صفحة 23 من 35 الأولىالأولى ... 131718192021222324252627282933 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 331 إلى 345 من 518
  1. #331
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الثاني: الفكر



    أكثر من ثلث المسلمين يعيشون اليوم في بلاد غير إسلامية، وتنتشر بينهم مجموعة من الأفكار ورثوها من تراث الإسلام الزاخر، لكن بعضها كان متأثراً بظروف الأمة التاريخية، ويحتاج اليوم إلى الكثير من النقد والتصحيح، حتى يكون منسجماً مع المبادئ الشرعية الثابتة.
    من هذه المفاهيم اعتبار كل كافر حربياً، وبالتالي إباحة دمه وماله، ومعاملته بأخلاق الحرب من جواز الكذب والاحتيال فضلاً عن الحقد والكراهية. وقد سمعت مثل هذا الكلام بنفسي من أحد المشايخ الذين تقلّدهم مجموعة من الناس.
    وأسارع إلى القول بأن كثيراً من الفقهاء وإن كانوا يعتبرون الكافر حربياً من حيث المبدأ - وهذا ما سنناقشه فيما بعد - إلاّ أنهم لا يرون جواز معاملته بأخلاق الحرب إلاّ حين تقع الحرب فعلاً بيننا وبينه. وكل النصوص الواردة في إباحة الكذب والاحتيال في الحرب محصورة بقيام الحرب الفعلية، وقد ذكر النووي في شرحه لصحيح مسلم عند الكلام عن حديث "الحرب خدعة": (اتفق العلماء على جواز خداع الكفّار في الحرب كيف أمكن الخداع، إلاّ أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحلّ) ، فضلاً عن أنّ المجاهد المسلم يظلّ متمسّكاً بأخلاق الإسلام حتّى أثناء القتال فلا يجوز له قتل الأطفال أو النسـاء غير المقاتلات، أو الشيوخ غير المقاتلين، أو الرهبان في الصوامع، أو العسفاء - أي الخدم الأجراء - أو التجار، وفي كل ذلك وردت نصوص صريحة، وقد قاس عليها جمهور الفقهاء كل من لا يقدر على القتال أو لم يقاتل فعلاً كالأعمى والمريض المزمن والمعتوه والفلاح. ولا يجوز للمجاهدين التمثيل بجثث الأعداء إلاّ إذا كان معاملة بالمثل، والأفضل لهم العفو وعدم التمثيل. ولا يجوز التخريب والتحريق إلاّ إذا كان من ضرورات القتال. وتلخّص وصيّة أبي بكر لأول جيش خرج من الجزيرة العربية لقتال الروم كل هذه المعاني: (لا تمثّلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاّ لمأكلة. وسوف تمرّون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له) . وبما أن حالة الحرب الفعلية ليست قائمة بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، فإن كل حديث عن استباحة الدماء والأموال - للأفراد أو الدولة - مناقض لمبادئ الإسلام وأخلاقه ولا يبيحه أحد من العلماء على الإطلاق.


    mawlawi.net

  2. #332
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الثاني: الفكر


    هل كل كافر حربي؟
    1. لا يكون الكافر حربياً إلاّ إذا أعلن هو- أو دولته - الحرب على المسلمين أو إذا أعلن المسلمون الحرب عليه أو على دولته، لأسباب مشروعة. وعند ذلك فقط يمكن أن نطبّق في معاملته أحكام الحرب.
    2. إذا لم يقع إعلان الحرب كما ذكرنا في البند السابق، فإن كل كافر يمكن أن يكون حربياً، وهذا ما يعنيه الفقهاء عندما يتحدّثون عن الكافر بأنه حربي، وبالتالي فيجب على المسـلمين أن يكونوا حذرين منه حتى تنقطع حربيّته بعهد، فيلتزم المسلمون معه بأحكام العهد.
    3. يمكن أن يقع بين الكافر والمسلم عهد فردي فيجب الالتزام به بينهما.
    وقد يقع العهد بين الكافر ودولة مسلمة، فيجب الوفاء به أيضاً من قبل جميع المسلمين رعايا هذه الدولة. ومنه عقد الذمة وهو عهد مؤبّد وعقد الأمان الذي يدخل بموجبه الكافر دار الإسلام وهو عهد مؤقّت.
    وقد يقع بين المسلم ودولة كافرة، فيجب على المسلم الوفاء به كذلك، كما لو دخل المسلم دار الكفر للتجارة قديماً، وكما يدخل اليوم بالتأشيرة.
    وقد يقع بين دولة مسلمة ودولة كافرة، فيجب الالتزام به كصلح الحديبية قديماً، وميثاق الأمم المتحدة اليوم.
    وكتب الفقهاء غنيّة بذكر تفاصيل هذه الحالات الثلاث، التي يحكمها جميعاً قوله تعالى: {.. وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسؤولاً ..}. وقد اعتبر الله تعالى نقض العهود من أخلاق اليهود {.. أوَ كلّما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم ..؟} ومن أخلاق المشركين {.. الذين عاهدتَ منهم ثمّ ينقضون عهدهم في كلّ مرّة وهم لا يتّقون}. أمّا المسلمون فمن أخلاقهم الوفاء بالعهود {.. والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ..} {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}.

    ليسوا سواء ..
    إذاً، فإن غير المسلمين من الناحية القانونية، يكونون تجاه المسلمين في إحدى الحالات: الحرب الفعلية، احتمال الحرب، العهد. ولا يصح أن نعتبرهم دائماً محاربين فعلاً حتى نبرّر معاملتنا إياهم بأحكام الحرب.
    بل إن القرآن الكريم ميّز غير المسلمين، حتى من جهة قربهم أو بعدهم عن الإسلام كدين، وعن المسلمين كأمّة. قال تعالى: {لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى، ذلك بأنّ منهم قسيسين ورهباناً، وأنهم لا يستكبرون} وقال تعالى: {ليسوا سواءً. من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ..}.
    ذكر الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير هذه الآية قول الإمام محمد عبده أنّ هذه الآية (دليل على أنّ دين الله واحد على ألسنة جميع الأنبياء، وأنّ كلّ من أخذه بإذعان، وعمل فيه بإخلاص، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فهو من الصالحين ..). وعقّب على ذلك بقوله: (وظاهر أنّ هذا كالذي قبله، في أهل الكتاب حال كونهم على دينهم، خلافاً لمفسّرنا "الجلال" وغيره، الذين حملوا المدح على من أسلم منهم، فإن المسلمين لا يُمدحون بوصف أنّهم من أهل الكتاب، وإنّما يُمدحون بعنوان المؤمنين). وختم الشيخ رضا بقوله: (إنّ استقامة بعض أهل الكتاب على الحقّ من دينهم لا ينافي ما حقّقناه في تفسير التوراة والإنجيل في أوّل السورة من ضياع كتبهم وتحريف بعضهم لما في أيديهم منها).
    وهذا يعني أنّه حتى من الناحية العاطفية، فإن المسلم يشعر أن النصراني أقرب إليه من اليهودي. ويشعر أن الكتابي إجمالاً أقرب إليه من المجوسي أو الوثني. وقد عبّر القرآن عن ذلك بالإشارة إلى فرح المسلمين يوم ينتصر الروم وهم أهل كتاب على الفرس المجوس. قال تعالى: {الم. غُلبت الرومُ في أدنى الأرض، وهم من بعد غَلَبِهم سيُغلبون. في بضع سنين. لله الأمر من قبل ومن بعد. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو القوي العزيز}


    mawlawi.net

  3. #333
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الثاني: الفكر


    علَة القتال: الحرابة وليس الكفر
    بحث الفقهاء في مباحث الجهاد عن العلة التي تبيح للمسلمين قتل الأعداء، فقال جمهورهم من المالكية والحنفية والحنابلة أن علة القتال هي الحرابة - أي المحاربة - والمقاتلة والاعتداء، وليس مجرد الكفر ، بينما يرى الشافعي في أحد قوليه أن علة القتال هي الكفر. ورأي الجمهور في هذه المسألة هو الراجح، وقد بنوه على الأدلة التالية:

    1. آيات كثيرة صريحة تؤكّد أن سبب قتال المسلمين لغيرهم هو العدوان الصادر منهم. {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين} {ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة} {وقاتلوا المشركين كافّة كما يقاتلونكم كافّة ..} {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحبّ المقسطين} . وقد اتفق أكثر المحققين أن هذه الآيات محكمة وليست من المنسوخ.
    2. الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي تمنع قتل كثير من الكفّار لأنّهم لم يحاربوا أو لعدم قدرتهم على القتال، منها الأحاديث التي تمنع قتل المرأة لأنها لا تقاتل والصبيان لأنهم لا يقاتلون، وقد ورد هذا المعنى عند البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجه وغيرهم. وقد ذكر أبو داود وابن ماجه منع قتل العسيف وصحح الألباني الروايتين (صحيح سنن أبي داود رقم 2324 وصحيح سنن ابن ماجه2294) والعسيف هو الأجير المستخدم في أمور لا تتصل بالقتال كالفلاحين والعمال في المصانع، وعمال النظافة في الطرقات والأطباء والممرضين وموظفي المستشفيات. وورد في سنن أبي داود منع قتل الشيخ الفاني، كما ورد فيها الأمر بقتل شيوخ المشركين، وجمع الشوكاني بين الروايتين بأن الشيخ المنهي عن قتله هو الفاني الذي لم يبق فيه نفع للكفار، والشيخ المأمور بقتله هو من بقي فيه نفع للكفار ولو بالرأي كدريد بن الصمة الذي كان صاحب رأي في الحرب فقتل وقد نيّف عن المائة .
    ولأن علة القتل هي المحاربة وليست الكفر فقد أوصى أبو بكر جيشه أن لا يتعرّضوا لمن حبسوا أنفسهم في الصوامع وأن لا يقتلوا امرأة ولا صبياً ولا كبيراً هرماً . ومع أن الإمام الشافعي يجيز قتل غير النساء والأطفال ولو لم يشتركوا في القتال، إلاّ أنه لا يرى قتل الرهبان اتباعاً لأبي بكر.
    وقد ورد في مصنّف أبن أبي شيبة (أنهم كانوا لا يقتلون تجار المشركين) .
    وقد قاس الفقهاء - الذين يرون أن علة القتال هي الحرابة وليس الكفر - على هذه النصوص كل من كان غير قادر على القتال كالمقعد والأعمى ويابس الشق - أي المشلول - والأعمى ومقطوع الرجل واليد من خلاف ومقطوع اليمنى والمعتوه والراهب في صومعته والسائح الذي لا يخالط الناس والرهبان في الكنائس والأديرة . ويرى المالكية منع قتل سبعة هم: المرأة والصبي والمعتوه والشيخ الفاني والزمن - أي المصاب بمرض مزمن - والأعمى والراهب المنعزل بالدير أو الصومعة وعند الحنابلة لا يجوز قتل الصبي ولا المرأة ولا الشيخ الفاني ولا زمِن ولا أعمى ولا راهب .

    3. أنه لو كان القتل لمجرّد الكفر جائزاً، لكان هذا مناقضاً لعدم الإكراه على الدين. وهذه مسألة لا خلاف عليها بين جميع العلماء، والنصوص القاطعة الصريحة في القرآن الكريم تؤكّدها. قال تعالى: {لا إكراه في الدين ..} وقال لنبيّه {أفأنت تُكره الناس حتّى يكونوا مؤمنين؟} {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ..} {لكم دينكم ولي دين}.
    كما أن الثابت في سنّة النبي صلى الله عليه وسلّم أنه أسر الكثير من المشركين ولكنه لم يكره أحداً على الإسلام. وقد قتل بعضهم لأسباب أخرى غير الكفر، وفدى بعضهم، وأطلق سراح البعض. ولو كان القتل واجباً لمجرّد الكفر لم يكن يجوز تركهم. والله تعالى عندما ذكر حكم الأسرى قال: {فإمّا منّاً بعدُ وإمّا فداءً ..} وهذه من أواخر ما نزل من القرآن، ولم يأمر فيها بقتل الأسرى، بل لم يجعل هذا الأمر أحد الاحتمالات الأساسية، مما يعني استبعاده إلاّ إذا وجد ظرف خاص يبرره، ولذلك اتفق جمهور الفقهاء على تخيير الإمام عند تحديد مصير الأسرى بين المنّ أو الفداء أو القتل حسب مصلحة المسلمين، مستندين في ذلك إلى أنّ الرسول (ص) أمر بقتل بعض الأسرى لأسباب خاصّة تتعلّق بجرائم وممارسات ارتكبوها وليس لمجرّد الكفر، وإلاّ لأمر بقتل الجميع ولم يكن للتخيير معنى.


    mawlawi.net

  4. #334
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الثاني: الفكر


    السلم هو الأصل:
    ولقد كثرت مباحث الفقهاء حول أحكام الحرب، فلا تكاد تجد كتاباً فقهياً إلاً ويتناولها بشيء من التفصيل. ونحن نلاحظ أن جميع آراء الفقهاء تنطلق من نصوص ثابتة في القرآن الكريم أو السنّة المطهرة، ولكنها تعالج واقعاً تاريخياً معيناً. بل إن النصوص نفسها قسمان:
    - منها ما يرتبط بالواقع الذي وردت فيه هذه النصوص فهو علاج لها، ولا تعبّر بالضرورة عن أحكام مطلقة.
    - ومنها ما يتعلّق بالمبادئ والقيم الإسلامية التي نزل القرآن لنشرها بين الناس، وإقامة الحياة الإنسانية وفقها، فهي تعتبر أحكاماً مطلقة.

    إن الواقع البشري الذي وردت فيه نصوص القرآن الكريم والسنّة المطهرة المتعلّقة بالقتال، ثم جاءت آراء الفقهاء تعالجه منذ العصر الأول حتى انهيار الخلافة العثمانية في أوائل هذا القرن يتميّز بما يلي:
    1. سيطرة الأنظمة الاستبدادية على جميع الشعوب المحيطة. هذه الأنظمة كانت تمنع على الناس حرية اختيار الدين الذي يشاؤون، بل وتلزمهم بمذهب الدولة الرسمي، وتبيح قتل المخالف حتى ولو كان مواطناً. ولم يكن هذا الأمر مقتصراً على بلاد الروم وفارس في العصور الإسلامية الأولى، بل امتدّ ليشمل الدول الأوروبية حتى هذا القرن. وإذا كان الإكراه الديني لم يعد موجوداً تجاه المواطنين في نفس الدولة بسبب انتشار الفكر العلماني، إلاّ أن الحقد الديني لا يزال يشكّل خلفيّة أساسية في التفكير الأوروبي والغربي - عند الشعوب أو عند الحكّام - ضد الإسلام والمسلمين بشكل خاص. ويظهر بين الحين والآخر في ممارسات ضد الإسلام والمسلمين تتجاوز حتى مسائل الحريات الشخصية وحقوق الإنسان كمسألة الحجاب.

    2. سيطرة فكرة الحرب والقتل والعنف بشكل عام، وضدّ الإسلام والمسلمين بشكل خاص. نلاحظ ذلك عند بداية البعثة النبوية في المرحلة المكّية، واستمر الأمر على هذا المنوال في المرحلة المدنية، ثم بدأ العدوان على الجزيرة العربية من قبل الروم والفرس، وظهر إصرار الحكّام على منع شعوبهم من الدخول في الإسلام، فكانت الحروب الإسلامية كلها إمّا رداً لعدوان واقع، أو منعاً لعدوان متوقّع، أو رغبة في تخليص الشعوب من الأنظمة المستبدة لتختار ما تريد بحرية كاملة. إن هذا الجو المسيطر على العالم كله، جو الحرب والتآمر والكيد ومنع الحريات كان له أثره الكبير على كثير من الأحكام الفقهية التفصيلية المتعلّقة بالجهاد.

    ورغم الضغوط الهائلة لهذه الظروف التاريخية على التفكير الإسلامي الفقهي، إلاّ أننا نجد عند فقهائنا دائماً التزاماً بالقيم الإسلامية المطلقة وحرصاً عليها وتغليباً لها في كل الظروف.

    mawlawi.net

  5. #335
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الثالث: الأحكام المتعلّقة بالقتال


    بعض الأحكام الفقهية المتعلّقة بالقتال:
    1. اعتبار المحاربة هي علة القتل والقتال، وليس مجرّد الكفر كما مرّ بنا آنفاً.
    2. تأكيد الحرية الدينية لجميع الناس، انطلاقاً من الآية الكريمة {لا إكراه في الدين ..}. وجمهور المحقّقين من الفقهاء والمفسّرين على أن هذه الآية محكمة وليست منسوخة ولا مخصوصة، وهذا ما ذكره ابن تيمية في رسالة القتال. وهذا ما اختاره ابن كثير والطبري والألوسي والجصاص والقرطبي وأبو حيان وغيرهم. بالإضافة إلى أن معنى عدم الإكراه مؤيد بعشرات من الآيات والأحاديث الصحيحة، وبفعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، وبممارسة حكّام المسلمين منذ الخلافة الراشدة حتى انهيار الدولة العثمانية، حيث لم يذكر التاريخ عملية إكراه واحدة في أي عصر من هذه العصور.
    3. يذكر كثير من الفقهاء أن (الأصل في العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين الحرب) ولكنهم لم يريدوا بذلك ما يتوهّمه كثير من الناس اليوم. ولو أردنا أن نمحّص مقصود الفقهاء في عصرهم حسب لغة عصرنا لقلنا أنهم يقصدون بتلك العبارة (أن الأصل في العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين احتمال الحرب) وليس حتمية الحرب. وذلك واضح مما يذكرونه من أحكام تتعلّق بنزع صفة الحربي لأقل سبب.
    - فالحربي يحصل على الأمان من أي مسلم بالغ عاقل، بل حتى من الصبي المميّز وهو الذي جاوز السبع سنوات عند مالك وأحمد ومحمد بن الحسن .
    - وإذا دخل الحربي دار الإسلام بغير أمان، ماذا يحصل له؟ الفهم المتبادر عندنا أن يقتل لأنه حربي وليس عنده أمان. لكن الفقهاء يقولون: لو قال - أي الحربي - دخلت لسماع كلام الله تعالى، أو دخلت رسولاً - سواء كان معه كتاب أو لم يكن - أو دخلت بأمان مسلم دون أن يأتي ببيّنة على ذلك صُدِّق ولم يتعرّض له لاحتمال ما يدّعيه، ولأن قصده ذلك يؤمنه من غير احتياج إلى تأمين. هذا قول الشافعية والحنابلة. وعند المالكية يُردّ إلى مأمنه إلاّ أن توجد قرينة كذب. وعند الأحناف يطالب بالبيّنة لإمكانها غالباً . ولم يقل أحد من الفقهاء إنّه يُقتل لمجرّد أنّه كافر حربي، مع أنّه يُعتبر حربياً في نظر الجميع.
    - والحربي يمكن أن يصير ذمياً بالتراضي، أو بالإقامة مدة سنة في دار الإسلام .
    إذاً فالحربي في مثل هذه الحالات لا يعامل بأخلاق الحرب ولا تطبّق عليه أحكامها.
    إنه لا يعتبر حربياً بالفعل وتطبّق عليه أحكام الحرب، إلاّ عند قيام الحرب الفعلية بينه وبين المسلمين. لكن بما أن الراجح في التاريخ الماضي أن الكفار الحربيين كانوا دائماً يستعدون لحرب المسلمين ويخوضون هذه الحرب كلّما أمكنهم ذلك، وحتى لا يقصّر المسلمون في الاستعداد المقابل، اعتبر الفقهاء أن (أحكام الحرب) واقعياً ترجّح قيام حالة الحرب من جانبهم، مهما كنّا نفضّل السلام. ولذلك قالوا باعتبار الحرب هي الأصل في العلاقات مع الكفّار، بناءً على هذا الواقع.

    4. وانطلاقاً من ذلك فإننا نرى أن ما ينسب إلى جمهور الفقهاء من (أن الأصل في العلاقات الحرب) يفهم في هذا العصر على غير ما قصده الفقهاء في عصورهم. بل إننا نقول إن عبارة (الأصل في العلاقات السلم) هي التي تعبّر عن نظرة الإسلام الأساسية للعلاقات الإنسانية، وهي تنسجم مع ما قصده فقهاؤنا في عصورهم ولنا على ذلك الأدلة التالية:

    أ. إنّ الله تعالى خلق الإنسان، وكلّفه بالإيمان به وبعبادته، وسمح له إن شاء أن يكفر، وجعل عاقبة كفره شقاء في الدنيا وعذاباً في الآخرة، ولم يعاقبه على كفره بالقتل، قال تعالى:
    {يا أيّها الناس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلّكم تتقون ..}
    {والذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}
    {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً، ونحشره يوم القيامة أعمى ..}
    {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إنّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها، وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمُهل يشوي الوجوه، بئس الشراب وساءت مرتفقاً}
    ب. إنّ الله تعالى أرسل الرسل لجميع الناس { وإن من أمّة إلاّ خلا فيها نذير } ، وحصر مهمّة الرسل بالبلاغ فقط { فهل على الرسل إلاّ البلاغ المبين؟}. وأضاف لسيدنا محمد خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم مهمّة التعليم والتزكية، قال تعالى: {هو الذي بعث في الأمّيين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين}.
    وممّا لا يشكّ فيه عاقل أنّ السلم هو الوضع الأمثل مع الكافرين لقيام الرسل بواجب التبليغ والتعليم والتزكية.
    ت. عندما شرع الله تعالى الجهاد للمسلمين، وأمر به نبيّه صلى الله عليه وسلم، وذلك من أجل حماية المسلمين وحماية الدعوة الإسلامية، أمر المسلمين قبل الحرب وبعدها بالدعوة لأنّها الأصل، وهي المهمّة الأولى لهم.

    وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميراً على جيش أوصاه إذا لقي عدوّه من المشركين: "أُدعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكُفّ عنهم .." وعندما أرسل علي بن أبي طالب لقتال اليهود يوم خيبر قال له: "أُدعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النِّعَم" .
    والإيمان بالله وعبادته لا تكون بالإكراه، بل بالدعوة والإقناع، وهذه تكون في جوّ السلم أفضل بكثير من جوّ الحرب، الذي يستثير الغرائز تحت ستار الدفاع عن النفس. ولمّا كان السلم هو أفضل الظروف لانتشار الدعوة، كان هو الأصل في العلاقات الإنسانية.
    ث. كلمة (الأصل) في عبارة (الأصل في العلاقات الإنسانية السلم أو الحرب)، إمّا أن تعني الأقدم زماناً، أو الأهمّ، أو الأساس.
    - فإن كانت تعني (الأقدم زماناً) فالأصل هو السلم بإجماع الفقهاء الذين يوجبون البدء بالدعوة قبل القتال. وإذا كان القليل من الفقهاء قد أجازوا قتال الكفّار ولو لم تبلغهم الدعوة فقد خالفوا في ذلك أحكاماً شرعية بدهيّة، حتّى قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم تحت هذا الرأي: إنه باطل.
    - وإن كانت تعني (الأهمّ)، فإنّ السلم يكون تارة هو الأهمّ بل هو الأوجب أحياناً، كما أنّ الحرب في بعض الظروف تكون هي الأهمّ. وليس هناك خلاف على ذلك بين العقلاء، فكيف يكون هناك خلاف بين الفقهاء؟.
    - وإن كان المعنى هو (الأساس) الذي تُبنى عليه العلاقات بين الناس فهو السلم أيضاً، لأنّه أفضل ظرف لتبليغ الدعوة، ولأنّه أساس التعارف الذي أمر به ربّ العالمين {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا}، ولأنّه مناط التجارة التي أجمع الفقهاء على إباحتها مع دار الحرب.
    ج. إنّ القتال شُرع في الإسلام لسببين، وعلى ذلك أجمع الفقهاء قديماً وحديثاً:
    - الدفاع عن المسلمين: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إنّ الله لا يحبّ المعتدين}.
    - منع الفتنة، أي الدفاع عن حرية الإنسان في اختيار الدين الذي يشاء {وقاتلوهم حتّى لا تكـون فتنـة ..}.
    ومعنى ذلك أنّه إذا لم يقع أحد هذين السببين فلا يجوز للمسلمين أن يلجأوا إلى القتال، ممّا يؤكّد أنّ الأصل في العلاقات السلم وليس الحرب.
    ح. أمّا جواز قتال غير المسلمين من أجل إجبارهم على الخضوع للنظام الإسلامي، مع المحافظة على حرّيتهم في عدم اعتناق الإسلام فهو رأي قال به بعض الفقهاء قديماً وحديثاً، لكنّنا نعتقد خطأ هذا الرأي لمصادمته لمبدأ {لا إكراه في الدين}.
    والدين يشمل العقيدة والنظام، والإكراه على الخضوع للنظام الإسلامي لا يجوز في رأينا إلاّ إذا كان نتيجة حرب تسبّب بها غير المسلمين، وبهدف منع تجدّد أسباب الحرب في المستقبل، حرصاً على العلاقات السلمية بين الناس.
    فضلاً عن أنّ مثل هذا الرأي - حتّى ولو كان صحيحاً من الناحية النظرية - لا يمكن قبوله شرعاً في العصر الحاضر، حيث يملك غير المسلمين القنابل الذرّية والهيدروجينية وأسلحة الدمار الشامل.

    فلو افترضنا أنّنا أقمنا دولة إسلامية من أقوى دول الأرض، وأنّ هذه الدولة استطاعت أن تجمع الشعوب الإسلامية بكلّ إمكانيّاتها البشرية والاقتصادية والعسكرية.
    ثمّ أرادت هذه الدولة أن تقوم بواجبها في الدعوة إلى دين الله فما الذي يحصل؟
    إنّ الأنظمة الحاكمة اليوم في البلاد الغربية غير المسلمة تعتبر حرّية التفكير والتعبير واعتناق العقيدة من حقوق الإنسان الأساسية، فلو أنّ هذه الدول لم تمنع الدعاة إلى الله، ولم تسجن أو تقتل من دخل في الإسلام من أبنائها كما يحدث حتى الآن، واستطاع المسلمون أن يستعملوا كلّ الوسائل العصرية المتاحة للدعوة، من قنوات فضائية وإنترنت وكتب وأشرطة ومجلاّت.
    ماذا يمكن أن يكون موقف الدولة الإسلامية؟


    mawlawi.net

  6. #336
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الفصل الرابع: الإسلام أو الجزية أو القتال


    يظنّ البعض أنّ الموقف الشرعي الواجب على هذه الدولة المسلمة أن تخيّر الدول الأخرى بين الإسلام أو الجزية أو القتال التزاماً بظاهر بعض الأحاديث الصحيحة عندما تفهم مقطوعة عن ظروفها التاريخية.
    وهذا في رأينا غير صحيح، وتسلسل النصوص الشرعية والأحداث التاريخية يؤيّد ذلك. فالرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن استقرّ له الأمر في المدينة المنوّرة، كتب رسائل إلى الملوك من حوله يدعوهم إلى الإسلام وإلى الإيمان بالله وحده لا شريك له. فكتب إلى قيصر ملك الروم، وإلى كسرى ملك الفرس، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى المقوقس عظيم القبط، وإلى الحارث ملك تخوم الشام. وطلب من هؤلاء الملوك أن يبلّغوا دعوته إلى شعوبهم، وإلاّ فإنّهم يتحمّلون إثم هؤلاء الناس. وذلك بسبب ما كان معروفاً أنّ الملوك يمنعون شعوبهم أن يدينوا بغير دينهم.
    ثمّ كانت الفتوحات الإسلامية، وكان تخيير هؤلاء بين الإسلام أو الجزية أو القتال مبنياً على سببين:
    الأول: هو مبادرة بعضهم إلى قتال المسلمين كما حدث مع كسرى الذي مزّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكتب إلى نائبه في اليمن (باذان) أن يبعث له هذا الذي يدّعي أنّه نبي. وكما حدث مع الحارث الغسّاني الذي رمى كتاب النبي وعزم أن يسير إليه ليقاتله، وكما حدث في غزوة تبوك عندما تجمّع الروم لغزو المدينة، وقتلوا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما ورد في كتب السيرة.
    الثاني: هو منع هؤلاء الملوك لشعوبهم من حرّية قبول الإسلام أو رفضه بناء على العرف العام - في تلك العصور - الذي يمنع الشعوب أن تعتقد ديناً يخالف دين ملوكها. وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما حمّل الملوك مسؤولية رعاياهم، وهذه هي الفتنة التي أمر المسلمون بالقتال لرفعها عن جميع الناس.
    إذاً فتخيير الشعوب غير المسلمة بين الإسلام أو الجزية أو القتال ليس حكماً إلزامياً مطلقاً في جميع الظروف، إنّما هو حكم شرعي يترتّب على:
    - البدء بالقتال ضد المسلمين
    - وعلى فتنة الناس ومنعهم من الدخول في الإسلام.
    وحين لا يحصل أيّ من هذين السببين يكون الواجب الدعوة فقط. وهذا ما يؤيّده الحديث المشهور الذي رواه الإمام مالك: "دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم" وعندما سُئل عن صحّة هذا الحديث قال: (ما زال الناس يتحامون غزوهم).
    mawlawi.net

  7. #337
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المفاهيم الأساسية للدعوة الإسلامية
    في بلاد الغرب
    الاكتفاء بالدعوة


    ولو أنّ الدولة المسلمة في هذا العصر رأت أن تخيّر الدول الأخرى بين الإسلام أو الجزية أو القتال فماذا يحدث؟
    من الطبيعي أن ترفض هذه الدول الدخول في الإسلام طالما أنّ هذه الدعوة تأتيها ضمن تهديد، وليس بالحكمة والموعظة الحسنة، ولما عندها من شبهات وأحقاد ضدّ الإسلام.

    ليس هناك إذاً إلاّ القتال.
    إنّ حرباً كهذه لو اندلعت في وجود التقنية الحديثة والرؤوس النووية والأسلحة البيولوجية والكيماوية الفتّاكة، فإنّها ستؤدّي حتماً إلى دمار شامل للبشرية كلّها ومنها المسلمون. فهل هذا هو المقصود؟ وهل من المعقول أن يسعى الإسلام لقتل المسلمين وإنهاء الدعوة إلى الله كلّياً بسبب هذا التصرّف؟
    رحم الله فقهاءنا الأقدمين الذين لفتوا النظر إلى العمل بالمآلات ، ومعناه أنّ العمل المباح أصلاً يمكن أن يكون حراماً إذا أدّى في ظرف معيّن إلى الحرام.
    ومن أجل ذلك فإنّنا نقول في هذا العصر: طالما أنّ باب الدعوة مفتوح، وطالما أنّ بإمكان غير المسلم أن يدخل في الإسلام دون أن يتعرّض إلى إيذاء أو قتل، فإنّ السبب الشرعي للقتال غير موجود. وأنّ الاكتفاء بالدعوة إلى الله عزّ وجلّ وإلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن هو الواجب الأول والأخير. فالله تعالى استخلف الإنسان في الأرض لعمارتها لا لتخريبها، والإسلام دين الله ينظّم كيفية عمارة الأرض على الوجه المراد.
    والدعوة إلى الله تعالى هي أحسن كلمة وأحسن عمل يقوم به المسلم {ومن أحسنُ قولاً ممّن دعا إلى الله وعمِلَ صالحاً وقال: إنّني من المسلمين؟}. ومن الطبيعي أن تواجَه الدعوة بكلّ أنواع التآمر والكيد من أتباع الشيطان، ولكنّ الله تعالى علّمنا كيف نواجه كلّ هذه الحملات المضادة مهما بلغ سوءها فقال: {إدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم}. فالكلمة الطيّبة وردّ السيّئة بالحسنة هو الذي ينتزع من الصدور كلّ أنواع الغلّ والحقد، ويجعلها مستعدّة لقبول هذه الدعوة المباركة. ومثل هذه الدرجة - أي ردّ السيّئة بالحسنة - والتسامح مع الآخرين حتّى عند إساءتهم، هي درجة عالية جداً {وما يلقّاها إلاّ الذين صبروا، وما يلقّاها إلاّ ذو حظٍ عظيم}.


    mawlawi.net

  8. #338
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    فرضية الدعوة إلى الإسلام


    لا شك بأن حكم فرضية الدعوة إلى الإسلام من الناحية الشرعية هو أمر ملزم لكل مكلف من المسلمين، كل بحسب طاقته ومسؤوليته وصلاحياته إذ إن الدعوة إلى اللّه هي نمط حياة الذين يتبنون الإسلام طريقة عيش فيها. وهو ليس مجرد دين عزلة لا فاعلية له في الحياة. إنه دين استخلف الإنسان في الأرض لعمارتها وإحياء دين اللّه كالحصن المنيع والسور المتين اللذين يحميان ويحفظان على الأمة دينها من كل لثم وأذى. ولقد تحدث الكثيرون عن أحوال المسلم بوصفه الفردي كداعية اللَّه. إلا أنني سأتجاوز في مقالتي هذه الناحية من حمل الدعوة إلى الحالة الجماعية وخصوصا إلى الدعوة التي تتبناها الكتلة الإسلامية وتمثلها.
    كما سألتزم معالجة النواحي التي تتعلق بحمل هذه الكتلة الدعوة تحديدًا في بلاد الغرب، وذلك حتى يتم إدراك المقصود بحديثنا هنا.
    ولمعرفة ما يجب أن يكون عليه سير الكتلة في الغرب، كان لا بد من معرفة واقع حال العالم الغربي وأحوال المسلمين فيه حتى نلم بما يمكن أن نتصوّره من عمل تكتلي مجدٍ ومفيد ومساهم في تحقيق الغاية التي نشأت من أجلها الكتلة الإسلامية. وليس من العجب القول في هذا المقام إن انكشاف الواقع الغربي على ما هو عليه من السوء والحقد والكراهية للإسلام وبالتالي للمسلمين عموما والملتزمين بدينهم خصوصا هو عين الحقيقة وليس أمرًَا عابرًا ناتجًا عن ردة فعل تذهب مع الوقت. فإعلانهم عن بدء الحروب الصليبية الجديدة كما أورد بوش، وانتصار حضارتهم وتفوقها على الإسلام كما ذكر برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا، وما إلى ذلك من تعامل الغرب مع قضايا المسلمين عموما وما يتضمنه من ظلم واستغلال واستهتار بأبسط حقوقهم واضح جلي.فها هي فلسطين وأخواتها أفغانستان والشيشان وكشمير والعراق وآسيا الوسطى وغيرها كثير، تئن وتصرخ تحت وطأة الظلم والفقر والاضطهاد بسبب تآمر الغرب عليهم. كذلك أيضا ما تعانيه الجاليات المسلمة التي تقطن في الغرب من التمييز العنصري والديني والنظرة الدونية التي لا تخفى على أحد. إضافة إلى محاولتهم القضاء على أي حركة للنهضة أو الصحوة أو الثورة على الأوضاع البائسة التي يعيشها المسلمون في أنحاء العالم. كل ذلك مشاهد ومحسوس لدى الجميع.
    ويخطئ من يتصور أن مفكرين مثل فوكومايا وصموئيل هنتغنتون (المعروفين بنظريتيهما اللتين تدعوان لسحق الإسلام) هما مجرد مؤلفين أو كاتبين من الهواة يريدان أن يُبرزا مواهبهما في عالم الفكر والسياسة. بل إن القراءة الجادة والمتابعة المعمقة للأحداث والمطالعة لمختلف البحوث والتقارير تشير إلى أنهما جزء من مجموعة لا تقلّ عنهما تصلّبًا وتبجّحًا ترسم التصور الاستراتيجي لسياسة الدولة الأولى في العالم التي تجعل من الإسلام العدو الأول والمنافس المستقبلي والخطر الداهم والمهدد لحضارتهم ورفاهيتهم وخصوصًا إن مُكِّنَ له في كيان سياسي مبدئي. فما يذكره صموئيل هنتغتون مؤلف كتاب صدام الحضارات في مقالة له تحت عنوان "عصر حروب المسلمين":
    "إن حروب المسلمين قد احتلت مكانة الحرب الباردة كشكل أساسي للصراع الدولي. وهذه الحروب تتضمن حروب الإرهاب، حروب العصابات، الحروب الأهلية والصراعات بين الدول. إن هذه الأمثلة الشاهدة على عنف المسلمين قد تصل إلى نقطة الانعقاد وتعقد للأمور ووصولها إلى مرحلة صراع رئيسي واحد بين الإسلام والغرب أو بين الإسلام وباقي العالم".
    و لا أريد في هذه المقالة سوق الأدلة على هذا التصوير لواقع العالم الغربي وما يحمله من أمنيات خالصة بالقضاء على الإسلام وأهله، خصوصا أن الشواهد العملية التي يعيشها المسلمون سواء في العالم الإسلامي أو بلاد الغرب لا تدع مجالا للتشكيك في هذه الحقيقة فضلا عن أن هذه الحقيقة قد أثبتها القرآن الكريم بقوله تعالى: ]ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم( [البقرة/120] قال ابن كثير تفسيره "وليست اليهود يا محمّد ولا النصارى براضيةٍ عنك أبدا.." وقد استدلّ كثير من الفقهاء بقوله: ]حتى تتبع ملتهم( حيث أفرد الملّة على أنّ الكفر كلّه ملّة واحدة" ومن هنا فإني لا أود أن أغرق في توصيف ماهية التصور الغربي عن المسلمين لأن ما يحياه المسلمون ويشاهدونه في هذا المجال يكفي، وكما يقال فإن كلام السيف يغلب كلام القلم.
    أما بالنسبة للكتلة الإسلامية فقد وضعت غاية لها منبثقة عن العقيدة الإسلامية التي تجعل العبودية للَّه هي غاية وجود الخلق ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون( [الذاريات] ولذلك كانت غايتها هي استئناف الحياة الإسلامية وإعادة صياغة مجتمعات المسلمين صياغة إسلامية من حيث بناء العلاقات والقوانين التي تحكم حركة سير المجتمع بناء إسلاميا خالصا. ولذلك كانت إقامة الدولة الإسلامية المتمثلة بالسلطان السياسي المستند إلى القوة المادية هي رأس الأولويات وأولى الخطوات لإيجاد هذه الغاية إذ إنها الطريقة العملية الوحيدة لاستئناف الحياة الإسلامية.
    ولذا فإنّ إدراك واقع المسلمين بأنهم لا يعيشون العيش الطبيعي، أو يعيشون على هامش المجتمع في البلدان الغربية، وإن قصدهم من إقامتهم على الأغلب هو الدراسة أو تحسين أوضاعهم الاقتصادية أو طلبًا للجوء بسبب أوضاع سياسية أو اقتصادية أو ما شاكل، يجعلنا ندرك أنهم ليسوا شريحة أساسية من نسيج المجتمع الغربي وهم بغض النظر عن الفترة الطويلة التي قضوها في بلاد الغرب فإنهم يعاملون كغرباء وأجانب في تلك البلدان. أضف إلى أن السياسة التي يسلكها الغرب إزاء المسلمين لا تُمكّن المسلم وخصوصا حامل الدعوة من الانخراط في المجتمع وتقبله وهضمه لأن الغرب يتوجس القلق والخوف من المسلمين ولأن المسلم لا يمكن أن يكون ولاؤه إلا لدينه وهو جزء من أمة لا يستطيع الانفصام والانفصال عنها. ولذلك فإن برامج الاندماج ومحاولات تذويب المسلمين غالبا ما يصيبها الفشل. وبالتالي يبقى المسلمون القاطنون في الغرب غير متجذرين في المجتمع الغربي ووجودهم مهدد دائما بالترحيل أو حملات الانتقام، حتى وإن كانوا حائزين لجنسية تلك البلدان، وما أحداث أوكلاهوما وأحداث 11 سبتمبر إلا شاهدين عابرين على ذلك حيث رأينا حصول الفرز الطبيعي والانفصال بين المسلمين والغربيين عموما وما هذا إلا نتيجة طبيعية لأزمة الثقة التي يعاني منها الطرفان نتيجة لما سبق شرحه.
    بناء على ما سبق وفي ظل هذا الواقع أستطيع أن أحدد نقاطا عامة يجب الوقوف عليها لكي تقوم الكتلة بخدمة الدعوة التي نذرت نفسها لها ووضعتها نصب عينيها.
    1. يجب أن تبقى الكتلة متيقظة إلى أنها جزء من كتلة عالمية لها غايتها المحددة وأن لا تنفصل عنها لا فكريا ولا شعوريا ولا إداريا، ولا من ناحية الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية (أي عدم جعل القضايا المحلية هي همها الأول وأساس تفكيرها). وأما ما سوى ذلك من ناحية الوسائل والأساليب المتاحة لها في الغرب فعليها أن تبدع قدر المستطاع باستغلالها بما يفيد وينتج ويساعد في تحقيق الغاية.
    2. يجب ابتداءً أن لا تكون حركة الكتلة عبثية أو مضطربة، أي أن لا تخضع لردود الأفعال أو الهبّات والحماسة مما يؤدي إلى وقوعها بالكثير من الأخطاء التي تسبب الإحباط والقعود أو تثقل الكتلة بأعباء ومعوقات هي أصلا بغنى عنها ولا تنقصها. بل يجب أن تكون خاضعة لرؤية عميقة، مدركة الأبعاد، بعيدة عن الانفعال، آخذةً بعين الاعتبار الواقع القائم في العالم الغربي والغاية التي حدّدتها الكتلة لنفسها.
    3. حامل الدعوة في هذه الكتلة عليه أن يضع دعوته نصب عينيه. فيكون حيث تلزمه الدعوة أن يكون. وأن لا يؤثر المصلحة الشخصية على حساب دعوته. وعليه أن يضع تصوّرًا للمكان الذي يتناسب مع إحياء دعوته ويعمل بجد لكي يتواجد فيه.
    4. أن تركز الكتلة على المسلمين ابتداءً لحفظ هويتهم وعدم ذوبانهم ومحاولة كسب ثقتهم ولفت انتباههم إلى أنهم جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية وإقناعهم بالرجوع إلى حيث يمكن حفظ دينهم وأبنائهم إذ إن الخطر عليهم داهم واللَّه يقول: ]يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون( [التحريم] "ذكر الإمام القرطبي في تفسيره "الملائكة الزّبانية غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استُرحموا خلِقوا من الغضب، وحبِّب إليهم عذاب الخلق كما حبِّب لبني آدم أكل الطعام والشراب".
    وأن يذكروهم بربهم وينبهوهم لعدم الركون إلى الدنيا والفرح بما هم فيه من رخاء وبحبوحة مؤقتة يستدرجون من خلالها بواسطة قوانين الكفر وعلاقات المجتمع وقيمه المتعارضة مع قيم الإسلام وأخلاقياته لترك دينهم أو إهمال أحكامه فيدمجون فيها ويسلب دينهم منهم وهم على غفلة أو صحوة لقاء هذا المتاع القليل.
    5. أن تقوم الكتلة بمحاولات جادة متقصدة للكسب عمومًا وخصوصًا من أبناء المسلمين من الجيل الجديد الذي لم يعرف الوطن الأصلي وولد وترعرع في الغرب والعمل على صقلهم وتركيز الثقافة الإسلامية فيهم لكي يكونوا النواة لحمل الدعوة لنظرائهم ولمن استطاعوا من أهالي البلاد لمعرفتهم ودرايتهم نظريا وعمليا بما عليه الناس هناك. وكذلك تقصّد من أتى من المسلمين لفترة مؤقتة بقصد الدراسة أو التجارة وربطهم بالكتلة في العالم الإسلامي عند رجوعهم إليها.
    6. إن على أفراد الكتلة اعتبار أن البلد الغربي الذي يعملون فيه غير إسلامي. والكتلة لا تخوض فيه الصراع والكفاح السياسي، وإنما تعرض الإسلام وتبيّن عظمة أفكاره، وصدق أحكامه، ووجوب التمسك به؛ لذلك على أفراد الكتلة التنبه من الانجرار إلى الأعمال التي لا تفيد الدعوة، ويغلب عليها إثارة الضجيج واستفزاز الآخرين وتخويف الناس منها. خاصة وأنها تعلم أنه لا يوجد هدف مباشر من ذلك مرتبط بغايتها، فإن ذلك سيكون له غالبًا ردات فعل عكسية، تمكن سلطات البلد الذي يعيشون فيه من العمل على تشويه صورة الكتلة، والتشكيك بالفكر الذي تؤمن به.
    7. الاستفادة من الرخاء المادي والوقت المتوفر في استخدام كل الوسائل الحديثة لنشر فكرة الكتلة والاتصال بقصد الكسب وتوفير الأبحاث والتحاليل والتقارير التي تفيد الكتلة في سيرها وتغذية المسؤولين بها فيوفرون كثيرًا من الجهد والتعب عليهم. وهذا أمر في غاية الأهمية وخصوصا إن تمّ تنظيمه بالشكل الذي تستغلّ فيه القدرات المتواجدة لتشكيل مركز موحد للمعلومات يستمد الجميع منه ما يلزمهم لفهم ما يجري ويعينهم على إيجاد التصورات الدقيقة لواقع ما يحصل. فتنوع مصادر المعلومات ورؤية الحدث من أكثر من زاوية يعمق وينضج شباب الكتلة ويساعد في ارتقاء فهمهم.
    8. الحذر من انعكاس فكرة وجود شباب الكتلة بشكل مؤقت في بلدان الغرب إلى انعدام جدوى حمل الدعوة فيها كونها ليست مجالا مباشرا لإقامة الدولة الإسلامية وبالتالي الاكتفاء فقط بالاهتمام بترتيب المصالح الشخصية بحجة قصد الرحيل ولو بعد زمن. إذ إن ترابط العالم اليوم بالشكل الهائل الذي نراه جعله بحق قرية صغيرة يستطيع المرء فيها أن يؤثر بالآخرين وبالأحداث حتى في المناطق البعيدة من غير أن يكون فيها. وإن عدم الالتفات إلى هذه الناحية يحوّل هؤلاء الشباب تلقائيا من حملة دعوة إلى طلاب دنيا ويهبطون بالتالي إلى مستوى بقية الناس الذين لا همّ لهم إلا تجميع المال والحصول على الثروة. مما يسبّب سقوطهم وعدم صلاحيتهم لأن يكونوا روادًا وقياديين لهذه الأمة فيكسبون إثما مضاعفا لعلمهم بما يجب عليهم فعله وتقاعسهم عن أدائه.
    9. إنفاذ القوانين الإدارية اللازمة مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات بين واقعي العالم الإسلامي والعالم الغربي وإيجاد الآليات التي من شأنها حشد طاقات الشباب بشكل يؤدي إلى إشعار الجاليات بقوة الكتلة وصدقها وأنها تحمل همّها لتكون كلمتها مسموعة فيها، مما يعني دوام إيجاد الصلة بين حملة الدعوة وعموم الناس وخصوصا من يُتصور إخلاصهم وحرصهم وإن خالفوا الرأي ما دام في إطار الإسلام، والتركيز على القضايا الحيوية التي تعيشها الأمة وعدم الغرق بالنقاش في تفاصيل تفسخ اللحمة وتبعد الشقة وتوجِد جوًا مشحونًا يكون أثره سلبيا على الجميع وخصوصا في المواضيع التي تطرح ولا تسمن أو تغني من جوع.
    10. البحث الدائم والتركيز على إيجاد الأعمال المفيدة والمرتبطة بالغاية لكي يبقى الشباب في أرقى حالات التنبه وبالمستوى اللائق كقادة حقيقيين للأمة فلا ينتابهم الملل والضجر وخاصة في ما يتعلق بربطهم بقضايا الأمة بشكل عام وجعلها هي الأساس في تفكيرهم وتوضيح دورهم وجدواه في خلاص الأمة عموما وأنهم غير معزولين عمّا يحدث لها وحثّهم على الإبداع بإيجاد أعمال من شأنها أن تخفف الوطأة عن إخوانهم في أماكن أخرى أو تعينهم مما يؤدي إلى الشعور باللحمة والتواصل وإدراك أنّ الجميع يعمل في كتلة واحدة من أجل هدف واحد.
    أخيرا؛ إبقاءً لقول اللّه تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون( [الأنفال].
    نبراسا يضيء الطريق وهديًا لا يغفل عنه حملة الدعوة كما قال الإمام الطبري في تفسيره "استجيبوا للّه وللرّسول بالطاعة إذا دعاكم الرّسول لما يحييكم من الحقّ والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن وفي الإجابة إلى كلّ ذلك حياة المُجيب واعلموا أيّها المؤمنون أيضًا مع العلم بأنّ اللَّه يحول بين المرء وقلبه أنّ اللَّه الذي يقدر على قلوبكم وهو أملك بها منكم إليه مصيركم ومرجعكم في القيامة فيوفّيكم جزاء أعمالكم المُحسن منكم بإحسانه والمُسيء بإساءته فاتّقوه وراقبوه فيما أمركم ونهاكم هو ورسوله أن تُضيّعوه وأن لا تستجيبوا لرسوله إذا دعاكم لما يحييكم فيوجب ذلك سخطه وتستحقّوا به أليم عذابه حين تُحشرون إليه"

  9. #339
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المسلمون في بورما


    إعداد الشيخ دين أبو البشر – رئيس منظمة تضامن الروهنجا، أراكان بورما


    تقع بورما في جنوب شرق آسيا، يحدها من الشرق تايلاند، ومن الغرب الهند وبنغلاديش، ومن الشمال يحدها الصين، بينما يحدها من الجنوب خليج البنغال وماليزيا.


    دخل الاسلام إلى بورما عن طريق أراكان في القرن الاول الهجري بواسطة تجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه ومجموعة من التابعين وأتباعهم. حيث كان العرب يمارسون مهن التجارة، ولأجلها يسافرون الى قاصي البلاد ودانيها. وفي يوم من الايام انكسرت سفينتهم اثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل اراكان. فاضطروا الى اللجوء الى جزيرة رحمبي بأراكان. وبعد ذلك توطنوا في اراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين. وحيث انهم تلقوا الارشادات النبوية ووعوا قوله : 'بلغوا عني ولو آية' وقوله: 'فليبلغ الشاهد الغائب' فهم بدأوا بممارسة الاعمال الدعوية فيما بين السكان المحليين، ويدعونهم الى الدين السماوي الخالد بالحكمة والموعظةالحسنة. فبدأوا يدخلون في دين الله أفواجا. وبعد ذلك يتردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم. ويزداد عدد المسلمين يوما فيوما الىان استطاع المسلمون تأسيس دولة اسلامية في اراكان منذ عام 1430م بيد سليمان شاه. واستمرت الحكومة الاسلامية فيها لمدة اكثر من ثلاثة قرون ونصف الى ان هجم عليها البوذيون عام 1784م...

    إنتشار الإسلام

    وهكذا انتشر الاسلام في جميع مناطق بورما. حتى وصل عدد المسلمين حاليا في بورما الى عشرة ملايين مسلما من بين مجموع سكانها البالغ عددهم خمسين مليون نسمة. فمنهم اربعة ملايين في اراكان. والبقية منتشرون في جميع المناطق. تشكل نسبة المسلمين في بورما 20% من مجموع السكان. اما في اراكان وحدها فتبلغ نسبة المسلمين الى 70% ويشكلون اغلبية ساحقة فيها. ومنهم حوالي اكثر من مليوني مسلم من الشعب الروهنجيا يعيشون حياة المنفي والهجرة في مختلف دول العالم.

    محنة المسلمين

    وكانت بورما منذ سيطرتها على اراكان المسلمة عام 1784م تحاول القضاء على المسلمين ولكنها فقدت سلطتها بيد الاستعمار البريطاني عام 1824م. وبعد مرور اكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام 1938م. فأول أمر قامت به بورما هو القتل وتشريد المسلمين بشكل عام في جميع مناطق بورما حتى في عاصمة رانغون. حيث استشهد عدد كبير، واضطر اكثر من 500000 خمسمائة الف مسلم الى مغادرة بورما. وفي عام 1942م قام البوذيون المشاغبون بمساعدة السلطة الداخلية بالقتل والدمار الشامل على المسلمين في جنوب اراكان، حيث استشهد حوالي مائة الف مسلم. ومنذ ان أخذت بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948م كانت اول خطتها هي برمنة جميع الشعوب والاقليات التي تعيش في بورما. وفعلا نجحت في تطبيق خطتها في خلال عدة سنوات. لكنها فشلت تماما في حق المسلمين لكونهم مستمدين مباشرة من المنبع الصافي للهداية الذي قال فيه الرسول : 'تركت فيكم امرين لن تضلوا بعدي ما ان تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله'. فلا يوجد اي احد من المسلمين ارتد عن الاسلام واعتنق الديانة البوذية او اي دين آخر.

    فلما احست بورما هذه الحقيقة وشعرت جيداً غيرت موقفها وخطتها الى 'القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الاسلام من ارض بورما'، وذلك بقتل ونهب وتشريد المسلمين ومسخ هويتهم وطمس شعائرهم وتراثهم وتغيير معالمهم وثقافتهم ودس السموم في نفوسهم وما الى ذلك من الاساليب والبرامج للظلم والعدوان. ومنذ ان استولى الجيش على مقاليد الحكم عام 1962م اشتدت المظالم على المسلمين بطريق اوسع من السابق. ففي عام 1978م شردت بورما اكثر من 300000 ثلاثمائة الف مسلم الى بنغلاديش. وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنين في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني الى بورما) رغم ان الواقع والتاريخ يكذب ذلك. وفي عام 92-1991م شردت بورما حوالي ثلاثمائة الف (300،000) مسلم الى بنغلاديش مرة اخرى.

    وهكذا كان نزوح المسلمين الى بنغلاديش ومنها إلى بلاد اخرى مستمر كل يوم. لأن الحكومة خلقت جو الهجرة. فالوضع الذي يعيشه مسلمو اراكان مأساوي جدا، فهم محرومون من أبسط الحقوق الانسانية، وهناك مئات الآلاف من الاطفال تمشي في ثياب بالية ووجوه شاحبة، واقدام حافية، وعيون حائرة لما رأوا من مظالم واعتداءات البوذيين. تثقل الاجواء بصرخات الثكالى والارامل اللائي يبكين بدماء العفة، يخطف رجالهن ويعلقون على جذوع الاشجار بالمسامير وحيث تقطع انوفهم واذانهم ويفعل بهم الافاعيل. وعشرات المساجد والمدارس تدمر بأيد نجسة مدنسة.

    انتهاك حقوق الانسان

    وفي الآونة الاخيرة تكثف تحديد النسل فيما بين المسلمين، حيث اصدرت قرارات عدة، منها قرار ينص على ان 'المرأة المسلمة لا يمكن زوجاها الا بعد ان تبلغ 52 سنة من عمرها، بينما لا يسمح للرجل بالزواج الا بعد مرور 30 سنة من عمره'. ولا يمكن الزواج الا بعد الحصول على التصريح المكتوب من ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' والذي لا يعطى لا اذا توفرت الشروط وهي: تقديم الطلب مع الصور الفوتوغرافية لكل من العريس والعروس الى 'ناساكا' ثم احضارهما الى قاعدة 'ناساكا' للفحص والتأكيد على عمرهما، وأنهما راضيان ومؤهلان للزواج ام لا؟ وعلى الرغم من الانتهاء من جميع هذه الاجراءات فإن 'ناساكا' لا تسمح بالزواج الا بعد تقديم الرشوة بمبلغ كبير يرضيها، والذي لا يقدر الجيمع على تسديده. كما انها لا تسمح في سنة كاملة لأكثر من عشرين اسرة بالزواج في القرية التي تتكون من الفي اسرة على اقل تقدير. فإذا خالف احد هذا القرار المرير فعقوبته تفكيك الزواج والاعتقال لمدة ستة اشهر وغرامة 500.000 (خمسمائة الف) كيات بورمي'.

    ومنها: قرار يهز مشاعر المسلمين وانطباعاتهم، ويهدد كيانهم ووجودهم، والذي لا يوجد له نظير في تاريخ الانسانية. فهذا القرار الشنيع ينص على 'احضار المرأة المسلمة الحامل الى قاعد ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' لأخذ صورتها الملونة مكتشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لا بد من دفع الرسوم بمبلغ كبير' وذلك للتأكد - كما تقول السلطة - على سلامة الجنين، ولتسهيل احصائية لمولود بعد الولادة. ولكن لسان الواقع يلح بأن الهدف من اصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم اي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام.

    وعلى صعيد السكاني فإن الحكومة مازالت تقوم بإحداث تغيرات ملموسة في التركيبة الديمو غرافية لمناطق المسلمين. فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وفيها منازل البوذيين المستوطنيين. وتكون السلطة حتى في القرية بأدي البوذيين. ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى 'القرى النموذجية' في شمال أراكان من بورما حتى يتسنى تشجيع أسر الريكهاين البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق. ومن ناحية استيطان البوذيين الذين ينتقلون من أماكن مختلفة حتى من بنغلادش إلى هذه القرى النموذجية، وتمنح لهم الأراضي وبيوت جاهزة التي شيدت بأيدي المسلمين بدون أجر. فمصادرة الأراضي من المسلمين ومنحها إلى الريكهاين البوذيين بهذه الطريقة خلق توتر شديدا فيما بين المسلمين.

    هدم المساجد

    وفي ظل اجواء عدم الاستقرار الامني والديني والاجتماعي للمسلمين في بورما بيد السلطة البوذية العسكرية التي تتخذ وتطبق قرارات وخطوات شنيعة ومفجعة من أجل القضاء على المسلمين وطمس شعائرهم ومسخ ثقافتهم وتراثهم، فإن السلطة اقدمت على اصدار قرار يمس مشاعر المسلمين وهو: 'حظر تأسيس مسجد جديد، وعدم اصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تم بناؤها او اصلاحها في خلال عشر سنوات منصرمة في اقليم اراكان'. وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت الى الآن اكثر من 72 مسجدا.

    وجدير بالذكر ان في بورما يوجد اكثر من 2566 مسجدا، كما يوجد اكثر من 5901 مدرسة وجامعة اسلامية. ومنها في اراكان 1538 مسجدا، و405 مدرسة وجامعة اسلامية.

    وفي بداية شهر فبراير قام المشاغبون البوذيون في مدينة اكياب بإحراق وتدمير قرى المسلمين، وقتل وتشريد سكانها بشكل شامل حيث راح ضحيتها حوالي خمسمائة شهيد واكثر من ألفي جريح.

    وفي شهر مايو قام المشاغبون البوذيون بشن الهجوم على المسلمين في مدينة تونجو على مقربة من عاصمة رانغون بإثارة وتعاون السلطة العسكرية. مما ادى الى استشهاد عشرات من المسلمين، ودمرت اربعة مساجد.

    وفي الاونة الاخيرة اصدرت السلطة قرارا يقتضي بأن العاملين والموظفين في الحكومة لا يسمح لهم باطلاق لحاهم وارتداء الزي الاسلامي في الدوائر الرسمية وكل من لا يمتثل لهذا الامر يفصل من الوظيفة. وفعلا تم العمل بهذا القرار، واعفي المسلمون من العديد من الوظائف.

    صرخة واستغاثة

    ان قضية مسلمي بورما تشكل محنة كبيرة، وهي كارثة انسانية بكاملها. وجريمة عظيمة في حق المجتمع الدولي وضد القانون الدولي. وان ابادة حنس بشري او فئة معينة داخل بورما لا تعتبر شأنا داخليا يخص بورما وحدها، بل هو يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم. لأنه يتعلق بحقوق الانسان التي لحمايتها اعلنت هيئة الامم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان.

    فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء والولدان يصرخون ويستنصرون بالامة الاسلامية حكومات وشعوبا الذين قال فيهم الرسول : ' مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كجسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى' ويناشدون المسلمين في العالم ان يقفوا بجانب مسلمي بورما وان يقوموا بأخذ الاجراءات اللازمة لوقف العمليات العدوانية التي تمارسها الحكومة البورمية ضد مسلمي بورما. وأن يمارسوا كافة الاساليب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لحماية مسلمي بورما من بطش السلطة العسكرية البوذية. وهم ينادون ربهم: }رَبنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء: من الآية75) فهل من ناصر ينصرهم؟ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدينِ فَعَلَيْكُمُ النصْرُ{ (لأنفال: من الآية72).

  10. #340
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    مسلمو الغرب والاحتفال بالعيد


    عاصم السيد

    إذا كان الاحتفال بالعيد في المجتمعات العربية والإسلامية له طابع خاص وجميل، وله مظاهر بهجة وفرحة استقرت في وجدان الناس لأكثر من خمسة عشر قرناً، فإن احتفال الجاليات المسلمة في الغرب بالعيد يكون مختلفاً تماماً، لأن المجتمعات التي يعيشون فيها مجتمعات غير إسلامية، بل هي في تكوينها الذاتي كارهة للإسلام والمسلمين، وهذا أمر ليس في حاجة إلى دليل.
    إلا أن أجواء الحرية التي تحياها هذه المجتمعات الغربية، هي التي أتاحت للمسلمين الذين يعيشون فيها فسحة لإقامة الشعائر، والاحتفال بالأعياد. لكن هناك فرقاً كبيراً بين العيد في مجتمع يحتفل كله بالعيد، أطفاله وشبابه ورجاله ونساؤه، والعيد في مجتمع لا يعترف به، وبالتالي فلا يحتفل به إلا العدد القليل هم أبناء الجالية المسلمة.
    ومن ناحية أخرى؛ فإن هناك مشكلة عويصة وهي اختلاف الجالية المسلمة نفسها في موعد الاحتفال بالعيد، وفي هذا انتفاء كامل للوحدة، وتضييع لنكهة هذا اليوم، لدرجة أن معظم أبناء الجاليات المسلمة في الغرب يتمنون أن يعيشوا ليروا اليوم الذي يبدأ فيه المسلمون في الغرب صومهم واحتفالهم بالعيد في وقت واحد، ويحزن هؤلاء لأن هذه المشكلة تتكرر كل عام، في بدء رمضان، ثم في عيد الفطر، والحمد لله أنها تختفي في عيد الأضحى لأن هناك وحدة في وقفة عرفات.
    ومن شدة وطأة هذه المشكلة فإن الكثير من أبناء هذه الجاليات يتمنى أن تتوحد الأقلية المسلمة في بداية تلك المناسبات على الأقل في مدينته التي يعيش فيها حتى يستطيع مسلمو المدينة الصوم والاحتفال معًا بعيد الفطر، لما في ذلك من توطيد عرى التواصل وتوثيق الرابطة الدينية بين المسلمين. ولا يأبه هؤلاء باتباع الحسابات الفلكية أو رؤية الهلال، فكل ما يريدوه هو أن يتوحد المسلمون في الغربة حتى يكون لهم شأن، وحتى يتمكنوا من الاحتفال بشكل أفضل.
    وهذا التوحد في صيام رمضان وفي الاحتفال بالأعياد يؤدي وظيفة هامة في وجدان أطفال المسلمين حينما تفتح كل المساجد أبوابها من أجل صلاة العيد في نفس اليوم، فهم لا يدركون لماذا المسلمون متفرقون، ولماذا بعض المساجد لا تحتفل بالعيد في اليوم الذي تحتفل فيه مساجد أخرى بنفس المناسبة.
    وفي هذا الشأن أيضاً فإن هناك قطاعاً غير قليل من أبناء الجاليات المسلمة يعتقد أن المسلمين في أوروبا وأمريكا يجب أن يتبعوا المنظمات الإسلامية في الغربة وبلاد المهجر بدلاً من اتباع الدول العربية والإسلامية المختلفة في تحديد بداية رمضان وعيدي الفطر والأضحى، معتقدين أن واقعهم مختلف وهذا يستلزم اجتهاداً مختلفاً وفقهاً مختلفاً عن الفقه السائد في المجتمعات العربية والإسلامية.

    وعلى جانب آخر فإن قضية الوحدة هذه أمر شديد الأهمية بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في الغرب بصفة خاصة، فهم في حاجة ليبدوا موحدين أمام غير المسلمين؛ لتظهر صورتهم أكثر إيجابية، وفي هذا مصلحة للإسلام الذي استطاع توحيد هؤلاء المسلمين وجعلهم يداً واحدة في كل أمر، بدلاً من الصورة السلبية الموجودة الآن والتي تعطي انطباعات سيئة عن الإسلام والمسلمين.
    وهناك دعوة من البعض بأن على أبناء هذه الجاليات إتباع السعودية في تحديد اليوم الأول للصوم، وكذلك أول أيام عيد الفطر، طالما أن الجميع يتبع السعودية في وقفة عرفات والاحتفال بعيد الأضحى المبارك. وهناك دعوة أخرى بأن يتم اعتماد الحساب الفلكي من قبل هذه الجاليات، لأنه من شأنه تحديد بداية الشهور لمائة سنة قادمة. ليست المشكلة في أي الجوانب تنحاز هذه الجاليات، وإنما المشكلة في القدرة على حسم الخلاف وتحقيق الوحدة بإتباع أي الأساليب.
    روعة الاحتفال بالعيد
    لكن ما أروع المنظر حينما يتوجه آلاف المسلمين من أبناء هذه الجاليات لصلاة العيد مصطحبين معهم نساءهم وأطفالهم، وهم يرتدون أجمل الثياب في شكل حضاري، حيث يسلم بعضهم على بعض ويتعانق الجميع بقلوب صافية، وينسون الخلافات والخصومات، ويستشعرون روح الوحدة الإسلامية وعبق التاريخ.
    وما أجمل وأروع أن يستمع الجميع إلى خطبة العيد التي تستعرض أحوال المسلمين في العالم وواقعهم، وطريقة الإفلات من هذا الواقع السلبي، ثم تدعوهم للفرحة والاحتفال يشكل حضاري، وتدعوهم إلى الوحدة والترابط والتزاور.
    وما أروع أن تقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع الحلوى على المصلين بعد انتهاء الصلاة، وكذلك توزيع الهدايا على الأطفال.
    وما أجمل أن يتلاقى أطفال المسلمين فيلعبون ويفرحون في مكان واحد، ويشعرون بالاعتزاز بهويتهم الإسلامية، وما أسمى الغاية حينما تلتقي العديد من السر على طعام واحد وفي مكان واحد.
    الاستعداد للعيد يختلف باختلاف توجهات المهاجرين ومدى تمسكهم بشخصيتهم الإسلامية وشعائر دينهم الحنيف، كما تختلف باختلاف وعيهم الديني ومتانة ارتباطهم بأصولهم العربية الإسلامية.
    والعيد في البلاد الغربية ليس يوم عطلة؛ لذلك ينشغل المسلمون شهورًا عديدة قبل العيد يتساءلون هل سيتزامن عيد هذه السنة مع عطلة نهاية الأسبوع أي السبت أو الأحد أم سيأخذون يوم العيد كيوم عطلة يحسب على أيام عطلتهم السنوية من غير عناء ولا مشاكل، والبعض الآخر يضطر للدخول في مفاوضات ومجادلات مع رئيس عمله للحصول على هذا الحق، والبعض الآخر يفضل - رغمًا عنه- ألا يطلب شيئًا؛ بل يتصرف أو يستأذن في ساعتين لأداء صلاة العيد ثم يعود لعمله في نفس يوم العيد، وهذه هي ضريبة الغربة والحياة في مجتمع غير مسلم.
    والنساء والفتيات المسلمات يجتهدن لإضفاء أجواء السعادة والبهجة على هذا اليوم؛ فيقمن بالاستعداد له قبل فترة بإعداد الحلويات وتنظيف البيت وترتيبه وتزيينه وشراء ملابس وهدايا للأطفال.
    وأروع ما في العيد في المجتمعات الغربية هو اجتماع الأسر المسلمة في حفلات تقدّم برنامجًا ترفيهيًّا للأطفال مع اجتماع الكبار ومناقشة حال الأمة.
    ويكون الأمر مؤثراً حينما يقوم المسؤولون بتأجير قاعة خارج المسجد حتى تتّسع لجمهور المصلين، أو يتم تقسيم القاعة الكبرى إلى جزأين، يتم في كل منهما إلقاء الخطبة بلغتين مثل: إنجليزية وعربية أو أردية أو تركية أو بوسنية بحسب جمهور الحضور ولغته الأساسية.
    وما أكثر الروعة حينما يشارك الغربيون منفتحو العقل والنفس في هذه التجمعات التماسا لفهم معتقدات المسلمين، كما يشارك بعضهم في الصيام ليومين مثلاً في سبيل تجربته والإحساس به، في الواقع، وهناك جمعيات إسلامية تقوم بدعوة الجيران من غير المسلمين إلى الإفطار سواء على مائدة رمضان، أو يوم العيد.
    في يوم العيد، أو أقرب يوم عطلة أسبوعية منه، تلتقي الأسر المسلمة في إحدى الدور أو الأماكن العامة التي يتفقون عليها لتبادل التهاني وتناول الأطعمة وأنواع الحلوى المختلفة التي تعدها الأسر في هذه المناسبة، كما تتعدد الاحتفالات الخاصة برمضان وعيد الفطر بين المجموعات المختلفة باختلاف أصولهم من عرب أو باكستانيين أو أتراك أو هنود أو خلافهم.
    وبدورها تنقل الكثير من وسائل الإعلام الغربية احتفالات المسلمين بالعيد، وغالباً لا يشعر المسلمون في هذه المجتمعات، وهم يؤدون صلاة العيد بأية مضايقة من الجهات الرسمية التي توفر الحماية لكل المسلمين، نتيجة لاحترام الحرية والقيم الديمقراطية، في غالب الأحيان، في هذه المجتمعات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن القوانين في غالبية الدول الغربية تنص على حرية أداء المناسك والشعائر الدينية، وهذا الحق مكفول لكل الديانات والشرائع.
    دعوة للترابط والتكافل
    وإذا كان التكبير وزكاة الفطر وصلاة العيد عبادات قد شرعها الله في ختام شهر رمضان الكريم تقوية للإيمان وزيادة للحسنات احتفالاً بعيد الفطر، فإن أثر ذلك يكون أوضح في الغربة، وفي المجتمعات التي يكون فيها المسلمون أقلية مستضعفة
    وغاية ما يدعو إليه الإسلام هو أن يكون سلوك الاحتفال بعيد الفطر المبارك نابعاً من المفهوم الحقيقي لتلك العبادات، تنفيذاًَ للحديث النبوي الشريف: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
    وإذا كان من مظاهر الاحتفال بالعيد التعبير عن حالة الابتهاج والسرور، فإن من آداب السلوك مراعاة الغير بعدم التسبب في إحداث أي تلوث بيئي او سمعي او بصري، لذلك يجب المحافظة على نظافة المكان، وعدم تشويه المظهر العام للأماكن العامة، لأن ذلك سوف يؤخذ على الإسلام ليتحدث عنه أعداؤه بصورة سلبية.
    العيد مذاق خاص في الغرب
    وإذا كان رمضان بالنسبة للمسلمين في أوروبا وأمريكا قد جمع بين مختلف الجنسيات
    وأخيرا،ً فليس ثمة شك أن الغربة كربة، وأوجاع ، وآلام.. إذ إن أطفال المسلمين ينبهرون باحتفالات المسيحيين بأعياد ميلاد المسيح وغيرها من الاحتفالات الغربية، والآباء الأمهات يجدن صعوبة لإقناعهم أن مثل هذه الأعياد وما يجري فيها ليست من شعائرنا وحضارتنا فكان لا بد من البديل، الذي يجب استغلاله لإظهار فرحة المسلمين بشكل حضاري ومؤثر.
    فالفرحة بالعيد تكون لها مذاق خاص، والشعور بالمتعة يكون له وقع كبير على النفس ففي ذلك إحساس بهوية الإنسان وانتمائه إلى دين يهتم بالترويح عن النفس الإنسانية ويعلي من قيمتها.
    ونصغي لأنس بن مالك- رضي الله عنه- وهو يقول:
    "قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة، ولهم (أي لليهود) يومان يلعبون فيهما، فقال: "قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، والأضحى".
    وما جاء هذا التشريع إلا من حرص النبي- صلى الله عليه وسلم- على أن يكون للمسلمين شخصيتهم المتفردة، المتميزة في أعيادها، وسلوكها، وعبادتها، ومنهجها في شتى مناحي الحياة.
    لقد أباح ديننا في العيد اللهو البريء؛ ترويحًا عن النفس، وتسلية لها، تقول السبدة عائشة: كان الحبشة يلعبون عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في يوم عيد، فاطلعت من فوق عاتقه، فطأطأ لي منكبيه، فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت، ثم انصرفت.

  11. #341
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    المسلمون في الغرب و'معركة القيم'


    بقلم: حسن الحسن*
    فشل السياسات الغربية في العالم الاسلامي وهزيمة مشاريع الهيمنة في الشرق وخسارة معركة الثقافة البديلة تدفع الغرب الى العثور على اهداف جديدة لتصفية الحساب.
    ميدل ايست اونلاين
    بات التهديد المفترض الذي يمثله الإسلام على الحضارة الغربية هو محور الحديث في العالم، لا سيما عقب أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من حروب "وقائية" في الشرق وتطويق أمني للمسلمين في الغرب على اعتبارهم طابوراً خامساً ينتظر الفرصة كي يحقق أجندته الخاصة والخفية. في حين بدأت الأوساط السياسية والفكرية والإعلامية الغربية مهاجمة الإسلام بشكلٍ منهجي، مبررة ذلك بمحاربة التشدد الإسلامي تارة، وبحجة إيجاد مناخات للحوار بغية المواءمة بين المسلمين والمجتمعات التي يعيشون فيها تارة أخرى. وترتكز الحملة الفكرية والدعائية التي يسوقها الغرب إلى معطيات تبدو وجيهة للوهلة الأولى، وبالتالي فلا مبرر للاستياء منها، حيث أن حرية الفكر والتعبير مقدسة لديهم، ولا يمكن تأميمها بحجة مراعاة شؤون أقلية مسلمة لها ثقافة خاصة!
    وبهذا الصدد فإن الحملة الغربية تستنكر مواقف المسلمين، معترضة على حساسيتهم المفرطة تجاه دينهم وقيمهم، حيث أنها تتعارض مع ثقافة المجتمعات الغربية، تلك التي تتنشق الحرية وتعتبرها أهم منجزاتها. كما يفترض الغربيون أنه طالما أن دين المسلمين عزيز عليهم إلى هذا الحد، فلماذا لا يهاجر هؤلاء إلى السعودية وايران حيث تسود أحكام الشريعة بدلاً من المطالبة بإقامتها في الغرب والتنطع بالتمسك بأحكام الدين فيه!؟ وهو الذي قامت حضارته أصلاً على عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومن ناحية أخرى لماذا يصر المسلمون على دفع الغربيين على التخلي عن قيمهم التي يؤمنون بها، أي عن الحريات ومقتضياتها، فيما لا يقبل المسلمون بأن يتخلوا عن أي شيء من دينهم. أوليس في ذلك دليلٌ على تناقض مواقف المسلمين وشاهدٌ على تخلفهم!؟
    كنت أتمنى أن يجري الردّ على الحجج السالفة الذكر بشكل عملي، بمعنى مغادرة المسلمين إلى الديار التي يعتبر الإسلام فيها هو نظام الحياة والمجتمع والدولة، إلا أن ذلك غير مأمول حالياً بالنسبة لجموع المهاجرين من المسلمين في الغرب، ويرجع ذلك إلى غياب تلك الدار التي تقيم الإسلام على ذلك النحو، إضافة لانعدام عوامل الأمن والاستقرار في بلدان المسلمين، تلك التي تمثل البقعة الأسخن والأشد اضطراباً في العالم حالياً، الأمر الذي يلجئنا لمناقشة المزاعم السالفة الذكر، حيث أنها أبرز الحجج المثارة ضد المسلمين في الغرب.
    في الواقع، إن إقامة بعض المسلمين في الغرب، هو رديف إقامة كثير من غير المسلمين في دار الإسلام سابقاً، عندما كان أولئك يلوذون بدار الإسلام طلباً للأمان وهرباً من القهر والظلم. وبالتالي فإن لجوء الإنسان إلى غير موطنه يأتي نتيجة ظروف موضوعية تدفع أصحابها للتخلي عن الوضع الأصلي. وفي حالتنا، فإنّ احتلال بلاد المسلمين والأوضاع الاقتصادية المزرية فيها، إضافة إلى الظلم المتفشي فيها وانعدام أي أمل بالنسبة لعامة الناس في الحياة الكريمة، أدى كل ذلك إلى هجرة الملايين من بلدانهم، كان حصيلتها قدوم بعض منهم إلى الغرب، الذي كان هو نفسه سبباً في إحداث كثيرٍ من مشاكلهم. ولا يقال هنا لماذا لم يلجأ هؤلاء إلى بلدان إسلامية بدلاً من الدول الغربية، لأن الجواب هو أن ذلك حاصلٌ فعلاً، وما نسبة من وصل الغرب من المسلمين سوى فئة صغيرة نسبياً من مجموع ما هو مشتت من هذه الشعوب في العالم الإسلامي نفسه.
    أما لماذا لا يغادر المسلمون ديار الغرب إلى السعودية وايران طالما لا يطيقون السياسات والقيم الغربية ويؤثرون بدلاً عنها تطبيق الشريعة الإسلامية، إن تسويق هذه الدعوى على هذا النحو يفترض بأن السعودية وايران مشرعة أبوابها لاستقبال المسلمين كما أنها تقيم الإسلام في المجتمع والدولة، مع أن هذين الادعاءين مجرد زعمين باطلين. فايران دولة قومية تسعى لتحقيق مصالح النظام السياسي فيها، وليست بدولة للإسلام والمسلمين بحسب المفهوم الشرعي، وذلك واضحٌ في دستورها وفي ممارساتها. وأما السعودية فهي دولة تنظر إلى شبه جزيرة العرب على أنها ملك شخصي لآل سعود، وتقتصر علاقتها بالإسلام على قدر ما يمكن أن يخدمها في توطيد حكم العائلة المالكة، بل إن أجندة نظامها السياسي ينسجم تماماً مع الأجندة الغربية كما أنها حليف رئيسٌ للأنظمة الغربية، ولا يخفى هذا الأمر على أحد. وفي الواقع فإن بقية بلاد المسلمين تسير على نفس المنوال، حيث تعتبر الأنظمة الحاكمة فيها إقامة الإسلام كشريعة ونظام حياة تهديداً مباشراً لها، ما يبطل الحجة المطروحة على المسلمين في الغرب من أساسها.
    أما كيف يتقبل المسلمون العيش في مجتمعات علمانية ديمقراطية وهم لا يؤمنون بها ولا بالقيم المنبثقة عنها؟ فإن الجواب على هذا: إن المسلمين في الغرب يكفيهم أن يكفل لهم القانون القائم حقهم في تطبيق أحكام دينهم في شؤونهم الخاصة، وعدم إكراههم على التخلي عن أحكام الإسلام في حياتهم، وهو ما تزعم النظم الغربية ضمانه، حيث يُفترض كفالة احترام حقوق الأفراد ولا سيما العقائدية والشخصية، وبالتالي فإنه لا يتعارض عيش المسلم في ديار الغرب مع قيمه طالما أنه قادرٌ على إقامة ما هو مسؤول عنه في حياته، بخاصة عندما يفتقد البديل الذي يجسد نمط الحياة الذي ينشده في مكانٍ آخر. ولو افترضنا أن عيش الإنسان في مجتمع ما، يعني التسليم بقيم المجتمع السائدة واعتناق مبادئه وعقائده بالضرورة، لما سكن اليهود والنصارى في بلاد المسلمين قروناً طويلة ولا يزالون، ولمَا تمكن أهل دين من العيش في مجتمع آخر طالما يطبق قيماً ونظماً مخالفة لوجهة نظرهم في الحياة. بل إن هذا الاعتراض من قبل الغربيين هو انقلاب على قيمهم التي يؤمنون بها، حيث أنهم يدعون أن مبدأهم في الحياة يكفل العيش الكريم بحقوق غير منقوصة لمن يخالفهم في المعتقد والرأي والدين!
    وأما استياء المسلمين وغضبهم من الممارسات الغربية بحقهم، فإنه يأتي نتيجة لإحساس المسلمين بشراسة الحملة التي تشن ضدهم والتي تتسم بالعنف والغطرسة والاحتقار لهم ولمعتقداتهم من قبل النظم الغربية. كما أن أكثر ما يقال في الأوساط السياسية والفكرية الغربية بصدد المسلمين ودينهم إنما هو عبارة عن إملاءاتٍ وشتائم وتهم شائنة لا علاقة لها بالنقاش أو الجدل الفكري المزعوم لا من قريب ولا من بعيد، ابتداء بالمواقف السياسية المعلنة مروراً بالرسومات المشينة وانتهاء بتصريحات بابا روما. وأن يغضب المرء لانتهاك مقدساته أمر لا غضاضة فيه البتة، ويحصل ذلك عند المسلم وغيره على السواء. ولا يُعترض على هذا بالقول أن الأوروبيين لا يأبهون بمهاجمة النصرانية مثلاً، ذلك أنها لم تعد عقيدة مقدسة لديهم منذ أمد بعيد، بينما لو هاجم أحدٌ فكرة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل لحوقلت أعين القوم واستجمرت من الغضب، ولاعتبروا ذلك عيباً ونقصاً وهجوماً سخيفاً على قيمهم وطريقة عيشهم.
    وأما مطالبة المسلمين بتطبيق الشريعة في المجتمعات الغربية، فإنه ليس مطروحاً على الأجندة السياسية بين المسلمين، لا كجالياتٍ ولا كمنظماتٍ ولا حتى كأفراد، ذلك أنه أمرٌ غير مأمول التحقيق. ومع هذا فما هي المشكلة مثلاً من ناحية نظرية، بالمطالبة بإحلال مبدأ جديد في اوروبا بدلاً مما هو قائم؟ طالما أن افتراض تحقيق ذلك هو بالطرق السلمية وباتباع الجدل الفكري الذي يُطالبُ المسلمون بتعاطيه.
    إنّ الواقع يشي بأن الغرب الرأسمالي قد خسر معركته الثقافية مع الشرق الإسلامي وقد تشوهت صورته بعد أن لطخت بدماء الأبرياء وبات رديفاً للشر والجشع والقسوة والوحشية، كما أنه بات في الآن ذاته، يائساً من دمج المسلمين في الغرب، ما يعني أن إثارة النظام السياسي الغربي لمواضيع مختلفة خاصة بالمسلمين تحديداً، إنما يتقصد من ورائها تحقيق أجندة معينة، وهي على ما يبدو أنها تبتغي كسب الرأي العام في الغرب لتأييد السياسات الجائرة المزمع استئنافها مع العالم الإسلامي، حيث أن تعبئة الرأي العام وتجييشه ضد الإسلام على النحو الذي نرى، هو الكفيل في إمكان استمرار النخب السياسية في الغرب في متابعة سياساتها تلك. ومن هنا نلحظ أنه على الرغم من دوام تقهقر الحجج الغربية وإفلاسها بخصوص المواضيع المطروحة، فإنها تجدد نفسها بشكلٍ أو بآخر لتدور دوماً على محور واحدٍ، وهو لفت انتباه المواطن الغربي إلى أن أمنه واستقراره ورفاهيته تقف على كف عفريت، وأن محافظته على مكتسباته رهنٌ بمكافحة الإسلام، وأن التضحية ببعض القيم في الغرب لصالح تأمين تلك المصالح أمر ينبغي تفهمه وتبريره والقبول به بل وتأييده.
    *نائب ممثل حزب التحرير المملكة المتحدة
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 12-11-2006 الساعة 12:48 PM

  12. #342
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    في استطلاع للرأي شمل 15 بلداً حول العالم
    تحسن صورة المسلمين في الغرب..
    وانخفاض مؤيدي العمليات الانتحارية


    الرياض- وسيم الدندشي
    العربية


    أعربت أغلبية من الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين عن آراء إيجابية نحو المسلمين، ورأت أغلبية لا يستهان بها من المسلمين الذين شاركوا في الاستطلاع في أوروبا والدول الإسلامية أنه "يمكن للديمقراطية أن تنجح" في معظم الدول الإسلامية. كما كان المسلمون أقل اعتقاداً من غير المسلمين بوجود تناقض بين أن يكون المرء مسلماً ورعاً وأن يعيش في ما وصفه واضعو أسئلة الاستطلاع بأنه "مجتمع حديث".
    وقد وردت بيانات المعلومات هذه في استطلاع عالمي للرأي شمل 15 بلداً وأصدر نتائجه في 22 يونيو/حزيران الحالي مشروع مؤسسة ( بيو للمواقف العالمية) في موقع المؤسسة على الإنترنت، الذي ترأسه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت والسناتور والسفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة جون دانفورث.
    الثقة ببن لادن
    وكشف الاستطلاع عن تقلص الثقة بأسامة بن لادن بين الشعوب المسلمة. وكان هذا الاتجاه أكثر وضوحاً في الأردن (منه في أي بلد آخر)، حيث أدى هجوم إرهابي في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 إلى مقتل 63 شخصاً وإصابة أكثر من مائة آخرين بجراح في عمان. وتقلصت الثقة بزعيم القاعدة من 60 بالمائة قبل عام إلى 24 بالمائة فقط الآن.
    كما أعربت الأغلبية في تركيا ومصر وإندونيسيا، إما عن "قدر ضئيل" من الثقة أو "لا ثقة على الإطلاق" ببن لادن. أما المشاركون في باكستان ونيجيريا فقد دعمت أغلبية نسبية منهم أو أكثريتهم بن لادن.
    التفجيرات الانتحارية
    وتقلصت نسبة المسلمين الذين أجابوا بأنه يمكن تبرير التفجيرات الانتحارية أو أعمال العنف الأخرى ضد أهداف مدنية في بعض الحالات في كل من الأردن وباكستان وإندونيسيا، ولكنها شهدت زيادة طفيفة في تركيا. ورغم ذلك، تسامح حوالي ثلاثة من كل عشرة مسلمين أردنيين ومصريين بشأن التفجيرات الانتحارية، كما تسامح بشأنها واحد من كل سبعة من المسلمين الأتراك والفرنسيين والإسبان والبريطانيين والباكستانيين.
    وقالت الأغلبية في كل من إندونيسيا وتركيا والأردن ومصر، و56 بالمائة من المسلمين البريطانيين، إنها لا تعتقد أن مجموعات من العرب هي التي قامت بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة.
    وكشفت المعلومات عن وجود اختلافات بين المجموعتين (المسلمين وغير المسلمين)، وقد مالت كل منهما إلى إلقاء اللوم على الأخرى وتحميلها مسؤولية ما تعتبره علاقات سيئة بين الطرفين واختلفت المجموعتان حول الأسباب الجذرية الكامنة وراء الخلاف الأخير بشأن الرسوم التي صورت النبي محمد في الدانمرك.
    وأعربت الأغلبية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، ولكن ليس في ألمانيا ولا في إسبانيا، عن رأي إيجابي في المسلمين، في حين أعربت الأغلبية في إندونيسيا والأردن، ولكن ليس في مصر وباكستان وتركيا، عن رأي إيجابي في الغربيين.
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 13-11-2006 الساعة 08:11 PM

  13. #343
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    فتوى حول السفر إلى بلاد الغرب


    منتديات نوافذ


    بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أما بعد :
    مما لاشك فيه أن الغربة أمر ليس بالهين ، يكفي أن المغترب قد ترك أهلة وطنه وقد خلف وراءه كل ذكريات طفولته ودراسته في الصغر ، لكن هناك أسئلة عديدة تبحث عن اجابات شافية
    ماالداعي للهجرة ، وما الباعث على الغربة ، ما الهدف المنشود من ورائها ، هل هي فكرة خطرت في لحظة أعقبها قرار حازم بالترحال والسفر ، أم هي طلب للزرق والعيش وبذل لأسبابة ، أم هي هروب من واقع مرير ، أم أنه لكل مغترب سر وراء غربته وهجرته ، ثم هل المغتربين دعاة الى الله أم أنهم غارقون في ملاذاتهم وشهواتهم ، هل معهم من العلم الشرعي ما يجنبهم الشرور والفتن . هل يمكن أن يكونوا فعلا من أسباب النصر أم أنهم ساهون لاهون
    فالمسلمون هناك الآن يعانون شتى صنوف العنصرية والتمييز في بلاد الحرية ومحاربة العنصرية ، فبعد أحداث سبتمبر الماضي أمسى كل مسلم وإن كان في الهوية فقط موضع شك وريبة ، بل موضع شبهة واتهام ، ربما لو تعطلت سيارة أحدهم لقالوا بفعل مسلم ، فأمسى المسلمون خائفين ، وأصبحوا في منازلهم محاصرين ، خروجهم صعب فقد يلقى القبض عليهم بلا سبب ، حتى صار الحجاب المرأة المسلمة عبوة ناسفة وارهاب
    و قبل الخوض في كل ذلك ، لابد لنا من معرفة أحكام السفر الى بلاد الكفر والإقامة فيها
    والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
    سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم السفر خارج الدول الإسلامية
    كثير من الناس ابتلي بالأسفار خارج الدول الإسلامية التي لا تبالي بارتكاب المعصية فيها ولا سيما أولئك الذين يسافرون من أجل ما يسمونه شهر العسل . أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصيحة إلى أبنائه وإخوانه المسلمين وإلى ولاة الأمر كي ما يتنبهوا لهذا الموضوع .
    فأحاب :
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
    فلا ريب أن السفر إلى بلاد الكفر فيه خطر عظيم لا في وقت الزواج وما يسمى بشهر العسل ولا في غيره من الأوقات ، فالواجب على المؤمن أن يتقي الله ويحذر أسباب الخطر فالسفر إلى بلاد المشركين وإلى البلاد التي فيها الحرية وعدم إنكار المنكر فيه خطر عظيم على دينه وأخلاقه وعلى دين زوجته أيضا إذا كانت معه ، فالواجب على جميع شبابنا وعلى جميع إخواننا ترك هذا السفر وصرف النظر
    أما السفر إلى تلك البلاد التي فيها الكفر والضلال والحرية وانتشار الفساد من الزنى وشرب الخمر وأنواع الكفر والضلال - ففيه خطر عظيم على الرجل والمرأة ، وكم من صالح سافر ورجع فاسدا ، وكم من مسلم رجع كافرا ، فخط هذا السفر عظيم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم- : أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين وقال عليه الصلاة والسلام : لا يقبل الله من مشرك عملا بعد ما أسلم أو يفارق المشركينوالمعنى : حتى يفارق المشركين .
    فالواجب الحذر من السفر إلى بلادهم لا في شهر العسل ولا في غيره ، وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك والتحذير منه ، اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وشرح محاسن الإسلام لهم
    وتعليم المسلمين هناك أحكام دينهم مع تبصيرهم وتوجيههم إلى أنواع الخير ، فهذا وأمثاله يرجى له الأجر الكبير والخير العظيم ، وهو في الغالب لا خطر عليه لما عنده من العلم والتقوى والبصيرة ، فإن خاف على دينه الفتنة فليس له السفر إلى بلاد المشركين حفاظا على دينه وطلبا للسلامة من أسباب الفتنة والردة وأما الذهاب من أجل الشهوات وقضاء الأوطار الدنيوية في بلاد الكفر في أوروبا أو غيرها فهذا لا يجوز ، لما فيه من الخطر الدنيوية والعواقب الوخيمة والمخالفة للأحاديث الصحيحة التي أسلفنا بعضها نسأل الله السلامة والعافية .
    وهكذا السفر إلى بلاد الشرك من أجل السياحة أو التجارة أو زيارة بعض الناس أو ما أشبه ذلك فكله لا يجوز لما فيه من الخطر العظيم والمخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الناهية عن ذلك ، فنصيحتي لكل مسلم هو الحذر من السفر إلى بلاد الكفر وإلى كل بلاد فيها الحرية الظاهرة والفساد الظاهر وعدم إنكار المنكر ، وأن يبقى في بلاده التي فيها السلامة ، وفيها قلة المنكرات فإنه خير له وأسلم وأحفظ لدينه .
    وفي التحذير من السفر إلى بلاد الكفرة وخطره على العقيدة والأخلاق قال : العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد:
    فقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله. وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ومنهج حياة وأتم به على عباده النعمة وأكمل لهم به الدين قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا }
    ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقدا وغيظا وفاضت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وودوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة أو يخرجونهم منها كما قال تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }
    وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } وقال عز وجل: { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }
    وقال جل وعلا: { وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }
    والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة. والمقصود أنهم لا يألون جهدا ولا يتركون سبيلا للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في النيل من المسلمين إلا سلكوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية وظاهرة فمن ذلك ما ظهر في هذه الأيام من قيام بعض مؤسسات السفر والسياحة بتوزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء هذا البلد لقضاء العطلة الصيفية في ربوع أوربا وأمريكا بحجة تعلم اللغة الإنجليزية ووضعت لذلك برنامجا شاملا لجميع وقت المسافر. وهذا البرنامج يشتمل على فقرات عديدة منها ما يلي:-
    أ - اختيار عائلة إنجليزية كافرة لإقامة الطالب لديها مع ما في ذلك من المحاذير الكثيرة .
    ب - حفلات موسيقية ومسارح وعروض مسرحية في المدينة التي يقيم فيها .
    ج - زيارة أماكن الرقص والترفيه .
    د - ممارسة الديسكو مع فتيات انجليزيات ومسابقات في الرقص .
    هـ – جاء في ذكر الملاهي الموجودة في إحدى المدن الإنجليزية ما يأتي : ( أندية ليلية ، مراقص ديسكو ، حفلات موسيقى الجاز والروك ، الموسيقى الحديثة ، مسارح ودور سينما وحانات إنجليزية تقليدية ) .
    وتهدف هذه النشرات إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي :
    1- العمل على انحراف شباب المسلمين وإضلالهم .
    2 - إفساد الأخلاق والوقوع في الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد .
    3 - تشكيك المسلم في عقيدته .
    4- تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الغرب .
    5- تخلقه بالكثير من تقاليد الغرب وعاداته السيئة .
    6- التعود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره .
    7 - تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة التغريب في بلادهم بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الغرب وعاداته وطرق معيشته.
    إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام لتحقيقها بكل ما أوتوا من قوة وبشتى الطرق والأساليب الظاهرة والخفية وقد يتسترون ويعملون بأسماء عربية ومؤسسات وطنية إمعانا في الكيد وإبعادا للشبهة وتضليلا للمسلمين عما يرمونه من أغراض في بلاد الإسلام. لذلك فإني احذر إخواني المسلمين في هذا البلد خاصة وفي جميع بلاد المسلمين عامة من الانخداع بمثل هذه النشرات والتأثر بها وأدعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستجابة لشيء منها فإنها سم زعاف ومخططات من أعداء الإسلام تفضي إلى إخراج المسلمين من دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم وبث الفتن بينهم كما ذكر الله عنهم في محكم التنزيل قال تعالى :
    وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ الآية
    كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم وعدم الاستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج لما في ذلك من الأضرار والمفاسد على دينهم وأخلاقهم وبلادهم كما أسلفنا وإرشادهم إلى أماكن النزهة والاصطياف في بلادنا وهي كثيرة بحمد الله والاستغناء بها عن غيرها فيتحقق بذلك المطلوب وتحصل السلامة لشبابنا من الأخطار والمتاعب والعواقب الوخيمة والصعوبات التي يتعرضون لها في البلاد الأجنبية .
    هذا وأسأل الله جل وعلا أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين وأبناءهم من كل سوء ومكروه وأن يجنبهم مكايد الأعداء ومكرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه القضاء على هذه الدعايات الضارة والنشرات الخطيرة وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
    وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين هذا السؤال
    بعض الشباب يريدون أن يتعلموا الطب وبعض العلوم الأخرى ولكن هناك عوائق مثل الاختلاط والسفر إلى بلاد الخارج فما الحل ؟ وما نصيحتكم لهؤلاء الشباب ؟.
    فأجاب:
    الحمد لله
    نصيحتي لهؤلاء أن يتعلموا الطب , لأننا في بلادنا في حاجة شديدة إليه , وأما مسالة الاختلاط فإنه هنا في بلادنا والحمد لله يمكن أن يتقي الإنسان ذلك بقدر الاستطاعة .
    وأما السفر إلى بلاد الكفار فلا أرى جواز السفر إلا بشروط :
    الأول : أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات ، لأن هناك في بلاد الكفار يوردون على أبناء المسلمين الشبهات حتى يردوهم عن دينهم .
    الثاني : أن يكون عند الإنسان دين يدفع به الشهوات ، فلا يذهب إلى هناك وهو ضعيف الدين , فتغلبه شهوته فتدفع به إلى الهلاك .
    الثالث : أن يكون محتاجاً إلى السفر بحيث لا يوجد هذا التخصص في بلاد الإسلام .
    فهذه الشروط الثلاثة إذا تحققت فليذهب , فإن تخلف واحد منها فلا يسافر ؛ لأن المحافظة على الدين أهم من المحافظة على غيره - انظر تفصيل هذه المسألة في(مجموع الفتاوى) للشيخ ابن عثيمين 3/28 - .
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 14-11-2006 الساعة 10:50 PM

  14. #344
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    كاريكاتير الدنمارك.. الساحة التي غاب عنها المسلمون..!


    لدى البدء في كتابة هذا العمود، كان الموقع الالكتروني لآلية البحث «غوغل» يتضمن ما يزيد عن 2200 مقال نُشر حتى الآن بالانجليزية فقط حول موضوع الرسوم الدنماركية المثير للجدل. أما الموضوع الاخباري الآخر الذي تناوله أكبر عدد من وسائل الاعلام في الفترة نفسها، فيتعلق بالجدال المستمر بشأن البرنامج النووي الايراني، إذ سجل الموقع ما يزيد عن 1900 مقال.
    للوهلة الأولى قد لا تكون هناك أي صلة جلية بين المسألتين، اذ أن الموضوع الأول يقابل بين مفهومي حرية التعبير، الذي لا يشكل «مفهوماً غربياً» على الاطلاق ولا يُعتبر «حقاً مطلقاً»، والتعاليم الدينية في الاسلام التي تحظر رسم الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم. وما زاد الطين بلة وساهم في صب الزيت على النار هي الطريقة التي صور فيها الرسول الكريم في الرسوم التي بادرت بنشرها صحيفة دنماركية، ثم أعيد نشرها في وسائل اعلام أوروبية عدة، والتي أثارت صدمة المسلمين (وغير المسلمين أيضاً) في مختلف أنحاء العالم، مما حول هذا الجدل المتنامي من قضية خلافية إلى أزمة دولية تدق على وتر حساس لدى المسلمين.

    وفي حين يعتبر عدد من السياسيين والمحللين أن بعض العناصر الراديكالية أو الأنظمة تستغل هذه القضية لأغراض سياسية، الا أن الحقيقة كانت ولا تزال أن نشر هذه الرسوم في سبتمبر الماضي للمرة الأولى، كان بحد ذاته تجديفاً، واعتُبرت اعادة نشرها بعد أشهر عديدة استفزازا ومؤامرة ضد الاسلام. واذا كان هذا الأمر صحيحاً بالفعل، فعلى المسلمين أن يفكروا ملياً بما يحصل ويتجنبوا الفخ بدلاً من الوقوع فيه، لأن ما تهدف الجهة المستفزة إلى تحقيقه هو تحديد أجندة تسلسل الأحداث وردود الفعل. ولدى مشاهدة صور النيران وهي تلتهم السفارات الأوروبية وأماكن العبادة التابعة لأديان أخرى على شاشات التلفزيون، لا يمكن استخلاص إلا إلى أن أعمال العنف هذه لا تخدم الاسلام والمسلمين، وإلى أنها لا تساعد على تحسين صورة الاسلام في الغرب التي هي أصلا مشوهة ومُساء فهمها.

    ومع ذلك، فان اندلاع أعمال العنف التي شاهدناها في الأيام الأخيرة لم يأتِ من فراغ، اذ أنه يعبّر عن وضع أصعب بكثير يعيشه المسلمون، ويعكس أزمة عميقة تعصف بالعالم الاسلامي تاركة الغرب في حيرة من أمره، لا سيما وأن هناك مليار مسلم في العالم يعيش حوالى عشرين مليونا منهم في أوروبا، الأمر الذي دفع الحكومات الأوروبية الى التوقف مليا عند أعمال الشغب التي اندلعت في فرنسا العام الماضي واستمرت أياماً عدة.

    لا شك أن أزمة الرسوم ستتلاشى شيئاً فشيئا، على أمل ألا يقع ضحيتها عدد كبير من الناس، على غرار ما حصل إزاء فورة العنف الانفعالية التي ظهرت فجأة نتيجة صدور كتاب سلمان رشدي «الآيات الشيطانية» والفتوى الصادرة عن آية الله الخميني التي منحت الكاتب شهرة دولية واسعة بين ليلة وضحاها.

    ولكن، عندما تثير كلمات أو رسوم من هذا النوع هذا القدر من الانفعال والعنف، فلعل ذلك يشكل مؤشرا على درجة خطيرة وعميقة من الهشاشة لدى مجتمع بكامله، قد تدل للوهلة الأولى على استعداده وقدرته على الدفاع عن نفسه، ولكنها في نهاية المطاف، تكشف على أنه عرضة للاستغلال والتضليل والانجرار الى الفخاخ المنصوبة له، خصوصاً في ضوء المناخ الدولي السائد منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، المتسم بالتوتر في وقت تدور معارك سياسية أوسع نطاقاً وأبلغ خطورة وأكثر أهمية.

    في هذه الأثناء، وبهدوء وبعيداً عن الأنظار المنشغلة بأحداث أخرى، تُرسم الخرائط الجديدة. فقد أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بالوكالة، ايهود أولمرت، الثلاثاء الماضي أن بلاده تنوي الانفصال عن الفلسطينيين، لكن دون التفاوض معهم على تسوية، مشيراً الى أن اسرائيل ستضم وادي الأردن بكامله، مما يعني أن أي دولة فلسطينية مقبلة في الضفة الغربية ستكون محاطة بإسرائيل من كافة جوانبها، ولا اتصال جغرافيا مباشرا لها بالدول المجاورة (تماما كحال بنتوستانات نظام الأبارتايد في جنوب افريقيا). ولم يتوقف أولمرت عند هذا الحد بل أضاف أن الحكومة الاسرائيلية «ستبقي القدس موحدة». بيد أن عدد المقالات التي تناولت هذا الموضوع حسب الموقع الإلكتروني لـ«غوغل» لم يتعد 250 لدى كتابة هذا العمود.

    ألم يكن من الأجدر بهذا العدد الكبير من المسلمين الغاضبين، لو وظّفوا ما أطلقوه خلال الأيام القليلة الماضية من غضب وطاقة بسبب الرسوم التي نشرتها بعض وسائل الاعلام الأوروبية، ولو كانت هذه الرسوم مسيئة وتجديفية الى أبعد حد، في مكان آخر؟ وهل يشكل هذا الغضب تحذيراً أم وسيلة لتنفيس الاحتقان والخيبات التي يعيشها المسلمون؟ وهل هو استعراض للقوة أم صورة لحالة الفوضى والتشويش التي تعم العالم الاسلامي؟ فهل سمع أحد بإطلاق حملة احتجاج ضد الجدار الفاصل الذي تمضي الحكومة الاسرائيلية في تشييده، والذي هو قاب قوسين أو أدنى من إحكام القبضة الإسرائيلية نهائيا على مدينة القدس؟


    غيدا فخري
    جريدة الشرق الأوسط

  15. #345
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي رد: مشاركة: المسلمون في الغرب


    إشكاليات الدعوة عند مسلمي الغرب



    ليلى بيومي
    الإسلام اليوم



    في كل أزمة.. ومع كل محنة جلل تتعرض لها الأمة العربية والإسلامية، وتحتاج فيها إلى مؤازرة ودعم غيرها من الأمم والشعوب، نكتشف أن الشعوب الغربية - وحكوماتها بشكل خاص - ضدنا على طول الخط، ومع عدونا على طول الخط، على الرغم من أننا نكون الطرف المظلوم والمُعتَدى عليه.
    وهذا بدوره يطرح سؤالاً هاماً وهو: هل أخفقنا في إقناع الشعوب الغربية بعدالة قضايانا؟ وهل دعونا هذه الشعوب أصلاً إلى الإسلام؟ وإذا كنا قد مارسنا ذلك, فلماذا لم ننجح؟ وما هي العقبات التي تقف في سبيل توصيل الدعوة الإسلامية إلى المجتمع الغربي؟ وما هي الأساليب المثلى لدعوة الإنسان الغربي وتصحيح أفكاره حول قضايانا العادلة؟ وما هو واجب المسلمين في الغرب تجاه الدول التي يعيشون فيها؟

    مدخل ضروري

    بداية، فإننا يجب أن نعترف بأن الغرب كان - ولا يزال- ينظر إلى ذاته على أنه مركز العالم، وأعلى حضارة إنسانية فيه، ومن ثَم ينظر نظرة استعلاء إلى ما سواه من الأمم والشعوب والحضارات، وإضافة إلى هذا الشعور الغربي الذي ينظر للآخر من أعلى، فقد ترسب على مدى العصور شعور بالكراهية تجاه الآخر المسلم بصفة خاصة، والنظر إليه من منظار مشوَّه، وبالتالي فعلى الداعية المسلم الذي يمارس الدعوة مع الإنسان الغربي أن يكون على علم كامل ودراية شاملة بتفاصيل ذلك وأسبابه، وكيفية الإجابة عن الأسئلة التي تنطلق في هذا الإطار والرد عليها وتفنيد حججها.
    ومن ناحية أخرى فإن الغربيين عموماً أهل كتاب وأهل حضارات مستمرة ومتنوعة، وهم ينظرون إلى الشعوب بمنظار التحدي والغلبة والتفوق الذهني العلمي، وهذه التركيبة النفسية والتاريخية والدينية عائق كبير في تلقيهم التعاليم من الشعوب الأخرى، خصوصاً إذا تمت البرهنة على أخطائهم العقائدية التاريخية الكبيرة.
    لكن على الجانب الآخر فإن الشعوب الغربية بدأت تدخل في متاهات حياتية وأخلاقية وعلاقات اجتماعية ضعيفة جداً وصراع نفسي كبير، وهو ما يجعل الكثير من الغربيين بحاجة ليد حانية وعقول واعية تستفيد من تلك الظروف المواتية وتوظفها لإنجاح دعوة هؤلاء إلى الإسلام.

    عقبات في طريق دعوة الغرب

    هناك الكثير من العقبات التي تعترض طريق دعوة الإنسان الغربي، سواء كانت تلك العقبات تتعلق بالإنسان الغربي نفسه، أو تتعلق بالمسلمين الذين يمارسون الدعوة في الغرب. ففيما يتعلق بالإنسان الغربي نفسه، فهناك نفور من جانب الأوروبيين والأمريكان من الدين من حيث هو، قياساً على الدين النصراني الكنسي الذي أراحوا أنفسهم من هيمنته التي حالت بينهم وبين التقدم الحضاري المادي الحالي.
    كما أن هناك جواً مادياً يسيطر على عقول الأوروبيين، ويجعلهم يهتمون بملاذ الجسد ومتع الحياة الدنيا، ويهربون من الإيمان وما يتعلق به، فراراً من التقيد بحلال أو حرام، على الرغم من إحساسهم بالخواء الروحي المقلق لحياتهم.
    هذا كله في واقع مليء بالحملات الشديدة المتواصلة لتشويه الإسلام والتنفير منه من خلال المستشرقين والمنصّرين ومؤسسات التعليم والإعلام وكثير من السياسيين.
    أما فيما يتعلق بالعقبات الناتجة من أفعال المسلمين الذين يمارسون الدعوة في بلاد الغرب، فهناك القدوة السيئة التي يراها الأوروبي في كثير من المسلمين في البلدان الأوربية نفسها؛ إذ إن الجاليات المسلمة في بلاد الغرب يغلب عليها الجهل بالإسلام وكثير من أفرادها وأسرها غير ملتزمين بآدابه، بل إن بعضهم لا يقر بمبادئه، ولا يؤدي شيئاً منها، إضافة إلى صفات سيئة يتصفون بها ينفر منها الأوروبي، مثل خلف الوعد والكذب والغش.
    وكذلك ما يرون وما يسمعون من القدوة السيئة في المسلمين في بلدانهم التي هي معدن الإسلام ومنبعه، وعدم وجود نموذج صحيح يؤكد لهم في عالم الواقع ما يدعيه المسلمون من المبادئ السامية في الإسلام.
    وهناك أيضاً ندرة الدعاة المؤهلين علماً وعملاً وقدرة على التأثير، ومعرفة بأحوال العصر وأحوال الناس وعاداتهم وإجادة لغتهم، والفقه بأولويات الدعوة والصبر على ما قد يلاقونه من صعاب، والتجرّد لله تعالى في دعوتهم.
    وهناك كذلك قلة الكتب الإسلامية المؤلفة بلغة القوم في كل بلد، أو المترجمة إلى لغاتهم، مع سلامة المعنى وحسن الصياغة وجودة الأسلوب، وبخاصة ترجمة معاني القرآن الكريم التي أول ما يسأل الباحث عن حقيقة الإسلام عنها.
    وأكثر الترجمات التي توجد في أيدي الناس ترجمات بعض المستشرقين، من اليهود والنصارى، أو ترجمات بعض الطوائف المنحرفة المنتسبة إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، كالقاديانية.
    كما أن الإنسان الأوروبي يرى بعينيه كثرة التنازع بين المسلمين في أوروبا، امتداداً لخلافاتهم الموجودة في بلدانهم، حيث يرى الأوربيون الصراع يحتدم بين المسلمين في مساجدهم ومدارسهم ومراكزهم، إلى درجة تقتضي تدخل أجهزة الأمن الأوروبية بينهم، لفصل النزاع الذي إذا بحثنا في أسبابه وجدناها في الغالب التنافس في الزعامات والأمور المادية، وليست من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين، وإن زعم كل فريق حرصه على تلك المصلحة.

    مشكلات يجب البدء بحلها

    وإذا كان المسلمون الذين يقيمون في الغرب يرغبون حقاً في ممارسة الدعوة الإسلامية على أسس سليمة في أوساط الغربيين فعليهم أولاً البدء بأنفسهم، وتنقية صفوفهم، وتنقية أفكارهم، وإقامة شؤون حياتهم على أسس الشورى الإسلامية، وتغليب المصالح الإسلامية العامة على مصالح الأشخاص الخاصة، وتصحيح مسار حياتهم تماماً، كي ينظر إليهم الإنسان الغربي على أنهم القدوة والنموذج.

    فالملاحظ أنه في أوروبا وأمريكا تقوم بعض الجماعات والحركات الإسلامية بتطبيق الفكر الذي تتبناه في بلادها وترفض مبدأ العمل انطلاقاً من أرض الواقع، وظاهرة النقل الميكانيكي لفكر وآليات واجتهادات قد تكون صالحة في البيئة التي أنتجتها، لكنها قد تكون ليست فقط غير مفيدة في بيئة أخرى تختلف عنها، بل قد يكون ضررها بليغاً ولا تفضي إلى المقصود منها، بل إلى عكس المطلوب، وهذا ما لا يتنبه له كثير من الشباب المتحمس سواء ممن ذهب إلى الغرب حاملاً بضاعة ثقافية إسلامية يحسبها الإسلام ذاته فيبذل جهده لتنزيلها في أوضاع ثقافية تختلف جذرياً عن تلك التي وُلدت فيها، أو من الشباب المسلم الذي وُلد في الغرب، ولكنه لم يجد ثقافة إسلامية قد تطورت في هذه البيئة مزاوجة بين مبادئ الإسلام وبين الثقافة السائدة في البيئة الغربية.
    وعدم الانتباه إلى الفوارق بين الإسلام كدين لكل زمان ومكان وبين الثقافات الإسلامية التي هي ثمرة التفاعل بين ذلك الدين يبين واقعاً معيناً في زمن معين، يفضي إلى ضروب من التعصب وتكفير المسلمين بعضهم لبعض ومحاولات بائسة لفرض ثقافة بيئة اجتماعية معينة في بيئة أخرى مغايرة.
    كما أن المسلمين في هذه البلاد يفتقدون لرؤى مستقبلية لواقعهم هناك، وذلك بسبب عدم وجود قيادة تخطط لمستقبلهم في الدول التي يعيشون فيها، وأهم تحد يواجه الأقليات المسلمة في الغرب هو توطين الدعوة الإسلامية في هذه البلاد، وهو أمر يحتاج إلى تخطيط وإلى جهود سياسية واقتصادية وإعلامية وتربوية.
    كما أن هناك مشكلة تواجه الغربيين الذين يعتنقون الإسلام والذين لا يجدون رعاية، ولا اهتماماً حقيقياً بهم لتعليمهم الدين الصحيح وطبيعة الإسلام، وذلك على الرغم من فرحة الدعاة المسلمين بإعلان أي شخص إسلامه، ولكنهم يظنون أنهم بعد فترة وجيزة من الرعاية قد فهموا الإسلام، وفهموا كل شيء بينما هم في حقيقة الأمر ما زالوا بعيدين عن الإسلام، ولذلك فكثيراً ما يفاجَأ المسلمون أن شخصا أسلم، ثم ما لبث أن ارتد عن الإسلام، ويحدث هذا غالباً مع النساء، وإذا لم يرتد هذا الشخص أو هذه المرأة فإنه يصبح مسلماً بالهوية فقط، وهذا يجعلنا نؤكد أن المسلمين الجدد في حاجة إلى رعاية خاصة من خلال وضع برامج للارتقاء والاهتمام بهم وتنمية معارفهم الإسلامية.
    ويلاحظ أيضاً أن هناك كثيراً من القيادات الدينية في هذه الدول من الشباب الذين يفتقدون حنكة الشيوخ أو فقههم وتعمقهم في العلم، هذا فضلاً عن كون أكثريتهم من المتطوعين غير المتخصصين، وأوضاع الدول الغربية تتطلب عالماً قادراً على علاج المشكلات والمسائل العجيبة التي تطرح عليه، وتحتاج إلى اجتهاد أو قياس، وهو ما لا يفيد فيه غالباً عالم محدود المعارف محدود الخبرات. وحتى إذا زار العلماء الكبار هذه الدول، فهي زيارات مؤقتة لا تشبع نهم المسلمين ورغبتهم في التعلم، وتجب الإشارة هنا إلى أن القنوات الفضائية تسد جزءًا من هذا الفراغ، لكن يبقى وجود شيخ وسط الناس يستفتونه ويلجؤون إليه في أي وقت أمراً مهماً.

    من واقع التجربة

    وحتى لا يكون كلامنا في هذه السطور مرسلاً وغير قائم على أدلة من الخبرة والواقع، فإننا ننقل نماذج لبعض الذين مارسوا العمل الإسلامي في الغرب وملاحظاتهم على واقع الدعوة الإسلامية هناك.
    يقول الدكتور حسين حلاوة- إمام المركز الإسلامي بإيرلندا: إننا في الغرب نستخدم الوسائل الممكنة والمتاحة لنا وفق قوانين البلاد التي نعيش فيها، فقد يعتقد البعض أن هناك فترات هدوء يمكن أن يكون فيها كسب لقوانين وحقوق للمسلمين كأقلية، ولكن ينسون أن مشاكلَ المسلمين في الغرب ليست هينة، بل من وجهة نظري أصعب منها عن الشرق، حيث الذوبان وفقدان الهوية وضياع الأجيال يجعل المراكز الإسلامية والمؤسسات في شغل دائم، وتسعى لكسب حقوقها لتحقيق احتياجاتها، وظهر هذا واضحًا من خلال ما حققه المسلمون من مكاسب في بعض البلدان الأوروبية.
    ولا ننسى هنا أن للمسلمين مشاكلهم الخاصة أيضًا من مشاكل داخلية وغيرها، فهم صدى لبلادهم التي جاءوا منها، وللأسف ما يعاني منه المسلمون في الشرق من تمزق وتفرقة ينطبق على المسلمين في الغرب وإن اختلف الأمر من بلد إلى آخر، ومما لا شك فيه أن هذا الخلاف يضيع الوقت والجهد ويجعل المسلمين لقمة سهلة.
    ونحن أقلية، ولكن -كما قلتُ- إنَّ المسلمين في الغربِ يحملون معهم مشاكل الغرب والشرق معًا لكونهم متأثرين بلا شكّ بالبيئات التي جاؤوا منها، ومع ذلك فهناك مساع حميدة وخطوات مباركة لإيجادِ مظلة تجمع المسلمين، ففي معظمِ الأقطار الأوروبية هناك مجالس إسلامية تمثل المسلمين وهناك اتحادات تجمع المؤسساتِ، لكن للحق كل هذا ليس على المستوى المطلوبِ والمأمول، والأمر لا شك يحتاج إلى مزيدٍ من جهد وبذل وتكاتف حتى تؤتي المؤسسات ثمارها.
    أما الشيخ ماهر عقل الذي مارس الدعوةَ في الغرب فيرى أن للمسلمين في الغرب حرية ليست لنا نحن في ديارنا، ولو وُجدت عندنا لكنا في حالٍ غير الحال، ففي أمريكا يخرج المسلمون للمظاهرات والاعتراضات ويقومون بالصلاة في الشارع وتحرسهم الشرطة في مظاهراتهم، وقد يطالبون بحضور بعض المسؤولين من الكونجرس وغيره فيحضرون، ولكن ما يجب أن نؤكد عليه هو دور المسلمين في نشر المعرفة بالدين لغير المسلمين عن طريق المطبوعات والندوات واللقاءات ببعض المفكرين من مختلف الديانات، وأيضًا نشاط اتحادات الطلاب في الجامعات التي تقوم بدعوة الكثير من الدعاة.
    ولا بد لنا من معرفة أنَّ الكثير من الأمريكان مهتمون بالتعرف على الدين الإسلامي ، ولكن ما يؤكدون عليه دائمًا هو "حدِّثونا عن الدين ولكن لا تحدثونا عن الجهاد" نظراً لما زرع في قلوبهم من معاني سيئة للغاية حول مفهوم الجهاد من خلال ما تبثه وسائل الإعلام والدعاية المعادية للإسلام.
    إن المسلمين في الدولِ الإسلامية لا يستطيعون أن يحاربوا الغرب سلاحًا، ولكن نستطيع أن نغزوه فكرًا، وهذا من المبشرات بانتصار الإسلام فطغيان المادة والحضارة النفعية وإفلاس حضارة المادة جعل الناس تبحث عن غذاء لروحها، وقد وجدوه في الإسلام، ولا بد لنا أن نعذر المسلمين؛ لأنهم أقلية لا بد لها من الحفاظ على وجودها، ولا بد لها من المسايرة ليس على حساب دينها، ولكن لاستمرار هذا الدين.

    أما الشيخ عبد الحميد الكبتي- مدير المركز الإسلامي بمدينه سيون بسويسرا فيرى أن الانشغال بالمشاكل الداخلية سيبقى ما لم تتغير عدة أمور في الجالية المسلمة في الغرب وفي التعامل معها، ومن ذلك توفير شريحة عريضة من الدعاة المتخصصين من أهل العلم تعمل على نشر الوعي بين صفوفِ هذه الجالية بشكلٍ منهجي وليس بخطبِ الجمعة فقط، والتركيز على معيار التخصص والإنجاز في الأداء الدعوي مع الجالية وليس على حسابِ الحزبية أو الوطنية أو الذاتية، مع دعمٍ مالي وإشراف علمي رسمي على مديري هذه المراكز الإسلامية وقادة الجاليات مع متابعة وتدقيق وتوفير تفرغ كريم لكل داعية تتوافر فيه مواصفات الداعية في الغرب.. حين تتوافر مثل هذه الأمور سنجد الحال بدأ يتغير.
    ويؤكد أنه ليس الوقت والجهد فقط الذي يضيع بسبب الخلافات والفرقة بين المسلمين في الغرب، ففي بعض الأحيان نفقد حتى أسس الفهم الإسلامي الصحيح، ليحل محلها الوطنية والقطرية المقيتة، والتي تقتل العمل، وفي المقابل لا تحيي أي شيء كبديل عن تلك الأعمال أو الشخصيات، والعقلية المتخلفة في فهم الأمور للأسف لا تزال وافرة في عقول البعض في الساحة الأوروبية، بخاصة ممن أصولهم عربية، كأن مجتمعاتنا العربية طبعت فينا هذه العقلية، ولم يسع أصحابها إلى الاستفادة من الأجواء الأوروبية والنظرة الواعية للأمور التي تقوم على تقديم شيء لهذا الدين، ولهذه الدول التي نعيش ونأكل فيها، وينعم الكثيرون منا بالأمن والأمان.

    القضاء على الخلافات الفكرية

    أما د. صلاح الصاوي مدير الجامعة الإسلامية المفتوحة بواشنطن فيتحدث عن كيفية القضاء على الخلاف بين فصائل العمل الإسلامي، خاصة العاملة في الخارج فيقول:
    لقد تأملت في واقع العمل الإسلامي المعاصر فوجدت أنه يعاني من مشكلتين كبيرتين.. من تشرذم علمي يوشك أن يمثل تفرقاً في الدين.. ومن تشرذم تنظيمي يوشك أن يمثل تفرقاً في الراية.. فأخذت أبحث عن الأسباب.. ما الذي أدّى إلى التشرذم العلمي؟ فوجدت أن هناك اجتهادات علمية متفاوتة مختلفة أدت إلى أن تموج الساحة بالمفاهيم المتصارعة.. أسباب ذلك كثيرة منها: الخلط بين الثابت والمتغير أو الخلط بين المحكم والمتشابه.. لأن مرد الخلل في هذه الناحية يرجع إلى أحد أمرين: إما أن نغلو في مسألة من مسائل المتشابه، فنرفعها إلى مصاف المحكمات والقطعيات فنوالي ونعادي عليها، وإما أن نوهن ونفرط في مسألة من المحكم فنهمش قيمتها ونهمش دورها ونهبط بها إلى مستوى المسائل المتشابهة والبسيطة.. هذا يقتضي منا أن نعيد ترتيب الأوراق داخل العقل المسلم بحيث نفصل بدقة بين المحكمات التي يجب أن تجتمع عليها كلمة المسلمين كافة، وبين المتشابهات التي يجب أن يتغافر فيها الناس ولا يفجروا بسببها عداوات وخصومات.
    ويجب أن نقدم ورقة عمل تجمع فيها نقاط التنازع بين فصائل العمل الإسلامي لنفصل فيها ما قدمنا سابقاً، ولي شخصياً دراسة في ذلك، ترجع قصتها إلى أنني حضرت في أمريكا مؤتمراً بعنوان: "نحو مسيرة راشدة للعمل الإسلامي"، وأسفر المؤتمر عن توصية بتشكيل لجنة لتحصر نقاط الخلاف في ساحة العمل الإسلامي، وتحاول أن تقدم بشأنها ورقة عمل.. لنجمع من المحكمات دستوراً للعمل الإسلامي، ومن المتشابهات مادة تغافر وموضوع تراحم بين الناس، ثم يُدعى لها والمفكرون والفقهاء، ويستبعد في هذه المرحلة العامة وأشباه العامة.. إلى أن تتضح هذه الورقة وتسدد، ثم بعد ذلك يمكن أن تشاع هذه الورقة وتتبناها المؤتمرات والندوات والمحافل العلمية.

صفحة 23 من 35 الأولىالأولى ... 131718192021222324252627282933 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. انظروا ماذا قالوا عنا نحن المسلمون .. تلك بعض اقوالهم ..
    By ابو منيف in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 17-03-2010, 01:50 AM
  2. ولفنسون يطالب العرب بوقف الاستحواذ على مصارف الغرب
    By التحليلات والأخبار in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادن
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-11-2008, 06:12 PM
  3. لماذا المسلمون
    By محمد العزب in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-01-2008, 12:57 AM
  4. كيف غير المسلمون وجه العالم
    By ahmed hanafy in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-08-2006, 09:19 PM

الاوسمة لهذا الموضوع


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17