صفحة 19 من 35 الأولىالأولى ... 91314151617181920212223242529 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 271 إلى 285 من 518
  1. #271
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    أحداث 11 أيلول
    وثقت الصلة بين مسلمي مدينة نيويورك





    توثقت أواصر الصلة بين مسلمي مدينة نيويورك في مواجهة تمييز متزايد ضدهم بعد هجمات 11 أيلول 2001؛ ودفعهم هذا التمييز إلى البحث عن جذورهم الدينية، ونبذ خلافاتهم الطائفية واللغوية التي كانت عادة ما تثير فرقتهم، وفقاً لدراسة استغرق إعدادها ست سنوات، وبدأت جامعة كولومبيا الأمريكية في نشر نتائجها الإثنين 4/10/2004.

    وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الثلاثاء 5/10/2004 أن مؤسسة فورد موّلت الدراسة التي تقدم أكبر نظرة شاملة حتى الآن للانتماءات الدينية والاجتماعية والسياسية لمسلمي نيويورك الذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف مسلم، وذلك قبل وبعد 11 أيلول، في جهد بحثي شارك فيه أكثر من عشرة باحثين أكاديميين، وأساتذة جامعيين.

    وتقوم مؤسسة فورد التي أنشئت عام 1951 بتمويل الكثير من المشروعات البحثية وغيرها في العالم، وتقول: إن من أهدافها دعم القيم الديمقراطية، والتعاون الدولي، ومكافحة الفقر والظلم، ودفع مسيرة الإنجاز البشري.

    وتم كشف بعض من نتائج الدراسة في مؤتمر يستمر يومين تنظمه «كلية الشؤون الدولية والعامة» بجامعة كولومبيا.

    وفي تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» نشرته الثلاثاء الماضي قال بيتر عون أستاذ الدين الإسلامي بجامعة كولومبيا: «إن المستوى العام للراحة الذي كان يحسه المسلمون تعرض لهزة عنيفة بأحداث 11 أيلول، وأصبحوا تلك الأقلية المهددة التي تُعرف بدينها أكثر من أي شيء آخر؛ وهو ما دفعها إلى البحث الجاد عن جذورها الروحية».


    التمييز والتحيز:


    وفي أعقاب 11 أيلول عانى المسلمون في أنحاء الولايات المتحدة من أشكال شتى من التمييز والتحيز تراوحت بين فقدان وظائفهم إلى تعرضهم لجرائم كراهية أفضت إلى 7 حالات وفاة على الأقل، وفقاً للجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز، وأرغمت السلطات أكثر من 80 ألف شخص من أغلب الدول الإسلامية على تسجيل بياناتهم لدى وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، وتم الشروع في إجراءات ترحيل 13 ألفاً منهم لم يتم توجيه تهمة واحدة تتعلق بالإرهاب لأي منهم.

    وكانت معاناة النساء والأطفال من المسلمين أكثر من غيرهم من ناحية التحيز الاجتماعي وفقاً للدراسة، فقد أبلغت سيدات عن تمزيق غطاء الرأس، كما عانى الأطفال من اعتداءات لفظية وبدنية من أقرانهم غير المسلمين، ويبلغ عدد الأطفال المسلمين المسجلين في المدارس العامة في المدينة نحو 102 ألف تلميذ.


    الانتباه للذات المسلمة:

    ووجدت الدراسة أنه على الرغم من أن مسلمي مدينة نيويورك يتحدرون من أماكن شتى مثل تركيا وباكستان والمغرب، فإنهم أصبحوا متّحدين بعد 11 أيلول، وأجرى باحث الدكتوراه في قسم الاجتماع بجامعة كولومبيا جيسي براد فورد مقابلات مع نحو 400 مسلم في ولايات نيويورك وبوسطن وشيكاغو.

    وخلال المحاضرة التي ألقاها في المؤتمر تلا عبارات سطرها مسلم من جنوب آسيا التقى به في نيويورك تقول: «لقد حملني العالم الخارجي على زيادة التفكير في نفسي بوصفي مسلماً».

    والمسلمون من أكثر الجاليات الدينية زيادة في مدينة نيويورك، ويؤدون الصلاة في نحو 140 مسجداً بالمدينة، ولديهم 14 مدرسة إسلامية وفقاً للدراسة.

    وقال الدكتور عون: إن المسلمين من خلفيات شتى يتكتلون على نحو متزايد في ذات المؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية، وأضاف أنه من الشائع الآن أن نجد مساجد في نيويورك توفر الطعام والمؤونة لمسلمين من دول مختلفة، وأن الجاليات المسلمة تتعاون سياسياً بشكل متزايد.

    وأظهرت الدراسة أن الجهود المحلية لجمع الأموال والتبرعات ساعدت مساجد مدينة نيويورك على القيام بدورها، موضحة أن هذه المساجد لا تعتمد في تمويلها على مؤسسات خارجية، وفقاً لما قاله لويس عبد اللطيف كريستيلو أستاذ الأنثروبولوجي (علم الإنسان) بالجامعة،، ومنسق المشروع، وأضاف أن هذه المساجد أكثر اعتماداً على المشروعات والمؤسسات المحلية.


    التغطية الإعلامية:

    كما قوّمت الدراسة التغطية الإعلامية لأخبار المسلمين الأمريكيين قبل وبعد 11 أيلول، وخلصت إلى أن التغطية السلبية لأحوال المسلمين زادت بصورة كبيرة بعد الهجمات.

    وراجعت مجموعة من الخريجين الجامعيين أكثر من 800 مقالة صحفية، علاوة على صور وتقارير تلفزيونية، ووجدوا خلال المدة الزمنية السابقة واللاحقة على الذكرى السنوية الأولى للهجمات زيادة كبيرة في المقالات التي تدل ضمناً على أن مسلمي أمريكا يؤيدون الإرهاب.

    وأوضحوا أن نسبة المقالات التي هي من هذا النوع بلغت 4% من المقالات المنشورة خلال الشهور الستة الأولى بعد 11 أيلول، لكن المعدل زاد إلى 14% بحلول الذكرى السنوية الأولى.


    صورة منقوصة:

    وكشفت الدراسة أن التغطية الصحفية للعالم الإسلامي صوّرت المرأة على أنها ضحية، والرجل على أنه شخص وحشي، وتاجر حروب، وفقاً لما قالته بريجيت ناوس أستاذة العلوم السياسية بجامعة كولومبيا.

    وقالت بريجيت خلال مداخلتها في المؤتمر: «في حين أن هذه التغطية تنبثق من أحداث فعلية، فإنها ترسم صورة غير مكتملة للمسلمين، وتساهم في نشر الصورة النمطية السيئة عن المسلمين».

    وأضافت: «المشكلة أن هذه التغطية لا تعرض إلا جزءاً من الحقيقة.. نحن لا نحصل إلا على مقتطفات ورسوم ساخرة من هذا العالم، لا نحصل على الصورة كاملة».


    المختار الإسلامي

  2. #272
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    بعد قضيّة الحجاب..
    لماذا تتخوّف أوروبا من المسلمين؟

    التطوّر السكاني للمسلمين في أوروبا وأثره على دورهم السياسي والاجتماعي






    نبيل شبيب


    منذ سنوات لا تنقطع في أوروبا الدراسات المستقبلية حول التطوّر السكاني المنتظر، وما يمكن أن يترتّب عليه من عواقب على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، ورغم أنّ ازدياد نسبة المسلمين في أوروبا خلال القرن الميلادي العشرين كان ظاهرة معروفة، إلاّ أنّ الاهتمام بها لم يظهر للعيان في إطار الاهتمام بالتطوّر السكاني العام، ولكنه تنامى عموماً على ضوء ظاهرة انتشار الصحوة الإسلامية، ثمّ مع تداعيات موجة العداء للإسلام، الذي تسعى الهجمة الصهيو- أمريكية في المنطقة الإسلامية إلى تأجيجه عالمياً.

    المعطيات السكانية الأوروبية:

    أمران رئيسيان يسبّبان قلقاً كبيراً في الأوساط العلمية على مستوى الدراسات المستقبلية، وفي الأوساط السياسية على مستوى التخطيط الاقتصادي بعيد المدى في أوروبا.

    (الأمر الأول) هو أنّ عدد السكان من ذوي الأصول الأوروبية يتأرجح بين الثبات وبين التراجع كما في إسبانيا وألمانيا وإيطاليا، مقابل ارتفاع أعداد المهاجرين حديثاً، وأكثر من نصفهم مسلمون، وارتفاع نسبة ذوي الأصول غير الأوروبية من المستقرّين قديماً وأولادهم وأحفادهم في معظم البلدان الأوروبية، لا سيما فرنسا وسويسرا وبريطانيا وألمانيا.

    و(الأمر الثاني) أنّ وسطيّ الأعمار في ارتفاع مطّرد، وهو ما يعني ارتفاع نسبة المسنّين ممّن يتجاوزون مرحلة العمل والإنجاز، مقابل انخفاض نسبة فئات الأعمار من القادرين على العمل والإنجاز، بما في ذلك أصحاب الاختصاصات والكفاءات.

    هذه الصورة الإجمالية التي توصف بانقلابِ هرمِ فئاتِ الأعمار تعزّزها التفاصيل من خلال الأرقام، التي تتفاوت جزئياً على حسب المنطلقات المعتمدة في الدراسات المستقبلية، والمعتمد هنا هو دراسات الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للدول الصناعية، وعدد من المعاهد الوطنية المتخصصة في البلدان الأوروبية، وجميعها يشير إلى نتائج هذا التطوّر التي بدأت بوادرها بالظهور منذ الآن، ومن المفروض أن تصل إلى مستوى (الخطورة) مع حلول عام 2010، بينما تصل التنبؤات بعيدة المدى إلى عام 2050.

    انخفاض نسبة المواليد في أوروبا عموماً ظاهرة ثابتة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد وصلت هذه النسبة إلى 18 طفل لكل ألف نسمة عام 1960، ثم تابعت هبوطها إلى 10 أطفال لكل ألف نسمة عام 2000، وتجاوز عددُ الوفيات السنوي عددَ المواليد في بلدان عديدة كإسبانيا وإيطاليا وألمانيا، ولم يعد يعوّض عن ذلك إلا حركة الهجرة إلى البلدان الأوروبية ولكن جزئياً فقط.

    وتضع الدراسات المستقبلية سلسلة من الاحتمالات لتحديد المعالم العامّة للتطوّر السكاني المنتظر، وقد يصل بعضها إلى صور (مرعبة) للأوروبيين، ولكنّ أهونها شأناً أو أكثرها (تفاؤلاً) يقول: إنّ عدد سكان ألمانيا على سبيل المثال، يمكن أن يهبط من حوالي 80 مليوناً في الوقت الحاضر إلى 62 مليوناً عام 2050، وهذا ما يسري على العدد الأكبر من البلدان الأوروبية الأخرى، وقد سبقت إسبانيا وإيطاليا سواهما على هذا الصعيد، وترى هذه الدراسات أنّ هذا التطوّر سيؤدّي إلى انخفاض نسبة العاملين بمعدّل 40 في المائة، وارتفاع نسبة المسنّين بنسبة 25 في المائة، وإذا أرادت ألمانيا الأكبر من حيث عدد السكان إعادة هذه المعادلة الاجتماعية إلى مجراها الطبيعي وجب عليها فتح حدودها أمام ما لا يقلّ عن 485 ألف مهاجر سنوياً، أي 35 مليوناً حتى عام 2050، ويسري شبيه ذلك على البلدان الأخرى بما يعادل 114 ألفاً سنوياً لبريطانيا، و99 ألفاً لفرنسا وهكذا.. بينما تصل الدراسات المستقبلية الأكثر تشاؤماً إلى توقّعات تقول إنّ 80 في المائة من السكان سيصبحون آنذاك من غير ذوي الأصول الأوروبية.

    وقد بدأ هذا الخلل بالظهور في البلدان الأوروبية مع انتشار سلسلة من الظواهر الاجتماعية عناوينها: تفكّك الأسرة، والعزوف عن الزواج المبكّر، ثم العزوف عن الزواج أصلاً، والعزوف عن الأطفال، ولم يغيّر شيئاً من ذلك ما صدر من قوانين، وما تقرّر من إجراءات مالية لتشجيع الإنجاب وتربية الأطفال بصورة خاصة، ولكنّ معظمها من الإجراءات التي تعالج النتائج، مثل السؤال عن تمكين المرأة من العمل رغم عطلة فترة الإنجاب، وتربية صغار الأطفال، أو نشر المزيد من دُور حضانة الأطفال بسبب غياب الأبوين عن المنزل في النهار، وبقيت التصوّرات الرئيسية ذات العلاقة بتكوين الأسرة وموقعها من المجتمع دون تغيير.

    القلق المستقبلي صادر في الدرجة الأولى عن إدراك ما يعنيه هذا التطوّر المعكوس في الهرم السكاني على الأوضاع الاقتصادية، وتقدّر الدراسات المستقبلية أن يتضمّن ذلك انخفاضَ مستوى الرفاهية بما لا يقل عن 18%، وأن يصبح الفرد الواحد مسؤولاً عن تأمين الاحتياجات المعيشية لثلاثة أفراد من المسنين والأطفال، وربّما كان البحث عن (قوى عاملة أوروبية) من أسباب اتخاذ القرار منذ سنوات عديدة بتعجيل توسعة الاتحاد الأوروبي شرقاً، غير أنّ الدراسات المستقبلية الشاملة للقارة الأوروبية في هذه الأثناء تؤكّد أنّ هذا لن يغيّر كثيراً من التطوّر السكاني الآخذ مجراه، فالوضع في البلدان الأوروبية الشرقية لا يختلف كثيراً عنه في البلدان الأوروبية الغربية، وكما أنّ ألمانيا ستشهد بدايات النقص الحادّ في نسبة العاملين إلى نسبة غير العاملين عام 2010، كذلك يُنتظر أن تشهد بولندا المجاورة ذلك في العام نفسه، علماً بأنّها أكبر البلدان المقرّر انضمامها للاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان.

    الدولة الوحيدة التي إذا تمّ انضمامها إلى الاتحاد يمكن أن تساهم جزئياً في تعديل الأرقام المذكورة هي تركيا، وهنا تطرح نفسها مسألة أن تركيا ستكون بذلك أوّل دولة بغالبية إسلامية سكانية داخل الاتحاد، وفي الوقت نفسه ستكون الدولة المرشحة لتحتلّ المرتبة الأولى بين الدول الأعضاء من حيث عدد السكان خلال سنوات معدودة.



    المعطيات السكانية للمسلمين في أوروبا:

    شهد النصف الثاني من القرن الميلادي العشرين تحوّلاً جذرياً على صعيد أعداد المسلمين وفئاتهم وطبيعة ارتباطهم بالمجتمعات الأوروبية (انظر لكاتب هذه السطور دراسة حول الموضوع على العنوان الشبكي: الوجود الإسلامي في ألمانيا عبر القرن الميلادي العشرين، كنموذج على أوضاع المسلمين في أوروبا عموماً)، ومن أبرز معالم هذا التحوّل:

    1- نسبة المسلمين من ذوي الأصول الأوروبية في ارتفاع متسارع، ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة فالمرجّح أنّهم يعدّون الملايين، علاوة على 12 مليوناً في منطقة البلقان (ألبانيا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفا، ورومانيا، وصربيا، وكرواتيا، وسلوفينيا).

    2- نسبة ما يوصف بالجيل الثاني والثالث من مواليد المهاجرين - ومعظمهم مسلمون - في الخمسينات والستينات الميلادية إلى أوروبا، في ارتفاع مستمرّ أيضاً، ومعظمهم من المتجنّسين أو المستقرّين في أوروبا، وأصبحت معدّلات وجودهم في المدارس الابتدائية والثانوية أعلى من معدّلات عموم المهاجرين بالنسبة إلى السكان، وهو ما يشير إلى أنّهم سيشكّلون النسبة الأكبر من القوى العاملة ذات المؤهلات في غضون جيل واحد.

    3- كان انتشار الصحوة الإسلامية في أوساط المسلمين في أوروبا خلال الربع الأخير من القرن الميلادي العشرين شبيهاً بما شهدته البلدان الإسلامية، كما تشهد ظاهرة انتشار المساجد والمصليّات وامتلائها، وظاهرة انتشار الحجاب.

    4- المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية من جانب المسلمين في الدول الأوروبية تتجاوز تدريجياً مرحلة البذور الأولى، وإن بقيت محدودة الأثر حتى الآن لأسباب عديدة لا يسمح المجال هنا للتفصيل فيها.

    وكان من الملاحظ أنّ ما ينشر عن وجود المسلمين في أوروبا من معلومات وأرقام بقي باستمرار أقرب إلى التهوين من شأنه، فكان يقال مثلاً: إنّ عدد المسلمين في ألمانيا في حدود مليونين، وبقيت وسائل الإعلام تتداول هذا الرقم سنوات عديدة دون تعديل، ثمّ نُشر قبل عامين إنّه تجاوز ثلاثة ملايين، وما يزال هذا الرقم ساري المفعول، والأرجح أنّ العدد يربو على أربعة ملايين أو خمسة في المائة من السكان، وترجّح بعض المصادر أن يكون عدد المسلمين في فرنسا ضعفَ ما يقال رسمياً وهو ستة في المائة من السكان، ويسري شبيه ذلك على بلدان أخرى، وفي سائر الأحوال يبقى ثابتاً أنّ عدد المسلمين في ارتفاع مطّرد، وأنّ تقدير مجموع عددهم في القارة الأوروبية - دون روسيا - بأكثر من 35 مليوناً، لا يُعتبر مبالغاً فيه، ومع ملاحظة ارتفاع نسبة المواليد المسلمين بالمقارنة مع المعدّل الوسطي، يمكن تصوّر ما تعنيه التنبّؤات السكانية المذكورة آنفاً، بشأن ما سيكون عليه وضع المسلمين عدداً وشَغْلاً لمواقع الإنتاج في عام 2010 أو في عام 2050.



    مخاوف مستقبلية:

    شهدت بعض البلدان الأوروبية تطوّراً ملحوظاً في التعامل مع المسلمين انطوى على جوانب إيجابية نسبياً كما في بلجيكا وإسبانيا، أو اتخذ صبغة تعامل (واقعي) كما في ألمانيا، بينما تأرجح بين الإيجابيات والسلبيات - غالباً نتيجة تبدّل الاتجاه الحاكم - كما في فرنسا، وغلب الجانب السلبي عليه كما في هولندا، ومع تجنّب التفاصيل يمكن النظر فيما يُتوقّع بشأن تطوّر وضع المسلمين في أوروبا على خلفية تطوّرها السكاني بالتركيز على عدد من المحاور الرئيسية، في مقدّمتها:

    1- المخاوف من الاضطهاد الديني:

    أثارت فرنسا على وجه التخصيص هذه المخاوف، بعد انتقالها إلى مستوى استصدار التشريعات القانونية للحدّ من الحريّة الدينية للمسلمات المحجبات، وهو تحرّك ينطوي على حرمانهنّ من المشاركة الفعّالة في الحياة العامة، عن طريق تقييد حق (التعليم) و(العمل) بهذه الوسيلة، هذا مع ملاحظة أنّ التقنين الجديد يستهدف ممارسة الضغوط فيما يتجاوز حدود الحجاب، بمعنى غطاء الرأس - كما يسمّونه - فهو يتضمّن مثلاً رفض الطلبات الخاصة بالمسلمين والمسلمات فيما يتعلّق بدروس الرياضة، أو السباحة، أو أن تقوم طبيية على معالجة امرأة مسلمة.. وهكذا.

    صحيح أنّ هذا (الاضطهاد الديني) صادر عن نظرة علمانية أصولية متشدّدة لا تشمل سائر أوروبا، ولكن من شأنها أن تنشر أجواء تشجّع على الاعتداء العنصري بسبب الديانة، وأن تسبّب من ردود الأفعال السلبية التي يترتب بعضها على بعضها الآخر ما لم يتمكّن المسلمون من مواجهة الخطوة الفرنسية الأولى في هذا الاتجاه، مواجهة منظمة ومدروسة فعّالة.

    2- المخاوف من الاضطهاد السياسي:

    ما يسمّى (الحرب على الإرهاب) وفق التصوّرات الصهيو - أمريكية وانعكاساته على أوروبا يثير المخاوف من اتخاذ ذلك مدخلاً أو ذريعة لفرض قيود تضيّق الخناق على عموم المسلمين في أوروبا، بغضّ النظر عن نموّ نسبهم السكانية، وبغضّ النظر عن حقيقة ما تتطلّبه ( مكافحة الإرهاب ) الحقيقي أو المزعوم من إجراءات على أرض الواقع، ولا غنى في هذا الميدان عن أن يسعى المسلمون لتعويض النقص الكبير بصدد غيابهم عن ميدان التأثير السياسي موقفاً فعّالاً وتنظيماً يراعي المعطيات المتوفرة في كل بلد أوروبي على حدة، وينطلق من واقع الوجود البشري الإسلامي كجزء من المجتمع الأوروبي بما يشمل التعامل مع مختلف القضايا السياسية بدلاً من الاقتصار على التفاعل مع قضايا إسلامية ساخنة في المنطقة الإسلامية، ويبدو أنّ هذا المنطلق هو المرشّح للانتشار في صفوف المسلمين في أوروبا، جنباً إلى جنب مع ارتفاع نسبة ذوي الأصول الأوروبية والمواليد في أوروبا بالمقارنة مع نسبة المهاجرين إلى أوروبا.

    3- المخاوف من العداء اليميني المتطرّف:

    يقوم التطرّف اليميني الأوروبي على العداء للأجانب عموماً، وليس للمسلمين على وجه التخصيص، وإن كان نصيبهم منه هو الأكبر، نظراً إلى أنّهم هم الفئة الأكثر تميّزاً بمظهرها عن عموم مجتمع الأوروبيين، وهذا بغض النظر عن كون المسلم أوروبي الأصل أو متجنّساً، على أنّ مواجهة مشكلة عداء التطرّف اليميني الأوروبي تمثل مشكلة مشتركة جامعة لغالبية الأوروبيين، وبقدر ما يتعامل المسلمون معها على هذا الأساس يساهمون في مواجهة هذا العداء بصورة فعّالة وإيجابية.

    4- بوابة التأثير الإيجابي عبر العمل والاقتصاد:

    لا تزال الغالبية الأكبر للمسملين في أوروبا تنتمي إلى الفئات الأضعف اجتماعياً واقتصادياً، وإن بدأت نسبة أصحاب العمل ترتفع بين المسلمين تدريجياً، على أنّ سائر المخططات التي تُبحث حالياً لمواجهة مشكلات التطوّر السكاني في المستقبل بما في ذلك الجوانب الاقتصادية الإنتاجية والتأمينات الاجتماعية تؤكّد استحالة تجاوز الطاقة السكانية من المسلمين داخل أوروبا، فضلاً عن الحاجة إلى جلب المزيد من عامّة المهاجرين ومن الكفاءات المتخصصة أيضاً، وهذا ما يمكن أن يعطي الوجود الإسلامي البشري في أوروبا خلال جيل واحد صورة أخرى أكبر تأثيراً على المجتمع الأوروبي وصناعة القرار فيه.



    خاتمة:

    لعلّ النقص الأكبر الذي يتطلّب من المسلمين في أوروبا العمل على تلافيه بالسرعة الممكنة هو ما يرتبط بالإسهام المباشر - من المنطلق الإسلامي - في الحياة الفكرية والثقافية، وفي النشاطات الاجتماعية والفنية عموماً على الأصعدة الشعبية، وفي إطار ما يسمّى (النخبة).

    إنّ نشأة الوجود الإسلامي البشري في أوروبا خلال القرن الميلادي العشرين مع غلبة عنصر التميّز والانغلاق بالمقارنة مع الحوار والانفتاح كان أحد أسباب (رئيسية) ثلاثة من وراء غياب التأثير على الحياة الثقافية والإعلامية وكذلك السياسية في أوروبا، وكان السبب الثاني أنّ مرحلة السبعينات الميلادية الماضية أوجدت جيلاً أوروبياً معادياً للإسلام نتيجة الجهل، ونتيجة قدر كبير من الانحراف والافتراء في مناهج التعليم ومضامين الإعلام في سائر ما يتعلّق بالإسلام والمسلمين، ويضاف إلى ذلك السبب الثالث المتمثّل في أنّ النسبة الأكبر من المسلمين القادمين إلى أوروبا قبل جيل أو جيلين كانت بعيدة أصلاً عن الإسلام فضلاً عن التعريف به، وأقرب إلى العلمانية التي سيطرت في حينه على (توجيه) غالبية البلدان الإسلامية، فكانت تلك الغالبية أقرب إلى التلقّي فالذوبان في المجتمع الغربي من قربها إلى تشكيل فئات إسلامية متفاعلة مع المجتمع من حولها، بغضّ النظر عن درجة اندماجها فيه.

    إنّ إثبات وجود المسلمين على المستوى الفكري والثقافي والإعلامي والاجتماعي بسلوك نهج معتدل يحافظ على المنطلقات الإسلامية، ويوجِد لها مكانها الطبيعي داخل المجتمع الأوروبي مهمّة عسيرة، ولكنها قابلة للتحقيق بقدر ما تتكاتف الجهود عليها، وتمكّن الأوساط الإسلامية نفسها من كبح جماح ما يشذّ عن النهج المشترك، ويشوّش عليه، لاسيّما وأنّ فرص التواصل مع المجتمع الأوروبي بما في ذلك الأوساط الفكرية والثقافية والدينية الأخرى فيه أصبحت أكبر بكثير ممّا كانت عليه قبل انطلاق الموجة الأخيرة من الهجمة الصهيو - أمريكية على المنطقة الإسلامية خصوصاً، وبما يوجّه الضربات المباشرة لروح التعدّد الحضاري والثقافي على مستوى الأسرة البشرية عموماً، وبالتالي يولّد الردّ عليها داخل نطاق المجتمعات الغربية نفسها.


    المختار الإسلامي

  3. #273
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    مسلمو فنلندا





    مفكرة الإسلام: ونحن نجوب بقاع الأرض لنتفقد أحوال إخواننا من المسلمين الذين يعيشون بعيدًا عن ديار الإسلام اليوم نشد رحالنا إلى إحدى دول أوروبا الإسكندنافية, إنها فنلندا, والتي تسمى بالبلد الأخضر؛ وذلك لكثرة الغابات والبحيرات بها, هنا في تلك البلاد التي أبدع الخالق صنعها سنضع رحالنا لنرى كيف يعيش المسلمون في تلك الديار, التي تعتبر من أولى الدول الأوربية التي منحت المرأة حقها في الحياة السياسة.. تُرى ما الحقوق التي منحت للمسلمين هناك؟!

    فنلندا:

    · إجمالي عدد السكان: 5.211.311 ملايين نسمة.

    · عدد المسلمين: حوالي 100 ألف.

    · الديانة: 85.5% يدينون بالمسيحية بمذاهبها المختلفة, 14% بدون ديانة, حوالي 0.5% يدينون بالإسلام واليهودية.



    المسلمون الأوائل من التتر الفنلنديون هم أقدم أقلية مسلمة في فنلندا وفي دول اسكندنافيا كلها, وهم شعب من الشعوب التركية الذين يعتنقون الدين الإسلامي وعددهم حوالي 800-1000، وترجع أصولهم التاريخية إلى تركيا, ولغتهم تنتمي لمجموعة اللغات التركية، وهم يشكلون أقلية متماسكة دينيًا وثقافيًا ولغويًا.



    خلال السنوات الأولى من دخول فنلندا تحت حكم قياصرة الروس عام 1809, تم جلب التتر من قبل الجيش الروسي لبناء قلعة 'بومارسوند' على البر, وقلعتيْ 'سومنلينا/ سفيبورج' على جزيرة مقابل سواحل هلسنكي, وبعد ذلك عاد أغلبيتهم إلى روسيا, وبالنسبة للأفراد الذين لم يعودوا, فتشهد المقبرة الإسلامية في بومارسوند على وجودهم في فنلندا.



    أجداد التتر الحاليين - الذين يشكلون أساس المجتمع التقليدي - كانوا حوالي 1000 من التجار التتريين الذين قدموا من روسيا بنهاية القرن التاسع عشر - أتوا إلى فنلندا خلال أعوام 1870 - سبعينيات القرن التاسع عشر - إلى منتصف العشرينيات من القرن العشرين من مجموعة من 20 قرية في إقليم 'سرجاتش' على نهر الفولجا إلى الجنوب الشرقي من 'نزني - نوفجورود'، والتي كان يطلق عليه سابقًا بإقليم جوركي, غالبيتهم كانوا مزارعين, ولكنهم استقروا في فنلندا كتجار يتاجرون في الفراء والمنسوجات, واختاروا في البداية السكنى في هلسنكي والمناطق المحيطة بها.



    وفي عام 1925 تأسس أول مجمع إسلامي فنلندي تتري بشكل رسمي, وكانت فنلندا بذلك أول دولة أوروبية غربية تعترف رسميًا بمجمع إسلامي, وذلك تأكيدًا على مبدأ حرية العقيدة الذي تم تبنيه في عام1922، واليوم المجمع يتبعه مساجد في هلسنكي وفي مناطق أخرى.

    وقد أنشأ التتر مجمعًا آخر تم تأسيسه في تامبر عام 1943، ولكن المسلمين من غير الأصول التترية لا يمكنهم أن يحصلوا على عضوية المجمع الإسلامي الفنلندي, كما توجد المقابر الإسلامية التترية في 'هلسنكي - توركو - تامبر'.



    كما أن المدرسة التترية تقدم دراسات إضافية في العطلات وبعد ساعات الدراسة, كالدروس المنتظمة في اللغة والحضارة التترية والدين والتاريخ باللغة التترية كلغة للتدريس, كما أن هناك حضانة ودورات صيفية في مركز التدريب التتري بالقرب من العاصمة هلسنكي.



    ومن المعلوم أن أغلبية التتر المسلمين يعيشون في إقليم هلسنكي منذ الثمانينيات، وكان عدد المسلمين حوالي 900 نسمة أغلبهم يوجد في هلسنكي, وكانوا يجدون صعوبة في إدارة جميع المؤسسات التي تحتاجها مجموعة اجتماعية لقلة عددهم.



    الآن ومنذ بداية التسعينيات شهدت فنلندا هجرة اللاجئين من دول إسلامية زادوا المجتمع الإسلامي في فنلندا, ومن أجل ذلك تأسست الرابطة الإسلامية في فبراير عام 1978م, وكانت حينها تضم حوالي 200 عضو أغلبهم من العرب, وقد اعترفت الحكومة الفنلندية بالرابطة كإحدى الهيئات الدينية, وكان ذلك عام 1987م.



    وهناك أيضًا الجمعية الإسلامية في 'تامبري', ولكنها ذات نشاط محدود, حيث تقام بها صلاة الجمعة والتراويح في رمضان, ويلتقي فيها المسلمون في بعض الأوقات, وقلما يأتيها الدعاة إلا من زيارة شهرية لإمام مسجد من هلسنكي العاصمة.



    ومما يؤسف له أن حال المسلمين في تلك المقاطعة يدعو إلى مزيد من الاهتمام, حيث إن هناك ضعفًا بالتمسك بالدين الإسلامي وتعاليمه, فالبعض منهم يصلّون والبعض الآخر يختلطون بالفنلنديين من غير المسلمين ويتزوجون منهم, بل والأدهى من ذلك أن الشابات المسلمات يتزوجن من فنلنديين غير مسلمين .



    ولكن الصورة ليست كلها قاتمة, فالمسلمين في فنلندا تزايدوا من حوالي 1000 نسمة عام 1990 إلى عدد بين 15- 20 ألفاً بحلول عام 1999, حتى وصل عددهم إلى 100.000 حاليًا.



    وقد استقبلت فنلندا لاجئين عددهم 17600 بين عام 1973- 1999, من دول أبرزها روسيا والعراق وإيران والصومال, أما عن الصوماليين فقد اختارتهم المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وبدءوا الهجرة عام 1991 ليصلوا إلى حوالي 5000 في عام 2002, كما أن هناك لاجئين من يوغوسلافيا السابقة والأكراد من الشرق الأوسط.



    وقد فاقت فنلندا الدول الأوروبية في تزايد طلبات اللجوء, والتي تزيد من 1000- 3000 سنويًا لتفوق الدانمارك التي تتمتع بتاريخ طويل مع طالبي اللجوء.



    وفي عام 1996 اتحدت تلك المجموعات لتؤسس اتحاد الجمعيات والمنظمات الإسلامية في فنلندا, وأغلبية المساجد في فنلندا تخضع لإدارة الاتحاد, ويهدف للحفاظ على الإسلام وتقاليده وتطوير تعاون مرن بين المسلمين والمسئولين الخارجيين والمعاهد.



    ويقدر عدد الأفراد الذين تحولوا للإسلام أخيرًا إلى 200 فرد, والغالبية العظمى من هذا العدد من النساء اللاتي تحولن للدين الإسلامي عقب زواجهن من مسلمين.



    وتم نشر ترجمة جديدة باللغة الفنلندية لمعاني القرآن عام 1995, وتم إعدادها بواسطة أحد الفنلنديين من النصارى الدارسين للغة والحضارة العربية, والذي نشر مؤخرًا تقديمًا للقرآن باللغة الفنلندية.



    ومما يؤسف له أن المسلمين في فنلندا تأثروا تأثرًا كبيرًا بما حدث في الحادي عشر من سبتمبر, حيث جعلهم هذا الحادث أكثر حذرًا, فالعديد من النساء المسلمات يفضلن البقاء في منازلهن مساءً, كما قلّت زياراتهن للمساجد والنوادي والتجمعات النسائية؛ لأن الناس يخافون من الوجود خارج المنزل مساءً، كما خلعت بعض النساء الحجاب وبعض المسلمين غيروا العلامات التي تحمل أسماءهم على الأبواب الخارجية، كما أن العثور على سكن وعمل أصبح أكثر صعوبة.



    أي أن حياة المسلمين قد تغيرت وأصبحت أكثر صعوبة بالرغم من أنهم يعيشون في سعة من العيش, وهذه إحدى مآسي المسلمين في بلاد الكفر, وذلك لقلة الدعوة والدعاة, فهلا نظرنا بعين الاهتمام بأمور المسلمين كما أمرنا حبيبنا ونبينا وقدوتنا محمد صلى الله عيه وسلم, ويكون ذلك جزءًا من نصرتنا له عليه الصلاة والسلام.

    ومع إخوة آخرين في بلد آخر في إحدى بقاع العالم نلتقي مرة أخرى إن شاء الله.



    islammemo

  4. #274
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    فوبيا الإرهاب وفوبيا الأمن وفوبيا للمسلمين!!





    هاني عسل

    إذا كان البعض يزعم أن المسلمين في الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا سواء من أبناء هذه الدول أو من المهاجرين يتمتعون بحقوق سياسية واجتماعية ربما لا يجدون مثلها في الدول التي جاؤوا منها، أو في الدول الإسلامية بصفة خاصة؛ فإن (فوبيا) الإرهاب التي أصابت العقل الغربي وصنَّاع السياسة الخارجية والأمنية في العالم الغربي باتت تهدد المواطن أو المهاجر المسلم في حياته اليومية، حيث بات هدفاً سهلاً وجاهزاً للاعتقال والخضوع للتحقيقات بدعوى الاشتباه في صلاته بما يسمى بـ (الإرهاب الإسلامي) والتنظيمات المرتبطة به، أو على الأقل بات ينظر إليه داخل مجتمعه نظرة (المشبوه) دائماً بحكم أنه مسلم، بغض النظر عن درجة اعتداله الديني.

    فعلى الرغم من أن الخطاب السياسي الغربي حريص دائماً على تكرار نغمة (عدم جواز الربط بين الإسلام والإرهاب) فإن الأحداث التي تجري على أرض الواقع منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة تؤكِّد أن هذه العبارة لا تقال إلا للاستهلاك الدبلوماسي فقط! حيث تتنافى مع السياسات الأمنية الداخلية التي تجاوزت في كثير من الأحيان حاجز اعتقال بعض المشتبه فيهم من المسلمين الأمريكيين أو المهاجرين المسلمين إلى حد سقوط بعض رجال الدين، أو وسائل الإعلام في منزلق التحرش بالإسلام كدين وحضارة، تعقبها عبارات الاعتذار والتهوين على مضض من قبل رجال السياسة، ويتزامن ذلك مع احتلال لأفغانستان والعراق، ودعم متواصل للسياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وفرض مبادرات إصلاحية على دول الشرق الأوسط؛ مما يزيد يوماً بعد آخر من اتساع الفجوة بين الغرب وبين ما يسمى بـ (الإسلام المعتدل)؛ فما بالك بمن يتبنى تفسيرات أخرى للإسلام الأكثر تشدداً!

    وهناك إحصائيات حول أعداد المعتقلين في معتقل جوانتانامو، أو أولئك الذين يخضعون لاستجوابات على يد السلطات الأمريكية، ولكن من الصعب بطبيعة الحال توافر إحصائيات محددة عن حجم المضايقات التي يتعرض لها أبناء الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، فهي أمور لا تقاس ولكنها محسوسة، بل إن المسافرين إلى الأراضي الأمريكية في السنوات الثلاث الأخيرة سواء من الطلبة، أو رجال الأعمال، أو من أصحاب المهن المتخصصة، أو حتى السائحين؛ باتوا يشعرون بإجراءات تضييقية كثيرة ضدهم سواء عند محاولتهم الحصول على تأشيرات الدخول، أو عند ركوب الطائرات التي تقلهم إلى هذه الدول، وانتهاءً بإجراءات دخولهم المطارات.

    والهجمات الانتحارية التي شهدتها العاصمة الإسبانية مدريد قبل فترة، والتهديدات التي أطلقها أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، وبيانات التهديد والوعيد ضد دول أوروبية أخرى والصادرة عن جماعات متصلة بالقاعدة، أو متعاطفة معها، أو حتى عن جهات مجهولة؛ نقلت هذا الإحساس المرضي بالخوف من كل ما هو مسلم إلى دول أوروبية عديدة ظلت إلى فترة قريبة توفر معاملة لائقة لأبناء الجاليات المسلمة لديه.

    ولكن المشكلة أن الإجراءات المشددة الناتجة عن هذا الهاجس الأمني لم تمنع أي هجمات، وتبدو إلى الآن غير قادرة على إزالة الإحساس بالخطر لدى الشعوب الغربية، ولم تجد الشعوب الإسلامية في هذا الإحساس بالخوف مبرراً كافياً لما يرونه من سياسات أمريكية يعتبرونها معادية لهم، رغم اتفاقهم في الإجماع على أهمية محاربة الإرهاب، ومنع وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيدي الإرهابيين، بل على عدم إتاحة الفرصة أمام التيار الديني الذي يوصف بالتشدد في تولي مقاليد الأمور في مختلف دول المنطقة.

    وإذا كانت هذه الفجوة في طريقها إلى مزيد من الاتساع لدرجة أن بدأنا نشهد تدخلات من طرف في صميم عقيدة الطرف الآخر، فإن العمل على تضييق هذه الفجوة لا يمكن إلا أن يتم عبر تحركات في الاتجاهين من أجل تقريب وجهات النظر: الأول: هو ضرورة تبني لغة خطاب إسلامي موحَّدة يتحدث بها كل المسلمين في الدول الإسلامية تماماً مثلما يتحدث بها أبناء الجاليات الإسلامية المقيمون في الخارج، أو المسلمون من أبناء الدول الغربية، بدلاً من هذا التضارب الصارخ في التاويلات والتفسيرات الفقهيه لشتَّى أمور الدين، كذلك الذي حدث عند طرح مشكلة الحجاب، والتساؤلات التي ثارت عمّا إذا كان فرضاً أم رمزاً، وهو ما دفع السلطات الفرنسية إلى التعامل معه على أنه رمز ديني وذلك لأنها وجدت من مرجعيات إسلامية هناك وفي المنطقة هنا هذا التفسير.

    والاتجاه الثاني: يجب أن يكون من جانب صانعي السياسات الخارجية في الدول الغربية - وخصوصاً الولايات المتحدة - حيث بدا واضحاً أن الإرهاب ورفضه أمر متفق عليه، لا يهدد ولا يضرب بدون سبب أو لمجرد اللهو ببعض الأسلحة والمتفجرات، وإنما يأتي انعكاساً صريحاً لسياسات غير متوازنة على الإطلاق تتبعها الإدارة الأمريكية - وخصوصاً الإدارة الحالية - تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي؛ تولد حجماً كبيراً من الكراهية بين شعوب المنطقة، التي تعاني أصلاً من مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية طاحنة، والدليل على ذلك أن القاعدة بررت هجمات الحادي عشر من سبتمبر بما كان يتعرض له الفلسطينيون خلال انتفاضة الأقصى، كما كانت هناك علاقة واضحة بين استهداف قطارات مدريد وبين إسهام القوات الإسبانية في تحالف الحرب ضد العراق.


    المختار الإسلامي

  5. #275
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    الإرساليات التنصيرية حملات صليبية جديدة





    مفكرة الإسلام : ادعت وسائل الإعلام المختلفة في مشارق الأرض ومغاربها نهاية الحروب الصليبية، وارتفعت الأصوات تدعو المسيحيين بالاعتذار والمصالحة مع المسلمين, وقد فرح كثير من المسلمين المخدوعين بتلك الشعارات الرنانة, ولكن للأسف فإن الحقيقة المرة التي يجب أن نعيها أن الحروب الصليبية التي استهدفت المسلمين في الماضي وكان هدفها الفتك بهم مازالت مستمرة, ولكنها ارتدت ثوبًا جديدًا متمثلاً في البعثات أو الإرساليات التنصيرية المصدرة من الغرب إلى جميع أنحاء العالم وخاصة العالم الإسلامي, وأصبحت أشد خطورة وتأثيرًا من العمليات العسكرية.

    ولقد كون الغرب الصليبي جيوشًا جديدة متمثلة في تلك البعثات المتوالية إلى شتى أنحاء المعمورة وبخاصة البلاد الإسلامية أو من بها من المسلمين, وذلك بهدف محاولة تنصير المسلمين وتشويه صورة الإسلام في أذهانهم, وكذلك العمل على تمزيق العقيدة في قلوبهم راصدًا لهذا الهدف مبالغ طائلة ومغلفًا ذلك الهدف بنشر العلم والأعمال الإنسانية الخيرية.

    ولقد كانت البداية الحقيقية الفعالة في إرساء حركة التنصير داخل البلاد الإسلامية بعد ضعف الخلافة العثمانية حيث أوفدت البعثات الأمريكية إلى بلاد الشام ثم إلى مصر, وبعد ذلك عملت تلك البعثات على التغلغل في أعماق العالم الإسلامي متبعة كافة الخدع والأساليب الخبيثة للوصول إلى غايتها المنشودة.

    كما عملت تلك الإرساليات على توثيق الصلات بين أعضاء البعثات وعامة الناس في البلاد الإسلامية لتقديم مبادئ التنصير في شكل مقبول كما كثفت نشراتها ودورياتها التي تخدم أهدافها التنصيرية, كما أصدرت عدة مجلات منها 'العالم الإسلامي اليوم' وغيرها, وكذلك قامت بإنشاء عدة كنائس تروج لأفكار وعقائد النصرانية, كما أنشأت معاهد وجامعات لنفس الهدف.

    لذلك تعتبر الإرساليات التنصيرية حروبًا صليبية جديدة بل هي أشد فتكًا, وذلك لأن التنصير لا يجرح عضوًا بضربة سيف وإنما يبدد الهوية الإسلامية شيئًا فشيئًا مما يؤدي إلى عواقب وخيمة ونتائج أليمة يصعب على المسلمين علاجها فيما بعد.

    وإننا لنجد الإرساليات التبشيرية تضع أهدافًا محددة تسعى بكل ما لديها من إمكانيات لتحقيقها ومن أهم تلك الأهداف التي ربما تخفى على الكثيرين:

    · طمس الهوية الإسلامية وصهرها في بوتقة العلمانية, فمن المعلوم أن الهدف الأول للتنصير هو إبعاد المسلمين عن الدين الإسلامي خاصة والأديان السماوية عامة ويبدو ذلك جليًا في مقولة أحد كبار المنصرين والتي جاء فيها 'إن مهمة التنصير ليست إدخال المسلمين في المسيحية وإنما مهمتها إخراج المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً بلا هوية لا صلة له بالله'.

    · وقف المد الإسلامي الزاحف نحو الغرب, حيث يعتنق الألوف من الأوربيين الدين الإسلامي سنويًا, وأخشى ما يخشاه الصليبيون هو انتشار الإسلام, ويدب الرعب في قلوبهم كلما سمعوا بكلمة إسلام وأبغض ما يبغضون من الأسماء اسم محمد 'عليه الصلاة والسلام'.

    · تشويه صورة الإسلام في عيون أهله ببث الافتراءات والأكاذيب وزرع بذور الخلاف بين أبناء المسلمين الذين لا يعرفون من الدين إلا القشور.

    · زرع بذور الفتنة بين البلاد الإسلامية لتتفرق وتضعف وتمسي غير قادرة على صد أي عدوان غربي فتتمكن الصليبية بعد ذلك من فرض سيطرتها عليهم, وللأسف أنهم قد نجحوا في ذلك بالفعل ونحن نرى هذا بأم أعيننا ونعيش هذا الواقع الأليم وتجني ثماره كافة دول العالم الإسلامي على اختلاف ألوانها ولغاتها ومواقعها وما يحدث بالعرق عنا ببعيد.

    وقد نجحت بالفعل حركات التنصير في كثير من المناطق في العالم وبخاصة تلك التي خضعت للنفوذ الاستعماري, ويعود نجاح تلك الحركات في المقام الأول إلى قوة النشاط التنصيري المتمثل في الرعاية الصحية والتعليمية والمادية, مع وجود فراغ ديني عند تلك الشعوب التي أصبح غالبيتها لا يعرف عن الإسلام سوى اسمه، وكذلك تعلم أعضاء البعثات التنصيرية لغات تلك الشعوب والتي هي من أهم وسائل الاتصال البشري.

    وهكذا أصبح للغرب نفوذ وبدت دول الصليب أمام كل مخدوع قوة عظمى متماسكة لها شوكتها وغلبتها وهيبتها, بالرغم من الخواء الداخلي الذي يعانون منه والشقاق الذي خفي عن أعين الجميع بمظاهر التقدم البراقة التي سلبت أبصار الكثيرين ممن لا بصيرة لهم.

    وذكر أحد الكتاب في سياق بحثه عن التنصير إحصائيات مرعبة نضعها بين يدي المهتمين بأمور المسلمين والراغبين في العمل من أجل الذود عن حرمة وهيبة الدين الإسلامي وجاءت هذه الإحصائيات كالآتي:

    · حيث كان عدد المؤسسات التنصيرية عام 1991م 120.880وبلغ دخل الكنائس 9320 بليون دولار أنفق منها 163 بليون دولار لخدمة المشاريع المسيحية - ترى ما حجم ما أنفق لخدمة المشاريع الإسلامية - كما حققت الإرساليات الأجنبية دخلاً قدره 8.9 بليون دولار ويعمل في خدمة التنصير 82 مليون جهاز 'كمبيوتر' وصدر 8861 كتابًا و24900 مجلة أسبوعية تنصيرية, ووصل عدد الأناجيل الموزعة مجاناً إلى 53مليون, كما تبلغ محطات الإذاعة والتلفاز المسيحية 3240وبذلك تكون النتيجة النهائية لما أنفق لدعم ميزانية التنصير في ذلك العام حوالي 181 مليار دولار, والذي زاد بمقدار 30 مليار خلال عامين حيث كان عام 1989م حوالي 151 مليار دولار وهذا يبين مدى التطور الكبير الذي يحدث في ميزانية التنصير على مستوى العالم- فماذا عن ميزانية الدعوة للدين الإسلامي؟.

    · وأما عن آخر الإحصائيات الخاصة بالتنصير وذلك كما ورد عن مصادر كنسية موثقة أن هناك ارتفاعًا شديدًا ومكثفًا في أعداد المؤسسات والهيئات التنصيرية العاملة في العالم الإسلامي, وأن عدد مؤسسات التنصير في العالم بلغ حوالي ربع مليون مؤسسة تنصيرية تمتلك 100مليون جهاز 'كمبيوتر' تتبع 25 شبكة إلكترونية موزعة على الكنائس الكبرى في العالم, وتصدر 100ألف كتاب و25 ألف مطبوعة صحفية بأكثر من 150لغة وكلها تخدم التنصير, وهناك 500 قناة فضائية وأرضية جديدة بالإضافة إلى ما سبق ذكره كلها متخصصة في التنصير, وكذلك حوالي 100ألف من المراكز والمعاهد والمحطات التي تتولى تدريب وتأهيل المنصرين على مستوى العالم الإسلامي ولنعقد مقارنة بين تلك الحقائق والسابق ذكرها لنرى مدى ما يتمتع به الباطل من نشاط و مدى ما ينفق لأجل نشر معتقده.

    ولكن ولله الحمد وحتى لا نفرط في التشاؤم عافانا الله من ذلك, فدائمًا ما يحدونا الأمل حيث يمكن ملاحظة أن الغزو التنصيري لم يلق النجاح المرجو له في المناطق التي تسكنها الأغلبية العظمى من المسلمين لأسباب كثيرة منها رسوخ وثبات العقيدة الإسلامية في النفوس المؤمنة والتي لم يفلح المنصرون في زعزعتها, وبالرغم من ذلك فلابد لنا أن ننتبه إلى أن المنصرين متعاضدين مع بعض الباحثين المستشرقين الذين عكفوا على دراسة الإسلام في كثير من جوانبه وعملوا كأساتذة في بعض الجامعات العربية وتتلمذ على أيديهم الكثير من أبناء العرب الذين أصبحوا أخطر على الإسلام من المنصرين أنفسهم.

    فلابد أن تكون هناك صحوة ويقظة إلى تلك الحملات التنصيرية المنظمة والتي لا تقل في خطرها وشراستها عن الحملات الصليبية العسكرية قديمًا، بل هي بعينها ولكنها تستتر في ثوب جديد, وتتقلد أسلحة جديدة ألا وهي محاولة التشكيك في التراث الإسلامي وقيمه, وتفريغه من محتوياته الإنسانية والحضارية, كما أنها تحاول الطعن في رموز التراث الإسلامي والعربي والغمز في رجالاته من خلال مواقف وسقطات بسيطة وجدوا في تضخيمها وتهويلها ما يريحهم ويشفي أحقادهم ويحقق مآربهم.


    islammemo

  6. #276
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    معضلة الأصولية العلمانية مع المسلمين في أوروبا





    نبيل شبيب

    - معطيات مبدئية

    - جوهر المعضلة

    - بين الهيستيريا والتعقل



    بعد مقتل المخرج والصحفي الهولندي "فان كوج"، وموجة إضرام الحرائق في المدارس والمصليات الإسلامية؛ تنذر الأحداث بمنعطف خطير تنساق إليه مسيرة العلاقات بين المسلمين في أوروبا والمجتمعات التي أصبحوا جزءاً منها.

    وما يزال السؤال المطروح بإلحاح عن الاحتمالات المستقبلية هو عين السؤال الجوهري عن طبيعة الوجود الإسلامي في مجتمع علماني، ويمكن النظر فيه من جوانب عديدة، ولكن ثبت على أرض الواقع أن في مقدمتها جانباً يكتسب أهميته من كونه يمس الممارسات الاجتماعية في الحياة المعيشية اليومية باستمرار؛ وهو صعوبة التوفيق بين نقيضين: القيم والعلاقات الاجتماعية بين الجنسين بمنظورها الإسلامي من جهة، وما ساد وترسخ في الغرب على هذا الصعيد وفي إطار التعامل العلماني مع الدين عموماً من جهة أخرى.



    * معطيات مبدئية:

    بادئ ذي بدء ينبغي التنويه ببعض النقاط:

    1- لا يتناول الحديث هنا مسألة الإرهاب وما يسمى الحرب على الإرهاب وارتباطها بعلاقات المسلمين بسواهم في أوروبا رغم ازدياد وطأتها لاسيما بعد تفجيرات مدريد، بينما سبق وأمكن جزئياً امتصاص تداعيات تفجيرات نيويورك وواشنطن، ورصد تعاطف شعبي متصاعد مكان المخاوف، وهو ما أسهم فيه التأثر الإنساني، والتخوف السياسي؛ من مجرى الهجمات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية- الأمريكية في المنطقة الإسلامية، وعواقبها إقليمياً وعالمياً.

    2- أصبحت تفاصيل جريمة قتل المخرج الهولندي ومقدماتها وعواقبها معروفة عبر وسائل الإعلام، فيقتصر هنا التنويه ببعض جوانبها، على ما يتطلبه الحديث تحت عنوان "معضلة الأصولية العلمانية مع المسلمين في أوروبا".

    3- لم يعد الوجود الإسلامي في البلدان الأوروبية وجود وافدين من العمال والطلبة ولاجئين لأسباب اقتصادية وسياسية، فهذه الفئات تتناقص نسبها المئوية باطراد مقابل ارتفاع متواصل لنسب المسلمين من ذوي الأصول الأوروبية، والمتجنسين من مواليد أوروبا، بالإضافة إلى من أصبحوا بحكم المواطنين المقيمين بعد مضي عشرات السنين على استقرارهم في البلدان الأوروبية.

    ولا يستوي الحديث في الموضوع دون التنويه أيضاً بأنه لا توجد "حرية مطلقة" في ظل المنظومة العلمانية ولا سواها، ويسري هذا على حرية الفن والأدب والبحث العلمي، فهي محدّدة أيضاً، وأشهر ميادين تقييدها المعروفة ما يقع تحت عناوين عداء السامية والمحرقة النازية، كذلك فحرية العقيدة خاضعة لقيود عديدة منها ما وصل إليه تقنين إقصاء تأثير القيم الدينية على العلاقات بين الجنسين.

    فالتقنين الذي يرسخ "تحريرها" وفق المنظور العلماني؛ يرسخ قانونية "الانحلال" المتناقض مباشرة مع المنظور الديني، وما دامت المرجعية هي العلمانية فإن ما يصنفه المنظور العلماني بهذا الصدد على أنه في المقدمة من الإنجازات الحضارية الثقافية، يصنفه المنظور الديني بأنه علة العلل وراء أمراض اجتماعية أخطرها تفكك الأسرة وما ترتب عليه من عواقب، كانتشار المخدرات والجريمة بين الشبيبة والناشئة وحتى الأطفال.



    * جوهر المعضلة:

    إن العلمانية الأوروبية تعتبر "الحرية الفردية" أكبر منجزاتها، ولكنها تواجه هنا إشكالية الاضطرار إلى تقييد أحد أعمدتها الرئيسية وهي: الحرية الدينية الفردية، فور تجاوز مفعول القيم الدينية لجدران البيوت والمعابد وبعض الجوانب الضيقة للعلاقة الشخصية مع الآخر، ويزداد التقييد شدة في ميدان القيم المرتبطة بالعلاقات بين الجنسين بعد وضعها في الصدارة عبر ما يسمى "الثورة الجنسية" أو ثورة التحرر الجنسي، المنبثقة بدورها عما عرف بثورة الطلبة عام 1968م.

    فقد شهدت العقود الماضية الإسقاط التدريجي لسائر "القيم والضوابط العتيقة"، وتقنين ما يعتبر بالمنظور الديني "انحلالاً مطلقاً"، حتى أصبح الاعتراض على ما يسمونه "الزواج المثلي" أي بين اللوطيين وبين السحاقيات اعتراضاً مخالفاً للقانون، وتعدياً على حقوق الأقليّات، ويظهر للعيان ما يعنيه ذلك، وأين وصلت إشكالية العلمانية مع القيم الدينية عموماً، عندما نستحضر على سبيل المثال: كيف أعرب أحد المرشحين لعضوية مفوضية الاتحاد الأوروبي عن رفضه اللواط من منطلق ديني، فكان موقفه سبباً رئيسياً وراء رفض المجلس التصديق على تشكيلة المفوضية (نوفمبر/ تشرين الثاني 2004م) إلى أن تم تعديلها وإقصاؤه عنها.

    أثناء هذه المسيرة "التحررية الجنسية" على حساب القيم الدينية في العقود الماضية تطوّرت نوعية وجود المسلمين في أوروبا، كما شهدت النظرة الأوروبية إليه تطوراً ملحوظاً، فكانت المصالح الاقتصادية تصنفهم كقوى عاملة مستوردة مؤقتاً، ثم انتشرت بترويج اليمين المتطرف النظرة إليهم كعبء اقتصادي واجتماعي، وأخيراً أدت ظاهرة الإرهاب إلى تعميم الاتهام بأنهم مصدر أخطار أمنية.

    بالمقابل كان الجانب الإيجابي من التطور المرافق لانتشار الصحوة الإسلامية متمثلاً في طرح عناوين إيجابية لمنطلقات جديدة أفضل للتعامل الرسمي والاجتماعي مع المسلمين، من ذلك الاندماج دون ذوبان الهوية، ثم التعدد والتنوع الثقافي الشامل للمسلمين، وتأكيد الحوار الحضاري ورفض "صراع الحضارات"، وجميع ذلك مما لا ينسجم مع الرؤية "الأصولية العلمانية" وفق ما عبرت به عن نفسها باستمرار، ومن الأمثلة على ذلك دون الحصر:

    1- الحملة غير النزيهة ضد المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمّل عندما منحت عام 1995م جائزة السلام للكتاب الألماني.

    2- الحملات التحريضية المستمرة إلى اليوم ضد اتحاد للتنظيمات الإسلامية في برلين، حصل قبل سنوات وبعد مسيرة قضائية استمرت 20 سنة على تثبيت أعلى جهاز قضائي حق مشاركة المسلمين في وضع مناهج تدريس أبنائهم الإسلام في "ولاية برلين".

    3- إطلاق حملة "تسييس الحجاب" الواسعة النطاق في فرنسا بحق التلميذات الناشئات، وفي ألمانيا عام 1998م بحق المعلمات المسلمات، بدءاً بإعلان الحظر الوزاري - دون أي مقدمات آنذاك - لمزاولة مهنة التدريس بالحجاب بحقّ المعلمة المسلمة فريشتا لودين.

    4- الحملات الصادرة عن دوائر استخباراتية توزع الاتهام بالتطرف دون أدلة، وفي كثير من الأحيان عبر تقارير لا تصمد أمام الدراسة المنهجية - كما "بيّن" ذلك مؤخراً الأستاذ الجامعي الخبير فيرنر شيفّاور عبر مثال منظمة "ميلّي جوروش" التركية بألمانيا -.

    خلال العقود القليلة الماضية نفسها أمكن أيضاً رصد ازدياد نسبة "المواطنة المستقرة" على صعيد المسلمين، وخروج العمل الإسلامي من حقبة "الانعزال المحلي والاهتمام المركز على قضايا البلدان الإسلامية" إلى حقبة "الانفتاح والاهتمام بالمشكلات المحلية"، مثل: تعليم الإسلام، والأوضاع المدرسية، والحجاب، والعلاقات بين الجنسين، وكذلك مشكلات معروفة: كتذكية الذبائح، وتأمين المقابر، والمتاجر "الشرقية" وغير ذلك، وما زالت هذه الحقبة تتميز بظاهرة تنامي الإقبال على المساجد والمصليات، وارتفاع أعدادها إلى الألوف في البلدان الأوروبية الرئيسية.

    في هذا الإطار أمكن أيضاً رصد ظاهرتين أخريين تثيران اهتمام الأوروبيين، هما:

    1- تنبؤات الدراسات المستقبلية حول تناقص السكان "غير المسلمين" الأوروبيين، وهنا تثير أوساط عديدة منها أوساط اليمين المتطرف والأصولية العلمانية المخاوف من "الأسلمة الديموغرافية للقارة الأوروبية".

    2- الارتفاع السنوي المتتابع في معدلات اعتناق الشبيبة الأوروبية للإسلام، وفيه ما ينوه بأثر المنظور الإسلامي للعلاقات بين الجنسين، فالعلاقات الأسرية في الإسلام في مقدمة التعليلات التي يذكرها معتنقوه من الشبيبة لإقبالهم عليه.



    * بين "الهيستيريا" والتعقل:

    أمام هذه الخلفيات، وكذلك خلفية ما يسمى "الحرب على الإرهاب"؛ انتقلت الحملات الثقافية والفكرية على الإسلام من الأساليب التقليدية القديمة التي لم تحقق أغراضها، وفقدت مفعولها كما يشهد انتشار الصحوة الإسلامية، إلى أساليب استفزازية وعدوانية اتسع نطاق انتشارها في ظل أجواء "غلبة لغة العنف العسكري" الأمريكي تجاه المسلمين على الصعيد الدولي أيضاً.

    وكان إنتاج المخرج الهولندي "فان كوج" نموذجاً صارخاً على "العنف الثقافي" على مدى السنوات الماضية، وآخر محطاته فيلم "الخضوع" الذي ضمنه مشاهد تصور - مثلاً - آيات قرآنية مكتوبة بالعربية على جسد امرأة عارية إلا من عباءة شفافة، "تؤدي الصلاة"، وتدعو شاكية من اضطهاد الإسلام والمسلمين للمرأة!.

    من منطلق إسلامي متوازن يمكن القول إن هذا أسلوب لا يدل على حرية ثقافية وفنية قدر ما يدل على درجة بعيدة من "الإفلاس" في هذا الميدان بالذات، فهو ما يدفع صاحبه إلى الاستفزاز بدلاً من محاولة التأثير المتوازن للتعبير عن تصوراته أو نشرها، وكان من المفروض بالجهات الإسلامية في أوروبا أن تتحرك في الوقت المناسب فتجعل من "الفيلم" فرصة لبيان موضوعي لما يقول به الإسلام في القضايا المطروحة فيه استفزازاً.

    كما كان من المفروض بالجهات المسؤولة في هولندا أن تقدر ما يعنيه الاستفزاز في مثل هذا العمل في ظل الظروف الساخنة الحالية، التي يزيد أوارها ما جرى ويجري في الفلوجة وأبو غريب ورفح وجنين، فتتخذ قبل وقوع الجريمة مواقف منصفة تحذر من صب الزيت على النار عبر الاستفزاز، ولتبين أن "الحرية الفنية والثقافية" في المنظومة العلمانية لا تعني كفالة حرية الافتراء على الدين واستفزاز أهله.

    ولا يعني هذا تبرير الجريمة بطبيعة الحال، لا سيما أن خطوة واحدة طائشة من هذا القبيل تسبب من الأضرار للوجود الإسلامي في أوروبا ما لا يمكن الإحاطة به بسهولة، ولكن الآن أيضاً وبعد وقوع الجريمة ما تزال الجهات الإسلامية داخل أوروبا وخارجها دون مستوى التعامل المؤثر على مجرى الأحداث بما يخدم مستقبل الوجود السلمي والإيجابي للإسلام والمسلمين في أوروبا.

    كما أن الجهات العلمانية الأصولية ما تزال تتابع أسلوب صب الزيت على النار، فبدلاً من البحث عن حل للمعضلة القائمة من الأصل، والعمل على تهدئة المشاعر على الجانبين معاً؛ وصلت حمى التصريحات الساخنة إلى مداها من الحديث عن نهاية عهد التسامح مع المسلمين في أوروبا، إلى تأبين "شعارات التعدد الثقافي"، إلى تجديد الحديث عن "صراع الحضارات"، وصولاً إلى المطالبة بمزيد من القوانين الاستثنائية للترحيل على "الشبهة" دون الرجوع إلى القضاء، ودون عراقيل "بيروقراطية"، كذلك لفرض العقوبات على الفتيات المسلمات في المدارس اللواتي يرفضن ارتداء الملابس الفاضحة في دروس الرياضة.

    الجدير بالذكر أن هذه الأصوات ما تزال العليا، فمعظم أصحابها من "جيل ثورة الطلبة عام 1968م" الذي يمسك بمفاتيح معظم مراكز صناعة القرار الثقافي والفكري والإعلامي، الذي تظهر استطلاعات الرأي أنه أقل تسامحاً، وأقل استعداداً للتفاهم والتعايش بمنظور التعدد الثقافي والديني من جيل الشبيبة، فيطغى صوت هذه الفئات عبر وسائل إعلام جماهيرية على سواها.

    ولا ينفي ذلك وجود أصوات إنصاف متعقلة لا ينفسح المجال للتفصيل بأمثلة عليها، ومن عناوينها التحذير من خطر "الهيستيريا" في ردود الأفعال على جريمة القتل، ومن خطر تضييع ما تحقق من ثمرات على طريق الاندماج الإيجابي والتعددية في المجتمعات الأوروبية، والمرجو أن تغلب أصوات التعقل هذه في نهاية المطاف.

    المختار الإسلامي

  7. #277
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    السنجق آخر قلاع الخلافة الإسلامية





    مفكرة الإسلام : مرة أخرى وبعد غياب, وفي طريق عودتنا من فنلندة - والتي أرجو أن أكون قد وفقت في نقل بعض من الواقع الذي يعيشه المسلمون هناك - وجدنا ودون قصد منا بل وُجّهنا بقدر الله إلى جزء من جسد الأمة الإسلامية لم نكن نسمع عنه من قبل, حينما نما إلى أسماعنا حال مرورنا في طريق العودة أصوات توحد الله, ومآذن ترتفع بكلمة 'الله أكبر', ولقد أحسسنا بقلب المسلم الذي يحس بأخيه المسلم أن تلك الأصوات كأنما تطلق تلك النداءات آملة من الله أن تصل إلى شتى بقاع الأرض, وتخترق آذان كل المسلمين؛ لتعلمهم أن لهم إخوة في الله هم جزء من جسد أمتهم الإسلامية ولكنه شبه منسي في الوجدان الإسلامي, فرأينا أن نلبي تلك الدعوة الغالية ونكشف النقاب عن بقعة من بقاع أرض الله تؤوي بين جنباتها أناسًا تحمل صدورهم كلمة التوحيد وتلهج ألسنتهم بالشهادتين, فهيا بنا أحبتي في الله نعيش معًا مع شعب السنجق الذي يقطن جزءًا من منطقة البلقان.

    أولاً: ما ذا تعني كلمة السنجق؟!

    كلمة السنجق كلمة فارسية معناها العَلم والمقاطعة والإقليم, أي أنها راية مرفوعة للمسلمين وعَلم لهم بالرغم من كل ما تعرضت وتتعرض له من المحن.

    ترى ما هي منطقة السنجق؟!

    السنجق مقاطعة ذات أغلبية مسلمة, تصل مساحتها إلى 8500 كم2, وتقع في منطقة شبه جزيرة البلقان, وهي محاطة بالبوسنة من الغرب, وكوسوفا من الشرق, وصربيا من الشمال, والجبل الأسود من الجنوب. وهذا الموقع أضفى عليها من الأهمية ما جعلها منطقة صراعات بين الشعوب والدول المحيطة بها.

    · عدد السكان 600 ألف نسمة.

    · حوالي 60% من السكان مسلمون.

    · بها حوالي 120 مسجدًا.

    · بها مدرستان ثانويتان؛ إحداهما للأولاد وأخرى للبنات, بالإضافة إلى كلية للتربية الإسلامية لتأهيل المعلمين لتدريس التربية الإسلامية في المدارس العامة.

    · وكذلك هناك ثلاث مكتبات إسلامية.

    ونظرًا لما تتمتع به منطقة السنجق من الموقع الاستراتيجي فقد أصبحت مطمعًا للشعوب والدول المحيطة بها, ولقد كانت حتى قيام الحرب العالمية الأولى جزءًا من الدولة العثمانية, بل كانت آخر قلعة للخلافة في البلقان.

    وبعد ذلك استولت عليها صربيا والجبل الأسود, وقسمتاها بينهما, حتى إنها أصبحت منزوعة الحقوق على المستوى الإقليمي والوطني.

    وينتمي المسلمون السنجقيون إلى أصل أوروبي بوسني, وتقوم الآن السلطات الصربية منذ أمد بتنفيذ مخطط عرقي خطير على المسلمين في السنجق، وذلك بمحو ثقافتهم وحضارتهم وفرض سياسة التجهيل عليهم ودفعهم إلى الهجرة.

    وإضافة إلى ذلك فإن السكان في السنجق يقعون تحت الحصار الخارجي المفروض على صربيا والحصار الثاني الذي تفرضه عليهم سلطة الاحتلال الصربية, لذلك يعتبر شعب السنجق من أكثر الشعوب تشردًا في العالم.

    وعلى ذلك فإن ثلاثة أرباع شعب السنجق يعيش خارج بلادهم, والباقي في الداخل, إلا أن هذا العدد - والذي يبلغ حوالي 400 ألف نسمة - لم يستطع حتى الآن أن يثبت لنفسه وضعًا قانونيًا دوليًا؛ وذلك لأنه لا يقارن بعدد الصليبيين في صربيا والجبل الأسود والمقدر بنحو 8 ملايين نسمة, لذلك ليس هناك سبيل حتى الآن لإيجاد ضغط كاف يحرّك القضية على المستوى الدولي.

    وجرّاء تلك العزلة يعاني شعب السنجق وضعًا في غاية الصعوبة؛ حيث إن هذا الإقليم يقع تحت إدارة صربية في الشمال والجبل الأسود في الجنوب؛ لذلك فإن هؤلاء الصليبيين يستأثرون بخيرات أراضي المسلمين الخصبة وما تنتجه هذه الأراضي من فواكه وحبوب وغيرها، وكذلك الثروة الحيوانية، وهذه الممارسات جعلت البوشناق في السنجق يعيشون تحت وطأة الفقر المدقع نتيجة تطبيق هذه السياسات الظالمة.

    وقد زاد من وطأة هذا الوضع ندرة زيارات الوفود من الدول الإسلامية المختلفة لتلك البقعة المسلمة وكأن ليس لها وجود, بل والأكثر من ذلك وما يدعو حقًا إلى الحزن والأسف أن أغلب دول العالم الإسلامي لا تعرف عن وجودها شيئًا, وخصوصًا أن السياسة المتفق عليها دوليًا أن تُنسى وتُعزل عن العالم, ومن يعايش هؤلاء القوم عن قرب يجد أن واقعهم ليس أفضل حالاً من واقع إخوانهم المسلمين في فلسطين, وهم يعيشون ذلك الواقع منذ أكثر من 10 سنوات.

    ويعتبر ما حدث في كوسوفا والجبل الأسود وما تعيشه صربيا من تخبط سببًا رئيسًا في دفع المسلمين إلى الإحساس أكثر من أي وقت مضي بضرورة تقرير المصير.

    ومع كل ما يعانيه إخواننا من مسلمي السنجق فهم يشتهرون بالتزامهم بهويتهم الإسلامية والثقافية, ويهتمون كثيرًا بتربية أبنائهم تربية إسلامية صحيحة, ويهتمون بتوفير الأئمة والدعاة المؤهلين الذين تحتاجهم المنطقة, ويعتبر ما يعرف بالمشيخة الإسلامية هناك المؤسسة الوحيدة الرسمية المنوط بها الاهتمام والإشراف على أحوال المسلمين هناك, وتحاول جاهدة وهي صامدة أمام كل التحديات التي تحيط بها من كل جانب أن تغطي كافة حاجات المسلمين في المنطقة.

    ويرى المسلمون السنجقيون أن التربية الإسلامية للناس وتعليمهم الإسلام هو السبيل الوحيد للمحافظة على هويتهم الإسلامية, وكذلك التزامهم بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة - وخاصة مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية - في مواجهة التيارات الغربية المتطرفة المعادية لهم, آملين في عون الله وكرمه أن يستطيع شعبهم في المستقبل القريب الحصول على كافة حقوقه المسلوبة بما فيها السياسية والإدارية.

    ويتمنى مسلمو السنجق أن تعرف الأمة الإسلامية أن هناك جزءًا منها يكاد يكون منسيًا, هذا الجزء معتزّ بإسلامه, وهو أحد رايات الإسلام المرفوعة وسط الكفر في شموخ وإباء, كما أنهم يهيبون بأهل الخير أن يصوّبوا النظر نحوهم, فهناك مشاريع إسلامية كثيرة تحتاج لتضافر كل الجهود المخلصة من أبناء المسلمين, كما أنهم يتّجهون بعزة المسلم وشموخه إلى رجال الأعمال من المسلمين ليستثمروا أموالهم في تلك البلاد التي حباها الله بأراض زراعية خصبة وجو صيفي معتدل وثروة حيوانية وفيرة.. فهلمّ إخواننا المسلمين نمد يد العون ونحتضن تلك البقعة المباركة, ونمنح هذا الجزء الغالي من جسد أمتنا الإسلامية بعضًا من اهتماماتنا, محاولين أن نشعره بدفء وحنان الأسرة المسلمة, ونعيده إلى كنفها ليكون أحد اللبنات القوية في عضد الأمة الإسلامية في مواجهة قوى الكفر.


    نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام.

  8. #278
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    المسلمون البلغار جرح ينزف ولا مضمد له





    مفكرة الإسلام : نتناول اليوم واحدة من أحلك المحن التي كابدها شعب مسلم على وجه الأرض, ولا أدري من أين يبدأ القلم، فهناك نزيف منبثق على جانبيه من ذلك الجرح الغائر الذي تنفطر لرؤيته الأفئدة, وتهتز من هوله الجبال الشامخة, ولكن لدينا أحداث تزدحم بها ذاكرة حزينة تمتلئ بمآسي ذلك الشعب المسلم في الماضي والحاضر ويعلم الله ما سيكون في المستقبل.

    والله إني لأحار على من تقع تبعة ما يعانيه هؤلاء الأخوة, فكم هامة من هذا الشعب سجدت لله ضارعة سامها الذل مَن جاروا وظلموا من الطغاة الوثنيين، وكم من مسلمة حرة أبية صرخت يومًا بمعتصم ولكن ليس في الأرض ـ ويا خزينا اليوم ـ معتصم, وكم طفل خطف من كف عائله, وكم بائس من هذا الشعب حقه المشروع مهضوم وهناك الكثير والكثير من المآسي التي تنوء بحملها الجبال، فما بال أنها مسئولية الأمة الإسلامية بأسرها وهي وصمة عار في جبينها، ولابد لكل مؤمن موحد يرعى الله أن يدلي بدلوه في إزالة تلك الوصمة.

    واليوم ونحن بصدد فتح ذلك الملف المؤلم, نأمل بعرض المآسي التي تعرض لها ذلك الشعب أن تنهض النفوس الأبية لنصرة هؤلاء المستضعفين, كما نهيب بدعاة الهدى وأهل الحمية من أمة الإسلام أن يهبوا لإنقاذ أهلنا الأحبة من تلك الأمة المحمدية من يد الهمجية, ونحن بعرض تلك المشاهد لا نريد دموعًا بل نريد فعالاً علنا نستطيع تضميد ذلك الجرح الغائر.

    بلغاريا

    يقال إن اسمها محرف من كلمة 'فولغا ـ إري' أي إنسان الفولغا, وهي دولة بلقانية يحدها من الشمال رومانيا, ومن الجنوب تركيا, ومن الشرق البحر الأسود,ومن الغرب يوغسلافيا.

    وقد أطلقت تسمية البلغار للمرة الأولى على الشعب الذي عاش في بلاد القوقاز الواقعة حاليًا تحت الحكم الروسي وهم أيضًا فرع من الأتراك.

    المساحة : 110.912كم2

    عدد السكان : بلغ 8 مليون نسمة حسب آخر إحصائية عام 2004م منهم 2,5 مليون مسلم.

    الديانة :الديانة المسيحية الأولى وتمثل 84.3%,يليها في الترتيب الإسلام ويمثل حوالي 12.2%ثم اليهودية 0.1% وديانات أخرى تمثل 3.4%.

    اللغة الرسمية البلغارية إلى جانب بعض اللغات حسب الأعراق المختلفة ولكنها ليس لها صفة رسمية.

    عدد المساجد: قرابة 750 مسجدًا ومثلهم مدارس وهناك المركز الإسلامي ودار الإفتاء ومؤسسة النور الإسلامية وكذلك مؤسسة الدعوة والتبليغ, إلى جانب المعهد العالي للدراسات الإسلامية.

    اعتنق البلغار الإسلام في القرن الثالث الهجري [التاسع للميلاد] وقد هزم المسلمون اليهود الخزر المجاورين للبلغار سنة 120هـ / 737 م، وأبيدت دولة الخزر اليهودية سنة 210هـ /825م، وحين ذاك انتشر الإسلام في بلاد الخزر وبلاد البلغار وما يجاورها على ضفاف نهر الفولجا الذي يصب في بحر الخزر أي بحر قزوين، هاجم الروس يهود الخزر سنة 350هـ /963م، وبعد ذلك بأربع سنوات أسلم ملك الخزر، وأسلم معه عدد كبير منهم، غير أن حاكم روسيا 'ماستيلاف' هاجم ما بقي من يهود الخزر، وساعده الروم البيزنطيون، فقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا سنة 407هـ / 1016م، واعتنق بعض الخزر النصرانية وبعضهم اعتنق الإسلام، وبقي بعضهم يهوديًا... أما البلغار فاعتنقوا الإسلام قبل يهود الخزر الذين يجاورونهم ويعيشون معهم في حالة حرب مستمرة.

    وحج أحد أبناء ملك البلغار في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله وزار الأمير البلغاري بغداد وقدم فروض الطاعة للخليفة العباسي المقتدر وطلب منه المساعدة و ذلك لأنه أراد أن يجعل بلده إسلاميًا, فأرسل إليه المقتدر بالله الفقهاء والعلماء والحرفيين والتجار وغيرهم لينشروا الإسلام ويدعون له.

    وبني الملك البلغاري المسلم حصنًا كبيًرا حول مدينته ليأمن شر الملوك غير المسلمين واستجاب الخليفة المقتدر لطلبه وأرسل إليه بعثة كبيرة على رأسها العلامة الشيخ أحمد بن فضلان بن العباس البغدادي الذي ألف كتابًا عن رحلته يسمى 'رسالة ابن فضلان' يصف فيه كل شيء عن دعوته للإسلام في بلغاريا ويعد الكتاب مرجعًا تاريخيًا وجغرافيًا وتحفة في أدب الرحلات.

    ومنذ استولى المغول على البلاد في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي كانت أحوال المسلمين هادئة واختفى اسم بلغاريا وقتًا وحلت أسماء كثيرة أخرى محله.

    وتمسك المسلمون بدينهم وازدادوا قوة وبنوا في كل قرية مسجدًا وبجوار المسجد مدرسة لتلقي علوم الدين الحنيف وليتعلم فيها أولادهم.

    وبعد أن انتشر الإسلام بين البلغار وجيرانهم على ضفاف نهر الفولغا والقوقاز وقعت حروب بين القبائل المتناحرة في تلك المناطق فاندفعت هجرات متلاحقة اتجهت غربًا نحو أوروبا الشرقية، فاستوطن الهنغار في المجر، والبوشناق في البوسنة والهرسك، والبلغار في بلغاريا الحالية.

    ولكن ملك بلغاريا سيمون اعتنق النصرانية وقاد حملة التغيير التي استمرت بالنمو في أيامه واصطدم مع المسلمين الهنغر والباش غرد وغيرهم في حوض الدانوب، وسار أحفاده على طريقه وقد أصبح الدين المسيحي دينًا رسميًا لبلغاريا سنة 251هـ / 865م.

    وقد بقي عدد من البلغار على دين الإسلام, لكن هذا العدد من المسلمين ظل ضعيف الجانب حتى الفتح العثماني،حيث فتح السلطان مراد الأول مدينة أدرنة سنة 762هـ/ 1361م، وجعلها عاصمة للسلطنة العثمانية ثم فتح فلبة في بلغاريا ثم فتح صوفا سنة 785هـ / 1383م، بعد أن حاصرها ثلاث سنوات، وعمت الفتوحات الإسلامية بلغاريا وشارك المسلمون البلغار فيها وتحرروا من ظلم الروم الأرثوذكس البيزنطيين وبفضل مشاركة المسلمين المحليين في حروب البلقان اتسعت رقعة الفتوحات، واصطبغت بلغاريا بصبغة إسلامية عثمانية تامة اعتبارًا من سنة 805هـ /1402م وظلت هذه الأحوال سائدة لعدة قرون حتى عام 1877م وبلغ عدد المساجد في ذاك الوقت أكثر من 1500 مسجد منتشرة في كل مكان.

    ومرت تلك القرون وتآمر الأوروبيون والروس على الدولة العثمانية وتحولت بلغاريا إلى ميدان للمعارك بين الروس الأرثوذكس ابتداء بسنة 1293هـ / 1877م، وهُزم العثمانيون وبدأت المجازر الجماعية تطاول المسلمين العزل مما فتح باب الهجرة فهاجر من هاجر ولاذ مئات آلاف المسلمين بالجبال، وتآمر أعضاء حزب الاتحاد والترقي من الماسون ويهود الدونمة وعملاء السفارات الأوروبية، وأثاروا الفتن الداخلية في البلاد العثمانية، واستغل الوضع الهش أمير بلغاريا فردناند سنة 1326هـ / 1908م، واتخذ لنفسه لقب قيصر وحكم البلاد حكمًا روميًا أرثوذكسيًا حتى سنة 1362هـ / 1943م، وسادت محاكم التفتيش وأجبر المسلمون على الارتداد عن دينهم أو الهجرة، وقتل منهم الآلاف، وفي سنة 1380هـ /1960م، حوصر المسلمون في بلغاريا وتعرضوا لحملة شيوعية ودمرت المساجد والجوامع و التكايا والزوايا والمدارس الإسلامية, وشرد المسلمون فاتجهوا نحو البلاد الإسلامية إلى أن أصبح المسلمون البلغار أقلية بعد أن كانوا أغلبية، وبدأت نسبة المسلمين بالانخفاض في بلغاريا بعدما كانوا يشكلون نصف سكانها.

    وإذا توقفنا قليلاً عند تجمعات المسلمين ونوعياتها داخل بلغاريا نجدها كالآتي:

    الأتراك: وينتشرون في أنحاء كثيرة من البلاد و خاصة على البحر الأسود.

    التتار: وهم أتراك أيضًا لكنهم قدموا إلى بلغاريا من شبه جزيرة القرم بعد أن اجتاحها الروس في القرن الثامن عشر الميلادي ويتمركزون في القرى الواقعة على الحدود الرومانية وساحل البحر الأسود.

    الغجر: وهم المسلمون البدو الرحل.

    وأخيرًا البوماك: ويعتقد أنهم البلغاريون الأصليون ويتكلمون اللغة السلافية والصربية ويسكنون مرتفعات رودوب وجنوب بلغاريا وغربها.

    و هذه التجمعات بنوعياتها المختلفة تعرضت خلال الحرب الروسية العثمانية إلى ضغوط وهزات كبيرة أدت إلى تفرقها وتغيير مواقع وجودها بل إلى فرار أعداد كبيرة منها.

    وما يدعو للأسف وكان أشد بشاعة وهولاً أن تلك المجموعات لاقت بعد ذلك حملات تصفية منظمة وضارية على يد القياصرة البلغار، والذي زاد من حدة وقسوة تلك الحملات النعرة الطائفية التي عمت أوروبا ضد المسلمين وجسدها إطلاق معظم البلدان الأوروبية أسماء مميزة للمسلمين فيها عن غيرهم من السكان بقصد التحقير من شأنهم.

    و أيًا كانت الحملات التي واجهها المسلمون على أيدي القياصرة البلغار إلا أن ما واجهوه في الحقبة الشيوعية كان أشد وأنكى, ويصف المؤرخون الحملة التي بدأها الحكم الشيوعي ضد المسلمين بأنها من أشد الحملات التي تعرضت لها أقلية إسلامية في بلد شيوعي, فقد استهدفت هذه الحملة العقيدة الإسلامية ذاتها.

    وتكشف تفاصيل تلك الحملة التي شنتها الدولة البلغارية بكل أجهزتها ضد المسلمين في الفترة من عام 1979م إلى 1989م عن حقد ووحشية وخطة خبيثة اقتضت التخلص من المسلمين اسمًا ورسمًا وعقيدةً, فتم إرغامهم بالقوة على تغيير أسمائهم من العربية الإسلامية إلى السلافية، وإجبار من لم يرضخ لذلك على ترك البلاد, ثم مورست عمليات تذويب على من بقي وقد أسفرت بالفعل عن إبادة مليون مسلم و بلغرة ثلاثة ملايين آخرين.

    وظل المسلمون في تلك المحنة التي سجلها التاريخ الإنساني لتبقى شاهدة على تخاذل العالم الإسلامي إلى يوم الدين, ثم سقطت الشيوعية ونال المسلمون هامشًا ضيقًا من الحرية الدينية، لكن ورغم الإعلان عن عهد تسوده الديمقراطية ويعطي المواطنين حقوقهم, إلا أن ذلك يبدو أنه حلال لكافة خلق الله من الملل والديانات الأخرى فيما عدا المسلمين فقد استثنوا من كل ذلك وتواصلت الحملة التي تبناها العهد الشيوعي, ولكن بصورة مختلفة ونهج جديد وخبيث حيث ضيقوا عليهم فرص التعليم والعمل وامتلاك كافة آليات الحياة, بالإضافة إلى منعهم ممارسة الأنشطة الاقتصادية بغية قتلهم في صمت.

    وأما على صعيد ممارسة الحقوق السياسية, تضع السلطات العراقيل لحرمان المسلمين حقوقهم السياسية, وأما عن الحصار الاقتصادي فحدث ولا حرج فيكفي أن يعلم كل ذي قلب من أمة الإسلام أن البطالة بين المسلمين تزيد على 80% ولا يقل مستوى الفقر عن ذلك, وهنا تطل أفعى التنصير من مكمنها حيث تجد لها مرتعًا تعيس فيه فسادًا ونحن في غفلة وسبات عميق لا أدري متى نفيق منه ونعي أننا يومًا ما سنسأل عنهم وعن أمثالهم من ضحايا البطون المتخمة والقلوب المتحجرة ولا أدري ساعتها ما عسانا نجيب.

    ومازال وضع المسلمين على تلك الحال المخزية لنا جميعًا معشر المنعمين, وما زالت الحكومات البلغارية المتعاقبة تسعى كالحرباء محاولة دمج المسلمين في المجتمع ليكونوا بلغاريين عادات وقيمًًا ومبادئ وتذوب بذلك هويتهم وينتهي الإسلام من تلك الديار وإن بقي أتباعه, متبعة في ذلك الأسلوب الهادئ بعيدًا عن استخدام القوة.

    ومن جهة أخرى تحرص الحكومة مرتدية رداء الثعلب المكار أن تبدو بصورة مغايرة أمام العالم الإسلامي, وذلك بغية الحصول على توجيه الاستثمارات الإسلامية إلى بلغاريا وقد نجحت بالفعل في عقد اتفاقيات مع بعض الدول الإسلامية للتعاون الأمني ومحاربة التطرف الديني!!‍‍

    ولكن رغم تلك الضغوط فدائمًا تبدو بارقة أمل تحدونا، وخاصة أن الفجر يبزغ دائمًا من بين ظلمة الليل, فقد أصبح رفع الأذان بواسطة مكبرات الصوت مسموح في قلب العاصمة صوفيا، وبعدما كان حتى الختان ممنوعًا في العهد الشيوعي، أصبح اليوم كل شيء مسموحًا, وما يلفت النظر وجود طالبات محجبات داخل جامعة صوفيا.

    ويسعى المسلمون في بلغاريا إلى استعادة أملاك الأوقاف العائدة لهم والتي صودرت أثناء العهد الشيوعي وقد نجحوا حتى الآن باستعادة 15 %منها فقط. ويفسر البعض عدم استعادة كل أملاك الأوقاف الإسلامية ببطء المحاكم وتلقيها رشاوى, هذا ولا يوجد بعد تلفاز خاص بالأتراك المسلمين، فيما يبث تلفاز الدولة عشر دقائق كل يوم أخبارًا باللغة التركية، كما يظهر المفتي في المناسبات الدينية مثل بداية شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى.

    وما زال المسلمون البلغار داخل بلغاريا والمهاجرون خارجها يتمسكون بدينهم ويحافظون على هويتهم ولا يتوقفون عن العمل باجتهاد ومثابرة محاولين انتزاع حقوقهم كمواطنين, قد تمكنت المشيخة الإسلامية من تنظيم صفوفها للتعبير بقوة عن قضايا المسلمين ومطالبهم الدينية,و على الرغم من المحاولات الدائمة للحكومة لاختراق المشيخة إلا أنها واصلت جهودها حتى تأسس المجلس الإسلامي الأعلى الذي عمل على وضع خطة عامة للعمل الإسلامي البلغاري داخليًا وخارجيًا, وبدأت المؤسسات الإسلامية البلغارية عهدًا جديدًا لاسترداد أمجاد المسلمين التي دامت لمدة تزيد عن خمسة قرون في ظل الحكم الإسلامي العادل.

    وهكذا وعلى هذا النسق تسير أوضاع المسلمين داخل بلغاريا في تدافع مستمر بينها وبين حكومات لا تكف عن السعي لتذويبهم نهائيًا وبين مسلمين صقلتهم المحن التي مروا بها وجعلتهم أقوياء القلب والقالب وثبتت عقيدتهم وجعلتهم مصممين على الحفاظ على هويتهم وانتزاع حقوقهم الطبيعية مثل كافة البشر.

    وإلى هنا انتهى القلم من تسجيل ما شاء الله له أن يسجل بعضًا مما علمه ومما نزل بتلك الأمة المستضعفة وها نحن علمنا فمتى نبالي وتنهض هممنا, ونسعى لإفراغ خزائننا المملوءة لنصرة الأحرار وانتشالهم من العدم والجوع والقهر والذل.

    ولم يبقَ لنا إلا مقولة قالها أحد الأحرار لحث أهل الحمية من أمة الإسلام حيث قال:


    ابذل لنفسك فالأرزاق جارية..... وفضل ربك حبل ليس ينفصم

    ابسط يديك فإن العمر منتقص..... يبقى الجميل وتفنى دونه الأمم

    والمال لله كم عشنا نثمره...... لا خير في المال إن ضاعت عنده القيم


    نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام.

  9. #279
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    أبخازيا 'اللؤلؤة الآسيوية'




    مفكرة الإسلام: من جديد نعود لنفتح صفحة جديدة من صفحات حال الأقليات المسلمة التي تنطوي على الكثير من الأتراح, نعود لنذكركم أن حالة الأقليات المسلمة في أنحاء كثيرة من دول العالم والقارات في أوروبا وإفريقيا وآسيا مزرية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ولا يخفى علينا - نحن المسلمين والعالم أجمع - ما تتعرض له تلك الأقليات المسلمة من صنوف العذاب؛ فهناك حرمان وهنا حصار وتنكيل, وكذا تقتيل وإبادة وتشريد وتجويع وتهجير.

    إن الأقليات المسلمة دون غيرها من الأقليات تعيش اليوم أحداثًا دامية في كل مكان, صور وألوان شتى يمكن لذي القلب الحي أن يجول فيها بخياله ما شاء الله له أن يجول, ماثلة أمامه صور من جحيم الحياة وخصوصًا في بورما وكشمير والفلبين وجامو وكوسوفا وأبخازيا أو أباظيا, والتي سنتجول اليوم بين أروقتها, علّنا نستطيع إماطة اللثام عن إحدى كبريات المآسي التي تتعرض لها إحدى الأمم التي تتبع النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم, آملين - بإثارة قضيتهم – في أن تمتد الأيدي المسلمة المخلصة لتمسح دموع هؤلاء الإخوة, وتساهم في تضميد جراحهم التي مازالت تنزف حتى الآن, وربما نستطيع بذلك أن نساهم بقطرة من السيل الذي لابد له أن ينطلق دفاعًا ونصرة لسيد الرسل وخاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام..

    · أبخازيا: أو أباظيا كما تسمى بالعربية, أو أباد نمل 'أي أرض الروح' كما يطلق عليها أهلها.

    · ويسميها الروس لؤلؤة البحر الأسود؛ لما تتمتع به من طبيعة ساحرة وموقع فريد على البحر الأسود.

    · المساحة: تتراوح المساحة بين 7 آلاف كيلومتر مربع و8600 كيلومتر مربع.

    ورغم تلك المساحة الصغيرة إلا أنها تتبوأ موقعًا استراتيجيًا على الساحل الشمالي للبحر الأسود, وتعتبر نقطة ربط بين أوروبا والصين, وهي لذلك تعتبر ممرًا مهمًا للتبادل التجاري بين أوروبا والشرق الأوسط.

    · عدد السكان: يبلغ حسب آخر التقديرات حوالي 100 ألف نسمة, ويمثل هذا العدد حوالي 1.8% من التعداد الكلي للسكان مقابل 70.1% من الجورجيين و9% من الروس و19.1% جنسيات أخرى.

    · الديانة: المسيحية هي الديانة الأولى, وتمثل حوالي 75%, يليها في الترتيب الإسلام ويمثل 11%, ثم عدد من الديانات الأخرى تمثل 14%, ويرجع تعدد الديانات إلى تعدّد القوميات.

    · اللغة الرسمية: الأبخازية, وتمثل ضمن عدد من اللغات غير 'الجورجية والأذرية والروسية والأرمينية' حوالي 7%.

    · وهناك عدد قليل من المساجد المتواضعة يوجد في أحدها الإدارة الدينية للأبخاز, ولا يوجد مركز إسلامي ولا منظمات إسلامية رسمية, وكذلك الحال بالنسبة للمدارس.

    تعتبر منطقة جورجيا المعاصرة - والتي تضم معها دولة أبخازيا - هي نفسها التي احتوتْ الممالك القديمة المعروفة باسم كولتشيس وكارتلي إيبريا, وقد وَقعتْ هذه المنطقة تحت النفوذُ الرومانيُ في القرونِ الأولى الميلادية, وبهذا أصبحت المسيحية هي ديانة أهلها الرسمية عام 533م.

    بعد ذلك أصبحت تحت الهيمنة الفارسية والعربية والتركية, وتلا تلك الفترة ما عرف بالعصر الجورجي الذهبي, والذي استمر من القرن الحادي عشر الميلادي إلى القرن الثالث عشر, حتى غزاها المغول عام 1236م, وظلت على تلك الحالة حتى منتصف القرن السادس عشر عندما تنافست الدولة الإسلامية والإمبراطورية الفارسية لمحاولة السيطرة عليها, حتى فتحتها دولة الخلافة الإسلامية ضمن فتوحاتها لمنطقة آسيا الوسطى ومنطقة البلقان.

    وقد انتشر الإسلام فيها بين كل الطبقات؛ حيث دخل الناس في دين الله أفواجًا, وظلت الدولة الإسلامية قائمة فيها حتى بداية القرن العشرين, عندما أصيبت دولة الخلافة بالتفكك والضعف وقسمت بين القوى الاستعمارية المختلفة.

    وظلت أبخازيا - أو أباظيا كما تسمى باللغة العربية - دولة مستقلة حتى عام 1911م, ولكن للأسف فقد وقع لهذه البقعة المضيئة بنور الإسلام ما وقع لغيرها ممن صدق فيهم قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن تداعت عليها الأمم الكافرة فغلبتها على أمرها, لقد حدث ذلك بالفعل عندما تحالفت جورجيا الصليبية مع روسيا الشيوعية الملحدة لممارسة ضغوط شديدة على أبخازيا؛ ما حدا بها أن تشكّل اتحادًا فيدراليًا مع جورجيا, وظلت هكذا حتى قرر الطاغية الروسي ستالين ضمها إلى جورجيا قسرًا وعلى غير رغبة أهلها من المسلمين.

    وهكذا أخذ قادة الإلحاد في الاتحاد السوفييتى البائد تنفيذ مخططهم الدنيء لتذويب الجمهوريات الإسلامية ضمن أراضي الاتحاد, يشتتون أهلها من المسلمين بغية القضاء على قوتهم, و بناءً على ذلك أصبح لأباظيا نصيب الالتحاق بجورجيا.

    وبهذا خضع الشعب الأبخازي المسلم لسياسات الحقد الشيوعية كالتهجير والنفي والتوطين القسري, ونفيت كثير من العائلات إلى خارج أرضهم؛ وعلى سبيل المثال فإن تركيا وحدها خصها أكثر من 300 ألف أبخازي, وبقية الأبخاز شتتها النظام الشيوعي إلى سيبيريا ومصر والأردن وسوريا, وهكذا تقلص عدد الأبخاز وصاروا أقلية في بلادهم بعد أن كانوا الأغلبية العظمى, وإمعانًا في طمس الهوية قامت السلطات الجورجية بإحراق الأرشيف الوطني, والمتحف الوطني, ومعهد الأبحاث العلمية واللغوية, في محاولة لقطع جذور هذا الشعب من التاريخ.

    ومع كل ما تعرض له الشعب الأباظي من ظلم وعدوان وقهر, والذي يجعل القارئ لسيرة هذا الشعب يظن أنه لن تقوم لهم قائمة, إلا أن الواقع شيء آخر؛ حيث إن هذا الشعب المسلم الأبي لم يستسلم ولم يقبل التفريط في أرضه, وأخذ يدافع عن أرضه ويطالب بحقوقه سياسيًا تارة وعسكريًا تارة أخرى, وقد كلّفهم ذلك الكثير؛ فقد واجه قادتهم السجن في السجون السيبيرية وكذلك القتل والنفي, وقوبلت تحركات الأبخاز على امتداد 66 عامًا منذ 1926 حتى 1992م بالقمع الوحشي, كما قوبلت مطالباته بحقوقه المشروعة بالرفض والتهديد بالانتقام.

    وفي أعقاب انهيارالاتحاد السوفيتي وتفكك دوله عام 1990م, أصيبت الحياة في تلك الدول بالتفكك والتحلل والاضطراب والفراغ السياسي، وكان نصيب جورجيا من ذلك كبيرًا, حيث تم عزل رئيسها وفر إلى غرب البلاد، ونصب مجلس عسكري جديد لحكم البلاد، لكن قوات الرئيس المخلوع تمكنت من السيطرة على غرب البلاد؛ حيث خاضت حربًا شديدة ضد الحكم الجديد.

    وقد ظلت الحرب سجالاً بين المجلس العسكري الجديد والرئيس المخلوع, حتى تم التضييق عليه, ففر إلى أبخازيا محتميًا بأراضيها وأهلها, وهكذا بعد أن كان الرئيس المخلوع العدو اللدود لأبخازيا والسبب الرئيس في تهديد أمنها وسلامتها أصبح أمنه ومصيره بيد شعبها بعد أن فر إليهم طالبًا الحماية.

    وانتهز الأبخاز هذه الفرصة الذهبية لإعلان دولتهم المستقلة من جانب واحد عام 1992م, وقد جاء هذا الإعلان بمثابة الصاعقة على المجلس العسكري الحاكم في جورجيا في ذلك الوقت, والذي كان يسيطر عليه تيار التطرف القومي الرافض بقوة لفكرة استقلال أبخازيا من الأساس.

    وبعد انتهاء فترة الحكم العسكري وتولي رئيس جديد للحكم قرر مواصلة الحرب, بينما اختار الأبخاز مواصلة المقاومة حتى قلبوا الميزان العسكري لصالحهم وحققوا نصرًا ساحقًا.

    وقد استعاض الأبخاز عن قلة عددهم - حيث إن عددهم لا يتجاوز 100 ألف - بقوة الشكيمة وتمرّسهم على القتال, واستنادهم إلى قوة ضخمة من أشقائهم الأبخاز الذين يبلغ تعدادهم مليونيْ نسمة ينتشرون في دول القوقاز المجاورة لهم, وكذلك الدعم المتواصل من أهلهم المهجّرين إلى الدول المختلفة.

    وقد كان لروسيا دور واضح خبيث في تأجيج الصراع الجورجي الأبخازي, حيث إنها تقف سدًا منيعًا أمام أية نزعة استقلالية جديدة داخل الكيان الشيوعي السابق, وخاصة بالنسبة لدول القوقاز؛ وذلك لعلمها أن هذه الدول إذا استقلت فسوف تشكل كتلة إسلامية كبرى تهدد مشاريع روسيا نفسها.

    ومن الواضح أن الصراع في هذه المنطقة سيطول؛ وذلك لإصرار كلا الطرفين على موقفه, فجورجيا تتمسك بأبخازيا تحت قبضتها, وقد أعلن وزير دفاعها صراحة في بداية المعارك أنه مستعد للتضحية بـ100 ألف جورجي مقابل 100 ألف أبخازي هم كل تعداد الأبخاز, ولم يقصد بذلك طبعًا إلا إبادة الشعب عن بكرة أبيه, وللأسف فإن مجلس الأمن أصدر أكثر من ثلاثة قرارات بإدانة محاولة أبخازيا الاستقلال عن جورجيا, ومن الواضح أن هذا الموقف الدولي المخزي يقف بكل قوة ضد أية مساعٍ من هذا النوع, وخاصة إذا صدرت من دول إسلامية لا لشيء سوى لأنهم مسلمون, وعلى الرغم من كل هذه المواقف المتعنتة الحاقدة فإن أبخازيا ما زالت - وبكل عزيمة وإصرار - تتمسك بحقها في الاستقلال الرسمي مهما كلفها ذلك من تضحيات.

    فطوبى لأبخازيا أرضًا وشعبًا, وهكذا ينبغي أن يكون المسلم دائمًا عزيزًا أبيًا قويًا بإيمانه مهما تداعت عليه الأمم, خاصة أن تلك الأمم ما هي إلا أهون الأمم على الله لكفرها ومحاربتها لله, فيا إخوتي وأحبتي في الله.. أليس لنا من عبرة وعظة نأخذها من قوة هذا الشعب المكافح, ويا أمة الإسلام.. أما من وقفة صادقة مع هذا الشعب وأمثاله من الشعوب المسلمة المستضعفة, ومازلت أكرر أن هذا من صميم نصرة نبينا وجزء من دفاعنا عنه.


    نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام.

  10. #280
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    مسلمون ضد الإسلام في الغرب




    يحى أبو زكريا

    عندما يشرّح الباحث مفردات الخطاب العربي والإسلامي يجد أنّ هذا الخطاب في معظم أبعاده يحمّل الآخر وتحديدا الغرب والحركة الصهيونية وغيرهما مسؤولية تراجعنا الحضاري.ولعلّي أتفق مع الأستاذ مالك بن نبي الذي يرى أنّ العوامل الداخلية هي التي أجهضت نهضتنا و أنّ العوامل الخارجيّة إستثمرت هذه العوامل الداخلية و إستغلتها لصالحها .وقد حضرت ذات يوم محاضرة دينية في مسجد يقع في دولة غربية وكان المحاضر قادما من العالم الإسلامي ولم يحمّل نفسه عناء قراءة الواقع الذي جاء إليه ليدعو الناس فيه إلى الطريق القويم , و تعامل مع الواقع كما لو أنّه يقع في الجغرافيا العربية أو الإسلامية , ومما قاله هذا المحاضر بالحرف الواحد وبدون نقيصة من كلامه :أيها المسلمون المقيمون في الغرب إحذروا الكفّار الذين تعيشون بين ظهرانيهم , فهم يسعون لإخراجكم من النور وإلى الظلمات , ولن يهنأ لهم بال حتى يحيلونكم إلى كفرة!!!و بإعتباري لا أحب الدجل الفكري , فقد قطعت محاضرته وقلت له ::يا فضيلة الشيخ قبل أن تصدر هذا الحكم إسأل كل جمهرة المسلمين الحاضرين ها هنا من يعيلهم !من يقدم لهم رواتب شهرية تجعلهم أحسن من وزراء بلادهم !
    من أعطاءهم بيوتات تقيهم البرد والحرّ ودون أن يدفعوا دولارا واحد كإيجار !من يطببهم مجانا ! من يصلّح أسنانهم إذا تسوسّت !
    من يعطي رواتب لهم ولأولادهم وبشكل شهري ودائم !وأخذت أعددّ الحسنات والخدمات التي تقدمها مؤسسات الرعاية الإجتماعية في كثير من الدول الغربية وتحديدا في دول شمال العالم للعرب والمسلمين ,ثمّ قلت له يا فضيلة الأستاذ من المسلم : نحن أو الفرنجة !
    هل رأيت مسلما لا ينتج لقمته ولا ينتج ثقافته ولا دواءه , فمثلما تعيش دولنا الإسلامية شحاذة وتقتات من مساعدات البنوك الغربية , فإنّ أغلب المسلمين في الغرب يعيشون بفضل المساعدات الإجتماعية ولعلمك يا جناب الشيخ فإنّ هذه المساعدات تجبيها مصلحة الضرائب من المقتدرين ماديّا من العمال والموظفين الغربيين الذين يدفعون الضرائب والذي يذهب جزء منها إلى مساعدة كل هؤلاء الحضور بين يديك من المسلمين .ثمّ قلت له : تتهم الفرنجة بالكفر فأنّا سأصطحبك في جولة في هذه المدينة الغربيّة التي أنت فيها , ستجد أن كثيرا من الحانات والمراقص يملكها مسلمون , وكثيرا من محلات الخمور والمجلات الخلاعية و بيع لحوم الخنزير يملكها مسلمون . بالإضافة إلى ذلك فقد علمنا هؤلاء الغربيين الكذب والدجل وتحايلنا عليهم وضحكنا على كل مؤسساتهم والملفات ثقيلة لا يمكن فتحها دفعة واحدة , وهنا قال لي المحاضر :أعتذر لتسرّعي في الحكم وأتمنى أن تكمل المحاضرة نيابة عني ! ما دفعني إلى هذه المقدمة هو حجم الإستهانة بقيم الإسلام من قبل المسلمين أنفسهم في الغرب , إلى درجة أنّ الإنسان الغربي والمؤسسات الغربية باتت لا تفرّق بين المسلم الملتزم بقيم دينه والمسلم الذي ينتمي إلى الإسلام شكلا ويتجافى عنه سلوكا و أخلاقا . و في هذا السيّاق يشار إلى أن شرطيا سويديّا أوقف في يوم من الأيام سائقا مسلما لإجراء فحص التأكد من عدم شربه للخمر وهو يسوق سيارته , فقال هذا السائق المسلم للشرطي السويد : أنا مسلم , فأجابه هذا الشرطي السويدي بقوله : لقد قالها غيرك كثير قبل هذا وكانت بطونهم ملىء بمختلف أنواع الخمور .لقد أساء بعض المسلمين في الغرب إلى دينهم أكثر مما أساءت إليه المنظمات المتخصصّة في نحر الإسلام , على إعتبار أنّ أهداف هذه المنظمات واضحة ومكشوفة , لكن المسلم عندما يقترف جناية في الغرب تنسب رأسا إلى الإسلام , ويعتبرها الإنسان الغربي جزءا من تعاليم الإسلام , والمستشرقون الذين تركوا إنطباعا خاطئا عن الإسلام في الذهنية الغربية , جاء الكثير من المسلمين إلى الغرب وأكدوا هذا الإنطباع بإعتبار أنّ سيرة المسلم تحسب على الإسلام لأنّ الإنسان الغربي ليس فقيها في كليات وجزئيات الثقافة الفقهية الإسلامية.
    ويتباهى بعض المسلمين في الغرب فيما بينهم وعندما يلتقون عن عدد القاصرات اللائي صرن ثيبّات بفضلهم وربمّا لأجل ذلك قام موقع إلكتروني سويدي موالي لجهة سياسية سويدية معادية للمهاجرين بمطالبة السلطات بطرد الذين جاءوا لإغتصاب نسوة السويد , وقد حزّ في قلبي أن أسمع هذا التباهي من شباب ينتمون إلى دولة يصول فيها شارون ويجول بإجرامه , كما حزّ في قلبي أنّ أشاهد بأم عيني أنّ معظم المتورطين في تجارة المخدرات و نشرها ينتمون إلى إقليم إسلامي يحترق , بل إنّ بعض الشباب والكهول في أكثر من عاصمة غربية جرى إعتقالهم بتهمة إغتصاب مراهقات و أطفال صغار في بعض الأحيان .هذا غير الضحك على الدول الغربية بأساليب مخجلة , فربّ مسلم إقترض من بنك غربي مبلغا خياليا لإستثماره في مشروع تجاري إختلس هذا المبلغ وأودعه في بنك خاص في وطنه العربي وبعد ذلك أعلن إفلاسه , و هذه الأمور ليست خاصة بل صارت عامة وفاحت رائحتها النتنة , والعجيب أن الذين يعلنون إفلاسهم زورا وبهتانا , يعيدون فتح نفس المشاريع بأسماء زوجاتهم وأقاربهم بإعتبار أنّ هذه الأسماء غير ملوثّة بعد .وقد نشبت الصراعات حتى في المساجد بين مسيريها و المرتزقين منها , حتى تدخلت الشرطة الغربية في أكثر من مسجد بعد أن تبادل مسيرو هذا المسجد التهديدات الأمر الذي تطلبّ إحضار الشرطة لفك الخصام , وقد كنت على رأس لجنة وساطة في مسجد من هذه المساجد والتي رغم تدخل الوجهاء فإنّ الخلافات لم تنته , و كم كان بليغا وفصيحا ذلك القاضي السويدي الذي قال للمختلفين : شئتم أو أبيتم عليكم أن تتفقوا لأنّكم يجب أن تلتقوا في بيت الله بمحبة ومودة .ولو وسعتنا هذه العجالة لذكرنا قصصا يشيب لها الولدان , ولكن بعدها ألا يحق لنا أن نوجّه أصابع الإتهام إلى المسلمين الذين جنوا على إسلامهم وحضارتهم .ومن الكافر يا ترى ! الذي يسعف مستضعفا فيعطيه راتبا وطبابة وبيتا وأمنا وجواز سفر وبطاقة بنكية , أم ذاك الذي يكذب ويسرق ويختلس ويغتصب ثمّ يقول زيفا : أشهد أن لا إله إلاّ الله .......


    نقلاً عن arabandalucia.

  11. #281
    الصورة الرمزية majedm
    majedm غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    العمر
    38
    المشاركات
    432

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب

    خلية نحل متواصلة
    هنيييييييييييييييييييييييييييييييئا لنا بك ايها الرجل المعطاء

  12. #282
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majedm
    خلية نحل متواصلة
    هنيييييييييييييييييييييييييييييييئا لنا بك ايها الرجل المعطاء
    بارك الله فيك ، ولا حرمني من طلاتك على موضوعاتي .

  13. #283
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    'بشكيريا' تشكو..




    مفكرة الإسلام: إن ملف قضية الأقليات الإسلامية ملف مؤلم, يبعث على الحسرة في النفوس, إلا أننا لا نملك إلا الاستمرار في فتحه وتسجيل كل ما يصل إلى مسامعنا أو يقع تحت أيدينا مما يفيد في تلك القضية المصيرية بالنسبة لأمة المليار, علّه يكون شاهد عيان, ففي وقتنا الحاضر في عصر السماء المفتوحة والفضائيات لا يستطيع المسلم أن يهرب من أنباء الاضطهاد والمذابح والقهر والتعذيب التي تتعرض لها الأقليات الإسلامية في شتى أنحاء العالم, سواء صغر حجمها أو كبر؛ فمن فنلندا وبلغاريا وكندا والسنجق, إلى الأباظة وأبخازيا, واليوم في بشكيريا, فهل هناك من يعرف تلك الديار؟! وهل هناك من يشعر بما يعانيه أهلها من نقص الدعاة والفقر والجهل بتعاليم الدين والتفكك والبعد عن سائر مسلمي العالم؟! فهيا بنا إلى أقاصي الدنيا حيث جمهوريات روسيا الاتحادية لنتعرف أحوال مسلمي بشكيريا.

    · بشكيريا: هي إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية التي يبلغ عدد المسلمين فيها حوالي 20 مليون مسلم من عدد سكان روسيا البالغ نحو 156 مليون نسمة.

    · العاصمة: أوفا.

    · المساحة: 143 ألف كيلومتر مربع.

    · عدد السكان: 4 ملايين نسمة، نسبة الروس منهم 39%, و28% تتر, و22% بشكيريون.

    · عدد المساجد: أكثر من 34 مسجدًا.

    · وهناك حوالي 80 مؤسسة ومجموعة من المسلمين غير مرخصة رسمياً تعمل في مجال الدعوة.

    دخل الإسلام بشكيريا في عهد الخليفة العباسي 'المقتدر بالله', الذي أرسل سفيره أحمد بن فضلان إلى هذه البلاد، وكان أهلها يعبدون الأوثان والطبيعة, ومن هذه الزيارة بدأ دخول أهلها في الإسلام, وأصبح أغلب سكانها مسلمين في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد 'أوزبك خان'، ثم احتلتها روسيا القيصرية عام 1553م.

    وقد عانى السكان البشكيريون المسلمون في العهد القيصري الروسي - والذي امتد من القرن السادس عشر الميلادي وحتى قيام الثورة البلشفية في روسيا في مطلع القرن العشرين - من الضرائب وإعطاء الأرض للمهاجرين الروس ومحاولة صرف المسلمين إلى النصرانية وهدم المساجد وتحويل أعداد منها إلى كنائس, وكان يتولى شئون المسلمين في عهد القياصرة والعهد الاشتراكي المفتي الذي كان موظفًا حكوميًا.

    وعلى الرغم من أن الحرب الأهلية التي خاضتها روسيا ما بين 1918م إلى 1920م أسفرت عن منح الحكم الذاتي لجمهوريات وأقاليم بداخلها، كان أولها بشكيريا في مارس 1919م, إلا أن في ذلك العهد السوفيتي الذي امتد من 1917م إلى 1985م مورست ضد الإسلام شتَّى صور الاضطهاد من صنوف القهر والتعذيب، والتشريد، والتهجير الإجباري، وتقسيم أراضيهم والاقتطاع منها، وتهجير الروس والأوكرانيين إليها، بهدف تغيير التكوين 'الديموغرافي'، والعرقي، والديني لهذه الأقاليم.

    ومن ناحية أخرى فرضت على المسلمين اللغة الروسية كلغة رسمية، وكلغة للتعامل في كل نواحي الحياة, فانفصل معظم المسلمين عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعن كتب الفقه التي لم تكن مكتوبة باللغة الروسية, وصار من بقي من علماء المسلمين يعلّمون الإسلام سرًا لمن يتيسر له ذلك.

    وبعد انتهاء العهد السوفيتي فتحت الأبواب للدراسات الإسلامية، وأعيد بناء وترميم المساجد, وبنيت الكثير من المساجد الجديدة في كثير من الجمهوريات التي مُنحت حكمًا ذاتيًا ومنها بشكيريا، كما تدرس العلوم الدينية في المساجد, إلا أن المأساة تكمن في عدم تلقي مسلمي هذه الجمهوريات الدعم القادر على إحداث عودة الروح إلى جسد الإسلام الهزيل فيها.

    ومن المعلوم أن هناك إدارة دينية في بشكيريا تأسست عام 1788م وتقوم بواجبها في مجال الإفتاء، والمفتي من خريجي المدرسة الدينية في بخارى.

    ويجدر بالذكر أن اسم جمهورية الذي أطلقته روسيا على دول القوقاز ومنها بشكيريا ليس إلا مجرد اسم، والواقع المر أنها مستعمرات روسية يدير شئونها موظفون من موسكو؛ ولهذا فإن سياسة روسيا تعتمد على أن يكون السكرتير الأول والثاني في كل جمهورية من هذه الجمهوريات الإسلامية روسيًا وليس محليًا.

    وتتعامل الحكومة الروسية مع المسلمين في بشكيريا معاملة يمكن أن يقال عنها: إنها جيدة, إلا أن المسلمين هناك يعانون من هجوم شرس تشنه وسائل الإعلام التي يسيطر اليهود على 25% منها, والتي تنقل الصورة المشوهة للإسلام كما تنشرها وسائل الإعلام الغربية.

    وتعاني بشكيريا من عدة مشكلات؛ فعلى الرغم من وجود عدد كبير من المساجد - وهي المصدر الأساسي لنشر الإسلام وتعليم المسلمين من البشكيريين أمور دينهم - إلا أنها تخلو غالبًا من الأئمة المؤهلين لأَنْ يقوموا بالدعوة الناجحة, فيترتب على هذا أن المساجد تخلو من زائريها.

    كذلك فالأمر الذي يعيق الدعوة هو أن أفكار كثير من الناس ما زالت مادية، ولو اعترفوا ببطلان تعاليم الشيوعية فهؤلاء الناس هم المدرسون والأساتذة والمفكرون، أي الذين يقومون بتربية النشء، أما أهل الدين فهم أنفسهم بمثابة الطلاب .

    ومن أكثر المشكلات وضوحًا قلة المسلمين المثقفين الذين في وسعهم تبليغ مبادئ دينهم للناس على المستوى الواجب، وتولي المناصب القيادية، ليحل محل الأساتذة الملحدين في الجوامع والمدارس الثانوية وفي المؤسسات الاجتماعية الأخرى، لذلك يجب على مسلمي بشكيريا ألا يحصروا الدعوة الإسلامية في المساجد التي أصبحت وكأنها متاحف لا يُتردد عليها إلا للتعرف على حياة الأجداد القدامى.

    كما تعاني المنظمات والمؤسسات الإسلامية هناك من نقص الدعم العربي والإسلامي لهم, وخاصة في المجال الثقافي والتربوي, وتواجه عقبات جمة في سبيل نشر مشروعها الحضاري؛ إذ لا توجد صحيفة تبسط مشروعهم الفكري، ولا قناة تليفزيونية توزع أفكارهم؛ ما يجعل تلك المنظمات في حاجة إلى دعم مادي ومعنوي من أجل أداء رسالتها على أكمل وجه.

    وهناك حاجة للدعاة والمعلمين من العالم الإسلامي لنشر الثقافة الإسلامية ونشر وترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الروسية وإيصالها للسكان في هذه البلاد.

    ومن الضروري أيضًا أن يتم البحث مع مسلمي بشكيريا وغيرهم عن خطوات لبدء عمليات دعم حقيقي وبنّاء على كافة الأصعدة، وخصوصًا أن عمليات التنصير تنشط يومًا بعد يوم, وقد أجاد اليهود كذلك تفعيل أقلياتهم في كل دول العالم ومنها تلك المنطقة، وذلك عن طريق المخططات الماكرة والاستعانة بالقنوات الفضائية في تقديم المعونة، فليس أقل من أن تقتطع ساعات فضائية على قنوات إسلامية وعربية لتوجيه برامج دينية ودعم ديني وروحي إلى الشعوب الإسلامية في تلك المنطقة, وخصوصًا أن هؤلاء قد عاشوا مآسي متتالية, وما زالوا يعانون وسط الشيوعية الملحدة والصليبية الحاقدة.

    وهكذا أرجو أن أكون قد وفقت في عرض صورة واقعية عن إخواننا من مسلمي بشكيريا, وبذلك يسهل على كل مسلم خفي عنه أمر هؤلاء الأحبة أن يعرف من هم وما هي أحوالهم وما هي احتياجاتهم, لعل كل من يملك القدرة على مساعدتهم أن يمد يده إليهم مبتغيًا وجه الله ونصرة الإسلام والمسلمين.

    وأخيرًا.. هذه بعض أبيات من الشعر تنطق بلسان حال أمثال هؤلاء الأحبة من أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله:

    عمـاه ما للمسلـمين لأمـرنـا
    أنا من حملت الدين بين جوانحي
    لو كان ما بي في اليهود لأقـبلت
    أو كان ما بي في الصليب لأقبلت
    لكننـي بـالله أطـلب عـزتـي
    فعقيدتي بين الضـلوع حمـلتها
    عماه قـل للمسلمـين: ترقبـوا

    وكأنهم عن كل حس جُردوا
    فلأجله دون البقية أُطردُ
    من كل ناحية يهود تحشدُ
    أقوامه ضد العدو تسددُ
    فهو الذي يعطي الجميع وينجدُ
    فأنا برغم مصائبي أتجلدُ
    فالنصر آتٍ والإله مؤيدُ


    نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام.
    آخر تعديل بواسطة أبو عبد الله ، 15-09-2006 الساعة 08:10 AM

  14. #284
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    المسلمون في ألمانيا بين رغبة التعايش والتحديات الداخلية




    مفكرة الإسلام [خاص]: منذ أن اتحدت ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، بدأت المناداة بعودة برلين لتكون عاصمة ألمانيا الموحدة، إلا انه ومنذ ذلك التاريخ تأثرت أوضاع المسلمين الحياتية في ألمانيا بشكل كبير، إلى أن تزايدت بعد أحداث 11 سبتمبر.

    وحرصا من 'مفكرة الإسلام' على رصد أوضاع المسلمين في ألمانيا فقد انتقلت إلى هناك للتعرف على أبرز المشاكل التي تواجههم في هذه البقعة الأوروبية التي تذكر الدراسات التاريخية أن غالبية مسلميها ينتمون إلى المذهب السني 'حوالي 65%'، إلا أنه وطبقا للدراسات وقياسات الرأي فإن غالبية المسلمين لا يمارسون العبادات بشكل منتظم وحتى صلاة الجمعة لا يحرص على تأديتها سوى ما يقل عن 10 % فقط.

    وبحسب الدراسات التاريخية فإن العديد من التوقعات في ألمانيا، تشير إلى أن أعداد المسلمين المتجنسين سوف تتزايد، نظرا لوجود استعداد لدى الجالية الإسلامية للتجنس بغض النظر عن التسهيلات التي يمكن أن تقدم أو لا تقدم في محاولة منهم للقيام بدور سياسي في ألمانيا، رغم ما كل يواجهونه من مشاكل وتحديات.

    ويطالب أعضاء الجالية الإسلامية بضرورة تحرك المؤسسات الإسلامية المختلفة لبحث قضاياهم في الوقت الذي يطالبون فيه إخوانهم بعدم نقل مشاكل بلاد المواطنة إلى بلاد الهجرة، إضافة إلى مطالبتهم بعدم كيل النظم الغربية بمكيالين. ففي الوقت الذي تناصر فيه كثير من الدوائر الغربية 'إسرائيل'، تقف موقف العداء من قضايا العرب والمسلمين.


    تاريخ المسلمين في ألمانيا

    حسبما تؤكد الدراسات ، فإن تاريخ المسلمين الموثق في ألمانيا يرجع إلى القرن الثامن عشر، أما الاتصالات بين المسلمين والألمان أنفسهم فتسبق ذلك، حيث شهدت هذه الفترة اتصالات عدة بين ملوك ألمانيا والمسلمين كما هو ثابت تاريخيا، بل إن بعض الفترات القديمة شهدت وجود جالية إسلامية مستقرة منذ ذلك الوقت.

    كل هذا يدل على أن التعامل مع الحضارة الإسلامية كان تعاملا أكثر إنسانية وحضارة وانفتاحا مما نراه اليوم من كل ما هو غريب خشية تغيير النمط الأوروبي، لكن هذا التاريخ القديم شهد تجديدا في ستينيات القرن الماضي عندما أتت مجموعات كبيرة من المسلمين للعمل في ألمانيا.

    وبشكل أكثر توضيحا فان الإسلام دخل ألمانيا الاتحادية والنمسا والجزء الألماني السويسري منذ مئات السنين، وكان ذلك عند وصول الفاتحين المسلمين الأتراك إلى مشارف في، ويرجع سبب وجود الجاليات الإسلامية في ألمانيا بهذا العدد الكبير إلى حركة الاعمار التي قام بها الألمان بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمتها.

    وبقدوم العمال وزيادة أعداد الطلبة الدارسين وللعوامل الأخرى بدأ الوجود الملحوظ والمكثف للمسلمين في ألمانيا، وكان هذا الوضع كفيلا بأن يدفع المسلمين لإقامة اتحاد إسلامي يضم الجميع، حيث تم تكوين أول اتحاد إسلامي في أوائل الخمسينيات، كما أقاموا بعض المساجد الصغيرة لتأدية الصلاة فيها، وبمرور الوقت زاد عدد الجاليات بشكل كبير.

    وهنا تنبه أعضاء الاتحاد الإسلامي لضرورة الاهتمام بالأجيال القادمة حتى لا يذوبون في المجتمعات الأوربية، فتم إنشاء بعض المراكز الثقافية والمدارس، وبدأ التنسيق بين الهيئات والمؤسسات المختلفة، التي يطلق عليها حاليا المجلس الإسلامي، وكذلك بعض المؤسسات التنسيقية بهدف تنسيق جهود الهيئات الإسلامية للحصول على حقوقهم المشروعة كالسماح بتعليم مبادئ الإسلام لأبناء المسلمين في المدارس الألمانية، وتكوين المراكز الإسلامية، وان ترعى هذه المراكز شئون الجاليات، خاصة من ناحية الأحوال الشخصية بشكل رسمي، والحصول على اعتراف رسمي بالإسلام في ألمانيا أسوة بالمسيحية واليهودية.

    وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات شاملة عن الانتماءات الدينية بوجه عام في ألمانيا إلا أنه استنادا على التقديرات المختلفة يتراوح عدد المسلمين ما بين 3 إلى 3.2 مليون مسلم منهم حوالي نصف مليون مواطن من المواطنين الألمان الذين اعتنقوا الإسلام, أما بقية المسلمين فغالبيتهم العظمى من أصول تركية ويشكلون السواد الأعظم للجالية المسلمة في ألمانيا , أما البقية الأخرى فينحدرون من أصول عربية , بالإضافة إلى مسلمي البلقان وشبه القارة الهندية.

    وبوجه عام يصعب القول إن المسلمين في ألمانيا يتعرضون لتفرقة أو اضطهاد منهجي , فالقانون الأساسي الألماني' الدستور' يكفل حرية العبادة ويحمى هذا الحق ولكن هذا لا يمنع من وجود ' مضايقات' كثيرة تواجه المجتمع المسلم في ألمانيا, كثير منها نابع من عدم قدرة المسلمين على الاندماج الثقافي والاجتماعي في المجتمع الذي يعيشون فيه.

    وهذه أحد القضايا الأساسية المطروحة على بساط النقاش في ألمانيا منذ عدة سنوات مضت وحتى قبل وقوع أحداث 11 سبتمبر التي تعتبر متغيرا رئيسيا في النظرة إلى المسلمين.

    والإسلام في ألمانيا معظمه يميل إلى الطابع التركي نتيجة لاستقدام الشركات والمؤسسات في حقبة الازدهار الاقتصادي أو كما يسمى 'المعجزة الألمانية' في نهاية ستينات وسبعينات القرن الماضي للآلاف من الأتراك ليقوموا بالأعمال الدنيا التي لم تلق إقبالا من المواطنين الأملان أو لم تكن تليق بالوضع الاقتصادي المزدهر الذي نعموا به في تلك الفترة ثم سمحت السلطات الألمانية بعد ذلك بتوحيد أسر هؤلاء العاملين الأمر الذي أدى إلى زيادة أعدادهم.

    وفى بداية قدوم المسلمين إلى ألمانيا لم يمثل القادمون الجدد من المسلمين للمجتمع الألماني الذي لم يلتفت أو لم يعنه وجودهم في الأساس ونظر إليهم على أساس أنهم ' ضيوف' مؤقتين سرعان ما سوف يغادرون البلاد لكون ألمانيا في تلك الفترة لم تكن مجتمع هجرة .

    كما أن تكيف الأجانب من المسلمين على العيش في ألمانيا لم يكن بالأمر اليسير ولذلك يمكن القول إن ألمانيا في تلك الفترة كانت مجتمعا مغلقا إلى حد ما ولم تكن فكرة الوحدة الأوروبية تبلورت بصورتها الحالية مما سهل انتقال الأفراد بين المجتمعات لالأوروربية فضلا عن أن أفكار العولمة بكل تداعياتها المختلفة لم تكن قائمة.

    المهاجرون المسلمون الأوائل عاشوا على هامش المجتمع الألماني , وحسب الشواهد , لم يكونوا يوما جزءا منه ولذلك لم تعبأ بهم الدولة أو المواطنون ونظرا لثقافتهم المختلفة والمتعارضة في كثير من الأحيان مع الثقافة الألمانية فضلا عن عدم إلمام الكثيرين منهم باللغة الألمانية وهوة ما جعلهم يعيشون في مجتمعات خاصة بهم ' جيتو' أو كما بات يقال يطلق عليهم فيما بعد ' المجتمعات الموازية'.

    وبعد سنوات من الهجرة والاستقرار ووجود جيل ثان من هؤلاء المهاجرين بدأ الصدام مع المجتمع الألماني الذي بدأ يفيق هو الأخر على حقيقة أن هناك مجتمعات أخرى تنمو على هامش المجتمع الأساسي, وتختلف عنه في كثير من السلوكيات مختلفة مشاكل كثيرة يتعين مواجهتها منها الزواج القسرى وجرائم الشرف وبناء دور العبادة بمخالفة للقوانين القائمة والذبح على الطريقة الإسلامية وخاصة ذبح الخراف في عيد الأضحى .

    هذه المشاكل امتدت لتطال المدارس العامة من عدم اختلاط الطالبات المسلمات مع نظرائهن الألمان وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية وزاد من عزلة المسلمين انتشار الفضائيات منذ بداية حقبة السبعينات في القرن الماضي , فزادت من ثقافة ' الجيتو' لأنها نقلت المجتمعات الأصلية إلى المهاجرين المسلمين في ألمانيا باللغة الأم والثقافة القومية فزادت من الهوة الموجودة بالفعل بين المهاجرين ومجتمعهم الحالي.

    ويجمع المسلمون في ألمانيا على أن أحداث 11 سبتمبر كمتغير هام في النظرة إلى المسلمين انعكس على المناخ الاجتماعي الذي يعيش فيه المسلمون في ألمانيا وزاد ه تدهورا.

    وكنتيجة لتصاعد الحرب على ما يسمى بالإرهاب والتركيز على التهديد القادم من التطرف الديني كما يصفه الغرب فقد زادت النزعة العنصرية والتفرقة ضد المسلمين الذين شعروا بالعداء وأنهم ليسوا أهلا للثقة وتلاحقهم وصمة عار بسبب عقيدتهم فان بعض وسائل الإعلام الألمانية ساهمت في إذكاء هذه النزعة .

    وعلى الرغم من بعض المحاولات الايجابية في أعقاب 11 سبتمبر استهدفت مد جسور حكومية إلا أن هذا لم يستطع وقف تنامي مناخ العداء للمسلمين ونظرة الارتياب تجاههم خاصة وأن قضية الخلط بين الإسلام والإرهاب جرى التعامل معها وكأنها أحد المسلمات وانعكس ذلك في تعمق شعور المسلمين بالعزلة بأنهم محاصرون أو في أفضل الأحوال مراقبون .

    ولذلك سجلت كثير من منظمات حقوق الإنسان وقوع عدة حالات مثلت مضايقات للمسلمين شملت إهانات لفظية والتهديد بالقتل في بعض الأحيان وهجمات ضد المؤسسات الإسلامية إلا أنه مع ذلك فان الأمر لم يتحول إلى ظاهرة حيث اقتصرت المضايقات على حالات حصرية وفى ظروف بعينها ومع ذلك لا يزال المناخ غير مريح .


    تحديات بالجملة

    ومن هنا فان المسلمين في ألمانيا تواجههم العديد من التحديات نتيجة الأسلوب الذي تعاملهم به الحكومة الألمانية بدعوى الحملة على الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر والتي ساهمت بدورها في دعم وتأكيد الاتجاهات السلبية ضد المسلمين حيث تستخدم السلطات الاعتبارات الأمنية كذريعة لتبرير الإجراءات التي تستهدف المسلمين بوجه عام حتى ولو لم يتورطوا في أعمال مخالفة للقانون أو حتى بمجرد أن تحوم حولهم الشبهات إلا أنها تستهدفهم لكونهم مسلمين بحجة حماية الأمن القومى حيث تتخذ ضدهم إجراءات كحملات التوقيف والاستجوابات وتفتيش المنازل ومراقبة دور العبادة.

    ولا يتوقف شكوى المسلمين عند حد السلطات فقط وإنما تمتد أيضا إلى الإعلام الألماني الذي يلعب أثرا سلبيا في تشكيل اتجاهات الرأي العام عن المسلمين في ألمانيا من خلال تغطيته غير المتوازنة ويغلب عليها الأحكام المسبقة .

    هذا ما تؤكده دراسة بجامعة ايرلانجن حول 'صورة الإسلام في الإعلام الألماني' إذ تشير إلى أنه سواء في الصحف أو الإذاعة أو التلفزيون أو حتى في المعاجم فان هناك صورة نمطية عن الإسلام والمسلمين, هذه الصورة تبلورت منذ سنين وخاصة بعد الثورة الإيرانية في العام 1979 حتى أنه في حال عدم استخدام مثل هذه الصورة يظل الانطباع الأول هو السائد وهو الجانب السلبي عن المسلمين لدى الألمان.

    ولذلك تعمد كثير من وسائل الإعلام الألمانية إلى تناول مواضيع بعينها عن الإسلام وغالبا ما لا يتم طرح هذه المواضيع بالموضوعية المطلوبة أو عدم معرفة تامة بالإسلام والمسلمين خاصة وأنه في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من التقارير التي تركز على ما تراه من جوانب سلبية للمسلمين مثل مشكلة القتل على خلفية الشرف والزواج بالإكراه أو العنف في العائلة المسلمة .

    وفى هذا السياق فقد سبق أن نشرت مجلة ' فوكس ' الأسبوعية على صفحة الغلاف عنوانا يحمل اسم' الضيوف المخيفين' وذلك في إشارة إلى المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا فيما تطرقت مجلة ' دير شبيجل' في أحد تحقيقاتها إلى تقييد حقوق المرأة المسلمة عنوانه ' بنات الله عديمات الحقوق ' في إشارة إلى ما أسمته معاناة المرأة المسلمة في ألمانيا من وطأة الظروف الاجتماعية التي تفرض عليهن أمورا باسم الدين تنال الكثير من حقوقهم فيما يعتبرها كثير من المستشرقين الأمان أن هذه الأمور لا تمت إلى الشريعة الإسلامية بصلة وإنما هي تابعة من فهم خاطئ للدين والعادات والتقاليد الإسلامية.

    ويؤكد مصطفى أبو الحمد مقيم في مدينة بون- إن الحفاظ على هوية المسلم أمام هذه التحديات تبدأ بالتعليم، وان كثيرا من المسلمين يفتقدون التعليم الذي يدعم هويتهم، ولذلك فان التعليم سيبقى بجوار دور المساجد الدور الأساسي الذي لا غنى عنه، خاصة وان النظام الألماني يسمح بان تقام مدارس خاصة تشرف عليها الطوائف الدينية، ويعترف بشهاداتها شريطة أن تلتزم بالحد الأدنى من القانون والنظام التعليمي المعمول به.

    ولذلك فإنه توجد عدة مدارس أنشئت لاستغلال هذه الرخصة منها واحدة في ميونخ ومدرسة في برلين وغيرهما، إضافة إلى مدارس تخدم مصالح البعثات الدبلوماسية مثل أكاديمية الملك فهد في بون، كما أن النظام نفسه يعطى الحق للطوائف الدينية أن تضع مناهج مواد التدريس، وان تشرف على تأهيل المعلمين، وعلى ما يتعلق بهذه المواد المنهجية، بعد أن كان هذا الحق محجوبا عن المسلمين فيما قبل.


    تحديات المرأة المسلمة


    ومن أبرز التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في ما تواجهه هناك، خاصة بعد القرار الصادر منذ فترة بمنع ارتداء المسلمات للحجاب في المدارس الحكومية، واستثناء المصالح وجهات العمل من هذا القرار، وهو التحدي الذي يضاف إلى جملة من التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في الغرب بعد قرار منع الحجاب في المدارس الفرنسية.

    إلا انه رغم ذلك، فهناك رغبة من المسلمات في ألمانيا في ارتداء الحجاب والحفاظ على ارتدائه، رغم وجود إشكال عدة من التطهير العرقي والديني تعانى منه المرأة المسلمة، ففي كثير من الحالات ترفض المؤسسات قبول المرأة المسلمة المثقفة المتعلمة ذات الكفاءة لمجرد مظهرها الإسلامي، أو يرفض أصحاب العقارات إسكان الأسرة المسلمة لمظهرها الأجنبي في السكن.

    يضاف إلى ذلك جملة أخرى من التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في ألمانيا، وهى أن القانون الألماني لا يوثق الزواج الثاني، وان كان لا يعاقب عليه مثل القانون الأمريكي ، ورغم ذلك فان البعض من النازيين الجدد وغيرهم كثيرا ما يهاجمون الزواج الإسلامي.

    وحسبما يؤكد محمد الأحمدي - مقيم في ألمانيا منذ 19 عاما- ورغم تمتعه بالجنسية الألمانية، فان أغلب مسلمي ألمانيا يعيشون هناك منذ 40 عاما، ولم يحصلوا على الجنسية في ظل تعديل قانون التجنس، رغم أن هذا القانون يسمح لمن يولد في ألمانيا بغض النظر عن جنسية أبويه يعطى الجنسية الألمانية، بالإضافة إلى جنسية احد أبويه، وعليه أن يقرر مع بلوغه 23 سنة اى الجنسيتين يأخذ، فهي إذا جنسية مزدوجة إلى اجل مسمى .


    المشاركة السياسية

    الدكتور محمود أبو الدهب- مقيم في ألمانيا - يؤكد أن وضع المسلمين اضعف من أن يشاركوا في الأمور السياسية، وان كان لبعض المسلمين في برلين بعض الآراء السياسية التي يبرزونها، إلا انه للآسف الشديد- كما يقول- توجد خلافات حادة بين الجوانب الفكرية بين المسلمين، وبالتالي فمن الصعب أن يتحدوا نحو فكر إسلامي محدد، ينطلقون من خلاله لتشكيل حزب ديني.

    ويضيف عادة ما يكون هناك عقد مؤتمر سنوي، الغرض منه طرح إحدى القضايا المرتبطة بالأوضاع الإسلامية في ألمانيا أو أوروبا، ونتعمد أن يكون المؤتمر في أيام عيد الميلاد، حتى يمكن أن نجذب المسلمين إلى المؤتمر لعدم خروجهم إلى الاحتفال بمثل هذه الأعياد، حتى لا يقعوا في الزلل والمعاصي من خلال ارتكاب الموبقات ورؤية المشاهد الخليعة، وبالتالي فنحن نجمع المسلمين في هذه الأوقات من خلال المؤتمر السنوي بالمراكز الإسلامية لمتابعة الدروس والندوات الدينية ومعايشتهم في جو إسلامي، يعود بالرفاهية على أولاد المسلمين، حتى يدركوا أن الإسلام لديه أوقات لقضاء الفراغ بشكل مباح.

    ويشير د. أبو الدهب إلى الدور الذي تلعبه الصهيونية في ألمانيا أو ما يقوم به النازيون الجدد للحيلولة دون دخول الأجانب في الإسلام، ولذلك فهم دائما يستعدون الحكومة الألمانية على المسلمين من خلال وسائل الإعلام المختلفة، فهي تقوم بدور بشكل مباشر في كل ما ينشر عن الإسلام، وإبراز سلبيته في مختلف المجالات، وبالطبع لا يسمح لنا بالرد على ادعاءاتهم الكاذبة، أو المحاولة لتوضيح صورة الإسلام الصحيحة.

    ويقول: نلجأ إلى وسائل لإبراز صورة الإسلام وحماية المسلمين من محاولات الاختراق والتشويه عن طريق زيارات المسلمين للتجمعات وإرشادهم لكيفية التعامل مع العناصر المخالفة داخل المجتمع الألماني، ونقوم بتوفير الصحف والمجلات الإسلامية باللغات الانجليزية والألمانية، كمحاولة لإبراز الصورة الصحيحة للإسلام عن طريق تناول سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومواقف القرآن الكريم.


    الحوار بين الشرق والغرب

    ولعل ابرز ما يطرح نفسه على الساحة الألمانية، ما يدور في هذه الأيام،قضية الحوار بين الشرق والغرب، ولذلك فان تعبير الحوار مع الإسلام في ألمانيا أصبح تعبيرا شائعا، وسيطر على الخطاب الألماني في مؤسساته الرسمية والفكرية بهدف التعرف أكثر على الحضارة والثقافة الإسلامية، وتأثير هذه الثقافة على النواحي الاجتماعية والسياسية على المجتمعات العربية والإسلامية بوجه عام، وكذلك معرفة الفوارق بين هذه المجتمعات التي تشترك في نفس الدين الواحد لكنها تختلف اختلافا كبيرا فيما بينها حتى يمكن رسم إطار سياسي يتلاءم مع كل مجتمع على حدة.

    غير انه بعد إحداث 11 سبتمبر وما تلاها من إعلان الولايات المتحدة الحرب على ما يسمى بالإرهاب أصبحت العلاقات الثقافية الخارجية لألمانيا احد المكونات الرئيسية في السياسة الخارجية الألمانية بسبب اللغط الكثير الذي أثير حول الإسلام والخلط بينه وبين الإرهاب، مما كان له تداعيات خطيرة على العلاقات بين الدول، وقفزت العلاقات الثقافية الخارجية من حالة السكون أو عدم الاهتمام لتصبح في مقدمة أولويات السياسة الخارجية الألمانية، حيث سارعت وزارة الخارجية الألمانية إلى القيام ببعض المبادرات والمشروعات لتعزيز الحوار الإسلامي الأوروبي حتى لا تسقط السياسة الخارجية الأوربية بوجه عام في فخ صدام الحضارات.

    ويرى الكثير من الباحثين أن مسارعة ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية إلى الاهتمام بهذا العامل الثقافي إنما يرجع إلى محاولة مواجهة أو موازنة السياسة الأمريكية التي اعتمدت على التدخل العسكري في أعقاب أحداث سبتمبر، وما أسمته أمريكا بالحرب الوقائية، وهو المبدأ الذي تعارضه غالبية الدول الأوروبية التي ترى أن السياسة الثقافية الخارجية هي سياسة أمنية، ولكن بوسائل مختلفة تهدف إلى منع نشوب الصراعات من خلال الحوار.

    وأخيرا تبقى الإشارة إلى أن كل هذه التحديات والمشاكل التي تواجه المسلمين في ألمانيا، يرجعها الكثيرون من الجاليات المسلمة إلى التأثير الصهيوني، ومحاولاته ضدهم، والتأييد الرسمي لإسرائيل، الأمر الذي أدى إلى حالة من عدم الارتياح بين الرأي العام، وفى المناقشات السياسية والصحفية حول سياسة إسرائيل وسلوكها مع الفلسطينيين، ويرون أن هذه الممارسات يمكن أن تشكل عائقا أمام عملية التسوية، وتقويض الجهود الدولية والأوربية الرامية إلى حل الصراع وإقامة دولة فلسطينية.

    وهنا يؤكد المراقبون في ألمانيا أن برلين تسعى إلى إقامة توازن بين التزامها الراسخ إزاء أمن إسرائيل وقبولها مبدأ حق تقرير المصير للفلسطينيين، وهو المبدأ الذي أقرته السوق الأوروبية المشتركة في إعلان في عام 1980، ثم تطور هذا المبدأ بعد ذلك لقبول قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.


    نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام.

  15. #285
    الصورة الرمزية أبو عبد الله
    أبو عبد الله غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    32,422

    افتراضي مشاركة: المسلمون في الغرب




    هولندا.. اغتيال الأقلية المسلمة





    د. خالد شوكات


    لما أعلن المخرج السينمائي الهولندي "ثيو فان خوخ" قبل أشهر عن مشروعه السينمائي الجديد، بدا لكثير من النشطاء المسلمين في هولندا مستفزاً كعادته، غير أنهم أكدوا جميعاً أن هذا الرجل المعروف بنزعته اليمينية المتطرفة، وولعه الشديد بالتهجم على الإسلام؛ لن يجرهم إلى "حرب دينية"، وقالوا في مجملهم: إن أفضل الوسائل للرد على استفزازاته تجاهلها.

    كان هذا تقدير قادة الأقلية المسلمة وعقلائها، لكن شاباً مغربياً لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره؛ يؤكد كل من عرفه على أنه كان قليل العلم الشرعي، متواضع المعرفة بفقه الدين وأصوله وأركانه ومقاصده، قرر قلب المعادلة التي تعبر عن الأكثرية الكاثرة من مسلمي البلاد، وقدم - من حيث أراد خلاف ذلك - على طبق من ذهب المبررات الكافية لليمين المتطرف لتحقيق أهدافه العنصرية، ووضع أصوات العقلانية والحكمة في الزاوية الحرجة.

    لقد شكلت هولندا طيلة العقدين الماضيين نموذجاً على الصعيدين الأوربي والغربي في احترام حقوق الأقليات الدينية والقومية وفي مقدمتها الأقلية المسلمة، مثلما هي نموذج في تبني مجموعة هائلة من التشريعات والإجراءات والقرارات التي فتحت الباب أمام أبناء الأقلية المسلمة لتطوير وجودهم على كافة الأصعدة، وفي كافة الاتجاهات، غير أن التصرفات غير المسؤولة لبعض المسلمين ظهرت كأنها تدفع الحياة العامة الهولندية نحو وجهة سلبية قاتمة، ستكون الأقلية المسلمة أكثر المتضررين منها.



    الجهل عدو الإسلام الأول:

    إن ما حدث مطلع الشهر الجاري من اغتيال مخرج مغمور كان قد أساء إلى مشاعر المسلمين بإخراجه فيلماً يجزم كل من شاهده على رداءة صنعته، وضعف قيمته الفنية، وبلادة رسالته الفكرية، ما كان ليرد للمسلمين كرامتهم المهدرة حسب اعتقاد القاتل، وما كان ليحمي الإسلام من هجمات عنصرية أخرى قد يتعرض إليها الدين الحنيف في المستقبل.

    إن ما كان سيحقق الرد الراقي فعلاً هو مواصلة أبناء الأقلية المسلمة تحقيق الإنجازات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي من شأنها أن تجلب الفخر لهم، وتشعر أجيالهم الناشئة بالعزة والقوة والثقة في النفس والعقيدة.

    لقد حقق مسلمو هولندا بفضل مناخ التسامح والتعايش المتوفر في البلاد - رغم وجود اليمين المتطرف - الكثير من الإنجازات المتميزة في الفضاء الأوربي والغربي، بالإمكان إيجاز أهمها فيما يلي:

    - ثمانية نواب من أصل مئة وخمسين في البرلمان الهولندي، بنسبة مئوية تفوق بقليل نسبة المسلمين إلى عدد السكان الإجمالي (مليون من ستة عشر مليوناً).

    - أكثر من خمسين نائباً في المجالس المحلية للمدن الهولندية الكبرى.

    - أكثر من أربعين مدرسة ابتدائية إسلامية ممولة من خزينة الدولة الهولندية، يتعلم فيها أكثر من ثلاثين ألف طالب مسلم.

    - مدرستان ثانويتان إسلاميتان ممولتان أيضاً من خزينة الدولة الهولندية، ومدرسة ثالثة في طريقها إلى التأسيس.

    - جامعتان إسلاميتان تدرسان الفقه والشريعة وسائر العلوم الإسلامية.

    - أكثر من ثلاثمائة مسجد ومصلى ومركز إسلامي، تنتشر في أكثر من مئة مدينة وبلدة هولندية، وهو ما لم يتحقق في زمن كانت فيه الحضارة الإسلامية في عز قوتها.

    - أكثر من ألف منظمة ثقافية واجتماعية إسلامية تقدم خدمات متعددة بكل حرية.

    - أكثر من عشر منظمات للعمل الخيري الإسلامي، تجمع المساعدات المالية والعينية للمحتاجين والفقراء من المسلمين في مختلف أنحاء العالم.

    - أكثر من نصف مليار يورو تصرفه الحكومة الهولندية سنوياً على مشاريع للنهوض بأوضاع المسلمين التعليمية والاجتماعية، والاقتصادية والسياسية والثقافية.

    - تمتع النساء المسلمات بحقهن في ارتداء الحجاب، واضطلاع بعضهن بمهام ومسئوليات عامة في غاية الأهمية، فمن بين المحجبات الهولنديات من وصلت إلى مستوى مستشارة لدى وزير الداخلية، وأخريات وصلن إلى درجة القضاء والمحاماة وغيرها من المهن التي لا يحق للمحجبات في بعض الدول العربية والإسلامية ممارستها.

    بعبارة موجزة: فإن الذي قام باغتيال المخرج "فان خوخ" يوم الثاني من نوفمبر الماضي قد وضع بفعلته الشنيعة هذه كل هذه الإنجازات التي تحققت - بفعل نضالات وتضحيات وعطاءات الكثير من أبناء الأقلية المسلمة - في دائرة الخطر بدل تعزيزها، تماماً مثلما حشر الأقلية المسلمة في زاوية الدفاع عن النفس، تتلقى اللكمة وراء الأخرى، بدل مساعدتها على تحصيل المزيد من الحقوق وتحقيق المزيد من الإنجازات.



    البداية حرق المساجد وتفجير المدارس:

    إن الذين يموتون بشتى الأمراض والأوبئة في هولندا يعدون بالآلاف يومياً، وربما كان "فان خوخ" - لو لم يجر اغتياله - من بين هؤلاء، غير أن هؤلاء الذين يموتون ميتة طبيعية لا يلحقون ضرراً بأحد من بعدهم، خلافاً لميتة فان خوخ التي خلفت وراءها أجواء أشبه بأجواء الحروب والمواجهات الأهلية المدمرة.

    لقد بادر العنصريون الهولنديون إلى استغلال ميتة فان خوخ مثلما تسول لهم أنفسهم، فبدءوا بحرق المساجد، وتفجير المدارس الإسلامية في شمال البلاد وجنوبها، وفي شرقها وغربها (15 مسجداً على الأقل في عدة مدن هولندية ومدرسة إسلامية في إيندهوفن)، وقد ظهر على أبناء الأقلية المسلمة المنتشرين في كافة أنحاء هولندا تقريباً الفزع على أبنائهم، وأنفسهم، وممتلكاتهم، وبشكل عام حاضرهم ومستقبلهم.

    ويتساءل بعض أبناء الأقلية المسلمة اليوم عما إذا كان عقل قاتل فان خوخ قد صور له - ولو قليلاً - بعض تداعيات فعلته والأضرار الجسيمة التي ستلحقها حماقته بالمسلمين، أم أنه قد اطمأن إلى أن عقلانية الهولنديين لن تفلت أبداً من عقالها، واعتمد على صلابة الموقف الأخلاقي - لمن يصورهم بمكانة الكفار والمشركين - في لجم النزعات العنصرية المتطرفة، وحماية المصالح الإسلامية؟!.

    ويتساءل مسلمون هولنديون آخرون عما إذا كان منفذ عملية الاغتيال ضد المخرج السينمائي - ومن فكر على شاكلته - يعتقد بأن التصفية الجسدية قادرة فعلاً على حماية الإسلام والمسلمين من استفزازات المستفزين، وحقد الحاقدين، أو يظن أن قتل كاتب أو مثقف أو سينمائي سيرهب آخرين ينوون السير في طريق الهجوم والاستفزاز، ليتراجعوا عن مخططاتهم وأفكارهم.

    إن كل من يعرف "فان خوخ" ورفيقة دربه النائبة البرلمانية الهولندية من أصل صومالي "أيان هيرسي علي" يعلم أنه ربما كان يتمنى تحرش المتشددين من المسلمين به، فتحرش المتطرفين أصبح منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 - وربما منذ صدور فتوى الخميني ضد سلمان رشدي - أفضل وسيلة لتحقيق النجومية، ونيل الشهرة، وما يستتبعها من أرباح معنوية ومادية، ولعله من قلة العقل واضطراب النظر أن يقع بعض المسلمين في الفخ، فيجلبون إلى عقيدتهم الضرر من حيث يظنون أنفسهم غيورين على حرماتها.



    سجن المسلمين جميعاً:

    إن أخطر ما يمكن أن ينتج عن عملية اغتيال المخرج فان خوخ هو عدم الاكتفاء بالحكم بسجن القاتل عدة سنوات أو مدى الحياة مثلما يقضي بذلك القانون الجنائي الهولندي (الذي ألغى منذ عقود عقوبة الإعدام)، إنما الحكم بطريقة غير مباشرة وعملياً بسجن كافة المسلمين من خلال وضع قوانين وتشريعات جديدة تزرع الحواجز والمتاريس أمام مختلف جوانب حياتهم وأنشطتهم، وتحد من قدراتهم على النماء والتطور.

    وإن ما يجعل المتابع يتوقع صدور مثل هذا الحكم المبطن ظهور مؤشرات عدة في أروقة الحكومة والبرلمان ووسائل الإعلام الهولندية؛ توحي برغبة جامحة لدى أطراف حزبية وسياسية كثيرة في محاصرة تحركات أبناء الأقلية المسلمة، والتضييق أكثر ما يمكن على دوائر النشاط والحركة لديهم، ومن هذه المؤشرات ما يلي:

    - منح الأجهزة الاستخباراتية والأمنية المزيد من الاعتمادات المالية لتكثيف الرقابة على نشطاء الأقلية المسلمة.

    - الدعوة إلى سحب الجنسية الهولندية من أولئك الذين يحملون جنسية مزدوجة من المسلمين، والذين يشك في انتمائهم لجماعات إرهابية، أو تورطهم في أعمال تخل بالأمن العام.

    - الدعوة إلى طرد أئمة ووعاظ وخطباء بحجة انتمائهم لجماعات متطرفة، وقيامهم بأنشطة مريبة، وهو ما حدث فعلاً يوم 17- 11- 2004 حين قررت وزارة الهجرة الهولندية طرد الجزائري عبد الحميد يوشيما من الأراضي الهولندية بدعوى تحريضه على أعمال عنف ضد الهولنديين خاصة؛ والغربيين عامة مما يشكل تهديداً على الأمن العام.

    - الدعوة إلى تشديد الرقابة على أنشطة المساجد والدروس التي تلقى فيها - بما في ذلك خطب الجمعة - بحجة تشجيع بعضها على العنف والإرهاب والكراهية.

    - الدعوة إلى تفقد المناهج الدراسية المعتمدة في المدارس الإسلامية، وخصوصاً ما يتعلق منها بمواد التربية الدينية.

    - الدعوة إلى فرض الرقابة على منظمات العمل الخيري الإسلامي، ومراقبة حركة المال والأعمال التي لها علاقة بالمسلمين.

    - المطالبة بتشديد شروط الحصول على تأشيرة الدخول إلى هولندا أمام الوعاظ والأئمة والخطباء بشكل خاص، والمواطنين القادمين من الدول الإسلامية بشكل عام.

    - المطالبة بتسهيل إجراءات الاعتقال واقتحام المساكن التي يعتقد أن لها صلة بجماعات إسلامية متطرفة.

    - المطالبة بفرض المزيد من القيود أمام طالبي اللجوء السياسي - وغالبيتهم من المسلمين -، والامتناع الكامل عن قبول طلبات اللجوء الخاصة بالمنتمين لجماعات وحركات إسلامية.

    - مطالبة البلديات بالامتناع عن منح مزيد من التراخيص لبناء المساجد والمراكز الإسلامية.

    ولعل الظاهر في كل هذه الدعوات والمطالب أن معظمها ما زالت لم تخرج بعد من الحيز النظري إلى الحيز التطبيقي، وأن بعضها لم يكن سوى رد فعل آني ومؤقت على مقتل المخرج السينمائي، غير أن دلائل كثيرة تحفل بها الحياة السياسية الهولندية الراهنة تثبت أن تشريعات جديدة - تستند في فحواها إلى مثل هذه المطالب والدعوات - هي في طريقها إلى المصادقة البرلمانية، وأن أحزاباً سياسية كبيرة بينها من يشارك في الحكومة الائتلافية تراهن كثيراً على استصدار - ولو جزئي - لمثل هذه القوانين والتشريعات الجديدة.

    لقد وفر قاتل "فان خوخ" فرصاً ذهبية لأحزاب اليمين الهولندي - المتطرف منها والمعتدل على السواء - لإيقاف تقدم الأحزاب اليسارية المعروفة بتعاطفها مع قضايا الأجانب، التي كانت استطلاعات الرأي إلى وقت قريب تمنحها الفوز والريادة، وكذلك للمضي قدماً في إحياء مشاريع قوانين عنصرية لم تفلح محاولاتها طيلة السنوات الفائتة في الحصول على أغلبية لتمريرها.

    وخلاصة القول: إن القاتل الذي زعم أن دوافع دينية مقدسة تقف وراء فعلته قد وفر لأشد أعداء الأقلية المسلمة التي ينتمي إليها - والأقليات الأجنبية عامة - مبررات للتطهر السياسي والاجتماعي على حساب الضحايا الحقيقيين، والتحول إلى قديسين وحماة حضارة من همجية وبربرية المسلمين - الذين هم في واقع الأمر أضعف وأفقر طبقة من طبقات المجتمع الهولندي -.


    المختار الإسلامي

صفحة 19 من 35 الأولىالأولى ... 91314151617181920212223242529 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. انظروا ماذا قالوا عنا نحن المسلمون .. تلك بعض اقوالهم ..
    By ابو منيف in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 17-03-2010, 01:50 AM
  2. ولفنسون يطالب العرب بوقف الاستحواذ على مصارف الغرب
    By التحليلات والأخبار in forum سوق تداول العملات الأجنبية والسلع والنفط والمعادن
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-11-2008, 06:12 PM
  3. لماذا المسلمون
    By محمد العزب in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-01-2008, 12:57 AM
  4. كيف غير المسلمون وجه العالم
    By ahmed hanafy in forum استراحة اعضاء المتداول العربي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-08-2006, 09:19 PM

الاوسمة لهذا الموضوع


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17