الفرنسيين ، منهم الجنرال بواييه والكولونيل جودان ، وكان لهم اثر واضح فى التدريب الحديث على نمط الجيش الفرنسى فى اداء الحركات والسير والمناورات فيما عدا النداء فكان يصدر باللغة التركية ، وطبقت على الجيش المصرى قوانين الجيش الفرنسى بعد ترجمة القوانين العسكرية الى التركية للعمل بموادها .

    التجنيد :

    كانت حركة التجنيد قائمه على قدم وساق فى جميع انحاء البلاد ، ولم يأت عام 1823 حتى تألفت الاورط الست الاولى فى الجيش المصرى ، وعين الالف ضابط الذين تم تدريبهم بمدرسة اسوان الحربية ضباطا فى هذه الاورط .

    استمرت سياسة التجنيد والتعليم فى تزايد واتساع حتى وجد فى معسكر بنى عدى فى يوم من الايام المجيدة ثلاثون اورطة بكل واحدة منها 800 جندى .

    وقد برهن الجنود المصريون فى جميع المعارك الاولى التى اشتركوا فيها على انهم مقاتلون اكفاء من الطراز الاول ، وابدوا من البسالة والاقدام والصبر ماكان حديث المؤرخين ، وشهد به الاجانب والقناصل .

    وقد اراد محمد على باشا ان يعرب عن تقديره لهم فأنعم بالميداليات الذهبية والفضية على كثير من جنود الالاى الثانى بعد عودته من حرب الحجاز فى اكتوبر 1826 تشجيعا لهم وتقديرا لبسالتهم ، وامر بأن يقيم الالاى فى القاهره ليكون حامية لها .

    المعاهد العسكرية :

    رأى محمد على باشا ان ينظم التعليم العسكرى فى مصر ، فأمر بتأليف مجلس يشرف على شئون التعليم والتدريب وسماه ( قومسيون المدارس العسكرية ) وكان يتألف من ناظر الجهادية رئيسا وعضوية قادة الالايات وغيرهم .

    مدرسة قصر العينى :

    ووجه محمد على باشا نظره الى ناحية الاعداد والتجهيز ، فأنشأ مدرسة قصر العينى سنة 1825 ، وكان عدد تلاميذ هذه المدرسة يتراوح بين الخمسمائه والستمائه من ابناء الاتراك والمصريين ، وتتفاوت اعمارهم بين الثانية عشر والسادسة عشر ، وكانت هذه المدرسة تقوم بمرحلة التعليم الاعداى ، يتلقى فيها الطلبة اللغات العربية والتركية والايطالية والرسم والحساب والهندسة ، وبعد اتمام الدراسة فيها يوزع الخريجون على مختلف مدارس الجيش العالية التى سيأتى الحديث عنها ، وقد توسع محمد على فى هذه المدارس وزاد عدد طلبتها لأجابة طالب الجيش حتى بلغ عدد تلاميذها فى عام 1834 الف ومائتين .

    مدرسة البيادة بالخنقاه :

    علاوة على مدرسة اسوان الحربية السابق ذكرها ، انشأ محمد على فى عام 1832 فى الخانقاه هذه المدرسة ، وذلك تبعا لمقتضيات التوسع فى الجيش ، وانتقلت بعد سنتين الى دمياط ، وكان عدد طلبتها 400 من المصريين يمكثون فيها ثلاث سنوات ، ويتعلمون فيها التمرينات والادارة العسكرية واللغات العربية والتركية والفارسية والطبوغرافيا ورسم الخطط والاسلحة والشئون الادارية والرسم والهندسة والرياضة البدينة ، وقد عهد بأدارتها الى الضابط ( يولونينو ) من ضباط نابليون ، ثم تولى ادارتها بعده يوسف اغا .

    مدرسة اركان الحرب :

    انشئت هذه المدرسة فى 15 اكتوبر 1825 للدراسات العليا بقرية جهاد اباد بقرب الخانقاه بمشورة عثمان نور الدين افندى ، وقام على تأسيسها الكابتن ( جول بلانا ) الفرنسى ، واقيم للمدرسة بناء جميل ومنازل على النمط الحديث ، وكانت نواتها الاولى 18 ضابطا ، وكان بها بعض المدرسين الاجانب ، وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات ، ويعين خريجوها اركان حرب فى الوحدات الفنية فى الجيش .

    مدرسة المدفعية بطره :

    تأسست عام 1831 وانتخب لها 300 من خريجى مدرسة قصر العينى التجهيزية لدراسة فن المدفعية والتدريب على مختلف انواع مدافع الميدان والهاون ، وكانت المواد التى تدرس فى المدرسة هى الرياضيات والكيمياء والرسم والاستحكامات ولغة اجنبية واللغة العربية والتركية علاوة على فن المدفعية والمساحة .

    وقد وزع خريجوا هذه المدرسة على وحدات المدفعية بالجيش وخصص بعضهم للعمل بمدفعية الاسطول .

    مدرسة السوارى بالجيزة :

    انشئت فى الجيزة عام 1831 وعهد بها الى المسيو ( فاران ) الذى كان ضابط اركان حرب المارشال ( جوفيون سان سير ) وكان عدد طلبتها 200 من خريجى المدرسة التجهيزية وغيرهم ، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات او اربع ، يتلقى فيها الطلبة فنون الفروسية وركوب الخيل واللغات علاوة على باقى العلوم العسكرية المتقدمة ، وكان لهم مدرب المانى اسمه ( الهر . م . بير ) لتدريبهم على فنون الفروسية .

    مدرسة الطب والمستشفى العسكرى :

    شيدت بين الخانقاه وابى زعبل ، وعهد بشئونها الى الدكتور ( كلوت بك ) رئيس اطباء الجيش ، والتحق بها 140 طالبا يدرسون الطب ، وخمسون لدراسة فن الصيدلة ، وكان بالمستشفى 730 سريرا للمرضى من رجال الجيش ، وانشئ مجلس صحى للاشراف على الصحة العامة ، واختيار الاطباء والصيادلة للجيش بعد امتحانهم .

    مدرسة الطب البيطرى :

    شيدت بجوار المستشفى العسكرى لدراسة الطب البيطرى عام 1837 ، والحق بها 120 طالبا ، وقد تولى ادارتها مصريون بعد المسيو ( هامون ) وحتى عام 1849 ، ونقلت هذه المدرسة فيما بعد الى شبرا .

    مدرسة الهندسة العسكرية :

    انشئت فى عام 1844 فى بولاق ، وكان طلبتها يتخصصون فى اعمال هندسة الترع والالغام والكبارى والطرق والاستحكامات .

    مدرسة الموسيقى العسكرية :

    انشئت فى قرية جهاد اباد ، وكان عدد طلبتها 200 ، ثم نقلت الى الخانقاه ، وانشئت مدرس اخرى للموسيقى فى القلعة واثر النبى .

    مدارس الوحدات ... محو الامية :

    عنى محمد على بأمر تعليم جنود الجيش ، فألحقت مدارس بوحدا تالجيش المختلفة والاسطول لتعليم القراءه والكتابة والحساب للجنود ، وكانت الحكومة تشجع المتفوقين منهم بترقيتهم قبل اقرانهم .

    البعوث العسكرية :

    وجد محمد على بعد خلق النظام العسكرى الحديث فى مصر وتأسيس هذه المدارس الحربية والمؤسسات التى لاغنى عنها لجيش وطنى ، انه لايزال فى حاجة ماسة الى الاجانب الذين استقدمهم لمعاونته فى هذا الشأن ، ولكن نفسه الطموحه دفعته الى التفكير فى تمصير التعليم فى الجيش المصرى ، فعمل على ايفاد البعوث من الشبان الذين اهلتهم معاهد العلم فى مصر الى اوربا ليتموا دراستهم بها ، ويعودوا لتولى المراكز الهامة فى التعليم العسكرى .

    الصحافة العسكرية :

    عنى محمد على بالصحافة العسكرية والمطبوعات فأنشأ المطبعة الاميرية او مطبعة صاحب السعاده فى عام 1819 ، وكانت تقوم بطبع مايحتاج اليه الجيش من الكتب اللازمه للتعليم ونشر ماينبغى نشره من القوانين والتعليمات العسكرية ، ومن اجل هذه المطبعة حاول محمد على ان ينشئ صناعة الورق على ضفاف النيل كما كان ايام الفراعنة ، واستطاع ان يجعله صناعه وطنية فيما بعد ، وكان المصنع ( الكاغدخانة ) يخرج بعض اصناف الورق ، وكانت مصر تصدر منه الى المغرب واليمن والحجاز ، وبجانب مطبعة بولاق كانت للجيش مطابع خاصة واهمها مطبعة المدفعية بطره ، واخرى لمدرسة الطب فى ابى زعبل وثالثة فى مدرسة الفرسان بالجيزة ، ومطبعة القلعة الخاصة ( بجرنال الخديوى ) ، ثم اصدر محمد على الوقائع المصرية فى عام 1829 وكانت توزع على ضباط الجيش .

    الصناعات الحربية :

    رأى محمد على ان انشاء جيش مصرى حديث لايقام الا بأن يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمعدات فى داخل البلاد ، لأن الاعتماد على جلب العتاد من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطنى للخطر ، ويجعل الجيش والبلاد بأسرها تحت رحمة الدول الاجنبية التى تتحكم فى تموينه بهذه المستلزمات الضرورية لكيانه .

    لذا هدفت سياسته الى انشاء مصانع الاسلحة فى مصر كى تكون مطالب الجيش منها متوفرة دواما ومناسبه لما يتطلبه التسليح .

    ترسانة القلعة :

    وكان اول مااتجه اليه التفكير هو انشاء ترسانة القلعة لصناعة الاسلحة وصب المدافع ، وقد اتسمت ارجاؤها ولاسيما بعد عام 1827 ، وكان اهم مصانع الترسانه واكثرها عملا هو معمل صب المدافع الذى كان يصنع كل شهر ثلاثة مدافع ميدان او اربعة من عيار ثمانية ارطال ، وصنعت فيه مدافع الهاون عيار 8 بوصة وعيار 24 بوصة ، وكان يشرف على ادارة هذه الترسانة العظيمه احد ضباط المدفعية الاكفاء وهو اللواء ابراهيم باشا ادهم ، وقد اشتغل 900 عامل فى معامل الاسلحة وكانت تنتج فى الشهر الواحد من 600 الى 650 بندقية ، وكانت البندقية الواحدة تتكلف 12 قرشا .

    وفى مصنع اخر كانت تصنع زنادات البنادق وسيوف الفرسان ورماحهم وحمائل السيوف واللجم والسروج وملحقاتها من صناديق المفرقعات ، ومواسير البنادق ، ولما زار المارشال ( مارمون ) هذه الترسانة عام 1834 اعجب بنظامها واعمالها وقال عنها ( ان معامل القلعة تضارع احسن معامل الاسلحة فى فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير ) .

    مصنع الاسلحة بالحوض المرصود :

    لم يكتف محمد على بمصانع القلعة بل انشأ فى الحوض المرصود عام 1831 معملا لصنع البنادق بلغ عدد عماله 1200 ، وكان ينتج 900 بندقية فى الشهر الواحد على الطراز الفرنسى ، وقد انشىء مصنع ثالث للاسلحة فى ضواحى القاهرة ، وكانت المصانع الثلاثة تصنع فى السنة 36.000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف .

    ترسانة السفن الحربية بالاسكندرية :

    لم يغفل عاهل مصر عن ضرورة انشاء ترسانة لصنع السفن الحربية ومعدات الاسطول ، فأنشأ ترسانة بولاق لصنع السفن الكبيرة ، ثم اعقبها دار الصناعة الكبرى للسفن الحربية بالاسكندرية .

    معمل البارود .. الكهرجالات :

    اقام محمد على معملا للبارود بطرف جزيرة الروضة بعيدا عن العمران ، وقد تعددت معامل البارود فى مصر بعد ذلك ، وكان انتاجها عام 1833 كالاتى :

    معمل القاهرة 9621 قنطارا
    معمل الاشموتين 1533 قنطارا
    معمل اهناس 1250 قنطارا
    معمل البدرشين 1689 قنطارا
    معمل الفيوم 1279 قنطارا
    معمل الطرانة 412 قنطارا

    مجموع الانتاج 15.784 قنطارا





    وقد اعد محمد على باشا مكانا لخزن البارود والقنابل فى سفح المقطم .



    صناعات اخرى :

    ولكى يمد محمد على باشا الجيش بكل حاجياته ، انشأ مصانع الغزل والنسيج بالخرنفش عام 1819 وبولاق ، وورش الحدادة المختلفة مصانع الجوخ فى بولاق للملابس ومصانع الحبال اللازمة للسفن الحربية والتجارية ، ومصنع الطرابيش بفوه ، ومعمل سبك الحديد ببولاق ، ومصنع الواح النحاس والصابون ودبغ الجلود برشيد .


  5. #5
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي

    خاتمة :

    كان الجيش المصرى فى عصر محمد على عماد كل شىء ، فله انشئت مدارس الطب والهندسة والفنون العسكرية ، ولنهضته قامت صناعة الاسلحة والذخيرة والملابس ، ولخدمته كان العمل على انهاض الزراعة والعمران ، فأستطاعت مصر القيام بأعباء الكفاح الحربى ، وحققت مطامع العاهل العظيم .

    وقد احب محمد على مصر ، وكان يتكلم بحماسة نادرة عن شعوره بهذا الحب ، ولا ادل على ذلك من حديثه مع الامير الالمانى ( يوكلر موسكو ) وفيه يقول :

    ( يجب على ان اتغلب على صعاب شديدة ، وفى سبيل هذا التغلب اشعر اننى مرتبط بهذا الوطن الجديد الذى اتخذته مقاما لى ، ولن اعرف الراحة ولا السلام الى ان ابعث هذه البلاد التى ظهرت لى طفل صغير معدم ، عار ، وحيد ، استسلمت للنوم العميق منذ اجيال ، سأكون لها كل شىء سأكون اباها واماها وسيدها وخادمها ومعلمها وقاضيها ، وكثيرا مافكرت فيها وانا متكئ على وسادتى سائلا نفسى " هل يستطيع محمد على وحده ان يعهد اليه بأمرها وكسوتها وتعليمها فتشب وتنمو كالطفل ؟ اننى اشك فى نجاحى " ، بيد انه بالرغم من كل صعب سيحقق الله امالى ، واليه ادين بالنجاح جلت قدرته ، ان العظمة فى متناول جميع الامم ، كما ان الظفر محقق لكل الجيوش اذا وجد الرجل الذى يقودها ويعرف السبيل التى يسلكها )
    .

  6. #6
    الصورة الرمزية مصرى وافتخر
    مصرى وافتخر غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    6,262

    افتراضي

    معلومات قيمه عن شخصيه عظيمه
    جزاك الله خيرا

  7. #7
    الصورة الرمزية المجازف 2011
    المجازف 2011  غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    7,048

    افتراضي

    جزانا واياك كل خير مصرى وافتخر


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17